تشرين ربيعة
23-03-2010, 06:49 PM
وصف الكويت بأنها رائدة بديموقراطيتها وأجوائها الإيمانية
مرتضى القزويني: أغلب المساجد والحسينيات في العالم تُدار بأموال كويتية
جريدة الوطن الكويتية
عباس دشتي
أثنى رجل الدين السيد مرتضى القزويني على دور الاسرة الحاكمة في الكويت في ايجاد ساحة من العدالة والمساواة بين ابناء الوطن، والعمل على الوسطية في حل جميع المشاكل خاصة من المتزمتين والمتعصبين.
كما اشاد بدور المسؤولين في جريدة «الوطن» على دورها الريادي في تغطية الشعائر الحسينية ومختلف التحقيقات وكذلك «قناة الوطن»، واكد السيد القزويني في لقاء مع «الوطن» ان الكويت من الدول الرائدة بمحبة وولاء اهل البيت عليهم السلام وان كثرة الحسينيات دليل واضح على ذلك اضافة الى مساهماتهم في كافة المجالات الانسانية.
وانتقد الذين يتهمون الشيعة بقيامهم بإحياء الشعائر الحسينية واصفين اياها بالبدعة والضلالة متسائلا عن الجماهير المليونية التي تزور سنويا مرقد الامام الحسين عليه السلام والقوة الجبارة التي تقودهم قائلا ان عددهم في آخر زيادة لهم يوم 20 صفر.. وصل الى 17 مليون زائر اضافة الى الوجبات التي وصلت تعدادها اكثر من 400 مليون وجبة.
وقال ان البعثيين والارهابيين وامريكا يحاولون الاساءة للحكومة العراقية الحالية لانها شيعية - على حد تأكيده - واعادة البعثيين للحكم كما كانوا في السابق اضافة الى وجود بعض الفضائيات التي تسيء للشيعة، معتبرا بان العداء للشيعة بدأ منذ وفاة الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم وما حدث لأهل بيته عليهم السلام.
وطالب الخطباء عدم استخدام المنبر الحسيني من اجل الرد على المخالفين او سب الصحابة وزوجات الرسول وعدم التدخل في السياسة والقضايا الاجتماعية. وفيما يلي تفاصيل اللقاء:
الحسين معجزة إلهية
الوطن: ارتفعت بعض الاصوات في الآونة الاخيرة تتهم الشيعة بالبدعة والانحراف والضلال لإقامتهم واحيائهم الشعائر الدينية خاصة في شهر محرم.. فما ردك على ذلك؟
القزويني: في البداية اتقدم لادارة جريدة «الوطن» بكل الشكر والتقدير على هذه البادرة والتي تدل على مدى حرصها على متابعة القضايا والوصول الى الحقيقة، واما حول قضية الامام الحسين عليه السلام فلاريب انها قضية تختلف عن كل القضايا في العالم، ولعلنا شاهدنا سواء على شاشات الفضائيات او على ارض الواقع مواكب العزاء التي تقام في كل ارجاء العالم بما فيها العراق وخاصة في كربلاء المقدسة، حيث شاهدنا الجماهير المليونية التي جاءت سعيا على الاقدام من شتى المدن العراقية وبينهم شيوخ وشباب رجال ونساء واطفال بل كان بينهم من المعاقين..
ماذا يعني ذلك؟ وهل فسر اولئك الذين يتهمون الشيعة تلك القوة الجبارة التي تقود هذه الجماهير المليونية الى تلك البقعة المقدسة اضافة الى تلك المحبة للامام الحسين عليه السلام؟
فعلينا الا نستغرب هذه المعجزة الالهية التي اراد بها الباري عز وجل تعظيم الامام الحسين عليه السلام، لان الامام الحسين عليه السلام اعطى كل شيء في سبيل الله.
وفي رواية الامام زين العابدين عليه السلام في اليوم الحادي عشر من محرم اي بعد فاجعة كربلاد قال «يوم سيرونا على جمال دون غطاء ووطاء نظرت الى جثة ابي وعمي واخوتي وبني عمومتي صرعى مجنزرين فجعلت اجود بنفسي، فنظرت الى عمتي زينب فقالت يا بن اخي مالي اراك تجود بنفسك يا بقية اهلي، يا بن اخي لا يهولنّك هذا، فان الله اخذ ميثاق اناس من هذه الأمة لا تعرفهم فراعنة هذه الارض، انهم يجمعون هذه الاجزاء المقطعة والجسوم المضرجة فيوارونها وينصبون علما لقبر ابيك سيد الشهداء لا يدرس اثره ولا يعفى رسمه، ولتجترئن ائمة الكفر واشياع الظلال في تطميسه فلا يزداد الا علوا وامره الا ظهورا» وهذا ما نشاهده اليوم.
ولقد قرأنا في كتب التاريخ ان العديد من الحكام حاولوا اخفاء آثار قبر الامام الحسين عليه السلام فلم يتمكنوا ابتداء من هذا المرقد المشرف للامام الحسين عليه السلام تعرض الى الكثير من اعمال الهدم ومع ذلك نراه اليوم شامخا وعاليا، والقبة الشامخة تفسر نفسها بين الجموع المليونية التي تزورها كل يوم صباح ومساء، وهناك مشروع لتوسعة المرقدين الامام الحسين وأخيه العباس عليهما السلام حتى تستوفي المساحة الجديدة الاعداد الكبيرة من الزوار خاصة بعد ان وصل العدد الى 17 مليون زائر في اربعين الامام الحسين عليه السلام في شهر صفر الماضي.
ظاهرة غريبة
وعلى الرغم من هذه المحاولات التي باءت بالفشل نؤكد ان الامام الحسين عليه السلام ظاهرة غريبة، وعلى سبيل المثال فان مكة المكرمة اعزها الله لم تشاهد نصف ولا حتى ربع هذه الاعداد من يوم خلقها الله، والاغرب والاعجب من ذلك تلك الموائد التي كانت متوفرة لزوار الامام الحسين عليه السلام ابتداء من خارج كربلاء وصولاً الى الداخل، اضافة الى الخيام المنصوبة على طرق البصرة وبغداد والشمال والجنوب وكذلك المناطق التي يشغلها الارهابيون والقتلة مثل ديالى والموصل وتكريت والفلوجة والرمادي، اي ان وسائل الراحة كانت متوفرة للزوار وهم في طريقهم الى كربلاء، واني اؤكد ان أكبر دول العالم بما فيها امريكا لايمكنها توفير تلك الكميات الكبيرة من الطعام حيث بلغت عام 2007 الى اكثر من 273 مليون وجبة وقدرت عام 2010 باكثر من 400 مليون وجبة الى جانب الفواكه والحلويات والمياه والحليب والمشروبات الغازية ورغم الفقر والظروف المالية والاجتماعية والامنية فان القائمين من محبي وموالي اهل البيت يساهمون في هذا العمل بل يتوسلون الى الزوار بالمشاركة في الطعام، أليست هذه المعجزة؟! على الرغم من الامكانيات المحدودة ترى هذه الجموع الغفيرة والطعام والخيالة والمياه، لذا نقول فليفسر هؤلاء مايحلو لهم، ويزيدوا في اتهاماتهم للشيعة بالبدع والضلال.
