![]() |
الامام الحجة عجل الله تعالى فرجه وسهل مخرجه وجعلنا الله واياكم من انصاره واعوانه ومن المستشهديين بين يديه |
أدعية لتعجيل فرج الإمام المهدي ( عليه السلام ) وردت عدّة أدعية لتعجيل فرج الإمام المهدي ( عليه السلام ) ، نذكر منها : 1ـ دعاء بعد صلاة الفجر : ( اللهم بلّغ مولاي صاحب الزمان - صلوات الله عليه - عن جميع المؤمنين والمؤمنات , في مشارق الأرض ومغاربها , وبرّها وبحرها وسهلها وجبلها , حيّهم وميّتهم , وعن والدي وولدي , وعنّي من الصلوات , والتحيّات زنة عرش الله , ومداد كلماته ، ومنتهى رضاه , وعدد ما أحصاه كتابه , وأحاط به علمه به . اللهم أُجدّد له في هذه اليوم وفي كل يوم , عهداً وعقداً وبيعة له في رقبتي ، اللهم فكما شرّفتني بهذا التشريف , وفضّلتني بهذه الفضيلة , وخصصتني بهذه النعمة ، فصل على مولاي وسيّدي صاحب الزمان , واجعلني من أنصاره وأشياعه والذابين عنه , واجعلني من المستشهدين بين يديه ، طائعاً غير مكره , في الصف الذي نعت أهله في كتابك ، فقلت : ( صفاً كأنّهم بنيان مرصوص ) على طاعتك وطاعة رسولك وآله ( عليهم السلام ) ، اللهم هذه بيعة له في عنقي إلى يوم القيامة ) . 2ـ دعاء الحكمة : ( بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم إنّي أسألك أن تصلّي على محمّد نبي رحمتك ، وكلمة نورك ، وأن تملأ قلبي نور اليقين ، وصدري نور الإيمان ، وفكري نور الثبات ، وعزمي نور العلم ، وقوّتي نور العمل ، ولساني نور الصدق ، وديني نور البصائر من عندك ، وبصري نور الضياء ، وسمعي نور وعي الحكمة ، ومودّتي نور الموالاة لمحمّد وآله ( عليهم السلام ) حتّى ألقاك وقد وفيت بعهدك وميثاقك ، فلتسعني رحمتك يا ولي يا حميد . اللهم صل على حجّتك في أرضك ، وخليفتك في بلادك ، والداعي إلى سبيلك ، والقائم بقسطك ، والثائر بأمرك ، ولي المؤمنين ، وبوار الكافرين ، ومجلي الظلمة ، ومنير الحق ، والساطع بالحكمة والصدق ، وكلمتك التامّة في أرضك ، المرتقب الخائف ، والولي الناصح ، سفينة النجاة ، وعلم الهدى ، ونور أبصار الورى ، وخير من تقمّص وارتدى ، ومجلي العمى ، الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً ، كما ملأت ظلماً وجوراً ، إنّك على كل شيء قدير . اللهم صل على وليك وابن أوليائك الذين فرضت طاعتهم ، وأوجبت حقّهم ، وأذهبت عنهم الرجس ، وطهّرتهم تطهيراً . اللهم انصر وانتصر به أولياءك وأولياءه ، وشيعته وأنصاره واجعلنا منهم ، اللهم أعذه من كل باغ وطاغ ، ومن شر جميع خلقك ، واحفظه من بين يديه ومن خلفه ، وعن يمينه وعن شماله ، واحرسه ، وامنعه من أن يوصل إليه بسوء ، واحفظ فيه رسولك وآل رسولك ، وأظهر به العدل ، وأيدّه بالنصر ، وانصر ناصريه ، واخذل خاذليه ، واقصم به جبابرة الكفرة ، واقتل به الكفّار والمنافقين وجميع الملحدين ، حيث كانوا في مشارق الأرض ومغاربها ، برّها وبحرها ، واملأ به الأرض عدلاً ، وأظهر به دين نبيّك ، واجعلني اللهم من أنصاره وأعوانه ، وأتباعه وشيعته ، وأرني في آل محمّد ما يأملون ، وفي عدوّهم ما يحذرون ، إله الحق آمين ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا أرحم الراحمين ) . 3ـ الصلاة والدعاء له : ( اللهم وصل على وليك المحيي سنّتك ، القائم بأمرك ، الداعي إليك ، الدليل عليك ، حجّتك على خلقك ، وخليفتك في أرضك ، وشاهدك على عبادك ، اللهم أعز نصره ، ومد في عمره ، وزيّن الأرض بطول بقائه ، اللهم أكفه بغي الحاسدين ، وأعذه من شر الكائنين ، وأزجر عنه إرادة الظالمين ، وخلّصه من أيدي الجبّارين . اللهم أعطه في نفسه وذرّيته وشيعته ورعيته وخاصّته وعامّته وعدّوه وجميع أهل الدنيا ما تقر به عينه ، وتسر به نفسه ، وبلّغه أفضل ما أمله في الدنيا والآخرة إنّك على كل شيء قدير . اللهم جدد به ما محي من دينك ، وأحي به ما بدّل من كتابك ، وأظهر به ما غيّر من حكمك حتّى يعود دينك به وعلى يديه غضّاً جديداً خالصاً مخلصاً لا شك فيه ، ولا شبهة معه ، ولا باطل عنده ، ولا بدعة لديه . اللهم نوّر بنوره كل ظلمة ، وهدّ بركنه كل بدعة ، واهدم بعزّه كل ضلالة ، واقصم به كل جبّار ، واخمد بسيفه كل نار ، واهلك بعدله جور كل جائر ، وأجر حكمه على كل حكم ، وأذل بسلطانه كل سلطان . اللهم أذل كل من ناواه ، وأهلك كل من عاداه ، وامكر بمن كاده ، واستأصل من جحده حقّه ، واستهان بأمره ، وسعى في إطفاء نوره ، وأراد إخماد ذكره . اللهم صل على محمّد المصطفى ، وعلي المرتضى ، وفاطمة الزهراء ، والحسن الرضا ، والحسين المصفى ، وجميع الأوصياء مصابيح الدجى ، وأعلام الهدى ، ومنار التقى ، والعروة الوثقى ، والحبل المتين ، والصراط المستقيم ، وصل على وليك وولاة عهدك ، والأئمّة من ولده ، ومد في أعمارهم ، وزد في آجالهم ، وبلغهم أقصى آمالهم ديناً ودنياً وآخرة ، إنّك على كل شيء قدير ) . |
أدعية الإمام المهدي ( عليه السلام ) هناك أدعية مذكورة في الكتب ، ربما تدل على صدورها من الإمام المهدي ( عليه السلام ) ، نذكر منها : 1ـ قال ( عليه السلام ) : ( إلهي بِحَقِّ مَنْ ناجاكَ ، وَبِحقِّ مَنْ دَعاكَ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، تَفَضَّلْ عَلَى فُقَراءِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بالْغناءِ وَالثَّرْوَةِ ، وَعَلَى مَرْضَى الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالشِّفاءِ وَالصِّحَّةِ ، وَعَلَى أحْياءِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنات ِبِاللُّطْفِ وَالْكَرَامة ، وَعَلَى أَمْوَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ ، وَعَلَى غُرَباءِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالرَّدِّ إِلَى أَوْطانِهِمْ سَالِمِينَ غَانِمِينَ ، بِمُحَمَّد وَآلِهِ أَجْمَعِينَ ) . 