نووورا انا
13-05-2010, 03:21 AM
الطوفان والعقائد الدينية
http://alkafeel.net/medad/images/156.jpg
ماجد كاظم علي
قصة الطوفان الكبير الذي حدث في تاريخ البشرية قصة مشهورة...
فقد ورد ذكرها في معظم الكتب الدينية الكبيرة والتي نزلت على الرسل، اضافة الى كتب اخرى وكل كتاب من هذه الكتب يتناول القصة من جانب معين، ولكنها جميعاً تصب في مصب واحد. انه حدث في الأرض طوفان هائل بعد ان غضب الرب على عمل الإنسان في الأرض، واتيانه الموبقات ومعصيته لله تبارك وتعالى. فكان الطوفان الأعظم الذي اغرق الأرض وما عليها لفترة معينة، نجا فيها فقط من آمن بالله فيما غرق الآخرون.
فما جاء في عقيدة الهنود التي تؤمن بالله (او بإله واحد) ابدي محمود والتي سادت (ايام مانو) وهو لقب ملوك الهنود السبعة المؤهلين الذين حكموا العالم قديماً، إذ كان يطلق (مانو) على كل ملك منهم كما يطلق المصريون القدماء اسم فرعون على كل ملك منهم وقصة الطوفان كما جاءت في قانون مانو( اي تعليمات وافكار مانو) انهم ينكرون الطوفان الذي الذي حدث ايام النبي نوح عليه السلام ويذكرون انه حدث في زمن احد ملوكهم السبعة المؤهلين واسمه كما اشرنا (مانو) ولكنهم لم يذكروا اي (مانو) هذا، هل هو الأول أو الثالث أو السابع فهم يصفون هذا الكتاب (قانون مانو) الذي جاء بقصة الطوفان بأنه (تسودة عقيدة التوحيد والروح الأعظم خالق الكون وكل ذلك قبل عقيدة التثليث التي تزعم بأن - ابراهم - قد تقمص آلهة ثلاث وهم (برهاتا ونشتو وشيفا) وكذلك قبل كتاب الصلوات والتراتيل (فيداس) وقبل كتاب البراهمه المقدسة وقبل تعاليم بوذا..
ونشرح هذه التعليمات الهندية قصة الطوفان كما يلي:
جاء في الباب الخامس وعنوانه (براهماتا واوبانشا) ما يلي:
في هذه القصة يقوم (مانو) بدور النبي نوح (ع) و(مانو) اسم نال التقديس والاقدام في ادب الثقافة من الوثنيين، فهو ابن الله ومصدر جميع الناس وجدهم الاسطوري وخلاصته القصة:
وبينما كان (مانو) يغسل يديه في النهر إذ جاءت بيده سمكة صغيرة فاندهش بها لأن السمكة كلمته وقالت له بعد ان طلبت منه انقاذها من الهلاك، فانها ستجازيه جزاء عمله اذا انقذها من الموت، وانها سوف تنقذه في المستقبل ومن شر عظيم وخطر أعظم.
فقد قالت له: ان طوفانا كبيرا سوف يصيب الارض ويجرف كل المخلوقات، ولذلك استمع (مانو) الى السمكة ثم حفظها في المرتبان، فلما كبرت اخبرته عن السنة التي سوف يكون فيها هذا الطوفان، فأشارت اليه ان يصنع سفينة كبيرة ويدخل فيها اذا طغى الماء:
(انا انقذك من الطوفان) فبدأ (مانو) يصنع السفينة ووفق تعاليم السمكة، والسمكة بدأت تكبر وتكبر حتى كبر حجمها عن سعة المرتبان، فألقاها في البحر..
وبعد مدة بعد ان اكمل صنع السفينة حدث الطوفان ودخل (مانو) السفينة التي عامت في الماء بفضل السمكة. فربط (مانو) السفينة بقرن السمكة فجرتها الى الجبال الشمالية، وهنا ربط السفينة بالشجرة الموجودة بالمنطقة والتي تراجع عنها الماء، وبقي (مانو) بوحدته. وفي هذه القصة صورة من صور الوفاء والالتزام بالعهد والعقل..
