نقد الشيخ حسن بن فرحان المالكي لمسلسل الحسن والحسين
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف بعد الاستئذان من العلامة الشيخ حسن بن فرحان المالكي -حفظه الله- لنقل مايكتبه من نقد لمسلسل الحسن والحسين -عليهما السلام- لما فيه من إظهار الحقائق فكان رده علي بالموافقه فله جزيل الشكر والامتنان . |
نقد مسلسل الحسن والحسين - الحلقة (1) عندما يتحدث مسلسل تاريخي عن (آدم وإبليس) فإن المصيبة به ليس في تصوير آدم وتجسيده، فتجسيد الأنبياء والصالحين في صور محترمة ومعقولة مما لا بأس به إن شاء الله، بشرط أن يكون الهدف نبيلاً، من نقل معرفة أو دعوة لهدى.. كما قد لا ننزعج كثيراً من حرية الرأي لكاتب النص والمقرين له لو أنه اعتذروا عن إبليس في امتناعه عن السجود لآدم، بأنه أنما (اجتهد) فرأى أنه لا يجوز السجود إلا لله عز وجل، وأن إبليس بهذا الفعل موحد لا كافر ولا مستكبر، وأنه لو كان مستكبراً لما عبد الله ستة آلاف سنة ولما وصل إلى مرتبة الملائكة، وإنما قضيته التوحيد وصحة العقيدة وإن أخطأ! وأن الله قد أنظره وسيغفر له، قد لا نعاتب كاتب النص إذا فعل كل هذا محتجاً بما فهمه من عموم آيات كقوله تعالى : (إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا [الكهف]، و قوله ( وما كان الله ليضيع أيمانكم)، وأن كاتب النص والمقرون له رأوا أن هذه الآيات العامة كافية في الاعتذار عن إبليس وردوا بها الآيات الخاصة المصرحة بكفره وكبره وعظيم جرمه.. وقد لا تكون المشكلة الكبرى في ذلك المسلسل أنه اعتذر لإبليس بأنه (اجتهد) في الوسوسة لآدم، لأنه يعلم الإرادة الإلهية باستخلاف آدم في الأرض لا في الجنة، وأنه قد سمع الله عندما قال ( إني جاعل في الأرض خليفة) فأراد إبليس التخفيف عن الله حتى لا ينقض وعده لآدم بالسكن في الجنة والأكل منها رغداً، والبقاء فيها إن لم يأكل من الشجرة، فأجتهد إبليس وأراد رفع هذا الحرج عن الله فوسوس لإبليس مجتهداً ليتم لله ما أراده،.. كل هذا قد نتسامح فيه ونقول : هذه وجهة نظر كاتب النص والمقرين له من العلماء الأفاضل والدعاة البلابل! والشركة المنتجة والسياسة الداعمة ..الخ. لكن الذي لا يمكن السكوت عليه هو عندما يجعلون آدم هو المستكبر الموسوس .. وأن إبليس هو الوعود بخلافة الأرض! وثم يتجرؤون بتحريف الآيات فتصبح على النحو التالي : (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِإبليس فَسَجَدُوا إِلَّا آدم أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) وَقُلْنَا يَا إبليس اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا آدم عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) فَتَلَقَّى إبليس مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) ثم ينسبون هذه الآيات إلى [البقرة : 34 - 37].. هنا نتوقف!! ولا نستطيع أن نقر حرية الرأي لفحش التحريف وقلب الحقائق وتزييف الوعي، كما لا نستطيع تبرير المواجهة المذهبية ولا الدسائس الخفية ولا تلك المزاعم الاستراتيجية التي تتحدث عن ( المواجهة) مع أناس يغلون في آدم ويجعلونه رباً، وأنهم قد أدخلوا البشر في صراع أبدي بين أتباع إبليس وأتباع آدم، وأنه آن الآن ليعيش الناس متصالحين متسامحين يعرف بعضهم لبعض حق الحياة والعيش المشترك، فالإنسان المقلد لإبليس هو كالإنسان المحب لآدم، يجب أن يتصالح الجميع وأن يعرف أتباعهم أنه لم يكن بينهما خلاف أصلاً، وإن إبليس وإن كان قد أبى واستكبر لكن الله غفور رحيم، وربهم رب كريم رحيم، وما شأننا بهم، فلن يسألنا الله لا عن حسنات إبليس ولا عن سيئات آدم...الخ. هذه الخلطة العجيبة هنا لا يمكن السكوت عنه أبداًا، لأنها تمادت في تزييف الوعي وقلب الحقائق رأساً على عقب، وليس مجرد مصالحة بين أصحاب آدم وأصحاب إبليس.. قد يقول كاتب النص وعلماؤه الأفاضل ودعاته البلابل: نحن لم نصل إلى ما تزعمه هنا من تحويل إبليس إلى آدم، وآدم إلى إبليس؟ نقول: فيه هذا وهذا، نعني فيه المصالحة وقلب الحقائق معاً، وإن كان معظم المسلسل ليس فيه هذا الأمر صريحاً لكنه مبني عليه، فهذا الأساس من قلب إبليس إلى آدم والعكس وُجد للأسف، ومن الحلقة الأولى! وسنشير إلى بعض ذلك بعد قليل، وهذا التحويل لإبليس إلى آدم هو سبب كتابة هذا النقد ولو كان الأمر مجرد مصالحة بين آدم وإبليس لتجاوزنا الأمر، لأن معظم المسلسلات التاريخية تصب في هذه المصالحة بحثاً عن تحقيق هدف وهمي لا يدرك سنة الله في خلقه، (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ). نعم الأبالسة ليسوا مجانين: لا يتصور أحد أننا نريد أن تظهر المسلسلات بهذا النمط المصري القديم، من جعل الصحابة ملائكة طيارين، وجعل الكفار أصحاب عاهات عقلية، كلا.. نحن مع عرض النفس الإنسانية وما تحتويه من تناقضات، سواء كانت لمسلم أو غير مسلم، بل نحن مع أعذار بعض الكفار البعيدين عن موطن الرسالة ( مكة والمدينة) بأن الصورة قد تصلهم مشوهة، ونحن مع إدانة الفاضل في بعض التصرفات والذنوب، وليس عندنا معصوم لا نظرية ولا واقعاً، فلا يظن القاريء أن نقدي للمسلسل منطلق من تعصب أعمى أو مذهب متبوع، والتعصب للحقيقة فقط هي المطلوبة، وقد اساء لنا – كأهل سنة- هذا المسلسل عندما حشرنا في تزكية الظالمين كمروان وأبيه ومعاوية وابنه! مع أن المذهب السني غني جداً بذم الظالمين بالتعميم والتخصيص، بدءاً من كتب الحديث إلى كتب التراجم والأنساب مروراً بكتب التاريخ المعروفة بشرط الأخذ بما اجتمع عليه المؤرخون وليس بما وضعه بعض الكذابين كسيف بن عمر التميمي الذي اقتصر عليه المسلسل كمصدر وحيد! وأهمل الكتب الستة بل والصحيحين، وسأنقل لكم بعض ما أهمله المسلسل من الصحيحين، والذي يصلح لأن يكون أساساً في تفسير الفتنة الكبرى ومقتل عثمان، وليس ما وضعه سيف بن عمر ونقله ابن العربي صاحب العواصم وعلق به محب الدين الخطيب، فهؤلاء الثلاثة هم الذين قام على أكتافهم المصالحة بين إبليس وآدم، ثم قلب إبليس في لحظة إلى آدم أو جبريل، .. وهذا سنتوسع فيه أثناء الحلقات الثلاثين التي سنكتبها خلال شهر رمضان المبارك تعقباً لهذا التزييف للوعي الذي ظهر وسيظهر في مسلسل ( الحسن والحسين ومعاوية). ولابد من مقدمات سريعة : الصراع أبدي بين الحق والباطل، ولا تصالح بينهما: الصلح الذي يبشر به المسلسل بين الخير والشر، أو العدل والظلم، مازال يبشر به الأبالسة والمغفلون مع بدء البشرية إلى الآن، ولو أن تلك الجهود في المصالحة بين الحق والباطل تم توجيهها لمعرفة الحق حقاً والباطل باطلاً؛ لكان أعظم في الفائدة وأوفر في الثواب وأقصد المسالك إلى النهج المطلوب، لأن ذلك الصلح الخرافة ينقض الأساس الذي من أجله خلق الله الخلق، فلو أن الاجتماع كان هدفاً قبل أن يكون الحق هدفاً لما بعث الله الرسل ولا أنزل الكتب، فقد كان الناس متفقين على الشرك والجهالة، وكان بعث الأنبياء سبباً في النزاع بين الحق والباطل، بين العلم والجهل، بين الإنسانية والحيوانية: اقرؤوا إن شئتم قوله تعالى: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (213) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214) [البقرة ). فقد كان الناس أمة واحدة، مغتبطين بالظلم والجهل، فلماذا لم يتركهم الله على هذا الاغتباط والوهم المريح؟ الجواب واضح: لأن الاجتماع على الجهل أسوأ بكثير من الافتراق في الحق والباطل، وتأملوا الآية الثانية فإنها تعطينا السر بأن الغاية من هذه الدنيا الابتلاء وليس العيش الأبدي؟ فكيف نبحث عن صلح أبدي مزيف في ومضة من الحياة؟ هذا جواب للمتدينين.. أما غير المتدينين: فيقال لهم إنكم لا ترضون بتزييف الحقائق كما يرضى بها المتدينون، ولا تقدسون أحداً من الصالحين ولا من الظالمين، ولكنكم تتفقون معنا على أن نقل الصدق أولى من تشييد الكذب، ومن هذا الباب يجب أن نلتقي جميعاً على وضع معايير تقربنا من الحقيقة، وأن يتم تطبيق هذه المعايير دون خضوع لسياسيات غامضة أو مصالح تجارية أو تصفية خصومات مذهبية، وأنه لا يجوز لنا أن نستسلم لمن أراد تزييف وعينا وتشكيل عقولنا، وأن السلطة التي كنا نشكو من أثرها على الدين والتراث قد عادت كهيئتها الأولى لمواصلة تزييف الوعي ووضع تراث جديد لتزييف البقية الباقية من تاريخنا، أظن الأحرار يرفضون الخضوع لهذه الشركات الإنتاجية الربحية والمؤلفين المسترزقين والإعلاميين المتزلفين والعلماء الحمقى – وكلامي هنا عام من حيث المبدأ لا أقصد مسسلسلاً بعينه- وإنما من حيث المبدأ يجب أن نتفق على أن تكون الحقيقة التاريخية هي الأصل والهدف.. ثم نستطيع تقسيم هذه الحقائق .. إلى حقائق مجمع عليها ( كتلك الحقائق الكبرى التي بلغت رواياتها العشرات وأحياناً المئات، فحادثة يروى في إثباتها عشرات الروايات لا يجوز طمسها لرواية مضادة وضعها متهم بالكذب والزندقة كسيف بن عمر التميمي).. ثم يأتي دون ذلك حقائق راجحة حفتها القرائن ( كأن يروى فيها روايات لم تبلغ حد التواتر،كالثلاث والأربع مع صلة الإسناد وقوة الرجال ووفرة القرائن).. فهذه قد تلامس اليقين وقد تبقى في دائرة الراجح.. وأحداث ثالثة تبقى محطة ظن وترجيح... ويتم التسامح في المرجوح أيضاً.. أما الكذب والباطل والمضادة للمتواتر والمعاندة للصحيح المحفوف بالقرائن فهذا هو ما ننكره هنا وندعو كل العقلاء ألا يقدموا عقولهم أكلة باردة لمن يتاجر بها ويتأكل بها، بعد أن تاجر بالحقائق والمعلومات والتاريخ كله..! هذه نصيحة فمن شاء فليقبلها ومن شاء فليرفضها.. نقد الحلقة الأولى من مسلسل الحسن والحسين ومعاوية: كنت قد اعتذرت عن المسلسل مقدماً في قناة الكوثر الفضائية يوم الأحد ( قبل يوم واحد من شهر رمضان) قبل أن أرى الحلقة الأولى، وقلت بوجوب تشجيع مثل هذه المسلسلات التاريخية لدورها الكبير في تشكيل الوعي العام.. وأن الملحوظات التي تصاحب أي عمل تاريخي لا تقاس بالفائدة التي يجلبها من نشر الوعي بالتاريخ والقضاء على تلك النظرية الباطلة التي تدعو للإمساك عما شجر بين الجيل الأول من خلاف وقتال ..الخ إلا إنني بعد أن رأيت الحلقة الأولى ( أو الجزء الأكبر منها) رأيت الهدف السياسي والتجاري والمذهبي هو الطاغي على المسلسل، وأن المعلومة هي الهدف المغيب، كما أن الوعي هو المستهدف الأول، وهنا كان لا بد من تصحيح وكلمة حق نرجو بها أن نصوب بعض هذا التزييف القوي الهائل الذي لا تقوى عليه عقول العامة ولا يكتشفه إلا الندرة من أهل الوعي، ولقلة الوعي قد يعتمد المسلسل ومؤلفوه ومقرضوه على الرضا العام من المشاهدين! ويكررون بأن المسلسل حصل على إعجاب الناس ..الخ، قد يقولون هذا وأترك للقاريء تقييم هذا النوع من الدعاية ومدى معياريتها ( علمياً).. ثم انطلق للملحوظات.. وقد قسمت الملحوظات إلى قسمين: الملحوظات الشكلية والفنية: الملحوظات العلمية.. ( يتبع) |
