منتديات أنا شيعـي العالمية

منتديات أنا شيعـي العالمية (https://www.shiaali.net/vb/index.php)
-   المنتدى الفقهي (https://www.shiaali.net/vb/forumdisplay.php?f=129)
-   -   دروس مختصرة في شرح كتاب الصوم (https://www.shiaali.net/vb/showthread.php?t=152470)

مولى أبي تراب 01-08-2012 04:18 PM

مسألة 983 : في إلحاق المضاف بالماء إشكال ، والأظهر عدم الالحاق .
-----------------------
قلنا الارتماس هو غمس تمام الرأس بالماء ، لكن ما المقصود من الماء ؟ هل مطلق الماء سواء كان مطلقاً أو مضافاً أو خصوص الماء المطلق ؟
توضيح ذلك أن الماء على قسمين :
1. الماء المطلق / وهو الماء الاعتيادي المتعارف من دون إضافة شيء اليه .
2. الماء المضاف / وهو كل سائل لم يكن من الماء العادي كالعصائر مثلاً فتسمى في الفقه ماء مضافاً ، لأنها عبارة عن ماء اعتيادي مع إضافة شيء آخر .
فالسؤال / هل المقصود بالماء هنا مطلق السوائل أم خصوص الماء الاعتيادي المتعارف ؟
الجواب / القدر المتيقن من الارتماس هنا ما لو غمس رأسه بالماء الاعتيادي فقيل بالمفطرية وقيل بالكراهة ، أما لو شمول الحكم – سواء المفطرية او الكراهة – لمطلق السوائل ففيه إشكال وخلاف ، والحاصل يوجد رأيان :
الرأي الأول / الأحوط وجوباً إلحاق بقية المائعات بالماء في حكم الارتماس ذهب الى ذلك جملة من الفقهاء كالشيخ الفياض ، وعليه فلا فرق في المفطرية بين أن يغمس رأسه بالماء او بغيره من المائعات .
الرأي الثاني / عدم الإلحاق واختصاص الحكم بالماء المطلق وهو رأي السيد الخوئي والسيد الصدر والسيد الماتن والسيد الروحاني ، وكذلك الشيخ الخراساني لكن استثنى الجلاب وهو ماء الورد فاحتاط وجوباً فيه بالإلحاق
وعلى هذا الرأي فالمفطرية او الكراهة لا تشمل ما إذا غمس رأسه بغير الماء فلا يبطل صومه وليس فيه كراهة .
مسألة 984 : الأحوط للصائم في شهر رمضان وفي غيره عدم الاغتسال برمس الرأس في الماء وإن كان الأظهر جواز ذلك .
-----------------------------
نعلم أن الاغتسال من الجنابة وغيرها له طريقتان : الغسل الترتيبي والغسل الارتماسي ، ولا إشكال في مشروعية الغسل الترتيبي في نهار الصوم وعدم بطلان الصوم به ، وإنما الكلام في الغسل الارتماسي فإذا استيقظ الصائم في نهار الصوم مجنباً هل يسوغ له الاغتسال بالارتماس ؟ وإذا فعل ما حكم صومه وما حكم اغتساله هل يصحان او يبطلان ؟
فالأسئلة ثلاثة : 1. هل يجوز الاغتسال بالارتماس في نهار الصوم ؟ 2. وإذا ارتمس فما حكم صومه ؟ 3. وما حكم اغتساله ؟
الجواب / بناء على عدم مفطرية الارتماس وأنه مكروه فقط كما هو رأي السيد الماتن فيجوز له الاغتسال بالارتماس وصومه وغسله صحيحان والأحوط استحباباً عدم الاغتسال بالارتماس .
أما بناء على مفطرية الارتماس فلا يسوغ له الاغتسال ارتماساً لأنه من الارتماس المفطر ، وإذا فعل واغتسل بالارتماس ففي المسألة صور في بعضها خلاف قال السيد الخوئي ( إذا ارتمس الصائم عمدا ناويا للاغتسال ، فإن كان ناسيا لصومه صح صومه ، وغسله ، وأما إذا كان ذاكرا فإن كان في شهر رمضان بطل غسله وصومه وكذلك الحكم في قضاء شهر رمضان بعد الزوال على الأحوط ، وأما في الواجب المعين غير شهر رمضان فيبطل صومه بنية الارتماس والظاهر صحة غسله إلا أن الاحتياط لا ينبغي تركه ، وأما في غير ذلك من الصوم الواجب أو المستحب فلا ينبغي الاشكال في صحة غسله وإن بطل صومه ) منهاج الصالحين ج1 مسألة 984 ، وقريب منه رأي باقي الفقهاء القائلين بمفطرية الارتماس مع اختلافات بسيطة في حكم غير صوم رمضان .

مولى أبي تراب 02-08-2012 10:50 PM

السادس : تعمد ادخال الغبار أو الدخان الغليظين في الحلق على الأحوط وجوبا ، ولا بأس بغير الغليظ منهما ، وكذا بما يتعسر التحرز عنه عادة كالغبار المتصاعد بإثارة الهواء .
-------------------------
المفطر السادس إدخال الغبار والدخان في الحلق ، وتوضيح الكلام في أمور ثلاثة :
الأمر الأول / في مفطرية الغبار الغليظ
والقول بمفطريته هو المعروف فتوى او احتياطاً وجوبياً ، ويقصد من الغبار الغليظ ما له أجزاء صلبة ظاهرة للعيان على شكل حبيبات ونحوها وان صغرت كغبار التراب والطحين ونشارة الخشب ، فمن تعمد ابتلاعها فسد صومه ، ومحل الكلام ما إذا لم يبلغ الغبار من الغلظة حداً يصدق عليه أكل التراب أو الطحين وإلا فهو مفطر بلا إشكال لصدق الأكل عليه .
الأمر الثاني / في مفطرية الغبار غير الغليظ
ألحق السيد الخوئي والسيد الصدر والشيخ وحيد الخراساني الغبار غير الغليظ بالغليظ على الأحوط وجوباً ، خلافاً لغيرهم من الفقهاء كالسيد الماتن وغيره فذهبوا الى عدم مفطرية غير الغليظ ، وهو ما لا يشتمل على أجزاء ظاهرة للعيان .
الأمر الثالث / في لحوق الدخان بالغبار في المفطرية
والقول بإلحاقه بالغبار في المفطرية على الأحوط وجوباً هو المعروف خلافاً للسيد الصدر فجعل الإلحاق أحوط استحباباً .
إذا عرفت ذلك فههنا أمور :
1. تختص المفطرية بتعمد الابتلاع دون النسيان أو الغفلة أو القهر أو تعسر التحرز أو تخيل عدم الوصول ، الا اذا أصبح في فمه طيناً مثلاً فابتلعه متعمداً .
2. لا فرق بين ما إذا كان إيصاله إلى الحلق عن طريق الفم أم عن طريق الأنف ، أما إذا دخل الغبار إلى الأنف أو الفم ولم يبتلعه فصومه صحيح .
3. لا فرق بين كونه غباراً يحل ابتلاعه كدقيق الحنطة ونحوه ، أو كان يحرم ابتلاعه كالتراب ونحوه .
4. لا فرق في المفطرية سواء أثاره هو بنفسه بكنس ونحوه أو أثاره غيره ، بل كذا الغبار الذي تثيره الريح ويقدر على التحفظ ولا يتحفظ منه فيصل إلى الحلق .

مولى أبي تراب 02-08-2012 10:52 PM

السابع : تعمد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر ، والأظهر اختصاص ذلك بشهر رمضان وقضائه ، أما غيرهما من الصوم الواجب أو المندوب فلا يقدح فيه ذلك .
-------------------------
من المفطرات تعمد البقاء على الجنابة الحاصلة بالجماع أو إنزال المني أو الاحتلام وعدم الاغتسال حتى يطلع الفجر الصادق ، ولا خلاف في أصل المفطرية وفساد صوم من بقي على الجنابة متعمداً إجمالاً ، ولكن الخلاف وقع في شمول هذه المفطرية لكل أنواع الصوم او اختصاصها ببعض الأنواع ، والمتفق عليه بطلان صوم شهر رمضان بتعمد البقاء على الجنابة ، ووقع الخلاف فيما عداه من الصوم الواجب والصوم المندوب ، والمعروف بين أغلب فقهائنا اليوم هو بطلان صوم رمضان وقضائه بتعمد البقاء على الجنابة وعدم بطلان المندوب بذلك ، أما الصوم الواجب غير رمضان وقضائه كصوم الكفارة والنذر فالمعروف عدم البطلان فيه خلافاً للسيد محمد سعيد الحكيم الذي حكم بالبطلان فيه أيضاً ، واستشكل فيه السيد الصدر .
**********
مسألة 985 : الأقوى عدم البطلان بالاصباح جنبا لا عن عمد في صوم رمضان وغيره من الصوم الواجب حتى قضاء رمضان وإن تضيق وقته على الأظهر ، وإن كان لا ينبغي ترك الاحتياط فيه .
-----------------------
كان الكلام في من أجنب قبل الفجر والتفت الى ذلك ولم يغتسل حتى طلع الفجر فمع التعمد يبطل صومه في خصوص صوم رمضان وقضائه ، والكلام في هذه المسألة في حكم من طلع عليه الفجر مجنباً من غير تعمد كالجاهل بالجنابة وكمن نام ليلاً بعد الجنابة ناوياً للغسل واثقاً من الاستيقاظ قبل الفجر وكمن نام طاهراً فاستيقظ صباحاً مجنباً بالاحتلام فهل يضر هذا بصومه ؟
لا خلاف في عدم بطلان الصوم بذلك بجميع أنواعه سواء صوم رمضان او غيره من الصوم الواجب والمندوب الا قضاء شهر رمضان فقد اختلف فيه الفقهاء والمعروف بطلانه بذلك فمن طلع عليه الفجر في صوم القضاء وهو مجنب بطل صوم ذلك اليوم وإن لم يكن عامداً حتى القضاء المضيق وعلى هذا أغلب الفقهاء كالسيد الخوئي والسيد الروحاني والشيخ الفياض والشيخ وحيد الخراساني ، وخالف في ذلك السيد الماتن والسيد الصدر فحكما بصحة القضاء أيضاً كباقي الأنواع الا على نحو الاحتياط الاستحبابي لذا قال الماتن : ( وإن كان لا ينبغي ترك الاحتياط فيه ) وهو احتياط استحبابي .
والمقصود من تضيّق وقت القضاء أنه لو أفطر لما بقيت عنده فرصة أخرى للقضاء كمن عليه قضاء يوم من رمضان السابق ولم يقضه حتى آخر يوم من شعبان قبل رمضان التالي .
ثم إن إطلاق المسألة يشمل ناسي الجنابة حتى طلع عليه الفجر فإنه غير عامد ، لكن سيأتي في المسألة (988) أن حكم الناسي حكم العامد فالناسي غير مشمول بحكم هذه المسألة وإن لم يكن عامداً .
خلاصة المسألة وما قبلها /
إذا أجنب ليلاً ولم يغتسل حتى طلع الفجر فإن كان متعمداً بطل صوم رمضان وقضائه بلا خلاف ولم يبطل الصوم المندوب بلا خلاف ولم تبطل باقي أنواع الصوم الواجب غير رمضان وقضائه عند أكثر الفقهاء .
وإن لم يكن متعمداً - في غير الناسي - لم يبطل الصوم بجميع أنواعه بلا خلاف الا قضاء صوم رمضان فالأكثر على بطلانه خلافاً للسيد السيستاني والسيد الصدر فحكما بالبطلان أيضاً .
بناء على ما تقدم من أصبح مجنباً بالاحتلام في شهر رمضان فصومه صحيح ، أما في قضاء شهر رمضان فالمعروف البطلان خلافاً للسيد السيستاني والسيد الصدر .

مولى أبي تراب 02-08-2012 10:54 PM

مسألة 986 : لا يبطل الصوم واجبا أو مندوبا ، معينا أو غيره بالاحتلام في أثناء النهار ، كما لا يبطل بالبقاء على حدث مس الميت عمدا حتى يطلع الفجر .
-------------------------
ذكر الماتن في هذه المسألة حكمين ، وكلاهما محل اتفاق ولا خلاف فيهما :
الحكم الأول / من احتلم أثناء نهار الصوم بأن أجنب أثناء نومه في نهار الصوم فصومه صحيح أياً كان نوع الصوم سواء كان صوم رمضان او قضائه او غيرهما من الصوم الواجب او الصوم المندوب لأن المبطل للصوم هو تعمد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر والمحتلم أثناء النهار أولاً ليس متعمداً وثانياً جنابته حدثت بعد الفجر وقد طلع عليه الفجر طاهراً غير مجنب
وإذا احتلم في نهار الصوم فلا تجب عليه المبادرة الى الاغتسال فصومه صحيح وإن بقي من دون اغتسال الى آخر النهار وإن كان يحتاج الى الاغتسال من أجل الصلاة ولكن صحة الصوم لا تتوقف على ذلك ولا يضرها البقاء مجنباً وسيأتي في المسألة (995) إن شاء الله .
الحكم الثاني / لا يضر في صحة الصوم تعمد البقاء على حدث مس الميت حتى يطلع الفجر وإن كان يحتاج الى الاغتسال كالجنابة لكن لا يعني ذلك اتحادهما حكماً بعد اختصاص دليل البطلان وهي الروايات بتعمد البقاء على الجنابة ، فمن مس ميتاً ليلاً بعد بُرده ولم يغتسل حتى طلع الفجر فصومه صحيح ، وكذا من مس ميتاً في نهار الصوم فصومه صحيح ولا يضر ذلك به وإن كان متعمداً أياً كان نوع الصوم ، ولا خلاف في ذلك .
*******
مسألة 987 : إذا أجنب عمدا ليلا في وقت لا يسع الغسل ولا التيمم ملتفتا إلى ذلك فهو من تعمد البقاء على الجنابة ، نعم إذا تمكن من التيمم وجب عليه التيمم والصوم ، والأحوط استحبابا قضاؤه ، وإن ترك التيمم وجب عليه القضاء والكفارة .
---------------------
قلنا من المفطرات لصوم رمضان وقضائه تعمد البقاء على الجنابة فمن كان مجنباً وأراد صوم يوم غد بنية رمضان أو قضائه فعليه الاغتسال من جنابته حتى يصح صومه ، فإن كان الوقت لا يسع الغسل والفجر قد تضيّق وجب عليه التيمم ويصح صومه ، لأنه بالتييم قد تطهّر ورفع الجنابة فلا يصدق عليه أنه مجنب عند طلوع الفجر حتى يبطل صومه ، لكن هذا التيمم فقط لتصحيح الصوم وعليه الاغتسال لأجل الصلاة ويأتي إن شاء الله تعالى تفصيل أكثر في المسألة (989)
وإذا علم أن الوقت لا يسع الغسل ولا التيمم ومع ذلك أجنب نفسه بالجماع او غيره فهو ممن تعمد البقاء على الجنابة ، أما إذا كان يتصور سعة الوقت فأجنب ثم بان ضيقه فلم يدرك الاغتسال ولا التيمم فطلع عليه الفجر مجنباً فليس عليه شيء وصومه صحيح كما سيأتي في المسألة (990) إن شاء الله تعالى
ثم إنه إذا لم يسع الوقت للاغتسال لكنه كان يسع التيمم فلم يتيمم فهو ممن تعمد البقاء على الجنابة أيضاً ، وفي كلا الصورتين أي ما إذا أجنب عالماً بأن الوقت لا يسع للغسل ولا التيمم وما إذا كان يسع التيمم ولم يتييم عمداً يجب عليه القضاء والكفارة في صوم رمضان ، وإن كان الصوم قضاءً بطل وعوّضه بيوم آخر
قوله : ( والأحوط استحبابا قضاؤه ) إشارة الى رأي بعض الفقهاء كالعلامة وصاحب المدارك حيث ذهبا الى عدم بدلية التيمم عن الغسل هنا في الصوم فمن لم يسع وقته للغسل بطل صومه ولا يكفي في صحته التيمم ، ولكن هذا الرأي خلاف المعروف من إطلاق بدلية التيمم للغسل حتى في الصوم ، مع ذلك احتاط الماتن استحباباً لأجل هذا الرأي تفصياً من الخلاف في المسألة .

الحوزويه الصغيره 03-08-2012 06:32 AM

اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم

استاذي / مولى أبي تراب و موسوي البحراني ..
أحسنتما جزاكما الله خيرا على التعليق و الإفادة بما لديكما .


اقتباس:

وإن لم يكن متعمداً - في غير الناسي - لم يبطل الصوم بجميع أنواعه بلا خلاف الا قضاء صوم رمضان فالأكثر على بطلانه خلافاً للسيد السيستاني والسيد الصدر فحكما بالبطلان أيضاً .

معذرة شيخنا , قصدك السيد السيستاني والسيد الصدر حكما بعدم البطلان أي بصحة القضاء كما ذكرت في بداية المشاركة ..


مولى أبي تراب 03-08-2012 11:39 AM

اقتباس:

معذرة شيخنا , قصدك السيد السيستاني والسيد الصدر حكما بعدم البطلان أي بصحة القضاء كما ذكرت في بداية المشاركة ..
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِيْنَ
---------------
أحسنتم جزاكم الله خيراً للتنبيه ، نعم الأمر كما ذكرتم والعبارة المقصودة
فحكما بعدم البطلان أيضاً
أشكر الله أن منّ عليّ بقارئة ذي فطنة تتصيّد عثراتي وتكون سبباً لتصحيحها
جزيتم الخير كله أيتها الفاضلة وعذراً لهذا السهو
وفقكم الله تعالى وزاد في نباهتكم

مولى أبي تراب 04-08-2012 12:42 PM

مسألة 988 : إذا نسي غسل الجنابة ليلا حتى مضى يوم أو أيام من شهر رمضان وجب عليه القضاء ، دون غيره من الواجب المعين وغيره ، وإن كان أحوط استحبابا ، والأقوى عدم إلحاق غسل الحيض والنفاس إذا نسيته المرأة بالجنابة ، وإن كان الالحاق أحوط استحبابا .
--------------------------
تقدم حكم العامد في البقاء على الجنابة وأنه يبطل صومه في رمضان وقضائه دون غيرهما على القول المعروف ، كما تقدم حكم غير العامد وأنه يصح صومه ما عدا القضاء على القول المعروف وعلى رأي الماتن والسيد الصدر فصومه صحيح حتى القضاء ، وقلنا غير العامد وإن كان يشمل الناسي لكن ما تقدم من حكم غير العامد في المسألة (985) لا يشمل الناسي وأن حكمه حكم العامد على خلاف ، وتوضيح الكلام في أمرين :
الأمر الأول / في حكم الناسي ، وأنه ملحق بالعامد أو بغير العامد ؟ فمن نسي غسل الجنابة حتى طلع عليه الفجر فهل حكمه حكم من تعمد البقاء على الجنابة فيبطل صومه ؟ أم أن حكمه حكم غير العامد فيصح صومه ؟
الجواب / المعروف بين فقهائنا أن حكمه حكم العامد فيبطل صومه بنسيان غسل الجنابة حتى أنه لو نسي الجنابة أياماً بل الشهر كله وجب قضاء الجميع وهو رأي السيد الماتن والسيد الخوئي وغيرهما ، وخالف في ذلك السيد محمد الصدر فذهب الى أن حكم الناسي حكم غير العامد فمن نسي غسل الجنابة صح صومه وقد وافق في ذلك بعض الفقهاء المتقدمين كالمحقق في الشرائع .
الأمر الثاني / بناء على القول المعروف بمفطرية البقاء على الجنابة نسياناً فهل يختص ذلك بصوم شهر رمضان أم يشمل القضاء أيضاً ؟
الجواب / خلاف ، ذهب السيد الماتن والسيد الخوئي والشيخ الفياض وغيرهم الى اختصاص مفطرية نسيان الجنابة بشهر رمضان دون غيره ، واحتاط الشيخ وحيد الخراساني وغيره وجوباً بشمول المفطرية للقضاء أيضاً .
ولأجل الخلاف في المسألة ذكر السيد الماتن أن الأحوط استحباباً إلحاق غير شهر رمضان به في مفطرية نسيان الجنابة ، وإن كان الصحيح اختصاص الحكم بصوم شهر رمضان وعدم بطلان ما عداه بنسيان الجنابة .
قوله : ( والأقوى عدم إلحاق غسل الحيض والنفاس إذا نسيته المرأة بالجنابة ، وإن كان الالحاق أحوط استحبابا )
سيأتي إن شاء الله في المسألة (991) أن تعمّد البقاء على الحيض والنفاس مبطل للصوم كتعمد البقاء على الجنابة فإذا طهرت المرأة ليلاً من الحيض او النفاس وجب عليها الاغتسال قبل الفجر والا بطل صومها هذا في حال العمد ، وتعرض هنا الى حكم ما لو نسيت الغسل حتى طلع عليها الفجر فهل حكمها حكم من نسي الجنابة فيبطل به صوم شهر رمضان ؟
قال الأقوى عدم الإلحاق فنسيان غسل الحيض والنفاس لا يبطل معه الصوم كما هو الحال في نسيان غسل الجنابة ، وقوله الأقوى فيه إشارة الى وجود المخالف في المسألة لذا احتاط استحباباً بالإلحاق تخلصاً من المخالفة ، والمخالف هو صاحب الجواهر حيث ألحق الحيض والنفاس بالجنابة في مفطّرية نسيان غسلهما لصوم شهر رمضان ، غير أن الحكم بعدم الإلحاق هو المشهور وعليه اتفاق الفقهاء المعاصرين .
خلاصة هذه المسألة /
أن من نسي غسل الجنابة فصومه في رمضان باطل كمن تعمد البقاء عليها دون غيره من أنواع الصوم الأخرى واحتاط بعض الفقهاء في بطلان القضاء أيضاً ، وليس هكذا نسيان غسل الحيض او النفاس فصومها صحيح ولو كان صوم رمضان .

