منتديات أنا شيعـي العالمية

منتديات أنا شيعـي العالمية (https://www.shiaali.net/vb/index.php)
-   المنتدى الفقهي (https://www.shiaali.net/vb/forumdisplay.php?f=129)
-   -   مصطلحات اصوليه لطلاب وطالبات الحوزه (https://www.shiaali.net/vb/showthread.php?t=94337)

الحوزويه الصغيره 11-05-2010 07:54 PM

مصطلحات اصوليه لطلاب وطالبات الحوزه
 
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد

1 - الإباحة
وهي حكم من الأحكام التكليفيّة المتّصلة بفعل المكلّف، وثبوتها لفعل من أفعال المكلّفين يُنتج السعة وعدم لزوم الالتزام به.

وتنقسم الإباحة إلى قسمين:
الإباحة بالمعنى الأخص: وهي التي يتساوى فيها الفعل والترك بنظر الشارع، أي انّه ليس للفعل بنظر الشارع أيُّ خصوصيّة تقتضي ترجيح فعله أو ترجيح تركه، وبهذا ناسب أن تكون الإباحة قسيماً للأحكام التكليفية الأربعة، إذ انَّها وان كانت تشترك معها في أنَّها حكم تكليفي إلا انَّها لا تنطبق على أحد من تلك الأقسام فعلاقتها مع سائر الأحكام علاقة التباين، وهذا هو منشأ تسميتها بالإباحة بالمعنى الأخص، إذ انّها لا تتداخل مع واحد من سائر الأحكام التكليفيّة، وذلك في مقابل الإباحة بالمعنى الأعم كماسيتّضح ذلك.

والإباحة بالمعنى الأخص تنقسم إلى قسمين:
الاباحة الإقتضائية: وهي التي يكون لجعلها واعتبارها من قبل الشارع منشأ وملاك يقتضي الإباحة والسعة، كما لو كان المنشأ من جعل الاباحة هو التسهيل على العباد.

ومن هنا ناسب أن يكون هذا النحو من الإباحة إباحة بالمعنى الأخص، وذلك لان ملاك التسهيل أوجب انتفاء خصوصيّة الفعل أو الترك لو كانت، وهذا بخلاف الاباحة بالمعنى الأعم فإن خصوصيّة الفعل - لو كانت - تبقى على حالها موجبة لترجُّحه على الترك، وهكذا خصوصية الترك - لو كانت - تبقى على حالها موجبة لترجحه على الفعل.

الإباحة غير الإقتضائية: وهي الخالية عن أيِّ ملاك يقتضي الفعل أو الترك أو يقتضي جعل الإباحة.

فالقيد الاول يُخرج الاباحة بالمعنى الاعم، إذ انَّ الإباحة بالمعنى الأعم يكون الفعل أو الترك فيها مشتملا على ملاك يقتضي إما ترجُّح الفعل أو ترجُّح الترك، والقيد الثاني يُخرج الاباحة الاقتضائية.

الإباحة بالمعنى الأعم: وهي الترخيص وعدم الإلزام بالفعل أو الترك، فهي تعم الإباحة بالمعنى الأخص كما تشمل الاستحباب والكراهة، إذ انَّ جامع الأحكام الثلاثة هو عدم الإلزام بالفعل أو الترك.

ومن هنا لا تكون الاباحة بالمعنى الأعم قسيماً للأحكام التكليفيّة الخمسة، إذ انَّ القسيم لا يتداخل مع قسيمه، نعم هي قسيم للأحكام التكليفية الإلزاميَّة.


للموضوع بقيه تابعونا..

الحوزويه الصغيره 11-05-2010 07:56 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد


2 - أصالة الإباحة

اضطربت الكلمات في تحديد ما هو المراد من أصالة الإباحة والتي هي في مقابل أصالة الحظر.


ويمكن تصنيف الأقوال المحدّدة لهوية هذا الأصل إلى ثلاثة أقوال:
الأوّل: هو حكم العقل بإباحة كل فعل وقع الشكّ في حكمه الواقعي، هذا بناء على القول بأصالة الاباحة وأما بناء على القول بأصالة الحظر فالمقصود من أصالة الحظر هو حكم العقل بلزوم الامتناع عن كل فعل وقع الشك في حكمه الواقعي.

وكل ذلك معلَّق على عدم ورود ما يُنافي الأصل من قبل الشارع، فلو كنا نبني على أصالة الإباحة فهذا يعني انَّ الحكم بالإباحة ثابت للأشياء إذا لم يرد من الشارع منع، وبهذا تكون أصالة الاباحة وكذلك اصالة الحظر من الأحكام العقليّة الظاهرية المتقومة بالجهل بالحكم الواقعي، ومن هنا تكون مساوقة لاصالة البراءة العقليَّة وكذلك تكون أصالة الحظر مساوقة لاصالة الاشتغال أو الاحتياط العقلي، نعم قد يفترق الأصلان عن البراءة والإشتغال العقليين فيما لو بنينا على ان موضوع أصالة الإباحة والحظر مختص بالشبهات التحريمية - كما هو ليس ببعيد - وبهذا تكون أصالة البراءة والاشتغال أعم من أصالتي الحظر والإباحة.

وبما بيّناه يتّضح عدم الطولية بين أصالتي الاباحة والحظر وبين أصالتي البراءة والاشتغال العقليين بناء على هذا القول والذي هو منسوب لصاحب الفصول (رحمه الله).

الثاني: هو حكم العقل بإباحة الافعال والاشياء أو المنع عنها بغض النظر عن حكم الشارع، فالقول بأصالة الاباحة معناه حكم العقل بحلية الافعال وعدم استحقاق المكلف للعقاب عند ارتكابها مالم يمنع الشارع عن ارتكابها.

وبناء على هذا القول تكون اصالة البراءة مغايرة تماماً لاصالة الإباحة وكذلك تكون أصالة الاشتغال العقلي مغايرة تماماً لاصالة الحظر، وذلك لان أصالتي البراءة والإشتغال متأخرة عن الحكم الشرعي، إذ انَّ موضوعهما الشك في الحكم الشرعي الواقعي في حين ان اصالتي الإباحة والحظر انما تجريان - بناء على هذا القول - في ظرف عدم الحكم الشرعي حيث قلنا انَّ أصالة الإباحة تعني حكم العقل بإباحة الافعال إلا اذا منع الشارع أي إلا اذا كان هناك منع واقعي عن الفعل معلوم أو مشكوك.

ومن هنا يتضح الفرق بين مجرى الاصلين أصالة البراءة وأصالة الإباحة، فحينما يكون المكلف قاطعاً بعدم المنع الشرعي فالمجرى هو أصالة الاباحة وحينما يكون المكلف شاكاً في الحكم الشرعي فالمجرى هو أصالة البراءة.

ثم انه لا يخفى عليكم انَّ البناء على أصالة الإباحة لا يلازم البناء على أصالة البراءة العقلية فمن الممكن ان نبني على أصالة الإباحة وفي نفس الوقت نبني على أصاله الاشتغال العقلي وذلك لاختلاف موضوعيهما، وكذلك البناء على أصالة الحظر لا يلازم البناء على أصالة الاشتغال كما هو واضح.

الثالث: هو انَّ موضوع أصالة الاباحة وكذلك الحظر هو الافعال والأشياء بما هي، أي انَّ البحث عمَّا هو الحق في حكم الاشياء هل الإباحة أو الحظر بحث عن حكم هذه الاشياء واقعاً، فتكون أصالة الاباحة - لو تمت - من الادلة الاجتهادية الكاشفة عن حكم الاشياء واقعاً، أي انَّ وظيفتها هي الكشف عن الحكم الشرعي الواقعي للاشياء بعناوينها الأوليَّة.

إتصال زمان الشك بزمان اليقين …

وبهذا تفترق عن أصالة البراءة والتي تكون وظيفتها تحديد الحكم الظاهري وهذا يقتضي افتراض الشك في الحكم الواقعي في رتبة متقدمة على جريان البراءة.

ومن هنا قد يقال بعدم وصول النوبة لاصالة البراءة وذلك لكونها دليلا فقاهتياً (أصلا عملي) وهو لا يجري في موارد قيام الدليل الاجتهادي، إلاّ انَّ المحقق النائيني (رحمه الله) ذكر انه تبقى بعض الحالات يمكن جريان أصالة البراءة في موردها وذلك فيما لو اتفق امتناع التمسك بأصالة الإباحة في مورد من الموارد لمانع فإن الجاري حينئذ هو أصالة البراءة.

ثم انَّ المستظهر من عبائر المحقق النائيني هو تبني القول الثالث إلاّ انَّه ذكر انَّ موضوع أصالة الإباحة والحظر مختص بالانتفاع المتعلق بالموضوع الخارجي.

وهذا بخلاف أصالة البراءة والاشتغال فإن موضوعهما هو مطلق الفعل الصادر عن المكلَّف سواء كان له ارتباط بالاعيان الخارجية من حيث انتفاع المكلَّف أو لم يكن.

وبهذا يتضح انّ موضوع أصالة الاباحة وكذلك الحظر - بناء على هذا القول - مشتمل على حيثيتين الاولى: هي الاعيان الخارجية، الثانية ان يكون نحو إرتباط المكلَّف بها هو الانتفاع المناسب لكل واحد من تلك الاعيان.

ومن هنا كان موضوع أصالة البراءة والاشتغال أوسع دائرة من موضوع أصالتي الاباحة والحظر بالإضافة إلى تباين موضوعيهما.


تقبلوا تحيتي

شهيدالله 11-05-2010 09:07 PM

الله يبارك بكم يا تلاميذ مدرسة اهل البيت عليهم السلام ...........
وفقكم الله لكل خير ومعرفة وسرور

نرجس* 11-05-2010 09:15 PM

الحوزويه الصغيرة

بحث مهم و رائع جزاك الله الف خير يالغالية




نرجس

موسوي البحراني 11-05-2010 09:42 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم أختي الفاضلة / الحوزوية الصغيرة على هذا المجهود الكريم الذي يستفيد منه طالب العلم زيادة على دراسته الاصولية كما نتمنى منكم المتابعة والاستمرار في ايراد بعض المصطلاحات الاصولية المهمة .

نسألكم الدعاء
خادمكم أخوكم جنابكم ( موسوي البحراني )

3li 11-05-2010 10:28 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

وفقك الله

شكرا على الموضوع الممتاز

الحوزويه الصغيره 12-05-2010 11:07 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد

شهيد الله
نرجس*
استاذي/موسوي البحراني
3li

اهلا بكم,
واشكركم على ردودكم وتواجدكم في صفحتي
موفقين
تقبلوا تحيتي


بلسم الاحزان 13-05-2010 12:01 PM

وفقكـــــ الله لخدمة أهـــــل البيــــت

الحوزويه الصغيره 15-05-2010 11:44 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد

ذكرت في المشاركه السابقه معنى الإباحه في علم الأصول . والآن نتابع بذكر مصطلح آخر لنبين معناه ألا وهو :