أما الملحوظات الشكلية والفنية : 1- أظهر المسلسل عمرو بن العاص في الستين من العمر! بينما كان أيام فتنة عثمان قد ذرف على الثمانين على الأقل، فهو أسن من عمر بن الخطاب، بل يذكر مولد عمر بن الخطاب، وإذا كان عمر بن الخطاب قد عمّر (63) سنة ، ومقتل عثمان كان بعد (12) سنة، فلا أقل من أن يكون سن عمرو بن العاص أيام مقتل عثمان (85) عاماً.. 2- في المسلسل كثرة مناداة أصحاب الأشتر له بهذا اللقب، ( يا أشتر، يا اشتر)! ولم يكونوا يخاطبونه في وجهه بهذا اللقب لأنه لم يكن يستحسنه، ولم يكن اسمه، وإنما لقب لزمه لأنه فقد إحدى عينيه يوم اليرموك ( وكان بطل اليرموك مع خالد بن الوليد)، فلم يكن الناس ليعيروه بلقب، لا سيما وأنه فقده لعينه كان في سبيل الله، نعم الأشتر فيما بعد عرف بهذا القلب، وقد اضطر الأشتر إلى هذا قبول هذا اللقب اضطراراً مرة واحدة يوم صفين، عندما نادى ( أنا الأشتر أنا الأشتر..) بعد أن رأى أن الناس للقبه أعرف منه باسمه، فعل هذا ليحمل المنهزمين على العودة، ونجح ثم حمل بهم وصدق الحملة فكانت هزيمة أهل الشام)، وإنما كان الناس ينادونه باسمه ( مالك) فاسمه مالك بن الحارث وهو زعيم قبيلة مذحج الكهلانية، وكان باستطاعة كاتب المسلسل أن يذكر هذا اللقب بعيداً عن مجالس الأشتر نفسه، في المحاروات التي تجري خارج مجلسه، ليكون أقرب إلى حقيقة الحال. 3- يظهر المسلسل كتابة ( معسكر البغاة).. وهذا اللقب إنما اختص به أهل الشام، لحديث عمار تقتله الفئة الباغية ( وسنرى عندما تأتي حرب صفين هل يسمون معسكر معاوية معسكر البغاة أم لا؟)! وكان الأولى أن يطلق على هؤلاء الثوار على عثمان ( معسكر الثوار) فهذا الاسم هو الأقرب لواقعهم وفيه دليل على الحياد لا سيما وأن رؤوسهم صحابة كما سيأتي. 4- لم يظهر المسلسل في حلقته الأولى الصحابة الذين قادوا الثورة على عثمان! فلم أر عبد الرحمن بن عديس البلوي ولا عمرو بن الحمق الخزاعي ولا عبد الله بن بديل ولا عمار بن ياسر ولا أبي ايوب الأنصاري ولا عامر بن البكير ..الخ . 5- أظهر المسلسل جماعة من الصحابة (الثوار) وكأنهم في (صف عثمان) مثل طلحة بن عبيد الله وعائشة رضي الله عنهما، وكذا محمد بن أبي بكر وعمرو بن العاص أيضاً! وهذا من أعجب العجب! فطلحة بن عبيد الله مثلاً – ولن أفصل في غيره- كان مرجع ثوار المصريين، وكانوا يأتمرون بأمره وكان هو شخصياً من المحاصرين وهو الآمر بمنع الماء عن عثمان)، والملحوظة هنا فنية أكثر منها علمية لأنها خارجة عن مسألة تقييم الدور، إذ أن المسلسل عمل معجزة حتى جعل طلحة من أنصار عثمان! مع أن النواصب أنفسهم كالذهبي اعترف في ترجمة طلحة في سير أعلام النبلاء بأنه ( صدر من طلحة تأليب على عثمان)، وذلك بعد أن روى اعتراف طلحة نفسه وبسند صحيح كما في (سير أعلام النبلاء - (1 / 34) يحيى بن معين: حدثنا هشام بن يوسف، عن عبد الله بن مصعب، أخبرني موسى بن عقبة، سمعت علقمة بن وقاص الليثي قال: لما خرج طلحة والزبير وعائشة للطلب بدم عثمان، عرجوا عن منصرفهم بذات عرق، فاستصغروا عروة بن الزبير، وأبا بكر بن عبد الرحمن فردوهما، قال: ورأيت طلحة، وأحب المجالس إليه أخلاها، وهو ضارب بلحيته على زوره، فقلت: يا أبا محمد ! إني أراك وأحب المجالس إليك أخلاها، إن كنت تكره هذا الامر، فدعه، فقال: يا علقمة ! لا تلمني، كنا أمس يدا واحدة على من سوانا، فأصبحنا اليوم جبلين من حديد، يزحف أحدنا إلى صاحبه، ولكنه كان مني شئ في أمر عثمان، مما لا أرى كفارته إلا سفك دمي، وطلب دمه) فقال الذهبي معلقاً : الذي كان منه في حق عثمان تمغفل وتأليب، فعله باجتهاد، ثم تغير عند ما شاهد مصرع عثمان...الخ، وقول الذهبي مخفف جداً.. بل هو قائد محلي من قواد الثورة، اعني بمحليته ليس من الأمصار وإنما القائد المحلي المدني لثلث الثوار على الأقل واستولى على بيت المال ورمى بالنشاب بيت عثمان! ولو أن المسلسل عزل دور طلحة لكان أفضل من هذه (العطفة القوية)! التي لا يبلعها تاريخ الطبري ولا أنساب البلاذري ولا طبقات ابن سعد ولا تاريخ خليفة ولا المؤرخون والإخباريون والمحدثون والشيعة والنواصب.. كل هؤلاء يعرفون أن طلحة رضي الله عنه وسامحه كان من أكبر الثوار على عثمان إلا أنه لم يقدم من مصر من الأمصار وإنما كان المحرض والمؤلب الأقوى في المدينة، ولو اضطروا لذكر هذه المعلومة لاضطروا أن يفسروا لنا كيف وصل الأمر إلى هذا الحد ولأمكننا عندئذ أن نستفيد، لأن المعلومة الصحيحة وإن كان مرة المطعم لكنها حسنة المعتبر. 6- أظهر المسلسل مروان بن الحكم بهذا الشكل البهي الممتليء! مع أنه معروف في التاريخ بأنه كان طويلاً ضعيفاً يطلق عليه ( خيط باطل)! قال الذهبي في (سير أعلام النبلاء - (3 / 477): ( كان مروان... أحمر الوجه، قصيرا، أوقص، دقيق العنق، كبير الرأس واللحية، يلقب: خيط باطل)! فأين هذه الصورة العجيبة من تلك الصورة المزينة في المسلسل؟ كما أظهر المسلسل مروان بهذه البراءة مع أنه على رأسه جرت فتنة عثمان وهو قاتل طلحة، قال الذهبي في سير أعلام النبلاء - (3 / 477) وكان كاتب ابن عمه عثمان، وإليه الخاتم، فخانه، وأجلبوا بسببه على عثمان، ثم نجا هو، وسار مع طلحة والزبير للطلب بدم عثمان، فقتل طلحة يوم الجمل، ونجا - لانجي - ثم ولي المدينة غير مرة لمعاوية،وكان أبوه قد طرده النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، ثم أقدمه عثمان إلى المدينة لأنه عمه..) هذا كلام الذهبي المتهم بالنصب من بعض العلماء والباحثين فأين وصل النصب اليوم؟ ومن أراد أن أتوسع في مسألة مما يستنكره هنا فليخبرني، وإنما أنقل من الذهبي لأنه أعقل القوم، وإلا فلي بحث في الذهبي بعد قراءة كل كتبه ثبت لي فيها أنه ينطوي على نصب بلا شك، لكنه رجل عاقل ذو علم واعتدال في الجملة، وليس نصبه كنصب ابن تيمية أو محب الدين الخطيب أو الصلابي أو سليمان العودة أو غيرهم من متقدمين ومتأخرين، وليس نصبه كنصب التجار وأصحاب الأجندات التي تستهدف غسل الأدمغة والقلوب بالمحروقات. 7- كذلك رأيت من العرض صورة معاوية بهذا الشكل الجميل ماشاء الله العظيم ( رشيد عساف)! مع أن معاوية كان يضع بطنه على فخذيه عند الأكل، كبير العجيزة، ضخم الجثة، تنقلب شفته العليا مع أدنى ابتسامة! فأين هذه الصورة من صورة رشيد عساف! ذلك الفارس الضامر! أرى أنهم يعرفون صفة معاوية وأنهم لم يختاروا رشيد عساف للقيام بدور معاوية إلا لتجميل صورة معاوية لما للمثل القدير رشيد عساف من شهرة وشعبية بين الناس، وهذا التزيين لمعاوية برشيد عساف في صورته وحيويته وفروسيته وضموره! يشبه ما يفعله الشيطان للمراهقين من تزيين معصية الزنا! فيقدّم الشيطان الزنا وغيره من المعاصي في صورة جميلة رائعة تذهل الشاب عن تذكر إثم المعصية، والشيطان لأنه ضعيف الحجة فهو يعتمد على الزيين والمشاركة لأهل التجارات خاصة! (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) [الإسراء]، وكأن الشيطان فعل مع أهل المسلسل فعله مع كفار بدر في التزيين الذي نقلوه لنا عبر رشيد عساف: ( وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ)! [الأنفال)، فمعهم الكثرة والمال والقرضاوي والصلابي وجمهرة واسعة من مزيفي الوعي والنائمين في الأوهام المريحة! – هذا إن أحسنا الظن- والضحية فقط هو الوعي والمعرفة والحقائق التاريخية التي تنعش الوعي الحق وتخرجنا من هذه الصحوة النائمة! بأحلامها السعيدة! 8- أظهر المسلسل بجرأة كبيرة نقل روايات تبرئة عثمان على لسان الحسن والحسين! مثل حمي الحمى ونحو ذلك، وهذه لم ترد في رواية قط! نعم هذه الرواية وردت على ألسنة آخرين، لكن تعمد المسلسل نقلها على لسان الحسن والحسين فيها تزييف واضح، كان يمكنه نقلها على لسان أحد حاشية عثمان كمروان بن الحكم وخالد بن عقبة والمغيرة بن الأخنس وأمثالهم، أما دور الحسن والحسن فهو فرع من دور أبيهما الإمام علي في محاولة رأب الصدع والضغط على الفريقين ( على عثمان ليرفع المظالم وعلى الثوار ليصبروا ويتجنبوا الدماء ومنعهم من قطع المادة عن عثمان وحاشيته وأهل بيته، وسنفصل في هذا الدور الوسطي في حلقات قادمة).. وسنتتبع الملحوظات الفنية في حلقات قادمة وهي كثيرة جداً.. ولكننا فضلنا أن نتاول في كل حلقة مجموعة منها حتى نوزع المادة في المقال الواحد بين الفنية والعلمية.. الملحوظات العلمية: ألخص الملحوظات بقوله تعالى عن بني إسرائيل (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ؟[آل عمران].. المسلسل مبني على لبس الحق بالباطل بل تجاوزه في بعض مفاصله إلى قلب الحق باطلاً والباطل حقاً.. كما سبق في بعض الملحوظات الفنية فقد تضمنت ملحوظات علمية أيضاً. ولكني هنا ألخص بعض الملحوظات العلمية على الحلقة الأولى فقط دون توسع لأن التوسع في ملحوظة واحدة يعني كتابة بحث كامل.. وكل مسائل فتنة عثمان عندي فيها أبحاث مكتملة لكني لا أرضى أن أزعج القاريء الكريم بالتطويل وكثرة الإحالات والتصحيحات والهوامش.. ومن أبرز الملحوظات العلمية: 1- المسلسل واضح في اعتماده على مصدر واحد تقريباً .. لا تستغربوا هذا الكلام فإن بقية المصادر التي يتوهما كاتب النص إنما تنقل عن ذلك المصدر، وهو سيف بن عمر التميمي ( نعم هناك إضافات يسيرة من اخترعات ابن العربي المالكي صاحب العواصم من القواصم - وهو أنجيل السلفية المعاصرة-) وربما زاد بعض قراء النص بعض الاستمزاجات والاقتراحات ليتم تحويلها إلى تاريخ! 