خادم الرضا(ع)
18-05-2010, 07:13 AM
حقيقة مذهب ابن ابي الحديد
محمود الصبار
هناک اختلا ف فی کونه سنيا اصولیا معتزلا او شیعیا مغالیا فقد ذ کره الزرکلی فی اعلا مه انه من اعیان المعتزلة فی حین یصفه ا بن کثیر فی البدایة والنهایة ا نه شیعی مغا لی ویستدرک القول انه کان حضیا عند الوزیر ابن ا لعلقمی لما بینهما من المناسبةوالمقاربة والمشابهة فی التشیع والادب والفطنة .
وذهب عمر فروخ فی کتابه تاریخ الادب العربی الی انه یمیل ا لی الا عتزال ومتکلما علی رائیهم وینقل انه اشتهر بالتواتر ا نه شیعی ولکن المصادر التی تشیر ا لی هذا فیما یتعلق بحیاته لا تذکر ذلک بصراحه والدلیل المتوفر هو شرحه لنهج البلا غه وتقدیمه للوزیر ابن العلقمی الذی کان یتصف
بأ خلاصه لا هل البیت (ع) .
ویراه محمد ا بو الفضل ا براهیم فی تحقیقه لشرح نهج البلا غة ا نه فقیها اصولیا اصطنع مذ هب الاعتزال وعلی اسا سه جادل وناظر وحاج ونا قش وفی شرح النهج وکثیر من کتبه اراء منثوره مما ذهب الیه وله مع الا شعری وا لغزا لی وا لرازی کتب و مواقف . ویستدرک ان ولادته و نشأته فی المدائن وتلقی علموه علی ید شیوخها ودرسه للمذاهب ا لکلا میه فیها ثم مال الی مذهب الا عتزال منها وکان الغالب علی اهل المدائن التتشیع والتطرف والمغالاة فسار فی دروبهم وتقیل مذهبهم ونظم القصائد المعروفة بالعلویات السبع علی طریقتهم وفیها غالی وتشیع،ويستدرك وحينما انقضت ايام صباه خف الى بغداد واختلط بالعلماء من اصحاب الذاهب ،ثم جنح الى الاعتزال ،واصبح كما يقول صاحب "نسمة السحر"معتزليا جاحظيا ، في أكثر شرحه للنهج بعد ان كان شيعيا غاليا . (1)
یقول عنه المرزا الخوانساري الا صبهانی فی روضات الجنات ا نه الشیخ الکا مل الادیب المورخ المدائنی الحکیم الاصولی المعتزلی ابن ابی الحدید من اکابر الفضلاء المتتبعین واعاظم النبلاء المتبحرین موالیا لاهل بیت العصمة والطهارة وان کان فی زی ا هل ا لسنة والجماعة منصفا غایة الانصاف فی المحاکمه بین الفریقین ومعترفا فی ذلک المصاف بان الحق یدور مع والد الحسنین (ع) یراه بین علماء ا لعامة بمنزلة عمر بن عبد العزیز الاموی بین خلفائهم وحسب الدلاله علی علو منزلته فی الدین وغلوه فی ولایه امیر المومنین (ع) شرحه الشریف الجامع لکل نفیسه وغریب والحاوی لکل نافحه ذات طیب من الا حادیث النادرة والا قاصیص الفاخرة وا لعوارف الا یمانیة ، وکذ لک الکلمات الا لف التی جمعها من احادیث امیر المؤمنین والحقها بشرحه المذ کور المتین والقصائد التی انشدها فی فضا ئله ومدائحه .
وذ کر بعض العلماء المتاخرین ان شرح ابن ابی الحدید علی مذاق المتکلمین مع ضغث من التصو ف وضغث من الحکمة وشرح المیثم علی مذاق الحکماء واهل العرفان وشرح المیرزا علاء الدین الحسینی الملقب بکلستا نة علی مذاق الاخباریین وقال ایضا ان ابن ابی الحدید متکلم کتب علی طرز الکلام وابن میثم حکیم کتب علی قانون الحکمة َ،وکثیرا ما یسلط ید التاویل علی الظواهر حتی فیما لا مجال للتآویل فیه وابن ابی الحدید مع تسننه قد یتوهم من شرحه تشیعه وا بن المیثم با لعکس .
وظاهر کثیر اهل السنه ایضآ انکار تسنن الرجل رآسا بعد تشبث الشیعه فی ا سکاتهم والا لزام علیهم بکلماته المفیده وا نصا فاته الجیده وا عترفاته المکرره الحمیده .
وقد ذکره الشیخ عبد ا لرزاق بن احمد بن محمد بن ابی المعالی الشیبانی الفوطی الادیب المؤرخ المشهور . (2)
ویذهب صا حب کتاب ریحانة الادب الی انه معتزلی الا صول شافعی الفروع وانه کان من فحول واکابر علماءالمعتزلة وا نه سلک مسلک اهل الجما عه وانه کان منصفا نهایه الا نصاف فی المحاکمةبین الفریقین باقراره حق امیر المؤ منین (ع) ویذ كر صاحب مجمع البحرین ان ابن ابی الحدید معتزلی الا صول ومنسوب الی فرقتهم ویوجز ان هذه الفرقه تقر بعداله وتوحید امیر المؤمنین (ع) ویستدرک ان جملة: الحمد لله الذی قدم المفضول علی الفاضل فی اول نهج البلا غة مشعرة بتشیعه وانکار تسننه السابق. (3)
ويقول الشيخ القمي في الكنى والالقاب : كان مذهبه الاعتزال كما شهد لنفسه في إحدى قصائده في مدح امير المؤمنين (ع) بقوله : ورأيت دين الاعتزال و......