إتصال زمان الشك بزمان اليقين

ذكر الشيخ صاحب الكفاية ( رحمه الله ) في بحث استصحاب الموضوعات المركبة انَّ الاثر الشرعي اذا كان مترتباً على عدم أحد الحادثين في زمان تحقق الحادث الآخر بنحو العدم المحمولي ذكر ان استصحاب عدم الحادث الى زمان حدوث الآخر لا يجري سواء كان الاثر مترتباً على عدم كل منهما في زمان الآخر أو كان الأثر مترتباً على عدم واحد من الحادثين في زمان الآخر ، أي انَّ الاستصحاب في الفرض لا يجري سواء كان معارضاً باستصحاب آخر ـ كما في الصورة الاولى ـ أو لم يكن معارضاً كما في الصورة الثانية .
وذكر انَّ منشأ عدم جريان الاستصحاب هو احتمال عدم اتصال زمان الشك بزمان اليقين ، وهو يُشير بذلك الى اختلال شرط من شرائط جريان الاستصحاب .
وقبل بيان مراده نقول : انَّه لا ريب في اشتراط اتصال زمان الشك بزمان اليقين، بمعنى عدم الفصل بينهما بيقين آخر ، فلو كان المكلَّف على يقين من الحدث ثم تيقن بالطهارة ثم شك بعد ذلك في الحدث الاول فإنَّه حينئذ لا يجري استصحاب الحدث ، وذلك لانفصال زمان الشك عن زمان اليقين بالحدث .
وهذا المقدار لا إشكال فيه ، انما الكلام فيما أفاده صاحب الكفاية (رحمه الله)والذي هو اعتبار عدم احتمال انفصال زمان الشك عن زمان اليقين ، فقد وقع الخلاف في مراده .
والتعرُّف على مرامه يتوقف على توضيح ثلاث مقدمات :
المقدمة الاولى : هي ما قيل انَّ القضايا لا تنقح موضوعاتها ، بمعنى انَّ القضية تتكفل ببيان ثبوت حكم لموضوع وليس لها تصد لاثبات انَّ هذا الفرد هو موضوع القضية أو انَّه ليست بموضوع لها ، فإنَّ هذا منوط بنفس المتلقي للخطاب ، فهو الذي عليه ان يُحرز موضوعية هذا الفرد أو ذاك لهذه القضية ، مثلا حينما يقال : تصدق على الفقير ، فإنَّ هذه القضية أناطت حكماً بموضوع هو الفقير ، أما ماهو المراد من الفقير وكذلك أي الافراد هي مصداق لعنوان الفقير فهذا مالا تتكفل القضية ببيانه ، وعلى المتلقي ان يُحرز ذلك من خارج القضية ، ثم حينما يتنقح عنده الموضوع مفهوماً ومصداقاً يُرتب عليه ذلك الحكم . ومن هنا لا يصح ترتيب الحكم على فرد لا يحرز مصداقيته لموضوع الحكم . وهذا الفرد الغير المحرز مصداقيته للموضوع هو المعبَّر عنه بالشبهة المصداقية .
المقدمة الثانية : انَّ المتعبد به شرعاً بواسطة الاستصحاب هو بقاء المتيقن أو اليقين في ظرف الشك ، وهذا معناه انَّ المتيقن بنفسه هو المجعول في ظرف الشك ، فلو كان المتيقن حكماً شرعياً فإنَّ المجعول في ظرف الشك هو عين الحكم الثابت في ظرف اليقين وليس المجعول في ظرف الشك حكماً جديداً مماثلا للحكم المتيقن ، وهذا ما يُبرِّر اعتبار عدم انفصال زمان الشك عن زمان اليقين ، إذ مع انفصالهما بيقين آخر يكون التعبد بالحكم الثابت في زمان اليقين الاول تعبداً بحكم جديد ، وذلك للقطع بارتفاع الحكم الثابت في زمان اليقين الاول ، وهذا ينافي ما ذكرناه من انَّ المتعبد به في الاستصحاب هو بقاء الحكم السابق .
مثلا : لو كان المكلَّف يعلم بوجوب صلاة الجمعة ثم علم بارتفاع الوجوب ثم شك في وجوب الجمعة ، فإنَّ التعبُّد حينئذ بوجوب الجمعة لا يكون تعبداً استصحابياً ، وذلك لأنَّ ايجاب صلاة الجمعة لا يكون بقاء للحكم الثابت في زمان اليقين الاول وانما هو حكم جديد.
وبتعبير آخر : انَّ الشك في وجوب الجمعة بعد العلم بارتفاعه ليس شكاً في بقاء الوجوب وانما هو شك في حدوث وجوب جديد ، إذ انَّ اليقين الاول بوجوب الجمعة منتقض يقيناً لعلمنا بارتفاع الوجوب كما هو الفرض.
فالمبرر لشرطية اتصال زمان الشك بزمان اليقين هو انَّ صدق البقاء لا يكون إلاّ بذلك ، كما انَّ صدق نقض اليقين بالشك لا يكون إلاّ باتصال زمان الشك بزمان اليقين وعدم انفصالهما بيقين آخر.
المقدمة الثالثة : إنَّ روايات الاستصحاب نهت عن نقض اليقين بالشك وأفادت بأنَّ اليقين لا يُنقض إلاّ بيقين مثله ، ومعنى ذلك انَّه لا تُرفع اليد عن يقين بمجرَّد الشك في زوال متعلقه، نعم تيقن المكلَّف بزوال متعلَّق اليقين يصحح الإنتقاض وحينئذ لا سبيل لترتيب الاثر على بقائه ، ولازم ذلك ـ كما اتضح مما ذكرناه في المقدمة الثانية ـ انَّ اليقين المنهي عن نقضه بالشك هو اليقين الذي لم ينتقض بيقين آخر وإلا فلا معنى للنهي عن نقضه بالشك ، إذ انَّ الشك بعد اليقين المناقض لا يكون شكاً في اليقين الاول وانما هو شك في الحدوث فلا يكون اهماله نقضاً لليقين الاول بالشك، فيكون هذا الفرض خارجاً موضوعاً عن قوله (عليه السلام) « لا تنقض اليقين بالشك » ، فالذي هو مورد الرواية هو الشك في بقاء متعلَّق اليقين، وهذا لا يكون إلاّ في حالة يُحرز معها عدم انتقاض اليقين بيقين آخر حتى يصدق حين إهمال اليقين السابق انه نقض اليقين بالشك .
ومع اتضاح هذه المقدمات الثلاث نقول :
انَّ اليقين المنهي عن نقضه بالشك هو اليقين المتصل زمانه بالشك لا اليقين الذي انتقض بيقين آخر ثم وقع الشك في وجود متعلَّقه بعد ذلك ، وهنا تتحرر عندنا قضية حاصلها « انَّ نقض اليقين المتصل زمانه بالشك منهي عنه» ، وهذه القضية لا تتكفل بتنقيح مصاديق موضوعها وانَّ ذلك انَّما هو شأن المتلقي للقضية ، فمتى ما أحرز الاتصال كان مسئولا عن عدم نقض اليقين بالشك ، ومتى ما شك في الاتصال فمعناه ان مورد الشك شبهة مصداقية ، وقد قلنا انَّ ترتُّب حكم أي قضية على فرد منوط باحراز مصداقيته لموضوع الحكم في القضية ، وهذا هو المعبَّر عنه بعدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية . والمقام من هذا القبيل ، وذلك لان الشك في اليقين السابق مردد بين الشك في البقاء ـ لو كان الحادث الآخر وقع أولا ـ وليس شكاً في البقاء لو كان الحادث الذي يُراد استصحاب عدمه حدث أولا ، وعندئذ لا يكون الإتصال بين زمان الشك وزمان اليقين محرزاً ، وعليه لا يمكن التمسُّك بحديث « لا تنقض اليقين بالشك » لإثبات جريان الاستصحاب في هذا المورد ، إذ لا يُحرز مصداقية هذا المورد لنقض اليقين بالشك فلا يُحرز مشموليته لموضوع الإستصحاب .
وحتى يتضح المطلب أكثر نذكر هذا المثال :
لو كان موضوع الاثر الشرعي ـ وهو انفصال العلقة الزوجية ـ هو عدم التحيض في زمان ايقاع الطلاق ، فلو كنا نعلم بعدم تحيض المرأة وعدم ايقاع الطلاق في الساعة الاولى من النهار ثم علمنا بوقوع أحدهما غير المعين في الساعة الثانية وعلمنا بوقوع الآخر غير المعين في الساعة الثالثة ، وفي الساعة الثالثة وقع الشك في تحيض المرأة في زمان إيقاع الطلاق ، فلو استصحبنا عدم التحيُّض الى زمان ايقاع الطلاق فإنَّ هذا الإستصحاب مبتل باحتمال عدم اتصال زمان الشك بزمان اليقين ، وذلك لأنَّ التحيض لو وقع في الساعة الثانية فهذا معناه انَّ الشك في الساعة الثالثة في عدم التحيض ليس متصلا بزمان اليقين بعدم التحيُّض الثابت في الساعة الاولى ، وذلك للفصل بينهما باليقين بوقوع التحيض ، فاليقين بعدم التحيض الثابت في الساعة الاولى قد انتقض باليقين بوقوع التحيض في الساعة الثانية فيكون الشك بعدم التحيض في الساعة الثالثة شكاً في اليقن الاول بعد انتقاضه، فلا يكون اهماله نقضاً لليقين بالشك ، إذ انَّ اليقين بعدم التحيض قد انتقض باليقين بالتحيُّض .
وان كان الواقع في الساعة الثانية هو الطلاق فإنَّ الشك في وقوع التحيض وعدمه في الساعه الثالثة متصلٌ باليقين بعدم التحيض ، لان عدم التحيض لم ينتقض في الساعة الثانية ، إذ انَّ الواقع في الساعة الثانية هو الطلاق وهو لا ينقض اليقين بعدم التحيُّض .
ولما كان المكلَّف متردداً من جهة ماهو الواقع في الساعة الثانية فهذا معناه انَّه متردد في اتصال زمان الشك بزمان اليقين أو عدم الاتصال ، فيكون المورد شبهة مصداقية ، أي نشك في مصداقية هذا المورد للنهي عن نقض اليقين بالشك أو قل نشك في مصداقيته لموضوع الإستصحاب .
ونُقرِّب المطلب بتقريب آخر :
إنَّ هنا ثلاثة أزمنة ، فالساعة الاولى هي زمان العلم بعدم حدوث التحيُّض وبعدم ايقاع الطلاق ، والساعة الثانية هي زمان العلم الإجمالي بحدوث أحد الحادثين إما التحيُّض وإما إيقاع الطلاق ، والساعة الثالثة هي زمان العلم الاجمالي بحدوث الحادث الآخر إما التحيُّض وإما إيقاع الطلاق ، فتكون الساعة الثالثة هي زمان الشك في تقدم أحد الحادثين على الآخر . وترتب الاثر متوقف على بقاء عدم التحيض الى زمان ايقاع الطلاق ، وهذا يستوجب ان يكون الواقع في الساعة الثانية هو ايقاع الطلاق حتى يكون ايقاعه في زمان عدم التحيض ، إلا ان ذلك لا يمكن إثباته بواسطة الاستصحاب ، وذلك لاننا في الساعة الثالثة نعلم بوقوع كلا الحادثين «التحيض وايقاع الطلاق » إلا انَّ الشك من جهة تقدم أحدهما على الآخر .
فلو كان متعلَّق العلم الإجمالي في الساعة الثانية هو وقوع التحيض فهذا معناه انَّ الشك في عدم التحيض في الساعة الثالثة شك بعد انتقاض اليقين بعدم التحيُّض باليقين الاجمالي بوقوع التحيض ، فيكون الشك في عدم التحيُّض منفصلا عن اليقين بعدم التحيض ، والفاصل هو اليقين بالتحيض، وعندها لا يجري الإستصحاب لانفصال زمان الشك عن زمان اليقين .
وان كان متعلَّق العلم الإجمالي في الساعة الثانية هو ايقاع الطلاق فهذا معناه انَّ الشك في عدم التحيض في الساعة الثالثة متصل باليقين بعدم التحيض الثابت في الساعة الاولى إذ لم يفصل بينهما بفاصل في الساعة الثانية حيث ان المفترض ان الواقع في الساعة الثانية هو ايقاع الطلاق وهو لا ينقض اليقين بعدم التحيض كما هو واضح .
ومن هنا يمكن استصحاب عدم التحيُّض الى زمان ايقاع الطلاق ، إلاّ انه لمَّا لم يكن هناك سبيل لإحراز ماهو الواقع في الساعة الثانية فإنه لا محالة يقع التردد في انَّ هذا المورد هل هو من موارد اتصال زمان الشك بزمان اليقين أو انه من موارد الانفصال .
ولذلك لا يمكن إجراء استصحاب عدم التحيض الى زمان ايقاع الطلاق للشك في مشمولية المورد للنهي عن نقض اليقين بالشك ، فيكون التمسُّك بهذا الاطلاق لاثبات مصداقية هذا الفرض له من التمسُّك بالعام في الشبهة المصداقية ، هذا ما نفهمه من عبارة صاحب الكفاية (رحمه الله) .

تقبلوا تحيتي

الحوزويه الصغيره 19-05-2010 12:57 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الأثر الشرعي
المراد من الأثر الشرعي في استعمالات الاصوليين هو الحكم الشرعي الاعم من التكليفي والوضعي والظاهري والواقعي ، فحينما يقال مثلا انَّ من شرائط ثبوت الحجية لخبر الثقة ان يكون مؤداه أثراً شرعياً أو ذا أثر شرعي فإن المقصود من الاثر الشرعي هو الحكم الشرعي .

ومنشأ التعبير عن الحكم الشرعي بالأثر الشرعي هو انَّ الحكم الشرعي إنَّما يُؤثر ويُتلقى عن الشارع ، كما انَّه لا يُنتظر من الشارع بما هو شارع ان تكون آثاره غير الاحكام الشرعية ، ومن هنا تكون الآثار الشرعية مساوقة للاحكام الشرعية ، وهذا هو المصحح لإطلاق عنوان الأثر الشرعي على الحكم الشرعي .

وبما ذكرناه يتضح المراد من دعوى من ذهب الى انَّ ثبوت الحجية لخبر الثقة منوط بكون مؤداه أثراً شرعياً أو ذا أثر شرعي ورتب على ذلك نفي الحجية عن أخبار الآحاد المتصلة بالقضايا التاريخية أو التكوينية ، كما انَّه أحد منشأي الإشكال على حجية الخبر بالواسطة .

كما انَّه يتضح مما ذكرناه المراد من دعوى جمع من الاعلام بأن جريان الإستصحاب منوط بكون المستصحب أثراً شرعياً بنفسه أو انه ذو أثر شرعي، حيث انَّ المقصود من ذلك هو اشتراط ان يكون مجرى الإستصحاب حكماً شرعياً أو يكون موضوعاً لحكم شرعي .

فمثلا : عندما يكون المتيقن سابقاً والمشكوك لاحقاً حكماً شرعياً كالوجوب والطهارة أو موضوعاً لحكم شرعي كالحدث او البلوغ فإنَّ ذلك يُصحح جريان الإستصحاب ، وعندما يكون المستصحب شيئاً آخر فإنَّ الإستصحاب لا يجري ، نعم لا يبعد ان يكون مرادهم شاملا لحالات الشك في عدم الحكم الشرعي لو كانت له حالة سابقة متيقنة .

تقبلوا تحيتي

الحوزويه الصغيره 24-05-2010 06:53 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد

اجتماع الأمر والنهي
وقع النزاع في مسألة اجتماع الأمر والنهي على شيء واحد من حيث الجواز والامتناع ، فقد ذكر صاحب الكفاية (رحمه الله) انَّ المشهور ذهبوا الى امتناع الإجتماع مطلقاً وذهب آخرون الى جواز الإجتماع مطلقاً ، وفصَّل البعض بين ما يقتضيه العقل وما يقتضيه المتفاهم العرفي ، فما يقتضيه العقل هو إمكان الإجتماع وأما ما يقتضيه الفهم العرفي فهو الإمتناع .
إلاّ انَّه نُسب الى المحقق البروجردي إنكار صحة نسبة القول بالإمتناع الى المشهور ، وبرَّر ذلك بأنَّ الذي أوهم بناء المشهور على الإمتناع هو اشتهار الفتوى بينهم بفساد الصلاة في الأرض المغصوبة ، والحال انَّ ذلك لا يلازم القول بالإمتناع ، إذ لعلَّ المدرك الذي اعتمدوه هو عدم صلوح الحرام لأن يُتقرب به للمولى ، وهذا القول يمكن ان يتبناه القائلون بالجواز .
وكيف كان فتحرير محل النزاع يقتضي بيان امور :

الأمر الأول :

انَّه لا نزاع في استحالة تعلُّق الأمر والنهي بعنوان واحد كتعلُّق الأمر والنهي بالصلاة مثلا ، وذلك لما ثبت في محلّه من تضاد الاحكام فيما بينها ، فتعلُّق الأمر بشيء معناه انَّ متعلق الامر محبوب للمولى كما انَّ تعلُّق النهي بشيء معناه مبغوضية متعلَّق النهي للمولى ، فإذا كان متعلَّق الامر ومتعلَّق النهي شيئاً واحداً فهذا يعني انَّ هذا المتعلَّق محبوب ومبغوض في آن واحد ، واستحالة ذلك من الوضوح بحيث تستوجب صرف النزاع عن هذا الفرض ـ وان أوهمت عبائر البعض انَّ ذلك هو محل النزاع ـ وعليه فمورد النزاع في هذه المسألة فرض آخر ، وهو مالو تعلَّق الأمر بعنوان وتعلق النهي بعنوان آخر واتفق انْ تصادق العنوانان على مورد واحد ، كما لو كان متعلَّق الأمر هو الصلاة ومتعلَّق النهي هو الغصب واتفق ان تطابق عنوانا الصلاة والغصب على مورد واحد بأن وقعت الصلاة في الأرض المغصوبة .
وهنا يقع البحث عن انَّ مورد التصادق هل هو واحدٌ حقيقة أو هو متعدِّد وان التركيب بينهما انضمامي ، فلو كنا نبني على انَّ مورد التصادق متَّحد حقيقة وان تعدد العنوان لا يُوجب تعدُّد المعنون وانَّ النهي يسري من متعلَّقه ـ وهو طبيعة المنهي عنه ـ الى منطبق متعلَّق الأمر لو كنا نبني على ذلك لكان ذلك يستلزم البناء على الإمتناع وأما لو كنَّا نبني على انَّ تعدد العنوان يوجب تعدَّد المعنون وان النهي لا يسري من متعلَّقه الى منطبق متعلَّق الأمر وكذلك العكس فلابدَّ من الالتزام بجواز الاجتماع .
وبهذا اتضح انَّ محل النزاع في مسألة اجتماع الأمر والنهي صغروي ، وذلك لانَّ الكبرى وهي استحالة ان يكون شيء واحد متعلقاً للأمر والنهي مسلَّمة حتى عند القائلين بالجواز . فالبحث اذن انَّما هو عن انَّ مورد التصادق هل هو واحد حقيقة فيكون من صغريات الكبرى المسلَّمة أو انَّ الواقع هو انَّ ما تعلَّق به النهي غير ما تعلَّق به
الأمر وان متعلَّق النهي لا يسري لمنطبق المأمور به فلا تكون المسألة من صغريات الكبرى المسلمة ولا يكون ثمة مانع من اجتماع الامر والنهي على مورد التصادق بعد ان لم يكن مورد التصادق واحداً حقيقة وذلك لأنّ تعدد العنوان يوجب تعدُّد المعنون .

