- شيخ البطحاء أبو طالب عليه السلام - الحاج حسين الشاكري ص 136 :

أشعار مؤمن قريش
 

وأما أشعاره التي يرويها أرباب السير والتأريخ في صحاحهم ومسانيدهم على اختلاف مللهم ونحلهم ونزعاتهم ، فهي واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار ، ومتواترة تواترا لا يمكن الطعن فيه ، تدل على إيمان أبي طالب ويقينه برسالة السماء ومن جاء بها وصدقه وأمانته ، وأنه يوحى إليه من ربه وأنه خاتم الرسل والأنبياء ( صلى الله عليه وآله ) .


وسيأتي ذكر القصيدة اللامية التي نقلها اللواء إبراهيم رفعت باشا ، أمير الحج المصري وقائد حرس حملة الكسوة الشريفة للكعبة قبل مئة عام تقريبا في كتابه

- شيخ البطحاء أبو طالب عليه السلام - الحاج حسين الشاكري ص 137 :

( مرآة الحرمين ) . وإليك هذه الشذرات من أشعاره ذكرها ونقلها بعض الكتاب والمؤلفين والعلماء من القدماء والمعاصرين على سبيل المثال لا الحصر .


في كتاب الإفصاح ( 1 ) ، للعلامة الشيخ المفيد عليه الرحمة ، المتوفى عام 314 ه‍ ، وفي آخره رسالة ملحقة بعنوان ( إيمان أبي طالب ) : ومما يدل على إيمان أبي طالب وحسن إسلامه ونصرته في الدفاع عن الرسول ورسالته قصائدة ونظمه المؤيد لذلك ، وهي مشهورة ومتواترة على الإجماع . وإليك هذه الشذرات مما قاله :

ألا من لهم آجز الليل مقتم * طواني وأخرى النجم لما تقحم ( 2 )
 

 

* ( هامش ) *
( 1 ) المطبوع في قم - قسم الدراسات الإسلامية ، لمؤسسة البعثة . ( 2 ) تقحم : غاب ( لسان العرب - فحم - 21 : 364 ) . ( * )

 

 

- شيخ البطحاء أبو طالب عليه السلام - الحاج حسين الشاكري ص 138 :

إلى قوله :

ترجون أن نسخو بقتل محمد * ولم تختضب سمر العوالي من الدم
كذبتم وبيت الله حتى تفرقوا * جماجم تلقى بالحطيم وزمزم

وتقطع أرحام وتنسى خليلة * خليلا ويغشى محرم بعد محرم
وينهض قوم في الحديد إليكم * يذودون عن أحسابهم كل مجرم

على ما أتى من بغيكم وضلالكم * وعصيانكم في كل أمر ومظلم
بظلم نبي جاء يدعو إلى الهدى * وأمر أتى من عند ذي العرش مبرم

فلا تحسبونا مسلميه ومثله * إذا كان في قوم فليس بمسلم


أفلا يرون الخصومة إلى هذا الحد من أبي طالب في نصرة نبي الله ( صلى الله عليه وآله ) ، والتصريح بنبوته ، والإقرار بها من عند الله عز وجل ، والشهادة بحقه ، فيتدبرون ذلك ، أم على قلوب أقفالها ؟ !
 

- شيخ البطحاء أبو طالب عليه السلام - الحاج حسين الشاكري ص 139 :

ومنه قوله ( رضي الله عنه ) :

تطاول ليلي بهم نصب * ودمع كسح السقاء السرب
للعب قصي بأحلامها * وهل يرجع الحلم بعد اللعب

إلى قوله ( رضي الله عنه ) :

وقالوا لأحمد أنت امرؤ * خلوف الحديث ضعيف النسب
ألا إن أحمد قد جاءهم * بحق ، ولم يأتهم بالكذب
( 1 )
 

 

* ( هامش ) *
( 1 ) ديوان أبي طالب : 52 ، ومناقب ابن شهرآشوب 1 : 66 ، والحجة على الذاهب : 542 ، وشرح نهج البلاغة 41 : 16 . ( * )

 

 

- شيخ البطحاء أبو طالب عليه السلام - الحاج حسين الشاكري ص 140 :

وفي هذا البيت صرح بالإيمان برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . ومنه قوله ( رضي الله عنه ) :

أخلتم بأنا مسلمون محمدا * ولما نقاذف دونه بالمراجم
أمينا حبيبا في البلاد مسوما * بخاتم رب قاهر للخواتم

يرى الناس برهانا عليه وهيبة * وما جاهل في فضله مثل عالم
نبيا أتاه الوحي من عند ربه * فمن قال لا يقرع بها سن نادم

تطيف به جرثومة هاشمية * تذبب عنه كل باغ وظالم
( 1 )
 

 

* ( هامش ) *
( 1 ) جرثومة كل شئ : أصله ومجتمعه ( لسان العرب - جرثم - 21 : 59 ) . ( * )

 

 

- شيخ البطحاء أبو طالب عليه السلام - الحاج حسين الشاكري ص 141 :

ومنه قوله ( رضي الله عنه ) :

ألا أبلغا عني على ذات بينها * لؤيا وخصا من لؤي بني كعب
ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا * نبيا كموسى خط في أول الكتب ؟
وأن عليه في العباد محبة * ولا شك في من خصه الله بالحب
( 1 )

 وفي هذا الشعر والذي قبله محض الإقرار برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وبالنبوة وصريح بلا ارتياب .

