المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة في فكر المرجعية ح1 اكاديمية الفكر الحوزوي


ابو كرار النجفي
28-05-2010, 01:47 PM
قراءة في فكر المرجعية
الحلقة الاولى
أكاديمية الفكر الحوزوي
الدكتور السيد رياض ابو سعيدة

لا يخفى دور المرجعية الدينية (دام ظلها الشريف) الايجابي والبنّاء في الحفاظ على بنية المجتمع وعدم انزلاقه إلى دوامة العنف , لذا نجدها تؤكد وفي كل المواقف والمناسبات على بناء مجتمع عامل منتج من أولوياته التحصيل العلمي إلى جانب السلوك المسؤول تجاه العمل والإنتاج مما يؤدي بالتالي إلى نسبة عالية من العقول المفكرة .
فضلاً عن مباركتها (دام ظلها الشريف) حالة إنهاء الانقسام بين المؤسسات العلمية والاقتصادية داعمة دور الأخيرة في إنجاح عملية إصلاح التعليم ببناء وطني اجتماعي يفوق عملية التغيير التي ينبغي أن تسبق بعملية تنوير وجرأة كبيرة وإدراك متبادل للتناقضات الجديدة .
فمن المهام الأولى التي أكدها الفكر الامامي ما يتعلق في استقلالية الجامعة والمؤسسة العلمية وعدم فسح المجال للتدخل في شؤونها لتأخذ الدور المنشود في ترسيخ الوعي العلمي والثقافي بين أبناء الأمة ,كذلك أكد هذا الفكر أهمية النظر إلى الأستاذ الجامعي بمنظار وطني كبير ,لأنه يشكل ظاهره وثروة وطنية ,لاسيما وما تشهده ارض الرافدين ,في الوقت الحالي من مرحلة البناء وإعادة الاعمار ودعم التنمية البشرية والاقتصادية فضلاً عن الاهتمام الكبير بسكن الأستاذ الجامعي وخدمته التقاعدية والجانب الصحي .
يبدو أن المرجعية الدينية (دام ظلها) تدعم الدور المحوري الذي يؤديه الجهاز التعليمي من خلال الاستفادة من تجارب النهوض الأسيوية والأهمية المتزايدة التي يكسبها التعليم المستمر في الاقتصاد الجديد المعرفي .
فالاهتمام بمضاعفة الاستثمارات في تنمية النظام التعليمي لتحقيق التقدم الاقتصادي الكبير هو ما يؤدي بالنتيجة إلى سرعة التنمية الاقتصادية المنشودة التي توحي بوجود رابطة سببية بين القوى العاملة المتعلمة والنمو الاقتصادي.
ومن الأهمية بمكان ,تبني عملية التعليم في البلاد مبدأ التفاعل البناء مع تلك التجارب واقتباس الايجابي منها وأقلمته مع ظروفنا المحلية بما يكفل تنمية قدرات طلبتنا تنمية سليمة وتطويعها وفق برامج وخطط تضمن إدامة زخم مسيرة الإصلاح الاقتصادي التي تنتهجها الجهات المتصدية في الدولة .
الأمر الذي يدعو إلى الانصراف لتأسيس قاعدة علمية ذات تقنية صناعية منبثقة من أسس واقع التعليم الذي يعد خدمة وطنية عامة وواجب يتجاوز أي جهد فردي أو فئوي خاص وبما يشجع الأرضية المناسبة لاستثمار تربوي وتعليمي من جانب المواطن – الطالب وجانب الإدارة بالرغبة الخالصة في التعليم والرقي .
من ذلك نجد ان المرجعية الدينية (دام ظلها) تبنت المحافظة على خصوصية المواطنة في الشارع العراقي التي تعد بمثابة تعبيراً حقيقياً عن هوية هذا الشارع وانتمائه الفعلي بعيداً عن الأفكار والقوى المشبوهة التي تحاول الانحراف بمسيرة الشعب وتأريخه والعمل على إلغاء هويته وانتمائه الإسلامي الحقيقي.
فقد استمد التعليم في العراق قوته من روح المعلم والمتعلم والتصميم على الكسب والتحصيل, وحب الشعب العراقي للقراءة والعلم وقبل كل ذلك حبه لبلده وانتمائه له بكل وجدانه وبكل جوارحه مما يدل على حسن رفيع وحسن التلمذة المتأتية من القدر الكبير من الفضول المعرفي الذي يدفع الباحث لاستطلاع ما لدى الآخرين من معارف وتجارب .
وهذا ما جعل الحكومات الوطنية المخلصة تعتمد في سياساتها على المعايير الجديدة في دعم قوة شرعية الدولة السياسية والتي في مقدمتها (القوة المعرفية) أي قدرة الدولة على إنتاج المعرفة الإنسانية في كل الميادين العلمية والتكنولوجية والاقتصادية والفكرية فضلاً عن القوة الاقتصادية المتطورة .
الأمر الذي ينسجم مع تحقيق التحديث والتقدم بالمحافظة على التراث والتقاليد وليس الانقلاب على المبادئ الإنسانية العليا التي عمل الأنبياء (عليهم السلام) والمصلحون والعلماء على ترسيخها لدى البشر على تاريخ طويل لتوظيفها في تنشأة أهداف الجهات المناهضة للشريعة السمحاء وتحقيق تسلط هذه الجهات على الشعوب ونهب ثرواتها فهذا غير مقبول ويلزم الوقوف عنده .