الأمر الثاني :

انَّ المراد من الواحد المأخوذ في عنوان المسألة هو الواحد المقابل للمتعدِّد لا الواحد المقابل للكلِّي .
وبيان ذلك : انَّه قد يكون متعلَّق الأمر غير متعلَّق النهي بمعنى انَّ متعلَّقيهما شيئان متغايران ، وقد يكون متعلَّق الأمر متَّحداً مع متعلَّق النهي والثاني هو مورد البحث والاول هو ما أردنا الإحتراز عنه بواسطة التعبير بالواحد .
ومن هنا قلنا ان المراد من الواحد في المقام هو المقابل للمتعدِّد والذي يكون معه متعلَّق الأمر مبايناً لمتعلَّق النهي وان كان عنوان المأمور به وعنوان المنهي عنه متحدين مفهوماً إلاّ انَّ الأمر تعلَّق بحصة منه والنهي تعلَّق بحصة اخرى كما في الأمر بالسجود لله جلَّ وعلا والنهي عن السجود للصنم ، فإنَّ متعلَّق أحدهما لا يتحد مع متعلَّق الآخر دائماً ، فلا يمكن ان يتفق تصادق عنواني السجود لله جلَّ وعلا والسجود للصنم على مورد واحد ، فدائماً يكون مصداق أحدهما مبايناً لمصداق الآخر ، وهذا بخلاف عنوان الصلاة وعنوان الغصب فإنَّه قد يتفق اتحادهما على مورد واحد ، ففي الوقت الذي تكون الافعال الخاصة مصداقاً لعنوان الصلاة تكون مصداقاً لعنوان الغصب ، وذلك فيما لو أوقع المكلَّف الصلاة في الأرض المغصوبة ، فإنَّ الحركات المخصوصة التي يوقعها المكلَّف في الارض المغصوبة تكون متعلقاً للأمر وفي الوقت نفسه تكون متعلقاً للنهي ، فليس ثمة شيئان متغايران أحدهما متعلق للأمر والآخر متعلَّق للنهي ، وهذا هو المقصود من الواحد المأخوذ في عنوان المسألة ، لا انَّ المقصود من الواحد هو المقابل للكلِّي حتى يكون المراد منه الواحد الشخصي الذي لا يقبل الصدق على غيره بل الواحد في المقام قد يكون كلياً وعليه
يكون المراد من الواحد الأعم من الواحد الشخصي أو الواحد النوعي أو الجنسي . فالمقصود هو كل ما كان مورداً لتصادق متعلِّقي الأمر والنهي ، فالصلاة في المغصوب والتي هي مورد لاجتماع الأمر والنهي ليس واحداً شخصياً ، وذلك لقابلية صدق هذا العنوان على أفراد كثيرة .

الأمر الثالث :

في بيان الفرق بين مسألة اجتماع الأمر والنهي وبين مسألة النهي في العبادات هل يقتضي الفساد .
فنقول : انَّ الفرق بينهما ـ كما أفاد السيد الخوئي (رحمه الله) ـ انَّما هو من جهة البحث ، وذلك لأنَّ البحث في المسألة الاولى صغروي ـ كما اتضح مما تقدم ـ حيث قلنا انَّ محل البحث فيها هو انَّ النهي هل يسري من متعلَّقه الى منطبق متعلَّق الأمر أو لاْ ، فلو قلنا بالسريان فالنتيجة هي الإمتناع ولو قلنا بعدمه فالنتيجة هي الجواز .
وأما البحث عن مسألة النهي في العبادات فهو بحث كبروي ، وذلك لأنَّ جهة البحث عنها هي انَّه هل يلزم من النهي عن العبادة فسادها أو لا يلزم ، وهذا يعني اننا قد فرغنا عن تعلُّق النهي بالعبادة أي عن سريان النهي الى منطبق متعلَّق الامر وهي العبادة ، ونبحث عندئذ عن انَّ هذا السريان هل يوجب فساد العبادة أو لاْ . وهو بحث كبروي .

الأمر الرابع :

انّه بناءً على القول بامتناع اجتماع الأمر والنهي يقع التعارض بين دليلي الأمر والنهي ، إذ انَّ مقتضى دليل الأمر هو وجوب مورد التصادق ومقتضى دليل النهي هو حرمة مورد التصادق ، وعندئذ يقع التكاذب بين مدلولي الدليلين فلابدَّ من الرجوع الى أحكام باب التعارض لترجيح أحد الدليلين على الآخر أو الحكم بتساقطهما ولو في مورد التصادق أو التخيير بينهما على اختلاف المباني .
وببيان أوضح : إنَّ البناء على الإمتناع ناشيء عن دعوى اتِّحاد مورد التصادق حقيقة وأنَّ منطبق متعلَّق الأمر هو عينه منطبق متعلَّق النهي وانَّه ليس ثمة شيئان أحدهما منطبق لعنوان المأمور به والآخر منطبق لعنوان المنهي عنه ، فليس في البين سوى شيء واحد ، واذا كان كذلك فهذا الشيء الواحد حقيقة مأمور به لأنَّه مصداق لطبيعة المأمور به ومنهي عنه لانَّه مصداق لطبيعة المنهي عنه وهو من اجتماع الحكمين المتضادين على موضوع واحد ، وهو مستحيل ، وعندئذ يحصل الجزم بعدم مطابقة أحد الحكمين للواقع وهذا ما يعني انَّ واحداً من الدليلين كاذب ، ولمَّا لم نكن نعلم أيَّ الدليلين هو الكاذب وأيَّهما المطابق للواقع فلا محاله يكون المرجع هو أحكام باب التعارض .
وأما بناءً على القول بالجواز فالمرجع هو أحكام باب التزاحم ، وذلك لانَّ البناء على الجواز ناشئ عن دعوى عدم اتحاد مورد التصادق حقيقة وانَّ الواقع ونفس الأمر هو انَّ منطبق المأمور به مغاير لمنطبق المنهي عنه فلا يسري النهي من متعلَّقه الى منطبق المأمور به ، إذ انَّ أحدهما غير الآخر وان الاتحاد بينهما من قبيل التركيب الإنضمامي ، وعندئذ لا مانع من أن يكون مورد الإجتماع مأموراً به ومنهياً عنه ، لأنَّ الواقع انَّ المأمور به غير المنهي عنه فلا يكون من اجتماع الضدين ، واذا كان كذلك فالمكلَّف مسئول عن كلا الحكمين ، غايته انَّ المكلَّف لمَّا كان عاجزاً عن امتثالهما معاً، إذ انَّ امتثال الأمر يؤدي في الفرض المذكور الى عجزه عن امتثال النهي وهكذا العكس ، فعندئذ يقع التزاحم في مقام الإمتثال ، فلابدَّ من الرجوع لمرجحات باب التزاحم .

تقبلوا تحيتي

الحوزويه الصغيره 29-05-2010 01:25 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد


الإجتهاد :
الإجتهاد و « هو استفراغ الوسع في تحصيل الظن بالحكم الشرعي » ، وهذا التعريف نسبه صاحب الكفاية (رحمه الله) الى العلامة والحاجبي .

وعلَّق السيد الخوئي (رحمه الله) على هذا التعريف بقوله انَّه غلط ، وعلَّل ذلك بعدم جواز العمل بالظن إلا ان يقوم دليل خاص على اعتباره ، وهذا الذي قام الدليل على اعتباره يكون حجة مطلقاً أي سواء أوجب الظن الشخصي بمؤداه أو لم يوجب الظن ، بل انَّه يكون حجة حتى في موارد عدم ايجابه الظن النوعي كما هو الحال في الاصول العملية غير المحرزة .

ثم أفاد أن هذا التعريف يُناسب اصول العامة ، وذلك لاعتمادهم على الظنون الناشئة عن القياس والاستحسان والاستقراء .

أقول : الظاهر عدم مناسبة هذا التعريف حتى لاصول العامة لو كان المراد من الظن المأخوذ في التعريف مطلق الظن ، وذلك لانَّهم انما يعتمدون على الظنون الناشئة عن الإستحسان والقياس والاستقراء باعتبار انها ظنون معتبرة قام الدليل الخاص على حجيتها عندهم ، ولذلك فهم لا يعتمدون على الظنون الناشئة عن وسائل غير معتبرة عندهم .
فالإختلاف بين العامة والإمامية فيما هي الظنون المعتبرة من الظنون غير المعتبرة ، نعم ما أفاده السيد الخوئي (رحمه الله)إنما يُناسب بعض العامة ، وهم القائلون بحجية مطلق الظن .

ثم انَّ هذا التعريف كان مدخلا لطعن الإخباريين « رضوان الله عليهم» ، إذْ انَّ ظاهره حجية مطلق الظن ، ولذلك عدل السيد الخوئي (رحمه الله) عن قيد الظن بقيد الحجة ، وقال انَّ المناسب هو تعريف الإجتهاد : «باستفراغ الوسع في تحصيل الحجَّة على الاحكام الشرعية أو تعيين الوظيفة عند عدم الوصول اليها » أي عدم الوصول الى الدليل الاجتهادي المعتبر ، وبالقيد الثاني ينتفي الإشكال الأوّل على التعريف المذكور ، وبالقيد الأوّل لا يبقي مجال لطعن الإخباري على الاصولي ، إذ انَّ الإخباري والاصولي متفقان على ان الظن إذا قام الدليل على حجيته فإنَّ له الصلاحية لإثبات الحكم الشرعي .
إلا انَّ صاحب الكفاية (رحمه الله) لم يتوسل بالوسيلة التي توسل بها السيد الخوئي(رحمه الله) للتفصِّي عن إشكال الإخباري بل انَّه وجَّه التعريف بما يرتفع معه اشكال الإخباري ، وقال ما حاصله انّ التعريف ليس تعريفاً بالحد ولا بالرسم وانَّما هو شرح للاسم كما هو المتعارف عند اللغويين فلا وجه للنقض عليه بأنه غير جامع ولا مانع من دخول الاغيار بعد ان كان الغرض منه شرح الاسم ، نعم الأنسب هو استبدال الظن بالحجة إلاّ انَّ ذلك غير لازم بعد القطع بإرادتها كما يتضح ذلك بأدنى تأمل في مباني الاصوليين من الامامية .

ثم انَّ البحث عما هو المراد من تحصيل الحجة الوارد في التعريف ، وهل المراد منه التحصيل الفعلي الملازم لوجود ملكة التحصيل أو المراد منه كفاية وجود ملكة التحصيل ولو لم يكن تحصيل الحجة فعلياً .
هذا وقد أفاد السيد الخوئي (رحمه الله) انَّه لمَّا لم يكن الاجتهاد بعنوانه موضوعاً للاحكام المبحوث عنها في بحث الاجتهاد فلا معنى لإتعاب النفس في البحث عما هو المراد من تحصيل الحجة .

وبيان ذلك :
انَّ الاحكام المترتبة على الاجتهاد ثلاثة : الاول : هو جواز عمل المجتهد بما يؤدي اليه اجتهاده .
الثاني : جواز تقليد المكلف الجاهل للمجتهد .
الثالث : نفوذ حكم المجتهد على المكلَّف في القضايا الشخصية وغيرها .
وتمام هذه الاحكام لا تتوقف على تحديد المراد من تحصيل الحجة بل لابد من ملاحظة أدلة هذه الاحكام للتعرُّف على حدود موضوعها من حيث السعة والضيق .
ثم انه استظهر بعد استعراض أدلة الاحكام الثلاثة انَّ المراد من تحصيل الحجة هو التحصيل الفعلي وعدم كفاية التوفُّر على ملكة التحصيل ، وبهذا يكون المناسب لتعريف الاجتهاد كما أفاد هو « العلم بالاحكام الشرعية الواقعية أو الظاهرية أو بالوظيفة الفعلية عند عدم احراز الحكم الشرعي من الادلة التفصيلية » .

نعم بناء على ماذكره الشيخ الانصاري (رحمه الله) من أنَّ الذي له ملكة تحصيل الحجة لا يجوز له الرجوع الى الغير بل يلزمه التحصيل الفعلي للحجة، واستدل لذلك بالإجماع وانصراف أدلة جواز رجوع الجاهل للعالم الى الفاقد لملكة تحصيل الحجة أي ملكة إستنباط الحكم الشرعي ، بناء على ذلك يكون المتعين في تعريف الاجتهاد و « هو ملكة تحصيل الحجَّة على الوظيفة الفعلية من الاحكام الواقعية والظاهرية » ، وبهذا يكون مفهوم الاجتهاد واسعاً يشمل الواجد لملكة تحصيل الحجة وإن لم يبادر في تحصيلها أي انه جاهل فعلا وان كان مجتهداً ملكةً .

وأورد السيد الخوئي على هذا التعريف بأنه غير مناسب للحكمين الآخرين ، وذلك لانَّ جواز تقليد الجاهل للمجتهد ، وكذلك نفوذ حكم المجتهد انما هو مختص بالمجتهد بالفعل كما هو ثابت . ثم أفاد بأنه لو تم الإجماع والانصراف فإن ذلك يقتضي تخصيص أدلة جواز تقليد الجاهل للعالم بمن ليس له ملكة الاجتهاد ، وهذا لا يعني ان من له ملكة الإجتهاد مجتهد .

أقول : الظاهر انَّ النقض الذي أورده السيد الخوئي (رحمه الله) على التعريف المناسب لدعوى الشيخ الانصاري (رحمه الله)غير ناقض ، وذلك لإمكان التفصِّي عنه بالإلتزام بأن المجتهد هو المتوفر على ملكة الاجتهاد وحسب ، غايته انَّ موضوع الحكمين الآخرين ليس هو المجتهد فحسب وانما هو المجتهدباضافة قيد زائد وهو فعلية تحصيل الحجة ، وذلك للدليل الخاص ، فكما ان الدليل الخاص دلَّ على شرطية العدالة في نفوذ حكم الحاكم وجواز الرجوع اليه فكذلك شرط الفعلية ، وكما ان العدالة ليست شرطاً في صدق الاجتهاد وانما هي شرط في نفوذ الحكم وجواز التقليد فكذلك فعلية التحصيل .

تقبلوا تحيتي

الحوزويه الصغيره 05-06-2010 08:15 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الإجزاء
ويقع البحث تحت هذا العنوان عن مسائل ثلاث :

الأولى : عن إجزاء الإتيان بالمأمور به عن أمره ، أي إجزاء الاتيان بالمأمور به بالامر الواقعي عن الامر الواقعي ، واجزاء المأمور به بالامر الظاهري عن الامر الظاهري ، واجزاء المأمور به بالامر الاضطراري عن الامر الاضطراري .
الثانية : عن إجزاء المأمور به بالامر الاضطراري عن الامر الواقعي .
الثالثة : عن إجزاء المأمور به بالامر الظاهري عن الامر الواقعي ، وحتى تتضح معالم البحث لابد من بيان امور :
الأمر الأول : انَّ المراد من عنوان الإجزاء هو معناه اللغوي ، وهو الكفاية والإغناء فحينما يقال أجزأ فعل عن آخر فهو يعني انَّه أغنى عنه ، غايته انَّ ما يُجزي عنه الفعل يختلف تبعاً للدليل، فقد يُجزي الفعل عن الإعادة والقضاء كمن صلَّى جهراً في موضع الاخفاة ، فإنَّ صلاته تُجزي عن الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه، وقد يُجزي الفعل عن القضاء دون الإعادة ، كمن صلَّى في السفر تماماً ناسياً ، فإن صلاته تُجزي عن القضاء لو تذكر خارج الوقت دون الإعادة لو تذكر في الوقت ، وقد يُطلق الإجزاء ويُراد منه كفاية المأتي عن غير المأتي به ، كإجزاء ذبح الهدي عن العقيقة واجزاء الاطعام عن العتق في بعض الموارد .

والمتحصل ان المراد من الإجزاء في استعمالات الفقهاء هو عينه المراد منه عند اللغويين .

الأمر الثاني : انَّ بحث الإجزاء من المسائل العقلية وليس من مباحث الالفاظ ، وذلك يتضح بملاحظة الجهة المتصدية للإجابة عن ثبوت الإجزاء أو عدم ثبوته ، فإن كانت الجهة المتصدية لذلك هي الدلالة اللفظية فالمسألة من مباحث الالفاظ ، وان كانت الجهة المتصدية لذلك هي مدركات العقل فالبحث يكون معها عقلياً ، وواضح بهذه الضابطة ان مبحث الإجزاء من المباحث العقلية ، إذ انَّ الذي يُحدِّد إجزاء الاتيان بالمأمور به عن أمره أو عدم إجزائه انَّما هو العقل ، وأما صيغة الأمر مثلا أو مادته فليست لها دلالة على أكثر من بعث المكلف نحو المأمور به ، أما انَّه لو انبعث عن الامر وجاء بالمأمور به على وجهه فهل ذلك يقتضي الإجزاء وسقوط الأمر أو فاعليته فهذا مالا يمكن استفادته بواسطة نفس الامر نعم هو مستفاد بواسطة العقل ، وذلك بأحد بيانين ، كما أفاد السيد الشهيد الصدر(رحمه الله).