2ـ قال ( عليه السلام ) : ( وأسئلُكَ باسمك الذي خلقتَ به خلقَكَ ورزقتَهم كيفَ شئتَ وكيفَ شاؤوا ، يا مَنْ لا يُغيّرُه الأيّام والليالي أدعُوكَ بِمَا دَعاكَ به نُوحٌ حينَ ناداكَ فأنْجَيتَهُ ومَن مَعهُ وأهلكتَ قومه ، وأدعوك بِمَا دَعاكَ إبراهيمُ خَليلكَ حينَ ناداكَ فأنْجَيْتَهُ وَجعلتَ النّار عَليهِ بَرداً وَسَلاماً ، وأدعوكَ بِمَا دَعاكَ بِه موسى كَليمُكَ حينَ ناداكَ فَفَلَقْتَ لَهُ البَحرَ فَأَنْجَيْتَهُ وَبَنِي إِسْرائِيلَ ، وَأَغْرَقْتَ فِرْعَونَ وَقَوْمَهُ فِي الْيَمِّ ، وَأَدْعوكَ بِما دَعاك بِهِ عِيسَى رُوحُكَ حِينَ نَاداكَ ، فَنَجَّيْتَهُ مِنْ أَعْدائِهِ وَإلَيْكَ رَفَعْتَهُ ، وَأَدْعُوكَ بِما دَعاكَ به حَبِيبُكَ وصَفِيُّكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، فَاستَجَبْتَ لَهُ وَمِنَ الأَحْزَابِ نَجَّيْتَهُ ، وَعَلَى أَعْدَائِكَ نَصَرْتَهُ ، وَأسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي إِذَا دُعِيتَ بِهِ أَجَبْتَ ، يا مَنْ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ، يا مَنْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْء عِلْماً ، يا مَنْ أَحْصَى كُلَّ شَيْء عَدَداً ، يا مَنْ لا تُغَيِّرُهُ الأَيَّامُ وَاللَّيالِيُّ ، وَلا تَتَشابَهُ عَلَيْهِ الأَصْوَاتُ ، وَلا تَخْفَى عَلَيْهِ اللُّغَاتُ ، وَلا يُبْرِمُهُ إِلْحَاحُ الْمُلِحِّينَ . أَسْئَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد خَيْرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ ، فَصَلِّ عَلَيْهِمْ بِأَفْضَلِ صَلَواتِكَ ، وَصَلِّ عَلَى جَمِيعِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ الَّذِينَ بَلَّغوا عَنكَ الْهُدَى ، وَعْقَدُوا لَكَ الْمَواثِيقَ بِالطَّاعَةِ ، وَصَلِّ عَلَى عِبادِكَ الصَّالِحِينَ ، يا مَنْ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ أَنْجِزْ لِي ما وَعَدْتَنِي ، وَاجْمَعْ لِي أَصْحابِي ، وَصَبِّرْهُمْ ، وَانْصُرْنِي عَلَى أَعْدَائِكَ وَأَعْداءِ رُسولِكَ ، وَلا تُخَيِّبْ دَعْوَتِي ، فَإِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ ، ابْنُ أَمَتِكَ ، أَسِيرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ ، سَيِّدِي أَنْتَ الَّذِي مَنَنْتَ عَلَيَّ بِهذَا الْمَقامِ ، وَتَفَضَّلْتَ بِهِ عَلَيَّ دُونَ كَثِير مِنْ خَلْقِكَ ، أَسْئَلُكَ أَنْ تصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَأَنْ تُنْجِزَ لِي ما وَعَدْتَني ، إِنَّكَ أَنْتَ الصَّادِقُ ، وَلا تُخْلِفُ الْمِيعادَ ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ ) . 3ـ قال ( عليه السلام ) : ( اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ ، وَخَاتِمِ النَّبِيِّينَ ، وَحُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، الُمْنَتجَبِ فِي الْمِيثاقِ ، الْمُصطَفَى فِي الظِّلالِ ، الْمُطَهَّرِ مِنْ كُلِّ آفَة ، الْبَريءِ مِنْ كُلِّ عَيْب ، الْمُؤَمَّلِ لِلنَّجاةِ ، الْمُرْتَجى لِلشَّفاعَةِ ، الْمُفَوَّضِ إَِلْيهِ فِي دَينِ اللهِ ... ) . 4ـ قال ( عليه السلام ) : ( لا إله إلاّ الله حقاً حقاً ، لا إله إلاّ الله صدقاً صدقاً ، لا إله إلاّ الله تعبّداً ورقّاً ، اللهم معز كل مؤمن وحيد ، ومذل كل جبّار عنيد ، أنت كنفي حين تعييني المذاهب ، وتضيق عليّ الأرض بما رحبت . اللهم خلقتني وكنت غنيّاً عن خلقي ، ولولا نصرك إيّاي لكنت من المغلوبين ، يا منشر الرحمة من مواضعها ، ومخرج البركات من معادنها ، ويا من خصّ من نفسه بشموخ الرفعة ، فأولياؤه بعزّه يتعزّزون ، يا من وضعت له الملوك نير المذلّة على أعناقهم فهم من سطوته خائفون ، أسألك باسمك الذي فطرت به خلقك فكل لك مذعنون ، أسألك أن تصلّي على محمّد وعلى آل محمّد ، وأن تنجز لي أمري وتعجّل لي الفرج ، وتكفيني وتعافيني وتقضي حوائجي ، الساعة الساعة ، الليلة الليلة ، إنّك على كل شيء قدير ) . 5ـ قال ( عليه السلام ) : ( اللهم إن أطعتك فالمحمدة لك ، وإن عصيتك فالحجّة لك ، منك الروح ومنك الفرج ، سبحان من أنعم وشكر ، سبحان من قدّر وغفر ، اللهم إن كنت قد عصيتك فإنّي قد أطعتك في أحب الأشياء إليك وهو الإيمان بك ، لم اتخذ لك ولداً ولم أدع لك شريكاً ، مناً منك به عليّ ، لا مناً منّي به عليك ، وقد عصيتك يا إلهي على غير وجه المكابرة ، ولا الخروج عن عبوديتك ، ولا الجحود لربوبيّتك ، ولكن أطعت هواي وأزلّني الشيطان ، فلك الحجّة عليّ والبيان ، فإن تعذّبني فبذنوبي غير ظالم ، وإن تغفر لي وترحمني فإنّك جواد كريم ، يا كريم يا كريم ... [ حتّى ينقطع النفس ] . يا آمناً من كل شيء ، وكل شيء منك خائف حذر أسألك بأمنك من كل شيء ، وخوف كل شيء منك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تعطيني أماناً لنفسي وأهلي وولدي ، وسائر ما أنعمت به عليّ ، حتّى لا أخاف أحداً ولا أحذر من شيء أبداً ، إنّك على كل شيء قدير ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، يا كافي إبراهيم نمرود ، يا كافي موسى فرعون ، أسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تكفيني شر فلان بن فلان ) . 6ـ قال ( عليه السلام ) : ( إلهي عظم البلاء ، وبرح الخفاء ، وانكشف الغطاء ، وانقطع الرجاء ، وضاقت الأرض ، ومنعت السماء ، وأنت المستعان وإليك المشتكى ، وعليك المعوّل في الشدّة والرخاء . اللهم صل على محمّد وآل محمّد أولي الأمر الذين فرضت علينا طاعتهم ، وعرفتنا بذلك منزلتهم ، ففرّج عنّا بحقّهم فرجاً عاجلاً قريباً كلمح البصر أو هو أقرب . يا محمّد يا علي ، يا علي يا محمّد ، اكفياني فإنّكما كافيان ، وانصراني فإنّكما ناصران ، يا مولانا يا صاحب الزمان ، الغوث الغوث الغوث ، أدركني أدركني أدركني ، الساعة الساعة الساعة ، العجل العجل العجل ، يا أرحم الراحمين بحق محمّد وآله الطاهرين ) . 