خادم المرتضى
08-05-2010, 08:06 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد, و عجل اللهم فرجهم الشريف
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
آل محمد و آل ابراهيم
رأيت الكثير من أبناء المذاهب المخالفه يتخطبون في معرفة من هم آل محمد. و لا أخفي استغرابي من بعض تلك الإجابات ممن يدعون أنفسهم من أهل العلم. قرأت بأن آل محمد هم أزواجه فقط, أو هم الذين تحرم عليهم الصدقة من جميع بني هاشم, أو قد يكونوا أتباع محمد جميعا, أو قد يكونوا أهل الكساء فقط. لهذا السبب قمت بهذا البحث لكن من زاويه مختلفه. لعله يجد بعض العقول المنصفه, والقلوب الواعيه
آل ابراهيم
قال تعالى:{ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} آل عمران 33
في هذه الآيه يخبرنا الله عز وجل بأنه جل جلاله اصطفى أي اختار آدم و نوح, و هما رجلان من البشر لحمل الرساله لعباده. و انه أيضا جلت قدرته وعز سلطانه اصطفى اي اختار آل ابراهيم و آل عمران لحمل الرساله و إيصالها للناس. لاحظ أخي القارئ بأن آدم و نوح عليهم السلام فردان فقط, و أن آل ابراهيم و آل عمران أناس كثر. بما أن الاصطفاء بالآيه إلهي وهو الحكيم العادل, يلزم ان نفهم بأن الإصطفاء لا يكون إلا لسبب معين ووجيه عند هؤلاء الأشخاص ليكونوا أهل لهذا الأختيار الرباني. بمعنى ان هؤلاء المصطفين, لا بد أن يمتلكوا من الصفات و الخصائص ما يأهلهم ليكونوا خيرة الله عز و جل في الأرض. لأبين أكثر معنى ان يصطفي الله بشرا على العالمين, سأضرب مثل آل يعقوب.
قال تعالى: { يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا } مريم (6)
هنا المتحدث بلسان القرأن هو النبي زكريا عليه السلام يطلب من الله أن يرزقه يحيى النبي. وهما من آل يعقوب المصطفين. قبل زكريا و يحيى عليهم السلام, اصطفى الله عز و جل يوسف عليه السلام من آل يعقوب, وبعثه نبيا لبني اسرائيل. لكن لم يصطف أخوته الذين القوه في الجب. المراد بآل يعقوب فقط الابناء المصطفين من الله عز و جل, و ليس جميع ابناء النبي يعقوب عليه السلام. علاوة على ذلك ان ابناء النبي يعقوب و اخوة النبي يوسف ثبت بالدليل انهم عصاة لربهم ثم تاب عليهم. المراد ان الاصطفاء يكون مخصوص و ليس عام.
ما معنى اصطفاء الله عز وجل آل ابراهيم؟
لقد ذكرنا سابقا بأن الاصطفاء الالهي لابد ان يبرر لان الله عادل و حكيم, و عليه لابد ان يمتلك آل ابرهيم المصطفين صفات و خصائص معينه تأهلهم لتلك المهمه و هي حمل رساله الله عز و جل في الارض.
قال تعالى: { أمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا} النساء 54
يفهم من هذه الآيه ان آل ابراهيم هم الذين أتاهم الله الكتاب و الحكمه و الملك العظيم. الذين أوتوا تلك الصفات من آل ابرهيم اناس معينين, أناس مختارين. إن أخوة يوسف أيضا من نسل ابراهيم أي من آل ابراهيم بوجه العموم, لكنهم ليس بمصطفين. و لم يزكهم الله عز و جل.
قال تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيِّتهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}العنكبوت 27
إذن آل ابراهيم هم ذريته من إسحاق و يعقوب, المصطفين الذين أتاهم الله الكتاب و الحكمه و الملك العظيم. الكتاب هو الوحي من الله عز وجل, و الحكمه كل ما علمهم الله من علمه و الملك العظيم هو استخلافهم في الأرض. و لا ينبغي ان يفهم من الملك العظيم فقط الدوله و المال و الجاه. بدليل ان بعض الأنبياء من آل ابراهيم كان محارب من قومه و لم يتبعه أحد. ويحيى بن زكريا مات مقتولا و عيسى بن مريم كاد ان يصلب وهؤلاء لم يقيموا دول و غيرهم الكثير من أنبياء بني إسرائيل. وماضرهم ذلك في الله شيء ابدا.
