المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الطرق العقلية في العلم الحضوري


شهيدالله
24-03-2010, 06:39 PM
الاسلام يعد الانسان ليكون متكاملا يستند الى الاساس العلمي والغيبي ويترب الاثرعلية ويتجنب الجهل ويبعد الناس عنه فمن مقاصد الشريعة السمحاء ان تخلق جوا منسجما بين الحالة الاجتماعية والحالة الكونية لتحقيق الاستقرار في الارض وارتقاء الانسان والمجتمع في مدارج الهناء والسعادة وبما الان الاسلام دين حضوري الهي معصوم يترتب على ذلك عصمة وحضورية اليات وقنوات ربط الاسلام بالفرد والامة وهو الامام والنبي ع وللمعصوم وبالضرورة العقلية علم خاص هو العلم الحضوري الذي يتناسب مع حجم ودور الامام في المجتمع والكون والمراد في علم الكلام من العلم الحضوري أو الإرادي والإشائي هو : ما كان موهوبا ومعطى من الله العلام سبحانه وتعالى ومستفاضا منه بطريق الالهام أو النقر في الأسماع أو التعليم من الرسول أو غير ذلك من الأسباب الغيبية الحاصلة بالاارادة الالهية . وهذا العلم اختص به الإمام او النبي ع دون غيره


وليس المراد من هذا العلم العلم هنا ما حصل بالكسب والجهد والااجتهاد من الأمارات والحواس الظاهرية والصنايع الاكتسابية في فنون العلوم المختلفة ، لاشتراك الناس مع الإمام في هذا العلم لأنه تابع لأسبابه الاعتيادية والطبيعية وهذا لا يختص بأحد . وهو بخلاف الأول إذ لا يمنحه علام الغيوب إلا لمن أراد واصطفى .



وهذة فوائد من مؤلف الفيلسوف الفقية الشيخ محمد حسين المظفر علم الامام.. في مسالة العلم الحضوري والطرق العقلية



لواء محمد باقر





_______----



الطرق العقلية في العلم الحضوري






العلم الحضوري هو أنفع للأمة لقد قامت الحجج النيرة والبراهين العقلية ، على أن الرسول لا بد له من خليفة يجمع شمل الأمة ، لئلا تتفرق عن الحق ، بعد اجتماعها عليه . وهل يجمع شملها إلا ذلك القائم مقام الرسول ؟ كما دلت تلك البراهين على أن الخليفة لا بد وأن يتحلى بالصفات التي تؤهله لأن يقوم مقام صاحب الرسالة لئلا يعجز عن إدارة شؤون الأمة وعن دحض مزاعم أهل الأهواء الفاسدة والعقائد الباطلة ، بالبراهين القاطعة والحجج الحقة . فإن عجز عادت الأمة شيعا وشعبا ، ومللا ونحلا . وكما دلت على أن يكون له من العلم ، بمقدار ما يمكن أن يمتد إليه سلطانه ويهيمن عليه نظام الشريعة . ولا يمكن أن يخيم العدل والإصلاح والأمن ، وذلك النظام على كرة الأرض ما لم يكن لذلك القائم بالأمر علم بما يحدث في هاتيك البقاع والأصقاع . ولا بد أن يكون علمه بالحوادث : كعلمه في سائر الفنون والأديان والمعارف والأحكام . وكيف يكون بهذه الصفة وهو الحجة على العالم ، والمؤدي عن صاحب الدعوة ، والقائم بوظيفته


ولو كان جاهلا ببعض تلك الشؤون ، أو كلها ، لما صلح لأن يؤدي عن الرسول ، ويقوم مقامه ، ويكون حجة الله على العالم ، الذي يحتج به على أهل الملل والأديان ، وذوي الأهواء والآراء ، والأضاليل والأباطيل وكيف يحتج الله على عباده بذوي الجهل ، ومن لا فقه له ، ولا علم لديه ؟ وإن سئل عن شئ صمت ، أو نطق أعرب بقوله عن جهله .