فلو لم يكن مانو ملك الهنود ابن الرب رأي وعقل حصين لما صدق هذه السمكة الصغيرة، ولما آمن بما قالت، ولهلك ولم ينج من الطوفان، وكما قالت له السمكة، ولكن الرب يضع حكمته في أصغر مخلوقاته، وهناك قصص عديدة في تراثنا حول هذه الحكمة منها قصة الفأرة والاسد وغيرها.
اما قصة الطوفان وكما جاءت في التوارة فهي لا تختلف حتى بعث الله نوحا.. فدعاهم الى الله فعصوه وكذبوه..
فأمره الله أن يصنع الفلك.. وأصبح الفيضان فأهبط الماء هذه الأصنام الى ارض جده..
فلما نضب الماء بقيت على الشط وشقت عليها ووارتها تحت التراب الى زمن (عمرو بن لحي) فاستخرجها ودعا الى عبادتها فأجابته..
ثم ذكر في ص103 (وكان أول من نصب الاصنام للعرب عمرو بن ربيعة وهو لحي ابو خزاعة) فكان لكلب (ود) وهو تمثال رجل كأعظم ما يكون من رجال عليه حلتان مؤتزرا بحلة ومرتديا الأخرى، وعليه سيف قد تقلده، وقد تنكب قوسين، وكان لهذيل (سواع) وفي ذلك يقول رجل من العرب: تراهم حولها عكوفا ***
كما عكفت هذيل على سواع وكان لمذحج (يغوث) وكان لهمدان (يعوق) فعبدته همدان ومن والاهما من اليمن.
وكان لحمير (نسر) فكان بموضع من أرض سبأ يقال له بلخع يعبده هميرون ومن والاهما. ولم يزالوا على ذلك حتى هودهم ذو نؤاس لقد جاءت قصته الطوفان في سور عديدة ومنها سورة يونس فقد جاء خبر الطوفان كما يلي وفي آيات مختلفة:
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللهِ فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ (71) فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72) فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ).
اما في سورة نوح فقد جاء خبر الطوفان كما يلي:
(وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فاجِراً كَفَّاراً) (أجمع العلماء على أن الله تعالى جعل خلقه بعد الطوفان من صلبه، لانه لم يبقَ على الارض غير الذين حملتهم السفينة استجابة لدعوة نوح عليه السلام:
ان نوح عانى الكثير من قومه.. فقد دعاهم الى عبادة الله الواحد الأحد ولكنهم كانوا يسخرون منه وحتى عندما كان يصنع الفلك كانوا يمرون عليه ويسخرون منه. لذلك دعا عليهم بالفناء لأنهم مضوا في عبادة الاصنام التي صنعت على هيئة كل من (ورع وسواع ويغوث ويسوق ونسر) ولقد ذكر الشيخ محمد أمين البغدادي الشهير بالسويدي في كتابه الشهر (سبائك الذهب) الذي اشرنا اليه والذي اسمه الكامل (سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب) في الحديث عن (اليارد والد النبي ادريس (ع)) ما يلي:
(وكان في ايامه (ود وسواع ويغوث ويسوق ونسرا) وكانوا قوما صالحين فلما توفوا حزن أقاربهم عليهم فقال رجل من من بني قابيل:
(يا قوم هل لكم ان اجعل خمسة اصنام على صورهم الا أني لا أقدر أن أجعل فيهم أرواحا.. قالوا: نعم. فنحت لهم خمسة أصنام على صورهم ونصبها لهم، فكان الرجل يأتي أخوه وعمه وابن عمه فيعظمه ويسعى حوله حتى ذلك القرن الأول ثم جاء قرن آخر فعظموهم أشد من تعظيم القرن الأول، وجاء من بعدهم القرن الثالث فقال:
ما عظم أولونا هؤلاء وهم يرجون شفاعتهم عند الله فعبدوهم..