مولى أبي تراب 04-08-2012 12:45 PM

مسألة 989 : إذا كان المجنب لا يتمكن من الغسل لمرض ونحوه وجب عليه التيمم قبل الفجر ، فإن تركه بطل صومه ، وإن تيمم لم يجب عليه أن يبقى مستيقظا إلى أن يطلع الفجر ، وإن كان ذلك أحوط .
-----------------------------
لمّا كان البقاء على الجنابة عمداً مضراً بصوم رمضان وقضائه ، فلا بد من رفع حدث الجنابة والكون على الطهارة قبل طلوع الفجر مقدمة لصحة صومهما ، ولمّا كانت الجنابة من الحدث الأكبر فلا بد في رفعها من الغسل ترتيبياً أو ارتماسياً ، ولكن ماذا لو لم يتمكن من الغسل ، سواء لمرض أو لعدم وجدان الماء ونحو ذلك ؟
والمقصود في هذه المسألة أنه إذا عجز عن الغسل لعذر كالمرض فهل ينتقل الى التييم ؟ وهذه حالة أخرى غير ما تقدم في المسألة (987) من وجوب التيمم إذا أجنب في وقت لا يسع الغسل فهناك كان الحديث عن بدلية التيمم عن الغسل إذا عجز عنه اختياراً بإجناب نفسه في ضيق الوقت ، أما هنا فالحديث عن البدلية إن كان العجز عن الغسل ليس اختيارياً فقول الماتن ( لمرض ونحوه ) أي لم يتمكن من الغسل لعارض خارجي من مرض أو فقد الماء وليس بتعجيز نفسه بالإجناب في ضيق الوقت كما في تلك المسألة
والجواب / ذهب بعض الفقهاء الى أنه معذور حينئذٍ ويصح صومه وإن لم يغتسل ولا يجب عليه التيمم للشك في بدلية التيمم للغسل هنا في الصوم وإنما البدلية ثابتة في الصلاة وهو رأي بعض المتقدمين وقال به السيد محمد سعيد الحكيم حيث حكم بصحة الصوم بدون التيمم وإن كان أحوط استحباباً ، بالمقابل فالرأي المشهور والمعروف هو شمول بدلية التيمم للغسل مطلقاً حتى في الصوم ولا اختصاص لها بالصلاة ونحوها وعليه فيجب على المجنب الذي لم يتمكن من الغسل أن يتيمم حتى يصح صومه فإن ترَك التيمم بطل صومه في رمضان وعليه القضاء والكفارة لأنه من تعمد البقاء على الجنابة كما تقدم في المسألة (987) ، وقد تقدم أن هذا التيمم لتصحيح الصوم فقط فإن تمكن بعد ذلك من الغسل لأجل الصلاة وجب الغسل ، لأن هذا التيمم إما مجرد مبيح للصوم فالمكلف معه مجنب يجوز له الصوم ولكن لا تجوز له الصلاة وإما أن يكون رافعاً للجنابة فهو رفع مؤقت الى حين طلوع الفجر ثم ترجع الجنابة بعد طلوع الفجر فيجب الاغتسال لأجل الصلاة أيضاً ، فعلى كلا القولين في التيمم من كونه رافعاً أو مبيحاً لا بد من الغسل للصلاة مع التمكن منه .
ثم إنه بناء على هذا القول المعروف من وجوب التيمم إذا تيمم فهل يجب عليه أن يبقى مستيقظاً الى حين طلوع الفجر أم يجوز له النوم بعد التيمم وقبل الفجر كما في الغسل ؟
المعروف عدم وجوب ذلك وإن كان أحوط استحباباً لذا قال الماتن ( وإن كان ذلك أحوط ) فهو احتياط استحبابي لأنه مسبوق بفتوى وهي قوله ( لم يجب عليه أن يبقى مستيقظا ) ، خلافاً للسيد الخوئي والشيخ وحيد الخراساني حيث احتاطا وجوباً في البقاء مستيقظاً الى أن يطلع الفجر
ومنشأ الخلاف الاختلاف في أن النوم هل ينقض التيمم بدل الغسل ويبطله أو لا فإن قلنا أنه ينقضه فهذا يعني طلوع الفجر والمكلف مجنب وإن قلنا أنه لا ينقضه فهو متطهر من حدث الجنابة بالتيمم وإن نام ، وكون النوم ناقضاً للتيمم او لا يبنى على كونه رافعاً للجنابة أو مجرد مبيح ومسوغ للصوم مع بقاء أصل الجنابة ، وعلى أساس الاختلاف في هذه المباني أختلف مختار الفقهاء هنا ، وبعبارة واضحة منشأ الخلاف أن التيمم بدل الوضوء ينتقض بكل ما ينتقض به الوضوء كالنوم والبول وهل كذلك التيمم بدل الغسل ؟ أم أنه لا ينتقض بنواقض الوضوء كالغسل نفسه ؟ من اختار جواز النوم وعدم وجوب البقاء مستيقظاً كالماتن يرى أن التيمم بدل الغسل كالغسل نفسه لا ينتقض بما ينتقض به الوضوء كالبول أو النوم أو الريح أو نحو ذلك ، فإذا تيمم الجنب بدلاً عن الغسل ثم بال أو نام ظل تيممه عن الجنابة نافذ المفعول .

مولى أبي تراب 04-08-2012 12:49 PM

مسألة 990 : إذا ظن سعة الوقت فأجنب ، فبان ضيقه حتى عن التيمم فلا شئ عليه وإن كان الأحوط الأولى القضاء مع عدم المراعاة .
-------------------------
تقدمت الإشارة الى هذه المسألة عند شرح المسألة (987) وكان الحديث هناك عمن أجنب نفسه في وقت لا يسع الغسل ولا التيمم فهو ممن تعمد البقاء على الجنابة فعليه القضاء والكفارة
وفي هذه المسألة الكلام عما إذا كان يظن سعة الوقت فأجنب ثم بان ضيقه فلم يدرك الاغتسال ولا التيمم فطلع عليهالفجر مجنباً
ولا خلاف في صحة صومه وليس عليه شيء إذا كان ذلك بعد الفحص ومراعاة الفجر بأن نظر وتفحص وسأل فظن سعة الوقت فأجنب ثم بان خطؤه فلا إشكال في صحة صومه وإن طلع عليه الفجر مجنباً لعدم تعمده ، والمفطرية مختصة بمن تعمد البقاء على الجنابة حتى طلع عليه الفجر لا كل من طلع عليه الفجر مجنباً
أما إذا كان ذلك قبل الفحص ومن دون مراعاة بل بمجرد ظنه سعة الوقت فأجنب من دون أن يتفحص عن الفجر ففي صحة صومه خلاف والمعروف بطلان صومه وعليه القضاء ، وخالف السيد الماتن والسيد محمد صادق الروحاني وظاهر السيد محمد سعيد الحكيم فحكموا بصحة الصوم مطلقاً
ومنشأ الخلاف احتمال صدق العامد على غير المتفحص بتركه الفحص ولذا احتاط وجوباً بالقضاء كثيرٌ من الفقهاء كالسيد الخوئي والسيد الصدر والشيخ الخراساني وغيرهم
هذا كله إذا تبيّن أن الجنابة قبل الفجر ولكن ضاق وقته عن الغسل و التيمم ، أما إذا ظن ضيق الوقت فأجنب ثم بان أن الجنابة وقعت بعد الفجر لا قبله فحينئذٍ يجرى عليه حكم من استعمل المفطر بعد الفجر للظن بعدم طلوعه الذي يأتي التعرض له في الفصل الثالث إن شاء الله تعالى في مسألة (1023) .
والحاصل /
إذا علم ضيق الوقت عن الغسل والتيمم مع ذلك أجنب نفسه فعليه القضاء والكفارة وإن علم أنه يسع للتيمم فقط لم يجز له إجناب نفسه ولو فعل أثم ولكن يجب عليه التيمم ويصح صومه وهذا كله تقدم في المسألة (987)
وإذا ظن سعة الوقت فأجنب فبان الخلاف فلم يتمكن من الغسل ولا التيمم فلا خلاف في صحة صومه مع الفحص ، أما بدونه فالمعروف عدم صحة صومه ووجوب القضاء على الأحوط وجوباً وخالف الماتن فجعل القضاء أحوط استحباباً وهذا حكم هذه المسألة
هذا إذا كان حصول الجنابة قبل الفجر ، أما إذا ظن السعة فأجنب من دون فحص ثم بان أن الجنابة قد حصلت بعد الفجر فعليه القضاء ولو كان مع الفحص صح صومه بلا خلاف وهذا الحكم سيأتي إن شاء الله في المسألة (1023) .

مولى أبي تراب 04-08-2012 01:00 PM

مسألة 991 : حدث الحيض والنفاس كالجنابة في أن تعمد البقاء عليهما مبطل للصوم في رمضان بل ولقضائه على الأحوط دون غيرهما ، وإذا حصل النقاء في وقت لا يسع الغسل ولا التيمم أو لم تعلم بنقائها حتى طلع الفجر صح صومها .
---------------------------
لا إشكال في أن تعمّد البقاء على الجنابة مبطل للصوم ، وهل كذلك تعمّد البقاء على حدث الحيض والنفاس ؟ فإذا حصل النقاء من الحيض والنفاس قبل الفجر في وقت يسع الغسل فهل يجب عليها الاغتسال قبل الفجر ؟ أم أن الصوم صحيح حتى مع تعمد البقاء على حدث الحيض والنفاس وتأخير الغسل عن طلوع الفجر ؟
وعلى تقدير اشتراط صحة الصوم بالغسل من الحيض والنفاس قبل الفجر فهل هذا شرط لصحة كل أنواع الصوم أم يختص بصوم رمضان وقضائه كما هو الحال في تعمد البقاء على الجنابة ، أم بصوم رمضان فقط ؟
فهنا سؤالان :
السؤال الأول / هل أن تعمّد البقاء على حدث الحيض والنفاس مبطل للصوم كتعمّد البقاء على الجنابة ؟
الجواب / المعروف والمشهور بين الفقهاء إلحاق الحائض والنفساء بالجنب في أن تعمّد البقاء على الحدث من دون غسل حتى طلوع الفجر مبطل للصوم كما هو رأي السيد الخوئي والماتن وغيرهما ، وخالف في ذلك السيد الشهيد والسيد محمد الصدر فجعلا الإلحاق أحوط استحباباً ، وفصّل الشيخ الفيّاض فألحق الحائض دون النفساء .
السؤال الثاني / على القول المعروف ببطلان الصوم بتعمد البقاء على حدث الحيض والجنابة هل يختص البطلان بصوم رمضان أم يشمل غيره .
الجواب / المعروف اختصاص البطلان بصوم رمضان دون غيره فيجوز لمن تريد الصوم قضاءً البقاء على حدث الحيض او النفاس حتى يطلع الفجر كما هو رأي السيد الخوئي والشيخ الفياض والشيخ الخراساني ، وعمّم السيد الماتن الحكم بالبطلان الى القضاء أيضاً احتياطاً .
ومنشأ الخلاف في جواب السؤالين وجود رواية تدل على إلحاق الحيض والنفاس بالجنب لكن في سند هذه الرواية كلام بين الفقهاء وعلى أساس ذلك اختلف جوابهم في السؤال الأول فمنهم من وثقها فقال بالإلحاق ومنهم من ضعفها فحكم بالافتراق ، ثم إن الرواية بناء على توثيقها وعند من ارتأى العمل واردة في صوم رمضان فهل يختص الحكم به كما هو موردها أم نتعدى منه الى القضاء أيضاً من هنا اختلف العاملون بها في جواب السؤال الثاني ، فهناك من ادّعى أن كل ما ثبت لصوم رمضان يثبت لقضائه ولأجل هذه الدعوى احتاط الماتن وجوباً بالإلحاق فقال ( بل ولقضائه على الأحوط ) وجوباً .
هذا كله إن حصل النقاء من الحيض او النفاس في وقت يسع الغسل فانعقد الكلام في السؤالين الآنفين ، أما إذا حصل النقاء في وقت لا يسع الغسل لكن يسع التيمم فهل يجب التيمم ؟
الجواب / لم يشِر الماتن ولا غيره الى هذا الفرض لكن على ضوء ما تقدم نستطيع أن نجيب فنقول : يبنى ذلك على القول بوجوب الغسل عليها مع سعة الوقت فمن ألحق الحيض والنفاس بالجنابة فاشترط الغسل منهما في صحة الصوم فإنه يوجب التيمم منهما مع ضيق الوقت بناء على القول المعروف من بدلية التيمم للغسل حتى في الصوم ، ومن لم يوجب الغسل وحكم بصحة صوم الحائض والنفساء مع تعمّد البقاء على الحدث من دون غسل فمن باب أولى ألا يوجب التيمم مع ضيق الوقت عن الغسل .
أما إذا حصل النقاء في وقت لا يسع الغسل ولا التيمم أو حصل في سعة الوقت ولكن لم تعلم به الا في وقت لا يسع للغسل ولا التيمم فلا خلاف في صحة صومها ولا شيء عليها لعدم التعمد .
خلاصة الكلام /
إذا نقت المرأة من الحيض او النفاس قبل الفجر فههنا ثلاث صور :
الصورة الأولى / أن يكون ذلك في وقت يسع الغسل فالأكثر على اشتراط صحة صومها بالغسل فلو تعمدت ترك الغسل بطل صومها وخالف بعضهم كالسيد الصدر ، والمعروف أن اشتراط الصحة بالغسل خاص بصوم رمضان واحتاط الماتن بالقضاء أيضاً .
الصورة الثانية / أن يكون النقاء في وقت لا يسع الغسل لكن يسع التيمم فيجب التيمم عند من ألحق الحيض والنفاس بالجنابة وقال باشتراط صحة الصوم بالغسل ، ولا يجب على الرأي الآخر .
الصورة الثالثة / أن يحصل النقاء او العلم به في وقت لا يسع الغسل ولا التيمم فلا خلاف في أنها تصوم ولا شيء عليها .
هذا كله في حكم تعمد البقاء على حدث الحيض والنفاس ، وقد تقدم حكم نسيانهما وأنه لا يلحق بنسيان الجنابة وأن الصوم معه صحيح بلا خلاف فمن نست الاغتسال من الحيض او النفاس حتى طلع الفجر صح صومها بالاتفاق ، لاحظ مسألة (988) .