قال تعالى في شأن إبراهيم: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الـمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى العَالَمِينَ (86) وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (87)}الأنعام
أذن آل ابراهيم المصطفين هم:
ابراهيم, و اسحاق و يعقوب و داوود و سليمان و أيوب و يوسف و موسى و هارون و زكريا و يحيى و عيسى و إلياس و إسماعيل و اليسع و يونس و لوط و الانبياء من ذرياتهم الذين لم يذكرهم القرآن عليهم و على نبينا أفضل الصلوات و أزكى التسليم. اذن آل ابراهيم هم فقط المصطفون, الذين زكاهم الله و اتاهم الكتاب و الحكمه و الملك العظيم, هم فقط الانبياء من آل ابراهيم, و ليس ابناء عمومته, أو اتباعه بالعموم او ازواجه بدليل زوجة لوط كانت من الكافرين.
قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34) } آل عمران
لاحظ أخي القاريء, تلك السلاله ذريه بعضها من بعض. أي انهم من نسل و سلاله و دم واحد. الامر ليس عشوائيا و اعتباطيا, تعالى الله الحكيم العادل ,انما الامر الهي ذو مغزى عظيم. آل ابراهيم و منهم آل اسحاق و آل يعقوب, و منهم آل عمران و آل داود, من آل ابراهيم آل اسماعيل و منهم آل محمد صلى الله عليهم جميعا و على آبائهم الاخيار المصطفين.
آل محمد
يصلي أبناء مذهب أهل السنه و الجماعه على الرسول صلى الله عليه و آله في التشهد الأخير بما يعرف بالصلاة الابراهيميه و نصها:
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد
اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد
ملاحظه خارجه عن الموضوع: اختلفوا علماء السنه هل هي واجبة أم مستحبة. فذهب الجمهور الحنفية والمالكية في رواية إلى أنها غير واجبة بل هي مستحبه وذهب الشافعي وأحمد إلى أن الصلاة في التشهد الأخير واجبة استدلالا بحديث كعب بن عجرة (سيحين ذكره لاحقا) الذي يشرح كيفيه الصلاة على محمد فقط , لا وجوبها بالتشهد. على الرغم انهم يصلون على النبي وعلى آله بصلاتهم المفروضه يوميا التي لا تصح بدون الصلاة على الآل, إلا أنهم عند ذكر الرسول صلى الله عليه و آله في أحاديثهم اليوميه يصلون عليه فقط و يتركون آله. لاحظ أخي القارئ أنهم يصلون على آل محمد وجوبا, لكن لا يعلمون أو اختلفوا في على من يصلون.
السؤال هو من هم آل محمد, و لماذا نصلي عليهم كما ورد في الروايات الصحيحه؟
قال تعالى:{ إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} الاحزاب 56
أن الله يترحم على النبي ويثني عليه يا ايها الذين آمنوا قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، تعظيما وإجلالا وتفضيلا لمحمد و آل محمد. عن كعب بن عجرة قال: لمل نزلت هذه الآية، قيل: " يا رسول الله كيف الصلاة عليك؟ قال: " قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد"
تفسير الطبري
لقد قرن و شبه الرسول الاعظم صلى الله عليه و آله, الصلاة عليه و على آله بالصلاة على ابراهيم و آل ابراهيم. أي ان الله يترحم ويثني على محمد و آل و محمد, و يأمر أيها الناس صلوا عليه وعلى آله تعظيما و إجلالا و تفضيلا له و لهم, كما ترحم الله وأثنى على ابراهيم و آل ابراهيم المصطفين تعظيما و اجلالا و تفضيلا لهم على العالمين. فالتشبيه و القرينه بين محمد وآل محمد وبين ابراهيم وآل ابراهيم المصطفين, و ثناء الله وتزكيته و تفضيله لمحمد و آل محمد كما أثنى و زكى و فضل ابراهيم و آل ابراهيم المصطفين, هذا الربط و القرينه بين آل محمد و آل ابراهيم, يستوجب ان كلهما يمتلك نفس الصفات و الخصائص و المؤهلات. بما ان الله اصطفى آل إبراهيم على العالمين لما لديهم من مؤهلات عظيمه, يستوجب أيضا إصطفاء آل محمد لنفس السبب و هو المؤهلات العظيمه
