المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (((حقيقة علم التفسير)))


شهيدالله
22-05-2010, 10:11 PM
من كتاب -تفسير القرآن الكريم -
السيد مصطفى الخميني قدس - ج 1


(((حقيقة علم التفسير)))
....................

لمقدمة هنا مسألتان : المسألة الأولى ما هي حقيقة علم التفسير ؟ قال ابن حيان: " لم أقف لأحد من علماء التفسير على رسم له . فنقول : التفسير في اللغة الإبانة والكشف ، قاله ابن دريد . . . إلى أن قال : وأما الرسم في الاصطلاح ، فنقول : التفسير علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الإفرادية والتركيبية ومعانيها التي عليها حالة التركيب مع تتمات لذلك ". انتهى .
والذي تقرر : أن لكل علم موضوعا ، وربما يكون موضوع العلم عين موضوع مسائله ، وما هو موضوع علم التفسير في هذه المسألة هو القرآن بمجموعه ، وموضوع مسائله أجزاؤه كعلم الجغرافيا وأما تعريفه : فهو العلم بالمرادات والمقاصد الكامنة فيه بالإحاطة بها بقدر الطاقة البشرية ، والإحاطة المطلقة غير ممكنة حتى لمن نزل عليه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . وما جعله رسما له يرجع إلى انحلال علم التفسير إلى العلوم المختلفة ، وعدم كونه علما مستقلا قبال سائر العلوم المدونة . وأما عوارضه الذاتية
: فهي ما تعرض لموضوعات مسائله من غير واسطة تورث مجازيتها . واتضح من تعريفه ما هو حقيقتها . وأما غايته : فهو الوصول إلى درجة العقول في النيل بالأصول النازلة على الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . وشرافته - بعد بعض العلوم - أكثر من سائر الفنون لشرافة موضوعه . وله مبادئ تصورية وتصديقية من العلوم الأدبية الراجعة إلى فهم المفردات والمركبات . وحيث إن المحرر في محله : أن وحدة العلوم اعتبارية ، وليست طبيعية ولا تأليفية ، وهي تابعة لوحدة الموضوع
، فعلم التفسير : تارة يكون موضوعه مطلق الكتب السماوية ، وأخرى يكون كتابا خاصا ، والذي هو موضوع علم التفسير في هذه الأمة هو القرآن العظيم والكتاب الكريم ، فيشبه علم الطب في السعة والضيق بحسب سعة الموضوع وضيقه . وغير خفي : أن مسائل هذا العلم ليست من القضايا الحقيقية ، بل هي دائرة بين القضايا الخارجية والشخصية . ونحن قد بسطنا البحث حول هذه المسائل في موسوعتنا الأصولية
، ولمكان أن المفسر لابد أن لا يتجاوز عن مقصوده ، ولا ينظر في بعض الفنون - التي من المبادئ التصورية أو التصديقية لهذا العلم الشريف - نظرا ينتهي إليه مرامه ، أشرنا إلى هذا النموذج الإجمالي ، ونعتذر .
وإن شئت قلت : إن علم التفسير علم طويل سلمه ، سميكة أفلاكه وأنجمه ، بعيد الغور ، غريب الطور ، ذو سبل فجاج ، متفنن الطرق في الاستقامة والاعوجاج ، قلما اهتدى إلى أغواره إلا واحد بعد واحد ، لأن كلام الكبرياء أجل من أن يكون شريعة لكل وارد ، وقليل من الناس وصلوا إلى أسراره وهم مع ذلك ينادون من مكان بعيد ، إذ موضوع هذا العلم - وهو القرآن - ليس له حد يقف إليه الأفهام ، وليس كغيره من كلام الأنام ، وإنما هو مقال الملك العلام ذو عبارات للعلماء وإشارات وحقائق للأولياء ولطائف للأنبياء ، بل هو بحر لجي في قعره درر ، وفي ظاهره خبر ، والناس في التقاط درره والوصول إلى خبره على مراتب متفاوتة . ومن أجل ذلك جاءت التفاسير مختلفة حسب اختلاف أهلها : فمنها ما يغلب عليه العربية والعلوم الأدبية من الإعراب والبيان ، ومنها ما يغلب عليه المجادلات الكلامية مما ظنوها من الحكمة والبرهان ، ومنها ما يغلب عليه القصص والسير ، ومنها ما يغلب عليه نقل الأحاديث والخبر ، ومنها ما يغلب عليه التأويلات البعيدة وبيانات غريبة عجيبة ، لأنهم لم يأخذوا التفاسير من مشكاة النبوة والولاية .