مولى أبي تراب 05-08-2012 06:48 AM

مسألة 992 : حكم المرأة في الاستحاضة القليلة حكم الطاهرة وكذا في الاستحاضة المتوسطة على الأظهر ، وأما في الاستحاضة الكثيرة فالمشهور أنه يعتبر في صحة صومها الغسل لصلاة الصبح وكذا للظهرين ولليلة الماضية ، ولكن لا يبعد عدم اعتباره وإن كان أحوط ، بل الأحوط أن تغتسل لصلاة الصبح قبل الفجر ثم تعيده بعده .
-----------------------
تقدم حكم الجنب في العمد والنسيان في بداية التعرض لهذا المفطر السابع وفي المسألة 988 ، كما تقدم حكم الحائض والنفساء في المسألتين 988 و 991
وفي هذه المسألة تعرض الماتن الى حكم صوم المستحاضة ، ونعلم أن الاستحاضة ثلاثة أقسام : قليلة ومتوسطة وكثيرة
والسؤال المطروح أن صوم المستحاضة هل يشترط في صحته أن تؤدي المستحاضة أعمالها التي تتوقف عليها صحة صلاتها ؟ أم أن صومها صحيح ولو من دون تلك الأعمال ؟ فلو أخلت بتلك الأعمال هل يبطل صومها ؟
والمقصود بأعمال المستحاضة : الوضوء لكل صلاة في الاستحاضة القليلة ، والوضوء لكل صلاة مع غسل واحد في اليوم في الاستحاضة المتوسطة ، والغسل لصلاة الصبح والغسل للظهرين والغسل للعشائين في الاستحاضة الكثيرة
فحتى يصح صوم المستحاضة الكثيرة هل يشترط أن تلتزم بالأغسال الثلاثة بحيث لو أخلت بها بطل صومها ؟ أم أن صومها صحيح وإن أخلت بتلك الأغسال ؟
الكلام في الأغسال التي تكون للصلاة دون ما لا يكون لها ، فلو نزل دم الاستحاضة الكثيرة قبل الصلاة فعليها الاغتسال للصلاة والكلام في هذا الغسل فلو لم تأت به وتركته هل يبطل صومها ؟ أما إذا نزل الدم بعد الصلاة فليس عليها أن تغتسل ولا خلاف في أنه ليس شرطاً لصحة صومها كما لو نزل دم الاستحاضة بعد صلاة الفجر فلم تغتسل الى حين أداء الظهرين أو نزل بعد أداء الظهرين فلم تغتسل الا حين إرادة أداء العشائين فلا شيء عليها . كما لاخلاف في عدم اشتراط صحة الصوم بباقي الأعمال غير الغسل كالتبديل والتطهير فصومها صحيح ولو لم تقم بذلك .
وقد تسأل فتقول / لا ثمرة ولا وجه لطرح هذا التساؤل وهذا البحث في هذه المسألة ، لأن المستحاضة لا شك ستلتزم بهذه الأعمال وتأتي بها من أجل تصحيح صلاتها ومعه سيصح صومها جزماً ، لأنه إن كان مشروطاً بها فقد أتت بها وإن لم يكن مشروطاً بها فواضح !
وجوابه / ليس بالضرورة أن تلتزم المستحاضة بهذه الأعمال ، فيمكن أن نفترض تقصيرها في هذا الجانب فينفتح السؤال عن صحة صومها ، كما أن الكلام في صحة الصوم يشتمل على بعض التفاصيل فقد لا يصح الصوم حتى مع التزامها لهذه الأعمال كما لو اغتسلت ذات الاستحاضة المتوسطة قبل الفجر فمن الفقهاء من لم يكتفِ بذلك في صحة صومها واشترط أن يكون الغسل بعد الفجر أو على الأقل أن تصِل الصلاة بالغسل ، فليس كلما التزمت المستحاضة بالأعمال وصحت صلاتها لزم صحة صومها أيضاً ، هذا مضافاً الى أن ظاهر كلامهم على القول بالاشتراط بطلان الصوم مع الإخلال بالأعمال ولو نسياناً أو جهلاً فيمكن تصور الجهل والنسيان في عدم إتيان المستحاضة بالأعمال فيبطل صومها فيكون هناك وجه لهذا البحث وهذه المسألة .
وعلى أي حال فتفصيل الكلام أن يقال :
أما المستحاضة القليلة فلا خلاف في عدم توقف صحة صومها على شيء من جهة الاستحاضة فهي كالطاهرة صومها صحيح ولو لم تتوضأ لكل صلاة كما هو الواجب عليها ، فكما أن الطاهرة لو صامت من دون صلاة فصومها صحيح فكذا المستحاضة القليلة لو صامت من دون أن تتوضأ لكل صلاة فصومها صحيح .
أما المستحاضة المتوسطة فكذلك على المشهور والمعروف فلو لم تغتسل في اليوم مرة كما هو الواجب عليها فصومها صحيح لعدم ما يدل على بطلان صومها واشتراطه بالغسل الواجب عليها .
وإنما الكلام في الاستحاضة الكثيرة والمعروف والمشهور اشتراط صحة صومها بفعلها الأغسال ، فلو لم تغتسل الأغسال الواجبة عليها للصلوات لم يصح صومها وخالف في ذلك السيد الماتن فجعل الاشتراط مبنياً على الاحتياط الاستحبابي ، فلو صامت من دون أن تأتي بالأغسال الواجبة عليها لأجل الصلوات فصومها صحيح ، ومنشأ الخلاف التشكيك بصحة الرواية الدالة على اشتراط صحة الصوم بالأغسال في الاستحاضة الكثيرة .
ثم إنه على القول المعروف من اشتراط صحة الصوم بفعل الأغسال وقع الخلاف في أمور :
الأمر الأول / هل الصحة متوقفة على الأغسال الثلاثة أم يكفي بعضها ؟
الجواب / القدر المتيقن اشتراط صحة الصوم بغسلي النهار أي غسل الفجر وغسل الظهرين ، أما غسل العشائين ففيه خلاف فالمعروف هو الاشتراط أيضاً ولو على نحو الاحتياط الوجوبي ، وذهب بعض العلماء كالسيد اليزدي والسيد محمد الصدر والسيد محمد صادق الروحاني موافقة لبعض السابقين كصاحب الجواهر الى عدم الاشتراط الا على نحو الاحتياط الاستحبابي ، فلو اغتسلت لصلاة الفجر وللظهرين ولم تغتسل للعشائين صح صومها ، والمعروف البطلان .
الأمر الثاني / بناء على القول المعروف من اشتراط الصحة بغسل العشائين أيضاً فهل الشرط هو غسل العشائين في الليلة السابقة أو في الليلة اللاحقة ، فحتى يصح صوم يوم الخميس هل الشرط أن تغتسل للعشائين في الليلة الماضية أي ليلة الخميس أو أن تغتسل للعشائين في الليلة اللاحقة أي ليلة الجمعة ؟
خلاف والمعروف بين الفقهاء المعاصرين أن الشرط هو الاغتسال في الليلة الماضية فصوم يوم الخميس لا يصح إن لم تكن قد اغتسلت للعشائين في الليلة السابقة ، وقيل يكفي أن تغتسل للعشائين في الليلة اللاحقة بعد انقضاء يوم الخميس ، واحتاط البعض بالاغتسال في كلا الليلتين حتى يصح صوم اليوم الواقع بينهما ، وقيل غير ذلك .
الأمر الثالث / بالنسبة الى اغتسال الفجر هل يجب تقديمه على الطلوع أم يصح الصوم ولو مع تأخيره الى ما بعد طلوع الفجر ؟
المعروف عدم وجوب تقديمه على الفجر فلو اغتسلت بعد الفجر كفى في صحة صومها ، خلافاً لبعضهم كالعلامة ولأجل ذلك احتاط الماتن فقال ( بل الأحوط أن تغتسل لصلاة الصبح قبل الفجر ) وهو احتياط استحبابي مراعاة لرأي العلامة ، وأما قوله ( ثم تعيده بعده ) أي وتحتاط أيضاً بإعادة الغسل بعد الفجر لذهاب كثير من الفقهاء الى أنها لو قدمته على الفجر وجب إعادته بعده لأجل الصلاة مع نزول الدم أو فوات الموالاة بوجود فاصل معتدٍ به بين زمان الغسل وزمان الصلاة ، نعم لو لم ينزل الدم ووصلت الصلاة بالغسل لم تجب إعادته بعد الغسل .
خلاصة الكلام /
المستحاضة بالاستحاضة الصغرى والوسطى يصحّ صومها سواء قامت بعملية الوضوء أو الغسل أم لا ، فلا تكون صحّة صومها مشروطة بما تكون صلاتها مشروطة به بلا خلاف . وأما المستحاضة بالكبرى فصحّة صومها مشروطة بأن تغتسل بالأغسال النهارية والليلية معاً على القول المعروف ، وخالف السيد الماتن فجعل حكمها كالصغرى والوسطى وهو عدم اشتراط صحة صومها بالأغسال الا على نحو الاحتياط الاستحبابي .

الحوزويه الصغيره 06-08-2012 05:55 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم ياكريم

شكرا لك شيخنا الفاضل , مولى أبي تراب
على هذه التوضيحات المهمة في باب الصوم
حماكم الله من كل سوء .

من المتابعين إن شاء الله

تحيتي لك

مولى أبي تراب 06-08-2012 09:05 AM


وشكراً لكم لدوام المتابعة
أسأل الله أن يحفظكم

مولى أبي تراب 06-08-2012 09:07 AM

مسألة 993 : إذا أجنب في شهر رمضان ليلا ونام حتى أصبح فإن نام ناويا لترك الغسل ، لحقه حكم تعمد البقاء على الجنابة ، وكذا إذا نام مترددا فيه على الأحوط ، وإن نام ناويا للغسل ، فإن كان في النومة الأولى صح صومه إذا كان واثقا بالانتباه لاعتياد أو غيره وإلا فالأحوط وجوب القضاء عليه وإن كان في النومة الثانية بأن نام بعد العلم بالجنابة ثم أفاق ونام ثانيا حتى أصبح وجب عليه القضاء عقوبة ، دون الكفارة على الأقوى ، وإذا كان بعد النومة الثالثة ، فالأحوط استحبابا الكفارة أيضا وكذلك في النومين الأولين إذا لم يكن واثقا بالانتباه . وإذا نام عن ذهول وغفلة عن الغسل فالأظهر وجوب القضاء مطلقا والأحوط الأولى الكفارة أيضا في الثالث .
-------------------------------
إذا أجنب المكلف ليلاً فلم يغتسل ونام قبل الفجر فلا يخلو من إحدى حالاتٍ أربع :
الحالة الأولى / أن ينام ناوياً ترك الاغتسال قبل الفجر غير مكترثٍ بالصوم ، ولا إشكال في أن هذه الحالة من تعمّد البقاء على الجنابة لأنه لا فرق في العازم على ترك الغسل في كونه متعمد البقاء على الجنابة بين أن يبقى مستيقظاً أو ينام ، فعليه القضاء والكفارة وإن كان واثقاً من الانتباه قبل الفجر ومعتاداً عليه ، والمقصود أن يستمر في نومه فعلاً حتى يطلع الفجر وهو تاركٌ للغسل ، لا أنه بمجرد أن ينوي ترك الغسل يبطل صومه ، فلو نام ناوياً ترك الغسل ثم استيقظ فاغتسل قبل الفجر فلا إشكال في صحة صومه .
الحالة الثانية / أن يكون متردداً بمعنى أنه لديه الرغبة في الغسل ولكنه غير عازمٍ عليه كالمتثاقل من الغسل بسبب برودة الجو مثلاً ، فلا هو عازم على الغسل ولا على عدم الغسل ، فنام كذلك الى أن طلع الفجر ، وقد ألحق الفقهاء هذه الحالة بالسابقة فيبطل صومه ويجب عليه القضاء والكفارة ، الا أن السيد الماتن جعل الحكم مبنياً على الاحتياط الوجوبي فقال : ( وكذا إذا نام مترددا فيه على الأحوط ) والظاهر أن هذا الاحتياط لأجل وجوب الكفارة ، أما القضاء فقد ذكروا عدم الخلاف والشك في وجوبه على المتردد وعدم صحة صومه إذ مع تردده لا يتصور العزم منه على الصوم فنام مع عدم تبييت النية للصوم ، وإنما الشك في وجوب الكفارة عليه لاحتمال عدم صدق كونه عامداً لأنه لم يجزم بعدم الغسل ، والمعروف كفاية عدم عزمه على الغسل في صدق كونه عامداً وإن لم يعزم على عدم الغسل ، ولأجل وجود هذين الاحتمالين احتاط الماتن وجوباً بالكفارة .
الحالة الثالثة / أن ينام ناوياً للغسل عازماً عليه لكن اتفق أن استمر به النوم الى أن طلع الفجر ، وفي هذه الحالة أكثر من صورة :
الصورة الأولى / أن يصبح مجنباً من النومة الأولى وهي أول نوم له بعد العلم بالجنابة وإن كانت قبلها نومة أخرى كما إذا كان نائماً فاستيقظ فرأى نفسه مجنباً فرجع للنوم ناوياً الغسل قبل الفجر فلم يستيقظ الا بعد الفجر ، وفي هذه الصورة إن كان واثقاً من الانتباه قبل الفجر كما إذا كان معتاداً على ذلك ، لكن صادف أن لم يستيقظ الا بعد الفجر فلا خلاف في صحة صومه ، لأنه نام ناوياً للغسل وعازماً على الصوم غير متعمدٍ البقاء على الجنابة .
الصورة الثانية / نفس السابقة بأن ينام ناوياً الغسل ولا يستيقظ الا بعد الفجر من النومة الأولى لكن كان غير واثقٍ من الاستيقاظ قبل الفجر ، والمعروف أن حكم هذه الصورة كالصورة السابقة حيث أطلق الفقهاء صحة الصوم في النومة الأولى من دون تفريق بين الواثق وغيره ، خلافاً للسيد الماتن والشيخ الفياض حيث فرقا بين الواثق وغيره فحكما بعدم صحة صوم غير الواثق من الاستيقاظ قبل الفجر وأن عليه القضاء بل أوجب الشيخ الفياض الكفارة أيضاً .
الصورة الثالثة / أن يصبح مجنباً من النومة الثانية بأن نام بعد العلم بالجنابة ثم أفاق ونام ثانياً ناوياً للغسل قبل الفجر لكن استمر في نومه الى ما بعد الفجر ، فلا خلاف في وجوب القضاء عليه ، وهل تجب عليه الكفارة ؟ المعروف عدم وجوب الكفارة لذا قال الماتن ( دون الكفارة على الأقوى ) خلافاً لبعض الفقهاء من وجوب الكفارة أيضاً منهم الشيخ الفياض حيث أوجب الكفارة مع عدم الوثوق بالاستيقاظ .
الصورة الرابعة / أن يصبح مجنباً من النومة الثالثة بأن يعلم بالجنابة فينام ثم يستيقظ ثم ينام ثم يستيقظ ثم ينام ناوياً للغسل قبل الفجر لكن يستمر به النوم فلا يستيقظ الا بعد الفجر ، فالمعروف أن حكمه حكم الصورة السابقة فعليه القضاء دون الكفارة وإن كان الأحوط استحباباً أن يكفّر أيضاً ، وذهب البعض الى وجوب الكفارة أيضاً في هذه الصورة ومنهم السيد محمد صادق الروحاني والشيخ الفياض لكن الأخير خصها بما إذا لم يكن واثقاً من الاستيقاظ .
الحالة الرابعة / أن ينام غافلاً وذاهلاً عن الغسل غير ملتفتٍ إليه كما في أول ليلة من رمضان ولا يعلم بدخول الشهر وكان من عادته الا يغتسل الا بعد الفجر ، فليس في حسبانه الغسل أصلاً حتى يكون عازماً عليه او عازماً على تركه او متردداً فيه ، فيعلم بالجنابة وينام غافلاً عن الغسل وهذا يمكن أن يكون في النومة الأولى ويمكن أن يكون في النومة الثانية ويمكن أن يكون في النومة الثالثة ، فما حكم صومه في كل نومة ؟
أجاب المصنف بأن حكم النومات كلها واحد وهو وجوب القضاء دون الكفارة الا على نحو الاحتياط الاستحبابي في النوم الثالث ، فسواء طلع عليه الفجر غافلاً وذاهلاً عن الغسل وهو في النومة الأولى أو الثانية أو الثالثة فيجب عليه القضاء والأحوط الأولى الكفارة في النوم الثالث لذا قال : ( فالأظهر وجوب القضاء مطلقا ) أي سواء في النوم الأول او الثاني او الثالث ( والأحوط الأولى الكفارة أيضا في الثالث) أي النوم الثالث ، وهذا القول هو رأي السيد الخوئي ، وخالف بعضهم فجعل حكم هذه الحالة حكم السابقة من وجوب القضاء في النومين الثاني والثالث فقط وصحة الصوم في النوم الأول وهو رأي السيد محمد الصدر والسيد الروحاني وغيرهما .
خلاصة الكلام /
إذا علم بالجنابة قبل الفجر فنام واستمر نومه الى ما بعد الفجر :
فإن كان عازماً على ترك الغسل أو متردداً في الغسل فعليه القضاء والكفارة
وإن كان عازماً على الاستيقاظ والاغتسال قبل الفجر فاتفق استمرار نومه الى ما بعد الفجر فإن كان في النومة الأولى فالمعروف صحة صومه واشترط الماتن أن يكون واثقاً من الانتباه والا فعليه القضاء ، وإن كان في النومة الثانية او الثالثة فالمعروف أن عليه القضاء دون الكفارة

وإن كان غافلاً وذاهلاً عن الاغتسال فرأي السيد الماتن والسيد الخوئي أن عليه القضاء مطلقاً سواء في النوم الأول او الثاني او الثالث والأحوط استحباباً الكفارة في النوم الثالث ، واستثنى بعضهم النوم الأول فحكم فيه بصحة الصوم .

مولى أبي تراب 06-08-2012 09:10 AM

مسألة 994 : يجوز النوم الأول والثاني مع كونه واثقا بالانتباه ، والأحوط لزوما تركه إذا لم يكن واثقا به ، فإن نام ولم يستيقظ فالأحوط القضاء حتى في النومة الأولى ، بل الأحوط الأولى الكفارة أيضا ولا سيما في النومة الثالثة .
---------------------
كان الكلام في المسألة السابقة في الحكم الوضعي لنوم الجنب أي ما يترتب على النوم من صحة الصوم أو بطلانه ووجوب القضاء والكفارة ، وفي هذه المسألة يتعرض الماتن للحكم التكليفي لنوم الجنب أي هل يجوز له النوم او لا ؟
وهنا رأيان :
الرأي الأول / يجوز النوم الأول والثاني مع احتمال الاستيقاظ وكونه معتاد الانتباه ، والا أي لم يحتمل الاستيقاظ كما لو كان غير معتاد على الانتباه قبل الفجر فالأحوط استحبابا تركه ، وأما النوم الثالث فالأولى تركه مطلقا ، وهو رأي السيد الخوئي والسيد الصدر والشيخ الخراساني .
الرأي الثاني / جواز النوم مع الوثوق بالانتباه ، ومع عدم الوثوق بالانتباه فلا يجوز النوم وهو رأي الشيخ الفياض والسيد الروحاني ، واحتاط فيه السيد الماتن لزوماً .
ويتفق الرأيان في جواز النوم مع الوثوق بالاستيقاظ ، ويختلفان مع عدم الوثوق بالاستيقاظ فالاحوط استحباباً عدم الجواز على الأول ولزوماً على الثاني ، ومنشأ الخلاف أن النوم غير جائز للجنب إذا صدق عنوان تعمد البقاء على الجنابة ، ومع الوثوق بالانتباه لا يصدق تعمد البقاء على الجنابة لذا لا خلاف بين الرأيين في الجواز ، وإنما الخلاف مع عدم الوثوق بالاستيقاظ فهل هو من تعمد البقاء على الجنابة أو لا ؟ ولأجل احتمال كونه من تعمد البقاء على الجنابة احتاط السيد الماتن لزوماً بالترك .
هذا كله – الكلام في هذه المسألة والمسألة السابقة – إنما هو في الحكم الوضعي والتكليفي للنوم مع الشكّ واحتمال الاستيقاظ أ ينام وهو يحتمل الاستيقاظ قبل الفجر ، أما مع العلم والاطمئنان بعدم الاستيقاظ قبل الفجر كما لو تناول دواء يعلم معه بعدم الاستيقاظ فلا إشكال في حرمة النوم حينئذٍ ولزوم القضاء والكفّارة لو استمرّ إلى الفجر .
قوله : ( فإن نام ولم يستيقظ فالأحوط القضاء حتى في النومة الأولى ) الكلام في غير الواثق فإن نام ناوياً للغسل مع عدم وثوقه من الاستيقاظ قبل الفجر فلم يستيقظ حتى طلع الفجر فالأحوط وجوباً أن عليه القضاء حتى في النومة الأولى ، وهذا الحكم تقدم في المسألة السابقة في الصورة الثانية من الحالة الثالثة حيث قلنا أن السيد الماتن فصّل في النومة الأولى بين الواثق من الانتباه فليس عليه شيء وبين غير الواثق فعليه القضاء احتياطاً قال في تلك المسألة : ( فإن كان في النومة الأولى صح صومه إذا كان واثقا بالانتباه لاعتياد أو غيره وإلا فالأحوط وجوب القضاء عليه ) خلافاً للرأي المعروف من صحة الصوم في النومة الأولى مطلقاً بلا تفصيل بين الواثق من الانتباه وعدمه .
قوله : ( بل الأحوط الأولى الكفارة أيضا ولا سيما في النومة الثالثة ) أي غير الواثق من الانتباه عليه القضاء في النومات الثلاثة دون الكفارة وإن كانت أحوط استحباباً وهذا الحكم أيضاً تقدمت الإشارة اليه في المسألة السابقة قال : ( وإذا كان بعد النومة الثالثة ، فالأحوط استحبابا الكفارة أيضا وكذلك في النومين الأولين إذا لم يكن واثقا بالانتباه ) .

