المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متجدد أسبوعيا:اضاءات من دعاء كميل بن زياد


اللجنة العامة
25-06-2010, 06:49 AM
http://www.alshiaclubs.net/upload//uploads/images/alshiaclubs-f133f5c9e4.gif (http://www.alshiaclubs.net/upload//uploads/images/alshiaclubs-f133f5c9e4.gif)
بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الفقير الحقير المحتاج إلى رحمة ربّه البارئ، عبدالأعلى بن محمّد القاضي السبزواري ـ غفر الله لهما ـ : لمّا رأيت الدعاء المنسوب إلى كميل بن زياد ـ الّذي علّمه الإمام الهمام القمقام، الوصي الحاكم بالنص الجلي أعني: مركز دائرة المطالب، سيد المشارق والمغارب، أسد الله الغالب، عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) ـ دعاءً أسانيده عالية، تراكيبه شامخة، اندرج في مضامينه مطالب رفيعة، وإشارات منيعة، جارياً على ألسنة أهل الذكر أكثر الأوقات، ولا سيّما ليالي الجمعات، وقد كنت دهراً طويلا دعوت به في منتصف ليالي الجمعة، ناوياً في قراءته إنجاح بعض مآربي، مستعفياً لجرائمي، مستغفراً لمآثمي، إلى أن سنح لي أن أشرحه شرحاً يمتاز عن العبارات إشاراتها، تسهيلا للوصول إلى معانيها الغامضة ومقاصدها القاصية. وحيث ما كان لي عمل صالح أستظهر به عند الله والرسول، فأرجو الله أن يكون هذا لي ممّا يتمسك به المذنبون، ويعتصم به الخاطئون، يوم لا ينفع مال ولا بنون.
وكنت في دولة عليّة، قد رقد الناس فيها في مهاد الأمن والأمان، وقعدوا عن الإجراء في الغي والاعتساف والطغيان، ومن غاية الفراغ والارتياح تشتهي الضُئين أن ترتع مع الفهود والذؤبان، من مهابة صاحبها السلطان ابن السلطان وخاقان ابن خاقان، ناصر الملّة والدولة والدين، قهرمان الماء والطين، ناصر الدين، شاه قاجار، خلّد الله ملكه وسلطانه، وأبّد عيشه، وأيد جيشه، ونصر أعوانه.
فها أنا خائض في المقصود، بعون الله الملك المعبود.