المواكب الحسينية.. عالمية
واما حول مواكب الغراء فهي متواجدة في معظم دول العالم ان لم تكن في جميعها ، وفي مونتريال خرجت مسيرة من السنة والشيعة يوم عاشوراء وكذلك يوم الاربعين اضافة الى دول في آسيا وافريقيا واوربا والامريكتين وحتى في استراليا، وعلينا الا نستغرب من ذلك، ويكفي ان علم الامام الحسين عليه السلام وشعاره مرفوع ويرفرف في كل بقاع العالم، فهذه المظاهر من الشعائر الحسينية رد مقنع وقاطع على من يتفوه ويتقول بان هذه بدعة وضلالة وقد قام الارهابيون بعمليات التفجير بعدة اماكن خارج كربلاء بين صفوف الزوار ومع ذلك استمرت المسيرة وواصل الزوار طريقهم وهم ينادون نتحدى رغم الارهاب»، وعلى الرغم من هذه المصاعب والمصائب الاليمة والمفجعة بين صفوف الزوار الذين رفعوا ابناءهم وذويهم شهداء في سبيل احياء هذه الشعيرة الحسينية ورفع راية الامام الحسين عليه السلام الذي نهض ضد الظلم والظالمين والدكتاتورية والثورة لاجل بقاء الدين كما هو، ومن بين هؤلاء صادفت الكثير من المفجوعين منهم امرأة عجوز وهي ام لاربعة شهداء تسير رائعة رأسها وفخورة بان ابناءها ذهبوا في سبيل الامام الحسين عليه السلام.
الحسين للبشرية
الوطن: ماذا يعني الحسين في هذه المواقف والمظاهرة المليونية السلمية واحياء هذه الشعائر الحسينية؟
القزويني: اود الاشارة هنا الى دعاء يستحب قراءته كل يوم جمعة وكذلك يوم عاشوراء وهو باسم زيارة وارث ويقول في مقدمة الزيارة «السلام عليكم ياوارث آدم صفوة الله، والسلام عليك ياوراث نوح نبي الله، السلام عليكم ياوارث ابراهيم خليل الله، السلام عليكم ياوارث موسى كليم الله، السلام عليك ياوارث عيسى روح الله، السلام عليكم ياوارث محمد حبيب الله.. الخ، اي ان الامام الحسين عليه السلام هو وارث الانبياء والمرسلين، وكذلك الائمة عليهم السلام هم ايضا ورثة الانبياء، حيث انهم ورثوا علمهم ومناقبهم وفضائلهم ومعاجزهم، وجمعت كل القوى والعجائب والمعاجز التي وهبها الله تعالى لكل نبي مرسل في الامام الحسين عليه السلام ونتائجها نراها بام العين في هذه الايام، لان الامام الحسين عليه السلام ليس للشيعة فقط بل هو لجميع المسلمين بكل اطيافهم بل للبشرية جمعاء، ففي بعض المدن الهندية تخرج مواكب يشترك فيها السنة والشيعة والهندوس والسيخ، لذا علينا الا نستغرب من هذه الشعائر لان حب الحسين طبع في افئدتهم وجوارحهم واحساسهم، وعليه يحيا الانسان سواء كان مسلما او غير مسلم بان فاجعة كربلاء حدثت بالامس لكن آثارها ستستمر سنويا بل يوميا.
البعثيون والإرهابيون وأمريكا
الوطن: ما موقف الحكومة العراقية بعد سقوط صدام وكذلك دور المرجعية في التصدي للإرهاب والمخالفين من أجل المحافظة على هذه المواكب؟
القزويني: تبذل الحكومة العراقية والمرجعية الدينية جل اهتمامها للتصدي للأعمال الإرهابية بشكل عام وكذلك التي تقام ضد المواكب الحسينية، ففي حكومة د.الجعفري والأشهر الأولى لحكومة نوري المالكي كان الوضع متأزما جدا، حيث كانت العمليات الإرهابية تجري بشكل يومي في بغداد وتم تفجير شارع المتنبي بأكمله، إضافة إلى المساجد والحسينيات وذهب إثر ذلك الكثير من الضحايا، ثم انخفضت التفجيرات لكنها عادت خلال هذه الأيام بسبب قرب موسم الانتخابات وقيام أعداء العراق وشعبها من البعثيين المدعومين من قبل تنظيم القاعدة والإرهابيين والعملاء والمخالفين للشيعة بالانتعاش مرة أخرى من أجل إضعاف حكومة نوري المالكي واتهامها بأنها لن تتمكن من حفظ الأمن، فهم يتعمدون الإساءة لسمعة الحكومة القائمة بشتى الطرق لأنها حكومة شيعية.
وللعلم فإن هؤلاء يقومون بأعمال شتى في العراق من عنف وقتل وتفجير وسلب ونهب، إضافة إلى بعض الفضائيات التي تقوم بالنيل من الشيعة بالسب والشتم وإلقاء التهم جزافاً، بل وصل الأمر إلى وجود عملاء لهم في البرلمان العراقي حيث تقوم بعض الفضائيات بدعمهم ماليا وإعلاميا ضد الحكومة القائمة، ونتمنى أن توقف هذه الفضائيات هذا الدعم وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ومع إيقاف ذلك سيكون الوضع الأمني في العراق جيدا ومستقرا، ولا شك أن هذا التدخل من الخبثاء وأمريكا عن طريق سفيرهم في بغداد الذي أصر على عودة البعثيين والمشاركة في الانتخابات محاولة منهم لإرجاعهم إلى سدة الحكم بعد أن خسروا مناصبهم وجاههم حيث كانوا مسيطرين على العراق خلال 35 عاما فكانت سيطرتهم على مخازن الأسلحة ومصانعها وكل مصادر العراق، واليوم هم يستخدمون الأسلحة التي هي بحوزتهم في زعزعة الأمن وعدم الاستقرار من أجل إرجاع العراق إلى السابق.
