هشام حيدر
22-04-2010, 11:45 AM
اذا ماعدنا قليلا للوراء وتحديدا الى الفترة الانتقالية بعد مجلس الحكم ...يوم تسلم علاوي زمام الامور وفقا للارادة الامريكية وبالضد من الارادة الاممية !
لم يمض على حكم علاوي سوى بضعة اشهر ...... نتذكر منها مشاهد اعدام وجبات المجازين من رجال الجيش والشرطة على الطريقة الصدامية !
ونتذكر المجازر التي ترتكب بحق المتهالكين على التطوع في بغداد يوميا !
ونتذكر ان بغداد اغلقت من جهة اللطيفية والحفرية والتاجي حيث باتت الاعدامات تنفذ على الشارع العام علنا !!
سقطت بغداد عسكريا وفق المفهوم العسكري ولم يعد بامكان احد ان يتجول في بغداد او حتى يفكر بالذهاب اليها !!
الخدمات تراجعت بشكل كبير كما تراجع الامن عنه ابان فترة مجلس الحكم الانتقالي فلا كهرباء ولاماء ولامشاريع تنفذ او حتى تخطط !!
فاحت رائحة الفساد من وزرائه لاسيما الشعلان وبرواري وغيرهم !
وبنفس وتيرة تدهور الوضع الامني ان لم نقل بوتيرة اسرع كانت شعبية علاوي تصاعد ....الكل بات يلهج....علاوي!
البعض عشق علاوي لانه (يخوف)!!
لذلك نشروا صورا مضللة لعلاوي تبرز صورة عينين غاضبتين تنظران شزرا في حملته الانتخابية في 2005!
اخرون عشقوه لانه قرر منح الموظفين .....مائة الف دينار....(عيدية) قبل الانتخابات !!
واخرون كان شعارهم دوما......حشر مع الناس عيد !!
امعات يعني.....حاشا البعض !
كان التبرير.....علاوي قوي...والعراق يريد الرجل القوي والعراق لن يستقر الا برجل قوي وهكذا !
رغم ان العراق زمن الرجل القوي وصل الى حافة الحرب الاهلية ولم نر من...(قوته) شيئا اللهم الا ضرب النجف وكربلاء....والفلوجة ...دون فائدة تذكر!
وللتاريخ.....لولا تدخل المرجعية وفتواها ونشر وكلائها ومعتمديها وحث الناس على المشاركة وابلاغهم بوجوب انتخاب الائتلاف لفاز علاوي فوزا ساحقا ماحقا.... لكن كانت اصوات الغالبية للائتلاف وقلوبهم مع....علاوي !
بعد فوز الائتلاف بفضل فتوى المرجعية واستقتال الحزب الحاكم الحالي لاجل (اداء تكليفه الشرعي)وواجبه التاريخي بحكمنا .... تم ترشيح الدكتور الجعفري لعدة اشهر اخرى ليصبح ...القوي الامين!
وصار علاوي...كخ !
وتلقيت عبر الايميل وعبر البلوتوث صورا للسيد الشيرازي بعمامته السوداء على انه .....اية الله الجعفري...... السيد ابو احمد!
وفجأة باتت هالة من النور تظهر (داير ماداير) وجه الرجل حين يظهر على شاشة التلفاز !
ولعل بدايات بزوغ نجمه الدكتور كانت في الجامعة العربية يوم القى (خطبة ارتجالية) هناك سكر الشعب على انغامها وهو المعتاد على ان ينام على ... (التسجيل الكامل لخرط وتمسلت السيد الرئيس)!!
ولست اتي هنا بشيء من كيسي ولاكيس ابي هريرة الشهير فهذا باعتراف مدير مكتبه سليم الحسني !
عموما فان سحر اسم (الجعفري) مع كونه (دكتور) و(اسلامي) وروايات الانترنت (مو قلنا ماكو ولي الا علي ونريد قائد جعفري...هو هذا الجعفري)..
فاذا بسحر وعشق الجعفري ينتشر في المجتمع كانتشار النار في الحطب الهشيم !