و نحن اللجنة العامة في منتديات أنا شيعي العالمية

سنخوض مع هذا السيد الجليل في شرح هذا الدعاء و فقراته بالتفصيل

بافتتاح مجلس لقراءة و شرح فقرات الدعاء في كل ليلة جمعة كما وردت في كتاب

شرح دعاء كميل

تأليف:المولى عبد الاعلى السبزواري


و لكل من يشاركنا في الموضوع بقراءة الدعاء و قراءة الشرح

ثواب الصلاة على محمد و آل محمد ألف مرة

قضى الله حوائجنا و حوائجكم بحق صاحب هذا الدعاء العظيم

تحايا اللجنة العامة في منتديات أنا شيعي العالمية

اللجنة العامة
25-06-2010, 06:52 AM
اَللّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْء ، وَ بِقُوَّتِكَ الَّتي قَهَرْتَ بِها كُلَّ شَيْء ، وَ خَضَعَ لَها كُلُّ شَيء ، وَ ذَلَّ لَها كُلُّ شَيء ، وَ بِجَبَرُوتِكَ الَّتي غَلَبْتَ بِها كُلَّ شَيء ، وَ بِعِزَّتِكَ الَّتي لا يَقُومُ لَها شَيءٌ ، وَ بِعَظَمَتِكَ الَّتي مَلأَتْ كُلَّ شَيء ، وَ بِسُلْطانِكَ الَّذي عَلا كُلَّ شَيء ، وَ بِوَجْهِكَ الْباقي بَعْدَ فَناءِ كُلِّ شَيء ، وَ بِأَسْمائِكَ الَّتي مَلأَتْ أرْكانَ كُلِّ شَيء ، وَ بِعِلْمِكَ الَّذي أَحاطَ بِكُلِّ شَيء ، وَ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذي أَضاءَ لَهُ كُلُّ شيء ، يا نُورُ يا قُدُّوسُ ، يا أَوَّلَ الأوَّلِينَ وَ يا آخِرَ الآخِرينَ .
اَللّهُمَّ اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تَهْتِكُ الْعِصَمَ ، اَللّهُمَّ اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تُنْزِلُ النِّقَمَ ، اَللّهُمَّ اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تُغَيِّرُ النِّعَمَ ، اَللّهُمَّ اغْفِرْ لي الذُّنُوبَ الَّتي تَحْبِسُ الدُّعاءَ ، اَللّهُمَّ اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تُنْزِلُ الْبَلاءَ ، اَللّهُمَّ اغْفِرْ لي كُلَّ ذَنْب اَذْنَبْتُهُ ، وَ كُلَّ خَطيئَة اَخْطَأتُها .
اَللّهُمَّ اِنّي اَتَقَرَّبُ اِلَيْكَ بِذِكْرِكَ ، وَ اَسْتَشْفِعُ بِكَ إلى نَفْسِكَ ، وَ أَسْأَلُكَ بِجُودِكَ أن تُدْنِيَني مِنْ قُرْبِكَ ، وَ أَنْ تُوزِعَني شُكْرَكَ ، وَ أَنْ تُلْهِمَني ذِكْرَكَ ، اَللّهُمَّ إني أَسْأَلُكَ سُؤالَ خاضِع مُتَذَلِّل خاشِع أن تُسامِحَني وَ تَرْحَمَني وَ تَجْعَلَني بِقِسْمِكَ راضِياً قانِعاً ، وَ في جَميعِ الأحوال مُتَواضِعاً .
اَللّهُمَّ وَ أَسْأَلُكَ سُؤالَ مَنِ اشْتَدَّتْ فاقَتُهُ ، وَ اَنْزَلَ بِكَ عِنْدَ الشَّدائِدِ حاجَتَهُ ، وَ عَظُمَ فيما عِنْدَكَ رَغْبَتُهُ .
اَللّهُمَّ عَظُمَ سُلْطانُكَ ، وَ عَلا مَكانُكَ ، وَ خَفِي مَكْرُكَ ، وَ ظَهَرَ اَمْرُكَ وَ غَلَبَ قَهْرُكَ ، وَ جَرَتْ قُدْرَتُكَ ، وَ لا يُمْكِنُ الْفِرارُ مِنْ حُكُومَتِكَ .
اَللّهُمَّ لا أجِدُ لِذُنُوبي غافِراً ، وَ لا لِقَبائِحي ساتِراً ، وَ لا لِشَيء مِنْ عَمَلِي الْقَبيحِ بِالْحَسَنِ مُبَدِّلاً غَيْرَكَ ، لا اِلهَ إلاّ أنْتَ ، سُبْحانَكَ وَ بِحَمْدِكَ ، ظَلَمْتُ نَفْسي ، وَ تَجَرَّأْتُ بِجَهْلي ، وَ سَكَنْتُ إلى قَديمِ ذِكْرِكَ لي وَ مَنِّكَ عَلَيَّ .
اَللّهُمَّ مَوْلاي كَمْ مِنْ قَبيح سَتَرْتَهُ ، وَ كَمْ مِنْ فادِح مِنَ الْبَلاءِ اَقَلْتَهُ ، وَ كَمْ مِنْ عِثارٍ وَقَيْتَهُ ، وَ كَمْ مِنْ مَكْرُوهٍ دَفَعْتَهُ ، وَ كَمْ مِنْ ثَناءٍ جَميلٍ لَسْتُ اَهْلاً لَهُ نَشَرْتَهُ .
اَللّهُمَّ عَظُمَ بَلائي ، وَ اَفْرَطَ بي سُوءُ حالي ، وَ قَصُرَتْ بي اَعْمالي ، وَ قَعَدَتْ بي اَغْلالي ، وَ حَبَسَني عَنْ نَفْعي بُعْدُ اَمَلي ، وَ خَدَعَتْنِي الدُّنْيا بِغُرُورِها ، وَ نَفْسي بِجِنايَتِها ، وَ مِطالي يا سَيِّدي فَأَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ أن لا يَحْجُبَ عَنْكَ دُعائي سُوءُ عَمَلي وَ فِعالي ، وَ لا تَفْضَحْني بِخَفِي مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنْ سِرّي ، وَ لا تُعاجِلْني بِالْعُقُوبَةِ عَلى ما عَمِلْتُهُ في خَلَواتي مِنْ سُوءِ فِعْلي وَ إساءَتي ، وَ دَوامِ تَفْريطي وَ جَهالَتي ، وَ كَثْرَةِ شَهَواتي وَ غَفْلَتي ، وَ كُنِ اللّهُمَّ بِعِزَّتِكَ لي في كُلِّ الأحوالِ رَؤوفاً ، وَ عَلَي في جَميعِ الاُْمُورِ عَطُوفاً .
اِلهي وَ رَبّي مَنْ لي غَيْرُكَ أَسْأَلُهُ كَشْفَ ضُرّي ، وَ النَّظَرَ في اَمْري ، اِلهي وَ مَوْلاي اَجْرَيْتَ عَلَي حُكْماً اِتَّبَعْتُ فيهِ هَوى نَفْسي ، وَ لَمْ اَحْتَرِسْ فيهِ مِنْ تَزْيينِ عَدُوّي ، فَغَرَّني بِما اَهْوى وَ اَسْعَدَهُ عَلى ذلِكَ الْقَضاءُ ، فَتَجاوَزْتُ بِما جَرى عَلَيَّ مِنْ ذلِكَ بَعْضَ حُدُودِكَ ، وَ خالَفْتُ بَعْضَ اَوامِرِكَ ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلي في جَميعِ ذلِكَ ، وَ لا حُجَّةَ لي فيما جَرى عَلَيَّ فيهِ قَضاؤُكَ ، وَ اَلْزَمَني حُكْمُكَ وَ بَلاؤُكَ .
وَ قَدْ اَتَيْتُكَ يا اِلهي بَعْدَ تَقْصيري وَ اِسْرافي عَلى نَفْسي مُعْتَذِراً نادِماً مُنْكَسِراً مُسْتَقيلاً مُسْتَغْفِراً مُنيباً مُقِرّاً مُذْعِناً مُعْتَرِفاً ، لا أجِدُ مَفَرّاً مِمّا كانَ مِنّي ، وَ لا مَفْزَعاً اَتَوَجَّهُ إليه في أَمْري ، غَيْرَ قَبُولِكَ عُذْري ، وَ اِدْخالِكَ اِيّايَ في سَعَة رَحْمَتِكَ .
اَللّهُمَّ فَاقْبَلْ عُذْري ، وَ ارْحَمْ شِدَّةَ ضُرّي ، وَ فُكَّني مِنْ شَدِّ وَثاقي .
يا رَبِّ ارْحَمْ ضَعْفَ بَدَني ، وَ رِقَّةَ جِلْدي ، وَ دِقَّةَ عَظْمي ، يا مَنْ بَدَأَ خَلْقي وَ ذِكْري وَ تَرْبِيَتي وَ بِرّي وَ تَغْذِيَتي هَبْني لاِبْتِداءِ كَرَمِكَ ، وَ سالِفِ بِرِّكَ بي .
يا اِلهي وَ سَيِّدي وَ رَبّي ، اَتُراكَ مُعَذِّبي بِنارِكَ بَعْدَ تَوْحيدِكَ ، وَ بَعْدَ مَا انْطَوى عَلَيْهِ قَلْبي مِنْ مَعْرِفَتِكَ ، وَ لَهِجَ بِهِ لِساني مِنْ ذِكْرِكَ ، وَ اعْتَقَدَهُ ضَميري مِنْ حُبِّكَ ، وَ بَعْدَ صِدْقِ اعْتِرافي و َدُعائي خاضِعاً لِرُبُوبِيَّتِكَ ، هَيْهاتَ أنْتَ اَكْرَمُ مِنْ أنْ تُضَيِّعَ مَنْ رَبَّيْتَهُ ، أوْ تُبَعِّدَ مَنْ أدْنَيْتَهُ ، اَوْ تُشَرِّدَ مَنْ آوَيْتَهُ ، اَوْ تُسَلِّمَ اِلَى الْبَلاءِ مَنْ كَفَيْتَهُ وَ رَحِمْتَهُ ، وَ لَيْتَ شِعْري يا سَيِّدي وَ اِلهي وَ مَوْلايَ ، اَتُسَلِّطُ النّارَ عَلى وُجُوه خَرَّتْ لِعَظَمَتِكَ ساجِدَةً ، وَ عَلى اَلْسُن نَطَقَتْ بِتَوْحيدِكَ صادِقَةً ، وَ بِشُكْرِكَ مادِحَةً ، وَ عَلى قُلُوبٍ اعْتَرَفَتْ بِإلهِيَّتِكَ مُحَقِّقَةً ، وَ عَلى ضَمائِرَ حَوَتْ مِنَ الْعِلْمِ بِكَ حَتّى صارَتْ خاشِعَةً ، وَ عَلى جَوارِحَ سَعَتْ إلى أوْطانِ تَعَبُّدِكَ طائِعَةً ، وَ اَشارَتْ بِاسْتِغْفارِكَ مُذْعِنَةً ، ما هكَذَا الظَّنُّ بِكَ ، وَ لا اُخْبِرْنا بِفَضْلِكَ عَنْكَ .
يا كَريمُ يا رَبِّ وَ اَنْتَ تَعْلَمُ ضَعْفي عَنْ قَليل مِنْ بَلاءِ الدُّنْيا وَ عُقُوباتِها ، وَ ما يَجْري فيها مِنَ الْمَكارِهِ عَلى أهْلِها ، عَلى أنَّ ذلِكَ بَلاءٌ وَ مَكْرُوهٌ قَليلٌ مَكْثُهُ ، يَسيرٌ بَقاؤُهُ ، قَصيرٌ مُدَّتُهُ ، فَكَيْفَ احْتِمالي لِبَلاءِ الآخِرَةِ ، وَ جَليلِ وُقُوعِ الْمَكارِهِ فيها ، وَ هُوَ بَلاءٌ تَطُولُ مُدَّتُهُ ، وَ يَدُومُ مَقامُهُ ، وَ لا يُخَفَّفُ عَنْ اَهْلِهِ ، لاَِنَّهُ لا يَكُونُ إلاّ عَنْ غَضَبِكَ وَ اْنتِقامِكَ وَ سَخَطِكَ ، وَ هذا ما لا تَقُومُ لَهُ السَّماواتُ وَ الأرْضُ ، يا سَيِّدِي فَكَيْفَ لي وَ أنَا عَبْدُكَ الضَّعيفُ الذَّليلُ الْحَقيرُ الْمِسْكينُ الْمُسْتَكينُ .