الشيعة ومعارضة الظلم
الوطن: تعتبرون أنتم من العلماء والخطباء المرموقين، ولقد مررتم بالكثير من الأحداث والقضايا، فما هو سبب استمرار العداء مع الشيعة؟
القزويني: علينا أن ندرك جليا أن هذا العداء ليس جديداً، أو كما يقال بالمثل المعروف المتداول «ليست هذه أول قارورة كسرت في الإسلام»، فظهر هذا العداء منذ وفاة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، حيث بدأ العداء مع أهل البيت عليهم السلام، ثم من الذي أوجد فاجعة كربلاء؟ ومن الذي قتل الإمام الحسن عليه السلام؟ ومن الذي قتل الأئمة الأحد عشر؟ كانت السلطات ضد أهل البيت عليهم السلام والشيعة أيضا وكتب التاريخ شاهد على ذلك، فهؤلاء يعتبرون الشيعة معارضين، نعم كانوا معارضين ولكن ليس لهدف شخصي أو منصب، بل معارضون للظلم واللاشرعية، فكانت هذه ضريبة المعارضة، كذلك اليوم فإن المعارضين ليس لديهم استقرار في مواجهة السلطات رغم الديموقراطية والحرية، وعليه فإن هذا العداء بدأ منذ القدم واستمر ونحن الشيعة ندفع ضريبتها.
الكويت والأجواء الإيمانية
الوطن: لديك جمهور من المحبين، فهل سبق لكم وزرتم الكويت قبل هذه الفترة؟
القزويني: لعل هذه المحبة والمودة هي ضمن الإطار الذي نعمل فيه جميعا حيث ان المجالس الحسينية أعطتنا ثروة ضخمة من المحبين في كل مكان وخاصة في الكويت، ولدي مع الكويت وشعبها تاريخ حافل بالعطاء والاحترام والمعرفة، فقد زرت الكويت قبل خمسين عاما حيث استدعاني المغفور له سيد علي الحائري إمام مسجد الحائري في الشرق من أجل المشاركة في إعطاء محاضرات يومية خلال ليالي شهر رمضان المبارك ووجدت ارتياحا كاملا من الشعب الكويتي الذي كان يعيش الاجواء الإيمانية، كما كان المؤمنون أكثر اقبالاً على المساجد عكس الفترة الاخيرة والتي سيطرت عليها التكنولوجيا الحديثة والفضائيات والاعلام وادخال الثقافة الغربية اضافة الى التدخل في المناهج، هذه الامور ادت الى ابعاد الشباب عن المساجد واثرت كذلك في الاخلاق والثقافة وضعف الوازع الديني، مما ادى إلى الابتعاد عن الشريعة الاسلامية واحكامها وانتشار انواع الفساد.
وبعد فترة استدعيت من قبل المرحوم حاجي يلي بهبهاني للقراءة في الحسينية الخزعبلية القديمة فكان ذلك خلال الستينات اما المرة الثالثة فكانت عام 1971 عندما هربت من النظام الصدامي بعد ان حكم بالقاء القبض علي ولقد مكثت خارج العراق 32 عاما، ورجعت بعد سقوط صدام في عام 1971 قام الحاج احمد عاشور والد النائب صالح عاشور بعمل امامة وقرأت في الكويت ثماني سنوات وخلال هذه الفترة ايضا جاء المرجع الديني المغفور له السيد محمد الشيرازي هاربا من حكم صدام وقام بمشروع بناء الحسينيات وغيرها من المشاريع الاخرى.
وبعد انتصار الثورة الاسلامية في إيران بقيادة السيد الخميني رحمه الله تعرض العديد من الشخصيات الدينية الى مضايقات وإيجاد بعض المشاكل في بعض المساجد والحسينيات عندها خرجت الى امريكا حتى عودتي للعراق.
وبودي الاشارة هنا الى انه خلال وجود السيد الشيرازي في الكويت كانت هناك طفرة دينية وتضاعف وعي الشباب الكويتي وكذلك بالنسبة للنساء وطلبة وطالبات الجامعات والمعاهد واصبح لديهم التزام ديني والتمسك باحكام الشريعة الاسلامية ولبس الحجاب بالنسبة للمسلمات، بل توجه العديد من الشباب لاستكمال دراساتهم الحوزوية حتى اصبح هناك العديد من الخطباء الكويتيين المعروفين والمرموقين وكذلك أئمة المساجد بل وصل البعض منهم الى درجة الاجتهاد والمرجعية، اذاً كان للسيد الشيرازي رحمه الله دور كبير في توجيه الشباب لخدمة الكويت واهلها والاخذ بزمامها والخطابة على مقابرها.
ولاشك ان هذه الطفرة ادت الى وجود العديد من الصحف والمجلات التي تتحدث عن اهل البيت عليهم السلام مع وجود قنوات فضائية بدأت تغزو العالم ببرامجها الثقافية والدينية وعليه اصبحت للكويت اهمية كبرى في هذا المجال وهذا من بركات الاسلام والامام الحسين عليه السلام والمسلمين فنرى ان صوت الحق والعدالة والايمان وصوت الامام الحسين عليه السلام وصل الى العالم عبر الكويت.
لذا نؤكد وجود طفرة كبيرة في هذا المجال في الكويت من حيث عدد الحسينيات والمساجد والصحف والقنوات الفضائية، واقول على الرغم من مساحة العراق الكبيرة وعدد السكان فيها فإنها لم تستطع ان تصل الى ما وصلت اليه الكويت.
الخطابة إخلاص الله
الوطن: لقد اشترتم إلى كثرة المجالس الحسينية في الكويت، وهذا يتطلب كثرة الخطباء ومدى المامهم بالامور الفقهية والاجتماعية وابتعادهم عن القضايا السياسية، وانت احد الخطباء المخضرمين فما صفات الخطيب الحسيني؟
القزويني: امارس الخطابة منذ سبعين عاما حيث بدأت بصعود المنبر الحسيني وانا في الثانية عشرة من عمري بمشاركة في قصيدة ونعي باشراف استاذي وخالي السيد محمد صالح القزويني والان انا في الثانية والثمانين فباعتقادي ان الخطيب يجب ان تكون لديه دراسة حوزوية اي إتقانه للغة العربية ومبادئ النحو والصرف وأن يجيد القرآن وقراءته صحيحة ومعرفته تفاسير القرآن الشريف والاحاديث النبوية الشريفة ودراسة الكتب الأربعة وهي الكافي ومن لا يحضره الفقيه والتهذيب والاستبصار كذلك كتاب الاحتجاج وتحف العقول والبحار اي أن يكون ملماً بثقافة اهل البيت عليهم السلام، لان هذه الثقافة معدومة في المدارس وحتى في العراق وان يكون الخطيب مخلصاً لله تعالى، والا يتطلع إلى المادة أو الشهرة أو الرئاسة أو المنافسة.