البيان الأول : ان العقل يستقلُّ بإدراك الكفاية عندما يأتي المكلف بالمأمور به ، وذلك لأنَّ الاتيان بالمأمور به محقق لغرض المولى ، وهذا موجب لخروج المكلف عن عهدة التكليف المدركة بواسطة حكم العقل بحق الطاعة للمولى جلَّ وعلا ، فحق الطاعة للمولى ينتفي بتحقق غرضه بواسطة الإتيان بالمأمور به .

البيان الثاني : انَّ الإتيان بالمأمور به بعد امتثاله من تحصيل الحاصل ، وهذا ما يُعبِّر عن كفاية الإتيان به في المرة الاولى وبتعبير آخر : انَّ الامر حينما يتعلَّق بالجامع يكون الاتيان بأحد أفراده محقق للجامع ، فلا معنى للإتيان بفرد آخر ، لأنَّه إذا كان الغرض هو تحقق الجامع فقد تحقق بفرده الاول لان الطبيعة تنوجد بأول وجودات أفرادها ، فيكون الاتيان بفرد آخر من تحصيل الحاصل ، وإن كان الغرض هو تحقيق فرد آخر لجامع آخر أو لنفس الجامع فهذا مالا موجب له إلا ان يكون ثمة أمر جديد وهو خُلف الفرض .

وبهذا يتنقح انَّ مبحث الإجزاء من المباحث العقلية .

الأمر الثالث : بعد اتضاح ان جهة البحث في مسألة الإجزاء هي ثبوت الملازمة العقلية بين الاتيان بالمأمور به وبين الإجزاء عن الامر أو عدم ثبوت الملازمة ، بعد اتضاح ذلك يتضح استقلالية هذه المسألة عن مسألة دلالة الامر على المرة والتكرار ومسألة تبعية القضاء للأداء ، إذ انَّ جهة البحث في مسألة المرة والتكرار هو ما تقتضيه دلالة الامر ، وانَّ الامر هل وضع للدلالة على البعث نحو الطبيعة المقيدة بالمرة أو وضع للدلالة على الطبيعة المقيدة بالتكرار ، أو انّه لم يوضع إلاَّ للدلالة على البعث نحو الطبيعة دون ان يكون قيد المرة والتكرار دخيلا فيما هو الموضوع له لفظ الامر .وواضح أجنبية هذا البحث عن مسألة الإجزاء ، إذ اننا نبحث في المقام عن الملازمة العقلية بين الاتيان بالمأمور به وبين الإجزاء بعد الفراغ عن حدود ما تدل عليه صيغة الامر ، واتحاد نتيجة القول بالإجزاء مع القول بدلالة الامر على المرة ، واتحاد القول بعدم الاجزاء مع القول بدلالة الامر على التكرار لا يوجب اتحاد البحثين بعد تباينهما من حيث الجهة المبحوث عنها في المسألتين ، اِذ هي الضابطة في تباين المسائل واتحادها ، وليس للنتيجة دخل في تصنيف المسائل كما هو واضح .
وأما مبحث تبعية القضاء للأداء فجهته انَّ صيغة الأمر هل تدل باطلاقها على تعدد المطلوب والذي يقتضي القضاء ـ أو وحدته والذي يستوجب عدم وجوب القضاء بعد انتهاء الوقت وعدم الإتيان بالمأمور به .واتحاد القول بالإجزاء مع القول بعدم التبعية واتحاد القول بعدم الإجزاء مع القول بالتبعية لا يُصيِّر البحثان بحثاً واحداً ، على انَّ موضوع كل واحد من البحثين مباين لموضوع البحث الآخر . فموضوع بحث تبعية القضاء لللأداء هو عدم الاتيان بالمأمور به في الوقت ، وموضوع بحث الإجزاء هو الإتيان بالمأمور به ، فالبحثان متباينان جهة وموضوعاً .هذا حاصل ما أفاده السيد الخوئي(رحمه الله) .

الأمر الرابع : جرت عادة الاُصوليين على عنونة هذا البحث بقولهم « ان الاتيان بالمأمور به على وجهه هل يقتضي الإجزاء أولا ؟ » .

ومن هنا لابدَّ من ايضاح معنى قولهم « على وجهه » وكذلك ايضاح معنى «الإقتضاء » .

أما قولهم « على وجهه » فقد ذُكر له ثلاثة احتمالات :

الإحتمال الاول : وهو الذي ذكره صاحب الكفاية (رحمه الله) وتبنَّاه ، وحاصله انَّ المراد من الإتيان بالمأمور به على وجهه هو الإتيان به موافقاً لمقتضيات الشرع والعقل .
فالموافقة لمقتضيات الشرع معناه الاتيان بالمأمور به واجداً لتمام الأجزاء والشرائط المستفادة بواسطة الشارع .
والموافقة لمقتضيات العقل تعني الإتيان بالشرائط أو الأجزاء التي لا يمكن استفادتها إلا بواسطة العقل ، وذلك مثل قصد إمتثال الامر ، حيث ثبت بالدليل استحالة استفادته بواسطة الشرع كما هو منقح في بحث التوصلي والتعبدي .
واستدل صاحب الكفاية (رحمه الله) على هذه الدعوى بأنّه لو كان المراد من قولهم « على وجهه » هو خصوص الأجزاء والشرائط المعتبرة شرعاً لكان التقييد بقولهم « على وجهه » توضيحياً، وهو خلاف الأصل ، إذ انَّ الاصل في القيود الإحترازية ، هذا أولا وثانياً يلزم من عدم القول بإرادة مجموع ما يُعتبر شرعاً وعقلا خروج التعبديات عن محل البحث ، وذلك لانَّ قصد الامر المعتبر في التعبديات لا يستفاد إلا بواسطة العقل ، فالعقل هو المحدد لكيفية الإطاعة في التعبديات ، فإذا لم يكن ما يُعتبر عقلا مراداً من قولهم « على وجهه » فهذا معناه خروج التعبديات عن محل البحث ، وهو ما لا يمكن الالتزام به .

الإحتمال الثاني : انَّ المراد من قولهم « على وجهه » هو الإتيان بالمأمور به مع قصد الوجه ، كقصد الوجوب أو الإستحباب .
وأجاب صاحب الكفاية (رحمه الله) عن هذا الإحتمال انَّ المعروف بين الفقهاء عدم اعتبار قصد الوجه مطلقاً ، وانَّ من ذهب من الفقهاء الى اعتباره حصره في العبادات وهذا يقتضي خروج التوصليات عن محل البحث .
ثم انه لا مبرر للتنصيص عليه لو كنا نبني على اعتباره ، وذلك لدخوله تحت عنوان ما يُعتبر شرعاً ، فيكفي التعبير بالإتيان بالمأمور به ، إذ انَّه يشمل قصد الوجه لو قيل باعتباره شرعاً .

الإحتمال الثالث : انَّ المراد من قولهم « على وجهه » هو الاتيان بالمأمور به موافقاً لما يُعتبر شرعاً ، وعليه يكون التقييد توضيحياً ، ومع ذلك لا يلزم خروج التعبديات عن محل البحث ، إذ انَّ ذلك مبني على استحالة اعتبار قصد الامر شرعاً أما مع القول بعدم الإستحالة كما هو مذهب السيد الخوئي (رحمه الله)والمحقق النائيني (رحمه الله) فلا معنى لإرادة الأعم مما يُعتبر شرعاً وعقلا ، وأما مخالفة ذلك للاصل وانَّه يقتضي الاحترازية فلا بأس به إذا كان ذلك هو مقتضى القرينة، حيث قام الدليل على إمكان اعتبار قصد الأمر شرعاً .
وأما المراد من الإقتضاء : فهو العلية والتأثير كما أفاد صاحب الكفاية(رحمه الله) . وبيان ذلك :

انَّ الاقتضاء تارة يُضاف الى الصيغة واُخرى الى الفعل ، فإذا ما اُضيف الى الصيغة كان بمعنى الكشف والدلالة ، فحينما يُقال ان صيغة الأمر هل تقتضي الوجوب فهذا معناه البحث عن دلالتها على الوجوب ، أما اذا اُضيف الإقتضاء الى الفعل فإنَّه يكون بمعنى العلية والتأثير ، فإذا قيل ان الصوم هل يقتضي الثواب أولا ؟ فإنَّ البحث عندئذ عن علِّية فعل الصوم لترتُّب الثواب ، وهكذا.
وهكذا البحث في المقام ، فإنَّ الاقتضاء اُضيف الى الإتيان بالمأمور به، ومن هنا كان بمعنى تأثير الإتيان بالمأمور به للإجزاء .
ثم أورد صاحب الكفاية على نفسه فقال ما حاصله : انَّه وإن سلِّم انَّ اقتضاء الإجزاء عن الأمر عند الإتيان بنفس متعلق الأمر وان سلِّم انه بمعنى التأثير والعلِّية إلا انَّه غير مسلَّم عندما يقال انَّ الإتيان بالمأمور به بالامر الإضطراري أو الظاهري يقتضي الإجزاء عن الامر الواقعي ، فإنَّ الاقتضاء هنا ليس بمعنى التأثير وإنما هو بمعنى الدلالة والكشف، أي انَّ دليل الامر الاضطراري هل يدل على الإجزاء عن الأمر الواقعي ، فالاقتضاء إذن بمعنى الدلالة لا بمعنى التأثير والسببيَّة .
وقد أجاب صاحب الكفاية عن ذلكبأنَّ البحث في موارد الإتيان بالمأمور به بالأمر الإضطراري أو الظاهري عن الامر الواقعي ينحل الى بحثين ، الاول كبروي والآخر صغروي، أما الكبروي فهو انَّ محض الاتيان بالمأمور به هل يقتضي الإجزاء أولا ؟ ، وهنا يكون الإقتضاء بمعنى التأثير والعلِّية .
والبحث الصغروي هو عن دلالة الامر الاضطراري والامر الظاهري على الإجزاء ، إلا انَّ هذا البحث متفرع على إقتضاء وتأثير الاتيان بالمأمور به للإجزاء وإلا لو لم يكن الإتيان بالمأمور به مقتضياً ومؤثراً للإجزاء لم يكن ثمة موقع للبحث الصغروي .
وبهذا يتضح انَّ البحث عن إجزاء الإتيان بالمأمور به عن أمره لا يكون إلاّ بحثاً كبروياً ، أما البحث عن إجزاء الاتيان بالمأمور بالامر الاضطراري أو الظاهري عن الامر الواقعي لا ينتهي عند الوصول الى اقتضائهما للإجزاء كبروياً بل لابدَّ من البحث عن انَّ صيغة الأمر الاضطراري أو الظاهري هل تدلُّ على الإجزاء عن الامر الواقعي أولا ؟ .
ولو انتهى بنا البحث الى عدم الإجزاء فإنه لا معنى للبحث الصغروي.

تقبلوا تحيتي


الحوزويه الصغيره 07-06-2010 10:41 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد

نكمل توضيح مصطلح الأجزاء:


وبما ذكرناه تتضح معالم بحث الإجزاء ، ولتتميم الفائدة نشير اجمالا الى المباحث الثلاثة المبحوثة في مسألة الإجزاء .

المبحث الاول : إجزاء الإتيان بالمأمور به عن أمره ، كإجزاء المأمور به بالامر الواقعي عن الامر الواقعي واجزاء المأمور به بالأمر الاضطراري عن الامر الاضطراري وكذلك إجزاء المأمور به بالامر الظاهري عن الامر الظاهري.
الظاهر انه لم يقع خلاف بين الأعلام في إقتضاء ذلك للإجزاء ، واستدل صاحب الكفاية لذلك بما حاصله :
انَّ الإجزاء في هذه الموارد ضروري بمقتضى ما يستقل به العقل ، إذ لا معنى لبقاء الامر بعد انتفاء موضوعه بالإتيان بمتعلقه .وأيَّد السيد الخوئي (رحمه الله) ذلك بما حاصله :
انَّ عدم الإجزاء في هذه الموارد يلزم منه أحد لوازم ثلاثة على سبيل مانعة الخلو ، وجميعها باطلة ، وهي إما لزوم الخلف أو عدم إمكان الإمتثال الى الابد أو يكون الامر بعد الامتثال مجرداً عن الملاك .وبيان ذلك : انَّ الإتيان بالمأمور به محقق للغرض بلا ريب وإلا لما وقع متعلقاً للأمر ، وحينئذ لو جاء المكلَّف بالمأمور به وقلنا بعدم الإجزاء فهذا خُلف تحقق الغرض به ، إذ انَّ ذلك يقتضي كون الغرض أوسع من الامر فيكون المطلوب والغرض متعددين وهو خُلف الفرض ، أو نقول انَّ الغرض والمطلوب يتحققان بالاتيان بالمأمور به ومع ذلك يبقى الامر على حاله مقتضياً للبعث والتحريك ، وهذا لا معنى له إلا مع افتراض كون الأمر بلا مقتض وبلا ملاك ، إلاَّ ان نقول انَّ الامر مشتمل على الغرض وانه غير متعدد إلا انَّ الامتثال الاول لا يقتضي الإجزاء ، وهذا أيضاً مستحيل ، إذ ما هو الفرق بين الامتثال الاول والإمتثال الثاني بعد توفرهما معاً على تمام الأجزاء والشرائط المعتبرة ، فإذا كان الاول غير مجز فكذلك الثاني وهكذا الثالث وهذا يعني عدم امكان الإمتثال الى الابد .فالمتحصل انَّ إجزاء الإتيان بالمأمور به عن أمره لم يقع محلا للنزاع إلا ممن لا يُعتد بقوله .

المبحث الثاني : وهو إجزاء الإتيان بالمأمور به بالامر الاضطراري عن الامر الواقعي ، والبحث في هذه المسألة من جهتين :
الجهة الاولى : ما لو اتفق زوال العذر والاضطرار قبل انتهاء الوقت ، وتحرير محل النزاع في هذه الصورة ـ كما أفاد السيد الخوئي (رحمه الله) ـ يتبلور بالالتفات الى أمرين :
الامر الاول : انَّ الاتيان بالمأمور به بالامر الاضطراري لا يكون إلاّ في حالة يكون معها موضوع الأمر الاضطراري هو وجود العذر ، لا أن يكون موضوعه هو استيعاب العذر لتمام الوقت ، فإنَّ الاتيان بالمأمور به حينئذ لا يكون امتثالا للأمر الاضطراري ، لأنَّ موضوعه كما هو المفترض هو العذر المستوعب لتمام الوقت والحال انه بادر للإتيان بالمأمور به قبل تنقح الموضوع ، نعم لو كان جازماً بالاستيعاب واتفق مطابقة جزمه للواقع وهو الاستيعاب ، وكذلك لو دلت الامارة المعتبرة على الاستيعاب واتفق مطابقتها للواقع فإنَّ الاتيان بالمأمور به حينئذ يكون امتثالا للأمر الاضطراري ، وعندئذ يقع البحث عن انَّه يُجزى عن الامر الواقعي أولاْ .
الأمر الثاني : انَّ محل البحث هو مالو كان الملاك من الأمر الاضطراري ناشئاً عن المصلحة في متعلق الامر الاضطراري ، أي انَّ المصلحة في المأمور به بالامر الاضطراري هي الملاك في البعث نحو الامر الاضطراري ، أما لو كانت المصلحة من الامر الاضطراري غير متصلة بمتعلقه وانما هي متصلة بملاك خارج عن متعلق الامر الاضطراري فإنَّ هذه الحالة غير مشمولة لمحل البحث ، إذ لا مورد معها للقول بأنَّ المأمور به بالامر الاضطراري يفي بمعظم الملاك أو بجزء كبير أو صغير .
ومن هنا كان الاتيان بالمأمور به بالامر الاضطراري الناشئ عن التقية خارجاً عن محل البحث وغير مقتض عقلا للإجزاء إلا مع قيام الدليل الخاص على ذلك كما هو كذلك في بعض الموارد .ثم البحث بعد تبلور محله يقع في مقامين كما ذكر صاحب الكفاية (رحمه الله) .
المقام الاول : والبحث فيه ثبوتي أي في المحتملات التي يمكن ان يكون واقع الامر الاضطراري مشتملا عليها وهي أربعة :
المحتمل الاول : ان يكون متعلَّق الامر الاضطراري واجداً لتمام ملاك متعلق الامر الواقعي .
المحتمل الثاني : ان يكون واجداً لجزء من ملاك الامر الواقعي مع افتراض تعذر استيفاء ما يفوت من الامر الواقعي .
المحتمل الثالث : ان يكون واجداً لجزء الملاك مع القدرة على استيفاء ما يفوت من الامر الواقعي إلا انَّ الفائت ليست بالمستوى الذي يستوجب لزوم استيفائه .
المحتمل الرابع : ان يكون واجداً لجزء الملاك مع افتراض القدرة على استيفاء ما يفوت ، ويكون الفائت بمستوىً يلزم استيفاؤه بواسطة الإعادة في الوقت أو القضاء خارج الوقت .
المقام الثاني : والبحث فيه إثباتي ، أي عما يقتضيه دليل الامر الاضطراري.
وقد ذهب صاحب الكفاية (رحمه الله) الى دلالته على الإجزاء لاطلاق أدلته كقوله تعالى ( فإنْ لم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيباً )، ومع افتراض عدم تمامية الإطلاق فالمرجع هو الاصل ، وهو في المقام البراءة ، لانَّ الشك فيه شك في أصل التكليف أي شك في التكليف بالأداء أو القضاء وهو مجرى لأصالة البراءة .