واصبح انتقاد الجعفري بمثابة التجديف الذي يقود القائل به الى الاحراق بالنار زمن حكم الكنيسة !
في حينه كان هؤلاء ينظرون للجعفري على انه الحلم والامل المنشود وانه الرئة التي يتنفس منها العراق و..........!
ويوم كنا نسأل هؤلاء..ماهي انجازات الدكتور من فضلكم..؟؟؟
كانت الاجابة على صنفين...الاولى فلسفية ميتافيزيقية تقودك الى عالم ماخلف الطبيعة !
والثانية اطم..... (لقد كانت فترة الدكتور محدودة جدا لم يتمكن خلالها من تحقيق منجزات) !!!!
وطبعا لانحمل الرجل فوق طاقته فالفترة كانت محدودة فعلا والظرف عصيب ....ولكن !!
ولكن من صنع حول الرجل هالة قدسية ..؟؟؟ ومن صنع منه اسطورة وطنية..؟؟؟او ظاهرة كما يصفها مدير مكتبه!
الاجابة كانت على صنفين ايضا !!
الاولى.....جهاز الحزب الاعلامي المتمرس والضليع بهذه الامور لتحقيق الاستفادة القصوى من المنصب وامتيازاته وتوظيفها لصالح الحزب مستقبلا!
وفعلا فلو كانت الانتخابات يومها تجرى وفق نظام القائمة المفتوحة لاكتسح الجعفري باقي المرشحين بما لم يحدث له نظير في هذه الانتخابات على الاطلاق!في الوقت الذي خسر حزب الدعوة في كل المحافظات في انتخابات مجالس المحافظات قبل ذلك باشهر قلائل فحسب!
والاجابة الثانية .....وهي الاهم وهي التي تمكن الجهاز الحزبي من اجادة اللعب بها.....سحر المنصب وعقدة صاحب الكرسي في مجتمعاتنا !!
ولعل خير دليل على صحة ماتقدم هو التلاشي التدريجي لكل تلك الاساطير وتلك الهالة حول الرجل بمجرد ابتعاده عن الكرسي !
وتكرر الامر ذاته بشكل متناقض غاية التناقض مع المالكي !!
اذ تدهورت الحالة الامنية في زمن المالكي بشكل لم نعهده من قبل لاسيما في بغداد !
بمجرد استلام المالكي زمام الامور اخذت بغداد تهوي شيئا فشيئا والامر الاكثر ايلاما كان غياب دور الداخلية والدفاع اللذين اعتاد البغداديون عليهما زمن الثنائي (باقر الزبيدي وسعدون الدليمي) حيث كانا حاضرين في كل حادثة في بغداد للوقوف على ملابساتها واتخاذ الاجراءات اللازمة وعقد المؤتمرات الصحفية المشتركة حول الحادث في حين نسي العراقيون عامة والبغداديون خاصة اسم وشكل وزيري الدفاع والداخلية مع الانحدار الشديد في منحنى الملف الامني لبغداد وتصاعد عدد الجثث المجهولة بصورة تثير الهلع الامر الذي ادى الى حدوث موجات هجرة داخلية وخارجية بشكل لافت للنظر عالميا!
وقد حاولت الاجهزة الامنية اعلان وتطبيق بعض الخطط الامنية دون جدوى.... حتى تم استدعاء الالاف من الجنود الاميركان لبغداد خاصة وتشكيل قيادة عمليات بغداد لتستعيد اجهزة الامن شيئا من زمام المبادرة وتكسب القليل من ثقة المواطن في بغداد ناهيك عما يحدث في مدن العراق الاخرى بلا استثناء تقريبا وكانت الانطلاقة التصحيحية الاولى من الرمادي بوثبة عشائر المنطقة ضد فلول القاعدة هناك بعيدا عن أي دور حكومي تقريبا بادىء الامر حتى بانت تباشير سحق تلك الفلول واندحارها الامر الذي كانت له اثاره الواضحة في بغداد ايضا!!