فالتفسير الجامع لمجامع العلوم والأحكام ، والكافل للحقائق والدقائق ، والشامل للإشارات والعبارات ، والحاوي لاس مطالب الحكمة والعرفان ، لم يتيسر لأحد من العلماء والحكماء ، ولا يمكن ذلك إلا لمن خص بهبة من الله تبارك وتعالى ووراثة من الأنبياء ، وأخذ العلم من مشكاة الأولياء ، واقتبس قوة قدسية ونورا من الله في قوالب إنسية . ولنعم ما قيل بالفارسية : جمع صورت با چنين معنى ژرف * نيست ممكن جز ز سلطان شگرف
وقال الوالد المحقق العارف برموز الكتاب وبعض أسراره :
" إن تفسير القرآن لا يتيسر إلا لله تعالى ، لأنه علمه النازل ، ولا يمكن الإحاطة به " .

المسألة الثانية.... ما هو سبب تسمية هذا المؤلف القيم بالقرآن وغيره من الأسماء المذكورة له ؟ أسماؤه المعروفة أربعة :
1 - القرآن : كما في قوله في سورة الزخرف * ( إنا جعلناه قرآنا عربيا ) ، وفي موضع آخر من البقرة : * ( شهر رمضان الذي أنزل فيه ‹ صفحة 7 › القرآن ) * ، وهذا يدل دون الأول ، لأنه أريد هناك معناه اللغوي . ولعله سمي بذلك لقوله تعالى في بدو الوحي والنزول : * ( إقرأ باسم ربك الذي خلق ) *، والمسمى هو هذا المؤلف الذي بين أيدي المسلمين . فيكون بالوضع التعيني كسائر الأسماء الموضوعة للمعاني الكلية . ونظيره كلمة " سلطان " ، فإنه مصدر أو اسم مصدر يطلق على الذات ، فالقرآن يطلق على ذات هذا السفر القيم ، نظير إطلاق الماء على الكل والجزء .
2 - الفرقان : كما في قوله تعالى : * ( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ) *
. 3 - الكتاب : كما في آيات
. 4 - الذكر : كما في قوله تعالى : * ( إنا نحن نزلنا الذكر )
وغيرها . ولكن هذه الثلاثة مشتركة بينه وبين سائر الكتب السماوية ، ففي قوله تعالى : * ( وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون ) وفي موضع من سورة الأنبياء : * ( ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين )
. فعلى هذا يختص الاسم بالقرآن ولذلك اشتهر به ، وما وجدت في الكتاب العزيز إطلاقه على سائر الكتب . وأما وجه التسمية والإطلاق فهو معلوم لا يحتاج إلى الإطالة المنهي عنها والإطناب المزعج . وسيظهر وجوه توصيفه في خلال الآيات الشريفة - إن شاء الله تعالى - بأوصاف مختلفة وعناوين شتى ، فعلى هذا تزداد أسمائه وألقابه إلى العشرات على ما ضبطه بعض المفسرين ولا تنحصر بالأربعة ، وغير خفي أن الخلط بين ما هو في حكم العلم وغيره ، غير جائز . وما هو العلم لهذا الكتاب هو القرآن برفض خصوصية المعنى ، بخلاف سائر الألقاب .