فهذا ابتداء عبادة الأصنام.. ولم يزل أمرهم يشتد حتى جاء الإسلام وقضى على عبادة الأصنام. العقائد الهندية والقرآن الكريم الا بأستعمال المفردات ومعانيها.
فقد ورد بالفقرة (5) من الاصحاح السادس من سفير التكوين ما يلي:
(ورأى الله ان شر الانسان قد كثر في الارض، وان كل تصور انكار قلبه انما هو شرير كل يوم فحزن الرب.. انه عمل الانسان في الارض وتأسف في قلبه فقال الرب: امحو عن وجه الارض الانسان الذي خلقته..
الانسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء لاني حزنت انني عملتهم... واما نوح فوجد نعمة في عين الرب.
فقال الله لنوح: نهاية كل بشر قد أتت أمامي لأن الارض امتلأت ظلما منهم..
انا مهلكهم مع الارض.. أصنع لنفسك فلكا من خشب جفر تجعل الفلك مساكن وتطليه من داخل ومن خارج بالقار... وهكذا تم صنعه ثلاثمئة ذراع يكون طول الفلك وخمسين ذراعا عرضه وثلاثين ذراعا ارتفاعه، وتصنع كسرا للفلك وتكمله الى حد ذراع من فوق وتصنع باب الفلك في جانبه مساكن سفلية ومتوسطة او علوية تجعله.. فها انا آت بطوفان الماء على الارض لأهلك كل جسد فيه روح حيواة من تحت السماء.. كل ما في الارض يموت.. ولكني اقيم عهدي معك.. فتدخل الفلك انت وبنوك وامرأتك ونساء بنيك معك ومن كل حي من ذي كل جسد اثنين.. من كل تدخل الى الفلك لاستبقائها معك تكون ذكرا وانثى من الطيور كأجناسها ومن كل دبابات الارض كأجناسها اثنين من كل تدخل اليك لاستبقائها، وخذ لنفسك من كل طعام يدخل واجمعه عندك فيكون لك ولها طعام.
فعل نوح حسب كل ما أمره به الله، هكذا فعل ومن قرائتنا لهذا النص القرآني الذي جاء في عدة آيات وسور والذي سنتطرق له في الصفحات القادمة.
اما قصة الطوفان في القرآن فقد جاءت اكثر تفصيلا ووضوحا مما ورد في العقائد الدينية لدى الشعوب الأخرى رغم انها قريبة مما ورد في التوراة.
قال سبحانه وتعالى في سورة نوح: (قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَساراً (21) وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (22) وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) ومن سورة هود:
(وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ (36) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37) وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (39) حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ (40) وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)
من قرائتنا لهذين النصين ونصوص اخرى سنتطرق اليها وما جاء بالفقرة 2 من الاصحاح السادس من سفر الكوين وما بعدها.. نرى انهما متفقان على ما جمع نوح (ع) من كافة المخلوقات.. من كل زوجين اثنين فيما كان (مانو) في العقيدة الهندية وحده في السفينة.. ومما يذكر عن نوح في قصص الأنبياء: بأنه النبي الثاني بعد آدم فقد كان جده الاكبر ادريس هو الأول وبعد تتابع النسب الى آدم يقول: (هذا هو الذي ورد في كتب التاريخ وفي التوراة في سفر التكوين)
اما ما ذكر في (سبائك الذهب) عن النبي نوح (ع) فهو:
(وهو أول نبي عذبت أمته بدعوته وقصة عمل السفينة واغراق قومه مشهورة فلا حاجة لذكرها وهو أول من قرر المواقيت... وهكذا نرى ان القرآن قد ذكر الطوفان بصورة واضحة على عكس عقيدة (مانو). المصادر:
1- القرآن الكريم/ سورة نوح 2- القرآن الكريم/ سورة هود 3- القرآن الكريم/ سورة يونس 4- القرآن الكريم/ سورة الشعراء 5- تاريخ القانون/ عبد الرحمن البزاز 6- الاصحاح السادس/ سفر التكوين 7- قصص الأنبياء 8- سبائك الذهب في معرفة أخبار العرب
http://alkafeel.net/medad/images/156.jpg
ماجد كاظم علي
قصة الطوفان الكبير الذي حدث في تاريخ البشرية قصة مشهورة...
