ام هاني
19-06-2010, 01:50 PM
للوهلة الأولى يصاب الإنسان بالذهول عندما يسمع بوجود قرية في أوربا تحمل اسم فاطمة بنت محمد النبي ( صلى الله عليه و آله ) و لا يكاد يصدق هذه الحقيقة ، و لعله يتساءل كيف تسنى لهذا الإسم الطاهر تجاوز الحدود الإقليمة و تخطى كل الموانع لكي يصل إلى هذه البقعة الأوربية و يفرض وجوده في بلاد يدينون بغير الإسلام !!
لكن المتتبع لتاريخ القرية المسماة بـ " فاطمه " أو " فاطيما " البرتغالية يجد أن تسميتها مأخوذة من إسم بنت رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) فاطمة ( عليها السلام ) ، و هي حقيقة لا يمكن إنكارها ، فالقرية موجودة و هي تحمل هذا الإسم المبارك ، و من لا يصدق يسعه زيارة الذهاب إلى هذه القرية ليرى بأم عينه أن إسم فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ظل إسماً مباركاً و متألقاً على ربوع هذه القرية البرتغالية الأروبية أكثر من نصف قرن ، رغم أن الفاتحين المسلمين لهذه المنطقة غادروا البرتغال منذ زمن طويل ، و رغم أن المنائر و القباب الإسلامية تغيرت و طرأ عليها ما طرأ ، إلا أن إسم فاطمة ( عليها السلام ) لا زال يبعث بشعاعه النوراني على تلك المنطقة و غيرها من المناطق ، الإسم الذي يتمتع بقدسية كبيرة ليس لدى أهل تلك المنطقة فحسب ، بل لدى الملايين من الوافدين لهذه القرية الدينية سنوياً للزيارة و لطلب الشفاء و الشفاعة من صاحبة هذا الإسم المبارك ( عليها السلام ) .
وجهة نظر الفاتيكان :
يقول الدكتور بولس الحلو المسيحي : فاطمة الزهراء ... لها منطقة خاصة في البرتغال تسمى " فاتيما " ، و قد اعترف الفاتيكان بقداستها حيث يقال أن فاطمة الزهراء قد تجلّت فيها في زمن ما .
و هناك كتب ألفت في هذا الموضوع ، منها :
إسم الكتاب : FATIMA MAGICA .
المؤلف : MOISES ESPIRITO SANTO .
الناشر : BESA EDITRICE .
سنة النشر : 1999 .
الفلم الوثائقي المصور عن هذه القرية :
قام السيد ابراهيم حاتمي كيا من الجمهورية الإسلامية الايرانية بتصوير فلم وثائقي مفصل و جيد عن هذه القرية الدينية التي تسمى بإسم فاطمة ( عليها السلام ) ، و نشر الفلم مرات عديدة من خلال قنوات التلفزيون الإيراني قبل سنوات .
قصة هذه التسمية :
من الواضح أن تسمية هذه القرية لم تأتي من فراغ و مصادفة ، نعم إن لإطلاق هذه التسمية المباركة على هذه القرية الدينية قصة واقعية و كرامة مشهودة للسيدة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ظهرت لبعض أهالي القرية عام 917 م .
و لكي تقف على تفاصيل هذه الواقعة المهمة ننقل لك بشيء من التصرف نص ما نشرته مجلة بقية الله في العدد 52 ? صفحة 60 / كانون الثاني ? 1996 / السنة الخامسة .
هي فاطمة : صاحبة الإسم المقدس المنبعث نوراً و ضياءً يتلألأ فوق الملأ ، ناشرةً إشراقة الأمل ، و بريقاً يكاد يخطف الأبصار ، كيف لا و هي الحوراء الإنسية ، و البضعة الزهراء والسر الذي لا يعلمه إلا الله و الرسول و الراسخون في العلم .
فاطمة : إسم هزّ المشاعر و اخترق الحجُب حتى وصل إلى قلب أوروبا يحمل نداء الحق و النجاة و تحديداً في البرتغال التي أُطلق على إحدى مدنها إسم فاطمة Fatima .
كان ذلك عام ( 1916م ) ، و بينما كان ( فرانسيسكو ) عمره 9 سنوات و ( جاسنتا ) عمرها 7 سنوات و ( لوسيا ) عمرها 10 سنوات ، يلعبون في بلدة نائية وسط البرتغال التي تقع في الجزء الغربي لشبه الجزيرة الإيبرية ، غرب إسبانيا ، و بينما كانوا كذلك و إذ بملاك يظهر أمامهم و هو يردّد هذه الجملة ثلاث مرّات : " لا تخافوا أنا ملاك السلام ، إلهي لديّ إيمان و اعتقاد بك ، إلهي إني أذوب بك حُبّاً ، و أنا أطلب الاستغفار منك لأجل أولئك الذين لا إيمان لهم و لا حبّ و لا اعتقاد " .
بعد هذه الجملة اختفى الملاك ليعود بعد ذلك مرة في فصل الصيف و أخرى في فصل الخريف .
و يروي الأطفال الثلاثة قصّتهم المثيرة إلى أهل قريتهم و أقاربهم و يقولون : إنه في كل مرّة كان يطلب منّا الملاك أن نقدّم الأضاحي و الإستغفار من أجل المذنبين و الخطاة ، و أن ندعوا لأجلهم حتى يستقيموا ، و بدا واضحاً أن هذا الظهور الثلاثي للملاك كان تحضيراً لرؤية الأطفال الثلاثة للسيّدة صاحبة التسبيح و ابنة رسول الإسلام فاطمة ( عليها السلام ) .
ففي الثالث عشر من شهر أيار عام ( 1917 ) رأى الأطفال ( جاسنتا ) و ( فرانسيسكو ) و ( لوسيا ) مرّةً أخرى نوراً لامعاً ، و بعد ذلك شاهدوا ضوءاً و نوراً عظيماً فوق شجرة بلّوط يحيط بسيّدة أشد سطوعاً من الشمس اسمها فاطمة .
