داعى الله
19-03-2010, 08:33 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
العلم بالغيب يقصد به هنا الوقوف على ما وراء الشهود مما لا يستفاد من معطيات الحس والبراهين العقلية ، وهو أمر نسبي فما كان غيبا عند زيد قد يكون شهادة عند بكر وما كان غيبا عندنا قد يكون شهادة عند الملائكة كما هو حاصل قطعا ، فإن الملائكة تعلم كثيرا مما نجهله نحن وقد يعلم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما لا يعلمه جبريل الأمين عليه السلام ، وعلى هذا نقول إن الله عز وجل قد شاء أن يعلم الأئمة –وسيدهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم- ما يخفى عن الناس فبهذا يصح أن يقال أن الأئمة يعلمون الغيب أي ما غاب عنا وهذا حاصل قطعا لكثير من عباد الله عز وجل كما قال عز من قائل على لسان عيسى عليه السلام { وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ}(آل عمران/49) ، وكذا كان الخضر عليه السلام يعلم أمورا غائبة عن علم نبي الله موسى عليه السلام فعلم ما سيؤول إليه أمر الغلام والسفينة والجدار كما أخبر تعالى عن لسان الخضر عليه السلام { سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا}(الكهف/78-82) ، فكل هذا من الغيب الذي جهله موسى عليه السلام وكان يعلمه الخضر عليه السلام بتعليم الله عز وجل له لذلك قال الخضر عليه السلام في آخر الأمر {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} .
والروايات الواردة عن أهل بيت العصمة عليهم السلام متطابقة تماما من القرآن من أن الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه ولا يشاركه في ذلك أحد ، ولكنه سبحانه قد يطلع بعض عباده على هذا الغيب ، فقد جاء في القرآن {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ}(هود/49) وقال تعالى {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلاَّ مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا}(الجن/26-27)
وجاء في الكافي الشريف " عن عمار الساباطي قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الإمام يعلم الغيب ؟ فقال : لا . ولكن إذا أراد أن يعلم الشيء أعلمه الله ذلك ".
وقد يطرح سؤال هنا وهو إن كان علم الغيب مختص بالله سبحانه فكيف يقال أن الأنبياء والأولياء يعلمون الغيب ؟!
المقصود أنـهم يعلمون بتعليم الله ما خفي عن غيرهم ، فسُمّى ما يعلمونه ( علمٌ بالغيب ) باعتبار متعلق العلم الذي هو العلوم غير المشاهدة والمحسوسة كمن يعلم بإلهام من الله ما يحيك في صدر فلان من الناس فهذا علم بالغيب من حيث علمه بأمر غائب غير محسوس ولكن هذا ليس علم الغيب الخاص المختص بالله لأن ذاك علم غير مستفاد يعلمه الله عز وجل بذاته لا يحتاج إلى تعليم من أحد ولا يستفاد من غيره سبحانه ، فلو علم المعصوم علم السموات والأرض لما كان من علم الغيب التي تنفيه الآيات الكريم عن غير الله سبحانه ، لان هذا علم من مستفاد وتعليم من الله .
فالخلاصة : لا يعلم الغيب إلا الله ، لأن علم الغيب المقصود في الآيات هو العلم الحاصل بلا تعليم من أحد وإنما يحصل عند العالم بذاته ولا يحتاج إلى توسط شيء آخر فهذا مختص بالله سبحانه إذ كل ما سوى الله يعلم بتعليم الله ليس إلا ، وأيضا أنبياء الله وأولياء الله يعلمون الغيب ، ولكن بتعليم الله وصحة إطلاق الغيب على هذا العلم من حيث متعلق العلم لا من حيث عدم استفادته من غيره إذ هو بالهام الله وتعليمه .
وبـهذا التفريق يتضح وجه الجمع بين الروايات التي تقول إن الغيب لا يعلمه إلا الله والروايات التي تقول إن الإمام يعلم الغيب ، فذاك يقصد به العلم بالخافيات بذاته وبدون استفاده ممن سواه وعلم الإمام بالغيب هو علم بالخافيات ولكن بتعليم الله ، ويطلق عليه علم بالغيب بلحاظ متعلقه الغائب عن باقي الناس .