وذ كره صاحب كتاب نسمة ا لسَّحَر في ذكر من تشيّع وشعر في عداد الشعراء المائلين إ لى التشيّع وقد اصبح معتزلياً جاهزيا في اكثر شرحه بعد ان كان شيعياً غالياً .
ویقول عبد السلام هارون : كان الغالب على أهل المدائن التشيُّع والتطرُّف والمغالاة فسار ابن أبي الحديد في دربهم وتقيَّل مذهبهم ، ونظم القصائد المعروفة بالعلويات السبع على طريقتهم ، وفيها غالى وتشيَّع وذهب به الإسراف في كثير من أبياتها كلَّ مذهب يقول في إحداها :
علم الغيوب إليه غير مدا فـــــع وا لصبح أبيض مسفر لا يدفعُ
وإليه في يوم المعاد حسابنــــــا وهو الملاذ لنا غداً والمفـــزعُ
هذا اعتقادي قد كشفت غطاءه سيضرُّ معتقداً له أو ينفـــــعُ
يا من له في أرض قلبي منــــــزل نعم المراد الرحب والمستربعُ
رأيت دين الاعتزال و إنَّنـــــــــي أهوى لأجلك كلَّ من يتشيــــعُ
ولقد علمتُ بأنَّه لابدَّ مــــــــــن مهديِّكم و ليومــِه أتوقَّــــــــــعُ
تحميه من جند الإله كتائــــــب كاليــمِّ أ قبل زا خراً يتدفَّــعُ
ویسترسل عبد السلام ثمَّ جنح إلى الاعتزال ، وأصبح كما يقول صاحب نسمة ا لسحر معتزلياً جاحظياً ، في أكثر شرحه للنهج ، بعد أَن كان شيعياً غالياً .
ویرد علیه العلامة المحقق ا لسيد سامي البدري :
كون مذهب ابن أبي الحديد هو التشيع ، ثم عدل عنه الى الإعتزال غير صحيح ، بل كان شافعيا شأن والده وإخوانه ، وهو مقتضى قبوله في المدرسة النظامية التي لا تقبل إلا الشوافع ، نعم تحوَّل الى مذهب الإعتزال على طريقة قدماء البغداديين كما قال عن نفسه في قصيدته الآنفة
الذكر حيث يقول :
ورأيت دين الاعتزال وإنَّنـي أهـوى لأجلك كلَّ من يتشيُّـع
أما علوياته المشهورة فقد نظمها للناصر لدين الله أبي العباس أحمد بن الحسن المستضئ خلافته(575-622) لما أظهر الميل الى التشيع ، وقد وُلِد ابن أبي الحديد في زمانه ، وقد ذكره ابن ابي الحديد في أحدى علوياته ووصفه فيها بأنه ولي الدماء التي أريقت في كربلاء ، حيث يقول :
لهفي على تلك الدماء تراق في أيدي أمية عنوة وتُضَيَّـــــــــع
بأبي أبوالعباس أحمد إنـــــــــه خير الورى من أن تُطَلَّ ويمنــع
فهو الولي لثأرها وهو الحمول لعبئها إذ كل عود يضلـــــع
لقد غاب عن عبد السلام هارون ، وقبله صاحب نسمة السحر أنَّ مذهب قدماء البغداديين هو تفضيل علىّ عليه السلام على أ بي بكر مع تصحيح بيعة أ بي بكر بد عوى أنَّ عليّاً قد رضي بذلك ولم يكن ابن أبي الحديد شيعياً بالمصطلح الإمامي ، بل كان شيعياً بالمصطلح ا لسُّـنّي للتشيع ، حيث يعدُّ أهل السنّة كلَّ من يفضِّل عليّاً على عثمان شيعياً وكلَّ من يفضِّل عليّاً على أبي بكر شيعياً غالياً .
قال ابن أبي الحديد في شرح النهج ما خلاصته :
المعتزلة في التفضيل على قولين :
أحدهما : إنَّ أكثر المسلمين ثواباً أبو بكر .
و الآخر : إنَّ أكثرهم ثواباً عليٌّ وأصحابنا يقولون : إنَّ أكثر المسلمين ثواباً علىٌّ وكذلك الزيدية ، وأمَّا الأشعرية والكرامية وأهل الحديث فيقولون : أكثر المسلمين ثواباً أبو بكر .
قال ابن أبي الحديد : ثمَّ وقع بيدي بعد ذلك كتاب لشيخنا أبي جعفر الإسكافي ذكر فيه أنَّ مذهب بشر بن المعتمر وأبي موسى وجعفر بن مبشر وسائر قدماء البغداديين أنَّ أفضل المسلمين علىّ بن أبي طالب ، ثمَّ ابنه الحسن ، ثمَّ ابنه الحسين ، ثمَّ حمزة بن عبد المطلب ، ثمَّ جعفر بن أبي طالب ، ثمَّ أبو بكر بن أبي قحافه ، ثمَّ عمر بن الخطاب ، ثمَّ عثمان بن عفان ، قال : والمراد بالأفضل أكرمهم عند الله وأكثرهم ثواباً وأرفعهم في دار الجزاء منـزلة .