قالت السيّدة المنوّرة للأطفال المندهشين : " لا تخافوا أنا لا أريد إخافتكم ! " .
تمالك الأطفال أنفسهم و سألوها بوجل : " من أنتِ ؟ " .
فأجابت السيّدة المتلألئة نوراً : " أنا فاطمة ابنة الرسول " .
سألها الأطفال الثلاثة : " و من أين أتيتِ ؟ " .
أجابتْ بصوت مطمئن : " أنا أتيتُ من الجنّة " .
قالوا لها : " و ماذا تريدين منّا ؟ " .
قالت : " لقد حضّرتكم لتأتوا إلى هذا المكان مرّةً أخرى ، و سأقول لكم فيما بعد ماذا أُريد ".
و أخذت السيدة صاحبة التسبيح ، بعد هذا الحادث المهيب و المذهل تظهر للأطفال البرتغاليين مرّة كلّ شهر ، ما بين شهري أيار و تشرين الأول ، و في اللقاء السادس و الأخير جاء سبعون ألف شخص لمشاهدة السيدة المقدّسة التي حققت معجزة أمام أنظارهم حيث توقّف سقوط المطر فجأةً ، و ظهر قُرص الشمس مرتجفاً ، ثم توقّف ليدور بعدها مرّتين ، ثم يتوقّف مجدداً ، بحيث أن الجموع الغفيرة خامرها شعور بأن الشمس ستقع عليهم في أيّ لحظة ، إلا أن الشمس رجعت مرّةً أخرى إلى موضعها الأصلي ببريقها الجميل و المعتاد نفسه .
صحيفة لشبونة تنشر خبر الحادثة العجيبة :
هذه الحادثة المدهشة ظهرت لأول مرّة في صحيفة لشبونة في 15 تشرين الأول من نفس العام ، ما دفع الكثيرين للتحقق من رواية الأطفال الثلاث حتى أصبح كل ما ذكروه موضع قبول و تصديق قلبي لديهم .
و فيما يخص الأطفال الثلاثة و مصيرهم فإنّ ( جاسنتا ) و ( فرانسيسكو ) أكّدا أنّ السيدة الزهراء ( عليها السلام ) قالت لهما أنهما سيلتحقان بها قريباً ، و ستأخذهما إلى الجنة معها ، و بالفعل تُوُفّيَ الطفلان بعد سنتين و ثلاث سنوات من الرؤيا ، بسبب مرضٍ رئوي ، فتحوّل رحيلهما المبكر إلى رسوخ الإيمان بالواقعة و الظهور ، و إثباتاً لأقوال هؤلاء الأطفال الذين أكّدت عوائلهم أنهم لم يتّصفوا بالكذب في حياتهم .
- و فيما يتعلّق بالطفلة الثالثة ( لوسيا ) فقد دخلت سلك الرهبنة ، و كرّست نفسها لهذه الرؤيا ، و بقيت حيّةً تُرزق ، ذلك أنّ سيّدة التسبيح المقدّسة طلبت نشر و ترويج العبودية لله .
لكن ماذا حدث حتى أصبحت القرية تُعرف بمدينة فاطمة ؟
في عام ( 1919 م ) ، قرّر الأهالي بناء مزار ديني في قريتهم باسم ( فاطمة ) ، فقام بعض الحاقدين بإحراقه و تفجيره ، لكن الأهالي أعادوا إعماره مجدّداً .
و في سنة ( 1938 م ) وضعت أولى لبنات الموقع الحجرية .
و في عام ( 1940 م ) منح أسقف إيبيريا رخصته لإنشاء المزار المطهّر لسيدتنا فاطمة ( عليها السلام ) بعدما سبقته الكنيسة بذلك .
و في عام ( 1952 م ) أقيمت مراسم خاصة بسيدتنا الزهراء ( عليها السلام ) و تُوّجت هذه الخطوة بتبني المزار رسميّاً عام ( 1953 م ) من قبل الحكومة البرتغالية ، و منذ ذلك الحين في الثالث عشر من أيار من كل عام ، يأتي محبّو فاطمة و مريدوها من أنحاء البرتغال و مناطق الدول المجاورة إلى المنطقة التي سمّيت بمدينة ( فاطما ) لطلب الشفاعة و الشفاء و التوبة و تزكية الروح ، و كل شخص من أتباع هذا المذهب أو ذاك يقوم بمراسم زيارة ( فاطمة ) بأسلوبه و طريقته الخاصّة ، فواحد يأتي ماشياً على قدميه لأداء الزيارة ، و آخر ينذر الشموع ، فيما تقام أماسي الدعاء و مجالس الذكر ، و تحتل تمتمات و همهمات التسابيح الجانب الأهم و الرواج الأكبر و الشهرة الواسعة ، ذلك أنّ السيدة المقدّسة طلبت من الناس يوم ظهورها عليهم أن يقوموا بالتسبيحات في كلّ يوم .
لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الزوار يأتون ليشاهدوا تمثالاً أبيض ، يخلد واقعة ظهور السيدة فاطمة ، و يجتمعون حوله ليطلبوا حاجاتهم أو ليقدّموا شكرهم للهداية إلى طريق الحق ، و آخرون يرجون أن تعود لهم قوّة الإيمان و الروح لتصحّ قلوبهم التي أثقلتها أدران المادية .
نعم ، إنّ الأوروبيين يجتمعون حول المزار الذي يمثّل عندهم ( كنيسة فاطما ) ، و يطلبون منها تبديل حياتهم بحياة أخرى ، و يؤكّدون أنه ما من زائر عاد من البقعة المباركة و هو خالي الوفاض .
في جانب الكنيسة الأيسر هناك جناح خاص للزوّار المرضى طالبي الشفاء ، الذين يقضون الليل في الدعاء و التسبيح ، و لا توجد لهم لغة يمكن لها أن توضّح حقيقة تلك الجاذبية العميقة التي يشعر بها الزوّار و توسّلهم العجيب ؟
أليس عجيباً سفر أولئك الناس من عالم المسيحية إلى عالم الإسلام للدخول في دائرة الحُب و الإخلاص القلبي لابنة الرسول الأكرم ( صلى الله عليه و آله ) ؟ !