وفي اقصى الجنوب كانت البصرة والبصريون يئنون من وطأة مختلف صنوف العصابات التي تسيطر على المدينة والميناء في ذات الوقت ليشكل موردا ماليا لها وسط تفرج الحكومة في بغداد دون ان تحرك ساكنا الامر الذي استغرق طيلة عامي 2006 و2007 تقريبا حتى فرضت احداث البصرةنفسها !
وماعقب ذلك من تدهور خطير للوضع في بغداد اوصل البلد الى شفا حفرة الانهيار ليدل على خطورة تلك الطريقة المتبعة في المعالجة والتي تبين وفقا للتصريحات الاخيرة للصحف الامريكية انها كانت .... (رسائل تطمين للسنة بان الحكومة ليست...طائفية)!!
والدليل هو عدم تطبيق تلك الطريقة العلاجية في نينوى التي لازالت الى اليوم تئن من وطأة مجرمي البعث والقاعدة !!كذلك في ديالى في حينه رغم انها شكلت المصدر الاكبر للاسر المهجرة حيث افرغت مناطق باكملها من ساكنيها !
لكن ضرب البصرة ثم مدينة الصدر بعد عامين من التعاون والدعم والصعود على اكتاف من وصفوا لاحقا بالخارجين على القانون ..كان من اهم النقاط التي سجلها البعض للمالكي دون ان يلتفتوا الى ماحدث قبل ذلك خلال السنتين العجاف ودون توجيه سؤال مفاده الستم من دعم هؤلاء ؟ الستم من اعتمد عليهم وتعاون معهم وتنازل لهم عن مقاعده ثم صعد لاحقا باصوات الجالسين عليها..؟؟؟
غريب ومؤلم ان لاينظر الانسان الى ابعد من طرف انفه !!
في ندوة اجتماعية عقدتها احدى منظمات المجتمع المدني حول تنظيم المدن والاسواق تم عرض تقرير حول واقع المدن حيث تطرق الى ظاهرة تمدد المحلات الى الشارع وعرض ظاهرة تعليق ازواج الاحذية فوق الرؤوس ومد البضاعة لتستحوذ على الرصيف وقد اجاب اصحاب المحلات عن الاسئلة التي استفسرت عن سبب استخدامهم هذه الطريقة في عرض بضائعهم ...فقد اتفق معظم باعة الاحذية على ان (المشتري لايرى الحذاء حتى يضرب وجهه)!!لذلك يتم تعليقه !
واجاب (الخضارة) بجواب مشابه تقريبا حيث قالوا ان المشتري )لايرى السلة حتى تضرب بها قدمه !!
ويبدو ان هذه الظاهرة قد تمددت لتشمل عالم السياسة فلايرى المواطن الا مايضرب وجهه او تعثر به قدمه دون ان يكون صاحب نظرة شمولية للاحداث والاشخاص !
وبالنتيجة وبالعود الى اصل الموضوع نجد ان التقييم كان انيا وارتجاليا وانعكاسيا للوضع الامني خصوصا بالشكل الذي اوقع البعض في مازق تناقضات مريع لاسيما انه ارتبط بالتيار الصدري تحديدا !!
اذ كانت شعبية علاوي مستندة لضرب التيار الصدري تقريبا وكانت شعبية الجعفري تستند الى حد ما لدعم التيار الصدري ثم جائت شعبية المالكي لتستند من جديد لضرب التيار الصدري ورغم ان احدا لم يكلف نفسه توجيه السؤال للمالكي عن سبب تحالفه مع التيار الصدري بعيد انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة !
المهم ان المواطن لايرى الا ...مايضرب وجهه او ماهو امام عينيه او مايوضع امام عينيه من خلال اجادة اللعب بالورقة الامنية بترك الحبل على الغارب هنا او هناك ان لم نقل مد الحبل ودعمه لفترة من الزمن ثم الانقلاب عليه ولعب دور البطل المخلص الذي سيغفر له ماتقدم من ذنبه وماتاخر وفقا لقاعدة (اللي يشوف الموت يرضة بالصخونة) وبالاستحواذ على المؤسسة الاعلامية الوطنية وتسخير مقدراتها لصالحه حيث يصير كل جهم..حسنا!