وقال : ثمَّ وقفت بعد ذلك على كتاب لشيخنا أبي عبد الله البصري (الحسين بن علي) يذ كر فيه هذه المقالة وينسبها إلى البغداديين وقال : إنَّ الشيخ أبا القاسم البلخي كان يقول بها ، وقبله الشيخ أبو الحسين الخيَّاط وهو شيخ المتأخرين من البغداديين قالوا كلُّهم بها ، فأعجبني هذا المذهب و سررت بأن ذهب الكثير من شيوخنا إليه ونظمته في الإرجوزة التي شرحت فيها عقيدة المعتزلة فقلت :
وخير خلق الله بعد المصطفى اعظمهم يوم الفخار شرفـا
السيد المعظم الوصـــــــــــي بعل البتول المرتضى علــي
وابناه ثمَّ حمزة وجعفـــــــــر ثم عتيق بعدهم لا ينكـــــر
المخلص الصديق ثمَّ عمـــــر فاروق دين الله ذاك القسور
وبعده عثمان ذو النــــــورين هذا هو الحق بغير ميـــــــن
وقال أيضاً معلقاً على رواية ابن ديزيل بسنده إلى زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ألا أدلَّكم على ما إن تسالمتم عليه لم تهلكوا ؟ إنَّ وليَّكم الله وإنَّ إمامكم علي بن أبي طالب ، فناصحوه ، وصدِّقوه ، فإنَّ جبريل أخبرني بذلك .
قال ابن أبي الحديد : فإن قلتَ هذا نصٌّ صريحٌ في الإمامة فما الذي تصنع المعتزلة بذلك .
قلت : يجوز أن يريد أنَّه إمامهم في الفتاوى والأحكام الشرعية ، لا في الخلافة .
وقال أيضاً : فإنَّا قد شرحنا من قول شيوخنا البغداديين ما محصَّله أنَّ الإمامة كانت لعلي عليه السلام إنْ رغب فيها ونازع عليها ، وإنْ أقرَّها في غيره وسكت عنها تولَّينا ذلك الغير وقلنا بصحة خلافته ، وأمير المؤمنين عليه السلام لم ينازع الأئمة الثلاثة ولا جرَّد السيف ولا استنجد بالناس عليهم ، فدلَّ ذلك على إقراره لهم على ما كانوا فيه ، فلذلك تولَّيناهم وقلنا فيهم بالطهارة والخير والصلاح ، ولو حاربهم وجرَّد السيف عليهم واستصرخ العرب على حربهم ، لقلنا فيهم ما قلناه فيمن عامله هذه المعاملة من التفسيق والتضليل .
وقال أيضا : (و لهذا كان أصحابنا (أي المعتزلة) أصحاب النجاة والخلاص والفوز في هذه المسألة ، لأنَّهم سلكوا طريقة مقتصدة ، قالوا : هو (أي علي) أفضل الخلق في الآخرة وأعلاهم منزلة في الجنَّة وأفضل الخلق في الدنيا وأكثرهم خصائص و مزايا ومناقب ، وكلُّ من عاداه ، أو حاربه ، أو أبغضه ، فإنَّه عدوٌّ لله سبحانه وخالد في النار مع الكفَّار والمنافقين إلاَّ أن يكون ممَّن قد ثبتت توبته ومات على توليه وحبِّه .
فأمّا الأفاضل من المهاجرين والأنصار الذين ولوا الإمامة قبله فلو أ نَّه أ نكر إمامتهم ، وغضب عليهم ، وسخط فعلهم ، فضلاً عن أن يشهر عليهم السيف ، أو يد عو إلى نفسه ، لقلنا أنَّهم من الهالكين كما لو غضب عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله لأنَّه قد ثبت أنَّ رسول الله قال له : (حربك حربي وسلمك سلمي) وأنَّه قال : (اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) وقال له : (لا يحبُّك إلاَّ مؤمن ولا يبغضك إلاَّ منافق) ، ولكنَّا رأيناه رضي إمامتهم ، وبايعهم ، وصلَّى خلفهم ، وأنكحهم ، وأكل من فيئهم ، فلم يكن لنا أن نتعدَّى فعله ، ولا نتجاوز ما اُشتهر عنه ، ألا ترى أنَّه لمَّا بري من معاوية برئنا منه ، ولمَّا لعنه لعناه ، ولمَّا حكم بضلال أهل الشام ومن كان فيهم من بقايا ا لصحابة كعمرو بن العاص وابنه وغيرهما حكمنا أيضاً بضلالهم .
فأمّا من قال بتفضيله على الناس كافَّة من التابعين فخلق كثير ، كأويس القرني وزيد بن صوحان وصعصعة أخيه وجندب الخير وعبيدة السلماني وغيرهم ممَّن لا يحصى كثرةولم تكن لفظة الشيعة تعرف في ذلك العصر إلاَّ لمن قال بتفضيله ، ولم تكن مقالة الإمامية ومن نحا نحوها من الطاعنين في إمامة السلف مشهورة حينئذ على هذا النحو من الاشتهار فكان القائلون بالتفضيل هم المسمَّوْن الشيعة وجميع ما ورد من الآثار والأخبار في فضل الشيعة وأنَّهم موعودون بالجنة ، فهؤلاء هم المعنيون به دون غيرهم ، ولذلك قال أصحابنا المعتزلة في كتبهم وتصانيفهم : نحن الشيعة حقّاً ، فهذا القول هو أقرب إلى السلامة وأشبه بالحق من القولين المقتسمين طرفي الإفراط والتفريط إن شاء الله) .
وقال أيضاً : فأمّا علي عليه السلام ، فإنَّه عندنا بمنـزلة الرسول صلى الله عليه وآله في تصويب قوله ، والاحتجاج بفعله ، ووجوب طاعته ، ومتى صحَّ عنه أنَّه قد برى من أحد من الناس برئنا منه ، كائناً من كان ، ولكن الشأن في تصحيح ما يروى عنه عليه السلام فقد كثر الكذب عليه ، وولَّدت العصبيَّةُ أحاديث لا أصل لها .
