عطف النبي ( صلى الله عليه وآله ) على
عمه أبي طالب :
أصابت قريش أزمة مهلكة ، وسنة مجدبة منهكة ، وكان أبو طالب ذا
مال يسير ، وعيال كثير ، فأصابه ما أصاب قريشا من العدم والإضاقة والجهد
والفاقة ، فعند ذلك دعا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عمه العباس ، فقال له
: يا أبا الفضل ، إن
أخاك ( أبو طالب ) كثير العيال مختل الحال ، ضعيف النهضة والعزمة وقد نزل به ما
نزل من هذه الأزمة ، وذوو الأرحام أحق بالرفد ، وأولى بحمل الكل في ساعة الجهد
، فانطلق بنا إليه لنعينه على ما هو عليه ، فنحمل عنه بعض أثقاله ، ونخفف
عنه من عياله ، يأخذ كل منا واحدا من بنيه ، ليسهل ذلك عليه بعض ما ينوء فيه .
فقال العباس : نعم ما رأيت ، والصواب فيما أتيت ، هذا والله الفضل الكريم ،
والوصل الرحيم . فلقيا أبا طالب فصبراه ، ولفضل آبائه ذكراه وقالا له :
- شيخ البطحاء أبو طالب عليه السلام - الحاج حسين الشاكري ص
60 : |
إنا نريد أن نحمل عنك بعض المال ، فادفع إلينا من أولادك من
يخف عنك به الأثقال . فقال أبو طالب : إذا تركتما لي عقيلا - وفي رواية - إذا
تركتما لي عقيلا وطالبا ، فافعلا ما شئتما . فأخذ العباس جعفرا ، وأخذ رسول
الله ( صلى الله عليه وآله )
عليا ، فانتخبه لنفسه ( فانتجبه ) ، واصطفاه لمهم أمره ، وعول عليه في سره
وجهره ، وهو مسارع لمرضاته ، موفق
للسداد في جميع حالاته .
وقد روي من طريق آخر : أن العباس أخذ جعفرا ، وأخذ حمزة طالبا ، وأخذ رسول الله
( صلى الله عليه وآله ) عليا . وروي عن طريق آخر : أن أبا طالب قال للنبي ( صلى
الله عليه وآله ) والعباس حين سألاه ذلك : إذا خليتما لي عقيلا ،
فخذا من شئتما ، ولم يذكر طالبا .