فقد ورد ذكرها في معظم الكتب الدينية الكبيرة والتي نزلت على الرسل، اضافة الى كتب اخرى وكل كتاب من هذه الكتب يتناول القصة من جانب معين، ولكنها جميعاً تصب في مصب واحد. انه حدث في الأرض طوفان هائل بعد ان غضب الرب على عمل الإنسان في الأرض، واتيانه الموبقات ومعصيته لله تبارك وتعالى. فكان الطوفان الأعظم الذي اغرق الأرض وما عليها لفترة معينة، نجا فيها فقط من آمن بالله فيما غرق الآخرون.
فما جاء في عقيدة الهنود التي تؤمن بالله (او بإله واحد) ابدي محمود والتي سادت (ايام مانو) وهو لقب ملوك الهنود السبعة المؤهلين الذين حكموا العالم قديماً، إذ كان يطلق (مانو) على كل ملك منهم كما يطلق المصريون القدماء اسم فرعون على كل ملك منهم وقصة الطوفان كما جاءت في قانون مانو( اي تعليمات وافكار مانو) انهم ينكرون الطوفان الذي الذي حدث ايام النبي نوح عليه السلام ويذكرون انه حدث في زمن احد ملوكهم السبعة المؤهلين واسمه كما اشرنا (مانو) ولكنهم لم يذكروا اي (مانو) هذا، هل هو الأول أو الثالث أو السابع فهم يصفون هذا الكتاب (قانون مانو) الذي جاء بقصة الطوفان بأنه (تسودة عقيدة التوحيد والروح الأعظم خالق الكون وكل ذلك قبل عقيدة التثليث التي تزعم بأن - ابراهم - قد تقمص آلهة ثلاث وهم (برهاتا ونشتو وشيفا) وكذلك قبل كتاب الصلوات والتراتيل (فيداس) وقبل كتاب البراهمه المقدسة وقبل تعاليم بوذا..
ونشرح هذه التعليمات الهندية قصة الطوفان كما يلي:
جاء في الباب الخامس وعنوانه (براهماتا واوبانشا) ما يلي:
في هذه القصة يقوم (مانو) بدور النبي نوح (ع) و(مانو) اسم نال التقديس والاقدام في ادب الثقافة من الوثنيين، فهو ابن الله ومصدر جميع الناس وجدهم الاسطوري وخلاصته القصة:
وبينما كان (مانو) يغسل يديه في النهر إذ جاءت بيده سمكة صغيرة فاندهش بها لأن السمكة كلمته وقالت له بعد ان طلبت منه انقاذها من الهلاك، فانها ستجازيه جزاء عمله اذا انقذها من الموت، وانها سوف تنقذه في المستقبل ومن شر عظيم وخطر أعظم.
فقد قالت له: ان طوفانا كبيرا سوف يصيب الارض ويجرف كل المخلوقات، ولذلك استمع (مانو) الى السمكة ثم حفظها في المرتبان، فلما كبرت اخبرته عن السنة التي سوف يكون فيها هذا الطوفان، فأشارت اليه ان يصنع سفينة كبيرة ويدخل فيها اذا طغى الماء:
(انا انقذك من الطوفان) فبدأ (مانو) يصنع السفينة ووفق تعاليم السمكة، والسمكة بدأت تكبر وتكبر حتى كبر حجمها عن سعة المرتبان، فألقاها في البحر..
وبعد مدة بعد ان اكمل صنع السفينة حدث الطوفان ودخل (مانو) السفينة التي عامت في الماء بفضل السمكة. فربط (مانو) السفينة بقرن السمكة فجرتها الى الجبال الشمالية، وهنا ربط السفينة بالشجرة الموجودة بالمنطقة والتي تراجع عنها الماء، وبقي (مانو) بوحدته. وفي هذه القصة صورة من صور الوفاء والالتزام بالعهد والعقل..