ولا شك أن الخطيب المخلص تكون لديه ردود فعل جيدة وتأثيره في المستمعين، كما يجب ان يكون الخطيب داعيا وألا يتدخل في القضايا السياسية والاجتماعية الا بعد دراسة مستفيضة حتى يتمكن من اختيار الطريقة المناسبة للتحدث والخطابة على المنبر الحسيني، وكذلك ان يكون لديه «ثقافة جامعية» واطلاع على الادب العربي القديم والحديث والتاريخ ومعرفة طرق الخطابة وكيفية ايصال الموضوع الى المستمعين، وهذه الوسائل والسبل كفيلة لادخال المسيحيين للاسلام واعتناق اهل البيت عليهم السلام، وانا لديَّ اربعة ابناء في امريكا يصعدون المنابر وساهموا في اعتناق الكثير من المسيحيين الدين الاسلامي اضافة الى مدرسة في لوس انجلوس باسم «مدينة العلم» وقد تأسست هذه المدرسة بأموال كويتية وتخرج هذه المدرسة سنويا العديد من الخريجين والخريجات على مستوى الجامعة، اضافة الى ارتداء الكثير من الطالبات للحجاب والقيام بأداء النوافل بجانب الفرائض وكذلك اداء صلاة الليل، لذا عن طريق الخطباء هناك حملة ايمانية كبيرة في بلاد الغرب.
المنبر ليس للرد أو الشتم
الوطن: هناك العديد من الخطباء يستغلون المنبر الحسيني للرد على الآخرين بأساليب جافة وجارحة وكذلك بعض الاساليب الهابطة ضد الصحابة وزوجات الرسول الاكرم عليه الصلاة والسلام، فهل يجوز ذلك؟
القزويني: قال الباري عز وجل في كتابه الكريم "ادع الى ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي احسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم"، وهناك كتاب قيم في التراث الشيعي باسم «الاحتجاج» يعلمنا كيفية الجدل الديني الذي قام به الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم وكذلك أمير المؤمنين الامام علي والسيدة الزهراء والأئمة المعصومون عليهم السلام، وعليه فإني انصح نفسي في البداية وانصح كل خطيب وكل واعظ وكل من يريد ان يناظر في المسائل المذهبية الخلافية عليه ان يقرأ كتاب الاحتجاج حتى يصل الى درجة النجاح وكيفية التأثر في نفوس الخصم وغيرهم، وكتاب الاحتجاج يتضمن قوة المنطق وكيفية ايتاء البرهان "قل هاتوا برهانكم"، لذا يجب التعلم من اخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام، حيث انه جادل وناقش مع اليهود والنصارى بكل حكمة وادب ومنطق وبرهان، فعلى الخطباء التعلم من طريقة الرسول الاكرم عليه الصلاة والسلام في مجادلته مع الآخرين وخاصة الخصوم، لذا على الخطباء ترك هذا النهج وهذه الطريقة والالتزام بالاحكام القرآنية اسلوب الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
الكويت رائدة
الوطن: كيف ترى الموقف في الكويت؟
القزويني: ليس زلفا أو تملقا أو من باب الرياء والمجاملة بل حقيقة واضحة ويراها كل انسان ليس في الكويت بل في كل مكان، فإن الاسرة الحاكمة في الكويت موقفها مشرف مع المؤمنين لأنها تعمل على المساواة بين الجميع وايجاد السبل الكفيلة للعدالة حيث ان هناك جانباً من المتزمتين والمتعصبين ومحاولاتهم الجادة في الضغط على الحكومة وممارساتهم المتكررة في اغلاق الحسينيات وتضيق الامور لعدم اقامة الشعائر الحسينية واغلاق الفضائيات مع ان هذه الامور موجودة في عدد من دول مجلس التعاون، ولكن علينا جميعا ان نحمد الباري عز وجل على نعمة الحرية والتمتع باقامة الشعائر الحسينية، اضافة الى حرية الرأي عبر وسائل الاعلام المختلفة، وكذلك في البرلمان الكويتي.
اكرر مرة اخرى بأن الباري عز وجل حبي الكويت واهلها المحبة والتعاون والتآلف والتعاضد، وهنا علينا التوقف برهة خلال احتلال النظام البعثي لدولة الكويت ووقوف الكويتيين جميعهم امام هذا الاحتلال البغيض، لأن النظام البعثي هجم على الكويت والكويتيين دون تفرقة، وهنا بودي الاشارة عبر هذه الصحيفة الغراء وليس تملقا بأن الشيعة الكويتيين لديهم ايمان قوي وولاء كبير وتمسك عظيم بهذه الارض الطيبة وحبهم لهذه الارض غير محدود ويكفي ان دماءهم اختلطت مع دماء اخوانهم السنة دفاعا عن شرعية الكويت، اضافة الى تلك النفوس الابية الطيبة والاخلاق الحميدة وهم يأتون في مقدمة الشيعة في بقية دول العالم، حيث ان اغلب المساجد والحسينيات والمراكز الدينية والخيرية في العالم تدار بأموال كويتية وبودي الاشارة عبر هذا المنبر الديموقراطي الحر الى ان صدام عندما دخل الكويت وقام بشتى انواع الجرائم والسلب والنهب خلال سبعة اشهر لم يستطع السيطرة على قلوب المؤمنين ووطنيتهم وولائهم، وهذا بفضل الباري عز وجل واهل البيت عليهم السلام لكثرة المساجد والحسينيات والاعمال الصالحة التي يقوم بها الكويتيون، وبعد هذه المدة من الاحتلال استعادت الكويت شرعيتها واستقلالها وحريتها واستعاد الكويتيون عافيتهم وحريتهم وعادت الأوضاع الى طبيعتها. لذا علينا استغلال هذه النعمة للمزيد من العمل في المجالات الخيرية والإنسانية، تطبيقاً للآية الشريفة "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله".
الوطن ثم الوطن
وأشاد السيد مرتضى القزويني بجريدة «الوطن» التي تقوم بنقل الشعائر الحسينية والمناسبات الدينية واجراء اللقاءات مع العلماء والفقهاء، وقال: "إنني اثني على جهود قناة «الوطن» الفضائية التي تقوم ايضا بنقل الشعائر الحسينية وان هذا يدل على ما يقوم به المسؤولون من تجسيد ما كان يقوم به الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم من عمل في سبيل هداية الخلق وتحمل المصاعب والشدة اضافة الى السب والشتم والضرب كذلك، وصبر من أجل اتمام الرسالة.
واني اوصي اخواني واخواتي في الكويت وكل المثقفين بان يتعلموا من الرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام، وان يجعلوا عملهم خالصا لله تعالى، والاتكال على الله فمن يتوكل على الله فهو حسبه، وعليهم ترك ا لحزازات والعدواة والبغضاء، فلا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم.
هناك عدو مشترك هو إسرائيل والصليبيون والإلحاد والزندقة والشيوعيون فعلينا ان نتآلف ونؤلف بين قلوبنا فهذه أمتكم أمة واحدة، وعلينا أن نتناسى الخلافات والنزاع والحقد حتى نكون أمة واحدة ضد الشيطان والملحدين أعداء الله ورسوله."