وفعلا فقد كانت (العراقية ) علاوية زمن علاوي واذكر كيف كانت تسخر جل وقتها لاجل دعمه والنيل من خصومه لاسيما الائتلافيون منهم لتتحول لاحقا الى (جعفرية) واخيرا ......(مالكية)!!
ويبدو ان الشعار السائد لدى الاعلامي والمواطن العادي هو .....(اللي ماخذ امي..اقل له ياعمي)!
وكم نحن بعيدون عن ثقافة الدستور والقانون وسموهما على الجميع فلازال الكثيرون يرون ان الدستور والقانون هو السيد الرئيس لاغير!
ومثلا حين وجهت سهام النقد لجداريات المالكي التي زادت على جداريات غيره كانت الاجابة (انه الرئيس ومن الطبيعي في كل دولة ان تعلق صوره)!
والحقيقة ان الجملة بحاجة الى تكملة...(في كل دولة....ديكتاتورية)....فلاتعلق صور الرئيس في الدول الديمقراطية ياسادة !
واذا كان يفترض ان تعلق لانه رمز فان الرمز وفقا للدستور هو رئيس الجمهورية وليس رئيس الوزراء!
ثم لم لاتسالون عن مصدر هذه الاموال الطائلة التي كلفتها هذه الجداريات العملاقة ..؟؟؟
الازال بيت المال جيبا للسيد الرئيس يمد يده فيه ليغرف من مايشاء متى يشاء..؟؟في الوقت الذي رفض هذا المبدأ الصحابي عبد الله ابن مسعود رض زمن الخليفةالثالث قبل مايقرب من 1400 عام !
ومن اكثر الاحداث تناقضا واثارة للسخرية هو التصويت للمالكي والاشادة به كشخص في الوقت الذي يطعن فيه بوزرائه من خلال التذمر من تردي الخدمات اولا ثم التنكيل بهم في الانتخابات ثانيا حيث لم يفلح أي وزير من وزراء السيد الرئيس ممن هم في قائمته في الاقتراب من العتبة الانتخابية فضلا عن تخطيها !!
وزير واحد فعلها بجدارة لكنه لم يكن ضمن قائمة المنحنين لدولته او الملتحفين بعبائته لعلمهم بانهم صفر على الشمال لولا سحر الرئيس!
نعم فعلها الزبيدي واخفق الاخرون وحصدوا فشلا ذريعا معلنا رفض الناخب لحكومة السيد الرئيس مع التصويت له في الوقت ذاته !
يقولون انه حقق المنجزات لكن حكومته حققت الفشل !! أي منطق هذا..؟؟
أي منطق هذا الذي يقول بمنح الثقة للرئيس وحجبها عن كامل حكومته ..؟؟
انه قلة الوعي السياسي لدى شعوب دول العالم الثالث قاطبة الامر الذي دفع بفقهاء القانون الدستوري للقول ان النظام الرئاسي هو الاصلح للدول المتقدمة في حين يلائم النظام النيابي الدول النامية حديثة العهد بالديمقراطية !
ولعل هذا مايفسر هجوم المالكي على الدستور وهو في اوج قوته مطالبا بتغييره لاسيما استبدال نظام الحكم من نيابي الى...رئاسي!
اذ ان ستراتيجية الوصول تعتمد على اجادة فن الخطابة واجادة نثر الاموال واجادة ...(العنتريات)!
قبل عدة اشهر كنت اخوض حوارا في احد المنتديات مع اخت مغتربة وكان محور الحوار هو (كيف يولد الطواغيت وهل ان الشعوب هي من تصنعهم؟)!
وكان راي الاخت هو ان الشعوب هي من يصنعهم في حين كنت ارى ان الشعوب اداة للصنع يجيد الطواغيت استخدامها حتى يستمكنوا ويتجبروا!
وهكذا صنع الالمان هتلر وصنع الطليان موسوليني وصنع المصريون ناصر !!