الجهة الثانية : مالو اتفق زوال العذر والاضطرار بعد خروج الوقت ، وفي هذه الحالة ذهب المحقق النائيني(رحمه الله)الى الإجزاء ، وذلك لانَّ القيد المتعذر في ظرف الاضطرار واستيعاب العذر للوقت يدور أمره ثبوتاً بين أمرين لا ثالث لهما ، فإما ان يكون ذلك القيد دخيلا في اشتمال المأمور به بالامر الواقعي على الملاك بحيث لو اتفق انتفاؤه لما كان المأمور به واجداً للملاك من غير فرق بين ان يكون القيد مقدوراً أو متعذراً ، وحينئذ لا معنى للامر بالفاقد للقيد لانه غير واجد للمصلحة والملاك ، فالامر بالمأمور به الاضطراري أمر بما لا ملاك ولا مصلحة في متعلقه .واما ان يكون القيد المتعذر في تمام الوقت غير دخيل في الملاك حال الاضطرار وإنَّما هو دخيل في ظرف القدرة ، وحينئذ يتعين الامر بالفاقد أي الامر الاضطراري ، وذلك لتوفره على الملاك التام بعد تعذُّر ذلك القيد ، وعندئذ يكون الامر بالقضاء بعد الإتيان بالمأمور به بالامر الاضطراري في الوقت بلا معنى ، إذ انَّ القضاء يكون لغرض تدارك الملاك الفائت والمفترض ان المأمور به الاضطراري واجداً لتمام الملاك فلا مقتض للقضاء أصلا .
وبهذا يثبت الإجزاء في موارد الاتيان بالمأمور به بالامر الاضطراري إذا كان العذر مستوعباً لتمام الوقت ، وذلك لأنَّ الامر الاضطراري يكشف بواسطة القرينة العقلية المذكورة عن عدم دخالة القيد المتعذر في ترتب الملاك وان المأمور به بالامر الاضطراري واجد لتمام الملاك في المأمور به بالامر الواقعي .

المبحث الثالث : في إجزاء المأمور به بالأمر الظاهري عن الامر الواقعي ،
والبحث عنه في موردين :
المورد الاول : مالو انكشف بنحو الجزم عدم مطابقة الامر الظاهري للواقع.
المورد الثاني : مالو انكشف له انَّ الامارة أو الاصل المعتمد أولا كان معارضاً بأمارة أو أصل يوجب سقوطهما عن الحجية أو انَّ الامارة معارضة بأمارة أقوى أو انَّ تطبيقه للكبرى المسلمة كحجية الظهور لم يكن في محلِّه .
أما المورد الاول فلم يقع خلاف في عدم الإجزاء ، لانَّ سقوط الأمر بناء على الطريقية بل والمصلحة السلوكية لا يكون إلاّ بالإتيان بالمأمور به الواقعي أو قيام دليل على إجزاء غير المأمور به عن المأمور به الواقعي أو قيام دليل على إجزاء غير المأمور به عن المأمور به والمفترض عدم تحقق كلا الامرين .
وكذلك الحال في الشبهات الموضوعية كما لو قامت البينة على طهارة ماء وانكشف له بعد ان توضأ به عدم طهارته فإنَّ هذا الوضوء لا يجزي عن الواقع ، وذلك لان الاحكام ثابتة لموضوعاتها الواقعية .إلاّ انَّ هنا في هذا المورد تفصيل ذهب اليه صاحب الكفاية ، وهو انّ الحكم الظاهري إذا كان مستنداً الى الامارة فالامر كما ذكروا وهو عدم الإجزاء ، وأما اذا كان مستنده الاصل العملي فإنَّ الصحيح هو الإجزاء ، وذلك لحكومة الاصول على الادلة الواقعية بمعنى ان الاصول توسع من دائرة الشرط الواقعي ، فيكون ما جاء به الشاك اعتماداً على الاصل واجداً للشرط الواقعي ، فالماء الذي اغتسل به اعتماداً على أصالة الطهارة أو استصحابها طاهر واقعاً ، غايته ان طهارته خاصة بالشاك ، وعليه تكون صلاته الواقعة بعد هذا الغسل واجدة للطهارة الواقعية . وهذا هو مبرر الإجزاء عندما يكون مستند الحكم الظاهري هو الاصل العملي .
وأما المورد الثاني فقد فصَّل المشهور فيه بين الشبهات الحكمية والشبهات الموضوعية فذهبوا الى الإجزاء في موارد الشبهات الحكمية ، ومثاله لو كان المجتهد يبني على عدم شرطية الطهارة من الخبث في الطواف اعتماداً على رواية معتبرة ثم انكشف له انَّ لهذه الرواية معارض ، واتفق ان كان الترجيح مع الرواية التي لم يكن مطلعاً عليها والتي تقتضي شرطية الطهارة عن الخبث في الطواف ، فمورد الشبهة في المثال هو شرطية الطهارة ومن هنا تكون الشبهة حكمية ولهذا يكون ما جاء به من طواف مجزياً بنظر المشهور .وأما في موارد الشبهات الموضوعية فذهبوا الى عدم الإجزاء .


تحيتي

الحوزويه الصغيره 14-06-2010 05:19 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الإجماع
اختلفت الكلمات في تحديد ضابطة الإجماع ، فمنهم من ذهب الى انَّ الإجماع هو اتفاق المسلمين قاطبة ـ في كل الأعصار والأمصار ـ على حكم من الاحكام الشرعية . ومنهم من زعم انَّ الاجماع هو اتفاق العلماء من المسلمين على حكم من الاحكام . ومنهم من ضيق من دائرة موضوع الإجماع فادَّعى انَّ الإجماع هو اتفاق أهل الحلِّ والعقد وهناك من ذهب الى انَّ الإجماع هو اتفاق أهل عصر من الاعصار على رأي ، وهناك من ذهب الى غير ذلك .
والاختلاف في ضابطة تحقق الاجماع نشأ عن الاختلاف فيما هو المدرك المعتمد لحجية الاجماع .

الإجماع البسيط
وهو اتفاق آراء العلماء على رأي بحيث تتم استفادة هذا الاتفاق بواسطة المدلول المطابقي لقول كل واحد منهم، ولا يختلف الحال في صدق الاجماع البسيط بين إتفاقهم على الإثبات أو النفي .
وقد يصدق الإجماع البسيط كما أفاد السيد الصدر (رحمه الله) في حالة يكون استفادة اتفاق العلماء على رأي بواسطة المدلول الالتزامي ولكن بشرط إحراز انَّ المدلول الإلتزامي لم ينشأ عن تبني المجمعين لآراء مختلفة لازمها ذلك المدلول الإلتزامي ، بمعنى انَّه قد يتفق اختلاف الآراء في مسألة ويكون لازم جميع هذه الآراء واحداً ويقع هذا اللازم موقع التبني ولا يكون منشاؤه تبني الرأي الملزوم وانما يكون اللازم مُتبنى من الجميع بقطع النظر عن ملزومه ، أي حتى لو اتفق التخلِّي عن الملزوم فإنَّ اللازم يبقى على حاله مورداً لاتفاق الآراء .
ويمكن التمثيل للصورة الاولى باجماع العلماء على جواز رجوع العامي للمجتهد ، فإنَّ هذا الإجماع تم تحصيله بواسطة المدلولات المطابقية لكلمات الفقهاء .
كما يمكن التمثيل للصورة الثانية باجماع العلماء على عدم حجية خبر الكذاب فإنَّ تحصيله تم بواسطة لوازم آراء العلماء في حجية خبر الواحد إذ منهم من ذهب الى حجية خبر الثقة فحسب ومنهم من خص الحجية بخبر العدل وذهب آخرون الى الحجية لخبر الامامي الممدوح فإنَّ لازم تمام هذه الآراء هو عدم حجية خبر الكذاب ، هذا اللازم لم ينشأ عن تلازمه للمدلول المطابقي لكل واحد من هذه الأقوال وانَّما هو متبنى الجميع بقطع النظر عما هو الحجة من الأخبار .

الإجماع التشرفي
وهو دعوى الإجماع على حكم بملاك التشرُّف برؤية الامام الحجة عجَّل الله فرجه وسماع الحكم منه .
والتعبير عن مدرك الحكم المتلقى عن الامام الحجّة (عليه السلام) بالاجماع ينشأ عن خوف التصريح بالمدرك الحقيقي للحكم ، إذ قد يُدعى منافاته للكتمان المفروض او استيجابه التكذيب المتعبد به ، كما هو المستفاد من التوقيع الشريف الذي خرج على يد علي بن محمد السمري (رحمه الله) آخر سفراء الغيبة الصغرى .
وهذا النحو من الإجماع لم يدعه أحدٌ من العلماء ، وانما حدسه البعض حينما لم يجدوا لبعض دعاوى الاجماع ما يعضدها . ومن هنا لا يكون هذا النحو من الاجماع من مدارك حجية الاجماع المحصَّل كما انه ليس من الإجماع المنقول ، إذ لا يعدو هذا الإجماع عن كونه تورية اُريد منها التفصِّي عن التصريح بالمدرك الحقيقي للحكم .

تقبلوا تحيتي

أنوار البتول 18-06-2010 01:28 AM

علم الأصول جميل وممتع لكنه متعب بعض الشيء لكثرة التفرعات فيه ..
اختي هذه الدروس من اصول المظفر ؟؟
على ما يبدو صعب وتشتت افكاري مع مادرسته ..
الآن المقصود بالإباحة ( بالتخيري ) ام بنوع من أنواع الحكم التكليفي ..؟

احسنتم اختي بارك الله فيكم على هذا العلم النافع ..
جزيتم كل خير ..

الحوزويه الصغيره 18-06-2010 08:11 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد


اشكرك اختي انوار البتول على مرورك بصفحتي المتواضعه...
واجابة على سؤالك هذه الدروس ليست من كتاب اصول المظفر بل من كتاب آخر
اما بالنسبة لسؤالك عن الاباحة فأنها تعتبر من الاحكام التكليفية لكن هناك تفصيل فأذا كانت الاباحة من النوع الاخص فانها تندرج تحت الاحكام التكليفية غير الالزامية, اما أذا كانت الاباحة من النوع الاعم فأنها تندرج تحت عنوان الاحكام التكليفية الالزامية (وذلك تمييزه يكون بحسب القضية المطروحة لدينا )

تقبلوا تحيتي

الحوزويه الصغيره 29-06-2010 01:24 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الإجماع الحدسي
واضافة الحدس الى الإجماع يُراد منها الإشارة الى ماهو مدرك الحجية للإجماع المحصَّل .والمدرك المشار اليه هو ما يقال من ثبوت الملازمة العقلية بين اتفاق آراء العلماء على أمر وبين قول المعصوم(عليه السلام) ، ومن هنا كان الكاشف عن قول المعصوم (عليه السلام) بناء على هذا المسلك هو العقل النظري ، إذ انَّ إدراك الملازمة من شئون العقل النظري كما هو واضح .والتعبير عن هذا المسلك بالإجماع الحدسي منشاؤه انَّ التعرُّف على قول المعصوم (عليه السلام) ينتج عن الحدس والنظر في كبرى الملازمة وصغراها ، إذ انَّ الإستفادة من هذه الملازمة لا يتم إلاّ بواسطة البحث عن ان مثل هذه الملازمة هل يُنتج القطع بالملزوم أولا ، وهذا معناه البحث عن انَّ هذه الملازمة عقلية أو اتفاقيّة ، وهذا هو البحث الكبروي ، ثم على فرض تمامية الكبرى لابدَّ من ملاحظة انَّ مورد البحث من صغريات هذه الكبرى أولاْ، وهذا هو البحث الصغروي .

وكيف كان فقد استدلَّ على حجية الاجماع المحصَّل ببيان حاصله : انَّ اتفاق آراء الفقهاء يستوجب الجزم بتطابق الرأيالمُتفَق عليه مع قول المعصوم (عليه السلام) ، وذلك بواسطة الملازمة العقلية والتي لا إشكال كبروياً في إفادتها الجزم أو الاطمئنان بوجود الملزوم عند ثبوت اللازم بنحو البرهان الإنِّي ، وتقريب ذلك :
إنَّ فتوى الفقيه الواحد بمسألة ينشأ عنه الظن أو الإحتمال بمطابقة فتواه للواقع، فإذا انضمَّ الى فتوى الفقيه الاول فتوى فقيه آخر فإنَّ مستوى الظن بالمطابقة يتصاعد ومعه يتضائل احتمال المنافاة مع الواقع ، إذ انَّ العلاقة بينهما طردية فكلما تصاعد مستوى الظن بالمطابقة كلما تضاءل مستوى احتمال المخالفة ، وهكذا يتضاءل مستوى احتمال المخالفة الى ان يصل لدرجة لا يحتفظ العقلاء بمثله، أي انهم يتجاوزون هذا المستوى من الإحتمال ولا يعتدون به ، وهذا ما يُنتج الاطمئنان بالموافقة ، على انَّه قد تتكثر الاقوال المتطابقة لحد ينشأ عن هذا التكثر الجزم بتطابق قولهم مع الواقع ، وذلك بنفس المسار الطردي المذكور ، هذا هو أحد التقريبات لمسلك الحدس ، ولا بأس بذكر تقريب آخر :وهذا التقريب يرتكز على ثبوت الملازمة العادية بين اتفاق الاراء وبين قول المعصوم (عليه السلام) ، إذ من البعيد جداً ان تتفق آراء العلماء على أمر ويكون رأي امامهم منافياً لما اتفقوا عليه . وهذا نظير استكشاف رأي الرئيس بواسطة تباني أتباعه قاطبة على ذلك الرأي .

الإجماع الدخولي :
ويراد من وصف الإجماع بالدخولي الإشاره الى ماهو مدرك الحجيَّة للإجماع المحصَّل .وحاصل هذا المدرك هو انَّه لما كانت حجية الإجماع منوطة ـ بنظر الامامية ـ بدخول المعصوم في ضمن المجمعين بنحو من أنحاء الدخول فإنَّ اتفاق الامة أو العلماء أو الطائفة على رأي لا يتحقق إلا حينما يكون المعصوم(عليه السلام) في ضمن المجمعين ، فهو فرد من الامة ومن العلماء ومن الطائفة.فمنشأ الحجية للاجماع المحصَّل هو دخول المعصوم (عليه السلام) في إطار المجمعين وعليه فالاجماع الدخولي هو الاجماع الذي يُحرز معه وجداناً دخول المعصوم (عليه السلام) في إطار المجمعين .