فلو لم يكن مانو ملك الهنود ابن الرب رأي وعقل حصين لما صدق هذه السمكة الصغيرة، ولما آمن بما قالت، ولهلك ولم ينج من الطوفان، وكما قالت له السمكة، ولكن الرب يضع حكمته في أصغر مخلوقاته، وهناك قصص عديدة في تراثنا حول هذه الحكمة منها قصة الفأرة والاسد وغيرها.
اما قصة الطوفان وكما جاءت في التوارة فهي لا تختلف حتى بعث الله نوحا.. فدعاهم الى الله فعصوه وكذبوه..
فأمره الله أن يصنع الفلك.. وأصبح الفيضان فأهبط الماء هذه الأصنام الى ارض جده..
فلما نضب الماء بقيت على الشط وشقت عليها ووارتها تحت التراب الى زمن (عمرو بن لحي) فاستخرجها ودعا الى عبادتها فأجابته..
ثم ذكر في ص103 (وكان أول من نصب الاصنام للعرب عمرو بن ربيعة وهو لحي ابو خزاعة) فكان لكلب (ود) وهو تمثال رجل كأعظم ما يكون من رجال عليه حلتان مؤتزرا بحلة ومرتديا الأخرى، وعليه سيف قد تقلده، وقد تنكب قوسين، وكان لهذيل (سواع) وفي ذلك يقول رجل من العرب: تراهم حولها عكوفا ***
كما عكفت هذيل على سواع وكان لمذحج (يغوث) وكان لهمدان (يعوق) فعبدته همدان ومن والاهما من اليمن.
وكان لحمير (نسر) فكان بموضع من أرض سبأ يقال له بلخع يعبده هميرون ومن والاهما. ولم يزالوا على ذلك حتى هودهم ذو نؤاس لقد جاءت قصته الطوفان في سور عديدة ومنها سورة يونس فقد جاء خبر الطوفان كما يلي وفي آيات مختلفة:
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللهِ فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ (71) فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72) فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ).
اما في سورة نوح فقد جاء خبر الطوفان كما يلي:
(وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فاجِراً كَفَّاراً) (أجمع العلماء على أن الله تعالى جعل خلقه بعد الطوفان من صلبه، لانه لم يبقَ على الارض غير الذين حملتهم السفينة استجابة لدعوة نوح عليه السلام:
ان نوح عانى الكثير من قومه.. فقد دعاهم الى عبادة الله الواحد الأحد ولكنهم كانوا يسخرون منه وحتى عندما كان يصنع الفلك كانوا يمرون عليه ويسخرون منه. لذلك دعا عليهم بالفناء لأنهم مضوا في عبادة الاصنام التي صنعت على هيئة كل من (ورع وسواع ويغوث ويسوق ونسر) ولقد ذكر الشيخ محمد أمين البغدادي الشهير بالسويدي في كتابه الشهر (سبائك الذهب) الذي اشرنا اليه والذي اسمه الكامل (سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب) في الحديث عن (اليارد والد النبي ادريس (ع)) ما يلي:
(وكان في ايامه (ود وسواع ويغوث ويسوق ونسرا) وكانوا قوما صالحين فلما توفوا حزن أقاربهم عليهم فقال رجل من من بني قابيل:
(يا قوم هل لكم ان اجعل خمسة اصنام على صورهم الا أني لا أقدر أن أجعل فيهم أرواحا.. قالوا: نعم. فنحت لهم خمسة أصنام على صورهم ونصبها لهم، فكان الرجل يأتي أخوه وعمه وابن عمه فيعظمه ويسعى حوله حتى ذلك القرن الأول ثم جاء قرن آخر فعظموهم أشد من تعظيم القرن الأول، وجاء من بعدهم القرن الثالث فقال:
ما عظم أولونا هؤلاء وهم يرجون شفاعتهم عند الله فعبدوهم..