2- ذكر المسلسل الدور الرئيس المزعوم لعبد الله بن سبأ..! وهذه إحدى أكاذيب سيف بن عمر التميمي، التي تفرد بها عن مئات المؤرخين والنسابين .. وقد أعطيت قبل عشر سنوات تحدياً للدكتور سليمان العودة قبل أكثر من خمسة عشر عاماً أن يأتي برواية واحدة ولو من طريق ضعيف تذكر دوراً – أي دور- لابن سبأ في فتنة عثمان، وأمهلته عشر سنوات فمضت ولن يجد لو أمهلته مئة سنة، إلا رواية مخترع ابن سبأ وهو سيف بن عمر التميمي، واخترعه لهدف مذهبي وعنصري معروف ليس هنا مجال بيان ذلك، 3- زعموا – أثناء سردهم الدفاع عن عثمان- أن رده للحكم بن أبي العاص كذبة! وعجتهم العظيمة في ذلك أن الحكم بن أبي العاص كان موطنه بمكة لا المدينة! وكأن هؤلاء الطلقاء كالحكم وأبي سفيان لم ينتقلوا إلى المدينة بعد فتح مكة؟ وعلى هذا كيف يدعون أن النبي (ص) استكتب معاوية؟ أليس موطن معاوية بمكة أيضاً؟ وكذا أبوه أبو سفيان وحكيم بن حزام والحكم بن أبي العاص وأبناء أبي لهب ..الخ كل هؤلاء مواطنهم بمكة لكنهم انتقلوا إلى المدينة ولم يبق في مكة من الطلقاء إلا قليل كسهيل بن عمرو وعكرمة بن أبي جهل.. أما لعن النبي (ص) للحكم ونفيه إلى الطائف فمما لا يختلف فيه باحثان ولا قارئان والأسانيد في ذلك صحيحة ويمكن مراجعة ترجمته في كتب التراجم الصحابة كالإصابة لابن حجر والاستيعاب لابن عبد البر وأسد الغابة لابن الأثير وسير أعلام النبلاء للذهبي وغيرها .. فتمسك المسلسل بكذب سيف بن عمر أو اقتراح ابن العربي أو تزييفات الصلابي أو أجندات القرضاوي لن يفيد التاريخ ولا استجلاب العبر والدروس منه.. بل إن كتب الحديث ومنها مسند أحمد قد رووا هذا اللعن والنفي بسند على شرط الشيخين، اما مسألة بغض ما صدر عن النبي (ص) فهذا شيء آخر.. إنما كلامي هنا مع المؤمنين بالرسالة فقط. أما من لا يؤمن بمنهج أهل الحديث وأسانيدهم وجرحهم وتعديلهم فالحوار معهم له معايير أخرى، ولعلهم أعقل وأطلب للإنصاف. 4- إظهار الثوار على عثمان غوغائيين وسبئية ( وهي نظرة سيف بن عمر فقط) والثوار فيهم أجلة الصحابة من المهاجرين والأنصار، ومن جلة التابعين ولو استعرضت أسماءهم لطال المقام، نعم فيهم غوغاء وأعراب ومنافقون كما كان في جيش النبي (ص) أعراب ومنافقون، إلا أن عظم ذلك الجيش الثائر مع أهل المدينة كانوا يرون عزل عثمان رضي الله عنه بعد أن شاخ وعجز عن تدبير أمور الدولة وإيقاف الحاشية وولاة السوء عن ظلم الناس وانتهاك حقوقهم، فالثورة إسلامية صرفة، إلا أنها تشوهت بسبب مقتل عثمان، ولو أن الصحابة استطاعوا اختراع نظام يعزل الخليفة إذا عجز، وولوا آخر منهم لكانت هذه إضافة جميلة ومفيدة للنظام السياسي عند المسلمين، وقد رأينا في عصرنا هذا كيف أنه إن فقد أغلبية الناس الثقة في الحاكم فلا يرقعها شيء، إلا باستقالة الحاكم، ولكن المسلسل لم يستفد من الثورات العربية المعاصرة في فهم ما جرى في فتنة عثمان ( ولعلي في حلقة قادمة أستعرض أبرز الثوار على عثمان من الصحابة وجلة التابعين ممن لا يستطيع عاقل ذو علم أن يشكك في صلاحهم ولا نصيحتهم، وإثبات أن هؤلاء ليسوا ألعوبة بيد عبد الله بن سبأ كما يزعم سيف ومن أخذ عنه ومن أخذ عن الآخذ!). 5- نسبة الخلاف بين محمد بن أبي بكر والبعث الذي كان معه! وأنهم يكفرون عثمان وهو يرد عليهم، وهم يهددون باحتلال المدينة وهو يرد عليهم! وهذا لم يحدث.. نعم اختلفوا في مشاركته في دم عثمان إلا أنه لم يكن أقلهم حماساً، كان كسائر المهاجرين والأنصار في إنكارهم على عثمان، نعم كان مع عثمان أربعة أو خمسة ليس فيهم بدري وهم ابن عمر وأبو هريرة وعبد الله بن سلام وزيد بن ثابت.. وقد يزيد بعضهم ثلاثة أو اربعة.. لن يستطيع الزيادة، أما المهاجرون والأنصار الذي كانوا مع عزل عثمان ومع المعارضة بشكل عام، فكانوا كباراً من أهل بدر وأمثالهم كطلحة والزبير وعمار بن ياسر وأبو ايوب الأنصاري وخزيمة بن ثابت وعمرو بن الحمق الخزاعي ( بدري في قول وهو من المباشرين في قتل عثمان)، وعائشة وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن مسعود وأبو ذر الغفاري وعبد الرحمن بن عوف وجبلة بن عمرو الساعدي والحججاج بن عمرو بن غزية الأنصاري وعامر بن البكير الأنصاري واسلم بن أوس بن بجرة الأنصاري ورفاعة بن رافع الأنصاري وقيس بن سعد الأنصاري وغيرهم كثير من اهل بدر وطبقتهم، والواحد من هؤلاء أفضل من أنصار عثمان وحاشيته، فأول الزيف – وهو زيف شائع- أن الثوار كانوا مجموعة من الغوغاء، وأن الصحابة كلهم مع عثمان! ثم لا يفسرون لنا لماذا تمكن هؤلاء الغوغاء من التغلب على شجاعة الصحابة والسيطرة على المدينة وإخضاع الصحابة لطاعتهم؟.. هذا كلام من لم يقرأ تاريخاً ولا يعرف ترتيب المصادر ولا يعتمد على تحقيق ولا يريد مجابهة الحقائق كما هي.. هذه ملحوظات منتقاة على الحلقة الأولى من مسلسل الحسن والحسين.. والملحوظات كثيرة جداً، ولا يسعني الإطالة أكثر. |
يمكن أن نضيف هنا في موضوعات الحلقة الأولى أن قصة عبد الله بن سبأ قصة مكذوبة من اساسها.. وأنها موضوعة بقصد التغطية على حقيقة ما جرى بل إنها غير عقلانية البتة وقد انفرد بذكرها سيف بن عمر التميمي وهو إخباري كذاب إلا أنه ذكي وبليغ وأتى بما يحبه العامة المتدينون.. خلاصة رواية سيف بن عمر لقصة عبد الله بن سبأ انه ذكر أن هذا الرجل بدأ حركته من المدينة ثم البصرة ثم الكوفة ثم الشام ثم مصر وأمه استطاع بقدر قادر! على عجن القرن الأول كله! بصحابته وتابعيه.. مل هؤلاء كانوا ألعوبة بيد عبد الله بن سبأ وأنه جرهم إلى قتل عثمان وإلى الفتنة الكبرى وإلى افتراق المسلمين إلى اليوم!! ولا ريب أن هذا غير معقول.. وأن ألأمم لا تتغير بفعل فرد لا سلباً ولا إيجاباً.. حتى النبي الواحد لا يستطيع تغيير أمة ( فلذلك قد يأتي بعض الأنبياء ليس معهم أحد) وحتى الشيطان في الجانب الآخر لا يستطيع بمفرده إضلال أمة .. وعلى كل حال : فعبد الله بن سبأ هذا - إن وجد- فليس له إلا وجود عادي.. كسائر الناس وأما اسباب الفتنة او قتل عثمان فهي أسباب موضوعية سياسية واقتصادية واجتماعية وبلدانية وفكرية ..كاي حدث كبير يحدث في الدنيا... لا يقوم اي حدث على عامل واحد فكيف بفرد واحد؟ وأهم اسباب فتنة عثمان هو ولاته وحاشيته الذين فصلوه عن بقية الأمة وجعل مقدرات الدولة بين أيديهم في المال والإدارة وتسلط هؤلاء الأمراء السفهاء على الناس فطلب الثوار منه تغييرهم وإيقاف مظالمهم لكنه ضعف عن معالجة هذا الأمر كاي رئيس أو ملك أو سلطان عبر التاريخ يضعف أمام الحاشية ولعل عصرنا هذا يعرفنا على هذه الظروف أكثر وربما الحالة المصرية شاهد حي على ذلك. كل المصادر التي ذكرت ابن سبأ في الفتنة فإنما تنقل عن سيف بن عمر التميمي وسامح الله الطبري فهو أول من نقل عنه بعد أن كانت كتاباته مهجورة لأنها ( لا تساوي فلساً) على حد تعبير المحدث الكبير يحيى بن معين. إذ كان يقول عن سيف بن عمر ( فلس خير منه)! وكل من يهرب إلى عبد الله بن سبأ فإنما يساهم في نشر التخلف العقلي والعلمي وفتنة عثمان فرصة كبرى لنكتسب شيئاً من الوعي بالتاريخ فالوعي بالتاريخ - وإن كان ثقيلاً على النفس- إلا أنه من اكبر دواعي الإنتاج.. إنتاج الأفكار السياسية والاجتماعية التي تنهض بالمجتمع على المدى البعيد.. الأمم المحبة للراحة الفكرية والمغتبطة بالجهل لا تبني حضارة أبداً ولا تستطيع أن تقف أمام الحضارات الأخرى.. بناء الحضارة يحتاج إلى قلوب قوية وعقول حمالة فهل سنجدها في قلوب تبحث عن خرافة ابن سبأ؟ وتهرب من حقيقة فتنة عثمان؟ اتذهب جهود كل هذه الأموال والإنتاج والفرق العاملة على الدراما فيمحاولة جديدة لتزييف الوعي؟ الا يكفينا ما نحن فيه من زيف وسذاجة وتخلف وخوف من الحقيقة؟! |
شكراً ايها الجابري لمتابعتك وقراءتك.. تابع الحلقات .. ستكون ثلاثون حلقة تتبع المسلسل في أكثر مفاصله.. وكلما أتت حلقة تأكدت أن الوضع في الحديث والتاريخ ما زال قائماً على قدم وساق وركبة إلى اليوم! أمتناالإسلامية لم تتوقف عن الكذب يوماً واحداً!! إنها تتنفس الكذب .. فلذلك كان هذا المسلسل وما فيه من ( زيادات كبيرة كاذبة لا وجود لها في مصدر قديم ولا جديد، موثوق ولا مطروح) كان هذا دليلاً واضحاً على أن من اسباب خذلان الله لنا أننا نكذب ونطره الحقيقة ولن ينصر الله أمة تكره الصدق.. لأن الله أمر المؤمنين أن يكونوا مع الصادقين ( وكونوا مع الصادقين) فكيف يكون هو جل جلاله مع الكاذبين؟ هذا مستحيل.. إن هذا الذل والصغار والشقاء الذي يعاني منه المسلمون كان عقوبة لنصحو.. فإذا صحونا وطلبنا الصدق فلنطلب من الله عندئذ أن ينصرنا.. أما أن نطلب منه الآن! ونحن أكثر الأمم تخلفاً في كل شيء فهذا اعتداء في الدعاء.. أكرر شكري لك.. |
ودور عائشة في التأليب على عثمان معروف حتى عند أهل الأدب يتناقلونه بينهم بلا نكير... ففي العقد الفريد - (ج 2 / ص 93) دخل المُغيرة بن شُعبة على عائشة فقالت: يا أبا عبد الله، لو رأيتني يومَ الجمل وقد نفذتْ النِّصالُ هَوْدجي حتى وصل بعضُها إلى جِلْدي. قال لها المغيرة: وددتُ والله أن بَعضها كان قتلك. قالت: يرحمك الله، ولم تقول هذا؟ قال: لعلَها تكون كَفّارة في سَعْيك على عُثمان. قالت: أما والله لئن قلتَ ذلك لما عَلم الله أني أردتُ قتله، ولكن علم اللّه أني أردتُ أن يُقاتَل فقوتلتُ، وأردتً أن يُرمى فرُميت، وأردت أن يعصى فعُصيت، ولو علم مني أني أردتُ قتلَه لقُتلت اهـ |
تنبيه هذه الحلقات تتم فيها الزيادات من وقت لآخر.. حسب توفر الوقت والجهد.. لذلك فلا يكتفي القاريء بالنظر إلى الموضوع الواحد مرة واحد وينسخه ثم يظن أنه قد انتهى .. كلا... كل يوم سنضيف الجديد في كل حلقة من هذه الحلقات حتى ينتهي شهر رمضان المبارك.. لذلك ننصح بمراجعة الحلقات كلها ... قد ينزل جديد هنا أو هناك ... وتفوت على القاريء الكريم كما آمل مراجعة الروايات ففي كل رواية أكثر من فائدة أعني قد أورد رواية في معارضة عائشة لعثمان ويكون في الرواية أيضا معارضة الصحابة وطلحة وعمار ...الخ فيمكن توزيعها على أكثر من عنوان وقد أفعل بعض ها إلأا أنني أحاول ألا أكرر ما أمكن.. لذلك إذا اطلع القاري على موقف الزبير مثلاً فقد لا يجد إلا روايات قليلة اعتماداً مني بأن رواياته قد سبقت في موقف الصحابة العام وموقف طلحة وموقف عائشة لأن الثلاثة كثيراً ما يجمعونهم في روايات واحدة.. |