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
(((التفسير والتأويل )))

على المشارب المختلفة والمسالك الكثيرة
على مسلك الأخبار والآثار __
أنه تعالى * ( مالك يوم الدين ) * ، إقرار له بالبعث والحساب والمجازاة ، وإيجاب له ملك الآخرة ، كما أوجب له ملك الدنيا ، وإذ قال العبد : * ( مالك يوم الدين ) * ، فعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " أنه قال الله عز وجل جلاله : أشهدكم كما اعترف عبدي أني مالك يوم الدين ، لأسهلن يوم الحساب حسابه ، ولأتقبلن حسناته ولأتجاوزن عن سيئاته "
. وهو * ( مالك يوم ) * الحساب ، كما في قوله : * ( يا ويلنا هذا يوم الدين ) وأيضا * ( يوم الدين ) * يوم خروج القائم ( عليه السلام ) ، هكذا في " الكافي " وعنه عن الباقر ( عليه السلام ) : " * ( يوم الدين ) * أيام ثلاثة : يوم يقوم القائم ، ويوم الكرة ، ويوم القيامة وقريب منه : أنه * ( مالك يوم الدين ) * والجزاء والحساب والعقوبة في الدنيا والآخرة ، وأنه تعالى يجزي المتخلف الظالم حسب اقتضاء الظروف أنحاء الجزاء المناسب لتلك الظروف ، ولا يدع إلى الآخرة ، بمعنى أنه لا ينحصر يوم الجزاء بالآخرة ، وإن كان الجزاء الحقيقي والكلي في الآخرة ، وأما في الدنيا فبالنسبة إلى الأمم السالفة ، فقد كان يجزيهم في هذه النشأة وينزل عليهم أنواع العذاب ، من غرقهم ومن الخسف بهم وتنزيل الحجارة وغير ذلك . وأما بالنسبة إلى الأمة المرحومة الإسلامية وسائر الأمم المعاصرين لهم ، وإن كان البناء على تأخير العقوبة وإنما يعجل من يخاف الفوت ، ولكن كثيرا ما يتفق الجزاء والنكال في هذه النشأة أيضا رحمة منه تعالى وشفقة عليهم . إنه تعالى * ( مالك يوم الدين ) * والحساب ، كما في بعض أخبارنا ، وذلك لأن الجزاء يحصل في هذه النشأة أحيانا وفي البرزخ ، لأن القبر روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النيران. وهذا من الجزاء
حقيقة وواقعا ، بل الجزاء في الدنيا يظهر لبعض كثيرا ، فإنا نرى كثيرا من المنغمسين في شهواتهم ، يقضون أعمارهم وهم متمتعون بلذاتهم . نعم إنهم لا يسلمون من المنغصات وربما رقتهم الحوائج ابتلوا في أموالهم ، واعتلت أجسامهم ، وضعفت عقولهم ، ولكنه ليس هذا جزاء كاملا لما اقترفوه من عظيم الموبقات وكبير المنكرات . كذلك نرى كثيرا من المحسنين يبتلون بهضم حقوقهم ، ولا ينالون ما يستحقون من حسن الجزاء . نعم إنهم ينالون بعض الجزاء ، بإراحة ضمائرهم وسلامة أجسامهم وصفاء ملكاتهم وتهذيب أخلاقهم ، ولكن ليس هذا كل ما يستحقون من الجزاء . فإذا جاء ذلك اليوم استوفى كل عامل جزاء عمله كاملا ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر جزاء وفاقا لما عمل ، كما لا يخفى . فعلى هذا يتعين أن يكون المراد من * ( الدين ) * هو الحساب ، ولعل كلمة " الدين " المستعملة في القرآن كثيرا حتى بلغ أكثر من سبعين موردا أريد منها الحساب ، ودين الإسلام وسائر الأديان يسمى بالدين ، لأجل أن القوانين محاسبات الأعمال والأفعال ، ومحددات المسالك والمعايش والسياسات ، فكل ذلك حساب من الله تعالى . وعلى هذا إذا قيل : هو مالك يوم الحساب والدين ، وأريد منه يوم القيامة ، فهو باعتبار أن في ذلك اليوم كمال الدين والحساب وظهور الدين والمحاسبة ، وتتجلى فيه أحكام الإسلام والقرآن حق التجلي والظهور