وجملة القول إن الإمامة ضرورية للأمة ، وإن الإمام لا بد له من ذلك العلم الزاخر المستمد من ينبوع علم العلام تعالى . ولو لم يكن في الأمة إمام على هذه الصفة ، لما قامت لله الحجة البالغة على خلقه بعد الرسول إذ لا تقوم الحجة بذوي الجهل . فإن كان أهل البيت هم الأئمة حقا والخلفاء صدقا ، فلا بد أن يكونوا علماء بكل شئ علما حضوريا مما كان ويكون وما هو كائن ، وفي كل فن وحكم وأمر . فلا يجوز أن يسأل الإمام عن شئ مهما كان ، ولا يكون عنده علمه ، ولا يحدث شئ وهو غير خبير به ، لتكون لله تعالى به الحجة البالغة على خلقه ، كما كانت لصاحب الرسالة . ولولا الإمام لا نقطع أثر الرسالة العظيم ، ولم تلمس الناس جدواها الجليلة في العاجل والآجل . إلى غير هذا مما يستلزم إضعاف شأن الرسالة وعدم سراية نفعها . وإذا أبت الظروف أن تسمح لذلك الإمام بإظهار ما أودعه العلام


سبحانه عنده من جليل علمه ، وأسرار حكمه . فلا يكون معنى ذاك أنه ليس لديه هذا العلم والوجدان خير مرشد إلى هذا الوجود ، لظهوره أحيانا على أفعال ذلك الإمام وأقواله ، ومحاوراته ومناظراته . وإذا أضاعت الناس تلك المنفعة الجليلة من مخزون علم الإمام ، وصالح إرشاده وجميل إصلاحه ، بإعراضهم عنه وإقبالهم على سواه . فلا يكون معنى ذلك أنه لا فائدة مهمة بعلمه ، لأن الفائدة الجليلة إنما ضاعت بما اختاره الناس لأنفسهم . فإن من يضع على عينيه غشاوة لئلا يبصر القمر ونوره ، فلا يعدم ذلك نور القمر ، وإنما يعدم الانتفاع بذلك النور بسوء ما اختار . ولولا هذه الإضاعة وتلك الغشاوة ، للمسوا تلك الجدوى ، ولاهتدوا بذلك النور . نعم لو كان الإمام صاحب السيف والصولجان ، وكانت الوسادة مثنية له ، لظهر علمه ناصعا تبصره كل عين وتلمس آثاره كل يد . ولم يملك من أئمة أهل البيت عليهم السلام أزمة الأمور إلا أمير المؤمنين ( ع ) أربع سنين وأشهرا وأنت تعلم كيف لاقى من الأمة من النزاع والصراع والقراع . ومع ذلك فقد ظهرت له في هذه المدة الوجيزة من الفضائل والعلوم ما ملأ الخافقين .


وهي وإن كانت غيضا من فيض إلا أنها أدهشت العقول وأحارت الألباب حتى دعت بعض الضعفاء في البصائر إلى الغلو فيه ورفعه عن مستوى البشر إلى منزلة الألوهية . فكيف تراهم لو أبدى جميع المكنون من عمله ، والمخزون من حكمه وحكمه \



الطريق الثاني :



الحضوري أكمل في الرسالة والإمامة إن الأكمل في الرسالة والإمامة أن تكون الصفات في الرسول والإمام أتم الصفات . ولا تكون أتمها ما لم يكن علمه حضوريا غير معلق على الإشاءة والإرادة لأن العلم المعلق على الإشاءة كمال لا أكمل ، وفضيلة لا أفضل .



الطريق الثالث :





الحضوري أسبغ في النعمة . إن إرسال الرسل والأنبياء وإقامة الأئمة والأوصياء من النعم التي أسبغها المولى تعالى على عبيده ، والتي يجب أن يشكرها العباد دوما ، معترفين بفضلها مقرين بجزيلها وهل الأجود في هذه النعم التي من بها اللطيف سبحانه على عبادة أن تكون على أتم حاله وأكمل صنعه وأحسن صبغته مع قدرته جل شأنه على هذه الأتمية وعدم المانع عن إيجادها على الصفة الأكملية والصبغة الأحسنية . أو تكون على صفة التمام والكمال لا الأتمية والأكملية . لا يرتاب العقل في أنه من كمال المنة في أن تكون النعمة أسبغ ،


والصفة أفضل والصبغة أحسن ، كما لا يشك في أن العلم الحضوري هو الأسبغ في النعمة ، والأكمل في الصنعة . والأفضل في الصفة ، مع قابلية المحل والحاجة إليه .