نقد مسلسل الحسن والحسين(2) - موقف عائشة لا استطيع أن أحيط بأوهام أو أخطاء المسلسل لأنها الأصل.. فالمسلسل يعتمد الخيال أو ما يسمونه ( الفنتازيا) فيما يظهر . لأن العامة يحبون ذلك.. لكن سنركز على موضوعات فقط مثل: 1- مواقف الصحابة في فتنة عثمان. 2- قضية عبد الله بن سبأ ومدى صدقها؟ 3- من هم رؤوس الثوار على عثمان؟ وهكذا... ثم في القضية الأولى ( الصحابة وعثمان) يجب تفصيلها في أبحاث مفردة مثل: كبار الصحابة وعثمان كبار التابعين وعثمان ثم نفصل كلار الصحابة إلى أبحاث مفردة مثل: 1- علي وعثمان 2- عبد الرحمن بن عوف وعثمان 3- طلحة وعثمان 4- الزبير وعثمان 5- عائشة وعثمان ( وسنستعرض موقفها من عثمان كنموذج فقط في هذه الحلقة) 6- عمار وعثمان 7- أبو ذر وعثمان 8- عبد الله بن مسعود وعثمان 9- عبادة بن الصامت وعثمان 10- ...الخ وهذا ما يسمى الاستقراء.. إذ أننا نستطيع بعد استعراضمواقف الصحابة من عثمان، ثم مواقف التابعين من عثمان .. لنخرج بنتيجة استقرائية تقول مثلاً: أن 20% من أهل بدر ممن أدرك الفتنة كانوا ضد عثمان مثلاً وأن 70% لم يتحدد موقفهم أو كانوا محايدين.. وإن 1% كانوا مع عثمان.. وأما أهل الرضوان فقد كان 70% ضد عثمان و10% مع عثمان والباقي لم يتحدد.. او محايد.. لنخرج بنتيجة تبين لنا من هم الذين كانوا مع عثمان ومن هم الذين كانوا ضده ومن هم المحايدون؟ وما منزلة هؤلاء وهؤلاء وهؤلاء... ما اسباب اتخاذ كل فريق موقفه الذي اتخذه.. هذا هو البحث العلمي المنصف القائم على استقراء دقيق.. وليس تلك التعميميات الجاهلة التي يطلقها الناس يميناً أو شمالاً.. والاستقراء المنتج للمعرفة ممكن جداً.. خاصة وأن المادة كبيرة جداً بحيث تستطيع أن تصنف كتاباً في موقف كل شخصية من عثمان.. وقد بدأت شخصياً في هذه الأبحاث وهالني أن يكون اغلبية الصحابة الكبار ضد عثمان على عكس ما قرأناه في مناهج التعليم..( وقد نقدم بعض هذه الأبحاث لتعلقها بالمسلسل وبالوعي العام) لكن كأن الناس لا يريدون الحقيقة ولا يحبونها إنهم يحبون الأوهام المريحة.. وكل شعب يبحث عن الرائحة دائماً سيكون مستهلكاً للمعرفة والحضارة كما يستهلك الآلة.. ثم بعد ذلك نتساءل عن أسباب تخلف المسلمين وضعفهم الحضاري؟ (يتبع = موقف عائشة من عثمان رضي الله عنهما ورحمهما) .. |
1- رواية كليب الجرمي ( صححها ابن حجر) روى ابن أبي شيبة شيخ مسلم في كتابه المصنف (15/248) حدثنا أبو أسامة حدثني العلاء بن المنهال حدثنا عاصم بن كليب الجرمي قال حدثني أبي وهو معاصر لهم- وذكر ابنه أن رؤيا والده تأتي كفلق الصبح- فذكر له رؤيا في الفتنة ومنها (فرأى رجلاً مريضاً وكأن قوماً يتنازعون عنده...وكانت إمرأة عليها ثياب خضر جالسة كأنها لو تشاء أصلحت بينهم ...) ثم جاء في الرواية أن كليباً هذا قدم البصرة أيام الجمل وأول رؤياه في هذه المرأة على عائشة (لأنه رأى رجلاً يشبهها فأخبروه أن هذا محمد بن أبي بكر!) وقد صحح الرواية ابن حجر في الفتح (13/57). وفي الرواية ما يفيد أن عائشة كانت تستطيع أن تصلح بينهم لكنها لم تفعل والسبب أنها كانت رأس فريق وعثمان رأس فريق آخر، بل إن أول قتال بين المسلمين حدث بين أصحاب عثمان واصحاب عائشة .. كما سيأتي: 2- رواية أبي حفص في ( تعريض علي بعائشة في قتل عثمان). ففي مصنف ابن أبي شيبة - (ج 8 / ص 716): حدثنا يعلى بن عبيد قال حدثنا أسماعيل بن أبي خالد عن أبي الضحى عن أبي حفص قال : سمع علي يوم الجمل صوتا تلقاء أم المؤمنين فقال : انظروا ما يقولون؟ فرجعوا فقالوا : يهتفون بقتلة عثمان! فقال : اللهم احلل بقتلة عثمان خزيا اهـ. قلت: يقصد أن هؤلاء الهاتفين هم من القتلة ولو بالأمر والتحريض ( وهذا يعني اتهام الرؤوس كعائشة وطلحة..).. 3- رواية أبي سعيد مولى أبي أسيد الساعدي ( وهم يصححونها) ففي المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني - (ج 5 / ص 472): قال إسحاق ( يعني ابن راهويه) : أخبرنا المعتمر بن سليمان ، وسمعت أبي يقول : ثنا أبو نضرة ، عن أبي سعيد ، مولى أبي أسيد : « أن ناسا كانوا عند فسطاط عائشة - أرى ذلك بمكة - فمر بهم عثمان قال أبو سعيد : فما بقي من القوم أحد إلا لعنه أو سبه غيري ، وكان فيمن لعنه أو سبه رجل من أهل الكوفة ، فكان عثمان على الكوفي أشد منه على غيره! فقال : يا كوفي ، أسببتني ؟ كأنه يهدده ، قال : فقدم المدينة فقيل له : يعني الكوفي : عليك بطلحة ، فانطلق معه طلحة حتى أتى عثمان، فقال عثمان : والله لأجلدنك مائة! قال : طلحة : والله لا تجلده مائة إلا أن يكون زانيا، قال : لأحرمنك عطاءك فقال طلحة : يا كوفي ، إن الله يرزقك » والرواية في مصنف ابن أبي شيبة: ففي مصنف ابن أبي شيبة - (ج 8 / ص 685) أبو أسامة قال حدثنا معتمر عن أبيه عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن ناسا كانوا عند فسطاط عائشة فمر بهم عثمان ، وأرى ذلك بمكة ، قال أبو سعيد : فما بقي أحد منهم إلا بعثه أو سبه غيري ، وكان فيهم رجل من أهل الكوفة ، فكان عثمان على الكوفي أجرا منه على غيره ، فقال : يا كوفي ، أتسبني ؟ أقدم المدينة ، كأنه يتهدده ، قال : فقدم المدينة فقيل له : عليك بطلحة ، فانطلق معه طلحة حتى أتى عثمان ، فقال عثمان : والله لاجلدنك مائة ، قال : فقال طلحة : والله لا تجلده مائة إلا أن يكون زانيا ، قال لاحرمنك عطاءك ، قال : فقال طلحة : إن الله سيرزقه. مقطع آخر من رواية أبي سعيد مولى أبي أسيد: ( شاهد لقصة إخراج الشعر والثياب): قال الحافظ: المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني - (ج 5 / ص 474) وبهذا الإسناد- وأشار إلى صحته- قال : « كان بين عثمان وعائشة بعض الأمر فتناول كل واحد صاحبه ، فذهبت عائشة تتكلم فكبر عثمان وكبر معه الناس ، ففعل ذلك بها مرتين لكيلا يسمع كلامها ، فلما رأت ذلك سكتت »! ويحسن أن نذكر فوائد هذه الرواية لأهميتها، ففيها: 1- طلحة يمنع عثمان من معاقبة كوفياً سبه عند فسطاط عائشة 2- فسطاط عائشة كأنه في المسجد النبوي أو بجواره لتحشيد المعارضة واللقاءات معهم، وهي تخاطبهم من الحجرة، فإن بيت عائشة لن يتسع للجماعات المعارضة، وكانت عائشة تتولى التحريض، كرموز بني تيم ( مثل طلحة)، ولا أرى ما لحق أخاها محمد بن أبي بكر إلا بتأثر منها، حتى أنهم عزله طلحة عن قيادة أهل مصر وجعلها لابن عديس، وإذا صح أن ذلك الفسطاط كان بمكة فهذا أبلغ في الخصومة وفي التحريض، لأن السنة الأخيرة لم يحج عثمان، فمعنى هذا أن القصة حصلت في إحدى السنوات الست الأخيرة من خلافته، فإذا كانت شيعة عائشة كلهم على سب عثمان من تلك السنوات، فمعنى هذا أن خصومتها مع عثمان طويلة، وأنها استمرت سنوات على هذا التشنيع والإقرار بسب عثمان. 3- شيعة أم المؤمنين عائشة كانوا يسبون عثمان عند الفسطاط (وإن كان بالمدينة فهذا الفسطاط هو الذي جرى عنده القتال بين جماعة عائشة وجماعة عثمان، و لعل هذه القصة – قصة الساب عثمان- جرت في تلك الأثناء، إما أنه من أسباب القتال أو من نتائجه، وأما إن كانت بمكة، فلم يكن عنده قتال بين شيعة عثمان وشيعة عائشة). 4- لا يصح أن القصة في مكة، والظن من أحد الرواة المتأخرين عن شاهد العيان. 5- عثمان ينتصر لنفسه بمحاولة جلد الساب مئة، وهذا فوق الحد، ولا تعزير إلا فيما دون الحد، فهذا تجاوز شرعي وفق النصوص الشرعية، وهي عقوبة يسيرة وفق الرسوم السلطانية. 6- عثمان منع الكوفي عطاءه، لأنه سبه، وهذا أيضاً تجاوز، فحقه من بيت المال يستحقه بالإسلام ولو كان منافقاً، والإمام علي لا يمنع الخوارج ولا النواصب عطاءهم، وبعضهم يكفره. 7- تعاون طلحة وعائشة، وتبادلهما الأدوار، فهذا يسمع لجلسائه بسب عثمان، وذاك يحمي الساب، وعندما حجت عائشة تولى طلحة كل مهام عائشة وأضافها إلى مهامه، واستولى على بيت المال وحصر عثمان ومنع عنه الماء ومنع من الدخول عليه وكان قتله في تلك الأيام، وكانت عائشة قد هيأت له من الجيش أصحاب الفسطاط وهم خليط من الأمصار، وجلهم من أهل مصر، وربما كانت شدة عثمان على الكوفي لكون الكوفة كانوا أميل إلى علي بن أبي طالب. يتبع ( الرويات في موقف عائشة من عثمان) |
الرواية الرابعة: رواية عميرة بن سعد مصنف ابن أبي شيبة - (ج 8 / ص 694) أبو المورع قال أخبرنا العلاء بن عبد الكريم عن عميرة بن سعد قال : لما قدم طلحة والزبير ومن معهم ، قال : قام رجل في مجمع من الناس ، فقال : أنا فلان بن فلان ، أحد من بني جشم ، فقال : إن هؤلاء الذين قدموا عليكم ، إن كان إنما بهم الخوف فجاءوا من حيث يأمن الطير ، وإن كان إنما بهم قتل عثمان فهم قتلوه ، وإن الرأي فيهم أن تنخسف بهم دوابهم حتى يخرجوا. الرواية الخامسة: رواية الأحنف بن قيس قال أبو عمر صاحب الاستيعاب : (ج 1 / ص 216) وكان الأحنف عاقلاً حليماً ذا دين وذكاء وفصاحة ودهاء لما قدمت عائشة البصرة أرسلت إليه فأتاها فقالت: ويحك يا أحنف بم تعتذر إلى الله من ترك جهاد قتلة أمير المؤمنين عثمان أمن قلة عدد أو أنك لا تطاع في العشيرة؟ قال: يا أم المؤمنين ما كبرت السن ولا طال العهد وإن عهدي بك عام أول تقولين فيه وتنالين منه. قال: ويحك يا أحنف! إنهم ماصوه موص الإناء ثم قتلوه. قال: يا أم المؤمنين إني آخذ بأمرك وأنت راضية وأدعه وأنت ساخطة. ( قلت: وقد رويت مسندة لكني فضلت هنا نقل ابن عبد البر لأنه إمام من ائمة أهل السنة، فهو ينقلها ويقرها) الرواية السادسة: رواية عمار بن ياسر.. روى البلاذري في الأنساب قال : خرجت عائشة رضي الله تعالى عنه باكية تقول : قتل عثمان رحمه الله . فقال لها عمار بن ياسر : أنت بالأمس تحرضين عليه ثم أنت اليوم تبكينه. الرواية السابعة: رواية أم سلمة.. قال أبو محنف ( فيما نقل عنه مما لم يطبع من كتبه): جاءت عائشة إلى أم سلمة تخادعها على الخروج للطلب بدم عثمان فقالت لها : يا بنت أبي أمية أنت أول مهاجرة من أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله وأنت كبيرة أمهات المؤمنين ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم لنا من بيتك ، وكان جبريل أكثر ما يكون في منزلك . فقالت أم سلمة : لأمر ما قلت هذه المقالة ؟ فقالت عائشة : إن عبد الله أخبرني أن القوم استتابوا عثمان فلما تاب قتلوه صائما في شهر حرام ، وقد عزمت على الخروج إلى البصرة ومعي الزبير وطلحة فاخرجي معنا لعل الله أن يصلح هذا الأمر على أيدينا وبنا . قالت : أنا أم سلمة ، إنك كنت بالأمس تحرضين على عثمان وتقولين فيه أخبث القول ، وما كان اسمه عندك إلا نعثلا ، وإنك لتعرفين منزلة علي بن أبي طالب عند رسول الله صلى الله عليه وآله. الراوية الثامنة: في أول قتال بين المسلمين، بين أصحاب عائشة وأصحاب عثمان: فقد ذكر البلاذري قولاً للواقدي فيه (ويقال أن عائشة أغلظت لعثمان وأغلظ لها وقال: ما أنت وهذا ؟ إنما أمرت أن تقري في بيتك ، فقال قوم مثله وقال آخرون : من أولى بذلك منها؟ فاضطربوا بالنعال وكان ذلك أول قتال بين المسلمين بعد النبي صلى الله عليه وسلم). وفي .( أنساب الأشراف - (ج 2 / ص 268) قال: ويقال إن عائشة أغلظت لعثمان وأغلظ لها وقال: وما أنتِ وهذا؟ إنما أُمرتِ أن تقري في بيتك، فقال قومٌ مثل قوله، وقال آخرون: ومن أولى بذلك منها؟ فاضطربوا بالنعال، وكان ذلك أول قتالٍ بين المسلمين بعد النبي صلى الله عليه وسلم). الرواية التاسعة: رواية مسروق عن عائشة: وروى البلاذري ( أنساب الأشراف- بنو عبد شمس ص 597) حدثني سريج بن يونس ومحمد بن سعد قالا: حدثنا أبو معاوية عن خيثمة عن مسروق عن عائشة : - أنها قالت حين قتل عثمان - ( تركتموه كالثوب النقي من الدنس ثم ذبحتموه كما يذبح الكبش فهلا كان قبل هذا؟ فقال: مسروق : هذا عملك كتبت إلى الناس تأمرينهم بالخروج إليه فقالت: والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون ما كتبت إليهم بسوداء في بيضاء حتى جلست مجلسي هذا ...). وسنده صحيح. وقد رواها ابن أبي شيبة (12/51 الطبعة السلفية) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن خيثمة عن مسروق.... باللفظ نفسه . التعليق: وهذه الرواية تدل على أن عائشة لم تكن محرضة على الثورة فقط وإنما كانت ترى قتل عثمان( بدلالة قولها: فهلا كان قبل هذا؟؟)!!!! اي لكن قبل أن يصلها خبر توبته وهي في الحج، فقد بلغها أنه تاب وتخلص من المظالم ، ومذهب قتل الحاكم إن لم يعدل كان مذهباً لبعض الصحابة منهم عمر رضي الله عنه (على ما نقله عبد القادر عودة في كتابه التشريع الجنائي الإسلامي). وكأن عائشة رأت أن توبة عثمان العلنية جعلته كالثوب الدنس، بينما كان من استمر على السخط يرى أن هذا الموقف ليس جديداً من عثمان فطالما وعدهم بالتغيير ثم صرفته الحاشية برئاسة مروان عن الإستجابة مهونين له الأمر ومشككين في الآخرين فكان عثمان رضي الله عنه متردداً بين مطالب الصحابة والثوار وتحريضات الحاشية على الإستمرار في السياسة نفسها ، ومن هنا رأى من رأى أنه لابد من أن يعتزل فقد ضعف في نظرهم عن مهمة الخلافة لسنه وحسن ظنه في من حوله. ومسألة إنكارها الكتاب مشكل ، ولعلها تريد نفياً خاصاً بأنها لم تكتب لهم في قتله وإنما في إنكار المنكر والله أعلم، ويدل على ذلك روايات كثيرة وردت وسترد. الرواية العاشرة: رواية أخرى مسروق عن عائشة في موضوع مختلف : فروى البلاذري (بنو عبد شمس ص 521) من طريق ابن سعد عن الواقدي عن عيسى بن عبد الرحمن عن أبي إسحاق الهمداني - في قصة شرب الوليد للخمر- وفيها: قال أبو إسحاق وأخبرني مسروق ....فذكر قصة الشهود على الوليد عند عثمان وما جرى بينهم وبينه ...ثم قال أبو إسحاق (وهو السبيعي) : فأتى الشهود عائشة فأخبروها بما جرى بينهم وبين عثمان وأن عثمان زبرهم فنادت عائشة : إن عثمان أبطل الحدود وتوعد الشهود).!!! والخبر مرسل فأبو إسحاق لم يدرك القصة لكن الظاهر روايته ذلك عن مسروق. (وهنا أنا أتعمد حذف تحقيق كل رواية لأن الموضوع يطول جداً.. وإنما يكفي صحة بعض الروايات لتكون البقية مقبولة في الشواهد والمتابعات). يتبع |
روايات تعترف فيها عائشة بأنها حرضت على عثمان وتمنت أن يصيبه كل مكروه إلا القتل! الرواية الأولى في هذا الموضوع خاصة : عروة عن عائشة: قال البلاذري (أنساب الأشراف – بنو عبد شمس – ص 595): حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب (وهو ثقة) وأحمد بن إبراهيم (وهوثقة) قالا: حدثنا وهب بن جرير (وهو ثقة) عن أبيه (وهو ثقة) عن النعمان بن راشد الجزري (وهو ثقة) عن الزهري (وهو ثقة) عن عروة (ابن الزبير وهو ثقة) عن عائشة قالت: (ليتني كنت نسياً منسياً قبل أمر عثمان فو الله ما أحببت له شيئاً إلا منيت بمثله ، حتى لو أحببت أن يقتل لقتلت). إسناد الرواية: الإسناد صحيح. متن الرواية: جميعنا يعرف ما لقيت عائشة يوم الجمل من الإحاطة بها وعقر جملها حتى كادت أن تقتل ولقيت بلاء فكانت ترى أن هذه عقوبة لما كانت أن تحب أن يحصل لعثمان من التضييق والحصار والثورة إلا أنها لا تتمنى له القتل، فظاهر الرواية أن ما دون القتل مما حصل لها كانت تتمنى أن يحصل لعثمان، وهي مجتهدة في ذلك لأن عثمان وقع في أخطاء سياسية من تولية الأقرباء وتأول واسع في بيت المال لقرابته واستغلال القرابة للين عثمان معها فوسعوا الحمى لأبلهم وظلموا الناس في الأموال والدماء وانتهاك الحقوق، فكانت ترى أن من الواجب عليها أن تنهاه وحاشيته عن المنكر وتأمره بالمعروف ولو بالتضييق الشديد، وقد شاركها في هذا الرأي أو الموقف بعض كبار الصحابة. وكان هذا المنهج هو الأصل عندالمهاجرين والأنصار لكن تطور مفهوم (الطاعة العمياء) بعد وصول بني أمية للحكم وكثرت ألأحاديث في ذلك (مع أن بني أمية أول بغاة في الإسلام). الرواية الثانية في اعتراف عائشة: في تاريخ المدينة - (ج 4 / ص 1234) عروة أيضاً حدثنا إبراهيم بن المنذر قال، حدثنا عبد الله بن وهب قال، أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب قال، أخبرني عروة بن الزبير: أن عائشة رضي الله عنها كانت تقول: يا ليتني كنت نسيا منسيا قبل الذي كان من شأن عثمان رضي الله عنه، والله ما أحببت أن ينتهك من عثمان رضي الله عنه شئ قط إلا انتهك مني مثله، حتى لو أحببت أن يقتل لقتلت، يا عبيد الله ابن عدي لا يغرنك أحد بعد الذي تعلمه، فو الله ما احتقرت أعمال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يختم القرآن القراء الذين طعنوا على عثمان رضي الله عنه، فقالوا قولا لا يحسن مثله، وقرأوا قراءة لا يقرأ مثلها، وصلوا صلاة لا يصلى مثلها، فلما تذكرت الصنيع إذا والله ما يقاربون عمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أعجبك حسن قول امرئ فقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون، ولا يستجلبك أحد. الرواية الثالثة في اعتراف عائشة: ابن الخيار عن عائشة: ففي تاريخ المدينة - (ج 4 / ص 1234) * حدثنا عفان قال، حدثنا حماد بن زيد قال، حدثنا معمر، عن الزهري قال: قالت عائشة لعبيد الله بن عدي بن الخيار بمثل معناه. الرواية الرابعة في اعتراف عائشة : في تاريخ المدينة - (ج 4 / ص 1234): حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا جويرية، أنه سمع نافعا يقول: قالت عائشة رضي الله عنها: ما تمنيت لعثمان رضي الله عنه شيئا إلا وقد نزل بي، ولو تمنيت أن يقتل لقتلت. والخلاصة : إلا القتل ... لم تعمل عائشة على قتل عثمان مع أن بعض الروايات الكثيرة تذكر عن عائشة تحريضها على قتل عثمان وقد= سبقت رواية مسروق بن الأجدع وهو من خواص تلامذة أم المؤمنين.. يتبع |
اللهم صل و سلم على محمد و آله الـأطهار بارك الله بكم اخي الفاضل أمجد أحسنتم كثيرا و اشكركم على نقل نقد الشيخ المالكي حفظه الله الحقيقة ان الإستماع الى هذا الشيخ ممتع جدا فهو موسوعة تاريخية ما شاء الله عليه |
خلاصات ... حاولت أن تظهر الهوامش في البحث لكن لم أستطع.. لذلك آمل أن أنقل صورة عامة في بقيىة الرويات التي أسردها.. وأن هذه الروايات الكثيفة تعطينا اطمئناناً بأن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مانت من أكبر المحرضين على عثمان وهذا ما اعترف به أهل السنة والشيعة والمعتزلة والزيدية والإباضية ولم يخالف في هذا إلا شرذمة من السلفية ممن لا اطلاع لهم على التاريخ ولا إنصاف لهم في النقل ولا الحكم على الرواية.. تلخيص الموضوع: تواترت الروايات في تحريض عائشة على عثمان، وأكثر من روى تلك التحريضات هم أهل السنة كابن سعد صاحب الطبقات وشيخه الواقدي، والطبري والبلاذري .. وكل مصادر أهل السنة في التاريخ والتراجم ذكرت هذا.. ومن مصادر أهل السنة التاريخية نقل الشيعة وغيرهم إضافة إلى ما رووه في مصادرهم الخاصة. إلا أن أبلغ التحريضات هو فتواها بقتله ( سواءً بلفظ : اقتلوا نعثلاً أو بغيره) أو أمرها بالنبذ إليه على سواء أو التحريض على حصاره ونهي الناس عن الدفاع عنه، وإشهارها بأنه أبلى سنة رسول الله (ص) وأنه طاغية، و..الخ وهذا السقف الأعلى من التحريض رواه السنة والشيعة والنواصب وروته جميع الأمصار بالعراق والشام والحجاز واليمن ومصر ..الخ، وسنعرف هذا مما سبق ومما تبقى من استعراض بعض الروايات الكثيرة في هذا الباب: 1- قال البلاذري ( ص 656): عن مروان وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد: (قالوا: ولما اشتد الأمر على عثمان أمر مروان بن الحكم وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد فأتيا عائشة وهي تريد الحج فقالا لها: لو أقمت فلعل الله يدفع بك عن هذا الرجل ، قالت: قد قربت ركابي وأوجبت الحج على نفسي ووالله لا أفعل فنهض مروان وصاحبه ، مروان يقول: وحرق قيس على البلاد ...... حتى إذا اضطرمت أجذما . فقالت عائشة: يا مروان وددت والله إنه (أي عثمان) في غرارة من غرائزي هذه وأني طوقت حمله حتى ألقيه في البحر)! وفي الرواية نفسها أنها لقيت ابن عباس وكان عثمان قد ولاه الحج فقالت: (يا ابن عباس إن الله قد آتاك عقلاً وفهماً وبياناً فإياك أن ترد الناس عن هذا الطاغية).!!! والشطر الأول رواه البلاذري بالإسناد في موضع آخر (4/1172) حدثنا زهير بن حرب حدثنا وهب بن جرير حدثنا جويرية قال حدثنا يحي بن سعيد الأنصاري حدثني عمي -أو عم لي- .....