لكن من هم آل محمد الذين زكاهم الله و اثنى عليهم, الذين قرنهم الرسول الاعظم صلى الله عليه و آله وشبههم بآل ابراهيم الانبياء المصطفين؟
علمنا مسبقا في بداية هذا البحث ان الله عز و جل بقرار الهي عادل و حكيم اصطفى ابراهيم و الانبياء من نسله لما لديهم من خصائص تأهلهم لهذا الاصطفاء الرباني. من من آل محمد يتصف بتلك الصفات و المؤهلات و الخصائص؟ بالمقارنة بآل ابراهيم المصطفين, لا يمكن بأي حال من أحوال أن يكونوا أتباع محمد جميعا, لان هؤلاء فيهم العاصي و الزاني و نحو ذلك. و لا يمكن ان يكونوا أصحاب محمد لان هؤلاء ايضا ايمانهم متفاوت و ايضا فيهم الزاني و القاتل والمغتصب و نحو ذلك. و لا يمكن بأي حال من الأحوال ان تكون حفصة بنت عمر على سبيل المثال, و لا جميع بني هاشم مثل آل عقيل و آل العباس و آل جعفر .لأن هؤلاء جميعا لا يملكون الصفات و الخصائص و المؤهلات التي تأهلهم لعقد مقارنه أو تشبيه بينهم و بين آل ابراهيم المصطفين.
لا يتبادر للذهن إلا ما يقول به الشيعه الاماميه الاثنى عشريه, بأن آل محمد هم الذين اصطفاهم الله لحمل رسالته في الأرض, هم أهل بيت الرسول صلى الله عليه و آله الذين أوصى بالتمسك بهم و بالقرآن, هم الثقل الثاني بعد القرآن كما ورد عن الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله في حديث الثقلين, هم الذين طهرهم الله من كل رجس كما ورد عنه صلى الله عليه و آله في حديث الكساء. آل محمد هم الرسول الاعظم و الاكرم حبيب الله و سيد البشر جميعا ,و أم ابيها السيده الطاهره الصديقة فاطمه بنت محمد, والأئمه المنتجبين الأطهار المعصومين: الامام علي بن ابي طالب, الامام الحسن بن علي, الامام الحسين بن علي, الامام علي بن الحسين, الامام محمد الباقر, الامام جعفر الصادق, الامام موسى الكاظم, الامام علي الرضا, الامام محمد الجواد, الامام علي الهادي, الامام الحسن العسكري, الامام محمد بن الحسن المهدي المنتظر, بقية الله الباقيه في أرضه من آل محمد و آل اسماعيل و آل ابراهيم و جميع الانبياء, صلى الله عليهم جميعا وعلى آبائهم و أبنائهم المختارين الأطهار, و عجل الله فرجهم الشريف.
قال تعالى: { بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ } هود (86)
قال تعالى: { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } البقرة (124)
قال تعالى: { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ (106) } الانبياء
هذا هو الامام الموعود الذي تقول و تؤمن به الاماميه الاثنى عشريه, الامام الثاني عشر الحجة الموعود, فرج الله و بقيته في الارض. من آل محمد المصطفين الأطهار, و من آل اسماعيل و آل ابراهيم المصطفين على العالمين
قال تعالى: { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } التوبه 33
خاتمه:
ان آل محمد الذين نصلي عليهم بكل صلاة تعظيما و اجلالا و تفضيلا هم الائمه المنتجبين الأطهار, و ان آل ابراهيم هم الانبياء و الرسل المصطفين الأخيار. قال رسول الله صلى الله عليه و آله: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض . و قال أيضا: مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح في قوم نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك.