يا اِلهي وَ رَبّي وَ سَيِّدِي وَ مَوْلايَ لأيِّ الاُْمُورِ اِلَيْكَ اَشْكُو ، وَ لِما مِنْها أضِجُّ وَ اَبْكي ، لأليمِ الْعَذابِ وَ شِدَّتِهِ ، أمْ لِطُولِ الْبَلاءِ وَ مُدَّتِهِ ، فَلَئِنْ صَيَّرْتَني لِلْعُقُوباتِ مَعَ أعْدائِكَ ، وَ جَمَعْتَ بَيْني وَ بَيْنَ أهْلِ بَلائِكَ ، وَ فَرَّقْتَ بَيْني وَ بَيْنَ أحِبّائِكَ وَ أوْليائِكَ ، فَهَبْني يا إلهي وَ سَيِّدِي وَ مَوْلايَ وَ رَبّي صَبَرْتُ عَلى عَذابِكَ ، فَكَيْفَ اَصْبِرُ عَلى فِراقِكَ ، وَ هَبْني صَبَرْتُ عَلى حَرِّ نارِكَ ، فَكَيْفَ اَصْبِرُ عَنِ النَّظَرِ إلى كَرامَتِكَ ، أمْ كَيْفَ أسْكُنُ فِي النّارِ وَ رَجائي عَفْوُكَ ، فَبِعِزَّتِكَ يا سَيِّدي وَ مَوْلايَ اُقْسِمُ صادِقاً لَئِنْ تَرَكْتَني ناطِقاً لاَِضِجَّنَّ إلَيْكَ بَيْنَ أهْلِها ضَجيجَ الآمِلينَ ، وَ لأصْرُخَنَّ إلَيْكَ صُراخَ الْمَسْتَصْرِخينَ ، وَ لأبْكِيَنَّ عَلَيْكَ بُكاءَ الْفاقِدينَ ، وَ لاَُنادِيَنَّكَ اَيْنَ كُنْتْ ( كُنْتُ ) يا وَلِيَّ الْمُؤْمِنينَ ، يا غايَةَ آمالِ الْعارِفينَ ، يا غِياثَ الْمُسْتَغيثينَ ، يا حَبيبَ قُلُوبِ الصّادِقينَ ، وَ يا اِلهَ الْعالَمينَ .
أفَتُراكَ سُبْحانَكَ يا إلهي وَ بِحَمْدِكَ تَسْمَعُ فيها صَوْتَ عَبْد مُسْلِم سُجِنَ فيها بِمُخالَفَتِهِ ، وَ ذاقَ طَعْمَ عَذابِها بِمَعْصِيَتِهِ ، وَ حُبِسَ بَيْنَ اَطْباقِها بِجُرْمِهِ وَ جَريرَتِهِ ، وَ هُوَ يَضِجُّ إلَيْكَ ضَجيجَ مُؤَمِّل لِرَحْمَتِكَ ، وَ يُناديكَ بِلِسانِ أهْلِ تَوْحيدِكَ ، وَ يَتَوَسَّلُ إلَيْكَ بِرُبُوبِيَّتِكَ ، يا مَوْلايَ فَكَيْفَ يَبْقى فِي الْعَذابِ وَ هُوَ يَرْجُو ما سَلَفَ مِنْ حِلْمِكَ ، أَمْ كَيْفَ تُؤْلِمُهُ النّارُ وَ هُوَ يَأْمُلُ فَضْلَكَ وَ رَحْمَتَكَ ، اَمْ كَيْفَ يُحْرِقُهُ لَهيبُها وَ أنْتَ تَسْمَعُ صَوْتَهُ وَ تَرى مَكانَه ، اَمْ كَيْفَ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ زَفيرُها وَ أنْتَ تَعْلَمُ ضَعْفَهُ ، اَمْ كَيْفَ يَتَقَلْقَلُ بَيْنَ اَطْباقِها وَ أنْتَ تَعْلَمُ صِدْقَهُ ، اَمْ كَيْفَ تَزْجُرُهُ زَبانِيَتُها وَ هُوَ يُناديكَ يا رَبَّهُ ، اَمْ كَيْفَ يَرْجُو فَضْلَكَ في عِتْقِهِ مِنْها فَتَتْرُكُهُ فيها ، هَيْهاتَ ما ذلِكَ الظَّنُ بِكَ ، وَ لاَ الْمَعْرُوفُ مِنْ فَضْلِكَ ، وَ لا مُشْبِهٌ لِما عامَلْتَ بِهِ الْمُوَحِّدينَ مِنْ بِرِّكَ وَ اِحْسانِكَ ، فَبِالْيَقينِ اَقْطَعُ لَوْ لا ما حَكَمْتَ بِهِ مِنْ تَعْذيبِ جاحِديكَ ، وَ قَضَيْتَ بِهِ مِنْ اِخْلادِ مُعانِدِيكَ ، لَجَعَلْتَ النّارَ كُلَّها بَرْداً وَ سَلاماً ، وَ ما كانَ لأحَد فيها مَقَرّاً وَ لا مُقاماً ، لكِنَّكَ تَقَدَّسَتْ أسْماؤُكَ اَقْسَمْتَ أنْ تَمْلاََها مِنَ الْكافِرينَ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النّاسِ اَجْمَعينَ ، وَ أنْ تُخَلِّدَ فيهَا الْمُعانِدينَ ، وَ أنْتَ جَلَّ ثَناؤُكَ قُلْتَ مُبْتَدِئاً ، وَ تَطَوَّلْتَ بِالإنْعامِ مُتَكَرِّماً ، اَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ .
إلهي وَ سَيِّدى فَأَسْأَلُكَ بِالْقُدْرَةِ الَّتي قَدَّرْتَها ، وَ بِالْقَضِيَّةِ الَّتي حَتَمْتَها وَ حَكَمْتَها ، وَ غَلَبْتَ مَنْ عَلَيْهِ اَجْرَيْتَها ، أنْ تَهَبَ لي في هذِهِ اللَّيْلَةِ وَ في هذِهِ السّاعَةِ كُلَّ جُرْم اَجْرَمْتُهُ ، وَ كُلَّ ذَنْب اَذْنَبْتُهُ ، وَ كُلَّ قَبِيح أسْرَرْتُهُ ، وَ كُلَّ جَهْل عَمِلْتُهُ ، كَتَمْتُهُ أوْ اَعْلَنْتُهُ ، أخْفَيْتُهُ أوْ اَظْهَرْتُهُ ، وَ كُلَّ سَيِّئَة أمَرْتَ بِاِثْباتِهَا الْكِرامَ الْكاتِبينَ الَّذينَ وَكَّلْتَهُمْ بِحِفْظِ ما يَكُونُ مِنّي ، وَ جَعَلْتَهُمْ شُهُوداً عَلَيَّ مَعَ جَوارِحي ، وَ كُنْتَ أنْتَ الرَّقيبَ عَلَيَّ مِنْ وَرائِهِمْ ، وَ الشّاهِدَ لِما خَفِيَ عَنْهُمْ ، وَ بِرَحْمَتِكَ اَخْفَيْتَهُ ، وَ بِفَضْلِكَ سَتَرْتَهُ ، وَ أنْ تُوَفِّرَ حَظّي مِنْ كُلِّ خَيْر اَنْزَلْتَهُ أوْ اِحْسان فَضَّلْتَهُ ، أوْ بِرٍّ نَشَرْتَهُ ، أوْ رِزْق بَسَطْتَهُ ، أوْ ذَنْب تَغْفِرُهُ ، أوْ خَطَأ تَسْتُرُهُ ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ .
يا اِلهي وَ سَيِّدي وَ مَوْلايَ وَ مالِكَ رِقّي ، يا مَنْ بِيَدِهِ ناصِيَتي ، يا عَليماً بِضُرّي وَ مَسْكَنَتي ، يا خَبيراً بِفَقْري وَ فاقَتي ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ ، أَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ وَ قُدْسِكَ ، وَ اَعْظَمِ صِفاتِكَ وَ اَسْمائِكَ ، أنْ تَجْعَلَ اَوْقاتي مِنَ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ بِذِكْرِكَ مَعْمُورَةً ، وَ بِخِدْمَتِكَ مَوْصُولَةً ، وَ اَعْمالي عِنْدَكَ مَقْبُولَةً ، حَتّى تَكُونَ أعْمالي وَ أوْرادي كُلُّها وِرْداً واحِداً ، وَ حالي في خِدْمَتِكَ سَرْمَداً .
يا سَيِّدي يا مَنْ عَلَيْهِ مُعَوَّلي ، يا مَنْ اِلَيْهِ شَكَوْتُ أحْوالي ، يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ ، قَوِّ عَلى خِدْمَتِكَ جَوارِحي ، وَ اشْدُدْ عَلَى الْعَزيمَةِ جَوانِحي ، وَ هَبْ لِيَ الْجِدَّ في خَشْيَتِكَ ، وَ الدَّوامَ فِي الاِْتِّصالِ بِخِدْمَتِكَ ، حَتّى أسْرَحَ إلَيْكَ في مَيادينِ السّابِقينَ ، وَ اُسْرِعَ إلَيْكَ فِي الْبارِزينَ ، وَ اَشْتاقَ إلى قُرْبِكَ فِي الْمُشْتاقينَ ، وَ اَدْنُوَ مِنْكَ دُنُوَّ الُْمخْلِصينَ ، وَ اَخافَكَ مَخافَةَ الْمُوقِنينَ ، وَ اَجْتَمِعَ في جِوارِكَ مَعَ الْمُؤْمِنينَ .
اَللّهُمَّ وَ مَنْ اَرادَني بِسُوء فَاَرِدْهُ ، وَ مَنْ كادَني فَكِدْهُ ، وَ اجْعَلْني مِنْ أحْسَنِ عَبيدِكَ نَصيباً عِنْدَكَ ، وَ اَقْرَبِهِمْ مَنْزِلَةً مِنْكَ ، وَ اَخَصِّهِمْ زُلْفَةً لَدَيْكَ ، فَاِنَّهُ لا يُنالُ ذلِكَ إلاّ بِفَضْلِكَ ، وَ جُدْ لي بِجُودِكَ ، وَ اعْطِفْ عَلَيَّ بِمَجْدِكَ ، وَ احْفَظْني بِرَحْمَتِكَ ، وَ اجْعَلْ لِساني بِذِكْرِكَ لَهِجَاً ، وَ قَلْبي بِحُبِّكَ مُتَيَّماً ، وَ مُنَّ عَلَيَّ بِحُسْنِ اِجابَتِكَ ، وَ اَقِلْني عَثْرَتي ، وَ اغْفِرْ زَلَّتي ، فَاِنَّكَ قَضَيْتَ عَلى عِبادِكَ بِعِبادَتِكَ ، وَ اَمَرْتَهُمْ بِدُعائِكَ ، وَ ضَمِنْتَ لَهُمُ الإجابَةَ ، فَاِلَيْكَ يا رَبِّ نَصَبْتُ وَجْهي ، وَ اِلَيْكَ يا رَبِّ مَدَدْتُ يَدي ، فَبِعِزَّتِكَ اسْتَجِبْ لي دُعائي ، وَ بَلِّغْني مُنايَ ، وَ لا تَقْطَعْ مِنْ فَضْلِكَ رَجائي ، وَ اكْفِني شَرَّ الْجِنِّ وَ الإنْسِ مِنْ اَعْدائي .
يا سَريعَ الرِّضا اِغْفِرْ لِمَنْ لا يَمْلِكُ إلاّ الدُّعاءَ ، فَاِنَّكَ فَعّالٌ لِما تَشاءُ ، يا مَنِ اسْمُهُ دَواءٌ وَ ذِكْرُهُ شِفاءٌ وَ طاعَتُهُ غِنىً ، اِرْحَمْ مَنْ رَأْسُ مالِهِ الرَّجاءُ ، وَ سِلاحُهُ الْبُكاءُ ، يا سابِغَ النِّعَمِ ، يا دافِعَ النِّقَمِ ، يا نُورَ الْمُسْتَوْحِشينَ فِي الظُّلَمِ ، يا عالِماً لا يُعَلَّمُ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَ آلِ مُحَمَّد ، و َافْعَلْ بي ما أنْتَ اَهْلُهُ ، وَ صَلَّى اللهُ عَلى رَسُولِهِ وَ الأَئِمَّةِ الْمَيامينَ مِنْ آلِهِ ، وَ سَلَّمَ تَسْليماً كَثيراً "