الطريق الرابع :





الحضوري أتم في القدرة لا يشك العقل في أن الله جلت قدرته قادر على أن يجعل رسوله المصطفى وأوصياءه الأصفياء على أكمل صنعة وأزكى نقيبة وأنفس صفة كما لا يرتاب في أن جعلهم على ذلك الكمال الأرفع والفضل الأسمى لا مانع يحجز دونه ولا حائل يقف أمامه . فلأي شئ إذا لا يجري الله سبحانه قدرته في صفوته من بريته على ذلك الصنع الأكمل والشأن الأفضل . حين لا مانع عن إجراء تلك القدرة الفضلى .



الطريق الخامس :





الطريق الخامس : الحضوري أكمل في اللطف إن إرسال الرسل ، وجعل الحجج ، وإقامة البينات ، لطف منه جل شأنه . وهل الأكمل في اللطيف أن يكون على أجمل صورة ، وأفضل صنعة وأكمل تركيب ، أو أن يكون على وجه يحصل به اللطف من الجمال في الصورة والكمال في التركيب والفضل في الصنعة ، والحجة في الدلالة غير أنه على غير الأعلى والأسمى ، والأتم في الحجة والأكمل في الدلالة لا يشك العقل في أن اللطيف جل لطفه إنما يجري نعمه وألطافه ، وحججه وآياته على الأتم الأرفع ، الأجمل الأسبغ . والعقل ، وإن لم يصل إلى جميع المصالح والحكم التي بنى عليها الحكيم تعالى أفعاله وصنايعه ، إلا أنه على يقين لحسن الظن به سبحانه بأنه جل شأنه قد بني سائر أعماله على الحكمة والصلاح وإن الأنسب بحكمته مع سعة قدرته أن تكون مصنوعاته وصنايعه على الوجه الأكمل وبيناته وآياته على النحو الأتم ، وبنيانه على الأمتن الأقوى



. الطريق السادس .





الأولى في الإمام اختيار الأفضل إن النفس - ولا سيما الحساسة - التي نفت من دون الفضائل ، وتحلت بجميل الفضائل والتي تستطيع بتلك الملكة القدسية أن تغتنم كل فضيلة لا ريب في أنها تطمح إلى أفضل السمات وأشرف الصفات . ولأي شئ لا تختار تلك المنزلة العليا والصفة الفضلى إذا كان لها الاختيار ولم يكن ثمة حائل دون ما تختار ولو لم تختر هاتيك الرتبة السامية لاعتقدنا بأن هناك قصورا في الادراك وضعفا في الحس ، وأنها ليست كما يعتقد بها من ذلك السمو والتجرد والقدرة والاختيار . ولا ريب في أن الحضوري أفضل من الإرادي . وإذا كان اختيار الأول راجعا إلى الرسول أو الإمام نفسه . فلم لا يختار الأكمل ، ويريد الأفضل . وأي نفس قدسية وملكة فردوسية ، لا تختار الأسمى محلا والأعلى رتبة .



الطريق السابع :






الحضوري أبلغ في المثالية إن صفات الرسول وأوصيائه مثال لصفات الجليل تبارك اسمه ولا شبهة في أن الأبلغ في المثالية أن تكون صفاتهم أكمل الصفات ، وخصالهم أفضل الخصال فالعلم الحضوري هو الأولى . لأنه الأبلغ في المثالية . وأما أن صفاتهم مثل لصفات الخالق تعالى ، فهو ما يشهد له العقل والنقل أما النقل فكثير ، ومنه قول أمير المؤمنين علي عليه السلام :


( نحن صنائع الله ، والناس بعد صنائع لنا )


. وتحليله أن يقال : إن الله تعالى شأنه لما أحب أن يعرف خلق الخلق ليعرف ولما أحس البشر أن لهم خالقا خلقهم ، ومصورا أوجدهم ، أرادوا أن يعرفوه وكيف بعد أن أوصلهم الحس إلى وجود الخالق لهم لا تندفع نفوسهم إلى عرفانه . والمعرفة أساس الاتصال بين الخالق والمخلوق . فكان ظهوره جل وعز أكشف للسر وأجلى للغشاء . ولما استحال ظهوره تعالى بنفسه لزم أن يظهر لعباده بصفاته ولقصور العقول عن الإحاطة بعالي تلك الصفات . ولتقريب الأمر إليهم عن كثب . خلق لهم بشرا منهم يمثل لهم تلك الصفات السامية لذاته تعالى بما اتصفوا به من جميل الخصال . وهل يا ترى خلق خلقا أفضل في الصفات وأجمل في الخصال من نبينا الأكرم وأوصيائه الأمناء فكانوا أحق البشر في أن يمثلوا صفاته القدسية . ولولا هؤلاء لما حصل الغرض من خلق الخلق ، لعدم معرفتهم به تلك المعرفة المطلوبة ، بدون أن يكونوا ممثلين لصفاته ، فلذا كان خلق الخلق لأجل أولئك الذين مثلوه ، ليحصل بذلك عرفانه ، فكان الناس الصنايع لأجلهم . وأما العقل فهو بعد أن أدرك أن لهذا العالم الملموس موجدا ابتدعه يلتمس الوصول إليه . والاهتداء إلى الوقوف عليه . وبالآثار يتعرف ذلك المبدع الموجد . وأقربها إلى حسه أن يكون له مثال يكشف عن