الإجماع المحصَّل :
وهو الإجماع المحرز وجداناً والذي ينشأ عن تتبع الفقيه لآراء العلماء في مسألة من المسائل والوقوف بعد ذلك على اتفاقهم عليها ، وهذا في مقابل الإجماع المنقول والذي لا يكون فيه الإجماع محرزاً بالوجدان وانما هو مُتلقى عن فقيه آخر كان قد حصَّل الإجماع بنفسه .
الإجماع المدركي
وهو اجماع الفقهاء على حكم مسألة مع احراز مدرك اجماعهم على حكم تلك المسألة ، ولا يختلف الحال بين اتّفاقهم على مدرك واحد أو انَّهم مختلفون فيما هو مدرك حكم المسألة مع اتّفاقهم في النتيجة فإنَّ الإجماع في كلا الصورتين يكون مدركيّاً ، كما انَّه لا فرق بين كون المدرك من قبيل الأدلّة الإجتهاديّة أو الاصول العمليَّة ، فالمناط في مدركيّة الإجماع هو احراز ماهو منشأ اتّفاقهم في الفتوى .وثمّة اجماع آخر يُعبَّر عنه بالإجماع المحتمل للمدركيّة ، وهو مالو كان لحكم المسألة المجمع عليه مدرك تام أو غير تام يحتمل اعتماد المجمعين عليه أو اعتماد بعضهم عليه .والإجماع المدركي وكذلك محتمل المدركيّة ليسا من الإجماع الاصطلاحي، إذ انَّ الإجماع الإصطلاحي يكشف بطريق الإن عن دخول المعصوم (عليه السلام) في ضمن المجمعين أو يكون كاشفاً عن وجود دليل معتبر ، وذلك بواسطة الحدس أو قاعدة اللطف ، والإجماع المدركي لا يصلح لذلك بعد أن كان مدركه محرزاً، وهكذا لو كان محتملا للمدركيّة فإنَّ إحراز اعتمادهم على دليل معتبر لم يصل لا يكون ميسوراً في هذا الفرض .

الإجماع المركَّب :
وهو اتفاق آراء العلماء على رأي بحيث يكون الاتفاق مستفاداً من المدلول الإلتزامي للآراء المختلفة لهؤلاء العلماء على ان يكون هذا اللازم ناشئاً عن تبني كل واحد لرأيه ، بمعنى انَّه لو لم يكن كل واحد متبنياً للرأي المعين لكان من الممكن ان لا يبني على اللازم .ويمكن التمثيل للإجماع المركب بالاجماع على لازم الإختلاف الواقع في ماهو حكم صلاة الجمعة ، فإن البعض ذهب الى وجوبها وذهب البعض الآخر الى حرمتها في عصر الغيبة ، وذهب آخرون الى استحبابها ومجموع هذه الآراء متفقة على عدم كراهة صلاة الجمعة بالكراهة المصطلحة ، إذ انَّ ذلك هو لازم القول بالوجوب او الحرمة أو الاستحباب ، وذلك لما ثبت في محلِّه من تضاد الاحكام فيما بينها ، وحينئذ فلو كان منشأ الاتفاق على هذا اللازم هو تبني كل واحد من العلماء لما ينافيه فهذا من الإجماع المركب وإلا فلو كان المنشأ من تبنِّي عدم الكراهة هو دليل خاص ثابت بقطع النظر عن تبنِّي الملزوم فإنَّ هذا الاتفاق على اللازم يكون من الإجماع البسيط .

تقبلوا تحيتي

الحوزويه الصغيره 30-10-2010 02:32 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد


الاجماع المنقول

وهو الإجماع الذي يتمُّ احرازه بواسطة نقل المحصِّل للإجماع، وهذا النقل قد يكون متواتراً وقد لا يكون كذلك والثاني هو المعبَّر عنه بالإجماع المنقول بخبر الواحد.

ومن هنا تكون حجيته منوطة بثبوت الحجية لخبر الواحد أولا وبأنَّ الحجية الثابتة لخبر الواحد لا تختص بالخبر الحسِّي بل تشمل الخبر الحدسي.

ولا ريب في ثبوت الأمر الاول إلا انَّ الأمر الثاني غير مسلَّم عند المشهور، ومن هنا لا يكون الاجماع المنقول مشمولا لأدلة الحجية لخبر الواحد باعتباره من الإخبارات الحدسية من جهة نقل الإجماع للمسبب والذي هو قول المعصوم (ع)، نعم هو مشمول لأدلة الحجية من جهة نقله للسبب إذ انَّه إخبار عن حس.

وبيان ذلك: إنَّ نقل الاجماع على حكم يعني الإخبار عن أمرين: الاول هو الإخبار عن وجود اجماع بين العلماء على الحكم وهذا هو المدلول المطابقي لنقل الإجماع، وهو المعبَّر عنه بنقل السبب أو نقل الكاشف، وذلك لانَّ إحراز وجود الإجماع يكون سبباً للكشف عن قول المعصوم (ع).

فالإجماع هو الكاشف فيكون نقل الإجماع معناه الإخبار عن وجود الكاشف وعن وجود السبب، وواضح أنَّ الإخبار عن ذلك يكون إخباراً عن حس.

وأما الامر الثاني فهو قول المعصوم (ع) ويُعبر عنه بالمسبب والمنكشف، وذلك لأنَّ إحرازه مُسبب عن وجود الاجماع، للملازمة المدعاة بين الاجماع وبين قول المعصوم (ع)، وحينئذ يكون نقل الإجماع نقلا للمسبب كما هو نقل للسبب، إلا انّ ناقل الاجماع يُخبر عن المسبب بواسطة الحدس لا بواسطة الحس كما هو الحال في نقله للسبب، إذ انَّ إحراز المسبب بالنسبة لناقل الإجماع انما تم بواسطة إيمانه بالملازمة العقلية أو العادية أو قاعدة اللطف، وكلها امور حدسية نظرية.

وباتضاح ذلك يتضح انَّ نقل الإجماع للمسبب لا يكون مشمولا لأدلة الحجية لخبر الواحد، وذلك لأنَّه إخبار عن حدس، وأما نقل الإجماع للسبب فلا مانع من شمول أدلة الحجية له بعد ان كان الإخبار عنه إخباراً عن حس إلا انَّه مع ذلك يواجه مشكلة اخرى، وهي دعوى انَّ الحجية الثابتة لخبر الثقة منوطة بترتب الأثر الشرعي على الخبر، وترتُّب الاثر الشرعي على النقل الكاشف منوط بثبوت مؤداه الثاني والذي هو قول المعصوم المعبَّر عنه بالمسبب، وقد قلنا انَّ هذا المؤدى لم يُخبِر عنه ناقل الإجماع عن حس وانَّما استفاد قول المعصوم (ع) - بعد تحصيل الاجماع - من أحد الوجوه الحدسيَّة كقاعدة اللطف أو الملازمة العقلية أو العادية.

ومن هنا لابدَّ للتقصِّي عن هذا الإشكال من ان تكون الملازمة مثلا ثابتة للمنقول له في مرتبة سابقة حتى يكون نقل الكاشف وهو الاجماع ملازماً لنقل المنكشف، فيكون لإخبار ناقل الإجماع أثر شرعي بواسطة لازمه، أي انَّ المدلول المطابقي للخبر الحسي ليس له أثر شرعي إلا انَّه لمَّا كان لمدلول الخبر الإلتزامي أثر شرعي فإنَّ ذلك يُصحِّح ثبوت الحجية له - اي للخبر الحسِّي وهو نقل الاجماع - لانَّه سيُصبح بواسطة لازمة واجداً للأثر الشرعي، وبذلك نتفصَّى عن الإشكال المذكور.

إلاّ انَّه بذلك لا يكون المؤدى الثاني لنقل الإجماع حجة من جهة إخبار الناقل له وانَّما هو من جهة ثبوته للمنقول له باعتباره مؤمناً بالملازمة، وكلُّ ما استفاده المنقول له من ناقل الاجماع هو ثبوت الإجماع واقعاً والذي هو إخبار من الناقل عن حس، ففي الواقع يكون نقل الإجماع منقِّحاً لموضوع الملازمة الثابتة عند المنقول له.

تقبلوا تحيتي

موسوي البحراني 31-10-2010 01:55 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم أختي الفاضلة / الحوزوية الصغيرة على هذا الطرح حيث جاد قلمكم في رسم حجية الأجماع المنقول على المباني المذكورة في محلها في علم الاصول ولكن ينبغي أن نثير هنا سؤال وهو كيف حاول الشيخ الانصاري تخريج الاجماع المنقول بخبر واحد حيث ذهب في رسائله الاصولية الى حجيته لأنه داخل تحت أدلة حجية خبر الواحد وعليه فنتظر مداخلتكم أختي العزيزة الفاضلة / الحوزوية الصغيرة فأنتم حري بالجواب على هذا السؤال وذلك لما تملكونه من معلومات قيمة في هده المواضيع المهمة .


تحياتي بالدعاء لكم عند الملك العلام
أخوكم جنابكم ( موسوى البحراني )

الحوزويه الصغيره 01-11-2010 09:47 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد

هذا النوع من الأجماع لا يمكن الأيمان بحجيته إلا بعد معرفة مبنى الناقل للأجماع في منشأ حجيته وملاحظة موافقة المنقول إليه في المبنى ثم التعرف على ما إذا كان من الممكن تحصيله لمثله أولا ومع فرض إمكانية معرفة ما إذا كان نقله له مستلزما لنقل الحجيه في حق المنقول إليه أي ان المبنى متحد في مدرك حجية الأجماع بينهما أو انه يعطي نفس النتيجه التي يعطيها المبنى الآخر من حيث استلزام الحجيه لو قدر لهما الأختلاف .
والمقياس ان يكون نقل الأجماع نقلا للحجه الشرعية ليدخل في كبرى حجية خبر الآحاد ومع عدم التوفر على هذه الأمور لا يمكن الأيمان بحجية الأجماع المنقول .
إذن الأجماع المنقول متوقفة حجيته على حجية خبر الناقل له فلو كانت حجية خبر الناقل له متوقفة عليه لزم الدور .

موفقين لكل خير ان شاء الله تعالى
تقبلوا تحيتي

موسوي البحراني 02-11-2010 01:08 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم أختي العزيزة على ما خطه قلمكم الكريم في بيان الأجماع المنقول وحجيته كما أشكركم على التنقيب في بيان مسالكه وسرد ما كتب في شأنه .

أقول :-
ان كلامكم المذكور هولبيان من يدعي أن الاجماع هو الدليل على حجية خبر الواحد ويكون الاجماع في الوقت نفسه هو أحد مصاديق الخبر الواحد فيلزم من ذلك الدور أما أذا كانت حجية خبر الواحد هي السيرة العقلائية فلا يلزم منه الدور وهكذا قس على بقية المباني في حجية خبر الواحد كما هي مقررة في علم الاصول فأنه لا يلزم منها ذلك المحذور وهو لزوم الدور .


تحياتي
أخوكم جنابكم ( موسوي البحراني )

الحوزويه الصغيره 03-11-2010 02:29 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد

اشكرك استاذي لهذا الأطراء والتعليق على إجابتي ويسعدني كذلك متابعتك الدائمه لما اطرح ..

نسألك الدعاء
تقبل تحيتي

الحوزويه الصغيره 04-11-2010 12:30 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد

اشكر الأخ نجف الخير لتثبيت الموضوع ...

موفقين لكل خير
تحيتي

الحوزويه الصغيره 07-11-2010 12:28 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد




الإجمال

وهو اشتباه المعنى وعدم وضوحه، وذلك في مقابل البيان والذي وضوح المعنى وجلائه.

ووصف الإجمال قد يعرض المفردات اللفظية وقد يعرض الهيئات التركيبية كما قد يعرض المعنى والمفهوم.

والمقصود من عروضه للمفردات اللفظية هو خفاء معناها وعدم وضوحه، فالإجمال واقعاً وصف للمعنى غايته انَّه نشأ عن اللفظ فمعنى اللفظ هو المجمل وإلا فاللفظ من حين مادته وهيئته ليس فيه إجمال، وهكذا الكلام في إجمال الهيئات التركيبية، وليس مرادنا من إجمال معانيها هو عدم وضوحها في نفسها بل مقصودنا الاجمال من حيث عدم معرفة أيِّ المعاني الذي تكشف عنه هذه الالفاظ أو الهيئات.

راجع إجمال النص.

وأما المقصود من الإجمال الذي يعرض المعنى والمفهوم ابتداء فهو انَّ المعنى قد يكون مجملا في نفسه وبقطع النظر عن الفاظه، إذ قد لا يكون له لفظ كما في بعض الحركات والمواقف التي تصدر عن العاقل ولا ينفهم منها معنىً محصل، وكذلك بعض المطالب الغامضة التي لا يكون منشأ غموضها التعقيد اللفظي بل منشاؤها مثلا ضعف العقل البشري عن إدراكها، كمفهوم الروح.






تقبلوا تحيتي

بحب الله نحيا 07-11-2010 12:47 AM

اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد الطيبين اطاهرين وعجل فرجهم ياربّ العالمين "

شُكراً جزيلاً
الله يجزيكِ كل خير ويبارك فيكِ
ويوفقكِ لما يحب ويرضى
دمـتِ أُخيتي ربّنا لآ يحرمنا منكِ
^-^

موسوي البحراني 07-11-2010 11:28 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قد كتبت هذين البيتين بعد أن رأيت قلمكم الكريم يخط على صفحة الناظرين ويشتاق الى قرائته كل ذو مسك عليم فالبكم كالتالي :


قم وانظر الى صفحة حوزوية صغيرة
فان الرشاد فيها لطالب الميعاد

وأن العلم في أقلامها لم يجف
حتى غذا بفضله نيل من العباد


دعائي لكم بالدعاء والسداد عند رب العباد
دمتم في حفظ الرحمن ورعايته
أخوكم جنابكم ( موسوي البحراني )

الحوزويه الصغيره 07-11-2010 05:37 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد


أشكرك جزيل الشكر على كلمات الإطراء والإشادة
التي تفضلت بها استاذي
نسألك الدعاء
تقبل تحيتي


الحوزويه الصغيره 18-11-2010 09:06 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد


اجمال المخصِّص اللبِّي

والمراد من المخصِّص اللبِّي هو ما يوجب خروج بعض أفراد العام عن حكم العام ولكن بواسطة غير لفظية، كأن يتم التخصيص بواسطة الإجماع أو السيرة أو الدليل العقلي أو القرنية الحالية.

وهذا النحو من التخصيص تارة يكون بمثابة التخصيص بالمتصل واخرى يكون بمثابة التخصيص بالمنفصل.

أما الاول: فهو مالو كان المخصِّص اللبِّي من الوضوح بحيث يمكن للمتكلم انْ يعتمد عليه في تفهيم مراده الجدِّي من العموم وانَّه غير مريد لإدخال بعض أفراد العام تحت حكم العام.

ومثاله مالو قال السيّد المتديِّن لعبده (اسقني من ايِّ شراب) فإنَّ من المقطوع به عدم إرادة الخمر من العموم، فالخمر خارج عن حكم العام تخصيصاً.

وهذا المخصص لُبِّيٌ لاستفادته من غير لفظ، وهو بمثابة المخصِّص المتصل لوضوحه، ولذلك صحَّ للسيِّد الإتِّكال على هذا الوضوح وعدم تكلُّف التلفُّظ بالمخصِّص.

وأما الثاني: والذي هو بمثابة المخصِّص المنفصل، فهو ما يحتاج إلى التأمُّل والرجوع إلى بعض القرائن، وليس من الوضوح بحيث لا ينعقد معه ظهور في العموم كما هو في الفرض الاول.

