منتديات أنا شيعـي العالمية

منتديات أنا شيعـي العالمية (https://www.shiaali.net/vb/index.php)
-   منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام (https://www.shiaali.net/vb/forumdisplay.php?f=63)
-   -   من خطبه (ع) الخطبة العجيبة (الغراء) 2- الوصية بالتقوى (https://www.shiaali.net/vb/showthread.php?t=40388)

Dr.Zahra 27-09-2009 07:12 PM

خطبة الإمام علي ( عليه السلام ) المعروفة بالغراء
 
خطبة الإمام علي ( عليه السلام ) المعروفة بالغراء

http://img.tebyan.net/big/1387/06/18...5249761837.jpg

قال ( عليه السلام ) : ( الْحَمْدُ للهِ الَّذِي عَلاَ بِحَوْلِهِ ، ودَنَا بِطَوْلِهِ ، مَانِحِ كُلِّ غَنِيمَةٍ وَفَضْلٍ ، وَكَاشِفِ كُلِّ عَظِيمَةٍ وَأَزْلٍ ، أَحْمَدُهُ عَلَى عَوَاطِفِ كَرَمِهِ ، وَسَوَابِغِ نِعَمِهِ ، وَأُومِنُ بهَ أَوَّلاً بَادِياً ، وَأَسْتَهْدِيهِ قَرِيباً هَادِياً ، وَأَسْتَعِينُهُ قَاهِراً قَادِراً ، وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ كَافِياً نَاصِراً .
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً ( صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ) عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، أَرْسَلَهُ لإِنْفَاذِ أَمْرِهِ ، وَإِنْهَاءِ عُذْرِهِ وَتَقْدِيمِ نُذُرِهِ .
أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللهِ بِتَقْوَى اللهِ الَّذِي ضَرَبَ الْْأَمْثَالَ ، وَوَقَّتَ لَكُمُ الْآجَالَ ، وَأَلْبَسَكُمُ الرِّيَاشَ ، وَأَرْفَغَ لَكُمُ المَعَاشَ ، وَأَحَاطَ بِكُمُ الْإِحْصَاءَ ، وَأَرْصَدَ لَكُمُ الْجَزَاءَ ، وَآثَرَكُمْ بِالنِّعَمِ السَّوَابغِ ، وَالرِّفَدِ الرَّوافِغ ، وَأَنْذَرَكُمْ بِالْحُجَجِ الْبَوَالِغِ ، فَأَحْصَاكُمْ عَدَداً ، ووَظَّفَ لَكُمْ مُدَداً ، فِي قَرَارِ خِبْرَةٍ ، وَدَارِ عِبْرَةٍ ، أَنْتُمْ مُخْتَبَرُونَ فِيهَا ، وَمُحَاسِبُونَ عَلَيْهَا .
فَإِنَّ الدُّنْيَا رَنِقٌ مَشْرَبُهَا ، رَدِغٌ مَشْرَعُهَا ، يُونِقُ مَنْظَرُهَا ، وَيُوبِقُ مَخْبَرُهَا ، غُرُورٌ حَائِلٌ ، وَضَوْءٌ آفِلٌ ، وَظِلٌّ زائِلٌ ، وَسِنَادٌ مَائِلٌ ، حَتَّى إِذَا أَنِسَ نَافِرُهَا ، وَاطْمَأَنَّ نَاكِرُهَا ، قَمَصَتْ بِأَرْجُلِهَا ، وَقَنَصَتْ بِأَحْبُلِهَا ، وَأَقْصَدَتْ بِأَسْهُمِهَا ، وَأَعْلَقَتِ الْمَرْءَ أَوْهَاقَ الْمَنِيَّةِ قَائِدَةً لَهُ إِلى ضَنْكَ الْمَضْجَعِ ، وَوَحْشَةِ الْمَرْجِعِ ، ومُعَايَنَةِ الْمَحَلِّ ، وَثَوَابِ الْعَمَلِ ، وَكَذلِكَ الْخَلَفُ بِعَقْبِ السَّلَفِ ، لاَ تُقْلِعُ الْمَنِيَّةُ اخْتِرَاماً ، وَلاَ يَرْعَوِي الْبَاقُونَ اجْتِرَاماً ، يَحْتَذُون مِثَالاً ، وَيَمْضُونَ أَرْسَالاً ، إِلَى غَايَةِ الْإِنْتِهَاءِ ، وَصَيُّورِ الْفَنَاءِ .