سمو صفاته ، بعد أن تعذر عليه الوصول إلى قدسي ذاته . فإذا عرفنا بالآثار أن خاتم الأنبياء وأوصياءه النجباء أكمل العالم صفاتا وأفضلهم أعمالا . عرفنا المثالية فيهم أتم وهل الأجدر فيها أن تكون على الطراز الأعلى والسنام الأرفع . أم على وجه لا يخلو من قصور . . . ؟


ترى أن العقل يتردد في اختيار الغرار الأفضل للتمثيل ، والطراز الأتم للتعريف .




الطريق الثامن :





الحضوري أبلغ في الدلالة إن الرسول الأمين وخلفاءه الأمناء أدلاء على الموجد سبحانه ، المتفضل بسوابغ النعم التي تفوت حد الاحصاء . والدليل يجب - بحكم العقل - أن يكون صالحا للقيام بوظيفته . . . وهل الأبلغ في الدلالة ، والأمثل في الإشارة أن يكون الدليل على أحسن سمة وأفضل صفة ، أو يكفي فيه أن يتحلى بمحاسن الخصال ، وإن كان ثمة ما هو أرفع مقاما ،


وأعلى منزلة ؟ لا يشك العقل في أن الأجدر في الدليل أن يكون أعلى منزلة ، إذا كان المدلول عليه لا يحيط به الوصف ، ولا يصل إلى كنهه الحس ، ليكون أقرب إلى الإشارة في تعريفه . وأقدر على البيان في وصفه




الطريق التاسع :






ذو العلم الحضوري أسلم عن الانخداع إذا لم تكن الضمائر متجلية للإمام ، ولا الدفائن منكشفة له ، جاز أن لا يعرف المؤمن من المنافق والسليم من السقيم . حينما يتساوى الجميع في المظاهر الجميلة ، ويتنافسون في الأعمال الجليلة . وما الذي - عند ذلك - يحجز عن انخداعه بذلك الجمال البارز ، فيمنعه عن الوقوع في الأخطار وإيقاع سواه في المهالك . كل ذلك ركونا إلى تلك الصور الجميلة واعتمادا على ذلك الحسن الفاتن . وأما إذا كان علمه حضوريا فلا تخفى عليه دخائل الصدور وخبايا الزوايا فكيف يغتر بالجمال الظاهر ، أو يفتتن بالبيان الساحر ؟ فصاحب العلم الحاضر أسلم عن الانخداع وأبعد عن الافتتان




. الطريق العاشر :






لا بد أن يكون علم السفير والشهيد حضوريا إن النبي وخلفاءه الأئمة سفراء الله في الناس وأمناؤه على خلقه ، وشهداؤه عليهم ، وكيف يكون الشهيد على الناس والسفير فيهم والأمين عليهم ، من لا يعلم شيئا من حالهم ، ولا يدري ماذا كان عملهم ، ولا يكون خبيرا بما تجنه ضمائرهم ، وتطويه سرائرهم . . . ؟ فلو كان علمه حضوريا ، لحق أن يكون الشهيد على الأمة المخبر عما تعمله ، والأمين على العالم الناصح لهم ، والسفير فيهم ، والوسيط بينه تعالى وبينهم ، والمبلغ عنه أحكامه تعاليمه ، وعنهم الطاعة أو العصيان . هذا بعض ما سنح في الفكر من تقريب العقل للحضوري ، وتقديمه على الإشائي ولو أردنا البحث ، لكانت الأدلة أكثر . .


وبما سبق كفاية .





علم الإمام - الشيخ محمد حسين المظفر