المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشيعـة في لبنـان في العصر العباسي


*سماء العشق*
08-04-2010, 09:56 PM
الشيعـة في لبنـان في العصر العباسي

بعد ان استقر الوضع لصالح العباسيين وتأسيسهم لدولتهم ، لفتت أنظارهم نقطة الضعف في دولتهم المتمثلة بالجماعات المقيمة في الجرود اللبنانية ، لهذا السبب عمد الخليفة العباسي أبو جعفر الدوانيقي ـ المتلقب بالمنصور بعد إنتصاره على العلويين ! ـ الى تشجيع القبائل العربية على الاستيطان في تلك الجبال.
فشهدت تلك الفترة هجرة القبائل التنوخية الى لبنان ، في سنة 763م = 145هـ ، وهجرة ثانية في سنة 820م = 204هـ ، وبذلك أصبحت القبائل التنوخية مسيطرة على الساحل والجبل الاوسط والداخل.
تفجرت في لبنان عدة ثورات ضد العباسيين شارك فيها البنانيون الشيعـة ، أبرزها :
1. ثورة ابي العميطر : في سنة 811م = 195هـ ، قاد ثورة ساندته فيها القبائل اليمنية وسانده أيضاً سكان المقاطعات في جبل عامل وصيدا والبقاع. وكان سكان جبل عامل ووادي التيم على مذهب الشيعـة ولهذا مشوا معه في ثورته لأن له إنتساباً بالامام علي بن ابي طالب (عليه السلام).
2. ثورة المبرقع : في سنة 840م = 225هـ ، وقد ساندت المبرقع قبيلة عاملة في جنوب لبنان ، وكان اعتماده في ثورته على الفلاحين الذين كانت ترهقهم ضرائب العباسيين.
وفي أواخر القرن الـ ( 11 ) الميلادي = الـ ( 5 ) الهجري ، وقبل بدء الحملات الصليبية على المشرق الاسلامي كان التوزيع الطائفي في المقاطعات اللبنانية كما يلي : الشيعـة في الجنوب وبعض البقاع وطرابلس والشمال ومنطقة جبيل وأقليات منهم في بقية المناطق ، وكان السنة في بيروت وبعلبك وصيدا ، وكان المسيحيون في جبال طرابلس وفي بعض الاقسام الجبلية الشمالية.

شيعـة لبنـان والدولة الزنكية (548 ـ 569)هـ :
بعد قيام الدولة الزنكية على أنقاض دولة الاتابكة في النصف الثاني من القرن الـ ( 12 ) الميلادي ، حاول نور الدين زنكي ـ وهو سني مؤيد للدولة العباسية ـ أن يوحد البلاد سياسياً ويفرض مذهب السنة بالقوة ، فلجأ الى إضطهاد الشيعة في بلاد الشام وتقتيلهم وتشريدهم ، في حلب ودمشق وبقية المناطق السورية ، وكذلك الشيعـة في جبل لبنـان.