إنهم يسبّحون تسبيحات فاطمة و هم يضعون الصليب على صدورهم ؟ !
يسبّحون تسبيحات الزهراء و يبنون كنيسةً باسمها ؟ !
يسبّحون تسبيحات الزهراء و يطلبون النجدة و المساعدة منها ؟ !
و قلوبهم ملأى بذكرى حدث اهتزاز الشمس العجيب و ظهور تلك الرؤيا المنوّرة .
لا ليس عجيباً ما يقومون به لأن قدرة فاطمة و قوّة فاطمة و طُهْر فاطمة و نزاهة فاطمة بنت الرسول فاقت كل تصوّر حتى غدت تسيطر على قلوب الملايين .
كيف لا نقتنع بذلك و نحن نرى هذه الجموع تنذر لفاطمة و تمشي المسافات من أجل زيارتها و التبرّك ببقعتها ، و تركع في محرابها طلباً للمغفرة و للحصول على الطُهر و الروحانية .
و لعلّ زيارة البابوات لـ ( فاطيما ) ليست ظاهرة بسيطة ، كما أن اهتمام و تعلّق الآباء اليسوعيين بسيدة نساء العالمين ظاهرة توضح بنور ساطع للعيون المؤمنة بفاطمة أحقيّة هذا الطريق ، و هي ظاهرة تشير إلى عمق نفوذ سيدة نساء الإسلام الكبرى في عالم المسيحية .
لقد كان من بين زوّار مدينة ( فاطيما ) البابا جان بول الثاني لتقديم شكره لمحضر فاطمة بعد أن أنجاه الله من أحد الحوادث .
لا بد من الإشارة إلى أن الناس في مدينة ( فاطيما ) البرتغالية يطلقون على بناتهم اسم ( فاطيما ) حتى يكاد أن لا يخلو منزل من هذا الاسم المبارك .
أخي القارئ الكريم ، ما رأيك أن تتعرّف إلى الدعاء الخاص الذي يبتهل به كل زائر لمقام فاطمة في البرتغال .
إنه دعاء يبلسم الروح حيث يقول : " أنا الآن مضطر لأن أبتعد عنك ، أنا الآن مجبر لأن أنأى عنك في المكان ، إلا أنني أرجو من الله و أتوسّل إليه أن لا يكون هذا آخر العهد مني ، و سيبقى الرجاء و هذا الشوق حيّاً في كياني و وجودي ، يا فاطمة وداعاً ، الوداع يا سيدتنا الزهراء الطاهرة " .
الاعلام و قصة مدينة فاطيما :
لقد أخذت قصّة مدينة ( فاطيما ) حيّزاً كبيراً من اهتمام عدد من الباحثين الإيرانيين الذين صوّروا فيلماً وثائقياً عن هذه المدينة بعدما نشرت مجلات سروش و كيهان فرهنكي و دانشمند و زن روز قصّة المدينة ، و قدم عرض الفيلم في تلفزيون الجمهوريّة الإسلامية عدّة مرّات و كذلك في تلفزيون المنار في لبنان حيث لاقى إقبالاً جماهيرياً غير عادي .
من اكتشف مدينة فاطيما ، و كيف أخذت طريقها للإعلام المعاصر ؟
مسؤولة التحقيق في مشروع ( أطلس العالم الإسلامي ) في ( مؤسسة فاطمة الزهراء الثقافية ) في طهران السيدة ( حاجيان ) أجابت عن سؤال حول اكتشاف المؤسسة لمدينة ( فاطيما ) فتقول : إنّ محور العمل في مؤسستنا هو النهضة الإسلامية العالمية و التحضير لمشروع الأطلس العالمي الذي له ارتباط وثيق بشخصيّة سيّدتنا المقدّسة ، حيث يتمّ تعريف المؤسسات و الهيئات المختلفة بالسيدة الزهراء ( عليها السلام ) ، و ضمن أبحاثنا و تحقيقاتنا تعرفنا على ( كنيسة ) تحمل إسم ( فاطمة ) و هذا ما قوّى دوافعنا للغوص في بحثنا الأساسي ، و من المثير للإنتباه أن دراستنا قادتنا كذلك إلى بعض السيدات المسيحيات في ( سيراليون ) يحملن أسماء تلفظ باللهجة المحلية ( فاطيما ) ، كما أنّ هناك كنائس في إسبانيا و البرازيل و البرتغال تحمل إسم ( فاطمة ) .
و من خلال هذه الدراسة إتضح لنا أنّ إسم فاطمة هو اسم متداول ، و هناك العديد من آثار و بقع مباركة متعلّقة بالسيدة الزهراء في العديد من الدول ، و ليس الأمر مقتصراً على البرتغال لكن تعرفنا على مدينة فاطيما في البرتغال دفعنا إلى إعداد فيلم يحمل إسم ( فاطمة ) ، وكان لعرض الفيلم صدى حسَن و وقع كبير لدى الجمهور .
تضيف السيدة ( حاجيان ) الشيء الواجب ذكره هو أنّ السيدة ( سانتوس ) و هي الوحيدة المتبقية من أقرباء الأطفال الثلاثة الذين أخبروا عن الظهور العجيب هي الآن سيدة عجوز و كبيرة السن للغاية ، و معتكفة في أحد الأديرة ، و قد قطعتْ كل ارتباطاتها بالعالم ، و لا يوجد أي إتصال بها ، لكننا نفكّر بطريقة للوصول و إجراء مقابلة معها لتسجيل معلومات أكثر .
و تقول السيدة ( حاجيان ) أنه يوجد في الكتب و المذكّرات التي حصلت على تأييد الفاتيكان ذكر واضح بأن ( فاطمة ) و بعد الظهور ، عرّفتْ عن نفسها بأنّها ابنة الرسول الأكرم ( صلى الله عليه و آله ) ، و هناك العديد من النشرات الأصلية التي صدرت عن الفاتيكان كانت تذكر بصراحة إسم إبنة نبي الإسلام ، إلا أن هذه النصوص تعرّضت فيما بعد للحذف و الإضافات .