مولى أبي تراب 06-08-2012 09:11 AM

مسألة 995 : إذا احتلم في نهار شهر رمضان لا تجب المبادرة إلى الغسل منه ، ويجوز له الاستبراء بالبول وإن علم ببقاء شئ من المني في المجرى ، ولكن لو اغتسل قبل الاستبراء بالبول فالأحوط الأولى تأخيره إلى ما بعد المغرب .
-------------------------------
تقدم في المسألة (986) أن الاحتلام في نهار الصوم لا يضر بالصوم لأن المفطر تعمد البقاء على الجنابة لا حصول الجنابة عن غير عمد بعد الفجر ، وفي هذه المسألة ذكر السيد الماتن أنه بعد الاحتلام والجنابة لا تجب المبادرة الى الغسل فالبقاء على الجنابة بعد الفجر غير مضر بالصوم فلو استيقظ صباحاً مجنباً بالاحتلام فبقي بلا غسل الى الغروب فصومه صحيح وإن كان يجب عليه الاغتسال لأجل الصلاة .
كما لا يضر الاستبراء من المني بالبول ، فإذا استيقظ مجنباً جاز له التبول وإن علم أن ذلك يستلزم خروج بقايا المني في المجرى الذي هو معنى الاستبراء من المني بالبول ، فلا يعد هذا من تعمد الجنابة او الاستمناء
نعم لو اغتسل بعد الجنابة وقبل التبول في أثناء النهار فقد احتاط بعض الفقهاء وجوباً بلزوم تأخير التبول الى ما بعد الغروب لأن البول سيخرج بقايا المني بعد الغسل فتكون جنابة جديدة يحتمل صدق التعمد عليها فيبطل الصوم فيحسن الاحتياط بترك التبول وإن كان الاحتياط ضعيفاً وهذا الرأي للسيد الخوئي وغيره ، الا أن السيد الماتن قال : ( فالأحوط الأولى تأخيره إلى ما بعد المغرب ) أي الاحوط استحباباً إن اغتسل من الجنابة قبل التبول أن لا يتبول بعد الغسل الى ما بعد الغروب وليس ذلك بلازم وهو رأي السيد الصدر والشيخ الفياض لعد صدق تعمد الجنابة وإن حدثت جنابة جديدة بخروج المتبقي في المجرى بواسطة البول ووجب لها غسل جديد .
.
مسألة 996 : لا يعد النوم الذي احتلم فيه ليلا من النوم الأول بل إذا أفاق ثم نام كان نومه بعد الإفاقة هو النوم الأول .
-----------------------
تقدمت الإشارة الى ذلك في المسألة (993) في الصورة الأولى من الحالة الثالثة ، وقلنا المقصود من النوم الأول هو أول نوم بعد العلم بالجنابة لا النومة التي حصلت فيها الجنابة والاحتلام ، فإذا استيقظ ووجد نفسه مجنباً ثم رجع ونام فرجوعه الى النوم هو النومة الأولى ، ولا خلاف في ذلك .
.
مسألة 997 : الظاهر إلحاق النوم الرابع والخامس بالثالث .
-------------------------
تقدم أن حكم النوم الثالث وجوب القضاء والاحتياط الاستحبابي بالكفارة وهنا ذكر أن النوم الرابع والخامس كذلك وأن حكم النوم الرابع فما زاد حكم النوم الثالث ، ولا خلاف في ذلك بين الفقهاء وإن لم يرد فيه نص لقضاء الفهم العرفي بعدم الفرق بين النوم الثالث وغيره هنا .

مولى أبي تراب 06-08-2012 09:12 AM

مسألة 998 : الأقوى عدم إلحاق الحائض والنفساء بالجنب ، فيصح الصوم مع عدم التواني في الغسل وإن كان البقاء على الحدث في النوم الثاني أو الثالث ، وأما معه فيحكم بالبطلان وإن كان في النوم الأول .
----------------------
تقدم في المسألة (991) لحوق الحيض والنفاس بالجنابة في بطلان الصوم بتعمد البقاء عليهما
وهل يلحقان بالجنابة في ما تقدم من حكم تعدد النوم ؟ فلو نامت الحائض او النفساء بعد العلم بالنقاء نومة أولى وثانية وثالثة فهل ينطبق عليها ما ينطبق على الجنب في نوماته الثلاثة من أحكام ؟
المعروف عدم اللحوق فلا عبرة بتعدد النوم و عدم تعدده من الحائض والنفساء بل المدار فيهما على صدق تعمد البقاء على الحدث من دون غسل أو عدم صدق التعمد ، فلو نامت الحائض مرة أو مرتين أوثلاث مرات بعد العلم بالنقاء ولم يصدق عليها التواني وتعمد البقاء على الحدث فليس عليها شيء وصومها صحيح ، وإن صدق عليها التواني في الغسل والتساهل فيه بطل صومها ولو من النومة الأولى .
هذا بناء على لحوق حدث الحيض والنفاس بالجنابة في بطلان الصوم بتعمد البقاء عليهما أما بناء على عدم بطلان الصوم بتعمد البقاء على حدث الحيض والنفاس وعدم اشتراط صحته بالغسل منهما كما هو رأي السيد الصدر فيهما ورأي الشيخ الفياض في النفاس فعدم اللحوق هنا أوضح وأن هذا البحث لاغي بالنسبة الى هذا الرأي ، لذا لم يذكر السيد الصدر هذه المسألة أصلاً إذ لا يشترط على رأيه أن تغتسل الحائض والنفساء قبل الفجر حتى نتحدث عن حكم تعدد نومها ، فصومها صحيح وإن تعمدت عدم الاغتسال فلا تصل النوبة الى الحديث في هذه المسألة على هذا الرأي .
.
.
الى هنا ينتهي الكلام في المفطر السابع / تعمد البقاء على الجنابة
ثم الكلام في الثامن من المفطرات
يأتي إن شاء الله تعالى

مولى أبي تراب 10-08-2012 10:18 AM

الثامن : إنزال المني بفعل ما يؤدي إلى نزوله مع احتمال ذلك وعدم الوثوق بعدم نزوله ، وأما إذا كان واثقا بالعدم فنزل اتفاقا ، أو سبقه المني بلا فعل شئ لم يبطل صومه .
-----------------------
الثامن من المفطرات إنزال المني أي الاستمناء متعمداً في نهار الصوم بأي فعلٍ وطريقة تؤدي الى نزوله كالمداعبة او بواسطة اليد او غير ذلك من الأسباب عدا الجماع فإنه موضوع مستقل للإفطار سواء صاحبه الإنزال أو لا كما تقدم التنبيه على ذلك في المفطر الثالث
ولا خلاف في مفطرية الاستمناء وإنزال المني لكن بشرط لا مطلقاً وهو أن يكون المكلف حال فعله ما يؤدي الى نزول المني غير واثق من عدم نزوله بل كان محتملاً لنزوله ، فيكفي أن يحتمل نزول المني ولا يثق بعدم نزوله عند إقدامه الى فعلِ ما يؤدي اليه وليس الشرط أن يكون واثقاً من نزول المني بل غير واثق من عدم نزوله ، وتوضيح ذلك أن المكلف حال فعله ما يؤدي الى الإنزال كالمداعبة لا يخلو :
1. أن يكون واثقاً من حصول الإنزال كما لو كان ذلك معتاداً له بحيث كلما داعب مثلاً أنزل فحينئذٍ لا إشكال في عدم جواز ذلك الفعل وإن فعل وأنزل بطل الصوم وعليه القضاء والكفارة ، وإذا فعل ما أعتاد معه الإنزال ولم ينزل فعليه القضاء لأنه قاصد للإفطار بإقدامه على ما من عادته الإنزال معه وقد تقدم أن قصد المفطر مبطل للصوم ولو لم يفعله ، ولا كفارة عليه لعدم الإنزال فعلاً .
2. أن يكون واثقاً من عدم حصول الإنزال كما لو لم يكن من عادته الإنزال بالمداعبة مثلاً فيجوز له الإتيان بهذا الفعل فإن صادف أن أنزل بالإتيان به فحينئذٍ صومه صحيح ولا شيء عليها ، مالم يقصد الإنزال بفعله والا فعليه القضاء لأنه من قصد المفطر وإذا أنزل فعلاً فعليه الكفارة أيضاً .
3. أن يكون محتملاً للإنزال شاكاً في حصوله لا واثقاً بحصوله ولا واثقاً بعدم حصوله ، كما إذا احتمل أنه إن داعب سيحصل الإنزال ، وحكمه عدم جواز هذا الفعل الذي يحتمل حصول الإنزال بسببه وإن فعل وحصل الإنزال فعلاً فعليه القضاء لأن احتمال الإنزال كافٍ في بطلان الصوم بفعل موجبه ولا يشترط أن يكون واثقاً من حصول الإنزال بل يكفي احتماله لذا قال الماتن ( مع احتمال ذلك وعدم الوثوق بعدم نزوله ) فيكفي عدم الوثوق بعدم النزول في المفطرية فضلاً عن الوثوق بالنزول .
هذا كله إن فعل ما يكون سبباً للإنزال ، أما إذا حصل الإنزال من دون فعل شيء فلا إشكال في صحة صومه ولا شيء عليه .
خلاصة الكلام /
إذا أنزل الصائم المني في نهار الصوم فلا يخلو إما أن يكون ذلك بلا اختيار ومن دون أن يفعل ما يؤدي اليه ولا إشكال في صحة صومه ، وإما أن يكون الإنزال بفعلِ ما يكون سبباً له وهنا حالتان :
الأولى / أن يكون قاصداً الإنزال بفعل السبب وحينئذٍ يبطل صومه بمجرد القصد ولو لم ينزل وإذا أنزل فعلاً فعليه الكفارة أيضاً في صوم رمضان وكذا في صوم القضاء بعد الزوال .
الثانية / أن لا يكون قاصداً للإنزال بفعل السبب وهنا لا يخلو :
1. إما أن يكون واثقاً من أنه إن فعل السبب سيحصل الإنزال ولا إشكال في عدم جواز فعله وإن فعل فعليه القضاء وإن أنزل فعليه الكفارة أيضاً .
2. أن يكون واثقاً بعد الإنزال فلا شيء عليه إن فعل وإن حصل الإنزال .
3. أن يكون محتملاً لحصول الإنزال إن فعل وحكم هذه حكم النقطة الأولى .

مولى أبي تراب 10-08-2012 10:19 AM

التاسع : الاحتقان بالمائع ، ولا بأس بالجامد ، كما لا بأس بما يصل إلى الجوف من غير طريق الحلق مما لا يسمى أكلا أو شربا ، كما إذا صب دواء في جرحه أو إذنه أو في إحليله أو عينه فوصل إلى جوفه وكذا إذا طعن برمح أو سكين فوصل إلى جوفه وغير ذلك ، نعم إذا فرض إحداث منفذ لوصول الغذاء إلى الجوف من غير طريق الحلق ، كما يحكى عن بعض أهل زماننا فلا يبعد صدق الأكل والشرب حينئذ فيفطر به ، كما هو كذلك إذا كان بنحو الاستنشاق من طريق الأنف ، وأما إدخال الدواء ونحوه كالمغذي بالإبرة في العضلة أو الوريد فلا بأس به ، وكذا تقطير الدواء في العين أو الإذن ولو ظهر أثره من اللون أو الطعم في الحلق .
----------------------------
التاسع من المفطرات الاحتقان بالمائع ، أي إدخال المائعات كالدواء السائل الى الجسم عن طريق الشرج ، فمع تعمد الاحتقان بالمائع يبطل الصوم ويجب القضاء على القول المعروف .
والمقصود هو دخول المائع ووصوله الى الجوف فحينئذٍ تتحقق المفطريّة ، فلا يكفي وصول المائع الى حواشي الدبر وأوائل المدخل من غير صعود إلى الجوف لعدم صدق الاحتقان حينئذٍ .
ولا فرق في مفطرية الاحتقان بالمائع بين الضرورة وغيرها فالحقنة السائلة مفطرة ولو مع الاضطرار إليها لرفع المرض مثلاً .
وفي مقابل الاحتقان بالمائعات والسوائل الاحتقان بالجوامد والأجسام الصلبة والمعروف عدم البأس بها وأنها غير مفطرة ولا مضرة بالصوم فيجوز استعمال التحاميل مثلاً التي توضع في المخرج في نهار الصوم .
إذن لو جمعنا هذا المفطر مع المفطرين الأولين الأكل والشرب يتبين أن وصول شيء الى جوف الإنسان يعتبر من المفطرات سواء كان الوصول عن طريق الحلق مما يصدق عليه الأكل والشرب أو عن طريق الدبر مما يصدق عليه الاحتقان بالمائع
فهذه المفطرات الثلاثة : الأكل والشرب والاحتقان بالمائع يجمعها عنوان واحد وهو دخول شيء الى الجوف والفرق في الداخل ومحل الدخول .
ثم إن الماتن وعد هناك في مفطرية الأكل والشرب بأنه سيذكر بعضاً مما يتعلق بهما هنا فقال ( وسيأتي بعض ما يتعلق بهما في المفطر التاسع ) ، وقد أوفى بوعده فذكر ذلك هنا ، وحاصل الكلام في نقاط :
1. إنما يتحقق الإفطار بصدق الأكل والشرب وكذا الاحتقان بالمائع فليس كلما وصل الى الجوف كان مفطراً ، وعليه فلو وصل شيء الى جوفه من غير طريق الحلق ولم يصدق عليه أنه أكل أو شرب فلا بأس به كالتقطير في العين والأذن إذا وصل الى الجوف لذا قال الماتن ( كما إذا صب دواء في جرحه أو إذنه أو في إحليله أو عينه فوصل إلى جوفه وكذا إذا طعن برمح أو سكين فوصل إلى جوفه وغير ذلك ) فلا يصدق الأكل والشرب على شيء من ذلك وإن وصل الجوف .
2. المفطر في الأكل والشرب أمران : الأول / كل ما دخل عن طريق الحلق سواء كان معتاداً أكله و شربه أو لا كما تقدم في المفطرين الأولين . الثاني / ما دخل الى الجوف عن طريق غير الحلق بشرط أن يصدق عليه الأكل والشرب .
3. نتيجة للأمر الثاني إذا أحدث الصائم في جسمه منفذاً يصل عن طريقه الطعام والشراب الى الجوف والمعدة بحيث يصدق الأكل والشرب كان ذلك مفطراً لصدق الأكل والشرب ووصول الطعام والشراب الى الجوف ولو من غير الحلق .
4. وبناء على الأمر الثاني أيضاً فلا يضر في الصوم إيصال الدواء الى الجوف من غير طريق الحلق كالتقطير في العين والإذن وهكذا استعمال المغذي وزرق الإبر لعدم صدق الأكل والشرب واشترطنا في مفطرية ما يصل الى الجوف من غير طريق الحلق صدق الأكل والشرب ، لكن احتاط بعض الفقهاء كالسيد الصدر وغيره في المغذي من حيث أنه كالأكل لتحقق التغذي به .
وقوله ( ولو ظهر أثره من اللون أو الطعم في الحلق ) أي مجرد وجود الطعم في الحلق لا يعد من المفطرات لأنه عبارة عن تذوق باللسان ولذا سيأتي إن شاء الله جواز تذوق الطعام وجواز مضغه للصبي فإن المفطر هو الأكل والشرب وهو لا يصدق على التذوق وظهور الطعم او اللون في اللسان فمن تذوق المرق لم يبطل صومه وإن وجد له طعماً في حلقه وتلوّن به لسانه .
ومن تعمد الاحتقان بالمائع فعليه القضاء بلا إشكال ولكن هل عليه الكفارة أيضاً ؟
خلاف يأتي إن شاء الله في الفصل الثالث

مولى أبي تراب 10-08-2012 10:21 AM

مسألة 999 : الأحوط عدم ابتلاع ما يخرج من الصدر أو ينزل من الرأس من الخلط إذا وصل إلى فضاء الفم وإن كان لا يبعد جوازه ، أما إذا لم يصل إلى فضاء الفم فلا بأس بهما .
------------------------------
لا خلاف في أن أخلاط الرأس والصدر إذا وصلت الى الجوف والمعدة من دون أن تخرج الى فضاء الفم فهي غير مفطرة ، وإنما الخلاف في ما يصل فضاء الفم كما إذا نزلت أخلاط الرأس أو صعدت أخلاط الصدر فوصلت فضاء الفم فهل ابتلاعه مفطر فيجب إلقاؤه من الفم ولا يجوز ابتلاعه ام هو غير مفطر فيجوز ابتلاعه ؟
خلاف وفيه رأيان :
الرأي الأول / عدم جواز الابتلاع ولزوم الإلقاء من الفم ولو على نحو الاحتياط الوجوبي وهو رأي السيد الخوئي والسيد الصدر والشيخ الخراساني وغيرهم .
الرأي الثاني / جواز الابتلاع وعدم البأس به الا على نحو الاحتياط الاستحبابي وهو رأي السيد الماتن والسيد الروحاني والشيخ الفياض .
**********
مسألة 1000 : لا بأس بابتلاع البصاق المجتمع في الفم وإن كان كثيرا وكان اجتماعه باختياره كتذكر الحامض مثلا .
-----------------------
لا خلاف ولا إشكال في جواز ابتلاع البصاق بعد اجتماعه في الفم وعدم لزوم إلقائه وإن كان كثيراً فإنّ ما لا يفطر قليله لا يفطر كثيره ، كما لا فرق بين ما إذا كان إجتماعه من دون اختياره أو كان باختياره كما لو تذكر الحوامض فأدى الى إفراز واجتماع البصاق في فمه ، فما دام البصاق ليس مفطراً فلا فرق فيه بين كل هذه الحالات ، بل يجوز ابتلاعه حتى لو كان ملامساً لما علق بالاسنان من الاطعمة اذا لم تنزل معه ، ومن ذلك ما سيأتي إن شاء الله من جواز مضغ العلك وإن وجد له طعماً في فمه وابتلع ريقه ما لم يكن مصاحباً لبعض أجزاء العلك وفتاته ، لكن ذكروا أن الأفضل والأحوط ترك ابتلاع البصاق خصوصاً إذا كان كثيراً وباختياره .

مولى أبي تراب 10-08-2012 10:22 AM

العاشر : تعمد القئ وإن كان لضرورة من علاج مرض ونحوه ولا بأس بما كان سهوا أو بلا اختيار .
---------------------
العاشر من المفطرات تعمد القيء على المشهور والمعروف ، فمن تعمد التقيؤ في نهار الصوم بطل صومه سواء كان ذلك لضرورة أو لا
والمبطل هو صدوره عن علم وعمد كما لو وضع إصبعه في فيه فتقيأ ملتفتاً الى أنه في نهار الصوم وملتفتاً الى مفطريته ، دونما إذا كان عن غير عمد ومن دون اختيار ، أو عن عمد لكن مع السهو كما لو غفل عن كونه صائماً .
ومَن تعمّد القيء فعليه القضاء بلا إشكال ولكن هل عليه الكفارة أيضاً ؟
خلاف يأتي إن شاء الله في الفصل الثالث
.
مسألة 1001 : إذا خرج بالتجشؤ شئ ثم نزل من غير اختيار لم يكن مبطلا ، وإذا وصل إلى فضاء الفم فابتلعه اختيارا بطل صومه وعليه الكفارة ، على الأحوط لزوما فيهما .
-----------------------
عُرّف التجشؤ بأنه صوت مع ريح يخرج من الفم عند شدة الامتلاء ، وسمي في بعض الروايات بالقلس .
والكلام أنه إذا خرج مع التجشؤ شيء من الطعام من المعدة فوصل الى فضاء الفم ، لم يجز ابتلاعه ووجب إلقاؤه فإن ابتلعه متعمداً مختاراً مع قدرته على إلقائه بطل صومه وعليه الكفارة ، لأنه من تعمد الأكل ، لكن المعروف ابتناء الحكم بالقضاء والكفارة على الاحتياط الوجوبي لوجود رواية تدل على صحة الصوم في هذه الحالة الا أن مشهور الفقهاء أفتوا ببطلان الصوم ووجوب الكفارة ، ومراعاة للشهرة وللرواية معاً بنى الفقهاء المعاصرين الحكم بالبطلان والكفارة على الاحتياط الوجوبي .
هذا وإن رجع ونزل الى الجوف مرة أخرى من دون اختيار بحيث لم يسيطر عليه حتى ابتلعه فلا إشكال ولا خلاف في عدم كونه مبطلاً للصوم ولا شيء عليه لاختصاص المفطرية بالعمد والاختيار .