شيعـة لبنـان والدولة المملوكية (658 ـ 922)هـ :
سار المماليك على خطى نور الدين زنكي وصلاح الدين الايوبي في العمل على فرض مذهب السنة بالقوة ، واستخدموا لتحقيق هذا الغرض الضغط والارهاب والتنكيل ، فقتل المماليك من الشيعـة أعداداً كبيرة في بلاد الشام كلها ، فهرب من الشيعـة جماعات والتجأت الى جبال لبنـان والبقاع ، ولم تسلم لبنان أيضاً من حملات الاضطهاد !
فقد امر السلطان ظاهر بيبرس في سنة 1267م = 665هـ بإتّباع المذاهب السنية الاربعة وتحريم ما عداها ، فإذا كان هناك شخص يريد الدس على شخص رماه بالتشيع فكانت السلطة تلجأ لمصادرة أملاكه ومن ثم تنهال عليه العقوبات والاهانات حتى يُظهر التوبة من الرفض ! وكذلك فقد استخدم المماليك أسلوب الحملات العسكرية وسلاح الفتوى التكفيرية ضمن ممارساتهم في إضطهاد الشيعة.
فبالنسبة للحملات العسكرية فقد قاد المماليك أربع حملات ضد كسروان منذ سنة 1291م = 690هـ حتى سنة 1305م = 704هـ وهي موجهة جميعها ضد الشيعـة هناك.
واما سلاح الفتوى التكفيرية ، فقد أصدر أبن تيمية فتوى يهدر فيها دماء الشيعـة الكسروانيين وهدم بيوتهم وحرق أشجارهم ، لهذه الاسباب أي الحملات العسكرية والفتوى التكفيرية ، أضطر الشيعـة الى إعتماد التقية والتظاهر بإعتناق المذهب الشافعي طيلة القرن الـ ( 14 ) الميلادي ، الـ ( 8 ) الهجري ، لذلك لم يسجل التاريخ بعد الحملات الكسروانية أي وجود شيعي في لبنان لأن فتوى ابن تيمية كانت لهم بالمرصاد ، وكانت النتيجة الكبرى لتفريغ كسروان من سكانها الشيعـة أن بدأت الهجرة المارونية إليه بتشجيع من أصحاب الاقطاع الكسرواني وعلى رأسهم العائلات التركمانية من بني عساف.
بعد استقرار أوضاع لبنان في العصر المملوكي ـ في النصف الاول من القرن الرابع عشر الميلادي = القرن الثامن الهجري ، أخذت مقدمية غامضة تظهر في جزين فكانت نواة لنهضة شيعيـة كبيرة فيما بعد. وقد برز في جزين العالم الديني شمس الدين الجزيني ، وكانت جزين تعد مركزاً مهماً للتجمع الشيعي المتستر بالشافعية خلال القرن الرابع عشر الميلادي. لقد عمل الجزيني على قيادة الشيعة وإعادة المذهب ومحاربة المعتقدات والبدع.
منذ سنة 1096م = 489هـ ـ تاريخ بدأ الغزو الصليبي ـ حاول الصليبيون أن ينقلوا النظام الاقطاعي الى بلاد المسلمين ولكنهم لم يتمكنوا من تطبيقه كما هو في اوربا بفعل المباديء الاسلامية المناقضة لمبدأ الاقطاع ، ولكن التيارات الاجتماعية الدخيلة في مرحلة ضعف الدولة العباسية اخذت تضغط بإتجاه تقليص الفكر الاسلامي وإحلال الفكر الاقطاعي محله ، وعلى الرغم من ذلك اتخذ الاقطاع المستورد من الغرب بتأثير من الافكار الاسلامية شكلاً مختلفاً عن الذي اتخذه في البلدان الاوربية.
انقسم لبنان في تلك المرحلة الى إحدى وعشرين مقاطعة إقطاعية ، كانت تتصارع فيما بينها ، كما كانت لكل واحدة منها او أكثر من واحدة تمثل طائفة معينة.
أما بالنسبة للشيعـة فقد كانت لهم مقاطعات خاصة بهم ، وعرف جبل عامل في القرن ( 13 )م = ( 7 )هـ الحكم الاقطاعي بشكل بارز وجلي على أيدي حكامه من آل وائل الذين ورثوا الحكم عن الامير حسام الدين بشارة بن أسد العاملي ، ويُرَجّح ان آل سودون استولوا على الحكم من الوائليين في أواخر القرن ( 15 )م ودام حكمهم من سنة (1478ـ1639)م = (883ـ1049)هـ ، وانتهى على يدي الشيخ حسين الصغير ، فتكون مدة حكمهم قد استمرت مائة وستين سنة تقريباً. وكانت في المرحلة ذاتها أسرة آل شكر تزاحم آل سودون على الحكم إلى أن قُضيَ عليها على يدي علي الصغير في سنة 1649م = 1059هـ ولهذا لعبت أسرة آل الصغير دوراً حاسماً في سياسة جبل عامل لمدة طويلة ، وقاسمها الحكم آل صعب في الشقيف وآل منكر في إقليم التفاح.
كانت مقدمية جزين مركزاً دينياً مهماً للشيعـة في أثناء حكم المماليك الجراكسة ، وحاول الشهيد الاول محمد بن مكي العاملي القيام بثورة ضد المماليك لكن ثورته فشلت وبفشلها انتقلت الزعامة الشيعيـة الى الجنوب. والجدير بالذكر ان ثورة محمد بن مكي كانت من نتائج الحركة الشيعيـة اللتي اسسها وقادها العالم الديني شمس الدين الجزيني.
بعد ان فشلت ثورة الشهيد الاول أخذ تلميذه الشيخ زين العابدين أبو الحسن علي بن بشارة في تأسيس إمارة للشيعـة في الجنوب. وتشير الاخبار الى استقرار الحكم الاقطاعي في الجنوب في ظل هذه العائلة التي ينتهي دورها مع الفتح العثماني نهاية غامضة ! لكي يبدأ بعدها دور التفسخ الاقطاعي في جبل عامل على الرغم من بقاء أسم العائلة إسماً للمنطقة الواقعة في جنوبي نهر الليطاني.
وبالاضافة الى المقاطعتين السابقتين (مقدمية جزين وإمارة بني بشارة في جبل عامل) فقد كانت هناك مقاطعة شيعيـة ثالثة هي مقاطعة المشايخ الحمادية ، حيث لعب هؤلاء المشايخ دوراً في جرود كسروان وشمالي لبنان الى أن فروا الى بلاد بعلبك ، وكانت الحدود الجغرافية للمقاطعة تمتد من سفوح جبل صنين الشمالية الى جبَّة بشرِّي في الشمال بما في ذلك بلاد جبيل والكورة والبترون وبعلبك والضنية.

صديق المشاعر
09-04-2010, 01:55 PM
الله ينصر الشيعة في العالم ويحقق كل امانيهم ويرزقهم خير الدنيا والاخرة انه لطيف خبير

شكرا لك على الموضوع وبارك الله في جهودك