إنّ من المسلّم به و البديهي لدينا ? تضيف حاجيان ? أن إسم فاطمة يؤدّي في تلك البلاد إلى تداعي ذكر السيدة الزهراء ( عليها السلام ) ، و في كتب اللغة و القواميس و دوائر المعارف إشارة إلى ترادف إسم فاطمة مع القرية التي جرى ذكرها .
إننا نشير إلى أنّ السيدة التي ظهرت بذلك الشكل الإعجازي لم تكن سوى السيدة الزهراء لوجود عدّة قرائن :
أوّلاً : هناك إسم فاطمة .
ثانياً : ان السيدة المنوّرة يعني إصطلاحاً السيدة الزهراء ، و هو إسم ابنة الرسول الأكرم ( صلى الله عليه و آله ) .
ثالثاً : ان صاحبة التسبيح لا يمكن أنْ تكون غير السيدة فاطمة ( عليها السلام ) .
و نشير أيضاً إلى أنّ الفيلم الوثائقي الذي أعدته الكنيسة ينقل عن علماء المسيحية العبارة التالية :
Fatima the Daughter of Mohammad
أي : فاطمة بنت النبي محمد ( صلى الله عليه و آله ) .
و قد تمت الإشارة في هذا الفيلم إلى أن تعبير ( فاطمة ) هو مرادف للسيدة التي هي أشدّ إشراقاً من الشمس و هو معنى " زهراء " نفسه ، و ورد تعبير " السيدة النقيّة " التي تعني " الطاهرة " . و أيضاً أن الأطفال الثلاثة ذكروا بأنهم رأوا فاطمة حزينة باكية ، و هذا ينطبق على حال الزهراء ( عليها السلام ) بعد وفاة أبيها ، حيث كانت في آخر عمرها الشريف محزونةً و كثيرة البكاء .
إنّ من النقاط الجديرة بالتأمّل هي أنّ بلاد البرتغال و مدينة " لشبونة " و المدن الأوروبية الأخرى التي توجد فيها رموز معمارية تشير إلى حادثة الظهور ، يوجد أعداد غفيرة من المرضى و المعاقين و أصحاب الحاجات يتوسّلون بهذه السيدة " فاطمة " ، و هناك العديد من الإحصاءات المتوفّرة عن هذا الموضوع موجودة في مؤسستنا . تختم السيدة حاجيان .
مشاهدات مدير عمليات التصوير :
مدير عمليات التصوير في فيلم " فاطمة " السيد ( حاتمي كيا ) كان له حديث عن تجربته العيانية في هذا الصدد فيقول : لقد سافرتُ إلى مدينة " فاطيما " في البرتغال ، و كان لديّ إصرار على أن يتمّ هذا السفر بهدوء و بلا جلبة أو ضوضاء و أن أكون في مدينة ( فاطيما ) لوحدي لرؤية و تفحّص ذلك المحيط ، و اصطحبتُ معي آلة تصويري حتى ألتقط مشاهداتي بشكل دقيق ، و كان قطاف هذا النشاط و البحث فيلماً تمّ عرضه عدّة مرّات في تلفزيون الجمهورية الإسلامية ، و باعتباري رجلاً مسلماً معتقداً بفاطمة الزهراء ( عليها السلام ) و مخلصاً لها ، قمتُ بتوثيق وجود هذا الإسم المقدّس في كلّ زاوية و مكان منذ ساعة وصولي الأول إلى هذه المدينة البرتغالية .
لقد كنتُ أسأل الناس مباشرة : لمن إسم فاطمة هذا ؟ و كانوا يجيبون بصراحة : " إنه إسم إبنة نبي الإسلام ( صلى الله عليه و آله ) "، إنهم يطلقون على بناتهم إسم " فاطمة " و هم يعتقدون أنهم بهذا يبعدونهن عن نار جهنم .
و أضاف حاتمي : لقد كان لديَّ تصوّر بأنّ الناس المسنّين و كبار العمر فقط هم الذين يغمرهم هذا الإعتقاد ، إلا أنّ الأمر لم يكن كذلك ، فهناك رأيتُ حضوراً مكثّفاً للشباب و يمكن بسهولة مشاهدة التنوع في طبيعة و أعمار الناس الآتين للزيارة و أداء النذور و الحصول على الحاجات من السيدة صاحبة التسبيح .
و يردف السيد حاتمي : ان هذا الأمر بالنسبة لي كان كثير العجب ، ذلك أنّ شيئاً مثل هذا يحدث في أوروبا هو أمر يغمر القلب بالأمل ، لهذا بدا لي الأمر مهماً في أن أتصدى لهذه المسألة ، و أن أصنع فيلماً عن هذه الحادثة المليئة بالرمز و الإيحاء ، في ساحة غير إسلامية ، بل في أوروبا المسيحية نفسها ، لكن ليس مهماً أن نمهر تلك البقاع بمهر الإسلام أو المسيحية بل المهم عودة الناس في أوروبا إلى الدين ، و هو أمر يحدث الآن بالتدريج ، و هو ما يمكن مشاهدته و معاينته بوضوح .
﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [1]
من أسرار هذه التسمية و هذا الظهور :
ليس أدنى شك في أن لهذه التسمية سببا و سراً ، و قد يكون لهذا الأمر أكثر من سر ، فقد يكون هناك سراً إلهياً في المسألة أراد الله جلت قدرته أن يُعرف قدر الزهراء و منزلتها ، و هي المجهولة قدراً و المعفية قبراً من جهة ، و من جهة أخرى أراد الله عز و جل أن يبعث بشعاع من نورها المبارك الى تلك الديار لتضيء ( عليها السلام ) بنورها عالم الغرب و لتهتك حُجب الظلام المهيمن على تلك البلاد .