اما نحن....فيبدوا اننا نصنع بايدينا يوميا ...اصناما جديدة !
هشام حيدر
الناصرية
لم يمض على حكم علاوي سوى بضعة اشهر ...... نتذكر منها مشاهد اعدام وجبات المجازين من رجال الجيش والشرطة على الطريقة الصدامية !
ونتذكر المجازر التي ترتكب بحق المتهالكين على التطوع في بغداد يوميا !
ونتذكر ان بغداد اغلقت من جهة اللطيفية والحفرية والتاجي حيث باتت الاعدامات تنفذ على الشارع العام علنا !!
سقطت بغداد عسكريا وفق المفهوم العسكري ولم يعد بامكان احد ان يتجول في بغداد او حتى يفكر بالذهاب اليها !!
الخدمات تراجعت بشكل كبير كما تراجع الامن عنه ابان فترة مجلس الحكم الانتقالي فلا كهرباء ولاماء ولامشاريع تنفذ او حتى تخطط !!
فاحت رائحة الفساد من وزرائه لاسيما الشعلان وبرواري وغيرهم !
وبنفس وتيرة تدهور الوضع الامني ان لم نقل بوتيرة اسرع كانت شعبية علاوي تصاعد ....الكل بات يلهج....علاوي!
البعض عشق علاوي لانه (يخوف)!!
لذلك نشروا صورا مضللة لعلاوي تبرز صورة عينين غاضبتين تنظران شزرا في حملته الانتخابية في 2005!
اخرون عشقوه لانه قرر منح الموظفين .....مائة الف دينار....(عيدية) قبل الانتخابات !!
واخرون كان شعارهم دوما......حشر مع الناس عيد !!
امعات يعني.....حاشا البعض !
كان التبرير.....علاوي قوي...والعراق يريد الرجل القوي والعراق لن يستقر الا برجل قوي وهكذا !
رغم ان العراق زمن الرجل القوي وصل الى حافة الحرب الاهلية ولم نر من...(قوته) شيئا اللهم الا ضرب النجف وكربلاء....والفلوجة ...دون فائدة تذكر!
وللتاريخ.....لولا تدخل المرجعية وفتواها ونشر وكلائها ومعتمديها وحث الناس على المشاركة وابلاغهم بوجوب انتخاب الائتلاف لفاز علاوي فوزا ساحقا ماحقا.... لكن كانت اصوات الغالبية للائتلاف وقلوبهم مع....علاوي !
بعد فوز الائتلاف بفضل فتوى المرجعية واستقتال الحزب الحاكم الحالي لاجل (اداء تكليفه الشرعي)وواجبه التاريخي بحكمنا .... تم ترشيح الدكتور الجعفري لعدة اشهر اخرى ليصبح ...القوي الامين!
وصار علاوي...كخ !
وتلقيت عبر الايميل وعبر البلوتوث صورا للسيد الشيرازي بعمامته السوداء على انه .....اية الله الجعفري...... السيد ابو احمد!
وفجأة باتت هالة من النور تظهر (داير ماداير) وجه الرجل حين يظهر على شاشة التلفاز !
ولعل بدايات بزوغ نجمه الدكتور كانت في الجامعة العربية يوم القى (خطبة ارتجالية) هناك سكر الشعب على انغامها وهو المعتاد على ان ينام على ... (التسجيل الكامل لخرط وتمسلت السيد الرئيس)!!
ولست اتي هنا بشيء من كيسي ولاكيس ابي هريرة الشهير فهذا باعتراف مدير مكتبه سليم الحسني !
عموما فان سحر اسم (الجعفري) مع كونه (دكتور) و(اسلامي) وروايات الانترنت (مو قلنا ماكو ولي الا علي ونريد قائد جعفري...هو هذا الجعفري)..
فاذا بسحر وعشق الجعفري ينتشر في المجتمع كانتشار النار في الحطب الهشيم !
واصبح انتقاد الجعفري بمثابة التجديف الذي يقود القائل به الى الاحراق بالنار زمن حكم الكنيسة !