مولى أبي تراب 10-08-2012 10:23 AM

مسألة 1002 : إذا ابتلع في الليل ما يجب قيؤه في النهار بطل صومه إذا تقيأ ، أو لم يكن عازما على ترك التقيؤ مع الالتفات إلى كونه مانعا عن صحة الصوم في الوقت الذي لا يجوز تأخير النية إليه اختيارا المختلف باختلاف أنحاء الصوم كما تقدم في المسألة 976 ولا فرق في ذلك كله بين ما إذا انحصر اخراج ما ابتلعه بالقئ وعدم الانحصار به .
--------------------
هناك مسألتان : الأولى / أن المكلف إذا ابتلع شيئاً في الليل يعلم أنه يكون سبباً لتقيئه في النهار كالدواء فما حكم صومه ؟
الثانية / أن المكلف إذا ابتلع شيئاً في الليل يجب عليه شرعاً أن يتقيأه في النهار فما حكم صومه ؟
وكلام الماتن في المسألة الثانية فما حكم صوم من ابتلع شيئاً في الليل يجب أن يتقيأه في النهار عمداً ؟
وقد تسأل كيف يجب التقيأ شرعاً ومتى ؟ والجواب / ذكروا مثلاً لذلك ما لو ابتلع في الليل مالاً للغير ولم يتلف بابتلاعه كذهب أو جوهر وأمكن اخراجه ، فيجب إخراجه ولو بالتقيؤ لوجوب رد مال الغير الى صاحبه . ففي مثل هذه الحالة يدور أمر المكلف بين أن يمتثل وجوب الصوم فلا يتقيأ لأن التقيؤ مبطل للصوم ، وبين أن يمتثل وجوب رد المال الى صاحبه بالتقيؤ ، فماذا يفعل وأي الوجوبين يمتثل لوضوح عدم إمكان امتثال الوجوبين معاً ، والمهم هو السؤال عن صحة الصوم .
أجاب الماتن / بأنه في مثل هذه الحالة يبطل الصوم في حالتين :
الأولى / أن يحصل التقيؤ في النهار فعلاً ، بأن يمتثل الصائم الأمر بإرجاع المال لأصحابه فيتقيأ عمداً لإخراجه ، فلا إشكال حينئذٍ في بطلان الصوم لتعمد القيء الذي هو من المفطرات .
الثانية / أن لا يتقيأ فعلاً لكن لم يكن عازماً على ترك التقيؤ بل كان عنده استعداد وإرادة للتقيؤ أو على الأقل هو متردد بين أن يتقيأ أو لا ، وحينئذٍ يبطل صومه أيضاً ولا يصح وإن لم يتقيأ فعلاً ، لأنه حينئذٍ يعتبر غير ناوٍ للصوم ومع عدم النية يبطل الصوم ، وذلك لأنه كما تقدم أن نية الصوم هي العزم على ترك المفطرات فمن لم يعزم على ترك المفطر فهو غير ناوٍ للصوم ومن لم ينوِ الصوم فلا صوم له ، وهذا الشخص بعدم عزمه على ترك التقيؤ في النهار الذي هو أحد المفطرات فلا تتصور منه نية الصوم فيبطل صومه .
فقوله : ( إذا ابتلع في الليل ما يجب قيؤه في النهار بطل صومه إذا تقيأ ) فعلاً ، إشارة الى الحالة الأولى فإذا تقيأ فعلاً بطل صومه ( أو لم يكن عازما على ترك التقيؤ ) وهو إشارة الى الحالة الثانية أي وإن لم يحصل التقيؤ فعلاً فكذلك يبطل صومه إذا لم يكن عازماً على ترك التقيؤ .
لكن في هذه الحالة الثانية وهي ما إذا لم يكن عازماً على ترك التقيؤ وإن لم يتقيأ فعلاً إنما يبطل الصوم بشرط ، وهو أن يكون ملتفتاً الى أن تعمد التقيؤ من المفطرات ، أما إذا لم يكن ملتفتاً الى ذلك فصومه صحيح وإن لم يكن عازماً على تركه ، وذلك لما تقدم في المسألة (973) من أنه لو لم يتصور بعض المفطرات في عزمه على الصوم او اعتقد عدم مفطريتها لم يضر ذلك بصومه وأنه يكفي العزم الإجمالي على ترك المفطرات وإن لم يعلم بكل المفطرات بالتفصيل ، لذا قال الماتن ( مع الالتفات إلى كونه مانعا عن صحة الصوم ) إشارة الى هذا الشرط .
وقوله ( في الوقت الذي لا يجوز تأخير النية إليه اختيارا ) متعلق بقوله لم يكن عازماً على ترك التقيؤ ، أي الحالة الثانية التي يبطل فيها الصوم أن يكون غير عازم على ترك التقيؤ في الوقت الذي يجب فيه أن يكون عازماً على تركه وهو وقت تضيق النية ، فلو لم يعزم على ترك التقيؤ حتى تجاوز آخر وقت النية بطل الصوم ، كما إذا طلع الفجر في صوم رمضان وهو غير عازم على ترك التقيؤ فحينئذٍ يبطل صومه لعدم جواز تأخير النية وهي العزم على ترك المفطرات عن الفجر في صوم رمضان فإذا طلع الفجر وهو غير عازم على ترك المفطر وهو التقيؤ بطل صومه لعدم النية ، وهكذا كل نوع من أنواع الصوم حسب وقت تضيق النية فيه على ما تقدم في فصل النية لذا قال ( المختلف باختلاف أنحاء الصوم كما تقدم في المسألة 976 ) أي هذا الوقت الذي يختلف باختلاف أنحاء الصوم وأنواعه ففي رمضان بطلوع الفجر وفي الواجب المعين بالزوال وفي المستحب قبيل الغروب .
قوله : ( ولا فرق في ذلك كله بين ما إذا انحصر اخراج ما ابتلعه بالقئ وعدم الانحصار به ) هذا إشارة الى رأي بعض الفقهاء كالسيد اليزدي حيث ذهب الى التفصيل في المسألة بين ما إذا انحصر إخراج ما ابتلعه في الليل بالتقيؤ في النهار فيفسد صومه بمجرد ابتلاعه ولو لم يتقيأ ، وبين ما إذا كان ما ابتلعه يمكن إخراجه بغير التقيؤ فحينئذٍ لا يبطل الصوم بمجرد ابتلاعه الا إذا اختار إخراجه بالتقيؤ ، فذكر الماتن أنه لا فرق بين الصورتين في البطلان أو عدمه فيبطل الصوم إذا تقيأ أو لم يكن عازماً على ترك التقيؤ سواء مع الانحصار او عدمه .
والمسألة مبتنية على مبحث أصولي معمّق يسمى بمبحث الترتب ولأجل اختلاف الأنظار فيه اختلف الحكم هنا في هذه المسألة .
خلاصة الكلام /
إذا تناول في الليل ما يجب عليه أن يتقيأه في النهار ، فحكم صومه :
1. أن يتقيأه في النهار فعلاً وحينئذٍ يبطل صومه سواء كان عازماً على ترك التقيؤ أو لا فمع التقيؤ فعلاً يبطل الصوم .
2. أن لا يتقيأه في النهار فعلاً ولكن لم يكن عازماً على ترك التقيؤ بل كان مستعداً ومريداً للتقيؤ أو متردداً فيه الى وقت تضيّق النية مع علمه بمفطرية تعمد التقيء فهنا يبطل صومه أيضاً .
3. أن لا يتقيأه في النهار فعلاً ولكن لم يكن عازماً على ترك التقيؤ بل كان مستعداً ومريداً للتقيؤ أو متردداً فيه الى وقت تضيّق النية مع عدم علمه بمفطرية تعمد التقيء فهنا صومه صحيح .
4. أن لا يتقيأه في النهار فعلاً ولم يكن عازماً على ترك التقيؤ بل كان مستعداً ومريداً للتقيؤ أو متردداً فيه ، لكن قبل وقت تضيّق النية يرجع ويعزم على ترك التقيؤ فهنا لا يبطل صومه أيضاً .

مولى أبي تراب 10-08-2012 10:24 AM

مسألة 1003 : ليس من المفطرات مص الخاتم ، ومضغ الطعام للصبي ، وذوق المرق ونحوها مما لا يتعدى إلى الحلق ، أو تعدى من غير قصد ، أو نسيانا للصوم ، أما ما يتعدى عمدا فمبطل وإن قل ، ومنه ما يستعمل في بعض البلاد المسمى عندهم بالنسوار على ما قيل وكذا لا بأس بمضغ العلك وإن وجد له طعما في ريقه ، ما لم يكن لتفتت أجزائه ، ولا بمص لسان الزوج والزوجة ، والأحوط الأولى الاقتصار على صورة ما إذا لم تكن عليه رطوبة ، ولكن لا يترك الاحتياط بعدم بلع الريق مع عدم استهلاكها فيه .
-----------------------
( ليس من المفطرات مص الخاتم ) ونحوه من الجمادات ولو عمداً لعدم انطباق شيء من المفطرات عليه في مقابل مص مثل نواة التمر فإنه مكروه لاحتمال بقاء شيء عليه
( ومضغ الطعام للصبيوذوق المرق ونحوها مما لا يتعدى إلى الحلق ) من دون تناول شيء منه لعدم صدق الأكل ما لم يتجاوز الطعام الحلق
( أو تعدى من غير قصد ، أو نسيانا للصوم ) فلا يضر بالصوم لأن المبطل هو تعمد تناول المفطر اختياراً دونما إذا كان من غير قصد أو بقصد لكن مع السهو والنسيان بكونه صائماً كما سيأتي في التتميم إن شاء الله
( أما ما يتعدى عمدا فمبطل وإن قل ) فيبطل الصوم بتناول الطعام وإن كان قليلاً فإن ما يفطر كثيره فكذا قليله كما تقدم عند الحديث عن مفطرية الأكل والشرب حيث قال الماتن ( الأكل والشرب مطلقا ، ولو كانا قليلين )
( ومنه ما يستعمل في بعض البلاد المسمى عندهم بالنسوار على ما قيل ) هذا مثال لقليل الطعام المبطل إذا تعدى الحلق عمداً ، والنسوار قيل هو ( متعارف عند الأفغانيين والخليجيّين وهو مادة معمولة من التتن يجعل منها مقدار بجانب الأضراس فيسري محلولها عبر الريق إلى الجوف )
( وكذا لا بأس بمضغ العلك وإن وجد له طعما في ريقه ، ما لم يكن لتفتت أجزائه ) فهو من قبيل مضغ الطعام فمجرد وجود الطعام في فضاء الفم غير مبطل ما لم يتجاوز الحلق عمداً ولا يضر بالصوم أن يجد له طعماً فإنه مجرد تذوق باللسان ، نعم إن كان الطعم لتفتت أجزائه فعبور تلك الأجزاء يضر وإن كانت صغيرة جداً بل وإن استهلكت بالريق
( ولا بمص لسان الزوج والزوجة ) لورود الإذن به في الروايات ولعدم صدق الأكل والشرب عليه ، قال بعض الفقهاء والظاهر أنّ ذكر لسان الزوجين من باب المثال فيشمل مصّ لسان الصبيّ مثلاً ( والأحوط الأولى الاقتصار على صورة ما إذا لم تكن عليه رطوبة ) لا خلاف بين الفقهاء في جواز مص لسان الزوج والزوجة لورود النص به ولكن اختلفوا هل أن الجواز يشمل ما إذا كان اللسان جافاً او رطباً أو خصوص ما إذا كان جافاً ؟ اشترط بعضهم أن لا يكون رطباً لذا احتاط به المصنف لكنه احتياط استحبابي لأن النص مطلق فالجواز شامل لما إذا كان لسان الآخر جافاً او رطباً ( ولكن لا يترك الاحتياط بعدم بلع الريق مع عدم استهلاكها فيه ) بعد أن احتاط استحباباً بعدم مص اللسان الرطب ، أحتاط هنا وجوباً بعدم بلع الريق عند مص اللسان الرطب ما لم تستهلك الرطوبة في الريق ، فإذا مص الزوج لسان زوجته وكان عليه رطوبة بحيث انتقلت الرطوبة الى لسانه فالاحتياط لا يترك أي الأحوط وجوباً أن لا يبلع الزوج ريقه حتى لا يبلع تلك الرطوبة الا إذا استهلكت تلك الرطوبة التي كانت على لسان الزوجة في ريقه فيجوز بلع ريقه حينئذٍ ، ووجه هذا الاحتياط أن النص وإن كان مطلقاً وشاملاً لجفاف اللسان ورطوبته فيدل على جواز مص اللسان الرطب لكن يحتمل أنه وارد في أصل جواز مص اللسان الرطب ولا يدل على جواز بلع تلك الرطوبة .

مولى أبي تراب 10-08-2012 10:25 AM

مسألة 1004 : يكره للصائم ملامسة النساء وتقبيلها وملاعبتها إذا كان واثقا من نفسه بعدم الانزال ، وإن قصد الانزال كان من قصد المفطر ، ويكره له الاكتحال بما يصل طعمه أو رائحته إلى الحلق كالصبر والمسك ، وكذا دخول الحمام إذا خشي الضعف ، وإخراج الدم المضعف ، والسعوط مع عدم العلم بوصوله إلى الحلق ، وشم كل نبت طيب الريح ، وبل الثوب على الجسد ، وجلوس المرأة في الماء ، والحقنة بالجامد ، وقلع الضرس بل مطلق إدماء الفم ، والسواك بالعود الرطب ، والمضمضة عبثا ، وإنشاد الشعر إلا في مراثي الأئمة ( عليهم السلام ) ومدائحهم .
---------------------
( يكره للصائم ملامسة النساء وتقبيلها وملاعبتها ) لئلا تتحرك الشهوة ( إذا كان واثقا من نفسه بعدم الانزال ) أما إذا كان واثقاً من الإنزال أو محتملاً له لم تجز هذه الأمور كما تقدم في المفطر الثامن .
( وإن قصد الانزال كان من قصد المفطر ) فيجب القضاء لما تقدم أنه يكفي في بطلان الصوم أن يقصد المفطر فيبطل الصوم وعليه القضاء ولو لم يفعل وإذا فعل وجبت الكفارة أيضاً .
( ويكره له الاكتحال بما يصل طعمه أو رائحته إلى الحلق كالصبر والمسك ) للنهي عنه في الأخبار وقد حمله الفقهاء على الكراهة لعدم كونه مفطراً لعدم صدق الأكل والشرب عليه .
( وكذا دخول الحمام إذا خشي الضعف ) للنهي عنه في الأخبار وقد حمله الفقهاء على الكراهة لعدم كونه من المفطرات .
( وإخراج الدم المضعف ) بالحجامة أو عن طريق الوريد كما في التبرع بالدم او بغير ذلك لدلالة الأخبار على الكراهة إذا استلزم الإخراج ضعفاً وغشياناً أو هيجان المرة ونحو ذلك ، وذكروا بأنه يحرم إخراج الدم إذا استلزم الإغماء المبطل للصوم لأدائه إلى تعمد الافطار فإن الصوم لا يصح مع الإغماء على تفصيل يأتي في الفصل الرابع إن شاء الله تعالى .
( والسعوط مع عدم العلم بوصوله إلى الحلق ) لدلالة الروايات على الكراهة والسعوط هو الدواء المائع الذي يصب في الأنف ، ونقل عن ابن حجر قوله ( السعوط هو أن يستلقي على ظهره ويجعل بين كتفيه ما يرفعهما لينحدر رأسه ويقطر في أنفه ماء أو دهناً فيه دواء مفرد أو مركب ، ليتمكن بذلك من الوصول إلى دماغه لاستخراج ما فيه من الداء بالعطاس ) ، والمكروه منه ما لا يعلم بوصوله إلى الحلق والا حرم .
( وشم كل نبت طيب الريح ) عن الحسن بن راشد قال : قلت لأبي عبد اللَّه عليه السّلام ...... الصائم يشم الريحان قال « لا لأنه لذة ويكره له أن يتلذذ » ، والمراد بالريحان كل نبات طيب الرائحة سواء كان من النبات نفسه أم من الأزهار .
( وبلّ الثوب على الجسد ) عن عبد اللَّه بن سنان قال سمعت أبا عبد اللَّه عليه السّلام يقول « لا تلزق ثوبك إلى جسدك وهو رطب وأنت صائم حتى تعصره » .
( وجلوس المرأة في الماء ) فهو مكروه على المشهور لما رواه حنان بن سدير عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : " سألته عن الصائم يستنقع في الماء فقال لا بأس ولكن لا ينغمس فيه ، والمرأة لا تستنقع في الماء لأنها تحمل الماء بفرجها " ، وذهب بعض الفقهاء المتقدمين الى المفطرية والقضاء وزاد بعضهم وجوب الكفارة واختار بعض الحرمة فقط دون القضاء والكفارة ، ولأجل النهي في الرواية ووقوع هذا الخلاف احتاط بعض الفقهاء بالترك وجوباً كالسيد الكلبايكاني او استحباباً كالسيد اليزدي وغيره .
( والحقنة بالجامد ) لذهاب بعض الفقهاء الى مفطريتها كالحقنة بالمائع فاحتياطاً بقولهم يقال بالكراهة وإن كان المشهور عدم البأس بها واختصاص المفطرية بالمائع كما تقدم في المفطر التاسع .
( وقلع الضرس بل مطلق إدماء الفم ) لما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام " في الصائم ينزع ضرسه ؟ قال : لا ، ولا يدمي فمه " ، والكراهة هنا في إدماء الفم مطلقة وإن لم يستلزم الضعف ، فما تقدم من كراهة إخراج الدم المضعف يكون في غير إدماء الفم .
( والسواك بالعود الرطب ) للنهي عنه في جملة من النصوص ، المحمول على الكراهة .
( والمضمضة عبثا ) لمجرد العبث والتلذذ والتبرد من العطش وليس لأجل غرض صحيح كالوضوء مثلاً ولو دخل الماء الجوف من دون قصد فعليه القضاء بخلاف ما إذا كانت المضمضة لوضوء الفريضة فلا يبطل الصوم كما سيأتي إن شاء الله في آخر الفصل الثالث ، والكراهة إنما تكون مع عدم العلم بالدخول الى الحلق وأما مع العلم بالدخول فتحرم ، بل يجب القضاء والكفارة لو دخل لكونه من الإفطار العمدي .
( وإنشاد الشعر ) للنهي عنه في الأخبار ( إلا في مراثي الأئمة عليهم السلام ومدائحهم ) لما عن خلف بن حماد : " قلت للرضا ( ع ) : إن أصحابنا يروون عن آبائك : أن الشعر ليلة الجمعة ، ويوم الجمعة ، وفي شهر رمضان ، وفي الليل مكروه . وقد هممت أن أرثي أبا الحسن ( ع ) ، وهذا شهر رمضان . فقال ( ع ) : إرث أبا الحسن ( ع ) في ليلة الجمعة ، وفي شهر رمضان وفي الليل وفي سائر الأيام ، فإن الله عز وجل يكافؤك على ذلك بالثواب الجزيل " .