فهذا ابتداء عبادة الأصنام.. ولم يزل أمرهم يشتد حتى جاء الإسلام وقضى على عبادة الأصنام. العقائد الهندية والقرآن الكريم الا بأستعمال المفردات ومعانيها.
فقد ورد بالفقرة (5) من الاصحاح السادس من سفير التكوين ما يلي:
(ورأى الله ان شر الانسان قد كثر في الارض، وان كل تصور انكار قلبه انما هو شرير كل يوم فحزن الرب.. انه عمل الانسان في الارض وتأسف في قلبه فقال الرب: امحو عن وجه الارض الانسان الذي خلقته..
الانسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء لاني حزنت انني عملتهم... واما نوح فوجد نعمة في عين الرب.
فقال الله لنوح: نهاية كل بشر قد أتت أمامي لأن الارض امتلأت ظلما منهم..
انا مهلكهم مع الارض.. أصنع لنفسك فلكا من خشب جفر تجعل الفلك مساكن وتطليه من داخل ومن خارج بالقار... وهكذا تم صنعه ثلاثمئة ذراع يكون طول الفلك وخمسين ذراعا عرضه وثلاثين ذراعا ارتفاعه، وتصنع كسرا للفلك وتكمله الى حد ذراع من فوق وتصنع باب الفلك في جانبه مساكن سفلية ومتوسطة او علوية تجعله.. فها انا آت بطوفان الماء على الارض لأهلك كل جسد فيه روح حيواة من تحت السماء.. كل ما في الارض يموت.. ولكني اقيم عهدي معك.. فتدخل الفلك انت وبنوك وامرأتك ونساء بنيك معك ومن كل حي من ذي كل جسد اثنين.. من كل تدخل الى الفلك لاستبقائها معك تكون ذكرا وانثى من الطيور كأجناسها ومن كل دبابات الارض كأجناسها اثنين من كل تدخل اليك لاستبقائها، وخذ لنفسك من كل طعام يدخل واجمعه عندك فيكون لك ولها طعام.
فعل نوح حسب كل ما أمره به الله، هكذا فعل ومن قرائتنا لهذا النص القرآني الذي جاء في عدة آيات وسور والذي سنتطرق له في الصفحات القادمة.
اما قصة الطوفان في القرآن فقد جاءت اكثر تفصيلا ووضوحا مما ورد في العقائد الدينية لدى الشعوب الأخرى رغم انها قريبة مما ورد في التوراة.
قال سبحانه وتعالى في سورة نوح: (قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَساراً (21) وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (22) وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) ومن سورة هود:
(وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاَّ مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ (36) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37) وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (39) حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ (40) وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)
من قرائتنا لهذين النصين ونصوص اخرى سنتطرق اليها وما جاء بالفقرة 2 من الاصحاح السادس من سفر الكوين وما بعدها.. نرى انهما متفقان على ما جمع نوح (ع) من كافة المخلوقات.. من كل زوجين اثنين فيما كان (مانو) في العقيدة الهندية وحده في السفينة.. ومما يذكر عن نوح في قصص الأنبياء: بأنه النبي الثاني بعد آدم فقد كان جده الاكبر ادريس هو الأول وبعد تتابع النسب الى آدم يقول: (هذا هو الذي ورد في كتب التاريخ وفي التوراة في سفر التكوين)
اما ما ذكر في (سبائك الذهب) عن النبي نوح (ع) فهو:
(وهو أول نبي عذبت أمته بدعوته وقصة عمل السفينة واغراق قومه مشهورة فلا حاجة لذكرها وهو أول من قرر المواقيت... وهكذا نرى ان القرآن قد ذكر الطوفان بصورة واضحة على عكس عقيدة (مانو). المصادر:
1- القرآن الكريم/ سورة نوح 2- القرآن الكريم/ سورة هود 3- القرآن الكريم/ سورة يونس 4- القرآن الكريم/ سورة الشعراء 5- تاريخ القانون/ عبد الرحمن البزاز 6- الاصحاح السادس/ سفر التكوين 7- قصص الأنبياء 8- سبائك الذهب في معرفة أخبار العرب