و أما السر الآخر الملموس و الواضح فيكمن في وجود قرية دينية في البرتغال تسمى فاطيما أو فاتيما ، أو FATIMA ، و كلها مسميات تعادل الإسم العربي " فاطمة " و التي هي السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) .
لكن المتتبع لتاريخ القرية المسماة بـ " فاطمه " أو " فاطيما " البرتغالية يجد أن تسميتها مأخوذة من إسم بنت رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) فاطمة ( عليها السلام ) ، و هي حقيقة لا يمكن إنكارها ، فالقرية موجودة و هي تحمل هذا الإسم المبارك ، و من لا يصدق يسعه زيارة الذهاب إلى هذه القرية ليرى بأم عينه أن إسم فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ظل إسماً مباركاً و متألقاً على ربوع هذه القرية البرتغالية الأروبية أكثر من نصف قرن ، رغم أن الفاتحين المسلمين لهذه المنطقة غادروا البرتغال منذ زمن طويل ، و رغم أن المنائر و القباب الإسلامية تغيرت و طرأ عليها ما طرأ ، إلا أن إسم فاطمة ( عليها السلام ) لا زال يبعث بشعاعه النوراني على تلك المنطقة و غيرها من المناطق ، الإسم الذي يتمتع بقدسية كبيرة ليس لدى أهل تلك المنطقة فحسب ، بل لدى الملايين من الوافدين لهذه القرية الدينية سنوياً للزيارة و لطلب الشفاء و الشفاعة من صاحبة هذا الإسم المبارك ( عليها السلام ) .
وجهة نظر الفاتيكان :
يقول الدكتور بولس الحلو المسيحي : فاطمة الزهراء ... لها منطقة خاصة في البرتغال تسمى " فاتيما " ، و قد اعترف الفاتيكان بقداستها حيث يقال أن فاطمة الزهراء قد تجلّت فيها في زمن ما .
و هناك كتب ألفت في هذا الموضوع ، منها :
إسم الكتاب : FATIMA MAGICA .
المؤلف : MOISES ESPIRITO SANTO .
الناشر : BESA EDITRICE .
سنة النشر : 1999 .
الفلم الوثائقي المصور عن هذه القرية :
قام السيد ابراهيم حاتمي كيا من الجمهورية الإسلامية الايرانية بتصوير فلم وثائقي مفصل و جيد عن هذه القرية الدينية التي تسمى بإسم فاطمة ( عليها السلام ) ، و نشر الفلم مرات عديدة من خلال قنوات التلفزيون الإيراني قبل سنوات .
قصة هذه التسمية :
من الواضح أن تسمية هذه القرية لم تأتي من فراغ و مصادفة ، نعم إن لإطلاق هذه التسمية المباركة على هذه القرية الدينية قصة واقعية و كرامة مشهودة للسيدة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ظهرت لبعض أهالي القرية عام 917 م .
و لكي تقف على تفاصيل هذه الواقعة المهمة ننقل لك بشيء من التصرف نص ما نشرته مجلة بقية الله في العدد 52 ? صفحة 60 / كانون الثاني ? 1996 / السنة الخامسة .
هي فاطمة : صاحبة الإسم المقدس المنبعث نوراً و ضياءً يتلألأ فوق الملأ ، ناشرةً إشراقة الأمل ، و بريقاً يكاد يخطف الأبصار ، كيف لا و هي الحوراء الإنسية ، و البضعة الزهراء والسر الذي لا يعلمه إلا الله و الرسول و الراسخون في العلم .
فاطمة : إسم هزّ المشاعر و اخترق الحجُب حتى وصل إلى قلب أوروبا يحمل نداء الحق و النجاة و تحديداً في البرتغال التي أُطلق على إحدى مدنها إسم فاطمة Fatima .
كان ذلك عام ( 1916م ) ، و بينما كان ( فرانسيسكو ) عمره 9 سنوات و ( جاسنتا ) عمرها 7 سنوات و ( لوسيا ) عمرها 10 سنوات ، يلعبون في بلدة نائية وسط البرتغال التي تقع في الجزء الغربي لشبه الجزيرة الإيبرية ، غرب إسبانيا ، و بينما كانوا كذلك و إذ بملاك يظهر أمامهم و هو يردّد هذه الجملة ثلاث مرّات : " لا تخافوا أنا ملاك السلام ، إلهي لديّ إيمان و اعتقاد بك ، إلهي إني أذوب بك حُبّاً ، و أنا أطلب الاستغفار منك لأجل أولئك الذين لا إيمان لهم و لا حبّ و لا اعتقاد " .
بعد هذه الجملة اختفى الملاك ليعود بعد ذلك مرة في فصل الصيف و أخرى في فصل الخريف .
و يروي الأطفال الثلاثة قصّتهم المثيرة إلى أهل قريتهم و أقاربهم و يقولون : إنه في كل مرّة كان يطلب منّا الملاك أن نقدّم الأضاحي و الإستغفار من أجل المذنبين و الخطاة ، و أن ندعوا لأجلهم حتى يستقيموا ، و بدا واضحاً أن هذا الظهور الثلاثي للملاك كان تحضيراً لرؤية الأطفال الثلاثة للسيّدة صاحبة التسبيح و ابنة رسول الإسلام فاطمة ( عليها السلام ) .
ففي الثالث عشر من شهر أيار عام ( 1917 ) رأى الأطفال ( جاسنتا ) و ( فرانسيسكو ) و ( لوسيا ) مرّةً أخرى نوراً لامعاً ، و بعد ذلك شاهدوا ضوءاً و نوراً عظيماً فوق شجرة بلّوط يحيط بسيّدة أشد سطوعاً من الشمس اسمها فاطمة .
قالت السيّدة المنوّرة للأطفال المندهشين : " لا تخافوا أنا لا أريد إخافتكم ! " .
تمالك الأطفال أنفسهم و سألوها بوجل : " من أنتِ ؟ " .