فأمّا براءته عليه السلام من المغيرة وعمرو بن العاص ومعاوية فهو عندنا معلوم ، جار مجرى الأخبار المتواترة ، فلذلك لا يتولاَّهم أصحابنا ، ولا يثنون عليهم ، وهم عند المعتزلة في مقام غير محمود ، وحاش لله أن يكون عليه السلام ذكر من سلف من شيوخ المهاجرين إلاَّ بالجميل ، والذكر الحسن بموجب ما تقتضيه رئاسته في الدين ، وإخلاصه في طاعة ربِّ العالمين ، ومن أحبَّ تتبُّع ما روي عنه ممّا يوهم في الظاهر خلاف ذلك فليراجع هذا الكتاب (أعنى شرح نهج البلاغة) ، فإنّا لم نترك موضعاً يوهم خلاف مذهبنا إلاَّ وأوضحناه ، وفسَّرناه على وجه يوافق الحق وبالله التوفيق .
ویقول العلامة المحقق السيد سامي البدري أما قول صاحب نسمة السحر (أنه صار معتزلياً جاحظياً) فيرده ان الجاحظ هو من القسم الآخر من المعتزلة ، الذي يذهب الى تفضيل عثمان على علي عليه السلام ، وقد ألف كتاب العثمانية في تشييد عقيدته تلك ورد عليه الاسكافي المعتزلي وكذلك ابن ابي الحديد في كتابه مناقضة السفيانية . (4)
ویذهب الدکتور صادق سیاحی الی مذهب الزرکلی فی اعتزا له ،وتستطرد الدکتورة
مرضیة آباد:
(( ا نه کان یبدو شیعیا ا مامیا وان نراه مذبذبا فی ا را ئه التی یبدیها فی اشعاره واثاره فنراه فی شبا به شیعیا متعصبا لعلي (ع) علی ابی بکر فی قصائده السبع العلویات کما نجده عباسیا مضادا للعلوین فی مستنصریاته ونجده فی شرحه لنهج البلاغة شیعیا تا رة وسنیا تارة اخری ولا نستبعد ان یکون ما کان یظهره من التسنن وا لعبا سیة لا رضاء ممدوحیه و لتثبیت مو قعه فی
الدولة العباسیة )) .(5)
واننا اذ اوردنا هذا اللغط الكثير الذي دار حول مذهب ابي الحديد رحمه الله اردنا من القارئ ان يقرء مابين السطورو يتبصر هو بنفسه حقيقة الكلام ومن ثم اوجزنا رأينا بالنقاط ادناه :
v ان الواجب الاخلاقي يحتم علينا ان ننظر الي الرجل نظرة اكاديمية بغض النظر عن اهوائنا الداخلية فأن ابن ابي الحديد قد ابدع فيما جاد به وانصف فيما بين الفريقين مع اننا نجد ممن يرد موزانته من هذا الطرف ومن ذاك .
v كون الرجل سنيا اوشيعيا لا يقلل من شانه لآن النتيجة هي واحدة انه احد العلماء المسلمين .
v ان ابي الحديد حينما يبدي اعتقاده في شعره ومصنفا ته انما اراد ان يوصل للعامة بطريقة سهلة واسلوب سلس مايلجلج لبابة صدره .
v من خلال ما قرأناه نرى ان اللاعتقاد السائد لدي البعض بأن ابي الحديد كان شيعيا ومن ثم انتقل الى مذهب العامة عار عن الصحة واني اذهب الى ماذهب اليه العلامة البدري في ان ابن ابي الحديد هو من ابناء العامة ومن اصحاب مدرسة الآعتزال البغدادية التي تقر بأفضلية أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام .
ان الانسان وليد البحث والدرس والتطور العلمي خلال حياته واذا ما أضفنا الرغبات الداخلية للآنسان فأن النتيجة الفعلية ان ينعكس هذا الموضوع في اراءه ولان ابن ابي الحديد كان يعبر عنها في مؤلفاته واشعاره فمن الطبيعي ان نراه مذبذبا في اراءه .
ملاحظة / هذا المبحث هو القسم الخامس من الفصل الثاني من بحثنا الموسوم (ابن ابي الحديد من اعلام العصر العباسي الثاني )والذي يود الاطلاع على البحث بأكمله يمكنه الرجوع للرابط ادناه :
http://www.4shared.com/file/8U5_47h6/___-_.html (http://www.4shared.com/file/8U5_47h6/___-_.html)
مصادر البحث :
· آباد ،مرضيه ،تاريخ الادب العربي في العصر العباسي الثاني ،طهران ،(سمت ) ، الطبعة الاولى ،1386 ش .
· ابراهيم ،محمد ابو الفضل ،تحقيق نهج البلاغة بشرح ابن ابي الحديد ،دار احياء الكتب العربية، الطبعة الثانية ،1965 م .
· البدري ،سامي ،المدخل الى دراسة مصادر السيرة النبوية والتاريخ الاسلامي ، صفحة مكتب العلامةالمحقق السيد سامي البدري :
http://www.albadri.info/books/madkhal/index.htm
· الخوانساري ،محمد باقر ،روضات الجنات في احوال العلماء والسادات ،تحقيق اسد الله اسماعيليان ،قم المقدسة ،مكتبة اسماعيليان ،1392 ه .