7ـ قال ( عليه السلام ) : ( اللهم أرزقنا توفيق الطاعة ، وبعد المعصية وصدق النية ، وعرفان الحرمة ، وأكرمنا بالهدى والاستقامة ، وسدّد ألسنتنا بالصواب والحكمة ، واملأ قلوبنا بالعلم والمعرفة ، وطهّر بطوننا من الحرام والشبهة ، واكفف أيدينا عن الظلم والسرقة ، واغضض أبصارنا عن الفجور والخيانة ، وأسدد أسماعنا عن اللغو والغيبة ، وتفضّل على علمائنا بالزهد والنصيحة ، وعلى المتعلمين بالجهد والرغبة ، وعلى المستمعين بالاتباع والموعظة . وعلى مرضى المسلمين بالشفاء والراحة ، وعلى موتاهم بالرأفة والرحمة ، وعلى مشايخنا بالوقار والسكينة ، وعلى الشباب بالإنابة والتوبة ، وعلى النساء بالحياء والعفّة ، وعلى الأغنياء بالتواضع والسعة ، وعلى الفقراء بالصبر والقناعة ، وعلى الغزاة بالنصر والغلبة ، وعلى الأسراء بالخلاص والراحة ، وعلى الأمراء بالعدل والشفقة ، وعلى الرعية بالإنصاف وحسن السيرة ، وبارك للحجّاج والزوّار في الزاد والنفقة ، واقض ما أوجبت عليهم من الحج والعمرة ، بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين ) . 8ـ قال ( عليه السلام ) : ( اللهم صلّ على محمّد سيّد المرسلين وخاتم النبيين ، وحجّة رب العالمين ، المنتجب في الميثاق المصطفى في الظلال ، المطهّر من كل آفة ، المبرئ من كل عيب ، المؤمّل للنجاة ، المرتجى للشفاعة ، المفوّض إليه دين الله ، اللهم شرّف بنيانه ، وعظَّم برهانه ، وافلح حجّته ، وارفع درجته ، وأضئ نوره ، وبيّض وجهه ، وأعطه الفضل والفضيلة والمنزلة والوسيلة ، والدرجة الرفيعة ، وابعثه مقاماً محموداً يغبطه به الأوّلون والآخرون ) . 9ـ قال ( عليه السلام ) : ( الحمد لله الذي يؤمن الخائفين ، وينُجي الصالحين ، ويرفع المستضعفين ، ويضع المستكبرين ، ويهلك ملوكاً ، ويستخلف آخرين ، والحمد لله قاصم الجبّارين ، مبير الظالمين ، مدرك الهاربين ، نكال الظالمين ، صريخ المستصرخين ، موضع حاجات الطالبين ، معتمد المؤمنين ) . 10ـ قال ( عليه السلام ) : ( اللهم إنّا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله ، وتذل بها النفاق وأهله ، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك ، والقادة إلى سبيلك ، وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة ) . 11ـ قال ( عليه السلام ) : ( اللهم ما عرّفتنا من الحق فحمّلناه ، وما قصرنا عنه فبلّغناه ) . 12ـ قال ( عليه السلام ) : ( اللهم إنّا نشكو إليك فقد نبينا صلواتك عليه وآله ، وغيبة وليّنا ، وكثرة عدوّنا ، وقلّة عددنا ، وشدّة الفتن بنا ، وتظاهر الزمان علينا ، فصل على محّمد وآله ، وأعنّا على ذلك بفتح منك تعجّله ، وبضر تكشفه ، ونصر تعزّه ، وسلطان حق تظهره ، ورحمة منك تجللناها ، وعافية منك تلبسناها برحمتك يا أرحم الراحمين ) . |
الاستدلال على وجود الإمام المهدي ( عليه السلام ) إن فكرة المهدي ( عليه السلام ) بوصفه القائد المنتظر لتغيير العالم إلى الأفضل ، قد جاءت في أحاديث الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) عموماً ، وفي روايات أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) خصوصاً ، وأكَّدت في نصوص كثيرة بدرجة لا يمكن أن يرقى إليها الشك . وأما تجسيد هذه الفكرة في الإمام الثاني عشر ( عليه السلام ) فهذا ما توجد مبررات كافية وواضحة للاقتناع به . ويمكن تلخيص هذه المبررات في دليلين : الدليل الإسلامي : بالدليل الإسلامي نثبت وجود القائد المنتظر ( عليه السلام ) ، ويتمثّل في مئات الروايات الواردة عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والأئمة من أهل البيت ( عليهم السلام ) . والتي تدلُّ على تعيين الإمام المهدي ( عليه السلام ) وكونه من أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وأنه ( عليه السلام ) من ولد فاطمة ، ومن ذرية الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وأنه ( عليه السلام ) التاسع من ولد الإمام الحسين . فإن هذه الروايات تحدِّد تلك الفكرة العامة وتشخيصها في الإمام الثاني عشر ( عليه السلام ) من أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) . وهذه الروايات بلغت درجة كبيرة من الكثرة والانتشار ، على الرغم من تحفظ الأئمة ( عليهم السلام ) واحتياطهم في طرح ذلك على المستوى العام ، وقايةً لللخلف الصالح من الاغتيال أو الإجهاز السريع على حياته ( عليه السلام ) . وليست الكثرة العددية للروايات هي الأساس الوحيد لقبولها ، بل هناك إضافة إلى ذلك مزايا وقرائن تبرهن على صحتها . فالحديث النبوي الشريف عن الأئمة أو الخلفاء أو الأمراء بعده ، وأنهم اثنا عشر إماماً أو خليفةً أو أميراً - على اختلاف متن الحديث في طرقه المختلفة - قد أحصى بعض المؤلفين ـ لعلي محمد علي دخيل في كتابه الإمام المهدي ( عليه السلام ) ـ رواياته فبلغت أكثر من مائتين وسبعين رواية في أشهر كتب الحديث عند الشيعة والسنة . ويلاحظ أنّ البخاري ـ الذي ذكر حديث الخلفاء الإثنى عشر ، في صحيحه 9 / 101 ـ كان معاصراً للإمام الجواد والإمام الهادي والإمام العسكري ( عليهم السلام ) ، وفي ذلك مغزىً كبير ; لأنه يبرهن على أنّ هذا الحديث قد سُجّل عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قبل أن يتحقق مضمونه ، وتكتمل فكرة الأئمّة الإثني عشر فعلاً . وهذا يعني أنه لا يوجد أي مجال للشك في أن يكون نقل الحديث متأثراً بالواقع الإمامي الاثني عشري وانعكاساً له ; لأنّ الأحاديث المزيفة التي تنسب إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) ـ وهي انعكاسات أو تبريرات لواقع متأخر زمنياً ـ لا تسبق في ظهورها وتسجيلها في كتب الحديث ذلك الواقع الذي تشكّل انعكاساً له ، فما دمنا قد ملكنا الدليل المادي