ومثاله مالو قال المولى: (انّ كل طواف فهو مشروط بالطهارة)، ثم بعد ملاحظة الأدلة اتَّضح وجود اجماع على عدم اشتراط الطهارة في الطواف المستحب، فإنَّ هذا النحو من الاجماعات يكون بمثابة المخصِّص المنفصِّل، لوضوح انَّه لا يؤثر على انعقاد الظهور في العموم، إمَّا لأنَّه متأخر عن زمن الخطاب بالعموم - طبعاً هذا بخلاف الدليل العقلي القطعي فإنه لا يعقل تاخره عن الخطاب - أو لأنَّ صلاحيته للتخصيص تتم بعد الملاحظة والمتابعة وانَّه ليس من قبيل الإجماعات المدركيَّة، وعندها لا يظلُّ الخطاب معلَّقاً على نتيجة التتبع، إذ انَّ انعقاد الظهور في العموم والإطلاق لا يتأثر باحتمال المخصِّص كما عليه أهل التحقيق.

ومع اتِّضاح المراد من المخصِّص اللبِّي وانَّه ينقسم إلى ما يشبه المخصص المتصل والى ما يُشبه المخصِّص المنفصل نقول انّ الإجمال في مورد المخصِّص اللبّي قد يكون مصداقياً كما هو العادة وقد يكون مفهومياً، وان كلا منهما تارة يكون بنحو التردد بين المتباينين وتارة يكون بنحو التردد بين الاقل والاكثر، على غرار ماذكرناه في اجمال المخصِّص اللفظي، فراجع.

نعم قد يُقال انَّ الإجمال في المخصِّص اللبِّي من جهة المفهوم غير معقول، وذلك لانَّ المخصص اللبِّي من قبيل ما يُدركه العقل، ولا يتعقل الإجمال فيما يُدركه العقل، إذ انَّ موضوع الحكم العقلي دائماً يكون محدَّد المعالم، ، فلا يحكم العقل على ماهو مبهم.

ولعلَّ هذا هو منشأ تركّز البحث عن إجمال المخصِّص اللبِّي من جهة المصداق.

والظاهر انَّ الامر ليس كذلك فإنَّ الاجمال من جهة المفهوم في المخصص اللبي معقول في بعض المخصِّصات اللبيَّة، ومثاله قيام الاجماع على حجية خبر الواحد بنحو يكون معقد الاجماع المنقول هو حجية خبر الواحد، فإنَّ هذا الإجماع مخصص للأدلة النافية لحجية العمل بالظن إلاّ انَّه قد يُدعى إجمال هذا المخصص مفهوماً، إذ انَّ خبر الواحد في عرف أهل الحديث يحتمل معنيين، الاول هو مطلق الخبر غير البالغ حد التواتر، وهذا المعنى يقتضي السعة والشمول للخبر الذي ليس له إلاّ طريق واحد، والاحتمال الثاني انَّ الخبر الواحد هو الخبر المستفيض فحسب، ولو كان هذا المعنى هو المراد من خبر الواحد فهو يقتضي الضيق، وعندها يتردد مفهوم خبر الواحد بين الاقل والاكثر.

هذا هو تصوير الإجمال المفهومي بين الاقل والاكثر في المخصِّص اللبِّي، نعم قد يُدعى انَّ الإجماع لمَّا كان دليلا لبياً فيتمسك بالقدر المتيقن منه.

أقول: انَّ هذا الكلام وان كان تاماً إلا انَّه لا يُلغي امكان تصوير الإجمال المفهومي في المخصص اللبِّي وان كان سيترتب على ذلك سقوط الثمرة من التقسيم.

وأما تصوير الاجمال في المخصِّص اللبِّي من جهة التردد بين متباينين فمثاله مالو ورد عام مفاده حرمة إطعام كل كافر، ونُقل لنا قيام الإجماع على جواز اطعام المولى وإن كان كافراً وكان هذا هو لسان الإجماع المنقول، ولم يتضح لنا المراد من عنوان المولى وهل هو العبد او هو السيِّد، وواضح انَّ هذا الإجمال مفهومي وانَّ التردد فيه بين متباينين، كما انَّ التمسُّك بالقدر المتيقين من المخصِّص في الفرض المذكور غير ممكن بعد ان كان التردُّد بين مفهومين متباينين، وعندئذ يقع البحث عن سريان الاجمال للعام أو عدم سريانه.

وبتعبير آخر يقع البحث عن إمكان التمسّك بالعام في الشبهات المفهويمة إذا كان المخصص لبيَّاً.

تحيتي

الحوزويه الصغيره 28-11-2010 01:28 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد






إجمال المخصِّص اللفظي

المراد من المخصِّص اللفظي هو القرينة اللفظية الموجبة لخروج بعض أفراد العام عن حكم العام، ولولا تلك القرينة لكانت تلك الافراد مشمولة لحكم العام.

مثلا لو قال المولى: (أكرم كل العلماء إلا الفساق منهم)، فإن قوله (إلا الفساق منهم) هو المخصِّص أي هو القرينة الموجبة لخروج فساق العلماء عن حكم العام وهو وجوب الإكرام، ولولا هذا المخصِّص لكان فساق العلماء مشمولين لوجوب الإكرام والذي هو حكم العام.

والمراد من إجمال المخصِّص هو ان تكون تلك القرينة مشتبهة المعنى.

ثم انَّ المخصِّص تارة يكون متصلا واخرى يكون منفصلا، والاتصال يعني انَّ القرينة الموجبة للتخصيص وردت في نفس الخطاب الدال على العموم والانفصال يعني انَّ القرينة وردت في خطاب منفصل عن الخطاب الدال على العموم.

والإجمال في المخصِّص تارة يكون من جهة المفهوم واخرى يكون من جهة المصداق، وكل منهما ينقسم إلى قسمين، فالاجمال المفهومي تارة يكون بين الأقل والأكثر وتارة يكون بين المتباينين، وكذلك الإجمال المصداقي، فحاصل أقسام الإجمال في المخصِّص اللفظي ثمانية:
ونبدأ بالإجمال المفهومي: والمراد منه هو انَّ المعنى والمفهوم من المخصِّص غير واضح او قل غير منضبط ولا محدَّد المعالم، وهو على قسمين فتارة يكون الغموض والإشتباه مقتضياً للترديد بين معنيين متباينين، وتارة يكون مقتضياً للتردد بين معنيين أحدهما أعم مطلقاً من الآخر أي أحدها أوسع دائرة من الآخر.

أما الاول: وهو التردد بين مفهومين متباينين، فمثاله مالو ورد (لا تطعم أحد الا الموالي) ولم ينفهم المراد من مفهوم الموالي، إذ انَّه يحتمل معنيين، فلعلَّ مراد المتكلم من الموالي العبيد ولعل مراده السادة فالمفهومان متباينان.

واما الثاني: وهو التردُّد بين مفهومين أحدهما أعم مطلقاً من الآخر، فمثاله مالو قال المولى (لا تتزوج من الكافرة إلاّ الكتابية) وكان مفهوم الكتابية مجملا ومردداً بين اختصاصه بمعتنق الديانتين (اليهودية والنصرانية) وبين شموله لديانة ثالثة هي (المجوسية) فالثاني أعم مطلقاً من الاول، فالمرأة اليهودية والنصرانية على كلا الإحتمالين كتابية وانما التردد في المرأة المجوسية من حيث شمول عنوان الكتابية لها فتكون داخلة في عنوان المخصص أو عدم شموله لها فتكون تحت عنوان العام.

وباتِّضاح هذين القسمين يتضح انَّ الإجمال المفهومي في المخصِّص على أربعة أقسام، وذلك لأنَّ المخصِّص المجمل مفهوماً تارة يكون متصلا واخرى يكون منفصلا.

وأمَّا الإجمال المصداقي في المخصِّص: فهو الشك والتردُّد الناشئ عن غير المفهوم، بأن يكون المفهوم من المخصِّص واضحاً وبيناً، وانَّما الشك في موضوعية ومصداقية بعض الافراد لعنوان المخصص نتيجة اشتباه الامور الخارجية، وهذا النحو من الإجمال على نحوين أيضاً، فتارة يكون التردد بين متباينين واخرى يكون بين الأقل والأكثر.

أما الاول: فمثاله مالو قال المولى: (تصدَّق على الفقراء إلا الهاشميين)، وكان مفهوم الهاشمي واضحاً ومحدداً إلا انه وقع الشك في (زيد وخالد) الفقيرين فأحدهما غير المعين هاشميٌ قطعاً.

وأما الثاني: فمثاله عين المثال الاول إلا انَّ الشك وقع في (زيد) وهل هو مصداق لعنوان الهاشمي أولا ؟
فهنا التردد بين الاقل والأكثر حيث نُحرز انَّ ثلاثة من الفقراء هاشميون إلا انَّ الشك في انَّهم أربعة بإضافة (زيد) أو ثلاثة وانَّ زيداً ليس منهم.

ثم انَّ كل واحد من هذين القسمين ينقسم إلى مخصِّص متصل وآخر منفصل، فحاصل أقسام الإجمال المصداقي في المخصص أربعة.

وأما جواز التمسُّك بالعام في موارد إجمال المخصص فسيتضح تحت عنوان التمسُّك بالعام في الشبهات والتمسُّك بالعام في الشبهات المصداقية.


تقبلوا تحيتي


موسوي البحراني 06-12-2010 02:29 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قبل كل شيء فان ايام محرم على الأبواب إذ نقول لكم ماجورين بمصاب سيدي ومولاي أبي عبد الله الحسين الشهيد وأهل بيته - عليهم السلام - كما نعزي الأمة الاسلامية بذلك آيضا .
وأما بخصوص كتابتكم الاصولية من ابحاث فانها رائعة على هذا النحو من الأسلوب المفيد اذ تجعل القارئ يتابع بشوق قراءت هذه الابحاث الاصولية بتفهم واستيعاب .
ولذلك نتقدم لكم بالشكر الجزيل على مجهودكم الكريم .

شكرا جزيلا أختي الحوزية الصغيرة

أخوكم موسوي البحراني

الحوزويه الصغيره 06-12-2010 11:48 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد

مأجورين ومثابين إن شاء الله بمصاب سيد الشهداء الحسين بن علي عليه السلام..
تسلم استاذي على مروركم الرائع , لقد أنرتم صفحتي بردودكم الزكيه .

موفقين لكل خير
تقبلوا تحيتي

الحوزويه الصغيره 09-12-2010 12:30 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد




إجمال النص

والمراد من اجمال النص هو الغموض الذي يكتنف النص إما من جهة مدلوله التصوري أو من جهة مدلوله الاستعمالي دون التصوري أو من جهة مدلوله الجدِّي دون الإستعمالي.

أمَّا الإجمال من جهة المدلول التصوري فهو الإجمال الناشئ عن الجهل بالوضع اللغوي للفظ، وعندها لا ينقدح أيُّ معنىً في الذهن من اطلاق اللفظ.

ومن هنا ادعى صاحب الكفاية (رحمه الله) انَّ الإجمال من المفاهيم الإضافية باعتبار انَّ اللفظ قد يكون مجملا عند شخص لجهله بوضعه اللغوي ويكون بيِّناً عند آخر لعلمه بالوضع اللغوي، إلا انَّ السيد الخوئي (رحمه الله) لم يقبل دعوى انَّ الإجمال من المفاهيم الاضافية، ونقض على الشيخ الآخوند (رحمه الله) بانَّه لو كان كذلك لكانت تمام الالفاظ العربية مجملة عند غير العرب باعتبار جهلهم بأوضاعها اللغوية.

فالصحيح انَّ الإجمال من المفاهيم الواقعية والذي لا يختلف الحال فيه من شخص لآخر بل ان للإجمال معنىً منضبطاً ومطرداً في تمام الحالات والموارد، فكلُّ لفظ بحسب المتفاهم العرفي مشتبه المعنى فهو مجمل وإلاّ فهو مبيَّن، وليس ثمة حالة يكون فيها اللفظ مجملا بالاضافة لشخص وبيناً بالاضافة لشخص آخر، ويمكن التنظير لذلك بوصف العالم، فالشخص إمّا أن يكون عالماً أو لا يكون عالماً، وصحة إتصافه بالعالمية لا يرتبط بمعرفة الآخرين حتى يكون وصف العالمية لزيد وصفاً اِضافياً فهو عالم بالاضافة لعمرو باعتبار معرفته بعلمه وغير عالم بالاضافة لخالد باعتبار جهله بعالميته، بل انَّ كلَّ من هو واجد للعلم فهو عالم بقطع النظر عن معرفة الآخرين لواجديته للعلم أو عدم واجديته.

وهكذا الكلام في الاجمال، فكلُّ لفظ مشبه المعنى بحسب الموازين المقررة عند أهل المحاورة فهو مجمل وإلاّ فهو مبيَّن، غايته انه قد يقع الخلاف في بعض الموارد وانَّ هذا المورد من قبيل المجمل أو المبيَّن، وهذا الخلاف في الواقع يرجع إلى مقام الاثبات أي مقام تطبيق ضابطة المجمل على موارده، وهذا بنفسه يكشف عن انَّ للإجمال معنىً متقرراً في مرحلة سابقة، والنزاع انَّما هو في انَّ الضابطة منطبقة على المورد أولا.

وبهذا البيان اتضح انَّ الإجمال لا يُتعقل في المدلول التصوري بحسب ما يُستفاد من نظر السيد الخوئي (رحمه الله).

ومن هنا فالإجمال في النص منقسم إلى قسمين:
القسم الاول: هو الاجمال الواقع في مرحلة المدلول الإستعمالي، والمراد من المدلول الاستعمالي هو ما يظهر من حال المتكلم انَّه أراد من استعمال هذه الالفاظ اخطار معان معينة، فالظهور الاستعمالي ظهور حالي سياقي يكشف عن إرادة المتكلم لإخطار معان معينة من الفاظها إلاّ انَّه لا يكشف عن إرادته الجدية للمعاني المنكشفة، إذ انَّ الظهور الإستعمالي يُجامع الهزل والتقية والإيهام على المخاطب.

وعلى أيِّ حال فالإجمال في مرحلة المدلول الإستعمالي معناه عدم وضوح هذا المقدار من الدلالة، بمعنى انَّ المخاطب يجهل أيَّ المعاني التي أراد المتكلم اخطارها من كلامه، وهذا النحو من الإجمال عبَّر عنه السيد الخوئي (رحمه الله) بالإجمال الحقيقي وقال: انَّه على نحوين:

الاول: الإجمال بالذات: وهو الإجمال الذي ينشأ عن نفس اللفظ أو الهيئة التركيبية اللفظية، ومثاله استعمال اللفظ المشترك دون قرينة.

الثاني: الإجمال بالعرض: وهو الذي ينشأ عن احتفاف الكلام بما يصلح للقرينية ولولا احتفافه بذلك لكان ظاهراً في مدلوله الإستعمالي.

والمراد من احتفاف الكلام بما يصلح للقرينية هو عدم الجزم بالقرينة وعدم الجزم بعدم القرينية.

وبتعبير آخر: انَّه قد يكتنف الكلام لفظ يوجب التشويش على المراد الإستعمالي، وقد يُلقى الكلام في جو يستوجب التعمية على المراد، فلا هو قرينة صريحة فتستوجب صرف الظهور الأولي إلى ظهور يتناسب مع القرينة كما لا يمكن اهماله باعتبار صلاحيته لأنْ يُعتنى به بنظر أهل المحاورة، وعندها لا يستقرُّ المخاطب على معنىً ثابت من كلام المتكلم بل يظلُّ محتملا لأكثر من معنى، ويمكن التمثيل لذلك بورود الأمر عقيب الخطر، فإنَّ الأمر لو خلِّي ونفسه لكان ظاهراً في الوجوب إلاّ انَّ وروده بعد الحظر يستوجب اجمال المراد من الأمر.