فأجابت السيّدة المتلألئة نوراً : " أنا فاطمة ابنة الرسول " .
سألها الأطفال الثلاثة : " و من أين أتيتِ ؟ " .
أجابتْ بصوت مطمئن : " أنا أتيتُ من الجنّة " .
قالوا لها : " و ماذا تريدين منّا ؟ " .
قالت : " لقد حضّرتكم لتأتوا إلى هذا المكان مرّةً أخرى ، و سأقول لكم فيما بعد ماذا أُريد ".
و أخذت السيدة صاحبة التسبيح ، بعد هذا الحادث المهيب و المذهل تظهر للأطفال البرتغاليين مرّة كلّ شهر ، ما بين شهري أيار و تشرين الأول ، و في اللقاء السادس و الأخير جاء سبعون ألف شخص لمشاهدة السيدة المقدّسة التي حققت معجزة أمام أنظارهم حيث توقّف سقوط المطر فجأةً ، و ظهر قُرص الشمس مرتجفاً ، ثم توقّف ليدور بعدها مرّتين ، ثم يتوقّف مجدداً ، بحيث أن الجموع الغفيرة خامرها شعور بأن الشمس ستقع عليهم في أيّ لحظة ، إلا أن الشمس رجعت مرّةً أخرى إلى موضعها الأصلي ببريقها الجميل و المعتاد نفسه .
صحيفة لشبونة تنشر خبر الحادثة العجيبة :
هذه الحادثة المدهشة ظهرت لأول مرّة في صحيفة لشبونة في 15 تشرين الأول من نفس العام ، ما دفع الكثيرين للتحقق من رواية الأطفال الثلاث حتى أصبح كل ما ذكروه موضع قبول و تصديق قلبي لديهم .
و فيما يخص الأطفال الثلاثة و مصيرهم فإنّ ( جاسنتا ) و ( فرانسيسكو ) أكّدا أنّ السيدة الزهراء ( عليها السلام ) قالت لهما أنهما سيلتحقان بها قريباً ، و ستأخذهما إلى الجنة معها ، و بالفعل تُوُفّيَ الطفلان بعد سنتين و ثلاث سنوات من الرؤيا ، بسبب مرضٍ رئوي ، فتحوّل رحيلهما المبكر إلى رسوخ الإيمان بالواقعة و الظهور ، و إثباتاً لأقوال هؤلاء الأطفال الذين أكّدت عوائلهم أنهم لم يتّصفوا بالكذب في حياتهم .
- و فيما يتعلّق بالطفلة الثالثة ( لوسيا ) فقد دخلت سلك الرهبنة ، و كرّست نفسها لهذه الرؤيا ، و بقيت حيّةً تُرزق ، ذلك أنّ سيّدة التسبيح المقدّسة طلبت نشر و ترويج العبودية لله .
لكن ماذا حدث حتى أصبحت القرية تُعرف بمدينة فاطمة ؟
في عام ( 1919 م ) ، قرّر الأهالي بناء مزار ديني في قريتهم باسم ( فاطمة ) ، فقام بعض الحاقدين بإحراقه و تفجيره ، لكن الأهالي أعادوا إعماره مجدّداً .
و في سنة ( 1938 م ) وضعت أولى لبنات الموقع الحجرية .
و في عام ( 1940 م ) منح أسقف إيبيريا رخصته لإنشاء المزار المطهّر لسيدتنا فاطمة ( عليها السلام ) بعدما سبقته الكنيسة بذلك .
و في عام ( 1952 م ) أقيمت مراسم خاصة بسيدتنا الزهراء ( عليها السلام ) و تُوّجت هذه الخطوة بتبني المزار رسميّاً عام ( 1953 م ) من قبل الحكومة البرتغالية ، و منذ ذلك الحين في الثالث عشر من أيار من كل عام ، يأتي محبّو فاطمة و مريدوها من أنحاء البرتغال و مناطق الدول المجاورة إلى المنطقة التي سمّيت بمدينة ( فاطما ) لطلب الشفاعة و الشفاء و التوبة و تزكية الروح ، و كل شخص من أتباع هذا المذهب أو ذاك يقوم بمراسم زيارة ( فاطمة ) بأسلوبه و طريقته الخاصّة ، فواحد يأتي ماشياً على قدميه لأداء الزيارة ، و آخر ينذر الشموع ، فيما تقام أماسي الدعاء و مجالس الذكر ، و تحتل تمتمات و همهمات التسابيح الجانب الأهم و الرواج الأكبر و الشهرة الواسعة ، ذلك أنّ السيدة المقدّسة طلبت من الناس يوم ظهورها عليهم أن يقوموا بالتسبيحات في كلّ يوم .
لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الزوار يأتون ليشاهدوا تمثالاً أبيض ، يخلد واقعة ظهور السيدة فاطمة ، و يجتمعون حوله ليطلبوا حاجاتهم أو ليقدّموا شكرهم للهداية إلى طريق الحق ، و آخرون يرجون أن تعود لهم قوّة الإيمان و الروح لتصحّ قلوبهم التي أثقلتها أدران المادية .
نعم ، إنّ الأوروبيين يجتمعون حول المزار الذي يمثّل عندهم ( كنيسة فاطما ) ، و يطلبون منها تبديل حياتهم بحياة أخرى ، و يؤكّدون أنه ما من زائر عاد من البقعة المباركة و هو خالي الوفاض .
في جانب الكنيسة الأيسر هناك جناح خاص للزوّار المرضى طالبي الشفاء ، الذين يقضون الليل في الدعاء و التسبيح ، و لا توجد لهم لغة يمكن لها أن توضّح حقيقة تلك الجاذبية العميقة التي يشعر بها الزوّار و توسّلهم العجيب ؟
أليس عجيباً سفر أولئك الناس من عالم المسيحية إلى عالم الإسلام للدخول في دائرة الحُب و الإخلاص القلبي لابنة الرسول الأكرم ( صلى الله عليه و آله ) ؟ !
إنهم يسبّحون تسبيحات فاطمة و هم يضعون الصليب على صدورهم ؟ !