حَتَّى إِذَا تَصَرَّمَتِ الْأُمُورُ ، وَتَقَضَّتِ الدُّهُورُ ، وَأَزِفَ النُّشُورُ ، أَخْرَجَهُمْ مِنْ ضَرَائِحِ الْقُبُورِ ، وَأَوْكَارِ الطُّيُورِ ، وَأَوْجِرَةِ السِّبَاعِ ، وَمَطَارِحِ الْمَهَالِكِ ، سِرَاعاً إِلَى أَمْرِهِ ، مُهْطِعِينَ إِلَى مَعَادِهِ ، رَعِيلاً صُمُوتاً ، قِيَاماً صُفُوفاً ، يَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ ، وَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي ، عَلَيْهِمْ لَبُوسُ الْإِسْتِكانَةِ ، وَضَرَعُ الْإِسْتِسْلاَمِ وَالذِّلَّةِ ، قَدْ ضَلَّتِ الْحِيَلُ ، وانْقَطَعَ الْْأَمَلُ ، وَهَوَتِ الْْأَفْئِدَةُ كَاظِمَةً ، وَخَشَعَتِ الْْأَصْوَاتُ مُهَيْنِمَةً ، وَأَلْجَمَ الْعَرَقُ ، وَعَظُمَ الشَّفَقُ ، وَأُرْعِدَتِ الْْأَسْمَاعُ لِزَبْرَةِ الدَّاعِي إِلَى فَصْلِ الْخِطَابِ ، وَمُقَايَضَةِ الْجَزَاءِ ، وَنَكَالِ الْعِقَابِ ، وَنَوَالِ الثَّوَابِ .
عِبَادٌ مَخْلُوقُونَ اقْتِدَاراً ، وَمَرْبُوبُونَ اقْتِسَاراً ، وَمَقْبُوضُونَ احْتِضَاراً ، وَمُضَمَّنُونَ أَجْدَاثاً ، وَكَائِنُونَ رُفَاتاً ، وَمَبْعُوثُونَ أَفْرَاداً ، وَمَدِينُونَ جَزَاءً ، وَمُمَيَّزُونَ حِسَاباً ; قَدْ أُمْهِلُوا في طَلَبِ الْمَخْرَجِ ، وَهُدُوا سَبِيلَ الْمَنْهَجِ ، وَعُمِّرُوا مَهَلَ الْمُسْتَعْتِبِ ، وَكُشِفَتْ عَنْهُمْ سُدَفُ الرِّيَبِ ، وَخُلُّوا لمِضْماَرِ الْجِيَادِ ، وَرَوِيَّةِ الْإِرْتِيَادِ ، وَأَنَاةِ الْمُقْتَبِسِ الْمُرْتَادِ ، فِي مُدَّةِ الْْأَجَلِ ، وَمُضْطَرَبِ الْمَهَلِ .
فَيَالَهَا أَمْثَالاً صَائِبَةً ، وَمَوَاعِظَ شَافِيَةً ، لَوْ صَادَفَتْ قُلُوباً زاكِيَةً ، وَأَسْمَاعاً وَاعِيَةً ، وَآرَاءً عَازِمَةً ، وَأَلْبَاباً حَازِمَةً !
َاتَّقُوا اللهَ تَقِيَّةَ مَنْ سَمِعَ فَخَشَعَ ، وَاقْتَرَفَ فَاعْتَرَفَ ، وَوَجِلَ فَعَمِلَ ، وَحَاذَرَ فَبَادَرَ ، وَأَيْقَنَ فَأَحْسَنَ ، وَعُبِّرَ فَاعْتَبَرَ ، وَحُذِّرَ فَحَذِرَ ، وَزُجِرَ فَازْدَجَرَ ، وَأَجَابَ فأَنَابَ ، وَرَاجَعَ فَتَابَ ، وَاقْتَدَى فَاحْتَذَى ، وَأُرِيَ فَرَأَى ، فَأَسْرَعَ طَالِباً ، وَنَجَا هَارِباً ، فَأَفَادَ ذَخِيرَةً ، وَأَطَابَ سَرِيرَةً ، وَعَمَّرَ مَعَاداً ، وَاسْتَظْهَرَ زَاداً لِيَوْمِ رَحِيلِهِ وَوَجْهِ سَبِيلِهِ ، وَحَالِ حَاجَتِهِ ، وَمَوْطِنِ فَاقَتِهِ ، وَقَدَّمَ أَمَامَهُ لِدَارِ مُقَامِهِ .

فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ جِهَةَ مَا خَلَقَكُمْ لَهُ ، وَاحْذَرُوا مِنْهُ كُنْهَ مَا حَذَّرَكُمْ مِنْ نَفْسِهِ ، وَاسْتَحِقُّوا مِنْهُ مَا أَعَدَّ لَكُمْ بِالتَّنَجُّزِ لِصِدْقِ مِيعَادِهِ ، وَالْحَذَرِ مِنْ هَوْلِ مَعَادِهِ .

جَعَلَ لَكُمْ أسْمَاعاً لِتَعِيَ مَا عَنَاهَا ، وَأَبْصَاراً لِتَجْلُوَ عَنْ عَشَاهَا ، وَأَشْلاَءً جَامِعَةً لِأَعْضَائِهَا ، مُلاَئِمَةً لِأَحْنَائِهَا في تَرْكِيبِ صُوَرِهَا ، وَمُدَدِ عُمُرِهَا ، بِأَبْدَانٍ قَائِمَةٍ بِأَرْفَاقِهَا ، وَقُلُوبٍ رائِدَةٍ لاَِرْزَاقِهَا ، فِي مُجَلِّلاَتِ نِعَمِهِ ، وَمُوجِبَاتِ مِنَنِهِ ، وَحَوَاجِزِ عَافِيَتِهِ .
وَقَدَّرَ لَكُمْ أَعْمَاراً سَتَرَهَا عَنْكُمْ ، وَخَلَّفَ لَكُمْ عِبَراً مِنْ آثَارِ الْمَاضِينَ قَبْلَكُمْ ، مِنْ مُسْتَمْتَعِ خَلاَقِهِمْ ، وَمُسْتَفْسَحِ خَنَاقِهِمْ .
أَرْهَقَتْهُمُ الْمَنَايَا دُونَ الْآمَالِ ، وَشَذَّبَهمْ عَنْهَا تَخَرُّمُ الْآجَالِ ، لَمْ يَمْهَدُوا فِي سَلاَمَةِ الْْأَبْدَانِ ، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا فِي أُنُفِ الْْأَوَانِ .
فَهَلْ يَنْتَظِرُ أَهْلُ بَضَاضَةِ الشَّبَابِ إِلاَّ حَوَانِيَ الْهَرَمِ ؟ وَأَهْلُ غَضَارَةِ الصِّحَّةِ إِلاَّ نَوَازِلَ السَّقَمِ ؟ وَأَهْلُ مُدَّةِ الْبَقَاءِ إِلاَّ آوِنَةَ الْفَنَاءِ ؟ مَعَ قُرْبِ الزِّيَالِ ، وَأُزُوفِ الْإِنتِقَالِ ، وَعَلَزِ الْقَلَقِ ، وَأَلَمِ الْمَضَضِ ، وَغُصَصِ الْجَرَضِ ، وَتَلَفُّتِ الْإِسْتِغَاثَةِ بِنُصْرَةِ الْحَفَدَةِ وَالْْأَقْرِبَاءِ ، وَالْْأَعِزَّةِ وَالْقُرَنَاء ِ!
http://img.tebyan.net/big/1387/06/20...4119131130.jpg
فَهَلْ دَفَعَتِ الْْأَقَارَبُ ، أَوْ نَفَعَتِ النَّوَاحِبُ ؟ وَقَدْ غُودِرَ فِي مَحَلَّةِ الْْأَمُوَاتِ رَهِيناً ، وَفِي ضِيقِ الْمَضْجَعِ وَحِيداً ، قَدْ هَتَكَتِ الْهَوَامُّ جِلْدَتَهُ ، وَأَبْلَتِ النَّوَاهِكُ جِدَّتَهُ ، وَعَفَتِ الْعَوَاصِفُ آثَارَهُ ، وَمَحَا الْحَدَثَانُ مَعَالِمَهُ ، وَصَارَتِ الْْأَجْسَادُ شَحِبَةً بَعْدَ بَضَّتِهَا ، وَالْعِظَامُ نَخِرَةً بَعْدَ قُوَّتِهَا ، وَالْْأَرْوَاحُ مُرْتَهَنَةً بِثِقَلِ أَعْبَائِهَا مُوقِنَةً بَغَيْبِ أَنْبَائِهَا ، لاَ تُسْتَزَادُ مِنْ صَالِحِ عَمَلِهَا ، وَلاَ تُسْتَعْتَبُ مِنْ سَيِّىءِ زَلَلِهَا !