في حينه كان هؤلاء ينظرون للجعفري على انه الحلم والامل المنشود وانه الرئة التي يتنفس منها العراق و..........!
ويوم كنا نسأل هؤلاء..ماهي انجازات الدكتور من فضلكم..؟؟؟
كانت الاجابة على صنفين...الاولى فلسفية ميتافيزيقية تقودك الى عالم ماخلف الطبيعة !
والثانية اطم..... (لقد كانت فترة الدكتور محدودة جدا لم يتمكن خلالها من تحقيق منجزات) !!!!
وطبعا لانحمل الرجل فوق طاقته فالفترة كانت محدودة فعلا والظرف عصيب ....ولكن !!
ولكن من صنع حول الرجل هالة قدسية ..؟؟؟ ومن صنع منه اسطورة وطنية..؟؟؟او ظاهرة كما يصفها مدير مكتبه!
الاجابة كانت على صنفين ايضا !!
الاولى.....جهاز الحزب الاعلامي المتمرس والضليع بهذه الامور لتحقيق الاستفادة القصوى من المنصب وامتيازاته وتوظيفها لصالح الحزب مستقبلا!
وفعلا فلو كانت الانتخابات يومها تجرى وفق نظام القائمة المفتوحة لاكتسح الجعفري باقي المرشحين بما لم يحدث له نظير في هذه الانتخابات على الاطلاق!في الوقت الذي خسر حزب الدعوة في كل المحافظات في انتخابات مجالس المحافظات قبل ذلك باشهر قلائل فحسب!
والاجابة الثانية .....وهي الاهم وهي التي تمكن الجهاز الحزبي من اجادة اللعب بها.....سحر المنصب وعقدة صاحب الكرسي في مجتمعاتنا !!
ولعل خير دليل على صحة ماتقدم هو التلاشي التدريجي لكل تلك الاساطير وتلك الهالة حول الرجل بمجرد ابتعاده عن الكرسي !
وتكرر الامر ذاته بشكل متناقض غاية التناقض مع المالكي !!
اذ تدهورت الحالة الامنية في زمن المالكي بشكل لم نعهده من قبل لاسيما في بغداد !
بمجرد استلام المالكي زمام الامور اخذت بغداد تهوي شيئا فشيئا والامر الاكثر ايلاما كان غياب دور الداخلية والدفاع اللذين اعتاد البغداديون عليهما زمن الثنائي (باقر الزبيدي وسعدون الدليمي) حيث كانا حاضرين في كل حادثة في بغداد للوقوف على ملابساتها واتخاذ الاجراءات اللازمة وعقد المؤتمرات الصحفية المشتركة حول الحادث في حين نسي العراقيون عامة والبغداديون خاصة اسم وشكل وزيري الدفاع والداخلية مع الانحدار الشديد في منحنى الملف الامني لبغداد وتصاعد عدد الجثث المجهولة بصورة تثير الهلع الامر الذي ادى الى حدوث موجات هجرة داخلية وخارجية بشكل لافت للنظر عالميا!
وقد حاولت الاجهزة الامنية اعلان وتطبيق بعض الخطط الامنية دون جدوى.... حتى تم استدعاء الالاف من الجنود الاميركان لبغداد خاصة وتشكيل قيادة عمليات بغداد لتستعيد اجهزة الامن شيئا من زمام المبادرة وتكسب القليل من ثقة المواطن في بغداد ناهيك عما يحدث في مدن العراق الاخرى بلا استثناء تقريبا وكانت الانطلاقة التصحيحية الاولى من الرمادي بوثبة عشائر المنطقة ضد فلول القاعدة هناك بعيدا عن أي دور حكومي تقريبا بادىء الامر حتى بانت تباشير سحق تلك الفلول واندحارها الامر الذي كانت له اثاره الواضحة في بغداد ايضا!!