اللهم صل على محمد و آل محمد, و عجل اللهم فرجهم الشريف
والعن اللهم أعدائهم من الاولين و الآخرين الى يوم الدين
خادم المرتضى
اللهم صل على محمد و آل محمد, و عجل اللهم فرجهم الشريف
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
آل محمد و آل ابراهيم
رأيت الكثير من أبناء المذاهب المخالفه يتخطبون في معرفة من هم آل محمد. و لا أخفي استغرابي من بعض تلك الإجابات ممن يدعون أنفسهم من أهل العلم. قرأت بأن آل محمد هم أزواجه فقط, أو هم الذين تحرم عليهم الصدقة من جميع بني هاشم, أو قد يكونوا أتباع محمد جميعا, أو قد يكونوا أهل الكساء فقط. لهذا السبب قمت بهذا البحث لكن من زاويه مختلفه. لعله يجد بعض العقول المنصفه, والقلوب الواعيه
آل ابراهيم
قال تعالى:{ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} آل عمران 33
في هذه الآيه يخبرنا الله عز وجل بأنه جل جلاله اصطفى أي اختار آدم و نوح, و هما رجلان من البشر لحمل الرساله لعباده. و انه أيضا جلت قدرته وعز سلطانه اصطفى اي اختار آل ابراهيم و آل عمران لحمل الرساله و إيصالها للناس. لاحظ أخي القارئ بأن آدم و نوح عليهم السلام فردان فقط, و أن آل ابراهيم و آل عمران أناس كثر. بما أن الاصطفاء بالآيه إلهي وهو الحكيم العادل, يلزم ان نفهم بأن الإصطفاء لا يكون إلا لسبب معين ووجيه عند هؤلاء الأشخاص ليكونوا أهل لهذا الأختيار الرباني. بمعنى ان هؤلاء المصطفين, لا بد أن يمتلكوا من الصفات و الخصائص ما يأهلهم ليكونوا خيرة الله عز و جل في الأرض. لأبين أكثر معنى ان يصطفي الله بشرا على العالمين, سأضرب مثل آل يعقوب.
قال تعالى: { يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا } مريم (6)
هنا المتحدث بلسان القرأن هو النبي زكريا عليه السلام يطلب من الله أن يرزقه يحيى النبي. وهما من آل يعقوب المصطفين. قبل زكريا و يحيى عليهم السلام, اصطفى الله عز و جل يوسف عليه السلام من آل يعقوب, وبعثه نبيا لبني اسرائيل. لكن لم يصطف أخوته الذين القوه في الجب. المراد بآل يعقوب فقط الابناء المصطفين من الله عز و جل, و ليس جميع ابناء النبي يعقوب عليه السلام. علاوة على ذلك ان ابناء النبي يعقوب و اخوة النبي يوسف ثبت بالدليل انهم عصاة لربهم ثم تاب عليهم. المراد ان الاصطفاء يكون مخصوص و ليس عام.
ما معنى اصطفاء الله عز وجل آل ابراهيم؟
لقد ذكرنا سابقا بأن الاصطفاء الالهي لابد ان يبرر لان الله عادل و حكيم, و عليه لابد ان يمتلك آل ابرهيم المصطفين صفات و خصائص معينه تأهلهم لتلك المهمه و هي حمل رساله الله عز و جل في الارض.
قال تعالى: { أمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا} النساء 54
يفهم من هذه الآيه ان آل ابراهيم هم الذين أتاهم الله الكتاب و الحكمه و الملك العظيم. الذين أوتوا تلك الصفات من آل ابرهيم اناس معينين, أناس مختارين. إن أخوة يوسف أيضا من نسل ابراهيم أي من آل ابراهيم بوجه العموم, لكنهم ليس بمصطفين. و لم يزكهم الله عز و جل.
قال تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيِّتهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}العنكبوت 27
إذن آل ابراهيم هم ذريته من إسحاق و يعقوب, المصطفين الذين أتاهم الله الكتاب و الحكمه و الملك العظيم. الكتاب هو الوحي من الله عز وجل, و الحكمه كل ما علمهم الله من علمه و الملك العظيم هو استخلافهم في الأرض. و لا ينبغي ان يفهم من الملك العظيم فقط الدوله و المال و الجاه. بدليل ان بعض الأنبياء من آل ابراهيم كان محارب من قومه و لم يتبعه أحد. ويحيى بن زكريا مات مقتولا و عيسى بن مريم كاد ان يصلب وهؤلاء لم يقيموا دول و غيرهم الكثير من أنبياء بني إسرائيل. وماضرهم ذلك في الله شيء ابدا.