مولى أبي تراب 10-08-2012 10:26 AM

وفي الخبر : ( إذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم عن الكذب ، وغضوا أبصاركم ، ولا تنازعوا ، ولا تحاسدوا ولا تغتابوا ، ولا تماروا ، ولا تكذبوا ، ولا تباشروا ، ولا تخالفوا ، ولا تغضبوا ، ولا تسابوا ، ولا تشاتموا ، ولا تنابزوا ، ولا تجادلوا ، ولا تباذوا ، ولا تظلموا ، ولا تسافهوا ، ولا تزاجروا ، ولا تغفلوا عن ذكر الله تعالى ) الحديث طويل .
-------------------------
قال السيد الصدر في منهج الصالحين ( ان هذه الصفات مطلوبة في كل الاحوال, سواء في الصوم أم غيره، كما لا يختلف الصوم بين كونه واجباً أو مستحباً, وسواء كان اداء ام قضاء ام كفارة ام غير ذلك ) .
ولكن لا إشكال في أنها تتأكد في أثناء الصوم وخاصة صوم رمضان كيما يحقق الصوم الغرض من تشريعه وهو التقوى كما قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة / 183 ، وما لم يصل الصوم بصاحبه الى هذه الحالات والصفات فهو صوم لم يحقق الغرض والهدف منه إذ لا يمكن تصور التقوى من دون الاتصاف بهذه الصفات ، بل هو تعب وجوع وعطش ليس الا كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : ( كم من صائم ليس له من صيامه إلا الظمأ والجوع ، وكم من قائم ليس له من قيامه إلا العناء ، حبذا صوم ( نوم ) الأكياس وإفطارهم ) .
والماتن ذكر بعض الحديث الذي وصفه بالطويل وتمامه ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
( إن الصيام ليس من الطعام والشراب وحده إنما للصوم شرط يحتاج أن يحفظ حتى يتم الصوم ، وهو الصمت الداخل ، أما تسمع قول مريم بنت عمران ، اني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم انسيا ، يعنى صمتا ، فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم عن الكذب ، وغضوا أبصاركم ولا تنازعوا ولا تحاسدوا ولا تغتابوا ولا تماروا ولا تكذبوا ولا تباشروا ولا تخالفوا ولا تغاضبوا ولا تسابوا ولا تشاتموا ولا تنابزوا ولا تجادلوا ولا تبادوا ولا تظلموا ولا تسافهوا ولا تزاجروا ولا تغفلوا عن ذكر الله وعن الصلاة وألزموا الصمت والسكوت والحلم والصبر والصدق ومجانبة أهل الشر واجتنبوا قول الزور والكذب والفراء والخصومة وظن السوء والغيبة والنميمة ، وكونوا مشرفين على الآخرة منتظرين لأيامكم ، منتظرين لما وعدكم الله متزودين للقاء الله ، وعليكم السكينة والوقار والخشوع والخضوع وذل العبد الخائف من مولاه راجين خائفين راغبين راهبين قد طهرتم القلوب من العيوب وتقدست سرائركم من الخب ونظفت الجسم من القاذورات تبرأ إلى الله من عداه وواليت الله في صومك بالصمت من جميع الجهات مما قد نهاك الله عنه في السر والعلانية وخشيت الله حق خشيته في السر والعلانية ووهبت نفسك لله في أيام صومك ، وفرغت قلبك له ونصبت قلبك له فيما أمرك ودعاك إليه فإذا فعلت ذلك كله فأنت صائم لله بحقيقة صومه صانع لما أمرك ، وكلما نقصت منها شيئا مما بينت لك فقد نقص من صومك بمقدار ذلك " إلى أن قال : " إن الصوم ليس من الطعام والشراب إنما جعل الله ذلك حجابا مما سواها من الفواحش من الفعل والقول يفطر الصوم ما أقل الصوّام وأكثر الجوّاع ) وسائل الشيعة ج7 ص119

مولى أبي تراب 12-08-2012 05:44 PM

تتميم
المفطرات المذكورة إنما تفسد الصوم إذا وقعت على وجه العمد والاختيار ، وأما مع السهو وعدم القصد فلا تفسده ، من غير فرق في ذلك بين أقسام الصوم من الواجب المعين والموسع والمندوب . فلو أخبر عن الله ما يعتقد أنه صدق فتبين كذبه أو كان ناسيا لصومه فاستعمل المفطر أو دخل في جوفه شئ قهرا بدون اختياره لم يبطل صومه ، ولا فرق في البطلان مع العمد بين العالم والجاهل ، نعم لا يبعد عدم البطلان في الجاهل القاصر غير المتردد بالإضافة إلى ما عدا الأكل والشرب والجماع من المفطرات ، وفي حكمه المعتمد في عدم مفطريتها على حجة شرعية .
------------------------------
بعد أن فرغ من تعداد المفطرات وذِكر ما يتعلق بكل واحد منها ، ذكراً تتميماً تعرض فيه الى حكم عام لكل المفطرات ، وهو أن ما تقدم من المفطرات إنما تبطل الصوم بشرط أن تصدر عن عمد واختيار بحيث يتعمد الصائم فعل المفطر باختياره قاصداً للإفطار ، بخلاف ما إذا كان غير قاصد للإفطار كالساهي و الناسي كما لو نسي أنه صائم فشرب الماء فإنه وإن تعمد الشرب ولكن لم يقصد الإفطار لنسيان الصوم ، وكمن اعتقد أن المائع الخارجي مضاف فارتمس فيه فتبين أنه ماء - بناء على مفطرية الارتماس وعدم لحوق المضاف بالماء فيه - فهو غير قاصد للإفطار وإن تعمد الارتماس ، وكما لو أخبر عن الله تعالى او المعصومين عليهم السلام ما يعتقد أنه صدق فتبين كذبه فهو وإن كان عامداً في إخباره الا أنه غير قاصد للإفطار لاعتقاده صدق الخبر ، ففي جميع ذلك ونحوه هو وإن كان قاصداً للفعل الا أنه غير قاصد للإفطار
وبخلاف ما إذا كان فعل المفطر ليس باختياره بل قهراً كما لو زلت قدمه فارتمس في الماء بغير اختياره وكسبق المني بفعل موجبه مع الوثوق بعدم الخروج ، وكما إذا وُجر الماء في حلقه بغير اختياره ونحو ذلك فلا يبطل الصوم لعد صدور المفطر عن اختيار وإرادة
نعم لا بد من استثناء البقاء على الجنابة فإن مفطريته لا تختص بالعمد بل تشمل النسيان أيضاً كما تقدم في المسألة (988) وكذا يبطل الصوم في النومة الثانية والثالثة مع وجود النية للغسل وعدم العمد بالبقاء على الجنابة كما تقدم في المسألة (993) ، كما لا بد من استثناء بعض موراد وجوب القضاء دون الكفارة كالمضمضة ومن استعمل المفطر بعد طلوع الفجر جاهلاً بطلوعه و سبق المني بفعل موجبه إذا لم يكن قاصداً و لا من عادته كما سيأتي إن شاء الله في آخر الفصل الثالث فيجب في هذه الموارد القضاء رغم عدم العمد في الإفطار ، لكن هذه استثناءات من القاعدة دل الدليل عليها .
وعموماً القاعدة وهي عدم بطلان الصوم بفعل المفطرات الا مع العمد والاختيار محل اتفاق ولا خلاف فيها بلا فرق بين أقسام الصوم سواء الواجب المعين كصوم رمضان أو الموسع أي غير المعين كالقضاء او الصوم المندوب فلا يبطل شيء من الصوم بفعل المفطرات الا مع العمد والاختيار .
ثم إنه لا فرق في بطلان الصوم بفعل المفطر عن عمد واختيار بين العالم بالحكم والمفطرية والجاهل به فمن احتقن بالمائع عن عمد واختيار بطل صومه وإن كان جاهلاً بمفطريته للصوم ، فالعلم بالمفطرية ليس شرطاً في بطلان الصوم ووجوب القضاء ، نعم هو شرط في وجوب الكفارة فلا تجب الكفارة على من ارتكب المفطر الا مع العلم بمفطريته كما سيأتي أول الفصل الثالث إن شاء الله تعالى ، أما البطلان ووجوب القضاء فإنه يشمل كل من ارتكب المفطر عن عمد واختيار سواء كان عالماً بأنه من المفطرات أو لا ، فالجاهل بالمفطرية كالعالم بها في بطلان صومه ووجوب القضاء عليه بفعل المفطر وإن اختلف عنه في عدم وجوب الكفارة عليه والإثم .
ثم إن شمول الحكم للجاهل هل يعمّ كلا قسميه القاصر والمقصر أم يختص بالمقصر ؟
الجواب / المعروف هو الشمول فسواء كان الجاهل قاصراً او مقصراً فحكمه حكم العالم في بطلان الصوم بفعل المفطر عن عمد واختيار فمن احتقن بالمائع عامداً مختاراً جاهلاً بمفطريته بطل صومه سواء كان قاصراً في جهله بمفطرية الاحتقان بالمائع او مقصراً .
الا أن السيد الماتن فصّل في المسألة ، وحاصل التفصيل : أن المفطر إن كان هو الأكل او الشرب او الجماع فلا فرق حينئذٍ بين القاصر والمقصر فكلاهما كالعالم في بطلان الصوم بفعل أحد هذه المفطرات الثلاثة ، أما في باقي المفطرات فالحكم بالبطلان مختص بالجاهل المقصر دون القاصر فمن احتقن بالمائع جاهلاً بمفطريته إنما يبطل صومه إن كان مقصراً في جهله وأما إذا كان قاصراً ومعذوراً في جهله بمفطرية الاحتقان بالمائع فصومه حينئذٍ صحيح الا إذا كان متردداً أي شاكاً في المفطرية قبل فعله فإن فعله حينئذٍ بطل صومه .
قوله ( وفي حكمه المعتمد في عدم مفطريتها على حجة شرعية ) أي وفي حكم الجاهل القاصر في عدم بطلان صومه بفعل المفطرات في غير الأكل والشرب والجماع من اعتمد على حجة شرعية في عدم مفطريتها ، فمن قامت عنده حجة شرعية على عدم مفطرية الحقنة بالمائع او تعمد القيء ففعل فصومه صحيح كالجاهل القاصر .
خلاصة الكلام /
إنما يبطل الصوم - بجميع أقسامه - بفعل المفطرات بشرطين :
الأول / العمد بأن يقصد الإفطار مع عدم قصد الإفطار كما في السهو و النسيان
الثاني / الاختيار بأن يصدر الفعل عن إرادة ورغبة فلا يبطل الصوم بفعل المفطر قهراً .
ولا فرق في بطلان الصوم بفعل المفطر مع العمد والاختيار بين العالم بكونه مفطراً والجاهل به
كما لا فرق في الجاهل بين كونه قاصراً أو مقصراً في جميع المفطرات على الرأي المعروف ، وفي خصوص الأكل والشرب والجماع على رأي الماتن ، أما باقي المفطرات فيختص البطلان بالمقصر دون القاصر الا إذا كان متردداً شاكاً في كون ما يفعله من المفطرات ، وفي حكمه من اعتمد على حجة شرعية في عدم مفطرية غير الثلاثة .

مولى أبي تراب 12-08-2012 05:45 PM

مسألة 1005 : إذا أكره الصائم على الأكل أو الشرب أو الجماع فأفطر به بطل صومه وكذا إذا كان لتقية سواء كانت التقية في ترك الصوم كما إذا أفطر في عيدهم تقية أم كانت في أداء الصوم كالافطار قبل الغروب ، فإنه يجب الافطار حينئذ ولكن يجب القضاء ، وأما لو أكره على الافطار بغير الثلاثة المتقدمة أو أتى به تقية ففي بطلان صومه اشكال ، فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط بالاتمام والقضاء .
--------------------------------
إذا أُكره الصائم وأُجبر على فعل المفطر ، فهذا الإكراه يتصور على نحوين :
النحو الأول / أن يكون وقوع المفطر بلا عمد منه ولا اختيار ، بحيث لا يصدر المفطر عن حركة إرادية منه ولا يفعله بنفسه بل يكون مقهوراً عليه ، كالموجر في حلقه أي الذي يصب الماء في حلقه رغماً عنه ، ولا خلاف في أن هذا معذور وصومه صحيح لأنا اشترطنا في بطلان الصوم وقوع المفطر عن عمد واختيار وهذا غير عامد ولا مختار إذ لم يصدر المفطر منه أصلاً حتى يكون كذلك .
النحو الثاني / أن يكون وقع المفطر بفعله مباشرة وباختياره ، غاية الأمر أنه مكره على ذلك وأن فعله المفطر ليس عن طيب نفسه ، كمن هدّده غيرُه وتوعّده بالمكروه والضرر إن لم يفطر ، فأفطر دفعاً للضرر وتخلصاً من المكروه ، وكلام الماتن في هذا النحو الثاني من الإكراه
والمعروف في هذا النحو من الإكراه بطلان الصوم في جميع المفطرات لأن فعل المفطر صدر عن عمد واختيار وقلنا في المسألة السابقة أن فعل المفطر مع العمد والاختيار يبطل الصوم ، وهنا نقول بلا فرق بين أن يكون ذلك عن طيب نفس ورغبة في فعل المفطر أو عن إكراه ودفعاً للضرر المتوعد به ، فالمهم أنه فعل المفطر عن اختيار أياً كان الدافع لارتكابه ، نعم هو معذور فعليه القضاء فقط دون الكفارة .
وفي مقابل هذا القول المعروف ببطلان الصوم بفعل المفطر عن إكراه أياً كان المفطر ، فصل الماتن والسيد الصدر بين الأكل والشرب والجماع فمن أكره على واحد منها ففعل فلا شك في بطلان صومه وعليه القضاء وبين باقي المفطرات فجزم السيد الصدر بعدم البطلان وأما الماتن فاستشكل وتردد في بطلان الصوم بفعلها عن إكراه ، فمن أكره على الكذب على الله او المعصومين ففعل فهل يبطل صومه أو لا ؟ على رأي السيد الصدر لا يبطل ، وعلى رأي الماتن فيه إشكال ، فيحتمل البطلان لأجل صدوره عن اختيار ، ويحتمل عدم البطلان لمكان الإكراه فحينئذٍ الاحتياط الوجوبي يقتضي إتمام الصوم لاحتمال الصحة وبعد ذلك القضاء لاحتمال البطلان .
« حكم الإفطار لتقية »
إذا أفطر لتقية كما إذا أفطر في آخر يوم من شهر رمضان مجاراةً لحكم غيرنا بأنه يوم العيد وأول شوال ، أو أفطر في أحد أيام رمضان تقية بمجرد سقوط قرص الشمس الذي هو الغروب برأي غيرنا ولم ينتظر حتى زوال الحمرة المشرقية الذي هو وقت الغروب عندنا (1) ، فهل يبطل صومه كالمكره أم صومه صحيح لأجل التقية ؟
المعروف بطلان الصوم لأنه من فِعل المفطر عن عمد واختيار ، وكل من فعل المفطر عن عمد واختيار بطل صومه وإن كان لتقية ، فالإفطار لتقية حكمه حكم الإفطار عن إكراه ، وعليه فيأتي الخلاف المتقدم في الإكراه بين الماتن والسيد الصدر وبين غيرهما هنا أيضاً ، فالمعروف بطلان الصوم بالإفطار لتقية أياً كان المفطر الذي فعله ، بينما خص الماتن والسيد الصدر بطلان الصوم إن أفطر بالأكل او الشرب او الجماع لتقية أما إذا أفطر بغير ذلك كما إذا تعمد القيء لتقية ففي بطلان صومه على رأي الماتن إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط بالاتمام والقضاء ، وعلى رأي السيد الصدر لا يبطل الصوم حينئذٍ .
.
.
___________________________________
(1) لا خلاف بين المسلمين في أن الصوم ينتهي بالغروب الذي هو موعد صلاة المغرب ، ولكن متى يتحقق الغروب ؟ رأي غير الإمامية أنه يتحقق باستتار قرص الشمس ووافقهم قليل من علمائنا ، والمعروف والمشهور عند الإمامية - ولو من باب الاحتياط الوجوبي - أنه يتحقق بذهاب الحمرة المشرقية وهي ضوء الشمس الذي يبقى في المشرق بعد استتار القرص ، والحمرة المشرقية تكون متأخرة عن استتار القرص باثنتي عشرة دقيقة تقريباً ، ويسمون ذهاب الحمرة المشرقية بالغروب الشرعي واستتار القرص بالغروب العرفي . وهناك حمرة أخرى تسمى بالحمرة المغربية وهي ضوء الشمس بعد استتار قرصه في جهة المغرب وتسمى بالشفق وتكون متأخرة عن استتار قرص الشمس بساعة تقريباً ، فأولاً يستتر قرص الشمس ثم بعد اثنتي عشرة دقيقة تقريباً يغيب ضوؤها من جهة المشرق المسمى بالحمرة المشرقية ثم بعد ساعة تقريباً من استتار قرص الشمس يغيب ضوؤها من جهة المغرب المسمى بالحمرة المغربية أو الشفق . هذا كله في غروب الشمس وهناك حمرة مشرقية أخرى تكون عند شروق الشمس وتكون سابقة على ظهور القرص لا متأخرة عنه كما في الغروب ، فهي عبارة عن ضوء الشمس الذي يظهر من جهة المشرق قبل ظهور القرص .