اللجنة العامة
25-06-2010, 06:54 AM
(1)

(اللّهمّ إنّي أسألك برحمتك التي وسعت كلّ شيء)


(اللّهمّ)

أصله: «يا الله»، فحذفت كلمة «يا» وعُوّض عنها الميم المشدّدة، تفخيماً وتعظيماً له تعالى.
قال الشيخ أبو عليّ (رحمه الله): «الميم فيه عوض عن «يا»، ولذلك لا يجتمعان، وهذا من خصائص هذا الاسم، كما اختص «التاء» في القَسم»(1).
وقال الفراء: «أصل «اللّهمّ» يا الله آمنّا بالخير، أي اقصدنا به، فخّفف بالحذف، لكثرة الدوران على الألسنة»(2).
والشيخ الرضي(3) ردّ هذا الكلام بأ نّه يقال أيضاً: اللّهمّ لا تؤمهم بالخير، و «الله» قيل(4): هو غير مشتق من شيء، بل هو علم لزمته الألف واللام.
وقال سيبويه: «هو مشتق، وأصله: إله، دخلت عليه الألف واللام فصار: الإله، ثمّ نُقلت حركة الهمزة إلى اللام، وسقطت فبقي (الله)، فاُسكنت اللام الاُولى واُدغمت، وفُخّم تعظيماً، لكنه ترقّق مع كسر ما قبله»(5).
ويؤيد كلام سيبويه ما ورد في بعض الأخبار، ومنه قوله(عليه السلام): (يا هشام الله مشتق من إله، والإله يقتضي مألوهاً)(6) (كان إلهاً إذ لا مألوه)(7).
وذكر صدر المتألّهين السبزواري(رحمه الله)، في ابتداء شرح دعاء الصباح كلاماً يدلّ على اشتقاقه من شيء، فإنّه قال: «أصل (الله) كأن الهاء المستديرة; لمناسبة أنّ الدائرة أفضل الأشكال وأصلها، وأ نّها لا نهاية لها; إذ الخط ينتهي بالنقطة وهي طرف الخط، ولا طرف للدائرة، وأنّ البدء والختم فيها واحد، وقد تكتب بالدائرتين إشارة إلى الجمال والجلال، وقد تكتب بدائرة واحدة إشارة إلى أنّ صفاته الحقيقية عين ذاته تعالى . هذه هي المناسبة بحسب الرسم والكَتْب.
وأمّا المناسبة بحسب اللفظ والنطق، فلأ نّها جارية على أنفاس الحيوانات كلّها، سواء كانت أهل الذكر والعلم بالعلم التركيبي أو بالعلم البسيط.
ثمّ اُعرب بالضمّة، إشارة إلى ترفّع المسمّى، ثمّ تارةً اُشبع، إشارةً إلى أ نّه تعالى فوق التمام، وأ نّه فوق ما لا يتناهى بما لا يتناهى عدّة ومدّة وشدّة، فصار بالإشباع (هو) (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )(8).
وتارة اُدخل عليه لام الاختصاص والتمليك، فصار: (له) فـ (لَهُ الخَلْقُ وَالأمْرُ)(9). ثمّ اُشبع فتح اللام، إشارة إلى أ نّه من عنده الفتوح التامّ، فصار (لاه). ثمّ اُدخل عليه لام التعريف، إشارة إلى أ نّه تعالى معروف ذاته لذاته ولما سواه (أفِي الله شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ )(10) فصار (الله)»(11) انتهى كلامه.
ثمّ إنّ العلماء أطبقوا على أنّ هذا الاسم الشريف هو الاسم الأعظم، وفيه أسرار لا تعدّ ولا تحصى; لأ نّه ـ على الأصح ـ عَلَم للذات المقدّسة الجامعة لجميع الصفات العليا والأسماء الحسنى.
وفي الحديث: سُئل(عليه السلام) عن معنى (الله) فقال: (استولى على ما دقّ وجلّ)(12).
وفيه أيضاً: (الله معنىً يُدلّ عليه بهذه الأسماء، وكلّها غيره)(13).
أراد(عليه السلام) أنّ سائر الأسماء معانيها مشمولة للذات الواجبة الجامعة لجميع صفات الكمالات، الّتي هي مسمّى الاسم (الله) بخلاف تلك الأسماء، فإنّ كلا منها يدلّ على الذات ولكن لا مطلقاً، بل ملحوظاً بتعيّن من التعيّنات النورية. وسيأتي توضيح ذلك عند قوله: (وبأسمائك الّتي ملأت أركان كلّ شيء)، إن شاء الله تعالى.