على أنّ الحديث المذكور سبق التسلسل التاريخي للأئمّة الاثني عشر ، وضبط في كتب الحديث قبل تكامل الواقع الإمامي الإثني عشري ، أمكننا أن نتأكد من أنّ هذا الحديث ليس انعكاساً لواقع ، وإنما هو تعبير عن حقيقة ربانية نطق بها من لا ينطق عن هوى ، فقال : ( إنّ الخلفاء بعدي اثنا عشر ) ، وجاء الواقع الإمامي الإثني عشري ابتداءً من الإمام علي وانتهاءً بالمهدي ، ليكون التطبيق الوحيد المعقول لذلك الحديث النبوي الشريف . الدليل العلمي : وبالدليل العلمي نبرهن على أن الإمام المهدي ( عليه السلام ) ليس مجرد أُسطورة وافتراض ، بل هو حقيقة ثبت وجودها بالتجربة التاريخية . فالغيبة الصغرى ، هي تجربة عاشتها أمة من الناس ، فترة امتدَّت سبعين سنة تقريباً ، وعبَّر عنها السفراء والنواب طيلة سبعين عاماً من خلال تعاملهم من الآخرين ، ولم يلحظ عليهم أحدٌ كل هذه المدة تلاعباً في الكلام ، أو تحايلاً في التصرف ، أو تهافتاً في النقل . فهل بإمكان أكذوبة أن تعيش سبعين عاماً ، ويمارسها أربعة على سبيل الترتيب ، كلهم يتفقون عليها ، ويظلون يتعاملون على أساسها وكأنها قضية يعيشونها بأنفسهم ، ويرونها بأعينهم ، دون أن يبدر منهم أي شيء يثير الشك ، ودون أن يكون بين الأربعة علاقة خاصة متميزة ، تتيح لهم نحواً من التواطؤ ، ويكسبون من خلال ما يتصف به سلوكهم من واقعية ثقة الجميع ، وإيمانهم بواقعية القضية التي يدعون أنهم يحسونها ويعيشون معها ؟! . لقد قيل قديماً : إن حبل الكذب قصير ، ومنطق الحياة يثبت أيضاً أن من المستحيل عمليّاً بحساب الاحتمالات أن تعيش أكذوبة بهذا الشكل ، وكل هذه المدة ، وضمن كل تلك العلاقات والأخذ والعطاء ، ثم تكسب ثقة جميع من حولها . وهكذا نعرف أن ظاهرة الغيبة الصغرى يمكن أن تعتبر بمثابة تجربة علمية لإثبات ما لها من واقع موضوعي ، والتسليم بالإمام القائد ( عليه السلام ) وبولادته ، وحياته وغيبته ، وإعلانه العام عن الغيبة الكبرى التي استتر بموجبها عن المسرح ، ولم يكشف نفسه لأحد . |
الاعتقاد بالإمام المهدي ( عليه السلام ) فكرة عالمية إن فكرة ظهور المنقذ العظيم الذي سينشر العدل والرخاء بظهوره في آخر الزمان ، ويقضي على الظلم والاضطهاد في أرجاء العالم ، ويحقق العدل والمساواة في دولته ، هي فكرة آمن بها أهل الأديان الثلاثة ، واعتنقها معظم الشعوب . فقد آمن اليهود بها ، كما آمن النصارى بعودة عيسى ( عليه السلام ) ، وإلى جانب هذا نجد التصريح من عباقرة الغرب وفلاسفته ، بأن العالم في انتظار المصلح العظيم الذي سيأخذ بزمام الأمور ، ويوحِّد الجميع تحت راية واحدة وشعار واحد . فمن أولئك العباقرة هو الفيلسوف الإنجليزي ( برتراند راسل ) ، حيث يقول : إن العالم في انتظار مصلح يوحِّد العالم تحت علم واحد وشعار واحد . ومنهم العالم ( آينشتاين ) ، حيث يقول : إن اليوم الذي يَسُود العالم كله الصلح والصفاء ، ويكون الناس مُتَحَابِّينَ مُتَآخِينَ ليس ببعيد . والأكثر من هذا كله هو ما جاء به الفيلسوف الإنجليزي ( برناردشو ) ، حيث بشَّر بمجيء المصلح في كتابه ( الإنسان والسوبر مان ) . أما عن المسلمين ، فَهُم على اختلاف مذاهبهم وفِرَقِهِم يعتقدون بظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) في آخر الزمان على طِبق ما بشَّر به النبي الأكرم محمد ( صلى الله عليه وآله ) . ولا يختص هذا الاعتقاد بمذهب دون آخر ، ولا فِرقة دون أخرى . وما أكثر المصرِّحين من علماء العامَّة ابتداءً من القرن الثالث الهجري وإلى اليوم بأن فكرة الظهور محلُّ اتفاقهم ، وبل ومن عقيدتهم أجمع . ويقول ابن خلدون في تاريخه معبِّراً عن عقيدة المسلمين بظهور الإمام المهدي ( عليه السلام ) : إعلم أن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممرِّ الأعصار أنه لابد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت ( عليهم السلام ) ، يؤيد الدين ، ويُظهر العدل ، ويتبعه المسلمون ، ويستولي على الممالك الإسلامية ، ويُسمَّى بـ( المهدي ) . وقد وافقه على ذلك الأستاذ أحمد أمين الأزهري المصري – على الرغم مما عُرف عنهما من تطرُّف إزاء هذه العقيدة – إذ قال في كتابه ( المهدي والمهدوية ) معبِّراً عن رأي العامَّة بها : فأما أهل السُّنة فقد آمنوا بها أيضاً . ثم ذكر نصَّ ما ذكره ابن خلدون ، ثم قال : وقد أحصى ابن حجر الأحاديث المروية في المهدي ( عليه السلام ) ، فوجدها نحو الخمسين . فإذن لا فرق بين الشيعة والعامَّة من حيث الإيمان بظهور المنقذ ، ما دام العامَّة قد وجدوا خمسين حديثاً من طرقهم ، وعدُّوا المهدي ( عليه السلام ) من أشراط الساعة ، وأنهم ألَّفوا في الردِّ أو القول بالتواتر كتباً ورسائل . بل لا فرق بين جميع المسلمين وبين غيرهم من أهل الأديان والشعوب الأخرى من حيث الإيمان بأصل الفكرة ، وإن اختلفوا في مصداقها . وقد اتفق المسلمون على أن اسمه ( مُحَمَّد ) كاسم النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) ، ولقبه عندهم هو ( المهدي ) . كما أن اعتقاد أهل الكتاب بظهور المنقذ في آخر الزمان لا يبعد أن يكون من تبشير أديانهم بمهدي أهل البيت ( عليهم السلام ) كتبشيرها بنبوَّة نبيِّنا الأكرم محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، إلا أنهم أخفوا ذلك عِناداً وتكبُّراً ، إلا من آمن منهم بالله واتَّقى . ويدل على ذلك وجود ما يشير في أسفار التوراة كـ ( سفر أرميا ) ، وإليكم نصُّه : إصعدي أيتها الخيل وهيِّجي المركبات ، ولتخرج الأبطال : كوش وقوط القابضان المجنّ ، واللوديُّون القابضون القوس ، فهذا اليوم للسيد ربِّ الجنود ، يوم نقمة للانتقام من مبغضيه ، فيأكل السيف ويشبع .. لأن للسيد رب الجنود ذبيحة في أرض الشمال عند نهر الفرات . وقد تتبَّع أهل الكتاب أخبار الإمام المهدي ( عليه السلام ) كما تتبَّعوا أخبار