شذرات من كتاب إيمان أبي طالب شيخ
البطحاء أبو طالب الدرع الواقي لرسول الله ( صلى الله عليه وآله )
منذ بزوغ شمس الرسالة إلى يوم قبضه الله إليه ، حيث وقف كالسد المنيع يحول بينه
وبين الوثنية - وهي القوة العظمى التي كانت حينذاك تمسك بمقدرات الجزيرة
العربية - وبين تحقيق أهدافها في وأد الرسالة السماوية ، والدعاة لها .
وله في سبيل ذلك مواقف مشهورة تفوق الإحصاء ، وإجمالها يحتاج إلى كتاب مفرد ،
ولكن هذا التأريخ بدفتيه مفتوح بين يديك ، ويكفيك أن تطالع فيه صفحات أيام
الضغط على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وذويه والمقاطعة
- شيخ البطحاء أبو طالب عليه السلام - الحاج حسين الشاكري ص
130 : |
الشاملة لهم ، وحبسهم في ( شعب أبي طالب ) لترى أن أبا طالب
كان الرجل الوحيد الذي تعهد حفظهم وحراستهم وتكفل أرزاقهم . وكفاك شاهدا على
عظيم منزلته عند الله ورسوله ، أن الرسول لا ينطق عن الهوى ، اشتد وجده ، وهاج
حزنه
بعد وفاة عمه وناصره أبي طالب ، وسمي ذلك العام بعام الأحزان
، ولم يمكنه بعدها المقام بمكة فاضطر للهجرة إلى يثرب
( المدينة المنورة ) .
أما قول أبي طالب وأشعاره المثبتة في كتب السير والتأريخ والحديث ، والتي
يرويها المخالف والمؤالف ، فهي صريحة في اعترافه برسالة محمد ( صلى الله عليه
وآله ) ونبوته وأمانته وصدقه ، وأنه يوحى إليه من ربه ، وهو خاتم الأنبياء ،
وتعرب عن كمال إيمانه وحقيقة إسلامه ، وإخلاصه لصاحب الشريعة وتفانيه في نصرة
الإسلام وحماية بيضته .
- شيخ البطحاء أبو طالب عليه السلام - الحاج حسين الشاكري ص
131 : |
وكل أشعاره جاءت مجئ التواتر ، فإن لم تكن آحادا متواترة
مجموعها متواترا يدل على أمر واحد لا غير وهو إيمانه وتصديقه برسول الله ( صلى
الله عليه وآله ) .
وأما ما يروى عن آله وذويه وولده ، فصريحة في إثبات إيمانه ،
ولم يؤثر عنهم ما يخالفهم ، بل أكدوا أن " إيمان أبي طالب لو وضع في كفة ميزان
، وإيمان هذا الخلق في الكفة الأخرى ، لرجح إيمان أبي طالب "
( 1 ) .
وكتبوا إلى بعض ثقاتهم وخاصتهم : إن شككت في إيمان أبي طالب كان مصيرك إلى
النار . ورغم كل ذلك فقد حاول بعض من في قلوبهم مرض ، وممن فاتهم إيذاء الرسول
( صلى الله عليه وآله ) في حياته ومحاربة دعوته ، أن يقوضوا دعامة من دعائم
الإسلام المثبتة من خلال تشكيكهم في إيمان أبي طالب ، تلك المحاولة التي
|
* ( هامش ) *
( 1 )
كنز الفوائد 1 : 183 . ( * ) |
|