· الخياباني ،ريحانة الادب ،طهران ،(بى نا ) ،1326 ش .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
(1)ابراهيم ،1965 :1/13
(2) ا لخوا نساري ،1392 : 5/20
(3) الخیابانی ،1326 :7/333
(4) البدري، صفحة المكتب
(5) آباد ،1386 :115
محمود الصبار
هناک اختلا ف فی کونه سنيا اصولیا معتزلا او شیعیا مغالیا فقد ذ کره الزرکلی فی اعلا مه انه من اعیان المعتزلة فی حین یصفه ا بن کثیر فی البدایة والنهایة ا نه شیعی مغا لی ویستدرک القول انه کان حضیا عند الوزیر ابن ا لعلقمی لما بینهما من المناسبةوالمقاربة والمشابهة فی التشیع والادب والفطنة .
وذهب عمر فروخ فی کتابه تاریخ الادب العربی الی انه یمیل ا لی الا عتزال ومتکلما علی رائیهم وینقل انه اشتهر بالتواتر ا نه شیعی ولکن المصادر التی تشیر ا لی هذا فیما یتعلق بحیاته لا تذکر ذلک بصراحه والدلیل المتوفر هو شرحه لنهج البلا غه وتقدیمه للوزیر ابن العلقمی الذی کان یتصف
بأ خلاصه لا هل البیت (ع) .
ویراه محمد ا بو الفضل ا براهیم فی تحقیقه لشرح نهج البلا غة ا نه فقیها اصولیا اصطنع مذ هب الاعتزال وعلی اسا سه جادل وناظر وحاج ونا قش وفی شرح النهج وکثیر من کتبه اراء منثوره مما ذهب الیه وله مع الا شعری وا لغزا لی وا لرازی کتب و مواقف . ویستدرک ان ولادته و نشأته فی المدائن وتلقی علموه علی ید شیوخها ودرسه للمذاهب ا لکلا میه فیها ثم مال الی مذهب الا عتزال منها وکان الغالب علی اهل المدائن التتشیع والتطرف والمغالاة فسار فی دروبهم وتقیل مذهبهم ونظم القصائد المعروفة بالعلویات السبع علی طریقتهم وفیها غالی وتشیع،ويستدرك وحينما انقضت ايام صباه خف الى بغداد واختلط بالعلماء من اصحاب الذاهب ،ثم جنح الى الاعتزال ،واصبح كما يقول صاحب "نسمة السحر"معتزليا جاحظيا ، في أكثر شرحه للنهج بعد ان كان شيعيا غاليا . (1)
یقول عنه المرزا الخوانساري الا صبهانی فی روضات الجنات ا نه الشیخ الکا مل الادیب المورخ المدائنی الحکیم الاصولی المعتزلی ابن ابی الحدید من اکابر الفضلاء المتتبعین واعاظم النبلاء المتبحرین موالیا لاهل بیت العصمة والطهارة وان کان فی زی ا هل ا لسنة والجماعة منصفا غایة الانصاف فی المحاکمه بین الفریقین ومعترفا فی ذلک المصاف بان الحق یدور مع والد الحسنین (ع) یراه بین علماء ا لعامة بمنزلة عمر بن عبد العزیز الاموی بین خلفائهم وحسب الدلاله علی علو منزلته فی الدین وغلوه فی ولایه امیر المومنین (ع) شرحه الشریف الجامع لکل نفیسه وغریب والحاوی لکل نافحه ذات طیب من الا حادیث النادرة والا قاصیص الفاخرة وا لعوارف الا یمانیة ، وکذ لک الکلمات الا لف التی جمعها من احادیث امیر المؤمنین والحقها بشرحه المذ کور المتین والقصائد التی انشدها فی فضا ئله ومدائحه .
وذ کر بعض العلماء المتاخرین ان شرح ابن ابی الحدید علی مذاق المتکلمین مع ضغث من التصو ف وضغث من الحکمة وشرح المیثم علی مذاق الحکماء واهل العرفان وشرح المیرزا علاء الدین الحسینی الملقب بکلستا نة علی مذاق الاخباریین وقال ایضا ان ابن ابی الحدید متکلم کتب علی طرز الکلام وابن میثم حکیم کتب علی قانون الحکمة َ،وکثیرا ما یسلط ید التاویل علی الظواهر حتی فیما لا مجال للتآویل فیه وابن ابی الحدید مع تسننه قد یتوهم من شرحه تشیعه وا بن المیثم با لعکس .
وظاهر کثیر اهل السنه ایضآ انکار تسنن الرجل رآسا بعد تشبث الشیعه فی ا سکاتهم والا لزام علیهم بکلماته المفیده وا نصا فاته الجیده وا عترفاته المکرره الحمیده .
وقد ذکره الشیخ عبد ا لرزاق بن احمد بن محمد بن ابی المعالی الشیبانی الفوطی الادیب المؤرخ المشهور . (2)
ویذهب صا حب کتاب ریحانة الادب الی انه معتزلی الا صول شافعی الفروع وانه کان من فحول واکابر علماءالمعتزلة وا نه سلک مسلک اهل الجما عه وانه کان منصفا نهایه الا نصاف فی المحاکمةبین الفریقین باقراره حق امیر المؤ منین (ع) ویذ كر صاحب مجمع البحرین ان ابن ابی الحدید معتزلی الا صول ومنسوب الی فرقتهم ویوجز ان هذه الفرقه تقر بعداله وتوحید امیر المؤمنین (ع) ویستدرک ان جملة: الحمد لله الذی قدم المفضول علی الفاضل فی اول نهج البلا غة مشعرة بتشیعه وانکار تسننه السابق. (3)
ويقول الشيخ القمي في الكنى والالقاب : كان مذهبه الاعتزال كما شهد لنفسه في إحدى قصائده في مدح امير المؤمنين (ع) بقوله : ورأيت دين الاعتزال و......