مرتضى القزويني: أغلب المساجد والحسينيات في العالم تُدار بأموال كويتية
جريدة الوطن الكويتية
عباس دشتي
أثنى رجل الدين السيد مرتضى القزويني على دور الاسرة الحاكمة في الكويت في ايجاد ساحة من العدالة والمساواة بين ابناء الوطن، والعمل على الوسطية في حل جميع المشاكل خاصة من المتزمتين والمتعصبين.
كما اشاد بدور المسؤولين في جريدة «الوطن» على دورها الريادي في تغطية الشعائر الحسينية ومختلف التحقيقات وكذلك «قناة الوطن»، واكد السيد القزويني في لقاء مع «الوطن» ان الكويت من الدول الرائدة بمحبة وولاء اهل البيت عليهم السلام وان كثرة الحسينيات دليل واضح على ذلك اضافة الى مساهماتهم في كافة المجالات الانسانية.
وانتقد الذين يتهمون الشيعة بقيامهم بإحياء الشعائر الحسينية واصفين اياها بالبدعة والضلالة متسائلا عن الجماهير المليونية التي تزور سنويا مرقد الامام الحسين عليه السلام والقوة الجبارة التي تقودهم قائلا ان عددهم في آخر زيادة لهم يوم 20 صفر.. وصل الى 17 مليون زائر اضافة الى الوجبات التي وصلت تعدادها اكثر من 400 مليون وجبة.
وقال ان البعثيين والارهابيين وامريكا يحاولون الاساءة للحكومة العراقية الحالية لانها شيعية - على حد تأكيده - واعادة البعثيين للحكم كما كانوا في السابق اضافة الى وجود بعض الفضائيات التي تسيء للشيعة، معتبرا بان العداء للشيعة بدأ منذ وفاة الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم وما حدث لأهل بيته عليهم السلام.
وطالب الخطباء عدم استخدام المنبر الحسيني من اجل الرد على المخالفين او سب الصحابة وزوجات الرسول وعدم التدخل في السياسة والقضايا الاجتماعية. وفيما يلي تفاصيل اللقاء:
الحسين معجزة إلهية
الوطن: ارتفعت بعض الاصوات في الآونة الاخيرة تتهم الشيعة بالبدعة والانحراف والضلال لإقامتهم واحيائهم الشعائر الدينية خاصة في شهر محرم.. فما ردك على ذلك؟
القزويني: في البداية اتقدم لادارة جريدة «الوطن» بكل الشكر والتقدير على هذه البادرة والتي تدل على مدى حرصها على متابعة القضايا والوصول الى الحقيقة، واما حول قضية الامام الحسين عليه السلام فلاريب انها قضية تختلف عن كل القضايا في العالم، ولعلنا شاهدنا سواء على شاشات الفضائيات او على ارض الواقع مواكب العزاء التي تقام في كل ارجاء العالم بما فيها العراق وخاصة في كربلاء المقدسة، حيث شاهدنا الجماهير المليونية التي جاءت سعيا على الاقدام من شتى المدن العراقية وبينهم شيوخ وشباب رجال ونساء واطفال بل كان بينهم من المعاقين..
ماذا يعني ذلك؟ وهل فسر اولئك الذين يتهمون الشيعة تلك القوة الجبارة التي تقود هذه الجماهير المليونية الى تلك البقعة المقدسة اضافة الى تلك المحبة للامام الحسين عليه السلام؟
فعلينا الا نستغرب هذه المعجزة الالهية التي اراد بها الباري عز وجل تعظيم الامام الحسين عليه السلام، لان الامام الحسين عليه السلام اعطى كل شيء في سبيل الله.
وفي رواية الامام زين العابدين عليه السلام في اليوم الحادي عشر من محرم اي بعد فاجعة كربلاد قال «يوم سيرونا على جمال دون غطاء ووطاء نظرت الى جثة ابي وعمي واخوتي وبني عمومتي صرعى مجنزرين فجعلت اجود بنفسي، فنظرت الى عمتي زينب فقالت يا بن اخي مالي اراك تجود بنفسك يا بقية اهلي، يا بن اخي لا يهولنّك هذا، فان الله اخذ ميثاق اناس من هذه الأمة لا تعرفهم فراعنة هذه الارض، انهم يجمعون هذه الاجزاء المقطعة والجسوم المضرجة فيوارونها وينصبون علما لقبر ابيك سيد الشهداء لا يدرس اثره ولا يعفى رسمه، ولتجترئن ائمة الكفر واشياع الظلال في تطميسه فلا يزداد الا علوا وامره الا ظهورا» وهذا ما نشاهده اليوم.
ولقد قرأنا في كتب التاريخ ان العديد من الحكام حاولوا اخفاء آثار قبر الامام الحسين عليه السلام فلم يتمكنوا ابتداء من هذا المرقد المشرف للامام الحسين عليه السلام تعرض الى الكثير من اعمال الهدم ومع ذلك نراه اليوم شامخا وعاليا، والقبة الشامخة تفسر نفسها بين الجموع المليونية التي تزورها كل يوم صباح ومساء، وهناك مشروع لتوسعة المرقدين الامام الحسين وأخيه العباس عليهما السلام حتى تستوفي المساحة الجديدة الاعداد الكبيرة من الزوار خاصة بعد ان وصل العدد الى 17 مليون زائر في اربعين الامام الحسين عليه السلام في شهر صفر الماضي.
ظاهرة غريبة
وعلى الرغم من هذه المحاولات التي باءت بالفشل نؤكد ان الامام الحسين عليه السلام ظاهرة غريبة، وعلى سبيل المثال فان مكة المكرمة اعزها الله لم تشاهد نصف ولا حتى ربع هذه الاعداد من يوم خلقها الله، والاغرب والاعجب من ذلك تلك الموائد التي كانت متوفرة لزوار الامام الحسين عليه السلام ابتداء من خارج كربلاء وصولاً الى الداخل، اضافة الى الخيام المنصوبة على طرق البصرة وبغداد والشمال والجنوب وكذلك المناطق التي يشغلها الارهابيون والقتلة مثل ديالى والموصل وتكريت والفلوجة والرمادي، اي ان وسائل الراحة كانت متوفرة للزوار وهم في طريقهم الى كربلاء، واني اؤكد ان أكبر دول العالم بما فيها امريكا لايمكنها توفير تلك الكميات الكبيرة من الطعام حيث بلغت عام 2007 الى اكثر من 273 مليون وجبة وقدرت عام 2010 باكثر من 400 مليون وجبة الى جانب الفواكه والحلويات والمياه والحليب والمشروبات الغازية ورغم الفقر والظروف المالية والاجتماعية والامنية فان القائمين من محبي وموالي اهل البيت يساهمون في هذا العمل بل يتوسلون الى الزوار بالمشاركة في الطعام، أليست هذه المعجزة؟! على الرغم من الامكانيات المحدودة ترى هذه الجموع الغفيرة والطعام والخيالة والمياه، لذا نقول فليفسر هؤلاء مايحلو لهم، ويزيدوا في اتهاماتهم للشيعة بالبدع والضلال.
