al-baghdady
13-03-2010, 09:48 PM
الهاشمي يخالف الدستور ويحنث بالقسم
بقلم :فخري كريم
أنجز العراقيون مأثرة جديدة باقبالهم الملاييني في الانتخابات التشريعية الثانية، بوعي وطواعية، متحدين كمائن الارهابيين وتهديداتهم.
وخلافاً لمرحلة الخراب الطائفي وتخندقاته، أكدت النتائج العامة للانتخابات، ان العراق يتعافى، والعراقيين ينحازون لمفهوم المواطنة باعتبارها أس الدولة الديمقراطية التي هي في طور استكمال التكوين،بكل ما ينطوي عليه هذا المفهوم من قيم المساواة والعدالة والمشاركة المتكافئة واحترام التعددية والاختلاف في اطار الوحدة الوطنية، ونبذ المفاهيم الطائفية والشوفينية والعنصرية المقيتة والقومانية المتهرئة.
وعلى العكس من بعض الساسة، الذين ظهر أن الانتخابات ونتائجها لم تعن لهم سوى فرصة للوثوب الى مراكز السلطة وجني "مغانم منها"، احتفى المواطنون بها، باعتبارها ثمرةً لنضالاتهم ومعاناتهم وتضحياتهم طوال عقود من الانظمة الدكتاتورية والاستبدادية الشمولية التي تعاقبت على العراق، في حين لم يذق هؤلاء البعض من الساسة من مراراتها شيئاً، بل العكس، كان البعض منهم يعيش في ظلها وينعم "بخيراتها".
هكذا بدا للمواطن المبتهج بانتصاره أن كثيرا من السياسيين لم تعن الانتخابات لهم سوى محاولة لاقتسام غنائم منتظرة..وهذا ما كان مبعث خشية الناس وعزوف كثير منهم عن آمال وطموحات وضعوها في اعناق سياسيين وثقوا بكثير منهم واضطرتهم الظروف الى قبول بعضهم الآخر على مضض.
بطبيعة الحال فإن من حق أي مواطن، مسؤولاً كان أم في الهامش، أن يترشح لأي منصب كان، بدءاً من رئاسة الجمهورية والحكومة والى ما شاء الله من مناصب ومراكز في الدولة المثقلة بهمومها وهي تتعثر على طريق استكمال متطلبات تكوينها ديمقراطياً، بسبب التدافع والاستئثار الذي جسد سلوك بعض الساسة والقيادات الحزبية.
ووفقاً للدستور فإن اشغال المراكز السيادية المتمثلة برئاسة الجمهورية والحكومة وجميع المواقع في الدولة من دون استثناء، حق مطلق لجميع المواطنين بغض النظر عن انتمائهم الطائفي أو القومي أو الفكري، مع مراعاة ما ينص عليه الدستور من شروط.
فالعراق متعدد القوميات والأعراق والطوائف والألوان، شراكة متساوية بين مواطنيه، ولا فضل لأحد فيه على آخر، إلاّ بما تعنيه المواطنة العراقية الحرة والولاء للوطن وخدمة مصالح الشعب العليا..
والاسلام الذي يشكل أحد مصادر التشريع في الدستور العراقي، يجسد هذا المفهوم في المساواة إذ يؤكد أن لا فرق بين مسلم وأخيه إلا بالتقوى!
نسوق هذه المبادئ والقيم التي تقوم عليها الحياة السياسية في العراق الجديد ونحن نراجع مواقف وتصريحات السيد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية، الأمين العام السابق للحزب الإسلامي العراقي، الذي يفترض فيه تشبعه بهذا المفهوم وما ينطوي عليه من قيمة سامية في المساواة بين المسلمين في الأقل، والمحكوم بقسمه على الدفاع عن الدستور وقيمه، لكن السيد الهاشمي حنث بهذا القسم أكثر من مرة، دون أن يجري التصدي له من قبل أحد، ربما لإعطائه فرصة لمراجعة مفهومه الخاطئ عن الدولة العراقية ومكوناتها وما نص عليه الدستور من مفاهيم في التعامل مع المواطنين وحق كل منهم في ان يتبوأ اي مركز قيادي في الدولة.