وعلى مسلك أهل العرفان والشهود ___
أنه تعالى هو الآن * ( مالك يوم الدين ) * باعتبار منتهائيته التي هي حقيقة مالكيته للأشياء في يوم الدين ، إذا لا يجزي في الواقع إلا هو ، الذي ينتهي إليه الملك وقت الجزاء ، بإثابة النعمة الباقية عن الفانية في الظهور والتجلي ، وفي كل آن يثيب تلك النعمة عن النعمة الفانية ، عند التجرد عنها بالزهد وتجليات الأفعال ، عند انسلاخ العبد عن أفعاله . وأيضا تعويضه صفاته تعالى عند المحو عن صفاته ، وأيضا إبقاؤه بذاته ونحلته الوجود الحقاني عند الفناء عن ذاته . فتحصل من البدأ إلى المنتهى : أن مطلق الحمد وماهيته أزلا وأبدا ، على حسب استحقاقه إياه بذاته ، باعتبار البداية والنهاية وما بينهما في مقام الجمع على الألسنة بالتفصيل الماضي تحقيقه ، فهو الحامد والمحمود جمعا وتحقيقا والعابد والمعبود مبدأ ومنتهى ، وكل ذلك بالاعتبارات المساعد عليها البراهين القاطعة ، وإن لا يساعد عليها السنة الطاهرة . وقريب منه : أنه تعالى * ( مالك يوم الدين ) * بالملكية الأرقى من أنواع الملكيات ، لأنها ليست كمالكية الملاك لأملاكهم ، ولا كمالكية الملوك لممالكهم ، ولا كمالكية النفوس لأعضائها ، ولا كمالكية النفوس لقواها ولا لصورها العلمية الحاصلة الحاضرة عنده ، يفني ما شاء منها ، ويبقي ما شاء ، ويوجد ما شاء ، ويمحق ويثبت . بل مالكيته ليوم الدين غير مسبوقة بالسابقة المعدة ، وقريب من المالكية الأخيرة تنظيرا وتشبيها ، فإذا هو مالك حقيقة يوم الدين نفسه ، لا الأمر الآخر الذي توهم أنه المملوك ويوم الدين ظرفه ، بل يوم الدين ليس مثل اليوم المعهود في أفق الزمان وعمود الوقت اعتباريا وتخيليا ، فإنه مرتبة من الوجود وعالم كلي خارجي ، ولأجل ضيق المجال وقصور اللغات عن إفادة المطلوب والمقصود العقلاني ، يعبر عنه بيوم الدين ، وإلا فلكل موجود يوم الدين ، وذلك الموجود نفسه الآخرة ويوم الدين ، لا أن اليوم الكذائي كيومنا هذا يعتبر من الحركة أو هو نفسها ، بل اليوم في عالم الآخرة ولدى المجردات ، لا مبدأ اعتباري له ، فلا معنى لاعتبار الوقت هناك ، كما لا يخفى على أهله ، وجاهله معذور . وقريب منه : أنه تعالى مالك كل شئ ، ولا يخرج عن تحت ظل مالكيته شئ ، إلا أن لتلك المالكية ظهورا وبطونا ، فبطونه في هذه النشآت لظهور مالكية غيره فيها ، ولخفاء أن هذه المالكية ظل مالكيته تعالى على طائفة الملاحدة ، فيتخيلون أن السلاطين ملوك ، وأن الناس ملاك ، وأن الأنبياء والأولياء أرباب السيطرة والقدرة ، وأن سليمان - على نبينا وآله وعليه السلام - صاحب السلطنة والعزة والمكنة . وأما ظهور تلك المالكية فهو في * ( يوم الدين ) * ، لأنه يوم الآخرة وغاية الغايات ، وفيه يصل كل ذي غاية ونهاية إلى الغاية والنهاية ، وإلى كماله المرغوب له والمنتظر فيه ، وهو آخر حقيقته المتدرجة ونهاية حركته الذاتية ، وقد تقرر في الكتب العقلية : أن حقيقة كل شئ فصله الأخير