المواكب الحسينية.. عالمية
واما حول مواكب الغراء فهي متواجدة في معظم دول العالم ان لم تكن في جميعها ، وفي مونتريال خرجت مسيرة من السنة والشيعة يوم عاشوراء وكذلك يوم الاربعين اضافة الى دول في آسيا وافريقيا واوربا والامريكتين وحتى في استراليا، وعلينا الا نستغرب من ذلك، ويكفي ان علم الامام الحسين عليه السلام وشعاره مرفوع ويرفرف في كل بقاع العالم، فهذه المظاهر من الشعائر الحسينية رد مقنع وقاطع على من يتفوه ويتقول بان هذه بدعة وضلالة وقد قام الارهابيون بعمليات التفجير بعدة اماكن خارج كربلاء بين صفوف الزوار ومع ذلك استمرت المسيرة وواصل الزوار طريقهم وهم ينادون نتحدى رغم الارهاب»، وعلى الرغم من هذه المصاعب والمصائب الاليمة والمفجعة بين صفوف الزوار الذين رفعوا ابناءهم وذويهم شهداء في سبيل احياء هذه الشعيرة الحسينية ورفع راية الامام الحسين عليه السلام الذي نهض ضد الظلم والظالمين والدكتاتورية والثورة لاجل بقاء الدين كما هو، ومن بين هؤلاء صادفت الكثير من المفجوعين منهم امرأة عجوز وهي ام لاربعة شهداء تسير رائعة رأسها وفخورة بان ابناءها ذهبوا في سبيل الامام الحسين عليه السلام.
الحسين للبشرية
الوطن: ماذا يعني الحسين في هذه المواقف والمظاهرة المليونية السلمية واحياء هذه الشعائر الحسينية؟
القزويني: اود الاشارة هنا الى دعاء يستحب قراءته كل يوم جمعة وكذلك يوم عاشوراء وهو باسم زيارة وارث ويقول في مقدمة الزيارة «السلام عليكم ياوارث آدم صفوة الله، والسلام عليك ياوراث نوح نبي الله، السلام عليكم ياوارث ابراهيم خليل الله، السلام عليكم ياوارث موسى كليم الله، السلام عليك ياوارث عيسى روح الله، السلام عليكم ياوارث محمد حبيب الله.. الخ، اي ان الامام الحسين عليه السلام هو وارث الانبياء والمرسلين، وكذلك الائمة عليهم السلام هم ايضا ورثة الانبياء، حيث انهم ورثوا علمهم ومناقبهم وفضائلهم ومعاجزهم، وجمعت كل القوى والعجائب والمعاجز التي وهبها الله تعالى لكل نبي مرسل في الامام الحسين عليه السلام ونتائجها نراها بام العين في هذه الايام، لان الامام الحسين عليه السلام ليس للشيعة فقط بل هو لجميع المسلمين بكل اطيافهم بل للبشرية جمعاء، ففي بعض المدن الهندية تخرج مواكب يشترك فيها السنة والشيعة والهندوس والسيخ، لذا علينا الا نستغرب من هذه الشعائر لان حب الحسين طبع في افئدتهم وجوارحهم واحساسهم، وعليه يحيا الانسان سواء كان مسلما او غير مسلم بان فاجعة كربلاء حدثت بالامس لكن آثارها ستستمر سنويا بل يوميا.
البعثيون والإرهابيون وأمريكا
الوطن: ما موقف الحكومة العراقية بعد سقوط صدام وكذلك دور المرجعية في التصدي للإرهاب والمخالفين من أجل المحافظة على هذه المواكب؟
القزويني: تبذل الحكومة العراقية والمرجعية الدينية جل اهتمامها للتصدي للأعمال الإرهابية بشكل عام وكذلك التي تقام ضد المواكب الحسينية، ففي حكومة د.الجعفري والأشهر الأولى لحكومة نوري المالكي كان الوضع متأزما جدا، حيث كانت العمليات الإرهابية تجري بشكل يومي في بغداد وتم تفجير شارع المتنبي بأكمله، إضافة إلى المساجد والحسينيات وذهب إثر ذلك الكثير من الضحايا، ثم انخفضت التفجيرات لكنها عادت خلال هذه الأيام بسبب قرب موسم الانتخابات وقيام أعداء العراق وشعبها من البعثيين المدعومين من قبل تنظيم القاعدة والإرهابيين والعملاء والمخالفين للشيعة بالانتعاش مرة أخرى من أجل إضعاف حكومة نوري المالكي واتهامها بأنها لن تتمكن من حفظ الأمن، فهم يتعمدون الإساءة لسمعة الحكومة القائمة بشتى الطرق لأنها حكومة شيعية.
وللعلم فإن هؤلاء يقومون بأعمال شتى في العراق من عنف وقتل وتفجير وسلب ونهب، إضافة إلى بعض الفضائيات التي تقوم بالنيل من الشيعة بالسب والشتم وإلقاء التهم جزافاً، بل وصل الأمر إلى وجود عملاء لهم في البرلمان العراقي حيث تقوم بعض الفضائيات بدعمهم ماليا وإعلاميا ضد الحكومة القائمة، ونتمنى أن توقف هذه الفضائيات هذا الدعم وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ومع إيقاف ذلك سيكون الوضع الأمني في العراق جيدا ومستقرا، ولا شك أن هذا التدخل من الخبثاء وأمريكا عن طريق سفيرهم في بغداد الذي أصر على عودة البعثيين والمشاركة في الانتخابات محاولة منهم لإرجاعهم إلى سدة الحكم بعد أن خسروا مناصبهم وجاههم حيث كانوا مسيطرين على العراق خلال 35 عاما فكانت سيطرتهم على مخازن الأسلحة ومصانعها وكل مصادر العراق، واليوم هم يستخدمون الأسلحة التي هي بحوزتهم في زعزعة الأمن وعدم الاستقرار من أجل إرجاع العراق إلى السابق.