الأستاذ الهاشمي، يدرك أن الحنث بالقسم ومخالفة الدستور وتجاوزه، بالنسبة لمن يحتل مثل موقعه، يضعه أمام المساءلة والمقاضاة.
إن الرغبة الشخصية للاستاذ الهاشمي في أن يتبوأ موقع رئيس الجمهورية حق له، لا لأنه عربي، أو سني، أو ضابط مرموق في الجيش السابق، بل أن ذلك يقترن بتوفر شروط القيادة فيه والأهلية والقدرة على تجسيد تطلعات وأماني العراقيين بغض النظر عن انتماءاتهم وهوياتهم الفكرية والسياسية والطبقية شريطة أن لا يتحدث نيابة عن الشعب العراقي،أو يتجاوز الدستور بدعوى أن المرحلة الحاضرة أو هوية العراق تستوجب أو تلزم أن يكون الرئيس عربياً، لأن الدستور في المادة 14 قد كفل المساواة التامة بين العراقيين من دون تمييز بسبب الجنس او العرق او القومية او الأصل واشترطت المادة 68 أن يكون المرشح لرئاسة الجمهورية عراقياً بالولادة من أبوين عراقيين وليس هناك اي اشتراط قومي او ديني أو سواه.
وخلافاً لهذه النصوص الدستورية الصريحة يطالب الأستاذ الهاشمي بأن "تكون على رأس السلطة شخصية عربية" مشيراً الى ان هذا الأمر هو "حصيلة توافق العراقيين جميعاً" لكنه لم يتحدث أين ومتى حصل هذا التوافق الذي لن يحصل لانه بالاساس غير دستوري ..في وقت كانت الأطراف الرئيسة في العملية السياسية طلبت من الرئيس طالباني القبول بالترشيح للمنصب، ثم ان الاستاذ الهاشمي يرى أن تولي شخصية عربية رئاسة الجمهورية يعني "وضع الأمور في نصابها الصحيح" وكأن الأمور كانت طوال السنوات الماضية في"نصابها الخاطئ"، متجاهلاً أن مكونات كثيرة من الشعب العراقي وقوى اقليمية ودولية عديدة أكدت مراراً على الدور البارز الذي لعبه الرئيس طالباني في حفظ لحمة العراقيين، كشخصية عراقية جامعة تتفق عليها غالبية الاطراف السياسية، بل أن سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني وصف الرئيس طالباني بأنه"صمام أمان" للعراق، فضلاً عن بقية المراجع العظام، وهو ما وجده الكثير من القادة والسياسيين في شخصية الرئيس طالباني للدور الفاعل الذي لعبه في جمع العراقيين تحت خيمة واحدة.
لقد ظهر الأستاذ طارق الهاشمي من على شاشة قناة الجزيرة المعروفة بنهجها وتوجهاتها وولائها المشروط، ليضع توصيفه الشخصي، وليس بمعزل عن رغبته بتولي رئاسة الجمهورية، لمن يجدر به أن يحتل هذا الموقع.
وتوصيف الهاشمي، يكرس هذا المنصب لعربي كشرط لتجسيد هوية العراق العربية، وعودته الى محيطه العربي، ويستبعد منها الكردي، اذ يقترح على الرئيس جلال طالباني أن يعود الى السليمانية ويكتب مذكراته، وفي هذا لم يخالف الهاشمي الدستور، والحنث بالقسم على صيانته حسب، بل تجاوز حتى الكياسة السياسية ولباقات الزمالة والصداقة، اذ ان تصريحه هذا لا يمثل فقط تدخلاً في شأن شخصي، وخروجاً على تقاليد الاحترام المتبادل المعتمد في رئاسة الجمهورية بل انه يشذ عن مواقف وتصريحات القائمة التي ينتمي اليها الهاشمي، والتي يرتبط أغلب قادتها بصلات شخصية وسياسية مع الرئيس طالباني،وهنا لابد من التذكير بأنه لا يجوز عرفاً وقانوناً التحدث عن الرئيس طالباني بهذه الصيغة وهو في منصب رئاسة الجمهورية، فحين يتكلم الاستاذ الهاشمي يضع العلم العراقي على يمينه وهو اشعار بأنه يتكلم باسم العراق فلماذا يجيز لنفسه أن يهدر القيمة الاعتبارية للمنصب ومكانته ويكسر قواعد التخاطب وآدابه حين يقترح على الرئيس طالباني ان يعود الى السليمانية ويتفرغ لكتابة مذكراته.
