|
|
استسقاء أبو طالب بالنبي ( صلى الله
عليه وآله ) : بعد حذف السند ، عن عرفطة الجندعي ، قال : بينا أنا بالبقاع من نمرة ( 1 ) ، إذ أقبلت عير من أعلى نجد حتى حاذت الكعبة ، وإذا غلام قد رمى بنفسه من عجز بعير ، حتى أتى الكعبة ، وتعلق بأستارها ، ثم نادى : يا رب البيت أجرني ، فقام إليه شيخ جسيم وسيم ، عليه بهاء الملوك ووقار الحكماء ، فقال : ما خطبك يا غلام ؟ فقال : إن أبي مات وأنا صغير ، وإن هذا النجدي قد استعبدني ، وقد كنت أسمع أن لله بيتا يمنع من الظلم ، فجاء النجدي فجعل يسحبه ويخلصه من أستار الكعبة ، فأجاره القرشي ومضى النجدي ، وقد تكنعت
( 2 ) يداه . قال عمرو بن خارجة : فلما سمعت الخبر قلت : إن
لهذا الشيخ لشأنا ، فصوبت رجلي نحو تهامة حتى وردت الأبطح ( 1 ) وقد أجدبت الأنواء ، وأخلقت العواء ، وإذا قريش حلق قد ارتفعت لهم ضوضاء ، فقائل يقول : استجيروا باللات والعزى ، وقائل يقول : بل استجيروا بمناة الثالثة الأخرى ، فقام رجل من جملتهم يقال له ورقة بن نوفل - وهو ابن عم السيدة خديجة بنت خويلد - فقال : إني نوفلي وفيكم بقية إبراهيم وسلالة إسماعيل ، فقالوا : كأنك عنيت أبا طالب ؟ قال : هو ذاك ، فقاموا إليه بأجمعهم وقمت معهم ، فأتينا أبا طالب فخرج إلينا من داره ، فقالوا : يا أبا طالب قد أقحط الواد ، وأجدبت
العباد ، فقم واستسق لنا ، فقال : رويدكم دلوك الشمس ، وهبوط الريح ، فلما زاغت
الشمس ، أو كادت ، وإذا أبو طالب قد خرج وحوله أغيلمة (
2 ) من بني عبد المطلب ،
وفي وسطهم غلام يافع كأنه شمس ضحى تجلت عن غمامة قتماء ، فجاء حتى أسند ظهره إلى الكعبة ، فاستجار بها ولاذ بإصبعه ، وبصبص الأغيلمة حوله . وما في السماء قزعة ، فأقبل السحاب من ها هنا وها هنا حتى لت ولف ، وأسحم ، وأقتم ، وأرعد ، وأودق ، وانفجر به الوادي ، وافعوعم ( ونزل الغيث كأفواه القرب ) ، وبذلك قال أبو طالب شعرا يمدح به النبي ( صلى الله عليه وآله ) : وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال
اليتامى عصمة للأرامل وجاء أعرابي إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) وهو في المدينة
بعد الهجرة فقال : يا رسول الله ، وليس لنا صبي
يصطبح ( 1 ) ، ولا بعير يئط . ثم أنشد : أتيناك والعذراء يدمي لبانها * وقد
ذهلت أم الرضيع عن الطفل فقام النبي ( صلى الله عليه وآله ) يجر رداءه ، حتى رقى
المنبر ، فحمد
الله وأثنى عليه ، ثم قال : اللهم اسقنا غيثا مغيصا ، مريا
مريعا ، سبحا سجالا غدقا ، طبقا دائما دررا تنبت به الزرع ، الله عليه وآله ) يده إلى نحره ، حتى ألقت السماء بأرواقها ، وجاء أهل البطانة يصيحون : يا رسول الله الغرق الغرق . فقال ( صلى الله عليه وآله ) : اللهم حوالينا ولا علينا . فانجاب السحاب عن المدينة حتى أحدق بها كالإكليل ، فضحك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى بدت نواجذه ، ثم قال : لله در أبي طالب لو كان حيا لقرت عيناه ، من ينشدنا قوله ؟ فقام علي ( عليه السلام ) فقال : يا رسول الله لعلك أردت قوله
: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل فقال ( صلى الله عليه
وآله ) : أجل . ثم قام رجل من كنانة فأنشد :
لك الحمد والحمد ممن شكر * سقينا بوجه
النبي المطر فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إن يك شاعر أحسن فقد أحسنت .
|
|