(إنّي)

أثبت السائل لنفسه الإنيّة، إشعاراً بأ نّه ممسوس في إنيّة الإنيّات، كما ورد: (إنّ عليّاً ممسوس في الله)(14) أو إشارة بأ نّه ممسوس بالوجود، والوجود إشراق الله تعالى : (اللّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ)(15).
وهذا الامتساس من أعظم النعماء الّتي أنعه الله بها، فحدّث بهذه النعمة العظمى والمنّة القصوى، امتثالا لقوله تعالى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)(16).
هذا، وإن كان إثبات الإنية للنفس من أعظم الخطايا عند أصحاب الحقيقة وأرباب العيان، كما قيل:

..................................... *** وجودك ذنب لا يقاس به ذنب
وقيل:
بيني وبينك إنّي ينازعني *** فارفع بلطفك إنّيِّ من البين(17)

إلاّ إنّه من باب: (حسنات الأبرار سيئات المقرّبين)(18).
وبالإضافة وتوضيح المقام: أ نّه لمّا كان المقام مقام التضرّع والابتهال ـ كما قال تعالى: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إنَّهُ لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ)(19) وقال: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الغَافِلِينَ)(20) ـ أشار السائل إلى أ نّه في أسئلته ودعواته ليس ممّن كتم ما أنعمه المنعم وتكدّى في ازدياد النعمة ضنّة وولعاً وإمساكاً وهلعاً، بل اعترف في أوّل الأمر وابتداء الحال بأ نّه من المستغرقين في آلائه تعالى، ومن المستخلعين بخلعه الفاخرة، من الوجود والحياة والقدرة والعلم والعرفان، وغيرها من لواحق الوجود الّتي دارت معه حيثما دار، كما قيل:

نور اُو آز يمن ويسار وتحت وفوق *** بر سر وبر گردنم افكنده طوق
كمن لبس ثياب الخلعة، وقام عند منعمه تعظيماً لإكرامه، وحامداً لأنعامه، قائلا بلسان حاله الّذي هو أفصح من لسان قاله، بل أصدق منه: ربّ (لا اُحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيتَ على نفسك)(21).

گر بهر مولى زبانى باشدم *** شكر يك نعمت نگويم آز هزار
وبالجملة، ففي أمثال هذا المقال إن أثبت السائلون لنفوسهم الإنيّة فعلى ضرب من المجاز; لأ نّه ـ كما حقق في موضعه ـ شيئية الشيء كانت بصورته وتمامه، وتماميته بفاعله وعلّته، كما قال الحكماء: نسبة الشيء إلى فاعله بالوجوب والوجدان، وإلى قابله بالإمكان والفقدان.
ومن المعلوم أنّ فوق التمام وعلّة العلل وفاعل الفواعل هو الحقّ الأوّل الجاعل تعالى شأنه، فالإشارة إلى النفس في الحقيقة إشارة إلى مقوّمها، سواء كان المشير من ذوي الاستشعار بهذا أم لا.

تو دير بزى كه من برفتم زنسيان *** گر من گويم زمن توئى مقصود

ولهذا قال معلم هذا الدعاء(عليه السلام): (معرفتي بالنورانية معرفة الله عزّوجلّ)(22).
وقال(صلى الله عليه وآله وسلم): (من رآني فقد رأى الحقّ)(23).
ففي الحقيقة هو تعالى كان سائلاً ومسؤولا وذاكراً ومذكوراً، كما قال الشاعر:
لقد كنت دهراً قبل أن يكشف الغطاء *** أخالُك أ نّي ذاكر لك شاكرُ
فلمّا أضل الليل أصبحتُ عارفاً *** بأ نّك مذكور وذكرٌ وذاكرُ(24)
فإذا كشف عنك غطاؤك، وحدّد بصرك تُصدّق بقوله تعالى: (إنْ هِيَ إلا أسْمَاءٌ سَمَّـيْـتُـمُوهَا أنْـتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أنزَلَ اللّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَان)(25) تصديقاً شهودياً.

(أسألك)

السؤال يستعمل في الداني بالنسبة إلى العالي، بخلاف الالتماس فإنّه يستعمل في المساوي، وأمّا في العرف فاشتهر بعكس ذلك.

(برحمتك التي وسعت كلّ شيء)

المراد بالرحمة هنا: الوجود المطلق الّذي هو قسم من مطلق الوجود والمشيئة الفعلية كما ورد: (إنّ الله خلق الأشياء ]بالمشيئة[ والمشيئة بنفسها)(26). والوجود المنبسط والفيض المنبسط الّذي فاض على كلّ الماهيات والأعيان الثابتات المرحومة بها، والفيض المقدس; لأ نّه بذاته عار عن أحكام الماهيات، كما أنّ ظهور ذاته تعالى بالأسماء والصفات في المرتبة الواحدية يسمّى بالفيض الأقدس، لا ما هو عبارة عن رقّة القلب; لأنّ استعمالها خاصّ بالممكن، يقال: فلان رحيم، أي رقيق قلبه، يعني: إذا رأى فقيراً مثلا ـ وهو ذو النعمة والسعة ـ يترحم عليه بالإعطاء.
ومن ألقاب ذلك الوجود المطلق الّذي عبّرنا به عن الرحمة: النفس الرحماني، والإبداع، والإرادة الفعلية، والحقيقة المحمّدية.


بيان مراتب الوجود:

وتحقيق ذلك: أنّ للوجود مراتب مختلفة بالشدّة والضعف: الوجود الحقّ، والوجود المطلق، والوجود المقيّد.