والحمد لله رب العالمين
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
العلم بالغيب يقصد به هنا الوقوف على ما وراء الشهود مما لا يستفاد من معطيات الحس والبراهين العقلية ، وهو أمر نسبي فما كان غيبا عند زيد قد يكون شهادة عند بكر وما كان غيبا عندنا قد يكون شهادة عند الملائكة كما هو حاصل قطعا ، فإن الملائكة تعلم كثيرا مما نجهله نحن وقد يعلم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما لا يعلمه جبريل الأمين عليه السلام ، وعلى هذا نقول إن الله عز وجل قد شاء أن يعلم الأئمة –وسيدهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم- ما يخفى عن الناس فبهذا يصح أن يقال أن الأئمة يعلمون الغيب أي ما غاب عنا وهذا حاصل قطعا لكثير من عباد الله عز وجل كما قال عز من قائل على لسان عيسى عليه السلام { وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ}(آل عمران/49) ، وكذا كان الخضر عليه السلام يعلم أمورا غائبة عن علم نبي الله موسى عليه السلام فعلم ما سيؤول إليه أمر الغلام والسفينة والجدار كما أخبر تعالى عن لسان الخضر عليه السلام { سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا}(الكهف/78-82) ، فكل هذا من الغيب الذي جهله موسى عليه السلام وكان يعلمه الخضر عليه السلام بتعليم الله عز وجل له لذلك قال الخضر عليه السلام في آخر الأمر {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} .
والروايات الواردة عن أهل بيت العصمة عليهم السلام متطابقة تماما من القرآن من أن الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه ولا يشاركه في ذلك أحد ، ولكنه سبحانه قد يطلع بعض عباده على هذا الغيب ، فقد جاء في القرآن {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ}(هود/49) وقال تعالى {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلاَّ مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا}(الجن/26-27)
وجاء في الكافي الشريف " عن عمار الساباطي قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الإمام يعلم الغيب ؟ فقال : لا . ولكن إذا أراد أن يعلم الشيء أعلمه الله ذلك ".
وقد يطرح سؤال هنا وهو إن كان علم الغيب مختص بالله سبحانه فكيف يقال أن الأنبياء والأولياء يعلمون الغيب ؟!
المقصود أنـهم يعلمون بتعليم الله ما خفي عن غيرهم ، فسُمّى ما يعلمونه ( علمٌ بالغيب ) باعتبار متعلق العلم الذي هو العلوم غير المشاهدة والمحسوسة كمن يعلم بإلهام من الله ما يحيك في صدر فلان من الناس فهذا علم بالغيب من حيث علمه بأمر غائب غير محسوس ولكن هذا ليس علم الغيب الخاص المختص بالله لأن ذاك علم غير مستفاد يعلمه الله عز وجل بذاته لا يحتاج إلى تعليم من أحد ولا يستفاد من غيره سبحانه ، فلو علم المعصوم علم السموات والأرض لما كان من علم الغيب التي تنفيه الآيات الكريم عن غير الله سبحانه ، لان هذا علم من مستفاد وتعليم من الله .
فالخلاصة : لا يعلم الغيب إلا الله ، لأن علم الغيب المقصود في الآيات هو العلم الحاصل بلا تعليم من أحد وإنما يحصل عند العالم بذاته ولا يحتاج إلى توسط شيء آخر فهذا مختص بالله سبحانه إذ كل ما سوى الله يعلم بتعليم الله ليس إلا ، وأيضا أنبياء الله وأولياء الله يعلمون الغيب ، ولكن بتعليم الله وصحة إطلاق الغيب على هذا العلم من حيث متعلق العلم لا من حيث عدم استفادته من غيره إذ هو بالهام الله وتعليمه .
وبـهذا التفريق يتضح وجه الجمع بين الروايات التي تقول إن الغيب لا يعلمه إلا الله والروايات التي تقول إن الإمام يعلم الغيب ، فذاك يقصد به العلم بالخافيات بذاته وبدون استفاده ممن سواه وعلم الإمام بالغيب هو علم بالخافيات ولكن بتعليم الله ، ويطلق عليه علم بالغيب بلحاظ متعلقه الغائب عن باقي الناس .
والحمد لله رب العالمين