يسبّحون تسبيحات الزهراء و يبنون كنيسةً باسمها ؟ !
يسبّحون تسبيحات الزهراء و يطلبون النجدة و المساعدة منها ؟ !
و قلوبهم ملأى بذكرى حدث اهتزاز الشمس العجيب و ظهور تلك الرؤيا المنوّرة .
لا ليس عجيباً ما يقومون به لأن قدرة فاطمة و قوّة فاطمة و طُهْر فاطمة و نزاهة فاطمة بنت الرسول فاقت كل تصوّر حتى غدت تسيطر على قلوب الملايين .
كيف لا نقتنع بذلك و نحن نرى هذه الجموع تنذر لفاطمة و تمشي المسافات من أجل زيارتها و التبرّك ببقعتها ، و تركع في محرابها طلباً للمغفرة و للحصول على الطُهر و الروحانية .
و لعلّ زيارة البابوات لـ ( فاطيما ) ليست ظاهرة بسيطة ، كما أن اهتمام و تعلّق الآباء اليسوعيين بسيدة نساء العالمين ظاهرة توضح بنور ساطع للعيون المؤمنة بفاطمة أحقيّة هذا الطريق ، و هي ظاهرة تشير إلى عمق نفوذ سيدة نساء الإسلام الكبرى في عالم المسيحية .
لقد كان من بين زوّار مدينة ( فاطيما ) البابا جان بول الثاني لتقديم شكره لمحضر فاطمة بعد أن أنجاه الله من أحد الحوادث .
لا بد من الإشارة إلى أن الناس في مدينة ( فاطيما ) البرتغالية يطلقون على بناتهم اسم ( فاطيما ) حتى يكاد أن لا يخلو منزل من هذا الاسم المبارك .
أخي القارئ الكريم ، ما رأيك أن تتعرّف إلى الدعاء الخاص الذي يبتهل به كل زائر لمقام فاطمة في البرتغال .
إنه دعاء يبلسم الروح حيث يقول : " أنا الآن مضطر لأن أبتعد عنك ، أنا الآن مجبر لأن أنأى عنك في المكان ، إلا أنني أرجو من الله و أتوسّل إليه أن لا يكون هذا آخر العهد مني ، و سيبقى الرجاء و هذا الشوق حيّاً في كياني و وجودي ، يا فاطمة وداعاً ، الوداع يا سيدتنا الزهراء الطاهرة " .
الاعلام و قصة مدينة فاطيما :
لقد أخذت قصّة مدينة ( فاطيما ) حيّزاً كبيراً من اهتمام عدد من الباحثين الإيرانيين الذين صوّروا فيلماً وثائقياً عن هذه المدينة بعدما نشرت مجلات سروش و كيهان فرهنكي و دانشمند و زن روز قصّة المدينة ، و قدم عرض الفيلم في تلفزيون الجمهوريّة الإسلامية عدّة مرّات و كذلك في تلفزيون المنار في لبنان حيث لاقى إقبالاً جماهيرياً غير عادي .
من اكتشف مدينة فاطيما ، و كيف أخذت طريقها للإعلام المعاصر ؟
مسؤولة التحقيق في مشروع ( أطلس العالم الإسلامي ) في ( مؤسسة فاطمة الزهراء الثقافية ) في طهران السيدة ( حاجيان ) أجابت عن سؤال حول اكتشاف المؤسسة لمدينة ( فاطيما ) فتقول : إنّ محور العمل في مؤسستنا هو النهضة الإسلامية العالمية و التحضير لمشروع الأطلس العالمي الذي له ارتباط وثيق بشخصيّة سيّدتنا المقدّسة ، حيث يتمّ تعريف المؤسسات و الهيئات المختلفة بالسيدة الزهراء ( عليها السلام ) ، و ضمن أبحاثنا و تحقيقاتنا تعرفنا على ( كنيسة ) تحمل إسم ( فاطمة ) و هذا ما قوّى دوافعنا للغوص في بحثنا الأساسي ، و من المثير للإنتباه أن دراستنا قادتنا كذلك إلى بعض السيدات المسيحيات في ( سيراليون ) يحملن أسماء تلفظ باللهجة المحلية ( فاطيما ) ، كما أنّ هناك كنائس في إسبانيا و البرازيل و البرتغال تحمل إسم ( فاطمة ) .
و من خلال هذه الدراسة إتضح لنا أنّ إسم فاطمة هو اسم متداول ، و هناك العديد من آثار و بقع مباركة متعلّقة بالسيدة الزهراء في العديد من الدول ، و ليس الأمر مقتصراً على البرتغال لكن تعرفنا على مدينة فاطيما في البرتغال دفعنا إلى إعداد فيلم يحمل إسم ( فاطمة ) ، وكان لعرض الفيلم صدى حسَن و وقع كبير لدى الجمهور .
تضيف السيدة ( حاجيان ) الشيء الواجب ذكره هو أنّ السيدة ( سانتوس ) و هي الوحيدة المتبقية من أقرباء الأطفال الثلاثة الذين أخبروا عن الظهور العجيب هي الآن سيدة عجوز و كبيرة السن للغاية ، و معتكفة في أحد الأديرة ، و قد قطعتْ كل ارتباطاتها بالعالم ، و لا يوجد أي إتصال بها ، لكننا نفكّر بطريقة للوصول و إجراء مقابلة معها لتسجيل معلومات أكثر .
و تقول السيدة ( حاجيان ) أنه يوجد في الكتب و المذكّرات التي حصلت على تأييد الفاتيكان ذكر واضح بأن ( فاطمة ) و بعد الظهور ، عرّفتْ عن نفسها بأنّها ابنة الرسول الأكرم ( صلى الله عليه و آله ) ، و هناك العديد من النشرات الأصلية التي صدرت عن الفاتيكان كانت تذكر بصراحة إسم إبنة نبي الإسلام ، إلا أن هذه النصوص تعرّضت فيما بعد للحذف و الإضافات .