أَوَ لَسْتُمْ أَبْنَاءَ الْقَوْمِ وَالْآبَاءَ ، وَإِخْوَانَهُمْ وَالْْأَقْرِبَاءَ ؟ تَحْتَذُونَ أَمْثِلَتَهُمْ ، وَتَرْكَبُونَ قِدَّتَهُمْ ، وَتَطَؤُونَ جَادَّتَهُمْ ؟! فَالْقُلُوبُ قَاسِيَةٌ عَنْ حَظِّهَا ، لاَهِيَةٌ عَنْ رُشْدِهَا ، سَالِكَةٌ في غَيْرِ مِضْمارِهَا ! كَأَنَّ الْمَعْنِيَّ سِوَاهَا ، وَكَأَنَّ الرُّشْدَ في إحْرَازِ دُنْيَاهَا .
وَاعْلَمُوا أَنَّ مَجَازَكُمْ عَلَى الصِّراطِ وَمَزَالِقِ دَحْضِهِ ، وَأَهَاوِيلِ زَلَلِهِ ، وَتَارَاتِ أَهْوَالِهِ ; فَاتَّقُوا اللهَ تَقِيَّةَ ذِي لُبٍّ شَغَلَ التَّفَكُّرُ قَلْبَهُ ، وَأَنْصَبَ الْخَوْفُ بَدَنَهُ ، وَأَسْهَرَ التَّهَجُّدُ غِرَارَ نَوْمِهِ ، وَأَظْمَأَ الرَّجَاءُ هَوَاجِرَ يَوْمِهِ ، وَظَلَفَ الزُّهْدُ شَهَوَاتِه ، وَأَوْجَفَ الذِّكْرُ بِلِسَانِهِ ، وَقَدَّمَ الْخَوْفَ لِأَمَانِهِ ، وَتَنَكَّبَ الَْمخَالِجَ عَنْ وَضَحِ السَّبِيلِ ، وَسَلَكَ أَقْصَدَ المَسَالِكَ إِلَى النَّهْجِ الْمَطْلُوبِ ; وَلَمْ تَفْتِلْهُ فَاتِلاَتُ الْغُرُورِ ، وَلَمْ تَعْمَ عَلَيْهِ مُشْتَبِهَاتُ الْْأُمُورِ ، ظَافِراً بِفَرْحَةِ الْبُشْرَى ، وَرَاحَةِ النُّعْمَى ، في أَنْعَمِ نَوْمِهِ ، وَآمَنِ يَوْمِهِ .
قَدْ عَبَرَ مَعْبَرَ الْعَاجِلَةِ حَمِيداً ، وَقَدَّمَ زَادَ الْآجِلَةِ سَعِيداً ، وَبَادَرَ مِنْ وَجَلٍ ، وَأَكْمَشَ فِي مَهَلٍ ، وَرَغِبَ فِي طَلَبٍ ، وَذَهَبَ عَنْ هَرَبٍ ، وَرَاقَبَ فِي يَوْمِهِ غَدَهُ ، وَنَظَرَ قُدُماً أَمَامَهُ .
فَكَفَى بِالْجَنَّةِ ثَوَاباً وَنَوَالاً ، وَكَفى بَالنَّارِ عِقَاباً وَوَبَالاً ! وَكَفَى بِاللهِ مُنْتَقِماً وَنَصِيراً ! وَكَفَى بِالكِتَابِ حَجيجاً وَخَصِيماً !
أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ الَّذِي أَعْذَرَ بِمَا أَنْذَرَ ، وَاحْتَجَّ بِمَا نَهَجَ ، وَحَذَّرَكُمْ عَدُوّاً نَفَذَ فِي الصُّدُورِ خَفِيّاً ، وَنَفَثَ فِي الْآذَانِ نَجِيّاً ، فَأَضَلَّ وَأَرْدَى ، وَوَعَدَ فَمَنَّى ، وَزَيَّنَ سَيِّئَاتِ الْجَرَائِمِ ، وَهَوَّنَ مُوبِقَاتِ الْعَظَائمِ ، حَتَّى إِذَا اسْتَدْرَجَ قَرِينَتَهُ ، وَاستَغْلَقَ رَهِينَتَهُ ، أَنْكَرَ مَا زَيَّنَ ، وَاسْتَعْظَمَ مَا هَوَّنَ ، وَحَذَّرَ مَا أَمَّنَ .