فالأوّل: هو الوجود المجرّد عن جميع الأوصاف والألقاب والنعوت.






والثاني: هو صنع الله وفيضه المقدس، ومشيئته الفعلية، ورحمته الواسعة، وإبداعه وإرادته الفعلية، والنفس الرحمانية، وعرش الرحمن، والماء الّذي به حياة كلّ شيء، وكلمة (كن) الّتي أشار إليها أميرالمؤمنين(عليه السلام) بقوله: (إنّما يقول لما أراد كونه: كن فيكون، لا بصوت يقرع ولا بنداء يسمع)(27). وفعل الله، وبرزخ البرازخ، وغير ذلك من الأوصاف والألقاب.



والثالث: أي الوجود المقيّد، وهو أثره تعالى، كوجود العقول والنفوس، والملك والفلك والإنسان والحيوان، وغير ذلك.

أقسام الرحمة:

فإذا عرفت هذا، فاعلم أنّ الرحمة رحمانية ورحيمية، وهي مختصة بأهل التوحيد، وهم العالمون بالله ورسله وكتبه وملائكته واليوم الآخر، وبالجلمة: الّذين هداهم الله إلى صراط مستقيم، وعرّفهم توحيده وأنبياءه وأولياءه وما جاء به النبيون.
والرحمة الرحمانية لا تختص بشيء دون شيء، بل هي وسعت كلّ شيء، ومرحومة بها جميع الماهيات، من الدرّة البيضاء إلى الذرّة الهباء، حتى أنّ الكافر والكلب والخنزير وإبليس، وكلّ ما تراه في غاية القذارة والحقارة والملعنة أيضاً مرحومة بها; إذ تلك الرحمة أمر الله الّذي يأتمر به كلّ موجود، وكلام الله الّذي لا خالق ولا مخلوق، وفعل الله الّذي اشتمل على كلّ المفاعيل، وخطاب الله المتخاطب به جميع الأعيان الثابتة، وصنع الله الّذي كلّ مصنوع بذلك الصنع.
فمن كان له عقل صريح وقريحة مستقيمة يعلم أنّ الصانع هو الله، والصنع ذلك الوجود، والمصنوع الموجودات، وكذلك الآمر والأمر والمؤتمر، والخالق والخلق والمخلوق، والمتكلم والكلام والمخاطب، والرحمن والرحمة والمرحوم، وهكذا، وفي الحديث القدسي قال: (رحمتي تغلب على غضبي)(28)، يعني: تعلّق إرادته تعالى بإيصال الرحمة أكثر من تعلّقها بإيصال العقوبة، فإنّ الرحمة من مقتضيات صفة الرحمانية والرحيمية، والغضب ليس كذلك، بل هو باعتبار المعصية.
وفي الحديث: (إنّ لله تعالى مائة رحمة)(29).



أقول: كأنّه (عليه السلام) أراد الكثرة لا تحديد الرحمة، إذ علمت أنّ رحمته تعالى صفته، وصفات الله كلّها غير متناهية، فإنّه حُقّق في موضعه أنّ صفاته الحقيقية عين ذاته تعالى، وذاته غير متناهية عدّة ومدّة وشدّة، فكذلك صفاته غير متناهية.



ثمّ إنّ الشيء في قوله: (كلّ شيء) بمعنى: مشيء وجوده، وهو الماهية: إذ هي مشيء وجودها.
والباء في قول السائل: (برحمتك... ) إلى آخره، للاستعانة، ويجوز أن تكون للسببية، وفيه إشارة إلى أ نّه مرحوم بكلتا الرحمتين.
أمّا بالرحمة الرحمانية، فوجوده ومشاعره وأعضاؤه وجوارحه جميعاً شاهدة على مرحوميته ومرزوقيته من الله تعالى، إذ ورد عن أميرالمؤمنين(عليه السلام)حين سُئل عن الرحمن، قال: (الرحمن هو الّذي يرحم ببسطه الرزق علينا، والرحيم هو العاطف علينا في أدياننا ودنيانا وآخرتنا، وخفف علينا الدين فجعله سهلا خفيفاً، وهو يرحمنا بتمييزنا من أعدائه)(30).


بيان أرزاق الموجودات:

اعلم أنّ جميع الموجودات مرزوقة من الله تعالى، كلّ على حسب ما تقتضيه العناية الإلهية، فرزق العقول الكلّية هو مشاهدة جمال الله تعالى وجلاله، والالتذاذ بالاستغراق في تجلّياته وإشراقاته.
ورزق النفوس: اكتساب الكمالات، واقتناء العلوم والصناعات.
ورزق الأملاك: التسبيح والتهليل والتقديس، إذ رزق كلّ شيء ما به يتقوّم ذلك الشيء.
ورزق الأفلاك: هو حركاتها الدورية، وتشبّهاتها بالملأ الأعلى الوضعية(31).
ورزق البدن: ما به نشوؤه وكماله، على نسبته اللائقة به.
ورزق الحواس: إدراك المحسوسات، فرزق الباصرة: المبصرات، والسامعة: المسموعات، والذائقة: المذوقات، والشامّة: المشمومات، واللامسة: الملموسات.
ورزق البنطاسيا: إدراك جميع المحسوسات الظاهرة والباطنة، غير ما يدرك بالوهم.
ورزق الخيال: ما يأتيه من الحسّ المشترك ويحفظه.
ورزق المتخيلة: درك الصور الجزئية المجرّدة عن المادّة.
ورزق الواهمة: إدراك المعاني الجزئية.
ورزق العاقلة: إدراك المعاني الكلّية.
حتى أن رزق الماهيات: الوجودات الخاصة.
وأمّا إنّ السائل مرحوم برحمته الرحيمية، فأيمانه وأسئلته دالّة عليها دلالة واضحة.
الهوامش:
(1) جمع البيان : 2/548.
(2) انظر: المصدر السابق، لسان العرب: 1/190 مادة «أله».
(3) شرح الرضي على الكافية: 1/384.
(4) القائل هو أبو الهيثم. اُنظر لسان العرب: 1/188 مادة «أله».
(5) كتاب سيبويه: 2/195.
(6) الكافي: 1/87 ح 2.
(7) الكافي: 1/139 ح 4 وفيه: (كان رباً إذ لا مربوب، وإلهاً إذ لا مألوه).
(8) الاخلاص: 1.
(9) الأعراف: 54.
(10) إبراهيم: 10.
(11) شرح دعاء الصباح: 4 ـ 5 بتفاوت.
(12) الكافي: 1/115 ح 3.
(13) الكافي: 1/114 ح 2.
(14) بحار الأنوار: 39/313 و107/31.
(15) النور: 35.
(16) الضحى: 11.
(17) ديوان الحلاّج:، 160.
(18) بحار الأنوار: 25/205.
(19) الأعراف: 55.
(20) الأعراف: 205.
(21) مصباح الشريعة: 56.
(22) بحار الأنوار: 1/26 ح 1.
(23) صحيح البخاري: 2568/6 كتاب التعبير ح 6595.
(24) نُسب هذان البيتان للقيصري، كما في المجلي: 294 الهامش.
(25) النجم: 23.
(26) الكافي: 1/110 ح 4 وفيه: (خلق الله المشيئة بنفسها، ثمّ خلف الأشياء بالمشيئة).
(27) بحار الأنوار: 4/255.
(28) الجواهر السنية: 120، وفيه: (رحمتي سبقت غضبي).
(29) بحار الأنوار: 6/219.
(30) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري(عليه السلام): 28 باختلاف.
(31) كذا في المخطوط.