وهو باضمحلال جميع الاستعدادات والإمكانات الاستعدادية والقوى ، وصيرورتها فعلية محضة ونورا صرفا . فلأجل ذلك أضيفت مالكيته تعالى إلى * ( يوم الدين ) * والحساب ، ضرورة أن في ذلك اليوم يتوجه كل محاسب إلى حسابه ، ويدرك كل راجع ما حوسب وهيئ له . والله من ورائهم محيط . فبالجملة : الإنسان ما بقي في عالم الطبع والبشرية لم يظهر له مالكيته تعالى ، وإذا ارتقى إلى أول عالم الجزاء - وهو عالم المثال - ظهر له أنه تعالى مالك للأشياء كمالكيته للصور العلمية وقواه النفسية ، وإذا ارتقى إلى العالم الآخر - وهي القيامة العظمى والرجعة الكبرى - يتوجه إلى خطائه في السابقات ، ويظهر له أن الأمر ليس مثل ذاك ، ويشهد أن مالكية كل شئ هي مالكيته ، وحينئذ يدرك التوحيد الأفعالي بعد الفناء الذاتي * ( لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ). وعلى مسلك أهل الظاهر والتفسير أنه تعالى * ( مالك يوم الدين ) * ، أي سيملك يوم الدين ، أي ما في يوم الدين ، وحيث كان اليوم المزبور محقق الوقوع في المستقبل ، صح أن يقال : هو * ( مالك يوم الدين ) * ، وحيث إن يوم الدين ليس قابلا لأن يملك
يكون قرينة على أن الله مالك الأشياء في يوم الدين . والمراد من * ( الدين ) * : هو الحساب ، أو الجزاء والعقوبة ، أو الآخرة والقيامة التي هي معدومة بالفعل ، وسيوجد - إن شاء تعالى - ولذلك قيل : إن الأنسب أن يقرأ بالتنوين مع نصب اليوم ، أي مالك يوم الدين ، فإن بين قولنا : " زيد قاتل عمرو " وبين قولنا : " زيد قاتل عمرا " فرقا واضحا ، فإن الأول إقرار بالقتل ، ويستحق القصاص ، دون الثاني ، فليتأمل جيدا . وأما فائدة تخصيص هذه الإضافة - وإن كان الله تعالى مالك للأزمنة كلها والأمكنة - فالتنبيه على عظم هذا اليوم بما يقع فيه من الأمور العظام والأهوال الجسام ، من قيامهم فيه لله تعالى والاستشفاع لتعجيل الحساب والفصل بين المحسن والمسئ وغير ذلك . ............
وعلى مشرب أهل الحكمة ومسلك أصحاب الفلسفة_
أنه تعالى * ( مالك يوم الدين ) * بالفعل وفي الحال ، لأجل أن الدين والجزاء والحساب بالفعل وفي الحال ، ضرورة أن جميع الأفعال والأقوال السيئة ذوات الآثار والتبعات البرزخية والصور المؤذية ، وهكذا الحسنات منها ، وتلك التبعات تحصل في النفس بمجرد اتصافها بها ، وتكون باقية ، وعليه يكون الآن مالك يوم الدين ، لأن كل وقت وآن يوم الدين ، إلا أن ظهور ذلك في الوقت المعلوم ، كما مضى سبيله وتحقيقه ، ولذلك ذكرنا : أن الآية تشهد على تجسم الأعمال والأفعال ، ويأتي إن شاء الله تعالى * ( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء ( إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ) * ولا شبهة في أن محاسبة النفس ليست مبتدئة من زمن مفارقة البدن ، بل النفس تحاسب من الأول والابتداء ، وإليه يشير قوله ( عليه السلام ) : " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوها قبل أن توزنوا وربما يكون الحديثان يشيران إلى أن لكل إنسان أن يفرغ من حسابه وزن عمله في دار الدنيا ، بحيث لا يحتاج إليهما في دار الآخرة ، وهو على ما قيل كذلك عند اولي الألباب . والله العالم بحقائق الأمور والآيات . وعلى بعض المسالك الاخر أنه تعالى هو * ( مالك يوم الدين ) * والجزاء في جميع النشآت ، وأنه لا يضيع أجر المحسنين في جميع العوالم ، فقال في سورة يوسف : *
( قالوا أئنك لانت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع اجر المحسنين)فيعلم منها ان الجزاء لايختصر بالقيامة والاخرة

نور المستوحشين
01-06-2010, 02:48 AM
أثابكم الله أخونا الفاضل وسدد خطاكم لكل خير إن شاء الله

طرح متألق يثقل ميزان أعمالكم إن شاء الله

تحياااتي نور...