ابو كرار النجفي
29-05-2010, 09:44 PM
يبدو إن اهداف الجهات المناهضة للفكر الاسلامي تجاوزت المجال السياسي متجهة للثقافة والاقتصاد اذ نجحت هذه الجهات حتى الآن في غزو حكومات عربية من خلال اجبارها عن طريق الابتزاز السياسي بالانضمام الى "منبر المستقبل" لتقلينها اصول الديمقراطية على طريقتها.
كما نجحت في غزو القطاع الخاص من خلال اساليب شتى يأتي في مقدمتها مؤسسات العولمة الراسمالية ترويجا لنظام دولي يقوده قطب واحد وفق ما يسمى بـ"التحرير الاقتصادي".
قد تكون هنالك حكومات ضعيفة تخضع لهذا الابتزاز السياسي، ومن المؤكد أن عدد من الجمعيات غير الحكومية أصبحت من خلال التحويل الاجنبي، ادوات لتنفيذ سياسات الجهات ـ مدار البحث، غير أن الصورة ليست قائمة تماماً ذلك أن هنالك جهات فكرية مشتلة ذات طابع متميز بالمواطنة والحفاظ على الهوية بجميع عناوينها مصممة على رفض الهيمنة بكل أنواعها وصفاتها وعلى رأسها مثقفون وطنيون ملتزمون قادرون على فتح طريق المستقبل من خلال مشروع نهضوي للعبور بالامة من التخلف الى التقدم.
لا يخفى الدور المميز للمرجعية الدينية في العملية السياسية الجارية في العراق بتأسيس مبانيها ومواكة نموها ورعاية مسيرتها من خلال التأكيد على بناء مؤسسة الدولة المتصفة باحترام القانون ومبادئ العدالة وجعل مسافة مشتركة للحوار والعمل وفق التفويض الذي اعطاه الناخب لممثليه واعطاء ارادة الشعب العراقي بجميع طوائفه واعراقه، دوراً مميزاً فعلياً في تحديد الحكم والسلطة.
مما تقدم نجد أن نهج المرجعية الدينية الشريفة دام ظلها وهمها هو الحفاظ على الوحدة الوطنية مقرونة بالشفافية والسعي لتحقيق الاستقلال والعمل على إنهاء الاحتلال، بالاسراع في تشكيل حكومة وطنية مستقلة.
من المؤكد وضوح موقف الفكر الامام القاطع والرافض لان يخطط الاجنبي لمستقبل ابناء الرافدين السياسي أو الاقتصادي او الاجتماعي او الثقافي.
فقد انبثقت وجهة نظر المرجعية الدينية الشريفة في الجانب الاقتصادي من النهج الذي رسمه الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع) بجعله الاصلاح الاقتصادي اساسا لبناء واصلاح النظام الاجتماعي ومن هذا التوجه تمخضت رؤية الفكر السياسي الشيعي للواقع الاقتصادي ضمن الخط العام الذي انتهجه الفكر السياسي الاسلامي من خلال ذلك.
العراق ساحة واعدة من الناحية الاقتصادية ويمتلك امكانات هائلة لوجود نهري دجلة والفرات واراضي زراعية خصبة وارث حضاري يمكن استمثاره في السياحة الى جانب السياحة الدينية لتكون معينا للموارد النفطية في تعزيز الاقتصاد العراقي.
الامكانات العراقية الكبيرة جداً لا سيما في مجال الطاقة من حيث الاحتياطات النفطية والغازية ضمن وجود قوانين منظمة وعلاقات متكافئة جعلت عمالقة الاقتصاد في العالم تتنافس على بناء موطئ قدم في العراقِ. وخير مصداق على ذلك الدور الذي ادته وزارة النفط في تنمية العلاقات على الصعيد الاوروبي والآسيوي بالاخص في مجال الطاقة والنفط.
والسؤال الذي يطرح نفسه : في ظل تخلخل اسعار النفط ونقص العائدات المالية هل بامكان الحكومة المقبلة تقديم الدعم المطلوب للقطاع الخاص ومعالجة البطالة وصولا الى بداية طريق يؤدي لنقلة نوعية بالاقتصاد العراقي والعناية بالمستثمر، بإيجاد مصادر أخرى للميزانية بدلاً من الرمادية وقبل ان يفرض المسؤول قيودا من التقشف، يتقشف على نفسه ابتداءا.
الى جانب اهمية تفعيل ما وجهت به المرجعية الدينية من انعاش القطاع الخاص وتحريك المشاريع الانتاجية لايجاد بدائل تنموية وتوسيع مصادر الدخل من خلال تشجيع الاستثمار والنهوض بالقطاعات الصناعية والزراعية فضلاً عن التكنولوجية وبناء الاقتصاد على اسس متينة من خلال القيادات الوطنية والاستخدام الامثل للطافة البشرية والموارد الطبيعية الى جانب تنسيق مواقف وجهود موحدة مع البلدان النامية فضلاً عن التأكيد على الكوادر المخلصة المتصفة بطابع الانتماء الوطني الكفوءة التي باستطاعتها التعامل والتغلب على الظروف الصعبة والتركيز على كيفية التحكم بشراع السفينة.
مما تجدر الاشارة ما لاحظه الفكر الامامي ضمن عملية الترميم في المجال الاقتصادي التي اشارت اليها وزارة التخطيط والتعاون الانمائي باتجاه بناء المجتمع المتصف بالانتاج الذي يتوكل ولا يتواكل وصولاً الى حلول تنموية، متخذين في ذلك مسلكاً متوازنا بمعاناة الطبقات الضعيفة وبقائها فترة من الزمن الى ان تتمكن من مواكبة عمليات التحول الاقتصادية.