انتهى المجلس الاول

نختتمه بالصلاة على محمد و آل محمد

3li
25-06-2010, 07:26 PM
بسم الله الرحممن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

متباركين بالمولد الشريف
وفقكم الله لكل خير

الحوزويه الصغيره
25-06-2010, 10:16 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد
سلام الله عليك يا أمير المؤمنين...

وبمناسبة ذكرى وليد الكعبة
ابعث اجمل التهاني لمقامات أهل البيت عليهم السلام
لاسيما سيدنا ومولانا الإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف
وإلى جميع الأمة الأسلامية
راجين من العلي القدير أن يتم علينا نعمة الولاية لأهل البيت عليهم السلام
مبروك علينا وعليكم المولد

موفقين لكل خير
تحيتي

{ عاشقة 14 معصوم }
26-06-2010, 08:19 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد
سلام الله عليك يا أمير المؤمنين...

وبمناسبة ذكرى وليد الكعبة
ابعث اجمل التهاني لمقامات أهل البيت عليهم السلام
لاسيما سيدنا ومولانا الإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف
وإلى جميع الأمة الأسلامية
راجين من العلي القدير أن يتم علينا نعمة الولاية لأهل البيت عليهم السلام
مبروك علينا وعليكم المولد

موفقين لكل خير

اللجنة العامة
26-06-2010, 02:19 PM
شكرا لكم

و نهنئكم بذكرى الولادة المباركة

و يسرنا تواجدكم المستمر معنا

نووورا انا
26-06-2010, 02:25 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد


احسنتم كثيرا اللجنة العامة جعله الله في ميزان اعمالكم يوم لاينفع مال ولابنون
مبارك عليكم مولد امير المؤمنين عله السلام
كل عام وانتم بالف الف خير

http://www.nsaayat.com/up/uploads/nsaayatdb65c96651.gif (http://www.nsaayat.com/up/uploads/nsaayatdb65c96651.gif)

اللجنة العامة
02-07-2010, 02:23 AM
(وبقوتك الّتي قهرت بها كلّ شيء)


بيان القوى العشر الظاهرة والباطنة:

المراد بالقوّة: القدرة، لا استعداد الشيء، كالتي هي قسط الهيولى من مطلق الكمال، كما عرفت بأ نّها جوهر بالقوّة المحضة، جنسها مضمّن في فصلها، وفصلها مضمّن في جنسها. ولا من سنخ القوى العشر الّتي أودعها الله تعالى في الإنسان، سبعة منها مدركة للجزئيات، وهي: الواهمة المدركة للمعاني، والحسن المشترك، والباصرة، والسامعة، والذائقة، والشامّة، واللامسة. واثنتان منها هما المحرّكة: محرّكة العاملة ومحرّكة الشوقية. وعاشرها: العقل، أي العاقلة، وهي المدركة للكلّيات، وهي منشعبة إلى أربع قوى:
</b>

بيان انشعاب العقل إلى أربع قوى:

أحدها: هي القوّة الغريزية الّتي يستعدّ بها الإنسان لإدراك العلوم النظرية، ويفارق بها البهائم، فكما أنّ الحياة تهيئ الجسم للحركات الإرادية والإدراكات الحسيّة، فكذا القوة الغريزية تهيئ الإنسان للعلوم النظرية والصناعات الفكرية.
</b>الثانية: قوّة يحصل بها العلم بأنّ الاثنين مثلا أكثر من الواحد، والشخص الواحد لا يكون في زمانين ومكانين.
</b>والثالثة: قوّة تحصل بها العلوم المستفادة من التجارب بمجاري الأحوال.
</b>والرابعة: قوّة بها يعرف الإنسان عواقب الاُمور، فيقمع الشهوة الداعية إلى اللذّة العاجلة، ويتحمل المكروه العاجل لسلامة الآجل.
فإذا حصلت تلك القوى سُمّيّ صاحبها: عاقلا، فالاُولى والثانية حاصلة بالطبع، والثالثة والرابعة حاصلة بالاكتساب.
وإلى ذلك أشار أميرالمؤمنين</b>(عليه السلام) </b>بقوله:
(رأيت العقل عقلين *** فمطبوع ومسموعُ
ولم ينفعك مسموع *** إذا لم يك مطبوعُ
كما لا تنفع الشمس *** وضوء العين ممنوعُ)(32)

وإنّما لا يجوز إطلاق القوة بهذه المعاني على الله تعالى: إذ جميع ذلك استعدادات وإمكانات وانفعالات وإن نعدّها وجودات، فكانت من جملة قدرته الفعلية الّتي سنفصل لك ونبيّن أن جميعها جهات قادريته تعالى.
بل القدرة ـ كالعلم ـ ذات مراتب، ومرتبة منها هي الواجبة بذاتها، وهي قدرته الذاتية. ومرتبة منها عين الوجود المنبسط، وهي قدرته الفعلية.
وجميع الأشياء مقدورات لله تعالى بهذه القدرة الفعلية، وانقهارها استهلاكها واضمحلالها تحتها; لأ نّها بذواتها ليست أشياء على حيالها، ولهذا ورد عن الشرع الأنور: (لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم).
وقوله: (وبقوّتك الّتي قهرت بها كلّ شيء) أي بقوتك الفعلية الّتي هي تحت قدرتك الذاتية الّتي قهرت بها جميع المقدورات. والباء في قوله: (بها) سببية، أو بمعنى: مع.


(وخضع لها كلّ شيء، وذل لها كلّ شيء)


الضمائر الثلاثة راجعة إلى القوّة. والخضوع ـ كالخشوع ـ : التواضع خوفاً ورجاءً، وقد يفرّق بينهما بأنّ الخضوع يستعمل في البدن، والخشوع في الصوت(33)، مثل قوله تعالى: </b>(وَخَشَعَتِ الأصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ)(34).
</b>وقد لا يفرق بأنّ الخضوع ـ أيضاً ـ استعمل في القول والصوت، كقوله تعالى: (فَلا تَخْضَعْنَ بِالقَوْلِ)(35).
فقوله: (وخضع لها كلّ شيء، وذل لها كلّ شيء) مثل قوله تعالى: </b>(وَعَنَتِ الوُجُوهُ لِلْحَيِّ القَـيُّومِ)(36) أي ذلّت وخضعت الوجودات له تعالى; لأ نّه مالك رقابها، وآخذ بناصيتها، وقيوّمها ومقوّمها، وبفيضه تعالى قوام الأشياء، وبسببه حياتها.
گر فيض تو يك لمحه بعالم نرس *** معلوم ثمود بود ونبود همه كس
(وذلّ) من الذُل ـ بالضم ـ ضدّ العز، أي هان لها كلّ شيء. ويحتمل أن يكون من الذّل ـ بالكسر ـ ضدّ الصعوبة، أي انقاد لها كلّ شيء.