جدِّه المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) . فدلَّت أخبار ( سفر الرؤيا ) إلى امرأة يخرج من صُلبها إثنا عشر رجلاً ، ثم أشار إلى امرأة أخرى [ أي التي تلد الرجل الأخير الذي هو من صُلب جدته ] . فقال السفر : إن هذه المرأة الأخيرة ستحيط بها المخاطر . ورَمَزَ للمخاطر باسم ( التنين ) ، وقال : والتنين وقف أما المرأة العتيدة حتى تلد ليبتلع ولدها ثم ولدت . [ سفر الرؤيا : 12 : 3 ] . أي أن السلطة كانت تريد قتل هذا الغلام ، ولكن بعد ولادة الطفل . ويقول ( باركلي ) في تفسيره : عندما هجمت عليها المخاطر اختطف الله ولده وحفظه . والنص هو : ( واختطف الله ولدها ) . [ سفر الرؤيا 12 : 5 ] . أي أن الله غيَّب هذا الطفل كما يقول ( باركلي ) . وذكر السفر أن غيبة الغلام ستكون ألفاً ومئتين وستين يوماً ، وهي مدَّة لها رموزها عند أهل الكتاب . هذا وإن لم يصحُّ لمسلم الاحتجاج به ، لِمَا مُنيت به كتب العهدين من تحريف وتبديل . إلا أنه يدل بوضوح على معرفة أهل الكتاب بالإمام المهدي ( عليه السلام ) ، ثم اختلافهم فيما بعد في تشخيصه ، إذ ليس كل ما جاء به الإسلام قد تفرَّد به عن الأديان السابقة . فكثير من الأمور الكلِّية التي جاء بها الإسلام كانت في الشرائع السابقة قبله . فقال الشاطبي المالكي في كتابه ( الموافقات ) : وكثير من الآيات أُخبر فيها بأحكام كلِّية كانت في الشرائع المتقدمة وهي في شريعتنا ، ولا فرق بينهما . وإذا تقرَّر هذا فلا يضرُّ اعتقاد المسلم بصحة ما بشَّر به النبي ( صلى الله عليه وآله ) من ظهور رجل من أهل بيته ( عليهم السلام ) في آخر الزمان ، بأن يكون هذا المعتقد موجوداً عند أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، أو عند غيرهم ممَّن سبق الإسلام . ولا يخرج هذا المعتقد عن إطاره الإسلامي ، بعد أن بشَّر به النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وبعد الإيمان بأنه ( صلى الله عليه وآله ) : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوْحَى ) النجم : 3 – 4 . وأما عن اعتقادات الشعوب المختلفة بأصل هذه الفكرة كما مرَّ فيمكن تفسيرها على أساس أن فكرة ظهور المنقذ لا تتعارض مع فطرة الإنسان ، وطموحاته وتطلُّعاته . ولو فكَّر الإنسان قليلاً في اشتراك معظم الشعوب بأصل الفكرة لأدرك أن وراء هذا الكون حكمة بالغة في التدبير . ويستمدُّ عندئذٍ من خلالها قوَّته في الصمود إزاء ما يرى من انحراف وظلم وطغيان ، ولا يُترك فريسة يأسه دون أن يُزوَّد بخيوط الأمل والرجاء بأن العدل لابد له أن يسود . وأما عن اختلاف أهل الأديان السابقة والشعوب في تشخيص اسم المنقذ المنتظر ، فلا علاقة له في إنكار ما بشَّر به النبي ( صلى الله عليه وآله ) . وليس هناك ما يدعو إلى بيان فساد تشخيصهم لاسم المنقذ ، ما دام الإسلام قد تصدَّى بنفسه لهذه المهمَّة ، فبيَّن اسمه ، حسبه ، ونسبه ، وأوصافه ، وسيرته ، وعلامات ظهوره ، وطريقة حُكمه ، حتى تواترت بذلك الأخبار ، واستفاضت بكثرة رواتها من طرق الشيعة والعامَّة أيضاً ، كما صرَّح بذلك أعلامهم وحُفَّاظهم وفقهاؤهم ومحدِّثوهم . وقد رُوي من تلك الأخبار عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ما يزيد على خمسين صحابياً . وأما عن اختلاف المسلمين فيما بينهم من حيث تشخيص اسم ( المهدي ) كما هو معلوم بين الشيعة والعامَّة . فليس فيه أدنى حجة للمستشرقين وأذنابهم ، بل هو من الأدلة القاطعة عليه ، وذلك لأنه من قبيل الاختلاف في تفاصيل شيء متحقق الوجود . فإنه كاختلافهم في القرآن الكريم بين القول بِقِدَمِهِ وحُدُوثِهِ من الله تعالى ، مع اتفاقهم على تَكفِير مُنكره . وقِسْ عليه سائر اختلافاتهم الأخرى في تفاصيل بعض العقائد دون أصولها . |
إمامة الإمام المهدي ( عليه السلام ) المبكرة إن الإمام المهدي ( عليه السلام ) خلف أباه في إمامة المسلمين ، وهذا يعني أنه كان إماماً بكل ما في الإمامة من محتوىً فكري وروحي ، في وقت مبكر جداً من حياته الشريفة . والإمامة المبكرة ظاهرة سبقهُ إليها عددٌ من آبائه ( عليهم السلام ) ، فالإمام محمد الجواد ( عليه السلام ) تولَّى الإمامة وهو في الثامنة من عمره . والإمام علي الهادي ( عليه السلام ) تولَّى الإمامة وهو في التاسعة من عمره ، والإمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) تولَّى الإمامة وهو في الثانية والعشرين من عمره . ويلاحظ أن ظاهرة الإمامة المبكرة بلغت ذروتها في الإمام المهدي والإمام الجواد ( عليهما السلام ) وهي ظاهرة . لأنها كانت بالنسبة إلى عدد من آباء الإمام المهدي ( عليه السلام ) تشكل مدلولاً حسيّاً عملياً عاشه المسلمون ، ووعوه في تجربتهم مع الإمام ( عليه السلام ) بشكل وآخر ، ولا يمكن أن نُطالب بإثبات لظاهرة من الظواهر أوضح وأقوى من تجربة أُمة . الإمامة المبكِّرة ظاهرة واقعية : إن الإمام الذي يبرز على المسرح وهو صغير فيعلن عن نفسه إماماً روحيّاً وفكرياً للمسلمين ، ويدين له بالولاء والإمامة كلُّ ذلك التيار الواسع ، لابد أن يكون على قدر واضح وملحوظ - بل وكبير - من العلم والمعرفة ، وسعة الأفق ، والتمكن من الفقه ، والتفسير ، والعقائد ، لأنه لو لم يكن كذلك لما أمكن أن تقتنع تلك القواعد الشعبية بإمامته . مع أنَّ الأئمة كانوا في مواقع تتيح لقواعدهم التفاعل معهم ، وللأضواء المختلفة أن تُسلّط على حياتهم وموازين شخصيتهم . فهل من المعقول أن صبيّاً يدعو إلى إمامة نفسه وينصب منها علماً للإسلام وهو على مرأىً ومسمع من جماهير قواعده الشعبية ، فتؤمن به وتبذل في سبيل ذلك الغالي ، من أمنها وحياتها ، بدون أن تكلِّف نفسها اكتشاف حاله ، وبدون أن تهزّها ظاهرة هذه الإمامة المبكرة لاستطلاع حقيقة الموقف وتقويم هذا الصبيِّ الإمام ؟ . ولو فرضنا أنَّ الناس لم يتحركوا لاستطلاع المواقف ، فهل يمكن أن تمرَّ المسألة أياماً وشهوراً ، بل أعواماً دون أن تتكشَّف الحقيقة ، على الرغم من التفاعل الطبيعي المستمر بين الصبي الإمام وسائر الناس ؟ . وهل من المعقول أن يكون صبياً في فكره وعلمه حقّاً ، ثم لا يبدو ذلك من خلال هذا التفاعل الطويل ؟ . وإذا افترضنا أن القواعد الشعبية لإمامة أهل البيت ( عليهم السلام ) لم يُتح لها أن تكتشف واقع الأمر ، فلماذا سكتت الخلافة القائمة ولم تعمل لكشف الحقيقة إذا كانت في صالحها ؟ . وما كان أيسر ذلك على السلطة القائمة لو كان الإمام الصبي صبياً في فكره وثقافته كما هو المعهود في الصبيان ، وما كان أنجحه من أسلوب أن تقدم هذا الصبي إلى شيعته وغير شيعته على حقيقته ، وتبرهن على عدم كفاءته للإمامة والزعامة الروحية والفكرية . فلئن كان من الصعب الإقناع بعدم كفاءة شخص في الأربعين أو الخمسين قد أحاط بقدر كبير من ثقافة عصره لِتَسَلُّم الإمامة ، فليس هناك صعوبة في الإقناع بعدم كفاءة صبيٍّ اعتيادي مهما كان ذكيّاً وفطناً للإمامة بمعناها الذي يعرفه الشيعة الإماميون . وكان هذا أسهل وأيسر من الطرق المعقّدة وأساليب القمع ، والمجازفة التي انتهجتها السلطات وقتئذٍ . إن التفسير الوحيد لسكوت الخلافة المعاصرة عن اللعب بهذه الورقة ، هو أنها أدركت أن الإمامة المبكرة ظاهرة حقيقية وليست شيئاً مصطنعاً . وهذا معنى ما قلناه من أنَّ الإمامة المبكِّرة ظاهرة واقعية في حياة أهل البيت ( عليهم السلام ) وليست مجرَّد افتراض . كما أنَّ هذه الظاهرة الواقعية لها جذورها وحالاتها المماثلة في تراث السماء الذي امتدّ عبر الرسالات والزعامات الربانية . ويكفي مثالاً لظاهرة الإمامة المبكِّرة في التراث الرباني لأهل البيت ( عليهم السلام ) النبي يحيى ( عليه السلام ) ، إذ قال الله سبحانه وتعالى : ( يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) مريم : 12 . ومتى ثبت أن الإمامة المبكرة ظاهرة واقعية ومتواجدة فعلاً في حياة أهل البيت ( عليهم السلام ) لم يعد هناك اعتراض فيما يخصُّ إمامة المهدي ( عليهم السلام ) وخلافته لأبيه وهو صغير . |
انتظار الإمام المهدي ( عجل الله تعالى فرجه ) بين السلب والإيجاب قد يظن بعض الناس أن الظهور يتوقف على امتلاء الأرض ظلماً وجوراً انطلاقاً من النصوص التي تفيد بأن الإمام ( عليه السلام ) يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجورا . وبالتالي فإنهم يعتقدون بأن تطور الظلم والجور في حياتنا السياسية والاقتصادية والعسكرية والإدارية والقضائية شرط وعامل مؤثر في الظهور وتعجيل الفرج . فإذا امتلأت الأرض ظلماً وجوراً ظهر الإمام ( عليه السلام ) ، وأعلن ثورته ضد الظالمين ، وفرّج عن المظلومين والمعذبين والمقهورين . ومن الواضح أن هذا الاعتقاد إن لم يؤَدِّ إلى المساهمة في توسيع رقعة الفساد والظلم والجور في الأرض ، فهو يؤدي في الحد الأدنى إلى عدم مكافحة الظلم والجور ، والخضوع للأمر الواقع الفاسد ، لأن العمل خلاف ذلك يؤدي إلى إطالة زمن الغيبة وتأخير الفرج . ولا شك في أن ذلك مخالف لمفاهيم القرآن الذي يدعو إلى رفض الظلم ، وعدم الركون إلى الظالمين ، فقال الله تعالى : ( وَلا تَركَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ) هود : 113 . كما إن ذلك يعني تعطيل أهم فرائض الإسلام وأحكامه وتشريعاته ، كفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والدعوة إلى الله والجهاد في سبيله ، وهي تكاليف عامة لا تختص بزمان دون زمان ، أو مكان دون آخر . على أنه ليس معنى ( تمتلئ الأرض ظلماً وجوراً ) الواردة في بعض النصوص هو أن تنعدم قيم الحق والتوحيد والعدل على وجه الأرض ، ولا يبقى موضع يُعبد الله فيه ، فهذا الأمر مستحيل ، وهو على خلاف سنن الله . وإنما المقصود بهذه الكلمة طغيان سلطان الباطل على الحق في الصراع الدائر بين الحق والباطل . ولا يمكن أن يزيد طغيان سلطان الباطل على الحق أكثر مما هو عليه الآن ، فقد طغى الظلم على وجه الأرض وبلغ ذروته . فالذي يجري على مسلمين العراق وفلسطين بأيدي الظلمة أمر يقل نظيره في تاريخ الظلم والإرهاب . كما إن ما تمارسه الولايات المتحدة الأميركية في مواجهة الإسلام والمسلمين وما تفرضه على العالم الإسلامي بلغ الذروة في الاستكبار والطغيان ، والهيمنة وفرض النفوذ والسيطرة على دول المنطقة وشعوبها ومواردها الحيوية . وقد كانت غيبة الإمام المهدي ( عجل الله تعالى فرجه ) بسبب طغيان الشر والفساد والظلم ، فكيف يكون طغيان الفساد والظلم شرطاً وسبباً لظهور الإمام ( عليه السلام ) وخروجه ؟ على أن الموجود في النصوص هو : ( يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً ) ، وليس : ( يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجورا ) . فليس معنى ذلك أن الإمام ( عليه السلام ) ينتظر أن يطغى الفساد والظلم أكثر مما ظهر إلى اليوم ليخرج . وإنما معنى النص أن الإمام ( عليه السلام ) إذا ظهر يملأ الأرض عدلاً ، ويكافح الظلم والفساد في المجتمع حتى يطهر المجتمع البشري منه ، كما امتلأ بالظلم والفساد من قبل . وخلاصة القول : إن سيطرة الظلم والجور ليست سبباً في تأخير فرج الإمام ( عليه السلام ) أو شرطاً في تعجيله . ولعل من أهم العوامل المؤثرة في تحقيق ظهوره ( عليه السلام ) ، بل وتقريبه وتعجيل فرجه هو توافر العدد الكافي من الأنصار والموطئين ، الذين يعدون المجتمع والأمة لظهور الإمام ( عليه السلام ) . فإنهم لابد أن يوطِّئون الأرض ويمهدونها لثورته الشاملة ، ويدعمون حركة الإمام ( عليه السلام ) ويسندونها . ومن دون هذا الإعداد وهذه التوطئة لا يمكن أن تحصل هذه الثورة الشاملة في سنن الله تعالى في التاريخ ، وذلك انطلاقاً من الحقائق التالية : الأولى : إن الإمام ( عليه السلام ) لا يقود حركة التغيير الشاملة