ربما من المفيد أن نذكر الهاشمي بأنه طالما تغنى بمواقف الرئيس طالباني وأشاد بدوره البارز في العمل وبكل أمانة ومسؤولية وجهد لاشراك جميع المكونات في العملية السياسية الديمقراطية، وبشكل خاص المكون العربي السني، ومكنّ الهاشمي شخصياً بكل ما لدى الرئيس من امكانات لكي يتصدر هذه العملية ويلعب دوراً بارزاً فيها، حينما كان يتولى الأمانة العامة للحزب الإسلامي، ولم يتردد حتى هذه اللحظة في الاستجابة لما رآه السيد النائب دعماً له ولما يتطلع ويتوق لتحقيقه!
ان من الغريب أن كتلة الهاشمي الانتخابية ضمن القائمة العراقية، لا تشكل إلا مكوناً متواضعاً الى جانب عشرات الكتل التي تفكر زعاماتها أيضاً برئاسة الجمهورية لأنهم أيضاً عرب وسنة ولهم باع طويل في العمل السياسي، ويحظون بعلاقات متينة مع قادة الدول العربية، وبعضهم يستمد من هذه العلاقات القوة والامكانية على التصدي لهذه المهمة، لكن أحداً منهم لم يعلن عن نيته حتى الآن، ربما انتظاراً لنتائج الانتخابات.
ولابد من الاشارة الى أن منصب رئيس الجمهورية في هذه الدورة، يتطلب اتفاق ثلاث كتل كبرى مع آخرين لتحقيق ثلثي أعضاء مجلس النواب ، وهو ما مطلوب ليحوز على هذا المركز المهم للغاية في إدارة شؤون البلاد في مرحلة انتقالية أخرى، معقدة تحتاج الى رئيس"موثوق" و"مجرب" و"كفوء" ولا تربطه أي رابطة بالنظام السابق أو يواصل حمل رسالته بأي قدر كان.
الملفت أن قيادة الكتلة التي ينتمي إليها الهاشمي لم تقل شيئاً عن موقفه الذي يعبر بوضوح عن نزعة شوفينية قومانية تخالف بصريح العبارة الدستور العراقي، مثلما يحنث بالقسم الرئاسي.
ان من الضروري التأكيد بوضوح ومن دون لبس أن تناولنا لمواقف وتصريحات الاستاذ الهاشمي ليس دفاعاً عن الرئيس طالباني بوصف هويته الكردية انما بوصف هويته العراقية وكفالة الدستور لهذه الهوية، وهو دفاع عن مكتسبات العراق الجديد في الغاء التمييز القومي والعرقي والديني وهو ما دفع من اجله العراقيون تضحيات كبيرة.
لقد خلفت تصريحات الهاشمي الكثير من الاسئلة في اذهان المتابعين حينما طالب برئيس عربي، فالذي يراجع مضمون مقابلات الهاشمي سيخرج بانطباع عن ضرورة ان يكون الرئيس من القومية العربية ومن المذهب السني تحديدا وهو بذلك يناقض بشكل صارخ الدعوات التي اطلقها بإلحاح اثناء الحملةالانتخابية للانتقال الى "دولة المواطن"!
وربما تداعى للمواطنين في هذا السياق حرمان العربي الشيعي، ناهيك عن الصابئي والايزيدي من ان يتبوأ هذا الموقع السيادي لأن بعض العرب لا يعترفون بعروبة الشيعة..فكيف الحال مع سواهم؟!