وذ كره صاحب كتاب نسمة ا لسَّحَر في ذكر من تشيّع وشعر في عداد الشعراء المائلين إ لى التشيّع وقد اصبح معتزلياً جاهزيا في اكثر شرحه بعد ان كان شيعياً غالياً .
ویقول عبد السلام هارون : كان الغالب على أهل المدائن التشيُّع والتطرُّف والمغالاة فسار ابن أبي الحديد في دربهم وتقيَّل مذهبهم ، ونظم القصائد المعروفة بالعلويات السبع على طريقتهم ، وفيها غالى وتشيَّع وذهب به الإسراف في كثير من أبياتها كلَّ مذهب يقول في إحداها :
علم الغيوب إليه غير مدا فـــــع وا لصبح أبيض مسفر لا يدفعُ
وإليه في يوم المعاد حسابنــــــا وهو الملاذ لنا غداً والمفـــزعُ
هذا اعتقادي قد كشفت غطاءه سيضرُّ معتقداً له أو ينفـــــعُ
يا من له في أرض قلبي منــــــزل نعم المراد الرحب والمستربعُ
رأيت دين الاعتزال و إنَّنـــــــــي أهوى لأجلك كلَّ من يتشيــــعُ
ولقد علمتُ بأنَّه لابدَّ مــــــــــن مهديِّكم و ليومــِه أتوقَّــــــــــعُ
تحميه من جند الإله كتائــــــب كاليــمِّ أ قبل زا خراً يتدفَّــعُ
ویسترسل عبد السلام ثمَّ جنح إلى الاعتزال ، وأصبح كما يقول صاحب نسمة ا لسحر معتزلياً جاحظياً ، في أكثر شرحه للنهج ، بعد أَن كان شيعياً غالياً .
ویرد علیه العلامة المحقق ا لسيد سامي البدري :
كون مذهب ابن أبي الحديد هو التشيع ، ثم عدل عنه الى الإعتزال غير صحيح ، بل كان شافعيا شأن والده وإخوانه ، وهو مقتضى قبوله في المدرسة النظامية التي لا تقبل إلا الشوافع ، نعم تحوَّل الى مذهب الإعتزال على طريقة قدماء البغداديين كما قال عن نفسه في قصيدته الآنفة
الذكر حيث يقول :
ورأيت دين الاعتزال وإنَّنـي أهـوى لأجلك كلَّ من يتشيُّـع
أما علوياته المشهورة فقد نظمها للناصر لدين الله أبي العباس أحمد بن الحسن المستضئ خلافته(575-622) لما أظهر الميل الى التشيع ، وقد وُلِد ابن أبي الحديد في زمانه ، وقد ذكره ابن ابي الحديد في أحدى علوياته ووصفه فيها بأنه ولي الدماء التي أريقت في كربلاء ، حيث يقول :
لهفي على تلك الدماء تراق في أيدي أمية عنوة وتُضَيَّـــــــــع
بأبي أبوالعباس أحمد إنـــــــــه خير الورى من أن تُطَلَّ ويمنــع
فهو الولي لثأرها وهو الحمول لعبئها إذ كل عود يضلـــــع
لقد غاب عن عبد السلام هارون ، وقبله صاحب نسمة السحر أنَّ مذهب قدماء البغداديين هو تفضيل علىّ عليه السلام على أ بي بكر مع تصحيح بيعة أ بي بكر بد عوى أنَّ عليّاً قد رضي بذلك ولم يكن ابن أبي الحديد شيعياً بالمصطلح الإمامي ، بل كان شيعياً بالمصطلح ا لسُّـنّي للتشيع ، حيث يعدُّ أهل السنّة كلَّ من يفضِّل عليّاً على عثمان شيعياً وكلَّ من يفضِّل عليّاً على أبي بكر شيعياً غالياً .
قال ابن أبي الحديد في شرح النهج ما خلاصته :
المعتزلة في التفضيل على قولين :
أحدهما : إنَّ أكثر المسلمين ثواباً أبو بكر .
و الآخر : إنَّ أكثرهم ثواباً عليٌّ وأصحابنا يقولون : إنَّ أكثر المسلمين ثواباً علىٌّ وكذلك الزيدية ، وأمَّا الأشعرية والكرامية وأهل الحديث فيقولون : أكثر المسلمين ثواباً أبو بكر .
قال ابن أبي الحديد : ثمَّ وقع بيدي بعد ذلك كتاب لشيخنا أبي جعفر الإسكافي ذكر فيه أنَّ مذهب بشر بن المعتمر وأبي موسى وجعفر بن مبشر وسائر قدماء البغداديين أنَّ أفضل المسلمين علىّ بن أبي طالب ، ثمَّ ابنه الحسن ، ثمَّ ابنه الحسين ، ثمَّ حمزة بن عبد المطلب ، ثمَّ جعفر بن أبي طالب ، ثمَّ أبو بكر بن أبي قحافه ، ثمَّ عمر بن الخطاب ، ثمَّ عثمان بن عفان ، قال : والمراد بالأفضل أكرمهم عند الله وأكثرهم ثواباً وأرفعهم في دار الجزاء منـزلة .