بمفرده ، لأن الفرد الواحد مهما أوتي من قوة وكمال عقلي وجسمي وروحي ، لا يمكن أن يحقق إنجازاً كبيراً بحجم الإنجاز الضخم الذي سيحققه الإمام ( عليه السلام ) على امتداد الأرض . خصوصاً إذا تجاوزنا الفرضية الآتية وهي استخدام المعجزة من قبله ( عليه السلام ) من أجل تحقيق النصر . الثانية : إن الإمام ( عليه السلام ) لا يحقق الإنجازات الكبيرة التي ادخره الله لأجل تحقيقها في آخر الزمان عن طريق المعجزة والأسباب الخارقة . وقد نفت الروايات استخدام الإمام ( عليه السلام ) المعجزة في ثورته ، وأكدت دور السنن الإلهية في التاريخ والمجتمع في تحقيق هذه الثورة الكونية الشاملة وتطويرها وإكمالها . ولا يعني ذلك أن الله سبحانه وتعالى لا يتدخل إلى جانب هذه الثورة بألطافه وإمداده الغيبي . فإن ثورة الإمام ( عليه السلام ) في مواجهة الطغاة والأنظمة والمؤسسات الاستكبارية الحاكمة والمتسلطة على رقاب الناس لا تحصل من دون إمداد غيبي ، وإسناد وتأييد من قبل الله سبحانه . والنصوص الإسلامية تؤكد وجود هذا الإمداد الإلهي في حركة الإمام ( عليه السلام ) ، وتصف كيفيته . إلا أن هذا المَدَد الإلهي أحد طرفي القضية ، والطرف الآخر هو دور الأسباب الطبيعية والوسائل المادية في تحقيق هذه الثورة وحركتها . فإن الاعتماد على هذه الأسباب لا يتعارض مع المدد والإسناد الإلهيين ، فقال عزَّ وجل : ( وَأَعِدُّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ وَمِن رِبَاطِ الخَيلِ تُرهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُم وَآَخَرِينَ مِن دُونِهِم لا تَعلَمُونَهُمُ اللهُ يَعلَمُهُم ) الأنفال : 60 . |
الإيمان بالإمام المهدي ( عليه السلام ) إلهام فطري إن ظهور الإيمان بفكرة حتمية ظهور المنقذ العالمي في الفكر الإنساني عموماً ، يكشف عن وجود أسس متينة قوية تستند إليها تنطلق من الفطرة الإنسانية ، بمعنى أنها تعبر عن حاجة فطرية عامة يشترك فيها بنو الإنسان عموماً . وهذه الحاجة تقوم على ما جبل عليه الإنسان ، من تَطَلُّعٍ مستمر للكمال بأشمل صورة ، وإن ظهور المنقذ العالمي وإقامة دولته العادلة في اليوم الموعود ، يعبر عن وصول المجتمع البشري إلى كماله المنشود . فليس الإمام المهدي ( عليه السلام ) تجسيداً لعقيدة إسلامية ذات طابع ديني فحسب ، بل هو عنوان لطموح اتَّجَهت إليه البشرية بمختلف أديانها ومذاهبها ، وصياغة لإلهام فطري أدرك الناس من خلاله - على تنوع عقائدهم ووسائلهم إلى الغيب - أن للإنسانية يوماً موعوداً على الأرض تحقَّق فيه رسالات السماء مغزاها الكبير وهدفها النهائي ، وتجد فيه المسيرة المكدودة للإنسان على مَرِّ التاريخ استقرارها وطمئنينتها بعد عناء طويل . بل لم يقتصر هذا الشعور بهذا الشعور الغيبي والمستقبل المنتظر ، على المؤمنين دنيا بالغيب ، بل امتدَّ إلى غيرهم أيضاً ، وانعكس حتى على أشدِّ الأيدلوجيات والاتجاهات الغيبية رفضاً للغيب . كالمادية الجدَليَّة التي فسرت التاريخ على أساس التناقضات ، وآمنت بيوم موعود تصفى فيه كل التناقضات ، ويسود فيه الوئام والسلام . وهكذا نجد أنَّ التجربة النفسية لهذا الشعور التي مارستها الإنسانية على مرِّ الزمان ، من أوسع التجارب النفسية وأكثرها عموماً بين بني الإنسان . إذن ، فالإيمان بالفكرة التي يجسدها الإمام المهدي الموعود ( عليه السلام ) هي من أكثر الأفكار انتشاراً بين بني الإنسان كافة ، لأنها تستند إلى فطرة التطلع للكمال بأشمل صورة ، أي إنها تعبِّر عن حاجة فطرية ، لذلك فتحققها حتمي ، لأن الفطرة لا تطلب ما هو غير موجود كما هو معلوم . |
تتويج الإمام المهدي ( عليه السلام ) الإمام المهدي ( عليه السلام ) هو آخر أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وقد بشَّر به جَدُّه محمد ( صلى الله عليه وآله ) في أحاديث متواترة ، بأنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما مُلِئَت ظلماً وجوراً . وهو المولود الذي صدر الأمر من قبل السلطة العباسية بإلقاء القبض عليه قبل ولادته ، وكان الجواسيس يراقبون كل شاردة وواردة عن مولده . ولكنَّ الله عزَّ وجَلَّ نجَّاه كما نجَّى النبي موسى ( عليه السلام ) من فرعون ، ونبي الله إبراهيم ( عليه السلام ) من قبضة النمرود ، وقد تَجَرَّع الشيعة عبر التاريخ الغصص فنوناً وألواناً . فمن الإرهاب الفكري لأنهم حَمَلوا فكر أهل البيت ( عليهم السلام ) ، إلى الحرمان الاقتصادي لأنهم عاشوا قِيَم أهل البيت ( عليهم السلام ) ، إلى الاضطهاد السياسي لأنهم اتَّبعوا منهج أهل البيت ( عليهم السلام ) . وبالرغم من ذلك عاش في أعماق الشيعة أمَلٌ يستقطب حركتهم ، ويُلَمْلِمُ طاقاتهم ، ويجمع قِيَادَتهم ، لِتَكونَ المسيرة واحدة في خدمة الإسلام والمسلمين . وقد غدا في اليوم التاسع من ربيع الأول 260 هـ الأمل الذي عاشوه حقيقة ، والأمنية واقعاً ، حين تمَّ تتويج الإمام المهدي ( عليه السلام ) ، بعد شهادة أبيه الإمام العسكري ( عليه السلام ) ، وسيملأ ( عليه السلام ) الأرضَ قسطاً وعدلاً كما مُلِئَتْ ظُلماً وجَوراً . |