عن - pukmedia
بقلم :فخري كريم
أنجز العراقيون مأثرة جديدة باقبالهم الملاييني في الانتخابات التشريعية الثانية، بوعي وطواعية، متحدين كمائن الارهابيين وتهديداتهم.
وخلافاً لمرحلة الخراب الطائفي وتخندقاته، أكدت النتائج العامة للانتخابات، ان العراق يتعافى، والعراقيين ينحازون لمفهوم المواطنة باعتبارها أس الدولة الديمقراطية التي هي في طور استكمال التكوين،بكل ما ينطوي عليه هذا المفهوم من قيم المساواة والعدالة والمشاركة المتكافئة واحترام التعددية والاختلاف في اطار الوحدة الوطنية، ونبذ المفاهيم الطائفية والشوفينية والعنصرية المقيتة والقومانية المتهرئة.
وعلى العكس من بعض الساسة، الذين ظهر أن الانتخابات ونتائجها لم تعن لهم سوى فرصة للوثوب الى مراكز السلطة وجني "مغانم منها"، احتفى المواطنون بها، باعتبارها ثمرةً لنضالاتهم ومعاناتهم وتضحياتهم طوال عقود من الانظمة الدكتاتورية والاستبدادية الشمولية التي تعاقبت على العراق، في حين لم يذق هؤلاء البعض من الساسة من مراراتها شيئاً، بل العكس، كان البعض منهم يعيش في ظلها وينعم "بخيراتها".
هكذا بدا للمواطن المبتهج بانتصاره أن كثيرا من السياسيين لم تعن الانتخابات لهم سوى محاولة لاقتسام غنائم منتظرة..وهذا ما كان مبعث خشية الناس وعزوف كثير منهم عن آمال وطموحات وضعوها في اعناق سياسيين وثقوا بكثير منهم واضطرتهم الظروف الى قبول بعضهم الآخر على مضض.
بطبيعة الحال فإن من حق أي مواطن، مسؤولاً كان أم في الهامش، أن يترشح لأي منصب كان، بدءاً من رئاسة الجمهورية والحكومة والى ما شاء الله من مناصب ومراكز في الدولة المثقلة بهمومها وهي تتعثر على طريق استكمال متطلبات تكوينها ديمقراطياً، بسبب التدافع والاستئثار الذي جسد سلوك بعض الساسة والقيادات الحزبية.
ووفقاً للدستور فإن اشغال المراكز السيادية المتمثلة برئاسة الجمهورية والحكومة وجميع المواقع في الدولة من دون استثناء، حق مطلق لجميع المواطنين بغض النظر عن انتمائهم الطائفي أو القومي أو الفكري، مع مراعاة ما ينص عليه الدستور من شروط.
فالعراق متعدد القوميات والأعراق والطوائف والألوان، شراكة متساوية بين مواطنيه، ولا فضل لأحد فيه على آخر، إلاّ بما تعنيه المواطنة العراقية الحرة والولاء للوطن وخدمة مصالح الشعب العليا..
والاسلام الذي يشكل أحد مصادر التشريع في الدستور العراقي، يجسد هذا المفهوم في المساواة إذ يؤكد أن لا فرق بين مسلم وأخيه إلا بالتقوى!
نسوق هذه المبادئ والقيم التي تقوم عليها الحياة السياسية في العراق الجديد ونحن نراجع مواقف وتصريحات السيد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية، الأمين العام السابق للحزب الإسلامي العراقي، الذي يفترض فيه تشبعه بهذا المفهوم وما ينطوي عليه من قيمة سامية في المساواة بين المسلمين في الأقل، والمحكوم بقسمه على الدفاع عن الدستور وقيمه، لكن السيد الهاشمي حنث بهذا القسم أكثر من مرة، دون أن يجري التصدي له من قبل أحد، ربما لإعطائه فرصة لمراجعة مفهومه الخاطئ عن الدولة العراقية ومكوناتها وما نص عليه الدستور من مفاهيم في التعامل مع المواطنين وحق كل منهم في ان يتبوأ اي مركز قيادي في الدولة.