مولى أبي تراب 12-08-2012 05:47 PM

مسألة 1006 : إذا غلب على الصائم العطش وخاف الضرر من الصبر عليه ، أو كان حرجا جاز أن يشرب بمقدار الضرورة ولا يزيد عليه على الأحوط ، ويفسد بذلك صومه ، ويجب عليه الامساك في بقية النهار إذا كان في شهر رمضان على الأحوط ، وأما في غيره من الواجب الموسع أو المعين فلا يجب .
------------------------------
الكلام هنا ليس عن ذي العطاش المرخّص في الإفطار والمذكور في الفصل الخامس فذاك مرخص في الإفطار ابتداءً ومن أول الأمر ، والمعروف وجوب الفدية عليه ، وفي وجوب القضاء خلاف تقدم الكلام فيه هناك
بل الكلام هنا عن شخص سليم ليس مصاباً بداء العطاش لكن صادف أن أصابه العطش في نهار الصوم فغلبه بحيث خاف إن لم يشرب يقع في الضرر او الحرج البالغين فهل يجوز له شرب الماء ورفع العطش ؟ وعلى تقدير الجواز ما حكم صومه ؟
فههنا سؤالان ، أما الأول فلا إشكال في جواز شرب الماء للصائم الذي غلبه العطش لأجل دفع الضرر والحرج البالغين اللذَين لا طاقة له بتحملهما بحيث يستوجب عدم الشرب الهلاك مثلاً ، دونما إذا كان عطشاً يمكن تحمله ولو بصعوبة نسبية لا تؤدي الى الضرر والحرج ، بل قد يجب شرب الماء كما إذا خاف الهلاك او الضرر البالغ الذي يحرم تحمله .
وأما السؤال الثاني فالمعروف بطلان صومه بذلك لأنه شرِب الماء عن عمد واختيار وكل من شرب الماء كذلك بطل صومه وإن كان مضطراً لرفع العطش الضرري فوجود العذر في تعمد تناول المفطر لا يعني صحة الصوم كما هو الحال في الإكراه والتقية فكذا هنا ، نعم ليس عليه الكفارة لأنه معذور ومأذون شرعاً بالإفطار وشرب الماء . وبطلان الصوم لا يعني الاسترسال في المفطرات بل يجب الاقتصار في شرب الماء على المقدار الذي يرتفع به العطش ويندفع به الضرر والحرج ولا تجوز الزيادة على ذلك فيمسك بقية النهار ، هذا إذا كان في شهر رمضان دون غيره من أنواع الصوم كالقضاء فلا يجب الإمساك وتجوز الزيادة على مقدار الضرورة .
وفي مقابل هذا القول اختار بعض الفقهاء صحة صوم رمضان دون غيره فمن كان صائماً في رمضان فغلبه العطش جاز له أن يشرب الماء بمقدار الضرورة ورفع العطش ولا يزيد ويصح صومه لأنه مضطر فيشمله حديث رفع الاضطرار ، بخلاف باقي أنواع الصوم فإنها تبطل بشرب الماء ، وممن ذهب الى ذلك السيد محمد سعيد الحكيم حيث اختار صحة الصوم إن كان شرب الماء لدفع الضرر أما إذا كان لأجل الحرج الذي يصعب تحمله ففي البطلان إشكال فيصوم احتياطاً ثم يقضي ، وممن استشكل في بطلان الصوم السيد الصدر سواء كان الشرب لأجل الضرر او الحرج فأوجب الاستمرار في الصوم بعد الشرب رجاء المطلوبية ثم القضاء احتياطاً برجاء المطلوبية ايضاً .
.
الى هنا ينتهي الكلام في الفصل الثاني / المفطرات
ثم الكلام في الفصل الثالث / كفارة الصوم
يأتي إن شاء الله تعالى

الحوزويه الصغيره 13-08-2012 05:21 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم

آحسنتم شيخنا الفاضل على هذه المعلومات وهذا التوضيح
في موازين حسناتكم ان شاء الله تعالى ..
موفق بحق الآل

مولى أبي تراب 13-08-2012 11:29 PM

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
اللهُمَّ صَلِّ على مُحمَّدٍ وآلِ مُحمَّد
أحسن الله إليكم وجزاكم خيراً فاضلتنا / الحوزوية الصغيرة

أسأل الله أن يحفظكم ويتقبل أعمالكم


مولى أبي تراب 13-08-2012 11:30 PM

الفصل الثالث / كفارة الصوم
تجب الكفارة بتعمد الافطار بالأكل أو الشرب أو الجماع أو الاستمناء أو البقاء على الجنابة في صوم شهر رمضان ، أو بأحد الأربعة الأول في قضائه بعد الزوال ، أو بخصوص الجماع في صوم الاعتكاف ، أو بشئ من المفطرات المتقدمة في الصوم المنذور المعين ، والظاهر اختصاص وجوب الكفارة بمن كان عالما بكون ما يرتكبه مفطرا ، وأما الجاهل القاصر أو المقصر غير المتردد فلا كفارة عليه على الأظهر ، فلو استعمل مفطرا باعتقاد أنه لا يبطل الصوم لم تجب عليه الكفارة سواء اعتقد حرمته في نفسه أم لا على الأقوى ، فلو استمنى متعمدا عالما بحرمته معتقدا ولو لتقصير عدم بطلان الصوم به فلا كفارة عليه ، نعم لا يعتبر في وجوب الكفارة العلم بوجوبها .
------------------------
بعد أن فرغ الماتن من الحديث عن المفطرات في الفصل السابق ، عقد الكلام في هذا الفصل في كفارة الصوم بفعل المفطرات ، ومن خلاله ستتم الإجابة على عدة تساؤلات وهي :
1. ما هي المفطرات الموجبة للكفارة ؟
2. ما هي أنواع الصوم التي تجب فيها الكفارة ؟
3. ما هي الشروط التي تجب معها الكفارة ؟
4. ما هي الكفارة ؟
5. ما هي أحكام الكفارة ؟
6. ما هو مصرف الكفارة ؟
وفي الكلام المذكور أعلاه للماتن أجاب عن الأسئلة الثلاثة الأولى
أما السؤال الأول / ما هي المفطرات الموجبة للكفارة ؟
فالمعروف بين الفقهاء أن جميع المفطرات فعلها مع العمد والاختيار يوجب الكفارة فمن احتقن بالمائع مع العمد والاختيار وجبت عليه الكفارة كمن أكل أو شرب ، لا يفرق في ذلك بين صوم رمضان أو غيره مما يجب فيه الكفارة من أنواع الصوم فكل المفطرات توجب الكفارة ولو على نحو الاحتياط الوجوبي في بعضها وعلى هذا الرأي أغلب الفقهاء ، نعم يستثنى صوم الاعتكاف فالمعروف اختصاص الكفارة فيه بالجماع دون غيره ، وفي مقابل هذا القول ذهب بعض الفقهاء الى التفصيل فأوجبوا الكفارة في بعض المفطرات دون بعض وإن فعلها مع العمد والاختيار ومنهم السيد الماتن حيث ذهب الى التفصيل وحاصله :
1. في صوم رمضان لا تجب الكفارة بشيء من المفطرات الا في خمسة فقط : الأكل والشرب والجماع والاستمناء والبقاء على الجنابة ، فمن أفطر في صوم رمضان بواحد من هذه المفطرات الخمسة عامداً وجبت عليه الكفارة دون ما سواها فلا يجب الا القضاء .
2. وفي صوم القضاء فلا تجب الكفارة الا بأربعة من المفطرات : الأكل والشرب والجماع والاستمناء ، هذا إذا كان فعل المفطر بعد الزوال أما قبله فلا تجب الكفارة أصلاً في صوم القضاء كما سيأتي في المسألة التالية إن شاء الله .
3. وفي صوم الاعتكاف فلا تجب الكفارة الا بالجماع دونما سواه ، وهذا هو المعروف ولم يختص به الماتن .
4. نعم في الصوم المنذور المعين تجب الكفارة بفعل كل واحد من المفطرات .
فتحصل أن الخلاف بين الماتن والقول المعروف هو في صوم رمضان وقضائه فقط فالمعروف وجوب الكفارة فيهما بكل واحد من المفطرات بينما خص الماتن الوجوب ببعض المفطرات ، ومنشأ الخلاف اختلاف الأنظار فيما يمكن أن يستفاد من الأخبار ، أما في صوم الاعتكاف فالماتن وافق غيره في اختصاص الكفارة بالجماع فقط ، كما وافقهم في صوم النذر المعين بتعميم وجوب الكفارة الى جميع المفطرات .
*******
وأما السؤال الثاني / ما هي أنواع الصوم التي تجب فيها الكفارة ؟
فمن خلال تفصيل الماتن في جواب السؤال الأول اتضحت الإجابة عن هذا السؤال وهو أن الصوم الذي تجب فيه الكفارة أربعة أنواع : صوم شهر رمضان ، صوم قضاء شهر رمضان إذا وقع المفطر بعد الزوال دونما قبله ، صوم الاعتكاف ، الصوم المنذور المعين .
ففي هذه الأنواع الأربعة من الصوم تجب الكفارة دون ما سواها كالمندوب فلا إشكال في عدم وجوب الكفارة فيه لعدم المنع من الإفطار فيه أصلاً ، وكالنذر غير المعين فلا كفارة في إفطار صيام يوم وفاء للنذر غير المعين بل يصوم في يوم آخر ما لم يتضيق ، وهكذا باقي أنواع الصوم
نعم هذه الأصناف الأربعة التي تجب فيها الكفارة وإن اشتركت في أصل وجوب الكفارة فيها ، الا أن نوع الكفارة يختلف بينها فكفارة الإفطار في رمضان غير كفارة الإفطار في قضائه كما سيتضح في المسألة التالية إن شاء الله .

مولى أبي تراب 13-08-2012 11:32 PM

وأما السؤال الثالث / ما هي الشروط التي تجب معها الكفارة ؟
جوابه / تجب الكفارة بشرطين :
1. أن يكون عامداً في فعل المفطر مختاراً قاصداً للإفطار وهذا ما أشار اليه الماتن بقوله ( تجب الكفارة بتعمد الافطار ) فلا تجب الكفارة مع السهو والنسيان والإكراه والتقية وبشكل عام تجب الكفارة حيث يكون عاصياً في إفطاره قاصداً التمرد على امتثال الصوم الواجب ، دونما إذا كان معذوراً في إفطاره .
2. أن يكون عالماً بأن ما يفعله من المفطرات ، أما إذا كان جاهلاً بمفطرية ما يفعل لم تجب عليه الكفارة وإن كان عامداً ، كمن تعمّد البقاء على الجنابة جاهلاً بمفطريته فهو وإن بطل صومه لما تقدم في مبحث ( تتميم ) أن بطلان الصوم لا يشترط فيه العلم وأن كل من تعمد فعل المفطر بطل صومه وإن كان جاهلاً بالمفطرية ، لكن لا تجب عليه الكفارة لأن وجوب الكفارة مشروط بالعلم بكون ما يرتكبه مفطراً ، لذا قال الماتن ( والظاهر اختصاص وجوب الكفارة بمن كان عالما بكون ما يرتكبه مفطرا ) فالعلم بالمفطرية شرط في وجوب الكفارة وإن لم يكن شرطاً في وجوب القضاء ، فالجاهل بكون ما يرتكبه من المفطرات يبطل صومه مع التعمد لكن لا تجب عليه الكفارة سواء كان جاهلاً قاصراً أي معذوراً في جهله بالمفطرية أو مقصراً بأن لم يكن معذوراً في جهله بالمفطرية ، فمن شرب الدواء متعمداً جاهلاً بالمفطرية بطل صومه لكن لا تجب الكفارة سواء كان جهله بمفطرية الدواء عن قصور أو عن تقصير ، خلافاً لبعض الفقهاء حيث أوجب الكفارة على المقصر ، نعم استثنى الماتن والسيد الصدر المقصر المتردد فمن كان جاهلاً مقصراً بمفطرية ما يفعله إذا تردد وشك في مفطريته ومع ذلك فعله وجبت الكفارة عليه .
ثم إن بعض الفقهاء استثنى المفطرات المحرمة كالكذب على الله والمعصومين والاستمناء فمن ارتكبها عالماً بحرمتها وجبت عليه الكفارة وإن كان جاهلاً بمفطريتها كما هو رأي السيد الخوئي وغيره بل هو القول المعروف ، الا أن الماتن والسيد الصدر اختارا عدم الاستثناء وعدم وجوب الكفارة على الجاهل بمفطرية ما يرتكبه حتى لو كان عالماً بحرمته .
والحاصل / أن مرتكب المفطر - الذي تجب فيه الكفارة على رأي الماتن - لا يخلو : أن يكون عالماً بكونه مفطراً ولا إشكال في وجوب الكفارة عليه ، أو يكون جاهلاً قاصراً بمفطريته ولا إشكال على الرأي المعروف بعدم وجوب الكفارة عليه ، أو يكون جاهلاً مقصراً فالمعروف عدم وجوب الكفارة عليه لكن استثنى الماتن والسيد الصدر المتردد فأوجبا عليه الكفارة ، أو يكون عالماً بحرمته وإن جهل مفطريته فالمعروف وجوب الكفارة عليه الا أن السيد الماتن والسيد الصدر اختارا عدم وجوب الكفارة عليه .
قوله ( نعم لا يعتبر في وجوب الكفارة العلم بوجوبها ) أي يشترط العلم بالمفطرية في وجوب الكفارة فلا تجب الكفارة على من كان جاهلاً بمفطرية ما يرتكبه ، لكن لا يشترط العلم بوجوب الكفارة في وجوبها فمن كان يجهل وجوب الكفارة في فعل المفطرات تجب عليه الكفارة بفعل المفطرات ما دام عالماً بمفطريتها ، فمن شرب الماء عامداً في نهار رمضان وكان عالماً بكونه من المفطرات وجبت عليه الكفارة وإن كان جاهلاً بوجوب الكفارة على من أفطر عامداً ، فليس شرط اشتغال الذمة بالكفارة أن يعلم بتشريعها بل يكفي أن يعلم بأن ما يفعله من المفطرات مع التعمد في فعله .
خلاصة المسألة /
1. المعروف أن جميع المفطرات توجب الكفارة وخالف السيد الماتن فخصص وجوب الكفارة في رمضان بالأكل والشرب والجماع والاستمناء والبقاء على الجنابة دون غيرها ، وبالأكل والشرب والجماع والاستمناء في صوم القضاء ، نعم في صوم النذر المعين تجب الكفارة بفعل أي واحد من المفطرات .
2. يختص وجوب الكفارة بأربعة أصناف من الصوم : صوم شهر رمضان ، صوم قضاء شهر رمضان إذا وقع المفطر بعد الزوال دونما قبله ، صوم الاعتكاف ، الصوم المنذور المعين .
3. لا تجب الكفارة الا على العامد في فعل المفطر العالم بكونه مفطراً دون الجاهل سواء كان قاصراً أو مقصراً على الرأي المعروف واستثنى الماتن والسيد الصدر المقصر المتردد فتجب عليه الكفارة ، والمعروف استثناء العالم بحرمة فعل المفطر كالاستمناء فتجب عليه الكفارة وإن جهل مفطريته وخالف السيد الماتن والسيد الصدر فحكما بعدم وجوب الكفارة عليه أيضاً ما دام جاهلاً بمفطريته حال ارتكابه .

مولى أبي تراب 13-08-2012 11:39 PM

مسألة 1007 : كفارة إفطار يوم من شهر رمضان مخيرة بين عتق رقبة ، وصوم شهرين متتابعين ، وإطعام ستين مسكينا ، لكل مسكين مد . وكفارة إفطار قضاء شهر رمضان بعد الزوال إطعام عشرة مساكين ، لكل مسكين مد ، فإن لم يتمكن صام ثلاثة أيام ، وكفارة إفطار الصوم المنذور المعين كفارة يمين ، وهي عتق رقبة ، أو إطعام عشرة مساكين ، لكل واحد مد ، أو كسوة عشرة مساكين ، فإن عجز صام ثلاثة أيام متواليات .
-----------------------------
في هذه المسألة يجيب الماتن عن السؤال الرابع من الأسئلة الستة المتقدمة وهو :
ما هي الكفارة ؟
وقد تقدمت الإشارة الى اختلاف نوعية الكفارة بين أنواع الصوم الأربعة التي تجب فيها الكفارة وهي : صوم شهر رمضان ، صوم قضاء شهر رمضان إذا وقع المفطر بعد الزوال دونما قبله ، صوم الاعتكاف ، الصوم المنذور المعين .
أما كفارة الإفطار في صوم رمضان عن كل يوم منه فهي التخيير بين عتق رقبة وصيام شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكيناً لكل مسكين مد من الطعام أي ثلاثة أرباع الكيلو ، فيتخير في التكفير بين واحد من هذه الخصال الثلاث فأيها اختار يتحقق التكفير ، والقول بالتخيير هو المعروف والمشهور .
وكفارة صوم الاعتكاف هي نفسها كفارة صوم رمضان على القول المعروف واختار بعضهم كالسيد الصدر والشيخ الفياض أنها مرتبة لا مخيرة فتكون ككفارة الظهار فيجب عتق رقبة أولاً فإن عجز فالصيام وإلا فالاطعام .
وأما كفارة الإفطار في صوم القضاء بعد الزوال فهي على المشهور إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد فإن لم يتمكن صام ثلاثة أيام ، فيجب الترتيب بأن يكفّر بالإطعام أولاً فإن عجز انتقل الى التكفير بالصوم .
أما قبل الزوال فالمشهور جواز الافطار لما تقدم من استمرار نية الواجب غير المعين الى الزوال وحينئذٍ لا خلاف في عدم وجوب الكفارة قبل الزوال في صوم القضاء لعدم حرمة الإفطار أًصلاً .
وأما كفارة إفطار الصوم المنذور المعين فهي كفارة يمين وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين لكل واحد مد أو كسوة عشرة مساكين فإن عجز صام ثلاثة أيام متواليات ، وهذا هو المعروف وذهب بعض الفقهاء الى أنها ككفارة شهر رمضان .
ونلاحظ أنها مخيرة مرتبة فيتخير أولاً بين ثلاث خصال العتق والإطعام والكسوة فأيها اختار صح فإن عجز عن الثلاثة انتقل الى الصوم ثلاثة أيام ولا يصح الانتقال الى الصوم مع القدرة على واحد من الثلاثة العتق والإطعام والكسوة .
ويلحق بالنذر المعين النذر غير المعين إذا صار معيناً بالعرض لأجل الضيق ، كما لو نذر صوم يوم من رجب فلم يصم إلى أن بقي منه يوم واحد فلا فرق بين المعين بالذات أو بالعرض في وجوب الكفارة .

مولى أبي تراب 13-08-2012 11:40 PM

مسألة 1008 : تتكرر الكفارة بتكرر الموجب في يومين ، لا في يوم واحد حتى في الجماع والاستمناء ، فإنها لا تتكرر بتكررهما على الأظهر ، ومن عجز عن الخصال الثلاث تصدق بما يطيق ، ومع التعذر يتعين عليه الاستغفار ولكن يلزم التكفير عند التمكن ، على الأحوط وجوبا .
---------------------------
في هذه المسألة وما بعدها يشرع الماتن في الإجابة عن السؤال الخامس فيتعرض الى أحكام الكفارة .
وقد ذكر في هذه المسألة حكمين :
الحكم الأول / لا خلاف في أن تكرر موجب الكفارة في يومين يوجب تتكرر الكفارة ، ونعني بموجب الكفارة فعل المفطر ، سواء كل واحد من المفطرات في صوم رمضان وقضائه على القول المعروف او خصوص الأكل والشرب والجماع والاستمناء والبقاء على الجنابة في صوم رمضان وخصوص الأربعة الأُوَل في قضائه على رأي الماتن ، والجماع في صوم الاعتكاف وكل واحد من المفطرات في صوم النذر المعين على رأي الجميع ، وإجمالاً موجب الكفارة هو المفطر الذي تجب الكفارة بفعله ، فلا خلاف في أنّ تكرّرَه بمعنى فعل الصائم له أكثر من مرة يوجب تكرار الكفارة وتعدد وجوبها إذا كان التكرار وتعدد فعل المفطر قد حصل في أكثر من يوم واحد ، كمن شرب الماء في يومين من شهر رمضان فلا إشكال في وجوب كفارتين عليه عن كل يوم واحدة .
وإنما الكلام في تكرر فعل المفطر في يوم واحد كمن شرب الماء في يوم واحد مرتين فهل تتعدد الكفارة فتجب عليه كفارتان ؟
الجواب / في المسألة قولان : القول الأول / لا تتكرر الكفارة بتكرر فعل المفطر في يوم واحد الا في الجماع والاستمناء فمن جامع في نهار واحد مرتين وجبت عليه كفارتان وهكذا لكل مرة كفارة ولو في يوم واحد وإن كان الإفطار وفساد الصوم قد تحقق في المرة الأولى ، ذهب الى ذلك السيد الخوئي والسيد الصدر وغيرهما بل هو القول المعروف ولو احتياطاً ، وبعضهم خص الحكم بالتكرار بالجماع فقط دون الاستمناء .
القول الثاني / عدم تكرر الكفارة بتكرر المفطرات مطلقاً حتى في الجماع والاستمناء فلا تجب الكفارة الا للمرة الأولى دون ما بعدها ، ذهب الى ذلك بعض الفقهاء منهم السيد الماتن .
وذهب بعض الفقهاء الى بعض التفصيلات مما لا داعي الى ذكرها بعد أن استقر الرأي على أحد القولين المذكورين ، كما أنه على القول الأول تتفرع عدة أحكام وتفصيلات تعرض لها السيد اليزدي رحمه الله في العروة الوثقى .
الحكم الثاني / من عجز عن التكفير بأن لم يتمكن من شيء من خصال الكفارة الثلاث في صوم رمضان ، لا العتق لانعدامه اليوم ولا صيام شهرين متتابعين كما لو عرض عليه المرض المانع من الصوم ولا الإطعام كما لو كان فقيراً ، فما حكمه ؟
الذي عليه الفقهاء المعاصرون الاحتياط الوجوبي بأن يتصدق بما يطيق ويضم إليه الاستغفار وهو الرأي المعروف كما عليه السيد الخوئي وغيره ، واختار الماتن الترتيب بينهما بأن يتصدق أولاً فإن لم يتمكن استغفر الله لا أن يضمه الى التصدق ، فيما ذهب السيد الصدر الى الاحتياط الوجوبي بالاستغفار فقط أما التصدق فهو أحوط استحباباً .
ثم أنه لو ارتفع العجز وتجددت القدرة على التكفير بعد فعل البدل كما لو تمكن من إطعام ستين مسكيناً بعد أن تصدق واستغفر فهل يجب عليه التكفير أم يكتفي بالبدل وتسقط الكفارة بفعله ؟
المعروف هو وجوب التكفير وعدم الاكتفاء بالبدل ولو على نحو الاحتياط الوجوبي .