وقال : ثمَّ وقفت بعد ذلك على كتاب لشيخنا أبي عبد الله البصري (الحسين بن علي) يذ كر فيه هذه المقالة وينسبها إلى البغداديين وقال : إنَّ الشيخ أبا القاسم البلخي كان يقول بها ، وقبله الشيخ أبو الحسين الخيَّاط وهو شيخ المتأخرين من البغداديين قالوا كلُّهم بها ، فأعجبني هذا المذهب و سررت بأن ذهب الكثير من شيوخنا إليه ونظمته في الإرجوزة التي شرحت فيها عقيدة المعتزلة فقلت :
وخير خلق الله بعد المصطفى اعظمهم يوم الفخار شرفـا
السيد المعظم الوصـــــــــــي بعل البتول المرتضى علــي
وابناه ثمَّ حمزة وجعفـــــــــر ثم عتيق بعدهم لا ينكـــــر
المخلص الصديق ثمَّ عمـــــر فاروق دين الله ذاك القسور
وبعده عثمان ذو النــــــورين هذا هو الحق بغير ميـــــــن
وقال أيضاً معلقاً على رواية ابن ديزيل بسنده إلى زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ألا أدلَّكم على ما إن تسالمتم عليه لم تهلكوا ؟ إنَّ وليَّكم الله وإنَّ إمامكم علي بن أبي طالب ، فناصحوه ، وصدِّقوه ، فإنَّ جبريل أخبرني بذلك .
قال ابن أبي الحديد : فإن قلتَ هذا نصٌّ صريحٌ في الإمامة فما الذي تصنع المعتزلة بذلك .
قلت : يجوز أن يريد أنَّه إمامهم في الفتاوى والأحكام الشرعية ، لا في الخلافة .
وقال أيضاً : فإنَّا قد شرحنا من قول شيوخنا البغداديين ما محصَّله أنَّ الإمامة كانت لعلي عليه السلام إنْ رغب فيها ونازع عليها ، وإنْ أقرَّها في غيره وسكت عنها تولَّينا ذلك الغير وقلنا بصحة خلافته ، وأمير المؤمنين عليه السلام لم ينازع الأئمة الثلاثة ولا جرَّد السيف ولا استنجد بالناس عليهم ، فدلَّ ذلك على إقراره لهم على ما كانوا فيه ، فلذلك تولَّيناهم وقلنا فيهم بالطهارة والخير والصلاح ، ولو حاربهم وجرَّد السيف عليهم واستصرخ العرب على حربهم ، لقلنا فيهم ما قلناه فيمن عامله هذه المعاملة من التفسيق والتضليل .
وقال أيضا : (و لهذا كان أصحابنا (أي المعتزلة) أصحاب النجاة والخلاص والفوز في هذه المسألة ، لأنَّهم سلكوا طريقة مقتصدة ، قالوا : هو (أي علي) أفضل الخلق في الآخرة وأعلاهم منزلة في الجنَّة وأفضل الخلق في الدنيا وأكثرهم خصائص و مزايا ومناقب ، وكلُّ من عاداه ، أو حاربه ، أو أبغضه ، فإنَّه عدوٌّ لله سبحانه وخالد في النار مع الكفَّار والمنافقين إلاَّ أن يكون ممَّن قد ثبتت توبته ومات على توليه وحبِّه .
فأمّا الأفاضل من المهاجرين والأنصار الذين ولوا الإمامة قبله فلو أ نَّه أ نكر إمامتهم ، وغضب عليهم ، وسخط فعلهم ، فضلاً عن أن يشهر عليهم السيف ، أو يد عو إلى نفسه ، لقلنا أنَّهم من الهالكين كما لو غضب عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله لأنَّه قد ثبت أنَّ رسول الله قال له : (حربك حربي وسلمك سلمي) وأنَّه قال : (اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) وقال له : (لا يحبُّك إلاَّ مؤمن ولا يبغضك إلاَّ منافق) ، ولكنَّا رأيناه رضي إمامتهم ، وبايعهم ، وصلَّى خلفهم ، وأنكحهم ، وأكل من فيئهم ، فلم يكن لنا أن نتعدَّى فعله ، ولا نتجاوز ما اُشتهر عنه ، ألا ترى أنَّه لمَّا بري من معاوية برئنا منه ، ولمَّا لعنه لعناه ، ولمَّا حكم بضلال أهل الشام ومن كان فيهم من بقايا ا لصحابة كعمرو بن العاص وابنه وغيرهما حكمنا أيضاً بضلالهم .
فأمّا من قال بتفضيله على الناس كافَّة من التابعين فخلق كثير ، كأويس القرني وزيد بن صوحان وصعصعة أخيه وجندب الخير وعبيدة السلماني وغيرهم ممَّن لا يحصى كثرةولم تكن لفظة الشيعة تعرف في ذلك العصر إلاَّ لمن قال بتفضيله ، ولم تكن مقالة الإمامية ومن نحا نحوها من الطاعنين في إمامة السلف مشهورة حينئذ على هذا النحو من الاشتهار فكان القائلون بالتفضيل هم المسمَّوْن الشيعة وجميع ما ورد من الآثار والأخبار في فضل الشيعة وأنَّهم موعودون بالجنة ، فهؤلاء هم المعنيون به دون غيرهم ، ولذلك قال أصحابنا المعتزلة في كتبهم وتصانيفهم : نحن الشيعة حقّاً ، فهذا القول هو أقرب إلى السلامة وأشبه بالحق من القولين المقتسمين طرفي الإفراط والتفريط إن شاء الله) .
وقال أيضاً : فأمّا علي عليه السلام ، فإنَّه عندنا بمنـزلة الرسول صلى الله عليه وآله في تصويب قوله ، والاحتجاج بفعله ، ووجوب طاعته ، ومتى صحَّ عنه أنَّه قد برى من أحد من الناس برئنا منه ، كائناً من كان ، ولكن الشأن في تصحيح ما يروى عنه عليه السلام فقد كثر الكذب عليه ، وولَّدت العصبيَّةُ أحاديث لا أصل لها .