إنّ من المسلّم به و البديهي لدينا ? تضيف حاجيان ? أن إسم فاطمة يؤدّي في تلك البلاد إلى تداعي ذكر السيدة الزهراء ( عليها السلام ) ، و في كتب اللغة و القواميس و دوائر المعارف إشارة إلى ترادف إسم فاطمة مع القرية التي جرى ذكرها .
إننا نشير إلى أنّ السيدة التي ظهرت بذلك الشكل الإعجازي لم تكن سوى السيدة الزهراء لوجود عدّة قرائن :
أوّلاً : هناك إسم فاطمة .
ثانياً : ان السيدة المنوّرة يعني إصطلاحاً السيدة الزهراء ، و هو إسم ابنة الرسول الأكرم ( صلى الله عليه و آله ) .
ثالثاً : ان صاحبة التسبيح لا يمكن أنْ تكون غير السيدة فاطمة ( عليها السلام ) .
و نشير أيضاً إلى أنّ الفيلم الوثائقي الذي أعدته الكنيسة ينقل عن علماء المسيحية العبارة التالية :
Fatima the Daughter of Mohammad
أي : فاطمة بنت النبي محمد ( صلى الله عليه و آله ) .
و قد تمت الإشارة في هذا الفيلم إلى أن تعبير ( فاطمة ) هو مرادف للسيدة التي هي أشدّ إشراقاً من الشمس و هو معنى " زهراء " نفسه ، و ورد تعبير " السيدة النقيّة " التي تعني " الطاهرة " . و أيضاً أن الأطفال الثلاثة ذكروا بأنهم رأوا فاطمة حزينة باكية ، و هذا ينطبق على حال الزهراء ( عليها السلام ) بعد وفاة أبيها ، حيث كانت في آخر عمرها الشريف محزونةً و كثيرة البكاء .
إنّ من النقاط الجديرة بالتأمّل هي أنّ بلاد البرتغال و مدينة " لشبونة " و المدن الأوروبية الأخرى التي توجد فيها رموز معمارية تشير إلى حادثة الظهور ، يوجد أعداد غفيرة من المرضى و المعاقين و أصحاب الحاجات يتوسّلون بهذه السيدة " فاطمة " ، و هناك العديد من الإحصاءات المتوفّرة عن هذا الموضوع موجودة في مؤسستنا . تختم السيدة حاجيان .
مشاهدات مدير عمليات التصوير :
مدير عمليات التصوير في فيلم " فاطمة " السيد ( حاتمي كيا ) كان له حديث عن تجربته العيانية في هذا الصدد فيقول : لقد سافرتُ إلى مدينة " فاطيما " في البرتغال ، و كان لديّ إصرار على أن يتمّ هذا السفر بهدوء و بلا جلبة أو ضوضاء و أن أكون في مدينة ( فاطيما ) لوحدي لرؤية و تفحّص ذلك المحيط ، و اصطحبتُ معي آلة تصويري حتى ألتقط مشاهداتي بشكل دقيق ، و كان قطاف هذا النشاط و البحث فيلماً تمّ عرضه عدّة مرّات في تلفزيون الجمهورية الإسلامية ، و باعتباري رجلاً مسلماً معتقداً بفاطمة الزهراء ( عليها السلام ) و مخلصاً لها ، قمتُ بتوثيق وجود هذا الإسم المقدّس في كلّ زاوية و مكان منذ ساعة وصولي الأول إلى هذه المدينة البرتغالية .
لقد كنتُ أسأل الناس مباشرة : لمن إسم فاطمة هذا ؟ و كانوا يجيبون بصراحة : " إنه إسم إبنة نبي الإسلام ( صلى الله عليه و آله ) "، إنهم يطلقون على بناتهم إسم " فاطمة " و هم يعتقدون أنهم بهذا يبعدونهن عن نار جهنم .
و أضاف حاتمي : لقد كان لديَّ تصوّر بأنّ الناس المسنّين و كبار العمر فقط هم الذين يغمرهم هذا الإعتقاد ، إلا أنّ الأمر لم يكن كذلك ، فهناك رأيتُ حضوراً مكثّفاً للشباب و يمكن بسهولة مشاهدة التنوع في طبيعة و أعمار الناس الآتين للزيارة و أداء النذور و الحصول على الحاجات من السيدة صاحبة التسبيح .
و يردف السيد حاتمي : ان هذا الأمر بالنسبة لي كان كثير العجب ، ذلك أنّ شيئاً مثل هذا يحدث في أوروبا هو أمر يغمر القلب بالأمل ، لهذا بدا لي الأمر مهماً في أن أتصدى لهذه المسألة ، و أن أصنع فيلماً عن هذه الحادثة المليئة بالرمز و الإيحاء ، في ساحة غير إسلامية ، بل في أوروبا المسيحية نفسها ، لكن ليس مهماً أن نمهر تلك البقاع بمهر الإسلام أو المسيحية بل المهم عودة الناس في أوروبا إلى الدين ، و هو أمر يحدث الآن بالتدريج ، و هو ما يمكن مشاهدته و معاينته بوضوح .
﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [1]
من أسرار هذه التسمية و هذا الظهور :
ليس أدنى شك في أن لهذه التسمية سببا و سراً ، و قد يكون لهذا الأمر أكثر من سر ، فقد يكون هناك سراً إلهياً في المسألة أراد الله جلت قدرته أن يُعرف قدر الزهراء و منزلتها ، و هي المجهولة قدراً و المعفية قبراً من جهة ، و من جهة أخرى أراد الله عز و جل أن يبعث بشعاع من نورها المبارك الى تلك الديار لتضيء ( عليها السلام ) بنورها عالم الغرب و لتهتك حُجب الظلام المهيمن على تلك البلاد .
و أما السر الآخر الملموس و الواضح فيكمن في وجود قرية دينية في البرتغال تسمى فاطيما أو فاتيما ، أو FATIMA ، و كلها مسميات تعادل الإسم العربي " فاطمة " و التي هي السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) .