الشيعة ومعارضة الظلم
الوطن: تعتبرون أنتم من العلماء والخطباء المرموقين، ولقد مررتم بالكثير من الأحداث والقضايا، فما هو سبب استمرار العداء مع الشيعة؟
القزويني: علينا أن ندرك جليا أن هذا العداء ليس جديداً، أو كما يقال بالمثل المعروف المتداول «ليست هذه أول قارورة كسرت في الإسلام»، فظهر هذا العداء منذ وفاة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، حيث بدأ العداء مع أهل البيت عليهم السلام، ثم من الذي أوجد فاجعة كربلاء؟ ومن الذي قتل الإمام الحسن عليه السلام؟ ومن الذي قتل الأئمة الأحد عشر؟ كانت السلطات ضد أهل البيت عليهم السلام والشيعة أيضا وكتب التاريخ شاهد على ذلك، فهؤلاء يعتبرون الشيعة معارضين، نعم كانوا معارضين ولكن ليس لهدف شخصي أو منصب، بل معارضون للظلم واللاشرعية، فكانت هذه ضريبة المعارضة، كذلك اليوم فإن المعارضين ليس لديهم استقرار في مواجهة السلطات رغم الديموقراطية والحرية، وعليه فإن هذا العداء بدأ منذ القدم واستمر ونحن الشيعة ندفع ضريبتها.
الكويت والأجواء الإيمانية
الوطن: لديك جمهور من المحبين، فهل سبق لكم وزرتم الكويت قبل هذه الفترة؟
القزويني: لعل هذه المحبة والمودة هي ضمن الإطار الذي نعمل فيه جميعا حيث ان المجالس الحسينية أعطتنا ثروة ضخمة من المحبين في كل مكان وخاصة في الكويت، ولدي مع الكويت وشعبها تاريخ حافل بالعطاء والاحترام والمعرفة، فقد زرت الكويت قبل خمسين عاما حيث استدعاني المغفور له سيد علي الحائري إمام مسجد الحائري في الشرق من أجل المشاركة في إعطاء محاضرات يومية خلال ليالي شهر رمضان المبارك ووجدت ارتياحا كاملا من الشعب الكويتي الذي كان يعيش الاجواء الإيمانية، كما كان المؤمنون أكثر اقبالاً على المساجد عكس الفترة الاخيرة والتي سيطرت عليها التكنولوجيا الحديثة والفضائيات والاعلام وادخال الثقافة الغربية اضافة الى التدخل في المناهج، هذه الامور ادت الى ابعاد الشباب عن المساجد واثرت كذلك في الاخلاق والثقافة وضعف الوازع الديني، مما ادى إلى الابتعاد عن الشريعة الاسلامية واحكامها وانتشار انواع الفساد.
وبعد فترة استدعيت من قبل المرحوم حاجي يلي بهبهاني للقراءة في الحسينية الخزعبلية القديمة فكان ذلك خلال الستينات اما المرة الثالثة فكانت عام 1971 عندما هربت من النظام الصدامي بعد ان حكم بالقاء القبض علي ولقد مكثت خارج العراق 32 عاما، ورجعت بعد سقوط صدام في عام 1971 قام الحاج احمد عاشور والد النائب صالح عاشور بعمل امامة وقرأت في الكويت ثماني سنوات وخلال هذه الفترة ايضا جاء المرجع الديني المغفور له السيد محمد الشيرازي هاربا من حكم صدام وقام بمشروع بناء الحسينيات وغيرها من المشاريع الاخرى.
وبعد انتصار الثورة الاسلامية في إيران بقيادة السيد الخميني رحمه الله تعرض العديد من الشخصيات الدينية الى مضايقات وإيجاد بعض المشاكل في بعض المساجد والحسينيات عندها خرجت الى امريكا حتى عودتي للعراق.
وبودي الاشارة هنا الى انه خلال وجود السيد الشيرازي في الكويت كانت هناك طفرة دينية وتضاعف وعي الشباب الكويتي وكذلك بالنسبة للنساء وطلبة وطالبات الجامعات والمعاهد واصبح لديهم التزام ديني والتمسك باحكام الشريعة الاسلامية ولبس الحجاب بالنسبة للمسلمات، بل توجه العديد من الشباب لاستكمال دراساتهم الحوزوية حتى اصبح هناك العديد من الخطباء الكويتيين المعروفين والمرموقين وكذلك أئمة المساجد بل وصل البعض منهم الى درجة الاجتهاد والمرجعية، اذاً كان للسيد الشيرازي رحمه الله دور كبير في توجيه الشباب لخدمة الكويت واهلها والاخذ بزمامها والخطابة على مقابرها.
ولاشك ان هذه الطفرة ادت الى وجود العديد من الصحف والمجلات التي تتحدث عن اهل البيت عليهم السلام مع وجود قنوات فضائية بدأت تغزو العالم ببرامجها الثقافية والدينية وعليه اصبحت للكويت اهمية كبرى في هذا المجال وهذا من بركات الاسلام والامام الحسين عليه السلام والمسلمين فنرى ان صوت الحق والعدالة والايمان وصوت الامام الحسين عليه السلام وصل الى العالم عبر الكويت.
لذا نؤكد وجود طفرة كبيرة في هذا المجال في الكويت من حيث عدد الحسينيات والمساجد والصحف والقنوات الفضائية، واقول على الرغم من مساحة العراق الكبيرة وعدد السكان فيها فإنها لم تستطع ان تصل الى ما وصلت اليه الكويت.
الخطابة إخلاص الله
الوطن: لقد اشترتم إلى كثرة المجالس الحسينية في الكويت، وهذا يتطلب كثرة الخطباء ومدى المامهم بالامور الفقهية والاجتماعية وابتعادهم عن القضايا السياسية، وانت احد الخطباء المخضرمين فما صفات الخطيب الحسيني؟
القزويني: امارس الخطابة منذ سبعين عاما حيث بدأت بصعود المنبر الحسيني وانا في الثانية عشرة من عمري بمشاركة في قصيدة ونعي باشراف استاذي وخالي السيد محمد صالح القزويني والان انا في الثانية والثمانين فباعتقادي ان الخطيب يجب ان تكون لديه دراسة حوزوية اي إتقانه للغة العربية ومبادئ النحو والصرف وأن يجيد القرآن وقراءته صحيحة ومعرفته تفاسير القرآن الشريف والاحاديث النبوية الشريفة ودراسة الكتب الأربعة وهي الكافي ومن لا يحضره الفقيه والتهذيب والاستبصار كذلك كتاب الاحتجاج وتحف العقول والبحار اي أن يكون ملماً بثقافة اهل البيت عليهم السلام، لان هذه الثقافة معدومة في المدارس وحتى في العراق وان يكون الخطيب مخلصاً لله تعالى، والا يتطلع إلى المادة أو الشهرة أو الرئاسة أو المنافسة.
