melika
22-05-2007, 05:52 PM
في ذكرى مولد السيدة زينب ابنة امير المؤمنين (عليهما السلام)
اشرقت شمس الكرامة والحرية في السنة السادسة من الهجرة الشريفة، إذ استقبل البيت العلوي الطاهر بكل فرح وسرور وغبطة وحبور المولود الثالث والبنت الاولى للامام أمير المؤمنين علي عليه السلام والسيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها، ففي اليوم الخامس من شهر جمادي الاولى ولدت السيدة زينب وفتحت عينها في وجه الحياة في دار يشرف عليها ثلاثة هم أطهر خلق الله تعالى؛ محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين (صلى الله عليهم أجمعين).
وحين ولادتها أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الى منزل ابنته فاطمة (ع) وقال: "يا بنية إئتيني بابنتك المولودة، فلما أحضرتها اخذها النبي وضمّها الى صدره الشريف ووضع خده على خدها فبكى بكاءا شديداً عالياً وسالت دموعه على خديه، فقالت له الزهراء سلام الله عليها: مم بكاؤك، لا أبكى الله عينيك يا أبتاه؟، فقال أياابنتاه يا فاطمة إن هذه البنت ستبتلى ببلايا وترد عليها مصائب شتى ورزايا أدهى، يا بضعتي وقرة عيني إن من بكى عليها وعلى مصائبها يكون ثوابه كثواب من بكى على أخوانها، ثم سماها زينب.
هكذا فان السيدة زينب (ع) تلقّت دروس التربية الرفيعة في ذلك البيت الطاهر والعلم بما في ذلك الفصاحة والبلاغة والإخبار عن المستقبل ومعرفة الحياة وقوة النفس وعزتها والشجاعة والعقل الوافر والحكمة في تدبير الأمور واتخاذ ما يلزم من موقف أو قرار تجاه ما يحدث، فكانت مدرسة للحياة في كل شيء، غير ان أبرز ما يميّزها هو ذلك الموقف العملاق الذي وقفته (ع) في يوم عاشوراء وما سبقه من ايام وما تلاهُ حتى وفاتها (ع)؛ وذلك الموقف الذي أصبح أنموذجا يذكره القريب والبعيد ويقتدى به في كل زمان ومكان ومن قبل كل انسان، حيث قامت السيدة زينب (ع) بإدارة نصف الصراع الذي دار بين الحق والباطل في ملحمة كربلاء لتعطينا ونساءنا درسا عظيماً هو أن على نساءنا ان يقمن بدورهن في الجهاد ضد الظلم والطغيان.
ففي يوم عاشوراء قامت بدور المشجّعة التي لا تفتر، حيث أثارت حميّة الهاشميين ونصحت النساء وحرضّت للجهاد بكل وسيلة ممكنة، وفي الكوفة حيث أحتشدت الجماهير حول القافلة العائدة من كربلاء ألقت (ع) خطايا فضحت فيه السلطات الحاكمة، حيث قالت: "تعساً لكم وبعدا، فلقد خاب السعي وتبّت الايدي وخسرت الصفقة وبؤتم بغضب من الله ورسوله وضربت عليكم الذلة والمسكنة".
وفي الشام حيث أحتفل يزيد في قصره الفخم وجاء بالاسارى ليستعرضهم أمام اعوانه، هنالك جاشت نفس زينب (ع) بروح الدفاع عن الاسلام ونسيت مقتل أخيها الحسين والشهداء (ع)، تجاهلت كل تلك الحقائق وتذكرت ضرورة الدفاع عن الحق بالتوكل على الله وحده والثقة بنصره، فألقت خطاباً هزَّ عرش يزيد وأثار بعض الجالسين حول يزيد عليه حين قالت: "أظننت يا يزيد حين أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء فاصبحنا نساقُ كما تُساق الأسارى، أن بنا على الله هوانا وبك عليه كرامة؟"، حتى قالت: "ولئن جرّت علي الدواهي مخاطبتك إني لأستصغر قدرك واستعظم تقريعك واستكثر توبيخك لكن العيون عبرى والصدور حرّى، فكِد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحوا ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدفع عنك عارها".