الأستاذ الهاشمي، يدرك أن الحنث بالقسم ومخالفة الدستور وتجاوزه، بالنسبة لمن يحتل مثل موقعه، يضعه أمام المساءلة والمقاضاة.
إن الرغبة الشخصية للاستاذ الهاشمي في أن يتبوأ موقع رئيس الجمهورية حق له، لا لأنه عربي، أو سني، أو ضابط مرموق في الجيش السابق، بل أن ذلك يقترن بتوفر شروط القيادة فيه والأهلية والقدرة على تجسيد تطلعات وأماني العراقيين بغض النظر عن انتماءاتهم وهوياتهم الفكرية والسياسية والطبقية شريطة أن لا يتحدث نيابة عن الشعب العراقي،أو يتجاوز الدستور بدعوى أن المرحلة الحاضرة أو هوية العراق تستوجب أو تلزم أن يكون الرئيس عربياً، لأن الدستور في المادة 14 قد كفل المساواة التامة بين العراقيين من دون تمييز بسبب الجنس او العرق او القومية او الأصل واشترطت المادة 68 أن يكون المرشح لرئاسة الجمهورية عراقياً بالولادة من أبوين عراقيين وليس هناك اي اشتراط قومي او ديني أو سواه.
وخلافاً لهذه النصوص الدستورية الصريحة يطالب الأستاذ الهاشمي بأن "تكون على رأس السلطة شخصية عربية" مشيراً الى ان هذا الأمر هو "حصيلة توافق العراقيين جميعاً" لكنه لم يتحدث أين ومتى حصل هذا التوافق الذي لن يحصل لانه بالاساس غير دستوري ..في وقت كانت الأطراف الرئيسة في العملية السياسية طلبت من الرئيس طالباني القبول بالترشيح للمنصب، ثم ان الاستاذ الهاشمي يرى أن تولي شخصية عربية رئاسة الجمهورية يعني "وضع الأمور في نصابها الصحيح" وكأن الأمور كانت طوال السنوات الماضية في"نصابها الخاطئ"، متجاهلاً أن مكونات كثيرة من الشعب العراقي وقوى اقليمية ودولية عديدة أكدت مراراً على الدور البارز الذي لعبه الرئيس طالباني في حفظ لحمة العراقيين، كشخصية عراقية جامعة تتفق عليها غالبية الاطراف السياسية، بل أن سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني وصف الرئيس طالباني بأنه"صمام أمان" للعراق، فضلاً عن بقية المراجع العظام، وهو ما وجده الكثير من القادة والسياسيين في شخصية الرئيس طالباني للدور الفاعل الذي لعبه في جمع العراقيين تحت خيمة واحدة.
لقد ظهر الأستاذ طارق الهاشمي من على شاشة قناة الجزيرة المعروفة بنهجها وتوجهاتها وولائها المشروط، ليضع توصيفه الشخصي، وليس بمعزل عن رغبته بتولي رئاسة الجمهورية، لمن يجدر به أن يحتل هذا الموقع.
وتوصيف الهاشمي، يكرس هذا المنصب لعربي كشرط لتجسيد هوية العراق العربية، وعودته الى محيطه العربي، ويستبعد منها الكردي، اذ يقترح على الرئيس جلال طالباني أن يعود الى السليمانية ويكتب مذكراته، وفي هذا لم يخالف الهاشمي الدستور، والحنث بالقسم على صيانته حسب، بل تجاوز حتى الكياسة السياسية ولباقات الزمالة والصداقة، اذ ان تصريحه هذا لا يمثل فقط تدخلاً في شأن شخصي، وخروجاً على تقاليد الاحترام المتبادل المعتمد في رئاسة الجمهورية بل انه يشذ عن مواقف وتصريحات القائمة التي ينتمي اليها الهاشمي، والتي يرتبط أغلب قادتها بصلات شخصية وسياسية مع الرئيس طالباني،وهنا لابد من التذكير بأنه لا يجوز عرفاً وقانوناً التحدث عن الرئيس طالباني بهذه الصيغة وهو في منصب رئاسة الجمهورية، فحين يتكلم الاستاذ الهاشمي يضع العلم العراقي على يمينه وهو اشعار بأنه يتكلم باسم العراق فلماذا يجيز لنفسه أن يهدر القيمة الاعتبارية للمنصب ومكانته ويكسر قواعد التخاطب وآدابه حين يقترح على الرئيس طالباني ان يعود الى السليمانية ويتفرغ لكتابة مذكراته.