الرواية باللفظ نفسه تقريباً. وشاركه عمر بن شبة – وهو مؤرخ سني ثقة- فروى القصة من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري ( شيخ الإمام مالك) عن عمه أيضاً: وهذه رواية عمر بن شبة في كتابه المشهور تاريخ المدينة (4/1171) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا جويرية بن أسماء عن يحي بن سعيد (الأنصاري) عن عمه: جاءها مروان (أي عائشة) فقال : أرسلني أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام ويقول: ردي عني الناس، فأعرضت عنه مرة أو مرتين، ...ثم قالت (ارجع لوددت أنك وصاحبك الذي جئت من عنده في وعائنا وكيت عليكما ثم نبذتكما). رواية ابن عباس: واللفظ الأخير له شاهد عند الطبري (4/407) من طريق الواقدي وفيها حث عائشة ابن عباس على عدم نصرة عثمان بقولها (أنشدك الله أن تخذل عن هذا الرجل وأن تشكك الناس فيه فقد بانت لهم بصائرهم ...) . وفي مصنف ابن أبي شيبة - (ج 8 / ص 685) أبو أسامة قال حدثنا معتمر عن أبيه عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن ناسا كانوا عند فسطاط عائشة فمر بهم عثمان ، وقد سبقت هذه الرواية ( رواية أبي سعيد).. ومقطع آخر من رواية أبي سعيد مولى أبي أسيد: ( شاهد لقصة إخراج الشعر والثياب): قال الحافظ: المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني - (ج 5 / ص 474) وبهذا الإسناد- وأشار إلى صحته- قال : « كان بين عثمان وعائشة بعض الأمر فتناول كل واحد صاحبه ، فذهبت عائشة تتكلم فكبر عثمان وكبر معه الناس ، ففعل ذلك بها مرتين لكيلا يسمع كلامها ، فلما رأت ذلك سكتت »! وقد سبقت إلا أنها هنا معماة! وفي الكامل في التاريخ لابن الأثير - (ج 2 / ص 28) وكان سبب اجتماعهم بمكة أن عائشة كانت خرجت إليها، وعثمان محصور، ثم خرجت من مكة تريد المدينة. فلما كانت بسرف لقيها رجلٌ من أخوالها من بني ليث يقال له عبيد بن أبي سلمة، وهو ابن أم كلاب، فقالت له: مهيم؟ قال: قتل عثمان وبقوا ثمانياً. قالت: ثم صنعوا ماذا؟ قال: اجتمعوا على بيعة علي. فقالت: ليت هذه انطبقت على هذه إن تم الأمر لصاحبك! ردوني ردوني! فانصرفت إلى مكة وهي تقول: قتل والله عثمان مظلوماً، والله لأطلبن بدمه! فقال لها: ولم؟ والله إن أول أمال حرفه لأنت، ولقد كنت تقولين: اقتلوا نعثلاً فقد كفر. قالت: إنهم استتابوه ثم قتلوه، وقد قلت وقالوا، وقولي الأخير خير من قولي الأول.... الخبر وفي الفخري في الآداب السلطانية - (ج 1 / ص 29) لابن الطقطقي ... سرد القصة وفيها: فقال لها الرجل: لم؟ والله إن أول من أمال حروفه لأنت، والله لقد كنت تقولين: اقتلوا نعثلاً فقد كفر، وكان ذلك لقباً لعثمان، فقالت: إنهم استتابوه ثم قتلوه، وقد قلت وقالوا، وقولي الأخير خير من قولي الأول. وفي تاريخ مختصر الدول - (ج 1 / ص 55) لابن العبري فقال لها الرجل من أخوالها: والله أول من أمال حرفه لأنت. ولقد كنت تقولين: اقتلوا نعثلاً فقد كفر. قالت: إنهم استتابوه ثم قتلوه. ونعثل اسم رجل كان طويل اللحية وكان عثمان إذا نيل منه وعيب شبه به لطول لحيته اهـ وفي تاريخ الإسلام للذهبي - (ج 1 / ص 444) قالوا لعثمان " نعثلاُ " تشبهاً له برجل مصري اسمه نعثل كان طويل اللحية. وفي المحصول للرازي - (ج 4 / ص 343) الحكاية الثانية أن عثمان رضي الله عنه أخر عن عائشة رضي الله عنها بعض أرزاقها فغضبت ثم قالت يا عثمان أكلت أمانتك وضيعت الرعية وسلطت عليهم الأشرار من أهل بيتك والله لولا الصلوات الخمس لمشى إليك أقوام ذوو بصائر يذبحونك كما يذبح الجمل فقال عثمان رضي الله عنه ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط الآية فكانت عائشة رضي الله عنها تحرض عليه جهدها وطاقتها وتقول أيها الناس هذا قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبل وقد بليت سنته اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا ..اهـ وفي تاريخ اليعقوبي - (ج 1 / ص 176) وكان بين عثمان وعائشة منافرة وذلك أنه نقصها مما كان يعطيها عمر ابن الخطاب، وصيرها أسوة غيرها من نساء رسول الله، فإن عثمان يوماً ليخطب إذ دلت عائشة قميص رسول الله، ونادت: يا معشر المسلمين! هذا جلباب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبل، وقد أبلى عثمان سنته! فقال عثمان: رب اصرف عني كيدهن إن كيدهن عظيم. بل قصة عائشة مع عثمان تواترات في ثقافة المسلمين ففي المصادر اللغوية كلسان العرب - (ج 11 / ص 669) وفي حديث عائشة اقْتُلُوا نَعْثَلاً قَتَل اللهُ نَعْثَلاً تعني عثمان وكان هذا منها لما غاضَبَتْه وذهبتْ إِلى مكة...الخ وهو في تاج العروس - (ج 1 / ص 7561) .. وفي حديث عائشة اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا يعنى عثمان وفي النهاية في غريب الأثر - (ج 5 / ص 177) ومنه حديث عائشة [ اقتُلوا نَعْثَلا قَتَل اللَّه نَعْثَلا ] تَعْني عثمان . بل حتى الناصبي الكبير سيف بن عمر التيمي اعترف بهذا ففي تاريخ الطبري - (ج 3 / ص 476) كتب إلي علي بن أحمد بن الحسن العجلي) ان الحسين بن نصر العطار قال حدثنا أبي نصر بن مزاحم العطار قال حدثنا سيف بن عمر عن محمد بن نويرة وطلحة بن الاعلم الحنفي قال وحدثنا عمر بن سعد عن أسد بن عبدالله عمن أدرك من أهل العلم أن عائشة رضى الله عنها لما انتهت إلى سرف راجعة في طريقها إلى مكة لقيها عبد بن أم كلاب وهو عبد بن أبي سلمة ينسب إلى أمه فقالت له مهيم قال قتلوا عثمان رضى الله عنه فمكثوا ثمانيا قالت ثم صنعوا ماذا قال أخذها أهل المدينة بالاجتماع فجازت بهم الامور إلى خير مجاز اجتمعوا على علي بن أبي طالب فقالت والله ليت ان هذه انطبقت على هذه إن تم الامر لصاحبك ردوني ردوني فانصرفت إلى مكة وهي تقول قتل والله عثمان مظلوما والله لاطلبن بدمه فقال لها ابن أم كلاب ولم فوالله إن أول من أمال حرفه لانت ولقد كنت تقولين اقتلوا نعثلا فقد كفر قالت إنهم استتابوه ثم قتلوه وقد قلت وقالوا وقولي الاخير خير من قولي الاول فقال لها ابن أم كلاب: منك البداء ومنك الغير * ومنك الرياح ومنك المطر وأنت أمرت بقتل الامام * وقلت لنا إنه قد كفر فهبنا أطعناك في قتله * وقاتله عندنا من أمر ولم يسقط السقف من فوقنا * ولم ينكسف شمسنا والقمر وقد بايع التاس ذا تدرإ * يزيل الشبا ويقيم الصعر ويلبس للحرب أثوابها * وما من وفى مثل من قد غدر فانصرفت إلى مكة فنزلت على باب المسجد فقصدت للحجر فسترت واجتمع إليها الناس فقالت يا أيها الناس إن عثمان رضى الله عنه قتل مظلوما ووالله لاطلبن بدمه ورواية سعيد بن المسيب: وروى البلاذري ( بنو عبد شمس من الأنساب ص 556): حدثني هشام بن عمار الدمشقي حدثنا محمد بن سميع عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سعيد بن المسيب – رواية طويلة وفيها - (وكانت عائشة تقرصه كثيراً....) وفيها بعد مقتله خروج عائشة باكية تقول : قتل عثمان رحمه الله فقال عمار (أنت بالأمس تحرضين عليه واليوم تبكينه). ولم يذكروا لها رداً على هذا. لكن هذه الرواية عليها إشكالات تحتاج لوقت. رواية أبي مخنف: ولها شاهد من رواية البلاذري من طريق أبي مخنف ( ص 538): وفيها (وبلغ عائشة ما صنع بعمار – يعني ضربه- فغضبت وأخرجت شعراً من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وثوباً من ثيابه ونعلاً من نعاله ثم قالت: ما أسرع ما تركتم سنة نبيكم وهذا شعره وثوبه ونعله لم يبل بعد فغضب عثمان غضباً شديداً...). وفي الفتوح لابن أعثم: عزمت عائشة على الحج ، وكان بينها وبين عثمان قبل ذلك كلام ؛ وذلك أنه أخر عنها بعض أرزاقها إلى وقت من الأوقات فغضبت ، ثم قالت : يا عثمان ! أكلت أمانتك ، وضيقت رعيتك ، وسلطت عليهم الأشرار من أهل بيتك ، لا سقاك الله الماء من فوقك ، وحرمك البركة من تحتك ! أما والله لولا الصلوات الخمس لمشى إليك قوم ذو ثياب وبصائر ، يذبحوك كما يذبح الجمل . فقال لها عثمان : ( ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صلحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيا وقيل ادخلا النار مع الدخلين )| رواية الزهري في شعر رسول الله ( وله شاهد عن أبي مخنف سيأتي): وروى الزهري – وكان إماماً في المغازي وقد أخذ بمرسلاته مجموعة كبيرة من أهل الحديث ولا نأخذ منها إلا ما يؤكد الروايات الصحيحة – ذكر: قصة اجتمع الناس في المسجد وما حصل من ضرب عمار ثم أن عائشة ( أطلعت شعراً من شعر رسول الله ونعله وثياباً من ثيابه ثم قالت: ما أسرع ما تركتم سنة نبيكم ...) وواضح من السياق أنها تقصد عثمان. وفي الرواية نفسها قول الزهري وكانت عائشة تؤلب على عثمان...) (أنساب الأشراف ص 580). وفي المختصر في أخبار البشر - (ج 1 / ص 118) : ثم فارقه طلحة والزبير ولحقا بمكة، واتفقا مع عائشة رضي الله عنهم وكانت قد مضت إِلى الحج وعثمان محصور، وكانت عائشة تنكر على عثمان مع من ينكر عليه، وكانت تخرج قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم وشعره وتقول: هذا قميصه وشعره لم يبل، وقد بلي دينه، لكنها لم تظن أن الأمر ينتهي إِلى ما انتهى إِليه. وفي تاريخ اليعقوبي - (ج 1 / ص 176) : وكان بين عثمان وعائشة منافرة وذلك أنه نقصها مما كان يعطيها عمر ابن الخطاب، وصيرها أسوة غيرها من نساء رسول الله، فإن عثمان يوماً ليخطب إذ دلت عائشة قميص رسول الله، ونادت: يا معشر المسلمين! هذا جلباب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبل، وقد أبلى عثمان سنته! فقال عثمان: رب اصرف عني كيدهن إن كيدهن عظيم. ترى أن عثمان ممن يجب النبذ إليهم على سواء: ويشهد للنبذ هذا ما رواه عمر ابن شبة أن عائشة كانت ترى عثمان ممن يجب النبذ إليهم على سواء لخيانتهم! (عمر بن شبة 4/171) روى هذا عن موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الوهاب بن عكرمة عن أمه عن عائشة. رواية عائشة بنت قدامة بن مظعون: وذكر الواقدي – فيما نقل من كتب المفقودة- ، عن عائشة بنت قدامة ، قالت : سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله يقول [ كذا ] - وعثمان محصور قد حيل بينه وبين الماء - : أحسن أبو محمد حين حال بينه وبين الماء . فقالت لها : يا أمه ! على عثمان . فقالت : إن عثمان غير سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسنة الخليفتين من قبله فحل دمه اهـ وهذا يتفق مع الروايات السابقة، منع طلحة عنه الماء ( ومبحث طلحة وعثمان يحتاج لبحث مفرد، ففيه من الكثرة والصحة ما لعائشة وأكثر). وأخرج الطبري من طريقين : إن عائشة رضي الله عنها لما انتهت إلى سرف، راجعه في طريقها إلى مكة لقيها عبد بن أم كلاب وهو عبد بن أبي سلمة ينسب إلى أمه فقالت له : مهيم ؟ قال : قتلوا عثمان رضي الله عنه فمكثوا ثمانيا . قالت : ثم صنعوا ماذا ؟ قال : أخذها أهل المدينة بالاجتماع فجازت بهم الأمور إلى خير مجاز ، اجتمعوا على علي بن أبي طالب . فقالت : والله ليت إن هذه انطبقت على هذه إن تم الأمر لصاحبك ردوني ردوني . فانصرفت إلى مكة وهي تقول : قتل والله عثمان مظلوما ، والله لأطلبن بدمه . فقال لها ابن أم كلاب : ولم ؟ فوالله إن أول من أمال حرفه لأنت ولقد كنت تقولين : اقتلوا نعثلا فقد كفر . قالت : إنهم استتابوه ثم قتلوه ، وقد قلت وقالوا وقولي الأخير خير من قولي الأول . فقال لها ابن أم كلاب. منك البداء ومنك الغير * ومنك الرياح ومنك المطر وأنت أمرت بقتل الإمام * وقلت لنا : إنه قد كفر فهبنا أطعناك في قتله * وقاتله عندنا من أمر ولم يسقط السقف من فوقنا * ولم ينكسف شمسنا والقمر وقد بايع الناس ذا تدرإ * يزيل الشبا ويقيم الصعر ويلبس للحرب أثوابها * وما من وفى مثل من قد غدر فانصرفت إلى مكة فنزلت على باب المسجد فقصدت للحجر|فسترت واجتمع إليها الناس فقالت : يا أيها الناس ! إن عثمان رضي الله عنه قتل مظلوما ووالله لأطلبن بدمه اهـ و قال أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي في كتابه : إن عائشة لما بلغها قتل عثمان وهي بمكة أقبلت مسرعة وهي تقول : إيه ذا الإصبع لله أبوك ، أما إنهم وجدوا طلحة لها كفوا ، فلما انتهت إلى شراف استقبلها عبيد بن أبي سلمة الليثي فقالت له : ما عندك ؟ قال : قتل عثمان . قالت : ثم ماذا ؟ قال : ثم حارت بهم الأمور إلى خير محار ، بايعوا عليا . فقالت : لوددت أن السماء انطبقت على الأرض إن ثم هذا ، ويحك انظر ماذا تقول . قال : هو ما قلت لك يا أم المؤمنين ! فولولت . فقال لها : ما شأنك يا أم المؤمنين ؟ والله ما أعرف بين لابتيها أحدا أولى بها منه ولا أحق ، ولا أرى له نظيرا في جميع حالاته ، فلماذا تكرهين ولايته ؟ قال : فما ردت عليه جوابا . وهناك شواهد من روايات الحسن البصري وأبي سعيد مولى أبي أسيد والأحنف بن قيس وغيرهم كثير| والشيعة لم يزيدوا على هذا بكثير: ففي الجزء الثامن ( من الغدير للأميني) : أن الشهود على الوليد بن عقبة بشربه الخمر استجاروا بعائشة وأصبح عثمان فسمع من حجرتها صوتا وكلاما فيه بعض الغلظة فقال : أما تجد مراق أهل العراق وفساقهم ملجأ إلا بيت عائشة . فسمعت فرفعت نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت : تركت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب هذا النعل . الحديث فراجع .| وذكروا في مواقف عمار : إن عائشة لما بلغها ما صنع عثمان بعمار فغضبت وأخرجت شعرا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وثوبا من ثيابه ونعلا من نعاله ثم قالت : ما أسرع ما تركتم سنة نبيكم وهذا شعره وثوبه ونعله لم يبل بعد ؟ فغضب عثمان غضبا شديد حتى ما درى ما يقول . الحديث . وكذلك أهل السنة رووا الخبر ولم يستنكروه: وممن رواه منهم الطبري والواقدي والبلاذري والرازي في المحصول وغيرهم كثير جداً.. ومن ذلك: وقال أبو الفدا : كانت عائشة تنكر على عثمان مع من ينكر عليه وكانت تخرج قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم وشعره وتقول : هذا قميصه وشعره لم يبل وقد بلي دينه .| والخبر رواه المعتزلة: قال ابن أبي الحديد : قال كل من صنف في السير والأخبار : إن عائشة كانت من أشد الناس على عثمان حتى أنها أخرجت ثوبا من ثياب رسول الله صلى الله عليه وآله فنصبته...الخ قال : وقد روى قيس بن أبي حازم : إنه حج في العام الذي قتل فيه عثمان وكان مع عائشة لما بلغها قتله فتحمل إلى المدينة قال : فسمعها تقول في بعض الطريق إيه ذا الإصبع . وإذا ذكرت عثمان قالت : أبعده الله . حتى أتاها خبر بيعة علي فقالت : لوددت أن هذه وقعت على هذه . ثم أمرت برد ركائبها إلى مكة فرددت معها ورأيتها في سيرها إلى مكة تخاطب نفسها كأنها تخاطب أحدا : قتلوا ابن عفان مظلوما . فقلت لها : يا أم المؤمنين ! ألم أسمعك آنفا تقولين أبعده الله ؟ وقد رأيتك قبل أشد الناس عليه وأقبحهم فيه قولا ، فقالت : لقد كان ذلك ولكني نظرت في أمره فرأيتهم استتابوه حتى إذا تركوه كالفضة البيضاء أتوه صائما محرما في شهر حرام فقتلوه اهـ قال : وروي من طرق أخرى : أنها قالت لما بلغها قتله : أبعده الله قتله ذنبه ، وأقاده الله بعمله ، يا معشر قريش ! لا يسومنكم قتل عثمان كما سام أحمر ثمود قومه ، إن أحق الناس بهذا الأمر ذو الإصبع . فلما جاءت الأخبار ببيعة علي عليه السلام قالت : تعسوا لا يردون الأمر في تيم أبدا اهـ وشهرة معارضة عائشة لعثمان وتحريضه عليه أشهر من تحريض بقية الثوار! ولو جمعوا الأسانيد في تحريض كبار هؤلاء الثوار لن يجدوا صحة أو كثافة في صحة وكثافة رويات تحريض عائشة.. فلنطبق منهجاً واحداً أما الانتقاء أو الافتراء فهذا ليس تاريخاً.. ولا ريب أن جماعة المسلسل قد افتروا روايات ليس لها وجود في التاريخ وضعوها للتو وتخبرنا بأن عائشة كانت مع عثمان!! وهذا يدل على أن الوضع في التاريخ وتزييفه لم ينته بعد! وأن تلك الفرقة التي غطت على معارضة الصحابة لعثمان مازالت تضع الروايات إلى اليوم في هذا السياق!! وان الشيعة أصدق من السلفية في هذا الأمر لأننا وجدنا كلامهم تدعمه المصادر السنية التي سبقت وغيرها كثير بينما افتراء هؤلاء من خيالاتهم لا تجد لها أصلاً.. |
اقتباس:
يعني مثل مسلسل الجوارح و الكواسر الخيالي |
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته حيّ الله الاستاذه القديرة أحزان الشيعة دمتم موفقين مسددين |
نقد مسلسل الحسن والحسين (3) - موقف طلحة بن عبيد الله نواصل نقد مسلسل الحسن والحسين في حلقته الثالثة.. وسنخصص هذه الحلقة لموقف طلحة بن عبيد الله من عثمان.. فقد عجبت وضحكت من حرص المسلسل على حشره لطلحة بن عبيد الله في أنصار عثمان! فخالف المسلسل بهذا الزعم حتى الحشرات! وسبب هذه المخالفة هو الهوى والمذهب والتجارة والمكايدة المذهبية والانطلاق من رواية مفردة لإخباري كذاب اسمه سيف بن عمر التميمي الذي لم يدرك القصة وليس من شهود العيان، بل ولا أدرك شيوخه ( لا يزيد الفقعسي ولا أبو حارثة ولا أبو عثمان ولا الخرثع أخو البرثع ولا رجل من بني كنانة ولا غيرهم من شيوخ سيف الذين يرجح بعض الباحثين أنه يخترع اسماءهم أيضاً!! كما يخترع الأحداث...وكما اخترع أسطورة ابن سبأ في الفتنة وكما اخترع القعقاع بن عمرو التميمي وغير ذلك).. نعم رواية سيف بن عمر هذه رواها الطبري وابن الأثير وابن كثير وغيرهم لكنهم رووا غيرها من مئات الروايات المخالفة لها والتي تؤكد على أن أغلبية الصحابة الكبار كانوا بين ثائر ومنكر ومؤيد للثورة على عثمان.. وأنا ألآن سأنقل لكم عشرات الروايات القوية والموصولة و لشهود عيان حضروا حصار عثمان ونقلوا الأحداث كما رأوها..وليست رواية واحدة كما فعلوا .. كما أن أصحاب هذه الروايات ثقات في الجملة وليسوا متهمين بكذب ولا زندقة كسيف بن عمر.. وإنه ليؤسفني أن الهوامش لا تنتقل معي في هذه المقالات لكني سأختصر حكمي على الراوي في السند نفسه فأقول ( ثقة) ( صدوق) ( ضعيف يقبل في الشواهد.. وهكذا إن أمكن.. وأرجوا ألا تحكموا من اول ما ترون الرواية الأولى حتى ترون جميع الروايات وهي في طلحة أكثر من خمسة عشر رواية بين صحيحة وحسنة ومقبولة في الشواهد.. وبعد أن اسرد هذه الــ( 15) رواية او نحوها، حاولوا أن تتصوروا المموقف العام لطلحة بن عبيد الله.. وستجدون في رواياته أخباراً عن مواقف صحابة آخرين كعائشة والزبير وغيرهم، فيجب تكرار الروايات التي اشتركت في ذكر الجميع عند دراسة مواقفهم.. وهذه الروايات الــ (15) سأختارها من بين عشرات الروايات التي تتفق مع ما اخترناه بأن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه وسامحه، كان من المحرضين بل والمحاصرين لعثمان وهو الذي منع عنه الماء بعد امره للمصريين ( وكانوا يسمعون لطلحة) بأن يمنعوا الماء عن عثمان وروى الغمام أحمد وائمة اهل السنة أنه من المحاصرين لكنهم لا يعلقون على الأحاديث والروايات التي يروونها، لكنها واضحة جداً لمن كان له قلب وتدبرها.. فلو أن شيوخ المسلسل ودعاته وبلابله أتعبوا أنفسهم بقراءة الكتب الستة، أو قرءوا طبقات ابن سعد أو تاريخ خليفة شيخ البخاري أو أنساب البلاذري .. لعرفوا حقيقة الفتنة الكبرى بسهولة، بل في الصحيحين والمصنفين ( مصنف ابن أبي شيبة ومصنف عبد الرزاق) اساس وخطوط فتنة عثمان وفيها غنى عن أكثر التاريخ فكيف باكثر الكذب والزيف الذي حشوا به عقول المسلمين .. والآن إلى الروايات الصحيحة والحسنة التي تؤكد أن طلحة بن عبيد الله كان رأساً من رؤوس الثورة على عثمان من الجرأة على عثمان ورد أحكامه إلى التحريض إلى الاستيلاء على بيت المال إلى المشاركة في الحصار إلى الرمي بالنبال! الرواية الأولى: رواية أبي سعيد مولى أبي أسيد مالك بن ربيعة [ وهي جزء من الرواية الطويلة التي يصححها يوسف العش الذي يعتمدون عليه، لكن يوسف العش خان الأمانة فيما أرى واخفى بعض مقاطع الرواية وهذا المقطع منها، ولهذا المقطع حكم الرواية في الصحة المجملة] فوائدها: المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني - (ج 6 / ص 334) قال