تلك كانت شجاعة الأنبياء ورثتها زينب من جدها الرسول (ص) وأرادت أن تورثها نساءنا اليوم لكي لا يخضعن لأي قوة تريد أن تسحق القيم أو تتلاعب بالمقدسات، لذلك فقد رسمت العقيلة زينب خطوطا عريضة للمرأة المسلمة في مواجهة الطاغوت وأفكاره الباطلة، وعلى نساءنا اليوم القيام بهذا الدور المهم، ولأنهن أمام مواجهة حضارية وثقافية كبيرة، انهن اليوم في مواجهة هذا الغزو الفكري والثقافي الأجنبي الذي يتعرض له مجتمعنا المسلم، فهذا الغزو يهدف أولا وآخراً الى سلخ المبادئ والقيم والأخلاق والتأريخ والثقة بالنفس والأعتماد على الله عن الانسان المسلم، ولهذا الغزو الذي بدأ منذ مدة ليست بالقصيرة وسائله الخاصة به وأهم الوسائل المستخدمة في هذه الفترة الحرجة هي سيل ـ بل سيول ـ البرامج التي تواجهنا بها وسائل الاعلام الاجنبي كالأفلام والمناهج التثقيفية الضالّة، وبرامج المحطات الفضائية بمجموعها هي الخطر المحدق بأجيالنا لنزعها عن شخصيتها التي أرادها الله لها، وإذا لم تسنح الفرصة للمرأة اليوم أن تقف الموقف الذي وقفته العقيلة زينب في ساحة المعركة، فعليها ان تقتدي بها في دور آخر لا يقل أهمية وهو اعداد الجيل الصالح لخدمة المجتمع بتعليمه مبادئ وقيم الدين الاسلامي من خلال التربية الصالحة، حيث إن الام مدرسة اذا اعددتها.... اعددت شعبا طيب الاعراق، كما يقول الشاعر.
على المرأة اليوم أن تزداد وعيا لدينها ولمتغيرات التاريخ واتساعا في افق ثقافتها بصورة متواصلة، فلا تقتنع بمستوى ثقافي معين، حتى تكون قادرة على إعداد مجتمع صالح، فتكون خير خلف لخير سلف؛ فاطمة الزهراء وزينب الحوراء وخديجة الكبرى، قال تعالى: (ولكم في رسول الله اسوة حسنة) وقال المصطفى محمد (ص): "مثل اهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى".
م........
اشرقت شمس الكرامة والحرية في السنة السادسة من الهجرة الشريفة، إذ استقبل البيت العلوي الطاهر بكل فرح وسرور وغبطة وحبور المولود الثالث والبنت الاولى للامام أمير المؤمنين علي عليه السلام والسيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها، ففي اليوم الخامس من شهر جمادي الاولى ولدت السيدة زينب وفتحت عينها في وجه الحياة في دار يشرف عليها ثلاثة هم أطهر خلق الله تعالى؛ محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين (صلى الله عليهم أجمعين).
وحين ولادتها أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الى منزل ابنته فاطمة (ع) وقال: "يا بنية إئتيني بابنتك المولودة، فلما أحضرتها اخذها النبي وضمّها الى صدره الشريف ووضع خده على خدها فبكى بكاءا شديداً عالياً وسالت دموعه على خديه، فقالت له الزهراء سلام الله عليها: مم بكاؤك، لا أبكى الله عينيك يا أبتاه؟، فقال أياابنتاه يا فاطمة إن هذه البنت ستبتلى ببلايا وترد عليها مصائب شتى ورزايا أدهى، يا بضعتي وقرة عيني إن من بكى عليها وعلى مصائبها يكون ثوابه كثواب من بكى على أخوانها، ثم سماها زينب.
هكذا فان السيدة زينب (ع) تلقّت دروس التربية الرفيعة في ذلك البيت الطاهر والعلم بما في ذلك الفصاحة والبلاغة والإخبار عن المستقبل ومعرفة الحياة وقوة النفس وعزتها والشجاعة والعقل الوافر والحكمة في تدبير الأمور واتخاذ ما يلزم من موقف أو قرار تجاه ما يحدث، فكانت مدرسة للحياة في كل شيء، غير ان أبرز ما يميّزها هو ذلك الموقف العملاق الذي وقفته (ع) في يوم عاشوراء وما سبقه من ايام وما تلاهُ حتى وفاتها (ع)؛ وذلك الموقف الذي أصبح أنموذجا يذكره القريب والبعيد ويقتدى به في كل زمان ومكان ومن قبل كل انسان، حيث قامت السيدة زينب (ع) بإدارة نصف الصراع الذي دار بين الحق والباطل في ملحمة كربلاء لتعطينا ونساءنا درسا عظيماً هو أن على نساءنا ان يقمن بدورهن في الجهاد ضد الظلم والطغيان.