فأمّا براءته عليه السلام من المغيرة وعمرو بن العاص ومعاوية فهو عندنا معلوم ، جار مجرى الأخبار المتواترة ، فلذلك لا يتولاَّهم أصحابنا ، ولا يثنون عليهم ، وهم عند المعتزلة في مقام غير محمود ، وحاش لله أن يكون عليه السلام ذكر من سلف من شيوخ المهاجرين إلاَّ بالجميل ، والذكر الحسن بموجب ما تقتضيه رئاسته في الدين ، وإخلاصه في طاعة ربِّ العالمين ، ومن أحبَّ تتبُّع ما روي عنه ممّا يوهم في الظاهر خلاف ذلك فليراجع هذا الكتاب (أعنى شرح نهج البلاغة) ، فإنّا لم نترك موضعاً يوهم خلاف مذهبنا إلاَّ وأوضحناه ، وفسَّرناه على وجه يوافق الحق وبالله التوفيق .
ویقول العلامة المحقق السيد سامي البدري أما قول صاحب نسمة السحر (أنه صار معتزلياً جاحظياً) فيرده ان الجاحظ هو من القسم الآخر من المعتزلة ، الذي يذهب الى تفضيل عثمان على علي عليه السلام ، وقد ألف كتاب العثمانية في تشييد عقيدته تلك ورد عليه الاسكافي المعتزلي وكذلك ابن ابي الحديد في كتابه مناقضة السفيانية . (4)
ویذهب الدکتور صادق سیاحی الی مذهب الزرکلی فی اعتزا له ،وتستطرد الدکتورة
مرضیة آباد:
(( ا نه کان یبدو شیعیا ا مامیا وان نراه مذبذبا فی ا را ئه التی یبدیها فی اشعاره واثاره فنراه فی شبا به شیعیا متعصبا لعلي (ع) علی ابی بکر فی قصائده السبع العلویات کما نجده عباسیا مضادا للعلوین فی مستنصریاته ونجده فی شرحه لنهج البلاغة شیعیا تا رة وسنیا تارة اخری ولا نستبعد ان یکون ما کان یظهره من التسنن وا لعبا سیة لا رضاء ممدوحیه و لتثبیت مو قعه فی
الدولة العباسیة )) .(5)
واننا اذ اوردنا هذا اللغط الكثير الذي دار حول مذهب ابي الحديد رحمه الله اردنا من القارئ ان يقرء مابين السطورو يتبصر هو بنفسه حقيقة الكلام ومن ثم اوجزنا رأينا بالنقاط ادناه :
v ان الواجب الاخلاقي يحتم علينا ان ننظر الي الرجل نظرة اكاديمية بغض النظر عن اهوائنا الداخلية فأن ابن ابي الحديد قد ابدع فيما جاد به وانصف فيما بين الفريقين مع اننا نجد ممن يرد موزانته من هذا الطرف ومن ذاك .
v كون الرجل سنيا اوشيعيا لا يقلل من شانه لآن النتيجة هي واحدة انه احد العلماء المسلمين .
v ان ابي الحديد حينما يبدي اعتقاده في شعره ومصنفا ته انما اراد ان يوصل للعامة بطريقة سهلة واسلوب سلس مايلجلج لبابة صدره .
v من خلال ما قرأناه نرى ان اللاعتقاد السائد لدي البعض بأن ابي الحديد كان شيعيا ومن ثم انتقل الى مذهب العامة عار عن الصحة واني اذهب الى ماذهب اليه العلامة البدري في ان ابن ابي الحديد هو من ابناء العامة ومن اصحاب مدرسة الآعتزال البغدادية التي تقر بأفضلية أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام .
ان الانسان وليد البحث والدرس والتطور العلمي خلال حياته واذا ما أضفنا الرغبات الداخلية للآنسان فأن النتيجة الفعلية ان ينعكس هذا الموضوع في اراءه ولان ابن ابي الحديد كان يعبر عنها في مؤلفاته واشعاره فمن الطبيعي ان نراه مذبذبا في اراءه .
ملاحظة / هذا المبحث هو القسم الخامس من الفصل الثاني من بحثنا الموسوم (ابن ابي الحديد من اعلام العصر العباسي الثاني )والذي يود الاطلاع على البحث بأكمله يمكنه الرجوع للرابط ادناه :
http://www.4shared.com/file/8U5_47h6/___-_.html (http://www.4shared.com/file/8U5_47h6/___-_.html)
مصادر البحث :
· آباد ،مرضيه ،تاريخ الادب العربي في العصر العباسي الثاني ،طهران ،(سمت ) ، الطبعة الاولى ،1386 ش .
· ابراهيم ،محمد ابو الفضل ،تحقيق نهج البلاغة بشرح ابن ابي الحديد ،دار احياء الكتب العربية، الطبعة الثانية ،1965 م .
· البدري ،سامي ،المدخل الى دراسة مصادر السيرة النبوية والتاريخ الاسلامي ، صفحة مكتب العلامةالمحقق السيد سامي البدري :
http://www.albadri.info/books/madkhal/index.htm
· الخوانساري ،محمد باقر ،روضات الجنات في احوال العلماء والسادات ،تحقيق اسد الله اسماعيليان ،قم المقدسة ،مكتبة اسماعيليان ،1392 ه .
· الخياباني ،ريحانة الادب ،طهران ،(بى نا ) ،1326 ش .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
(1)ابراهيم ،1965 :1/13
(2) ا لخوا نساري ،1392 : 5/20
(3) الخیابانی ،1326 :7/333
(4) البدري، صفحة المكتب
(5) آباد ،1386 :115