حكم من أنكر الإمام المهدي ( عليه السلام ) لا ريب في أن أحاديث خروج الإمام المهدي ( عليه السلام ) متواترة بإجماع من يعتدُّ به من أهل العلم ، وأئمة الحديث . فإنكار هذا الأمر المتواتر جُرأة عظيمة في مقابل النصوص المستفيضة المشهورة ، البالغة إلى حدِّ التواتر . وقد سُئل ابن حجر المَكِّي - من علماء السُنَّة - عَمَّن أنكر الإمام المهدي ( عليه السلام ) الموعود به ، فأجاب : ( إنَّ ذلك إنْ كان لإنكار السُنَّة رأساً فهو كفر ، يُقضى على قائله بسبب كفره وردّته ، فَيُقتل . وإن لم يكن لإنكار السُنَّة وإنَّما هو مَحض عناد لأئمَّة الإسلام فهو يقتضي التعزير البليغ ، والإهانة ، بما يراه الحاكم لائقاً بعظيم هذه الجريمة ، وقبح هذه الطريقة ، وفساد هذه العقيدة ، من حبس ، وضرب ، وصَفْعٍ ، وغيرها من الزواجر عن هذه القبائح . ويرجعه إلى الحقِّ راغماً على أنفه ، ويردُّه إلى اعتقاد ما ورد به الشرع ردعاً عن كفره ) . وقد وقفنا على فتوىً للشيخ البهائي ( قدس سره ) في هذه المسألة ، قال – مجيباً على من سأله عن خروج الإمام المهدي ( عليه السلام ) بقول مطلق ، هل هو من ضروريَّات الدين ، فمنكره مرتدُّ ، أم ليس من ضروريَّاته ، لِما يُحكى من خلاف بعض المخالفين فيه ، وأنَّ الذي يخرج إنَّما هو عيسى ( عليه السلام ) ، وهل يكون خلافهم مانعاً من ضروريَّته ؟ - : ( الأظهر أنَّه من ضروريَّات الدين ، لأنه ممَّا انعقد عليه إجماع المسلمين ، ولم يخالف فيه إلاَّ شرذمة شاذَّة لا يعبأ بهم ، لا يعتمد عليهم ولا بخلافهم ، ولا يَقدَحُ خروج أمثال هؤلاء من ربقة الإجماع في حُجِّيَّته ، فلا مجال للتوقف في كفرهم ، إن لم تكن لَهم شبهة محتملة ) . ونقول : تكفير المنكِر عند الفريقين يدور على أحد أمرين : أوَّلهما : ما أشار إليه ابن حجر في ( الفتاوى الحديثيَّة ) ، وهو ما أخرجه أبو بكر الإسكاف في ( فوائد الأخبار ) عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ( رضوان الله عليه ) ، عنه ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( مَن كَذَّبَ بالدجَّال فقد كَفَر ، ومَن كَذَّبَ بالمهديِّ فقد كَفَر ) . قال ابن حجر في ( القول المختصر ) - كما في ( البرهان ) - : أي حقيقةً ، كما هو المتبادر من اللفظ ، لكن إن كان تكذيبه من السُنَّة ، أو لاستهتاره بها ، أو للرغبة عنها . فقد قال أئمَّتنا وغيرهم : لو قيل لإنسانٍ : قُصَّ أظفارك ، فإنّه من السُنَّة . فقال : لا أفعله وإن كان سُنّة ، رغبةً عنها ، فقد كفر ، فكذا يقال بمثله . وثانيهما : إجماع أهل الإسلام قاطبة ، واتِّفاقهم على مَرِّ الأعصار والأعوام على خروج المهديِّ المنتظر ( عليه السلام ) ، حتى عُدَّ ذلك من ضروريات الدين ، وهو اتفاق قطعي منهم ، لا يشوبه شك ، ولا يعتريه ريب . اللهم إلا من شَذَّ ، مِمَّن لا يُعتدُّ بخلافه ، ولايلتفت إليه ، ولا تكون مخالفته قادحة في حُجِّيَّة الإجماع . مضافاً إلى تواتر أحاديث الإمام المهدي ( عليه السلام ) تواتراً قطعيّاً . وظاهر أنَّ من أنكر المتواتر من أُمور الشرع والغيب بعد ما ثبت عنده ثبوتاً يقينيّاً فإنّه كافر ، لردِّه ما قُطع بصـدوره ، وتحقَّقَ ثبوته عـنه ( صلى الله عليه وآله ) . ولا شُبهَة في كفر من ارتكب ذلك بإجماع المسلمين ، لأنّ الرادَّ عليه ( صلى الله عليه وآله ) كالرادُّ على الله تعالى ، والرادُّ على الله كافر باتِّفاق أهل المِلَّة ، وإجماع أهل القبلة . ودعوى التواتر صحيحة ثابتة ، كما صَرَّح بذلك جمهور أهل العلم من الفريقين . ولا نعلم رادّاً لها إلا بعض مَن امتطى مطيَّة الجهل ، واتَّخذ إلهه هواه ، وكابر الحق ، فكان حقيقاً بالإعراض عنه . ونحن نقتصر في هذا المختصر على نقل كلام جماعة من محقِّقي العلماء في تحقّق التواتر لِتَتَبيَّن جليَّة الحال . قال الآبري في كتاب ( مناقب الشافعي ) : قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رُوَاتها عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بذكر المهدي ، وأنه من أهل بيته ، وأنه يملك سبع سنين ، وأنه يملأ الأرض عدلاً ، وأنَّ عيسى يخرج فيساعده على قتل الدجَّال ، وأنه يَؤمُّ هذه الأمَّة ، ويصلّي عيسى بن مريم خلفه . وقال بن حجر في ( الصواعق ) : الأحاديث التي جاء فيها ذكر ظهور المهدي كثيرة متواترة . وقال السفاريني الحنبلي في ( اللوائح ) : الصواب الذي عليه أهل الحق أن المهدي غير عيسى ، وأنه يخرج قبل نزول عيسى ( عليه السلام ) . وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حدّ التواتر المعنوي ، فلا معنى لإنكارها . وقال الشوكاني في ( التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجَّال والمسيح ) : الأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثاً ، فيها الصحيح ، والحسن ، والضعيف ، والمنجبر . وهي متواترة بلا شكٍّ ولا شبهة ، بل يصدق وصف التواتر على ما هو دونها على جميع الاصطلاحات المحرَّرة في الأصول . وأما الآثار عن الصحابة المصرَّحة بالمهدي فهي كثيرة أيضاً ، لها حكم الرفع ، إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك . خلاصة القول : إن إنكار مسألة الإمام المهدي ( عليه السلام ) وإنكار خروجه ، أمر عظيم ، لا ينبغي التفوُّه به ، بل رُبَّما أفضى بصاحبه إلى الكفر والخـروج عن المِلَّة ، والعياذ بالله تعالى . والواجب تلقِّي ما قاله رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالقبول ، والإيمان التام ، والتسليم به . فمتى صحَّ الخبر عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلا يجوز لأحدٍ أن يعارضه برأيه واجتهاده ، بل يجب التسليم ، كما قال الله عزَّ وجلَّ : ( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا ) النساء : 65 . وقد أخبر النبي ( صلى الله عليه وآله ) بهذا الأمـر عن الدجَّال ، وعن الإمام المهدي ( عليه السلام ) ، وعن النبي عيسى بن مريم ( عليهما السلام ) . ووجب تلقِّي ما قاله ( صلى الله عليه وآله ) بالقبول والإيمان ، والحذر من تحكيم الرأي ، والتقليد الأعمى ، الذي يضرُّ صاحبه ولا ينفعه ، لا في الدنيا ولا في الآخرة . ولا يسع المجال هنا لاستقصاء كلام الأئمّة ( عليهم السلام ) والعلماء في تواتر أحاديث المهدي المنتظر ( عليه السلام ) ، والتحذير من إنكار شأنه ، لكنَّ ما ذكرناه فيه كفاية إن شاء الله تعالى ، والله الهادي إلى سواء السبيل . |
الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام الساعة الآن: 02:27 PM. بحسب توقيت النجف الأشرف |
Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025