القسم الثاني: الإجمال في مرحلة المدلول الجدِّي، وهذا النحو من الإجمال يُجامع الظهور في الدلالة الإستعمالية، فقد يظهر من حال المتكلم انَّه مريد لإخطار المعنى من كلامه إلاّ انَّ مراده الجدِّي مجمل.

والمقصود من الإرادة الجديَّة هي انْ يظهر من حال المتكلم انَّه جادٌ في الحكاية عن الواقع من كلامه، كأن يظهر من حال الامام (ع) انَّه متصد لبيان الحكم الواقعي وانَّ كلامه لم يكن عن تقية مثلا.

ومثال الإجمال في مرحلة المدلول الجدِّي انْ يرد عن المتكلم كلام ظاهر في العموم، ثم يرد عنه كلام آخر يستوجب تخصيص العموم به إلاّ انَّ هذا المخصِّص كان مجملا، فإنَّ هذا الإجمال يسري من المخصِّص إلى العموم في بعض الموارد، فالإجمال في العموم ليس حقيقياً، لأنَّه لم ينشأ عن نفس الكلام الاول بل انَّ الكلام الاول كان ظاهراً في العموم، غايته انَّ الإجمال قد طرأ عليه بسبب إجمال المخصِّص المنفصل وإلا فهو ظاهر في انَّ المتكلم أراد اخطار العموم من كلامه، أي انَّ المدلول الإستعمالي لا إجمال فيه، نعم بسبب اجمال المخصِّص وقع التردد من جهة انَّ المتكلم هل أراد من كلامه الاول العموم واقعاً أولاْ.

ومثال ذلك مالو قال المولى (أكرم كلَّ العلماء) ثم قال في خطاب آخر (لا تكرم زيداً العالم)، وزيد العالم مردد بين شخصين ولا ندري أيهما أراده المولى، فعندئذ لا يمكن التمسُّك بالعموم لإثبات وجوب الإكرام لزيد الاول أو لزيد الثاني، إذ انَّ التردد فيمن هو المراد من المخصِّص أوجب التردد فيمن هو المشمول للعموم واقعاً، فواحدٌ منهما قطعاً خارج عن العموم إلا انه غير متشخص بسبب اجمال المخصص.

وهذا ما أوجب عدم التعرُّف على من هو الباقي تحت العموم منهما، وهذا هو معنى سريان الإجمال في المخصص للعموم.

ولاحظتم انَّ الإجمال الذي عرض العموم انما هو في مرحلة المدلول الجدِّي وإلا فالظهور الإستعمالي في العموم لم يتأثر باجمال المخصِّص.

وهذا النحو من الإجمال عبَّر عنه السيد الخوئي (رحمه الله) بالإجمال الحكمي، بمعنى انَّه في حكم المجمل وإلا فهو ظاهر في نفسه، واجمال المخصِّص لم يسلب عنه الظهور الإستعمالي، نعم أوجب التشويش على ماهو المراد الجدِّي من العموم .



تحيتي.

الحوزويه الصغيره 16-12-2010 08:18 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد


احترازية القيود

المراد من القيود عادة هو كلُّ ما يُوجب التضييق في دائرة موضوع الحكم أو متعلِّقه، ولهذا فهي تشمل النعت والحال والتمييز والإضافة والشرط والغاية وهكذا.

والمراد من الإحترازية هو المانعية عن شمول الحكم للموضوع الفاقد للقيود عند أخذها فيه، بحيث يكون موضوع الحكم روحاً هو المتحيِّث بتلك القيود المأخوذة فيه.

وبتعبير آخر: إنَّ الإحترازية تقتضي دخالة القيود في ترتُّب الحكم على الموضوع بحيث يكون شخص الحكم منتفياً عند انتفائها، وهي في مقابل المثالية أو التوضيح مثلا، إذ ان القيود المذكورة لغرض التمثيل تقتضي عدم اختصاص الحكم بمورد المثال.

مثلا لو قال المولى: (أكرم الفقير العادل) واستظهرنا انَّ العدالة مذكورة لغرض التمثيل أو لغرض بيان الفرد الاكمل من الموضوع، فعندئذ يكون موضوع الحكم هو مطلق الفقير، وليس للعدالة دخل في ترتُّب وجوب الإكرام على الفقير.

أما لو استظهرنا الإحترازية فهذا يقتضي عدم وجوب اكرام الفقير إذ لم يكن متصفاً بالعدالة.

ومع اتضاح المراد من عنوان احترازية القيود يقع البحث عن انَّ القيود المأخوذة في مرحلة المدلول التصوري الوضعي هل هي مرادة في مرحلة المدلول الجدِّي أولا ؟

فإنْ كان الجواب بالإيجاب فهذا يعني انَّ القيود تقتضي الإحترازية وإلا فلا.

والصحيح كما هو مقتضى الظهور العرفي انَّ القيود المذكورة في كلام المتكلم يُراد بها الإحتراز عن كل حالة لا تكون معها القيود متوفرة، أي انَّ الأصل في القيود الإحترازية، وهو أصل عقلائي منشاؤه هو انَّ المستظهر من حال كل متكلم انَّ ما يُخطره من معان بواسطة ألفاظها تكون مرادة بالإرادة الجديَّة، وهذا هو المعبَّر عنه بأصالة التطابق بين المدلول التصوري - المفاد بواسطة الألفاظ - والمدلول الجدِّي.

وبهذا يتضح انَّ قاعدة احترازية القيود نحو من الدلالة الحالية السياقية المطردة يتعاطاها العقلاء لغرض بيان حدود مقاصدهم، وينتج عن هذه القاعدة انتفاء الحكم بانتفاء القيود المأخوذة في موضوعه، كما ينتج عنها عدم سقوط الحكم في حالات عدم توفُّر المتعلَّق المأتي به على القيود المأخوذة فيه، كما لو كان متعلَّق الحكم هو الصلاة عن طهارة وجاء المكلف بصلاة فاقدة للطهارة، فإن الحكم بالوجوب مثلا لا يسقط بتلك الصلاة الفاقدة للطهارة.

وهنا لابدَّ من التنبيه على أمر وهو انَّ الذي تنفيه قاعدة احترازية القيود - عند انتفاء القيود عن موضوع الحكم - انَّما هو شخص الحكم لا طبيعيّة فهي لا تمنع عن ثبوت مثل الحكم للموضوع الفاقد أو المتقيد بقيد آخر.

كما انَّه لابدَّ من الإلتفات إلى انَّ هذه القاعدة أو هذا الأصل انَّما يجري في موارد الشك فيما هو المراد الجدِّي من ذكر القيود، وهل المراد منها تضييق من دائرة الموضوع أو انَّ المراد منها التمثيل والتوضيح او بيان الفرد الاكمل، وعندها يصح التمسُّك بأصالة الإحترازية في القيود، أما لو دلَّت القرينة على إرادة المثالية من القيد فإنّ القاعدة لا تجري بل المتبع حينئذ هو ما تقتضيه القرينة.

ومنشأ ذلك هو انَّ العقلاء عندما يشكون فيما هو المراد الجدِّي للمتكلم فإنّهم يستظهرون جريانه وفق الطريقة المتعارفة والتي تقتضي التطابق بين الدلالة التصورية والإرادة الجديَّة، ولمَّا كان المدلول التصوري من ذكر القيود هو تضييق دائرة الموضوع المتقيِّد بتلك القيود المذكورة فكذلك المدلول الجدِّي، أما مع إحراز انَّ المتكلم لم يرد جدّاً من ذكر القيود تضييق دائرة الموضوع فإنه لا مجال للتمسُّك بالقاعدة.




تقبلوا تحيتي


الحوزويه الصغيره 23-12-2010 03:42 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد




الإحتمال والمحتمل

المراد مِن الاحتمال في عرف المناطقة هو ما يقابل الظنّ والشكّ، إلاّ أنّه في عرف الأصوليِّين قد يطلَق فيما يقابل اليقين والاطمئنان فيكون الظنّ والشكّ داخلَيْن تحت عنوان الاحتمال.

وفي كلا الاستعمالَيْن يحتفظ عنوان الاحتمال بخصوصيّة مشتركة بينهما وهي القبول بإمكانيّة أنْ لا يكون متعلّق الاحتمال مطابقاً للواقع.

وببيان آخر:
إذا توجّهت النفس إلى نسبة بين شيئين كانتساب الموت لزيد فإمّا أنْ يحصل القطع أو الاطمئنان بثبوت نسبة الموت لزيد أو بانتفاء النسبة، وهذا الفرض خارج عن معنى الاحتمال في استعمال المناطقة والأصوليِّين.

وإمّا أنْ لا يحصل القطع والاطمئنان بثبوت النسبة أو انتفائها، وهنا إمّا أنْ لا يترجّح في النفس كلا الأمرَين النسبة وعدمها، وهذا ما يعبَّر عنه بالشكّ، وإمّا أنْ يترجّح في النفس ثبوت النسبة أو عدم ثبوتها، وهذا ما يعبَّر عنه بالظنّ، فإذا كانت النسبة هي المترجّحة فالظنّ في جانبها، ويكون الاحتمال في جانب عدم ثبوت النسبة، أي يكون الاحتمال في جانب المرجوح في النفس مِن الأمرين.

وإذا كان عدم ثبوت النسبة هو المترجّح في النفس فالظنّ في جانبه ويكون الاحتمال في جانب ثبوت النسبة.

والفرض الثاني - وهو عدم القطع أو الاطمئنان بثبوت النسبة أو عدم ثبوتها - بجميع صوره هو المراد مِن عنوان الاحتمال في عرف الأصوليِّين، غايته أنّ الاحتمال قد يكون قويّاً فيكون بمرتبة الظنّ، وقد يكون ضعيفاً فيكون بمرتبة الاحتمال في استعمال المناطقة، وقد لا يترجّح في النفس أحد الأمرين أي ثبوت النسبة وعدم ثبوتها فيكون الاحتمال بمرتبة الشكّ.

وبذلك يتّضح أنّ كلّ واحد مِن صور الفرض الثاني ينحل إلى احتمالَيْن في استعمال الأصوليِّين، فالظنّ بثبوت النسبة يقتضي أنْ يكون بإزائه احتمال منطقي بعدم ثبوتها، والشكّ بثبوت النسبة يقتضي أن يكون بإزائه شكّ بعدم ثبوت النسبة، واحتمال عدم ثبوت النسبة احتمالاً منطقيّاً يقتضي أنْ يكون بإزائه ظنّ بثبوتها.

وأمّا المراد مِن المحتمَل فهو متعلَّق الاحتمال، فلو كان ثمّة احتمال بموت زيد فمتعلّق الاحتمال هو موت زيد فهو إذن المحتمَل.

وبذلك يتبيّن المراد مِن قولهم أنّ الاحتياط مثلاً قد ينشأ عن أهميّة المحتمَل، إذ قد تكون مرتبة الاحتمال ضعيفة إلاّ أنَّ المحتمَل لمّا كان خطيراً بمعنى أنّه لو اتّفق مطابقته للواقع لما كان الشارع يرضى بتفويته، لمّا كان الأمر كذلك كان مقتضياً لجعل الاحتياط لغرض التحرّز عن فوات الواقع ذي الأهميّة الخطيرة.

فالهدف الذي يصوِّب المكلّف السهم نحوه يحتمل ضعيفاً أنّه إنسان إلاّ أنّه لمّا كان المحتمَل وهو قتل الإنسان خطيراً فهذا قد يقتضي لزوم الأمر بالاحتياط لئلاّ يفوت الملاك المهمّ لو اتّفق مصادفة الاحتمال للواقع.


تحيتي

غسان المظفر 04-01-2011 12:32 AM

بسمه تعالى

اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد قرآت ما ذكره الأخوة الافاضل حول موضوع (( الاجماع)) ولي عليه رد وتعقيب



الاول| ان الاجماع عندنا ليس دليلا مستقلا وانما هو طريق كاشف عن السنة أي قول المعصوم (ع) كما هو واضح وبذلك يختلف عن الاجماع عند مذهب السنيين

الثاني | والاجماع ينقسم الى نوعين الاجماع المحصل وهو حجة وهو لايحصل في زماننا هذا والاجماع المنقول وهو على نوعين الاجماع المتواتر وهو حجة والاجماع المنقول بخبر الواحد وهو حجة وبذلك فاني اخالف اراء كثير من علمائنا
بدليل الاية التي تقول (( ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ....)) فان الشارع المقدس اجاز لنا العمل بخبر الواحد وكذلك بنقل الواحد اذا كان عادلا

غسان المظفر 04-01-2011 12:37 AM

الاية الصحيحة (( ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ....)) ارجو المعذرة عن الخطأ

غسان المظفر 04-01-2011 12:43 AM

أما ما ذكره الاخ موسوي البحراني عن الاجماع المنقول بخبر الواحد هو من مصاديق خبر الواحد فهو أشكال ليس في محله فان بينهما مشترك لفظي ليس اكثر فخبر الواحد خبر نقل عن المعصوم (ع) ولك نقله واحد ولم يكن متواتر وقد اتصل سنده بالمعصوم (ع) أما الاجماع المنقول بخبر الواحد فهو ان ينقل الفقيه اجماع عن مساله من الذي حصل الاجماع أي فقيه آخر وهو اجماع فقهائنا ويكون داخلا من ضمنهم المعصوم ( عليه السلام )

الحوزويه الصغيره 05-01-2011 09:48 PM



بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد


الإحتياط


الإحتياط كما هو المستفاد من كلمات اللغويين يعني التحفُّظ والتحرُّز عن الوقوع في المكروه، وهذا المعنى هو المراد في استعمالات الاصوليين، فهو يعني التحفُّظ والتحرُّز عن الوقوع في مخالفة الواقع بواسطة العمل بتمام المحتملات والذي هو أعلى مراتب الإحتياط.

ثم انه يقع البحث عندهم عن الحالات التي يكون معها المكلف ملزماً بالاحتياط، وماهي المرتبة التي يكون المكلَّف ملزماً بتحصيلها، فتارة يكون المكلَّف مسئولا عن الإلتزام بتمام الأطراف المحتملة كما في موارد العلم الإجمالي في الشبهات المحصورة، وتارة لا يكون ملزماً بأكثر من عدم المخالفة القطعية كما في موارد العلم الإجمالي في التدريجيات على بعض المباني، كما انَّه في بعض الفروض يكون مسئولا عن الإمتثال الإجمالي الظنِّي دون الشكي والوهمي كما في موارد انسداد باب العلم والعلمي بناء على الحكومة على بعض التفسيرات والمعبَّر عنه بالتبعيض في الإحتياط، وهناك حالة يكون معها المكلَّف مُلزَماً بالأخذ بأحوط أقوال الفقهاء الواقعين في شبهة الأعلمية وهي حالة اختلافهم في الفتوى على بعض المباني.

ثم انَّ ثمة حالات لا يكون معها الإحتياط لازماً بتمام مراتبه كما في الشبهات البدويَّة، نعم ذهب الإخباريون (رحمهم الله) إلى لزوم الاحتياط لو كانت الشبهة حكمية تحريمية، وهنا يكون الاحتياط مقتضياً لترك ما يُحتمل حرمته.

والمتحصَّل انَّ الإحتياط في تمام الموارد المذكورة بمعنىً واحد وهو التحفُّظ عن مخالفة الحكم الواقعي.


تقبلوا تحيتي

الحوزويه الصغيره 06-01-2011 09:57 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد

اخي الفاضل غسان المظفر ..
اشكر لك تواجدك في صفحتي المتواضعه , ولتعقيبك عما ذكرناه حول الأجماع المنقول بخبر الواحد .
كما نتمنى ان تنير قسم الحوزه بمواضيعك ومشاركاتك عما قريب .

موفقين لكل خير
تقبل تحيتي


الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 05:18 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024