أَمْ هذَا الَّذِي أَنْشَأَهُ فِي ظُلُمَاتِ الْْأَرْحَامِ ، وَشُغُفِ الْْأَسْتَارِ ، نُطْفَةً دِهَاقاً ، وَعَلَقَةً مِحَاقاً ، وَجَنِيناً وَرَاضِعاً ، وَوَلِيداً وَيَافِعاً ، ثُمَّ مَنَحَهُ قَلْباً حَافِظاً ، وَلِساناً لْافِظاً ، وَبَصَراً لْاحِظاً ، لِيَفْهَمَ مُعْتَبِراً ، وَيُقَصِّرَ مُزْدَجِراً ; حَتَّى إِذَا قَامَ اعْتِدَالُهُ ، وَاسْتَوَى مِثالُهُ ، نَفَرَ مُسْتَكْبِراً، وَخَبَطَ سَادِراً ، مَاتِحاً فِي غَرْبِ هَوَاهُ ، كَادِحاً سَعْياً لِدُنْيَاهُ ، فِي لَذَّاتِ طَرَبِهِ ، وَبَدَوَاتِ أَرَبِهِ ; لْا يَحْتَسِبُ رَزِيَّةً ، وَلاَ يَخْشَعُ تَقِيَّةً ; فَمَاتَ فِي فِتْنَتِهِ غَرِيراً ، وَعَاشَ فِي هَفْوَتِهِ يَسِيراً ، لَمْ يُفِدْ عِوَضاً ، وَلَمْ يَقْضِ مُفْتَرَضاً .
دَهِمَتْهُ فَجَعَاتُ الْمَنِيَّةِ فِي غُبَّرِ جِمَاحِهِ ، وَسَنَنِ مِرَاحِهِ ، فَظَلَّ سَادِراً ، وَبَاتَ سَاهِراً فِي غَمَرَاتِ الْآلَامِ ، وَطَوَارِقِ الْْأَوْجَاعِ والْْأَسْقَامِ ، بَيْنَ أَخٍ شَقِيقٍ ، وَوَالِدٍ شَفِيقٍ ، وَدَاعِيَةٍ بِالْوَيْلِ جَزَعاً ، وَلَادِمَةٍ لِلصَّدْرِ قَلَقاً ، وَالْمَرءُ فِي سَكْرَةٍ مُلْهِثَةٍ ، وَغَمْرَةٍ كَارِثَةٍ ، وَأَنَّةٍ مُوجِعَةٍ ، وَجَذْبَةٍ مُكْرِبَةٍ وَسَوْقَةٍ مُتْعِبَةٍ .
ثُمَّ أُدْرِجَ فِي أَكْفَانِهِ مُبْلِساً ، وَجُذِبَ مُنْقَاداً سَلِساً ، ثُمَّ أُلْقِيَ عَلَى الْْأَعَوادِ رَجِيعَ وَصِبٍ ، وَنِضْوَ سَقَمَ ، تَحْمِلُهُ حَفَدَةُ الْوِلْدَانِ ، وَحَشَدَةُ الْإِخْوَانِ ، إِلَى دَارِ غُرْبَتِهِ ، وَمُنْقَطَعِ زَوْرَتِهِ ; وَمُفْرَدِ وَحْشَتِهِ حَتَّى إِذَا انْصَرَفَ الْمُشَيِّعُ ، وَرَجَعَ الْمُتَفَجِّعُ أُقْعِدَ فِي حُفْرَتِهِ نَجِيّاً لِبَهْتَةِ السُّؤَالِ ، وَعَثْرَةِ الْإِمْتِحَانِ .
وَأَعْظَمُ مَا هُنَالِكَ بَلِيَّةً نُزُلُ الْحَمِيم ، وَتَصْلِيَةُ الْجَحِيمِ ، وَفَوْرَاتُ السَّعِيرِ ، وَسَوْراتُ الزَّفِيرِ ، لاَ فَتْرَةٌ مُرِيحَةٌ ، وَلاَ دَعَةٌ مُزِيحَةٌ ، وَلاَ قُوَّةٌ حَاجِزَةٌ ، وَلاَ مَوْتَةٌ نَاجِزَةٌ ، وَلاَ سِنَةٌ مُسَلِّيَةٌ ، بَيْنَ أَطْوَارِ الْمَوْتَاتِ ، وَعَذَابِ السَّاعَاتِ ! إِنَّا بِاللهِ عَائِذُونَ !