ربما من المفيد أن نذكر الهاشمي بأنه طالما تغنى بمواقف الرئيس طالباني وأشاد بدوره البارز في العمل وبكل أمانة ومسؤولية وجهد لاشراك جميع المكونات في العملية السياسية الديمقراطية، وبشكل خاص المكون العربي السني، ومكنّ الهاشمي شخصياً بكل ما لدى الرئيس من امكانات لكي يتصدر هذه العملية ويلعب دوراً بارزاً فيها، حينما كان يتولى الأمانة العامة للحزب الإسلامي، ولم يتردد حتى هذه اللحظة في الاستجابة لما رآه السيد النائب دعماً له ولما يتطلع ويتوق لتحقيقه!
ان من الغريب أن كتلة الهاشمي الانتخابية ضمن القائمة العراقية، لا تشكل إلا مكوناً متواضعاً الى جانب عشرات الكتل التي تفكر زعاماتها أيضاً برئاسة الجمهورية لأنهم أيضاً عرب وسنة ولهم باع طويل في العمل السياسي، ويحظون بعلاقات متينة مع قادة الدول العربية، وبعضهم يستمد من هذه العلاقات القوة والامكانية على التصدي لهذه المهمة، لكن أحداً منهم لم يعلن عن نيته حتى الآن، ربما انتظاراً لنتائج الانتخابات.
ولابد من الاشارة الى أن منصب رئيس الجمهورية في هذه الدورة، يتطلب اتفاق ثلاث كتل كبرى مع آخرين لتحقيق ثلثي أعضاء مجلس النواب ، وهو ما مطلوب ليحوز على هذا المركز المهم للغاية في إدارة شؤون البلاد في مرحلة انتقالية أخرى، معقدة تحتاج الى رئيس"موثوق" و"مجرب" و"كفوء" ولا تربطه أي رابطة بالنظام السابق أو يواصل حمل رسالته بأي قدر كان.
الملفت أن قيادة الكتلة التي ينتمي إليها الهاشمي لم تقل شيئاً عن موقفه الذي يعبر بوضوح عن نزعة شوفينية قومانية تخالف بصريح العبارة الدستور العراقي، مثلما يحنث بالقسم الرئاسي.
ان من الضروري التأكيد بوضوح ومن دون لبس أن تناولنا لمواقف وتصريحات الاستاذ الهاشمي ليس دفاعاً عن الرئيس طالباني بوصف هويته الكردية انما بوصف هويته العراقية وكفالة الدستور لهذه الهوية، وهو دفاع عن مكتسبات العراق الجديد في الغاء التمييز القومي والعرقي والديني وهو ما دفع من اجله العراقيون تضحيات كبيرة.
لقد خلفت تصريحات الهاشمي الكثير من الاسئلة في اذهان المتابعين حينما طالب برئيس عربي، فالذي يراجع مضمون مقابلات الهاشمي سيخرج بانطباع عن ضرورة ان يكون الرئيس من القومية العربية ومن المذهب السني تحديدا وهو بذلك يناقض بشكل صارخ الدعوات التي اطلقها بإلحاح اثناء الحملةالانتخابية للانتقال الى "دولة المواطن"!
وربما تداعى للمواطنين في هذا السياق حرمان العربي الشيعي، ناهيك عن الصابئي والايزيدي من ان يتبوأ هذا الموقع السيادي لأن بعض العرب لا يعترفون بعروبة الشيعة..فكيف الحال مع سواهم؟!
عن - pukmedia