ومن ذلك قوله ( رضي الله عنه ) :

ألا من لهم آخر الليل منصب * وشعب العصا من قومك المتشعب
 

 

* ( هامش ) *
( 1 ) ديوان أبي طالب : 23 ، وشرح نهج البلاغة 41 : 37 . ( * )

 

 

- شيخ البطحاء أبو طالب عليه السلام - الحاج حسين الشاكري ص 142 :

إلى قوله :

وقد كان في أمر الصحيفة عبرة * متى ما تخبر غائب القوم يعجب ( 1 )
محا الله منها كفرهم وعيوبهم * وما نقموا من باطل الحق مقرب فكذب ( 2 )

ما قالوا من الأمر باطلا * ومن يختلق ما ليس بالحق يكذب
وأمسى ابن عبد الله فينا مصدقا * على سخط من قومنا غير معتب

فلا تحسبونا مسلمين محمدا * لذي غربة منا ولا متغرب
 

 

* ( هامش ) *
( 1 ) مناقب ابن شهرآشوب 1 : 36 ، وسيرة ابن هشام 1 : 772 ، وشرح النهج 41 : 27 ،
      والبداية والنهاية 3 : 48 ، وخزانة الأدب 1 : 162 .
( 2 )
في الديوان : وأصبح . ( * )

 

 

- شيخ البطحاء أبو طالب عليه السلام - الحاج حسين الشاكري ص 143 :

ستمنعه منا يد هاشمية * مركبها في الناس خير مركب

ومن ذلك قوله ( رضي الله عنه ) :

إذا قيل من خير هذا الورى * قبيلا ، وأكرمهم اسره ؟
أناف بعبد مناف أبي * أبو نضلة هاشم الغره ( 1 )

وقد حل مجد بني هاشم * مكان النعائم والزهره
وخير بني هاشم أحمد * رسول المليك على فتره
 

 

* ( هامش ) *
( 1 ) أناف : ارتفع وأشرف ( لسان العرب - نوف - 9 : 243 ) ،
      أبو نضلة : كنية هاشم بن عبد مناف ( الصحاح - نضل - 5 : 1381 ) . ( * )

 

 

- شيخ البطحاء أبو طالب عليه السلام - الحاج حسين الشاكري ص 144 :

فإن لم يكن في ذلك شهادة للنبي ( صلى الله عليه وآله ) بالنبوة ، فليس في ظاهر الآية شهادة ، وهذا ما لا يرتكبه عاقل له معرفة بأدنى معرفة أهل اللسان .


ومنه قوله في ذكر الآيات للنبي ( صلى الله عليه وآله ) ودلائله ، وقول بحيراء الراهب فيه ، وذاك أن أبا طالب ( رضي
الله عنه ) لما أراد الخروج إلى الشام ترك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إشفاقا عليه ، ولم يعمل على استصحابه ، فلما

ركب أبو طالب ( رضي الله عنه ) بلغه ذلك ، فتعلق رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالناقة وبكى ، وناشده الله في إخراجه معه ، فرق له أبو طالب وأجابه إلى استصحابه . فلما خرج معه أظلته الغمامة ، ولقيه بحيراء الراهب ، فأخبره

بنبوته ، وذكر له البشارة في الكتب الأولى ، فقال أبو طالب ( رضي الله عنه ) :

إن الأمين محمدا في قومه * عندي يفوق منازل الأولاد
 

- شيخ البطحاء أبو طالب عليه السلام - الحاج حسين الشاكري ص 145 :

لما تعلق بالزمان ضممته * والعيس قد قلصن بالأزواد
حتى إذا ما القوم بصرى عاينوا * لاقوا على شرف من المرصاد
حبرا فأخبرهم حديثا صادقا * عنه ورد معاشر الحساد


ومنه أيضا قوله يحض النجاشي على نصر النبي ( صلى الله عليه وآله ) :

تعلم مليك الحبش أن محمدا * نبي كموسى والمسيح بن مريم
أتى بهدى مثل الذي أتيا به * فكل بأمر الله يهدي ويعصم

وإنكم تتلونه في كتابكم * بصدق حديث لا حديث المبرجم
وإنك ما تأتيك منا عصابة * بفضلك إلا عاودوا بالتكرم
 

- شيخ البطحاء أبو طالب عليه السلام - الحاج حسين الشاكري ص 146 :

فلا تجعلوا لله ندا وأسلموا * فإن طريق الحق ليس بمظلم ( 1 )


وفي هذا الشعر من التوحيد والإسلام ما لا يمكن دفعه لمسلم . وهناك قصائد وأشعار كثيرة ذكرها أرباب السير والتأريخ ، منها ما ذكره العلامة الأميني في غديره الجزئين السابع والثامن .


وهذا ما عثرنا على بعض أشعار أبي طالب مؤمن قريش من دون تقص أو تتبع ذكره اللواء إبراهيم رفعت باشا قومندان حرس الحملة وأمير الحج المصري لسنين 1318 إلى 1325 ه‍ - 1901 إلى 1908 م في كتابه مرآة الحرمين .

وهذه الأشعار تعتبر من عيون الشعر الجاهلي ، ومما
 

 

* ( هامش ) *
( 1 ) متشابه القرآن 2 : 56 ، ومناقب ابن شهرآشوب 1 : 26 ، ومستدرك الحاكم 2 : 326 . ( * )

 

 

- شيخ البطحاء أبو طالب عليه السلام - الحاج حسين الشاكري ص 147 :

يثبت إيمان أبي طالب وإسلامه البتة الذي لا ينازع فيه اثنان ، كما ذكره أصحاب السير في تأريخهم ، وإنه لم يشرك بالله طرفة عين أبدا وكان من الأحناف الذين يعبدون الله على ملة إبراهيم .


وهذه القصيدة مشهورة اشتهار الشمس في رابعة النهار له ، نظمها عندما حوصر هو وبنو هاشم في الشعب ( شعب أبي طالب ) .


 
 

الصفحة الرئيسية

 

مكتبة الشبكة

 

فهرس الكتاب