قال تعالى في شأن إبراهيم: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الـمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى العَالَمِينَ (86) وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (87)}الأنعام
أذن آل ابراهيم المصطفين هم:
ابراهيم, و اسحاق و يعقوب و داوود و سليمان و أيوب و يوسف و موسى و هارون و زكريا و يحيى و عيسى و إلياس و إسماعيل و اليسع و يونس و لوط و الانبياء من ذرياتهم الذين لم يذكرهم القرآن عليهم و على نبينا أفضل الصلوات و أزكى التسليم. اذن آل ابراهيم هم فقط المصطفون, الذين زكاهم الله و اتاهم الكتاب و الحكمه و الملك العظيم, هم فقط الانبياء من آل ابراهيم, و ليس ابناء عمومته, أو اتباعه بالعموم او ازواجه بدليل زوجة لوط كانت من الكافرين.
قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34) } آل عمران
لاحظ أخي القاريء, تلك السلاله ذريه بعضها من بعض. أي انهم من نسل و سلاله و دم واحد. الامر ليس عشوائيا و اعتباطيا, تعالى الله الحكيم العادل ,انما الامر الهي ذو مغزى عظيم. آل ابراهيم و منهم آل اسحاق و آل يعقوب, و منهم آل عمران و آل داود, من آل ابراهيم آل اسماعيل و منهم آل محمد صلى الله عليهم جميعا و على آبائهم الاخيار المصطفين.
آل محمد
يصلي أبناء مذهب أهل السنه و الجماعه على الرسول صلى الله عليه و آله في التشهد الأخير بما يعرف بالصلاة الابراهيميه و نصها:
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد
اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد
ملاحظه خارجه عن الموضوع: اختلفوا علماء السنه هل هي واجبة أم مستحبة. فذهب الجمهور الحنفية والمالكية في رواية إلى أنها غير واجبة بل هي مستحبه وذهب الشافعي وأحمد إلى أن الصلاة في التشهد الأخير واجبة استدلالا بحديث كعب بن عجرة (سيحين ذكره لاحقا) الذي يشرح كيفيه الصلاة على محمد فقط , لا وجوبها بالتشهد. على الرغم انهم يصلون على النبي وعلى آله بصلاتهم المفروضه يوميا التي لا تصح بدون الصلاة على الآل, إلا أنهم عند ذكر الرسول صلى الله عليه و آله في أحاديثهم اليوميه يصلون عليه فقط و يتركون آله. لاحظ أخي القارئ أنهم يصلون على آل محمد وجوبا, لكن لا يعلمون أو اختلفوا في على من يصلون.
السؤال هو من هم آل محمد, و لماذا نصلي عليهم كما ورد في الروايات الصحيحه؟
قال تعالى:{ إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} الاحزاب 56
أن الله يترحم على النبي ويثني عليه يا ايها الذين آمنوا قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، تعظيما وإجلالا وتفضيلا لمحمد و آل محمد. عن كعب بن عجرة قال: لمل نزلت هذه الآية، قيل: " يا رسول الله كيف الصلاة عليك؟ قال: " قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد"
تفسير الطبري
لقد قرن و شبه الرسول الاعظم صلى الله عليه و آله, الصلاة عليه و على آله بالصلاة على ابراهيم و آل ابراهيم. أي ان الله يترحم ويثني على محمد و آل و محمد, و يأمر أيها الناس صلوا عليه وعلى آله تعظيما و إجلالا و تفضيلا له و لهم, كما ترحم الله وأثنى على ابراهيم و آل ابراهيم المصطفين تعظيما و اجلالا و تفضيلا لهم على العالمين. فالتشبيه و القرينه بين محمد وآل محمد وبين ابراهيم وآل ابراهيم المصطفين, و ثناء الله وتزكيته و تفضيله لمحمد و آل محمد كما أثنى و زكى و فضل ابراهيم و آل ابراهيم المصطفين, هذا الربط و القرينه بين آل محمد و آل ابراهيم, يستوجب ان كلهما يمتلك نفس الصفات و الخصائص و المؤهلات. بما ان الله اصطفى آل إبراهيم على العالمين لما لديهم من مؤهلات عظيمه, يستوجب أيضا إصطفاء آل محمد لنفس السبب و هو المؤهلات العظيمه