وفي اقصى الجنوب كانت البصرة والبصريون يئنون من وطأة مختلف صنوف العصابات التي تسيطر على المدينة والميناء في ذات الوقت ليشكل موردا ماليا لها وسط تفرج الحكومة في بغداد دون ان تحرك ساكنا الامر الذي استغرق طيلة عامي 2006 و2007 تقريبا حتى فرضت احداث البصرةنفسها !
وماعقب ذلك من تدهور خطير للوضع في بغداد اوصل البلد الى شفا حفرة الانهيار ليدل على خطورة تلك الطريقة المتبعة في المعالجة والتي تبين وفقا للتصريحات الاخيرة للصحف الامريكية انها كانت .... (رسائل تطمين للسنة بان الحكومة ليست...طائفية)!!
والدليل هو عدم تطبيق تلك الطريقة العلاجية في نينوى التي لازالت الى اليوم تئن من وطأة مجرمي البعث والقاعدة !!كذلك في ديالى في حينه رغم انها شكلت المصدر الاكبر للاسر المهجرة حيث افرغت مناطق باكملها من ساكنيها !
لكن ضرب البصرة ثم مدينة الصدر بعد عامين من التعاون والدعم والصعود على اكتاف من وصفوا لاحقا بالخارجين على القانون ..كان من اهم النقاط التي سجلها البعض للمالكي دون ان يلتفتوا الى ماحدث قبل ذلك خلال السنتين العجاف ودون توجيه سؤال مفاده الستم من دعم هؤلاء ؟ الستم من اعتمد عليهم وتعاون معهم وتنازل لهم عن مقاعده ثم صعد لاحقا باصوات الجالسين عليها..؟؟؟
غريب ومؤلم ان لاينظر الانسان الى ابعد من طرف انفه !!
في ندوة اجتماعية عقدتها احدى منظمات المجتمع المدني حول تنظيم المدن والاسواق تم عرض تقرير حول واقع المدن حيث تطرق الى ظاهرة تمدد المحلات الى الشارع وعرض ظاهرة تعليق ازواج الاحذية فوق الرؤوس ومد البضاعة لتستحوذ على الرصيف وقد اجاب اصحاب المحلات عن الاسئلة التي استفسرت عن سبب استخدامهم هذه الطريقة في عرض بضائعهم ...فقد اتفق معظم باعة الاحذية على ان (المشتري لايرى الحذاء حتى يضرب وجهه)!!لذلك يتم تعليقه !
واجاب (الخضارة) بجواب مشابه تقريبا حيث قالوا ان المشتري )لايرى السلة حتى تضرب بها قدمه !!
ويبدو ان هذه الظاهرة قد تمددت لتشمل عالم السياسة فلايرى المواطن الا مايضرب وجهه او تعثر به قدمه دون ان يكون صاحب نظرة شمولية للاحداث والاشخاص !
وبالنتيجة وبالعود الى اصل الموضوع نجد ان التقييم كان انيا وارتجاليا وانعكاسيا للوضع الامني خصوصا بالشكل الذي اوقع البعض في مازق تناقضات مريع لاسيما انه ارتبط بالتيار الصدري تحديدا !!
اذ كانت شعبية علاوي مستندة لضرب التيار الصدري تقريبا وكانت شعبية الجعفري تستند الى حد ما لدعم التيار الصدري ثم جائت شعبية المالكي لتستند من جديد لضرب التيار الصدري ورغم ان احدا لم يكلف نفسه توجيه السؤال للمالكي عن سبب تحالفه مع التيار الصدري بعيد انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة !
المهم ان المواطن لايرى الا ...مايضرب وجهه او ماهو امام عينيه او مايوضع امام عينيه من خلال اجادة اللعب بالورقة الامنية بترك الحبل على الغارب هنا او هناك ان لم نقل مد الحبل ودعمه لفترة من الزمن ثم الانقلاب عليه ولعب دور البطل المخلص الذي سيغفر له ماتقدم من ذنبه وماتاخر وفقا لقاعدة (اللي يشوف الموت يرضة بالصخونة) وبالاستحواذ على المؤسسة الاعلامية الوطنية وتسخير مقدراتها لصالحه حيث يصير كل جهم..حسنا!