مولى أبي تراب 13-08-2012 11:42 PM

مسألة 1009 : الأحوط الأولى في الافطار على الحرام الجمع في التكفير بين الخصال الثلاث المتقدمة .
------------------------------
تقدم أن كفارة الإفطار في شهر رمضان مخيرة بين عتق رقبة او صيام شهرين متتابعين او إطعام ستين مسكيناً فبفعل واحدة من هذه الخصال الثلاث يتحقق التكفير عن إفطار شهر رمضان ، هذا إذا كان المفطر الذي ارتكبه في نهار صوم رمضان مباحاً وحلالاً في حد نفسه كشرب الماء وإن حرم من جهة لزومه الإفطار ، فمن شرب الماء في نهار رمضان عامداً عالماً بمفطريته وجبت عليه الكفارة باختيار العتق او الصيام او الإطعام ولا خلاف في ذلك
وإنما الخلاف في ما لو أفطر في نهار رمضان على شيء محرم في نفسه أي محرم ولو في غير نهار رمضان ، سواء كانت حرمته ذاتية أصلية كالاستمناء وشرب الخمر وأكل لحم الخنزير والزنا والكذب على الله او المعصومين - بناء على إيجابه الكفارة كما هو المعروف خلافاً للماتن - أو كانت حرمة عارضة كالجماع أثناء الحيض ، فما حكمه ؟
الجواب / المعروف أن من أفطر على الحرام في نهار شهر رمضان يجب عليه الجمع بين الخصال الثلاث للكفارة فيعتق ويصوم شهرين متتابعين ويطعم ستين مسكيناً لا أن يكتفي بخصلة واحدة كما هو الحال فيمن أفطر على الحلال ، وهذا الرأي هو المعروف ولو على نحو الاحتياط الوجوبي كما هو رأي السيد الخوئي والسيد الصدر وغيرهما ، وإذا تعذر بعض الخصال كما هو الحال في العتق وجب عليه الباقي .
وفي مقابل هذا القول اختار السيد الماتن والشيخ الفياض عدم وجوب كفارة الجمع وأنّ حكم من أفطر على محرم حكم من أفطر على محلل فيكتفي بخصلة واحدة وإن كان الجمع أولى وأحوط استحباباً .

مولى أبي تراب 15-08-2012 04:37 PM

مسألة 1010 : إذا أكره زوجته على الجماع في صوم شهر رمضان فالأحوط وجوبا أن عليه كفارتين ، ويعزر بما يراه الحاكم الشرعي ، ولا فرق في الزوجة بين الدائمة والمنقطعة ، ولا تلحق الزوجة بالزوج إذا أكرهت زوجها على ذلك .
---------------------

تقدم في بحث المفطرات أن الجماع يوجب فساد الصوم للفاعل والمفعول ، وتقدم في أوائل هذا الفصل أن الجماع من موجبات الكفارة سواء على الرأي المعروف الذي أوجب الكفارة بفعل كل واحد من المفطرات أو على رأي الماتن الذي جعل موجبات الكفارة في صوم رمضان خمسة من المفطرات فقط أحدها الجماع ، وعليه إذا جامع الرجل زوجته فسد صومهما وعلى كل واحد منهما الكفارة والتعزير ، غير أنه إن كان مكرهاً لها على الجماع تحمّل عنها كفارتها مضافاً الى كفارته فتجب عليه كفارتان ، كما أن عليه التعزير وهو الجلد بالسوط لفعله المفطر ويتحمل عنها التعزير أيضاً وقد حدّده الفقهاء بخمسين سوطاً خمسة وعشرين عنه وخمسة وعشرين عن زوجته غير أن الماتن أوكل التحديد الى الحاكم الشرعي
وقد دلت على هذا الحكم وهو تحمل الزوج الكفارة والتعزير عن الزوجة إذا أكرهها على الجماع رواية وهي ما رواه المفضل بن عمرو عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) : " في رجل أتى امرأته وهو صائم وهي صائمة ؟ فقال : ان كان استكرهها فعليه كفارتان ، وإن كان طاوعته فعليه كفارة وعليها كفارة ، وإن كان أكرهها فعليه ضرب خمسين سوطاً نصف الحد ، وإن كان طاوعته ضرب خمسة وعشرين سوطاً وضربت خمسة وعشرين سوطاً "
ولما كانت الرواية ضعيفة سنداً والحكم على خلاف القاعدة (1) بنى أغلب الفقهاء ومنهم الماتن الحكم على الاحتياط الوجوبي لأن العمل بالرواية مشهور وأفتى به بعضهم ، وخالف الشيخ الفياض فقال هو الأحوط الأولى .
ولا فرق في الزوجة بين الدائمة والمنقطعة وذلك لإطلاق النص ، فالرواية ذكرت الزوجة ولم تفرق بين الدائمة والمنقطعة ، وسيأتي في المسألة (1013) ما يتعلق بهذه المسألة إن شاء الله تعالى .
وهل كذلك الحكم لو أكرهت الزوجةُ الصائمة زوجَها الصائم على الجماع ؟ فتتحمل عنه الكفارة والتعزير ؟
المعروف عدم ذلك اقتصاراً على مورد النص خصوصاً أن الحكم على خلاف القاعدة كما قلنا ، واحتاط السيد الصدر وجوباً بشمول الحكم للزوجة إذا أكرهت زوجها .
وقد تسأل / عرفنا أن الزوج إذا أكره زوجته على الجماع تحمل عنها الكفارة والتعزير ولكن ما حكم صومها ؟
الجواب / لمّا كانت مكرهة فيظهر الجواب مما تقدم في المسألة (1005) وذكرنا هناك نحوين للإكراه أحدهما الإكراه الذي يسلب الإرادة كالموجر في حلقه وقلنا هذا صومه صحيح ، والإكراه الذي لا يسلب الإرادة بل يصدر الفعل عن قصد لكن لا يكون الباعث له الرغبة به بل الإكراه عليه ودفعاً للضرر والتهديد فحينئذٍ يبطل الصوم ولا تجب الكفارة ، فهنا نقول إن بلغ الإكراه حد الغصب وسلب الإرادة فصومها صحيح ، وإن صدر الفعل منها عن قصد دفعاً لوعيده وتهديده بطل صومها .
.
_________________________________
(1) الأصل والقاعدة أن كل مكلف مسؤول عن تكليفه فقط ، ولا يجب عليه امتثال تكليف غيره ، أمّا أن يُطالب بامتثال التكليف المتوجه الى غيره فهذا على خلاف القاعدة والأصل فيحتاج الى دليل ، وأولى من ذلك أن يُطالب بامتثال التكليف عن الغير مع عدم توجهه الى الغير أصلاً كما في المقام فإن الزوجة غير مكلفة بالكفارة لأنها مكرهة ومع ذلك يتحمل الزوج عنها الكفارة فهذا على خلاف القاعدة والأصل من باب أولى .

مولى أبي تراب 15-08-2012 04:38 PM

مسألة 1011 : إذا علم أنه أتى بما يوجب فساد الصوم ، وتردد بين ما يوجب القضاء فقط ، أو يوجب الكفارة معه لم تجب عليه ، وإذا علم أنه أفطر أياما ولم يدر عددها اقتصر في الكفارة على القدر المعلوم ، وإذا شك في أن اليوم الذي أفطره كان من شهر رمضان أو كان من قضائه وقد أفطر قبل الزوال لم تجب عليه الكفارة ، وإن كان قد أفطر بعد الزوال كفاه إطعام ستين مسكينا .
------------------------

عندنا قاعدة تقول : إذا شككنا في أصل التكليف فالأصل عدم التكليف وبراءة ذمتنا منه
وعندنا قاعدة أخرى تقول : إذا علمنا بالتكليف واشتغال ذمتنا به ولكن شككنا في مقداره بحيث دار بين الأقل والأكثر اقتصرنا على الأقل ولم يجب فعل الأكثر
ولهاتين القاعدتين تطبيقات كثيرة في الفقه كما إذا شككتُ أنّ عليّ صلاة فائتة أو لا ؟ فالحكم عدم وجوب القضاء تطبيقاً للقاعدة الأولى ، وكذا إذا شككت أني مَدين لزيدٍ ببعض المال فيجب عليّ الوفاء أو لا ؟ لم يجب الوفاء
وتارة أعلم أن عليّ بعض الصلوات الفائتة لكن أشك في عددها هل هي صلوات يومين أو ثلاثة أيام ؟ وأعلم أني مَدين لزيدٍ بمال لكن هل هو دينار أو ديناران ؟ فحينئذٍ أقتصر على الأقل ولا يجب علي الأكثر تطبيقاً للقاعدة الثانية الى ما شاء الله من التطبيقات
وعندنا قاعدة ثالثة تقول : إذا علِم الفرد بالتكليف واشتغال ذمته بأحد شيئين بحيث تردد بينهما وجب عليه عند الامتثال إحراز فراغ الذمة من كلا التكليفين ، سواء بامتثالين كما إذا علم أن عليه قضاء ولكن لم يدرِ هل هو قضاء صوم او صلاة وجب عليه قضائهما معاً أو بامتثال واحد كما إذا علم أن عليه صلاة فائتة لكن لم يدرِ هل هي صلاة الظهر او العصر ؟ كفاه صلاة واحدة بقصد الأعم منهما .
وفرق هذه القاعدة عن السابقة أنه في السابقة التكليف واحد ولكن يشك في مقداره فالدوران بين الأقل والأكثر ، أما هنا فالدوران بين تكليفين لا يدري أيهما هو المكلف به ، فهناك أعلم أن عليّ صلاة ولكن هل صلاة يوم أو يومين أما هنا فلا أعلم أعليّ صلاة أم صوم
والماتن وغيره من الفقهاء ذكروا في هذه المسألة بعض الأحكام هي تطبيقات لهذه القواعد الثلاث ، وهي :
1. ( إذا علم أنه أتى بما يوجب فساد الصوم ، وتردد بين ما يوجب القضاء فقط ، أو يوجب الكفارة معه لم تجب عليه ) كما إذا كان يتذكر أنه تناول الدواء عامداً في نهار صوم رمضان فلا إشكال في وجوب القضاء عليه ولكن لا يدري هل كان حينها عالماً بكونه مفطراً فتجب عليه الكفارة أيضاً أو لا ؟ لما تقدم أن وجوب الكفارة مشروط بالعلم بالمفطرية ، فحينئذٍ لا تجب عليه الكفارة لأنه شاك في وجوبها وهذا من تطبيقات القاعدة الأولى ، وكمثال آخر على - رأي الماتن - ما لو علم أنه فعل أحد المفطرات عمداً ولكن لا يدري هل هو أحد الخمسة الموجبة للكفارة وهي الأكل والشرب والجماع والاستمناء والبقاء على الجنابة فتجب عليه الكفارة أيضاً أم غيرها كتعمد القيء فلا تجب الكفارة ؟ لم تجب عليه الكفارة حينئذٍ لأنه شك في التكليف وهو وجوب دفع الكفارة

مولى أبي تراب 15-08-2012 04:38 PM

2. ( وإذا علم أنه أفطر أياما ولم يدر عددها اقتصر في الكفارة على القدر المعلوم ) كما إذا شك أنه أفطر عمداً عشرة أيام فتجب عليه كفارة عشرة أيام فقط أو عشرين يوماً فتجب عليه كفارة عشرين يوم ؟ اقتصر على القدر المعلوم أي الأقل وهو العشرة أيام وهذا من تطبيقات القاعدة الثانية ، ونفس الكلام يقال في القضاء فلا يجب أن يقضي أكثر من عشرة أيام ، وسمّى القدر الأقل بالمعلوم لأنه معلوم على أي حال سواء كان مكلفاً بالزائد أو لا ، فالتكليف بالعشرة معلوم ومتيقن وإنما الشك في العشرة الزائدة ، لذا يسمى الأقل بالقدر المتيقن أيضاً .
3. ( وإذا شك في أن اليوم الذي أفطره كان من شهر رمضان أو كان من قضائه وقد أفطر قبل الزوال لم تجب عليه الكفارة ) أي إذا كان يتذكر أنه أفطر يوماً قبل الزوال عمداً ولكن لا يتذكر هل كان هذا اليوم من رمضان فتجب عليه الكفارة ام كان من قضائه فلا تجب عليه الكفارة لعدم وجوب الكفارة بالإفطار في صوم القضاء قبل الزوال كما تقدم ؟ فحينئذٍ لا تجب عليه الكفارة لأنه شاك في وجوبها عليه لاحتمال أنه أفطر في صوم القضاء قبل الزوال لا في صوم رمضان ، وهذا من تطبيقات القاعدة الأولى لأنه شك في التكليف بدفع الكفارة .

4. ( وإن كان قد أفطر بعد الزوال كفاه إطعام ستين مسكينا ) أي إذا كان يتذكر أنه أفطر يوماً بعد الزوال عمداً فهو متيقن من وجوب الكفارة عليه ولكن لا يتذكر هل كان هذا اليوم من رمضان فتجب عليه كفارة رمضان وهي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً ، أم كان من القضاء فتجب عليه كفارة صوم القضاء وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد ، فإن لم يتمكن صام ثلاثة أيام ؟ وهذا من تطبيقات القاعدة الثالثة فالشك والدوران بين تكليفين فلا يدري هل هو مكلف بكفارة رمضان ام بكفارة القضاء ، وقلنا لا بد من إحراز فراغ ذمته من كلا التكليفين إما بامتثالين بأن يدفع كلا الكفارتين كفارة رمضان وكفارة القضاء أو بامتثال واحد يضمن معه فراغ الذمة من كلا التكليفين وذلك بأن يطعم ستين مسكيناً فإن كان مطالباً بكفارة رمضان فقد فعل بإطعام ستين مسكيناً ، وإن كان مطالباً بكفارة القضاء وهي إطعام عشرة مساكين فقد فعل وزيادة فقول الماتن ( كفاه إطعام ستين مسكينا ) أي يكفيه امتثال واحد لإحراز فراغ ذمته من كلا التكليفين ، ويمكنه إحراز فراغ الذمة بامتثالين بأن يصوم شهرين متتابعين ويطعم عشرة مساكين مثلاً ، فإن كان مطالباً بكفارة رمضان فقد صام شهرين متتابعين وإن كان مطالباً بكفارة القضاء فقد أطعم عشرة مساكين ، ولكن هذا لا داعي له بعد إمكان التخلص من الشك بامتثال واحد لذا قال كفاه .

مولى أبي تراب 15-08-2012 04:39 PM

مسألة 1012 : إذا أفطر عمدا ثم سافر قبل الزوال لم تسقط عنه الكفارة .
------------------------

أي عروض ما يسقط معه فرض الصوم كالسفر لا يُسقط الكفارة بالإفطار العمدي قبل ذلك ، فهو عند تناول المفطر كان حاضراً غير مسافر فهو مكلف بالصوم وكل شخص تكليفه الصوم إذا أفطر عمداً وجبت عليه الكفارة مع علمه بمفطرية ما يرتكبه ، وإذا اشتغلت ذمته بالكفارة لم تسقط عنه بالسفر بعد ذلك وإن كان السفر مما يسقط معه التكليف بالصوم .
وهذا من الأخطاء الشائعة فبعض الأشخاص الذين ينوون السفر في أحد أيام رمضان قبل الزوال يتناولون الفطور ثم يسافرون ، والحال أن هذا من الإفطار العمدي فتجب عليهم الكفارة ، والصحيح أن ينووا الصوم قبل الفجر فيصبحوا صائمين وينتظروا الى حين تجاوز حد الترخص ثم يتناولون المفطر .
وإنما قال ( قبل الزوال ) لأن السفر بعد الزوال لا يضر بالصوم وبالتالي من يسافر بعد الزوال لا يتناول المفطر لأن صومه صحيح مع السفر ، مع ذلك إن تناول المفطر بعد الزوال ثم سافر فلا إشكال في وجوب الكفارة عليه أيضاً ، وإنما يقع تناول المفطر عادة لمن يريد السفر إذا كان يريد السفر قبل الزوال الذي هو من مبطلات الصوم باستمراره الى الزوال فيحسب أن بطلان صومه بالسفر قبل الزوال يبيح له تناول المفطر لذا تكلم في هذه الصورة التي يقع فيها الخطأ عادة .

مولى أبي تراب 15-08-2012 04:39 PM

مسألة 1013 : إذا كان الزوج مفطرا لعذر فأكره زوجته الصائمة على الجماع لم يتحمل عنها الكفارة ، وإن كان آثما بذلك ، ولا تجب الكفارة عليها .
--------------------------

تقدم في المسألة (1010) أن الزوج إذا أكره زوجته على الجماع تحمل عنها الكفارة ، والكلام في تلك المسألة فيما إذا كان الزوج صائماً فيتحمل كفارته وكفارة زوجته ، أما إذا كان مفطراً غير صائم فأكره زوجته الصائمة على الجماع لم يتحمل عنها الكفارة ، لما تقدم في تلك المسألة أن الحكم بتحمل الزوج للكفارة خلاف القاعدة ، والدليل الذي دلّ عليه وهو الرواية وارد في الزوج الصائم فلا يتعدى الى الزوج الفاطر كما لم نتعدَ الى إكراه الزوجة هناك .
الا أنه مأثوم بإكراهها على الجماع وإن لم تجب عليه الكفارة ، والمعروف أن الوجه في كونه مأثوماً أنه أكرهها على ما ليس من حقه شرعاً إذ لا حق له عليها بالجماع في نهار رمضان وهي صائمة ، وقيل إن الوجه كونه صار سبباً لوقوع ما هو مبغوض للمولى وهو الجماع في نهار الصوم ، والفرق بينهما أن الإثم على الوجه الأول لأجل الإكراه على ما ليس بحق ، وعلى الوجه الثاني لأجل التسبيب الى وقوع ما هو مبغوض للمولى .
وعلى أي حال فلا تجب عليها الكفارة لأنها معذورة ومكرهة على الإفطار ولم تكن مطاوعة ، بل ربما يكون صومها صحيحاً إذا بلغ الإكراه حد الغصب وسلب الإرادة كما تقدم .
وإنما قال الماتن ( مفطرا لعذر ) لأن الكلام في شخصٍ الجماع من جهته سائغ فهل يجوز أن يكره زوجته عليه وهو من جهتها غير سائغ ؟ وهل يتحمل عنها الكفارة ؟ فيختص الكلام بالمعذور ، أما إذا كان إفطاره عن غير عذر فالجماع من جهته غير سائغ أصلاً ، مع ذلك فظاهرهم أن حكمه حكم المعذور لاختصاص تحمل الكفارة بمورد النص وهو الصائم .


الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 12:08 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024