لكن من هم آل محمد الذين زكاهم الله و اثنى عليهم, الذين قرنهم الرسول الاعظم صلى الله عليه و آله وشبههم بآل ابراهيم الانبياء المصطفين؟
علمنا مسبقا في بداية هذا البحث ان الله عز و جل بقرار الهي عادل و حكيم اصطفى ابراهيم و الانبياء من نسله لما لديهم من خصائص تأهلهم لهذا الاصطفاء الرباني. من من آل محمد يتصف بتلك الصفات و المؤهلات و الخصائص؟ بالمقارنة بآل ابراهيم المصطفين, لا يمكن بأي حال من أحوال أن يكونوا أتباع محمد جميعا, لان هؤلاء فيهم العاصي و الزاني و نحو ذلك. و لا يمكن ان يكونوا أصحاب محمد لان هؤلاء ايضا ايمانهم متفاوت و ايضا فيهم الزاني و القاتل والمغتصب و نحو ذلك. و لا يمكن بأي حال من الأحوال ان تكون حفصة بنت عمر على سبيل المثال, و لا جميع بني هاشم مثل آل عقيل و آل العباس و آل جعفر .لأن هؤلاء جميعا لا يملكون الصفات و الخصائص و المؤهلات التي تأهلهم لعقد مقارنه أو تشبيه بينهم و بين آل ابراهيم المصطفين.
لا يتبادر للذهن إلا ما يقول به الشيعه الاماميه الاثنى عشريه, بأن آل محمد هم الذين اصطفاهم الله لحمل رسالته في الأرض, هم أهل بيت الرسول صلى الله عليه و آله الذين أوصى بالتمسك بهم و بالقرآن, هم الثقل الثاني بعد القرآن كما ورد عن الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله في حديث الثقلين, هم الذين طهرهم الله من كل رجس كما ورد عنه صلى الله عليه و آله في حديث الكساء. آل محمد هم الرسول الاعظم و الاكرم حبيب الله و سيد البشر جميعا ,و أم ابيها السيده الطاهره الصديقة فاطمه بنت محمد, والأئمه المنتجبين الأطهار المعصومين: الامام علي بن ابي طالب, الامام الحسن بن علي, الامام الحسين بن علي, الامام علي بن الحسين, الامام محمد الباقر, الامام جعفر الصادق, الامام موسى الكاظم, الامام علي الرضا, الامام محمد الجواد, الامام علي الهادي, الامام الحسن العسكري, الامام محمد بن الحسن المهدي المنتظر, بقية الله الباقيه في أرضه من آل محمد و آل اسماعيل و آل ابراهيم و جميع الانبياء, صلى الله عليهم جميعا وعلى آبائهم و أبنائهم المختارين الأطهار, و عجل الله فرجهم الشريف.
قال تعالى: { بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ } هود (86)
قال تعالى: { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } البقرة (124)
قال تعالى: { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ (106) } الانبياء
هذا هو الامام الموعود الذي تقول و تؤمن به الاماميه الاثنى عشريه, الامام الثاني عشر الحجة الموعود, فرج الله و بقيته في الارض. من آل محمد المصطفين الأطهار, و من آل اسماعيل و آل ابراهيم المصطفين على العالمين
قال تعالى: { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } التوبه 33
خاتمه:
ان آل محمد الذين نصلي عليهم بكل صلاة تعظيما و اجلالا و تفضيلا هم الائمه المنتجبين الأطهار, و ان آل ابراهيم هم الانبياء و الرسل المصطفين الأخيار. قال رسول الله صلى الله عليه و آله: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض . و قال أيضا: مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح في قوم نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك.
اللهم صل على محمد و آل محمد, و عجل اللهم فرجهم الشريف
والعن اللهم أعدائهم من الاولين و الآخرين الى يوم الدين
خادم المرتضى