وفعلا فقد كانت (العراقية ) علاوية زمن علاوي واذكر كيف كانت تسخر جل وقتها لاجل دعمه والنيل من خصومه لاسيما الائتلافيون منهم لتتحول لاحقا الى (جعفرية) واخيرا ......(مالكية)!!
ويبدو ان الشعار السائد لدى الاعلامي والمواطن العادي هو .....(اللي ماخذ امي..اقل له ياعمي)!
وكم نحن بعيدون عن ثقافة الدستور والقانون وسموهما على الجميع فلازال الكثيرون يرون ان الدستور والقانون هو السيد الرئيس لاغير!
ومثلا حين وجهت سهام النقد لجداريات المالكي التي زادت على جداريات غيره كانت الاجابة (انه الرئيس ومن الطبيعي في كل دولة ان تعلق صوره)!
والحقيقة ان الجملة بحاجة الى تكملة...(في كل دولة....ديكتاتورية)....فلاتعلق صور الرئيس في الدول الديمقراطية ياسادة !
واذا كان يفترض ان تعلق لانه رمز فان الرمز وفقا للدستور هو رئيس الجمهورية وليس رئيس الوزراء!
ثم لم لاتسالون عن مصدر هذه الاموال الطائلة التي كلفتها هذه الجداريات العملاقة ..؟؟؟
الازال بيت المال جيبا للسيد الرئيس يمد يده فيه ليغرف من مايشاء متى يشاء..؟؟في الوقت الذي رفض هذا المبدأ الصحابي عبد الله ابن مسعود رض زمن الخليفةالثالث قبل مايقرب من 1400 عام !
ومن اكثر الاحداث تناقضا واثارة للسخرية هو التصويت للمالكي والاشادة به كشخص في الوقت الذي يطعن فيه بوزرائه من خلال التذمر من تردي الخدمات اولا ثم التنكيل بهم في الانتخابات ثانيا حيث لم يفلح أي وزير من وزراء السيد الرئيس ممن هم في قائمته في الاقتراب من العتبة الانتخابية فضلا عن تخطيها !!
وزير واحد فعلها بجدارة لكنه لم يكن ضمن قائمة المنحنين لدولته او الملتحفين بعبائته لعلمهم بانهم صفر على الشمال لولا سحر الرئيس!
نعم فعلها الزبيدي واخفق الاخرون وحصدوا فشلا ذريعا معلنا رفض الناخب لحكومة السيد الرئيس مع التصويت له في الوقت ذاته !
يقولون انه حقق المنجزات لكن حكومته حققت الفشل !! أي منطق هذا..؟؟
أي منطق هذا الذي يقول بمنح الثقة للرئيس وحجبها عن كامل حكومته ..؟؟
انه قلة الوعي السياسي لدى شعوب دول العالم الثالث قاطبة الامر الذي دفع بفقهاء القانون الدستوري للقول ان النظام الرئاسي هو الاصلح للدول المتقدمة في حين يلائم النظام النيابي الدول النامية حديثة العهد بالديمقراطية !
ولعل هذا مايفسر هجوم المالكي على الدستور وهو في اوج قوته مطالبا بتغييره لاسيما استبدال نظام الحكم من نيابي الى...رئاسي!
اذ ان ستراتيجية الوصول تعتمد على اجادة فن الخطابة واجادة نثر الاموال واجادة ...(العنتريات)!
قبل عدة اشهر كنت اخوض حوارا في احد المنتديات مع اخت مغتربة وكان محور الحوار هو (كيف يولد الطواغيت وهل ان الشعوب هي من تصنعهم؟)!
وكان راي الاخت هو ان الشعوب هي من يصنعهم في حين كنت ارى ان الشعوب اداة للصنع يجيد الطواغيت استخدامها حتى يستمكنوا ويتجبروا!
وهكذا صنع الالمان هتلر وصنع الطليان موسوليني وصنع المصريون ناصر !!
اما نحن....فيبدوا اننا نصنع بايدينا يوميا ...اصناما جديدة !
هشام حيدر
الناصرية