ولا شك أن الخطيب المخلص تكون لديه ردود فعل جيدة وتأثيره في المستمعين، كما يجب ان يكون الخطيب داعيا وألا يتدخل في القضايا السياسية والاجتماعية الا بعد دراسة مستفيضة حتى يتمكن من اختيار الطريقة المناسبة للتحدث والخطابة على المنبر الحسيني، وكذلك ان يكون لديه «ثقافة جامعية» واطلاع على الادب العربي القديم والحديث والتاريخ ومعرفة طرق الخطابة وكيفية ايصال الموضوع الى المستمعين، وهذه الوسائل والسبل كفيلة لادخال المسيحيين للاسلام واعتناق اهل البيت عليهم السلام، وانا لديَّ اربعة ابناء في امريكا يصعدون المنابر وساهموا في اعتناق الكثير من المسيحيين الدين الاسلامي اضافة الى مدرسة في لوس انجلوس باسم «مدينة العلم» وقد تأسست هذه المدرسة بأموال كويتية وتخرج هذه المدرسة سنويا العديد من الخريجين والخريجات على مستوى الجامعة، اضافة الى ارتداء الكثير من الطالبات للحجاب والقيام بأداء النوافل بجانب الفرائض وكذلك اداء صلاة الليل، لذا عن طريق الخطباء هناك حملة ايمانية كبيرة في بلاد الغرب.
المنبر ليس للرد أو الشتم
الوطن: هناك العديد من الخطباء يستغلون المنبر الحسيني للرد على الآخرين بأساليب جافة وجارحة وكذلك بعض الاساليب الهابطة ضد الصحابة وزوجات الرسول الاكرم عليه الصلاة والسلام، فهل يجوز ذلك؟
القزويني: قال الباري عز وجل في كتابه الكريم "ادع الى ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي احسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم"، وهناك كتاب قيم في التراث الشيعي باسم «الاحتجاج» يعلمنا كيفية الجدل الديني الذي قام به الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم وكذلك أمير المؤمنين الامام علي والسيدة الزهراء والأئمة المعصومون عليهم السلام، وعليه فإني انصح نفسي في البداية وانصح كل خطيب وكل واعظ وكل من يريد ان يناظر في المسائل المذهبية الخلافية عليه ان يقرأ كتاب الاحتجاج حتى يصل الى درجة النجاح وكيفية التأثر في نفوس الخصم وغيرهم، وكتاب الاحتجاج يتضمن قوة المنطق وكيفية ايتاء البرهان "قل هاتوا برهانكم"، لذا يجب التعلم من اخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام، حيث انه جادل وناقش مع اليهود والنصارى بكل حكمة وادب ومنطق وبرهان، فعلى الخطباء التعلم من طريقة الرسول الاكرم عليه الصلاة والسلام في مجادلته مع الآخرين وخاصة الخصوم، لذا على الخطباء ترك هذا النهج وهذه الطريقة والالتزام بالاحكام القرآنية اسلوب الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
الكويت رائدة
الوطن: كيف ترى الموقف في الكويت؟
القزويني: ليس زلفا أو تملقا أو من باب الرياء والمجاملة بل حقيقة واضحة ويراها كل انسان ليس في الكويت بل في كل مكان، فإن الاسرة الحاكمة في الكويت موقفها مشرف مع المؤمنين لأنها تعمل على المساواة بين الجميع وايجاد السبل الكفيلة للعدالة حيث ان هناك جانباً من المتزمتين والمتعصبين ومحاولاتهم الجادة في الضغط على الحكومة وممارساتهم المتكررة في اغلاق الحسينيات وتضيق الامور لعدم اقامة الشعائر الحسينية واغلاق الفضائيات مع ان هذه الامور موجودة في عدد من دول مجلس التعاون، ولكن علينا جميعا ان نحمد الباري عز وجل على نعمة الحرية والتمتع باقامة الشعائر الحسينية، اضافة الى حرية الرأي عبر وسائل الاعلام المختلفة، وكذلك في البرلمان الكويتي.
اكرر مرة اخرى بأن الباري عز وجل حبي الكويت واهلها المحبة والتعاون والتآلف والتعاضد، وهنا علينا التوقف برهة خلال احتلال النظام البعثي لدولة الكويت ووقوف الكويتيين جميعهم امام هذا الاحتلال البغيض، لأن النظام البعثي هجم على الكويت والكويتيين دون تفرقة، وهنا بودي الاشارة عبر هذه الصحيفة الغراء وليس تملقا بأن الشيعة الكويتيين لديهم ايمان قوي وولاء كبير وتمسك عظيم بهذه الارض الطيبة وحبهم لهذه الارض غير محدود ويكفي ان دماءهم اختلطت مع دماء اخوانهم السنة دفاعا عن شرعية الكويت، اضافة الى تلك النفوس الابية الطيبة والاخلاق الحميدة وهم يأتون في مقدمة الشيعة في بقية دول العالم، حيث ان اغلب المساجد والحسينيات والمراكز الدينية والخيرية في العالم تدار بأموال كويتية وبودي الاشارة عبر هذا المنبر الديموقراطي الحر الى ان صدام عندما دخل الكويت وقام بشتى انواع الجرائم والسلب والنهب خلال سبعة اشهر لم يستطع السيطرة على قلوب المؤمنين ووطنيتهم وولائهم، وهذا بفضل الباري عز وجل واهل البيت عليهم السلام لكثرة المساجد والحسينيات والاعمال الصالحة التي يقوم بها الكويتيون، وبعد هذه المدة من الاحتلال استعادت الكويت شرعيتها واستقلالها وحريتها واستعاد الكويتيون عافيتهم وحريتهم وعادت الأوضاع الى طبيعتها. لذا علينا استغلال هذه النعمة للمزيد من العمل في المجالات الخيرية والإنسانية، تطبيقاً للآية الشريفة "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله".
الوطن ثم الوطن
وأشاد السيد مرتضى القزويني بجريدة «الوطن» التي تقوم بنقل الشعائر الحسينية والمناسبات الدينية واجراء اللقاءات مع العلماء والفقهاء، وقال: "إنني اثني على جهود قناة «الوطن» الفضائية التي تقوم ايضا بنقل الشعائر الحسينية وان هذا يدل على ما يقوم به المسؤولون من تجسيد ما كان يقوم به الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم من عمل في سبيل هداية الخلق وتحمل المصاعب والشدة اضافة الى السب والشتم والضرب كذلك، وصبر من أجل اتمام الرسالة.
واني اوصي اخواني واخواتي في الكويت وكل المثقفين بان يتعلموا من الرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام، وان يجعلوا عملهم خالصا لله تعالى، والاتكال على الله فمن يتوكل على الله فهو حسبه، وعليهم ترك ا لحزازات والعدواة والبغضاء، فلا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم.
هناك عدو مشترك هو إسرائيل والصليبيون والإلحاد والزندقة والشيوعيون فعلينا ان نتآلف ونؤلف بين قلوبنا فهذه أمتكم أمة واحدة، وعلينا أن نتناسى الخلافات والنزاع والحقد حتى نكون أمة واحدة ضد الشيطان والملحدين أعداء الله ورسوله."