(وبجبروتك الّتي غلبت بها كلّ شيء)



وجه تسمية عالم العقول بالجبروت:

جبروت: فَعَلُوت، من الجبر، وهو تعالى جبار; لأ نّه يجبر نقائص الممكنات بإفاضة الخيرات عليها، ويكسو العناصر صور المركبات، فيخبر نقصانها. وخصّ استعمالها بعالم العقول، طولية كانت أو عرضية، صعودية كانت أو نزولية.
</b>
وجه تسمية عالم الأسماء والصفات باللاهوت:

كما أ نّه خصّ استعمال «اللاهوت» بعالم الأسماء والصفات، أي عالم الواحدية، وهو المسمّى في لسان الشرع الأنور بـ (الاُفق الأعلى) و (الاُفق المبين)، وهو مقام: </b>(قَابَ قَوْسَيْنِ أوْ أدْنَى)(37). وهو منتهى سير السالكين العارفين، وكان مقام نبيّنا محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)، وإلى ذلك المقام أشار جبرائيل بقوله: (لو دنوت أنملة لاحترقت)(38) كما قيل:
أحمد اربُگشايد آن پُر جليل *** تا أبد مدهوش ماند جبرئيل

وجه تسمية عالم المثال بالملكوت
وخصّ استعمال «الملكوت» بعالم الباطن من عالم المثال الأعلى والأسفل، أي عالم النفوس مطلقاً وعالم الصور الصرفة، وباصطلاح حكماء الإشراق(39) عالم المُثل المعلقة.
</b>
وجه تسمية عالم الأجسام بالناسوت
وخصّ استعمال «الناسوت» بعالم الطبائع، أي عالم الجسم والجسماني، وبعبارة اُخرى: عالم الزمان والزمانيات.
كما أنّ «الملكوت» يطلق على عالم الدهور أيضاً، كما قال تعالى: </b>(وَكَذَلِكَ نُرِي إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ)(40).
فليعلم أنّ أول ما صدر من الحقّ الحقيقي هو العقل الأوّل، والممكن الأشرف الأجلّ، كما قال(صلى الله عليه وآله وسلم): (أول ما خلق الله تعالى العقل)(41) وبرواية اُخرى: (أول ما خلق الله نوري)(42) و (روحي)(43). وهو المسمّى في الكتاب الإلهي والفرقان السماوي بـ (اُمُّ الكِتَاب) كقوله تعالى: (وَعِنْدَهُ اُمُّ الكِتَابِ)(44) وبالقلم كقوله: (ن وَالقَـلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ)(45).
فهو لاشتماله على جميع الحقائق، لكونه بسيط الحقيقة، جامعاً لكمالات ما دونه بنحو اللفّ والجمع، سُمّي بـ (اُمُّ الكِتَاب) إذ الاُمّ بمعنى الأصل، فهو أصل جميع الكتب ومنبعها، وكتابيته باعتبار ماهيته.
كما أنّ عالم العقول بهذا الاعتبار سُمّي بـ (الأرض البيضاء)، كقوله(عليه السلام): (إن الله أرضاً بيضاء مشحونة خلقاً، يعبدون الله ويسبّحونه ويهللونه، ولا يعلمون أنّ الله خلق آدم ولا إبليس)(46) وذلك لأنّ الوجود المنبسط والرحمة الواسعة تختلف أسماؤه باعتبارات شتى ]في[ نفس الأمرية، فإنّه مضافاً إلى الله تعالى إيجاده وصنعه كما مرّ، ومضافاً إلى الماهية وجودها، ومن حيث إنّه كالقلم بين أصابع الرحمن يكتب على صفحات القوابل: (قلم) ومن حيث المثبت في الألواح العالية من اللوح المحفوظ ولوح القدر (كتابه) كما قيل:


بزد آنكه جانش در تجلّى است *** همه عالم كتاب حق تعالى است
عرض اعراب وجوهر چون حروف است *** مراتب همچو آيات وقوف است
از او هر علمى چون سوره اى خاص *** يكى زان فاتحه وآن ديگر اخلاص

***
ومن حيث كونه علّة مؤدّية لوجود المقضي: (قضاء) ومن حيث إنّه يعيّن شكل المقضي ويقدّر مقداره: قدر.
وبالجملة: من حيث إنّه كلمة (كن) الوجودية: </b>(كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَة طَيِّبَة أصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ)(47).
ثمّ صدر بتوسّطه العقل الثاني، ثمّ الثالث، إلى العاشر، وهو المسمّى عند الحكماء بـ (العقل الفعّال)، وعند العرفاء(48) بـ (روح القدس) وفي لسان الشرع الأطهر بـ (جبرائيل).
وهذا الترتب العلّي بين العقول العشرة على طريقة حكماء المشّائين(49) وأمّا على مذهب الإشراقيين(50) لا ترتّب بينها، بل هي عندهم متكافئة، ولا نهاية لها.
والعرفاء يسمون العقول: أرباب الأنواع، فالجبروت اسم لذلك العالم جملة.
فقد عُلم ـ بما ذُكر ـ أنّ وجود العقول غالب ومقدّم على كلّ شيء، لا نّه أصل في التحقق والجعل، فهو غالب على جميع الماهيات، وقاهر عليها بالحقّ بعد الحقّ، فهو تعالى إذا كان بجبروته ـ الّتي هي عالم من عوالمه ـ قاهراً على الأشياء، فمقهورية الكلّ تحت نور ذاته الظاهرة لا خفاء بها (وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ)(51).


الهوامش
32) ديوان الإمام عليّ(عليه السلام): 61.
(33) اُنظر الفروق اللغوية: 216 الرقم: 844 .
(34) طه: 108.
(35) الأحزاب: 32.
(36) طه: 111.
(37) النجم: 9.
(38) اُنظر بحار الأنوار: 18/382.
(39) حكمة الإشراق ضمن مجموعة مصنفات شيخ الإشراق: 1/230.
(40) الأنعام: 75.
(41) بحار الأنوار: 1/97 و54/309.
(42) بحار الأنوار: 1/97 و54/170.
(43) بحار الأنوار: 54/309.
(44) الرعد: 39.
(45) القلم: 1.
(46) عوالي اللآلي: 4/100 ح 144 ، مختصر بصائر الدرجات: 12 باختلاف.
(47) إبراهيم: 24.
(48) الإنسان الكامل: 2/8.
(49) اُنظر كتاب المشارع والمطارحات ضمن مجموعة مصنفات شيخ الإشراق: 2/450.
(50) اُنظر حكمة الإشراق ضمن مجموعة مصنفات شيخ الإشراق: 1/139 ـ 140.
(51) الأنعام: 18.
(52) القاموس المحيط.
(53) مضمون حديث ورد بألفاظ مختلفة، اُنظر بحار الأنوار: 65/265 و275، 92/457.
نختتم مجلس اليوم بالصلاة على محمد و آل محمد
تحايا اللجنة العامة في منتديات انا شيعي العالمية

غصون الحياة
08-07-2010, 10:41 AM
بارك الله فيكم لجنتنا العزيزة

و آثابكم الله

سلامه999
15-07-2010, 10:17 PM
بارك الله فيك
في ميزان حسناتك

جوان14
06-08-2010, 02:03 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد
يعطيكم العافية جعله الله في ميزان حسناتكم
مــوفــقــيـــــن

الجابري اليماني
21-09-2010, 12:31 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

موفقين بهذا الطرح المبارك

صبر الحوراء
21-09-2010, 03:06 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد
سلام الله عليك يا أمير المؤمنين...

وبمناسبة ذكرى وليد الكعبة
ابعث اجمل التهاني لمقامات أهل البيت عليهم السلام
لاسيما سيدنا ومولانا الإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف
وإلى جميع الأمة الأسلامية


http://islamroses.com/zeenah_images/34.gif

شيعية جزائرية
13-10-2010, 10:33 PM
السلام عليكم
جزاكم الله خيرا على التفسير فهو بالفعل قيم و مفيد
على الاقل الواحد يفهم مغزى ما يقرأه
جزاكم الله خيرا
موفقين لاعمال اخرى