ففي يوم عاشوراء قامت بدور المشجّعة التي لا تفتر، حيث أثارت حميّة الهاشميين ونصحت النساء وحرضّت للجهاد بكل وسيلة ممكنة، وفي الكوفة حيث أحتشدت الجماهير حول القافلة العائدة من كربلاء ألقت (ع) خطايا فضحت فيه السلطات الحاكمة، حيث قالت: "تعساً لكم وبعدا، فلقد خاب السعي وتبّت الايدي وخسرت الصفقة وبؤتم بغضب من الله ورسوله وضربت عليكم الذلة والمسكنة".
وفي الشام حيث أحتفل يزيد في قصره الفخم وجاء بالاسارى ليستعرضهم أمام اعوانه، هنالك جاشت نفس زينب (ع) بروح الدفاع عن الاسلام ونسيت مقتل أخيها الحسين والشهداء (ع)، تجاهلت كل تلك الحقائق وتذكرت ضرورة الدفاع عن الحق بالتوكل على الله وحده والثقة بنصره، فألقت خطاباً هزَّ عرش يزيد وأثار بعض الجالسين حول يزيد عليه حين قالت: "أظننت يا يزيد حين أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء فاصبحنا نساقُ كما تُساق الأسارى، أن بنا على الله هوانا وبك عليه كرامة؟"، حتى قالت: "ولئن جرّت علي الدواهي مخاطبتك إني لأستصغر قدرك واستعظم تقريعك واستكثر توبيخك لكن العيون عبرى والصدور حرّى، فكِد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحوا ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدفع عنك عارها".
تلك كانت شجاعة الأنبياء ورثتها زينب من جدها الرسول (ص) وأرادت أن تورثها نساءنا اليوم لكي لا يخضعن لأي قوة تريد أن تسحق القيم أو تتلاعب بالمقدسات، لذلك فقد رسمت العقيلة زينب خطوطا عريضة للمرأة المسلمة في مواجهة الطاغوت وأفكاره الباطلة، وعلى نساءنا اليوم القيام بهذا الدور المهم، ولأنهن أمام مواجهة حضارية وثقافية كبيرة، انهن اليوم في مواجهة هذا الغزو الفكري والثقافي الأجنبي الذي يتعرض له مجتمعنا المسلم، فهذا الغزو يهدف أولا وآخراً الى سلخ المبادئ والقيم والأخلاق والتأريخ والثقة بالنفس والأعتماد على الله عن الانسان المسلم، ولهذا الغزو الذي بدأ منذ مدة ليست بالقصيرة وسائله الخاصة به وأهم الوسائل المستخدمة في هذه الفترة الحرجة هي سيل ـ بل سيول ـ البرامج التي تواجهنا بها وسائل الاعلام الاجنبي كالأفلام والمناهج التثقيفية الضالّة، وبرامج المحطات الفضائية بمجموعها هي الخطر المحدق بأجيالنا لنزعها عن شخصيتها التي أرادها الله لها، وإذا لم تسنح الفرصة للمرأة اليوم أن تقف الموقف الذي وقفته العقيلة زينب في ساحة المعركة، فعليها ان تقتدي بها في دور آخر لا يقل أهمية وهو اعداد الجيل الصالح لخدمة المجتمع بتعليمه مبادئ وقيم الدين الاسلامي من خلال التربية الصالحة، حيث إن الام مدرسة اذا اعددتها.... اعددت شعبا طيب الاعراق، كما يقول الشاعر.
على المرأة اليوم أن تزداد وعيا لدينها ولمتغيرات التاريخ واتساعا في افق ثقافتها بصورة متواصلة، فلا تقتنع بمستوى ثقافي معين، حتى تكون قادرة على إعداد مجتمع صالح، فتكون خير خلف لخير سلف؛ فاطمة الزهراء وزينب الحوراء وخديجة الكبرى، قال تعالى: (ولكم في رسول الله اسوة حسنة) وقال المصطفى محمد (ص): "مثل اهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى".
م........