عِبَادَ اللهِ ، أَيْنَ الَّذِينَ عُمِّرُوا فَنَعِمُوا ، وَعُلِّمُوا فَفَهِمُوا ، وَأُنْظِرُوا فَلَهَوْا ، وَسُلِّمُوا فَنَسُوا ؟ أُمْهِلُوا طَوِيلاً ، وَمُنِحُوا جَميِلاً ، وَحُذِّرُوا أَلِيماً ، وَوُعِدُوا جَسِيماً ! احْذَرُوا الذُّنُوبَ الْمُوَرِّطَةَ ، وَالْعُيُوبَ الْمُسْخِطَةَ .

أُولِي الْْأَبْصَارِ وَ الْْأَسْمَاع ِ، وَالْعَافِيَةِ وَالْمَتَاعِ ، هَلْ مِنْ مَنَاصٍ أَوْ خَلاَصٍ ، أَوْ مَعَاذٍ أَوْ مَلاَذٍ ، أَوْ فِرَارٍ أَوْ مَحَارٍ ! أَمْ لاَ ؟ ( فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ) ! أَمْ أَيْنَ تُصْرَفُونَ ! أَمْ بِمَاذَا تَغْتَرُّونَ ؟ وَإِنَّمَا حَظُّ أَحَدِكُمْ مِنَ الْْأَرْضِ ، ذَاتِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ ، قِيدُ قَدِّهِ ، مُتَعَفِّراً عَلى خَدِّهِ !
الْآنَ عِبَادَ اللهِ وَالْخِنَاقُ مُهْمَلٌ ، وَالرُّوحُ مُرْسَلٌ ، فِي فَيْنَةِ الْإِرْشَادِ ، وَرَاحَةِ الْْأَجْسَادِ ، وَبَاحَةِ الْْأَحْتِشَادِ ، وَمَهَلِ الْبَقِيَّةِ ، وَأُنُفِ الْمَشِيَّةِ ، وَإِنْظَارِ التَّوْبَةِ ، وَانْفِسَاحِ الْحَوْبَةِ قَبْلَ الضَّنْكِ وَالْمَضِيقِ ، وَالرَّوْعِ وَالزُّهُوقِ ، وَقَبْلَ قُدُومِ الْغَائِبِ المُنتَظَرِ ، وَإِخْذَةِ الْعَزِيزِ الْمُقْتَدِرِ ) .

ربيبة الزهـراء 28-09-2009 04:25 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد

باركً الله بيكٍ ..
عـــزيزتي خادمـة السيـد الفالي
على الخطبـة ..


نسألكم الدعاء

Dr.Zahra 28-09-2009 12:59 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربيبة الزهـراء (المشاركة 940153)
اللهم صل على محمد وآل محمد


باركً الله بيكٍ ..
عـــزيزتي خادمـة السيـد الفالي
على الخطبـة ..



نسألكم الدعاء


http://www.nsaayat.com/up/uploads/nsaayat910ffec24d.gif

بِسْمِ اللهِ الْرَّحْمَنِ الرَّحِيِمِ
الَلَّهٌمَّ صَلَ عَلَىَ مٌحَمَّدْ وَآلِ مُحّمَّدْ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَالْعَنْ أَعْدَائَهُمْ
الْسَّلامٌ عَلَيٌكٌمْ وَرَحْمَةٌ الله وَبَرَكَاتٌهٌ
http://www.nsaayat.com/up/uploads/nsaayat0862671cc4.gif

. شاكره لكم عزيزتي
حياكم الله وبياكم
http://www.nsaayat.com/up/uploads/nsaayat0862671cc4.gif
ودمتم محاطين بالالطاف المهدويه
المقصره:خادمة السيد الفالي

http://www.nsaayat.com/up/uploads/nsaayat910ffec24d.gif

(رقية بنت الحسين) 03-10-2009 10:10 PM

اللهم صل على محمد وال محمد
جزاك الله خير جزاء المحسنين على الطرح الرائع


الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 11:26 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025