إسحاق ( بن راهويه ثقة) : أخبرنا المعتمر بن سليمان ( ثقة) ، قال : سمعت أبي (ثقة) يقول أنبأنا أبو نضرة (ثقة) ، عن أبي سعيد مولى أبي أسيد وهو مالك بن ربيعة (ثقة) قال : إن عثمان بن عفان رضي الله عنه : « نهى عن العمرة في أشهر الحج أو عن التمتع بالعمرة إلى الحج » ، فأهل بها علي مكانه فنزل عثمان رضي الله عنه عن المنبر فأخذ شيئا فمشى به إلى علي رضي الله عنه ، فقام طلحة والزبير رضي الله عنهما فانتزعاه منه فمشى إلى علي رضي الله عنه فكاد أن ينخس عينه بإصبعه ويقول له : إنك لضال مضل ولا يرد علي رضي الله عنه عليه شيئا اهـ السند صحيح وفوائد الرواية هي : - طلحة والزبير أجرأ على عثمان.. - الإمام علي أحلم الناس على عثمان - عثمان وظلمه علياً.. - عثمان والأخطاء في السنن والأحكام وحرصه في هذا الأمر. الرواية الثانية: وهو جزء من هذه الرواية التي يصححهاالسلفيون وهي صحيحة.. ففي المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني - (ج 5 / ص 472) قال إسحاق ( وهو ابن راهويه شيخ البخاري ومسلم): أخبرنا المعتمر بن سليمان ( ثقة) ، وسمعت أبي ( هو ليمان بن طرخان التيمي البصري ثقة) يقول : ثنا أبو نضرة ( المنذر بن مالك بن قطعة ثقة) ، عن أبي سعيد ، مولى أبي أسيد ( ثقة) : « أن ناسا كانوا عند فسطاط عائشة - أرى ذلك بمكة - فمر بهم عثمان قال أبو سعيد : فما بقي من القوم أحد إلا لعنه أو سبه غيري ، وكان فيمن لعنه أو سبه رجل من أهل الكوفة ، فكان عثمان على الكوفي أشد منه على غيره! فقال : يا كوفي ، أسببتني ؟ كأنه يهدده ، قال : فقدم المدينة فقيل له : يعني الكوفي : عليك بطلحة ، فانطلق معه طلحة حتى أتى عثمان، فقال عثمان : والله لأجلدنك مائة! قال : طلحة : والله لا تجلده مائة إلا أن يكون زانيا قال : لأحرمنك عطاءك فقال طلحة : يا كوفي ، إن الله يرزقك » اهـ السند صحيح وأما فوائدها فهي : 1- طلحة يمنع عثمان من معاقبة كوفياً سبه عند فسطاط عائشة 2- فسطاط عائشة كأنه في المسجد النبوي أو بجواره لتحشيد المعارضة واللقاءات معهم، وهي تخاطبهم من الحجرة، فإن بيت عائشة لن يتسع للجماعات المعارضة، وكانت عائشة تتولى التحريض، كرموز بني تيم ( مثل طلحة)، ولا أرى ما لحق أخاها محمد بن أبي بكر إلا بتأثر منها، حتى أنه عزله طلحة وعائشة عن قيادة أهل مصر وجعلها لابن عديس. 3- شيعة عائشة كانوا يسبون عثمان عند الفسطاط (وهذا الفسطاط هو الذي جرى عنده القتال بين جماعة عائشة وجماعة عثمان، و لعل هذه القصة – قصة الساب عثمان- جرت في تلك الأثناء، إما أنه من أسباب القتال أو من نتائجه. 4- لا يصح أن القصة في مكة، والظن من أحد الرواة المتأخرين عن شاهد العيان. 5- عثمان ينتصر لنفسه بمجاولة جلد الساب مئة، ولا تعزير إلا فيما دون الحد. 6- عثمان منع الكوفي عطاءه، لأنه سبه، وعلي لا يمنع الخوارج ولا النواصب عطاءهم، وبعضهم يكفره. 7- تعاون طلحة وعائشة، وتبادلهما الأدوار، فهذا يسمع لجلسائه بسب عثمان، وذاك يحمي الساب، وعندما حجت عائشة تولى طلحة كل مهام عائشة إلى مهامه، واستولى على بيت المال وحصر عثمان ومنع عنه الماء ومنع من الدخول عليه وكان قتله في تلك الأيام، وكانت عائشة قد هيأت له من الجيش أصحاب الفسطاط وهم خليط من الأمصار، وجلهم من أهل مصر، وربما كانت شدة عثمان على الكوفي لكون الكوفة كانوا أميل إلى علي بن أبي طالب. هذه الروياة الأولى تتبع الروايات الصحيحة في ثورة طلحة على عثمان. |
الرواية الثالثة: رواية عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي ( شاهد عيان): وهي رواية قيمة،وخطيرة جداً، وشواهدها ستأتي، وهي تدل على عظمة الواقدي، فإن الطبري وغيره، لم يجدوا الرواية بهذا السياق الحسن إلا عند الواقدي، ففي في تاريخ الطبري - (ج 3 / ص 411) (قال محمد = هو الواقدي) وحدثني ابراهيم بن سالم عن أبيه عن بسر بن سعيد قال (و) حدثني عبدالله بن عباس بن أبي ربيعة قال : دخلت على عثمان رضى الله عنه فتحدثت عنده ساعة فقال يا ابن عباس ( عياش) تعال، فأخذ بيدي فأسمعني كلام من على باب عثمان ! فسمعنا كلاماً منهم من يقول ما تنتظرون به؟ ومنهم من يقول انظروا عسى أن يراجع ، فبينا أنا وهو واقفان إذ مر طلحة بن عبيد الله فوقف فقال: أين ابن عديس؟ فقيل هاهو ذا! قال: فجاءه ابن عديس فناجاه بشئ ثم رجع ابن عديس فقال لأصحابه: لا تتركوا أحداً يدخل على هذا الرجل ولا يخرج من عنده! قال : فقال لي عثمان هذا ما أمر به طلحة بن عبيدالله! ثم قال عثمان اللهم اكفني طلحة بن عبيدالله فانه حمل عليّ هؤلاء وألّبهم، والله إني لأرجو أن يكون منها صفراً وأن يسفك دمه إنه انتهك مني ما لا يحل له! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل دم امرئ مسلم إلا في إحدى ثلاث رجل كفر بعد إسلامه فيقتل، أو رجل زنى بعد إحصانه فيرجم، أو رجل قتل نفسا بغير نفس ففيم أقتل؟ قال ثم رجع عثمان قال ابن عباس (عياش) فأردت أن أخرج فمنعوني حتى مر بي محمد بن أبي بكر فقال خلوه فخلوني اهـ التعليق على الإسناد: أما الإسناد، فشاهد العيان عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي، ثقة وله رؤية، فهو من مواليد الحبشة، - وأبوه عياش بن أبي ربيعة صحابي مشهور- مات عبد الله سنة (64هـ) وقيل ( 78هـ) ولعل الصواب الأول، وهو مدني، وأما تلميذه فهو بسر بن سعيد ( مولى ابن الحضرمي) ثقة عابد من رجال الجماعة (100هـ) صاحب التحذير من أحاديث أبي هريرة، والراوي عنه سالم أبو النضر ثقة ( 129هـ) والراوي عنه ابنه إبراهيم المشهور بلقب بردان ( 153هـ) والراوي عنه الواقدي، وهذا سند صحيح، مع كلام لهم في الواقدي ليس عليه حجة، فالصواب توثيقه، وقد أفردته ببحث مفرد، وهذا لا يعني قبول كل ما رواه، فينظر في أسانيده، وفي بعض دعاويه في الإجماع، وإنما أقل ما يمكن أن يقال إنه مقبول في الشواهد والمتابعات وهذه منها، لا سيما وأنه إمام في فنه وهو التاريخ، . التعليق على المتن: فيه أن طلحة هو صاحب حصار عثمان وقتله .. وأن أهل مصر – بعد اعتزال أهل الكوفة والبصرة- هم المتولون لأمر عثمان، وقائدهم العسكري عبد الرحمن بن عديس أما القائد السياسي فهو طلحة بن عبيد الله، ولذلك حاول طلحة أن يستولي على بيت المال قبل أن يقتل عثمان، وربما كان لهذا التصرف سبب في كثرة من ناصره من أهل مصر، ثم استعاده علي بتحريض من عثمان ووزعه على الناس بالتساوي. يتبع |
الرواية الرابعة: رواية قيس بن أبي حازم ( 100هـ): وروى ابن شبة بسند صحيح (4/1169) ندم طلحة يوم الجمل وأنه قال (اللهم خذ مني لعثمان حتى ترضى) رواه عن إسحاق بن إدريس عن هشيم (بن بشير) عن إسماعيل (ابن أبي خالد) عن قيس (ابن أبي حازم) وهذا سند صحيح. شاهده من رواية حكيم بن جابر بسند صحيح = لكنها في الاعتراف ( وقد سبق في رواية قيس بن أبي حازم): روى ابن شبة (4/1169): حدثنا حيان بن بشر قال حدثنا يحي بن آدم قال حدثني سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم بن جابر قال: سمعت طلحة بن عبيد الله يقول يوم الجمل : إنا قد كنا أدهنا في أمر عثمان فلا بد من المبالغة ( المبايعة) اهـ وفي : (مصنف ابن أبي شيبة - (ج 8 / ص 710( : حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم ابن جابر قال : سمعت طلحة بن عبيد الله يوم الجمل يقول : إنا كنا داهنا في أمر عثمان فلا نجد بدا من المبايعة. )قلت: السند صحيح، وقد فسر الذهبي كلام طلحة هذا بقوله (كان منه تمغفل وتأليب) أي على عثمان ( انظر ترجمة طلحة في سير أعلام النبلاء) ، والتأليب أقصى درجات المعارضة ليس بعده إلا القتال، ورواها ابن سعد في الطبقات (3/222) من طريق الواقدي يتبع |
الرواية الخامسة : رواية حكيم بن جابر ( نحو 90 هـ) وفيها منع طلحة وعسكره الماء عن عثمان.. ورواها الطبري وغيره بسند صحيح، ففي تاريخ الطبري - (ج 3 / ص 433) : وحدثني عمر ( يعني ابن شبةوهو ثقة ) قال حدثنا علي ( هو المدائني وهو ثقة) عن عبد ربه بن نافع ( من رجال الشيخين ثقة) عن إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم بن جابر ( 82هـ أو بعدها/ ثقة في التقريب) قال: قال علي لطلحة أنشدك الله إلا رددت الناس عن عثمان! قال لا والله حتى تعطى بنو أمية الحق من أنفسها اهـ قلت: وقد توبع هؤلاء كلهم عن إسماعيل بن أبي خالد به.. متابعة عن إسماعيل عن حكيم بن جابر عند ابن أبي شيبة : روى ابن شبة (4/1169) قال سفيان: وحدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم بن جابر قال: كلم علي طلحة وعثمان محصور في الدار فقال: إنهم قد حيل بينهم وبين الماء! فقال طلحة: أما حتى تعطي بنو أمية الحق من أنفسها فلا). قلت: السند صحيح وفيه طلب علي من طلحة أن ينجد عثمان وربما يساعده في صد الثوار فأبى طلحة حتى يعطي عثمان وحاشيته الحق من نفسه. ولهذه الرواية شواهد أخرى من حيث موقف طلحة في قضية الإنجاد بالماء يتبع . |
الرواية السادسة: روايات عبد الرحمن بن أبي ليلى ( 83هـ): وهي حقيقة مجموعة روايات بل حشد من الروايات رواها هذا التابعي الجليل.. وهو من رجال الجماعة وهو كبير القدر في أهل الحجاز والعراق، وهو شاهد عيان وقد تكثفت رواياته في طلحة ومباشرته حصار عثمان بنفسه وأنه كان يراميهم بالأسهم وان قاتل عثمان خرج وهو يقول ( أين طلحة فقد قتلنا ابن عفان)!! ومن ذلك وهي عدة رويات نختار منها: ما رواه عمر بن شبة (4/1169- 1170): : حدثنا إبراهيم سمعت جعفر بن زياد وأبا بكر بن عياش يحدثان عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: رأيت طلحة يوم الدار يراميهم وعليه قباء فكشف الريح عنه، فرأيت بياض الدرع من تحت القباء)، والسند حسن رجاله ثقات ويزيد بن أبي زياد صدوق، ضعفه بعضهم للمذهب لأنه كان من دعاة زيد بن علي، بينما دعاة بني أمية موثقون!. و للرواية متابعة : : ( عن محمد بن فضيل بن عزوان عن يزيد بن أبي زياد عند عبد الرحمان بن أبي ليلى قال : رأيت طلحة يرامي في أهل الدار - وهو في خرفة وعليه الدرع - وقد كثر عليها نقبا فهم يرامونه فيخرجونه من الدار ثم يخرج فيراميهم حتى دخل عليه من قبل دار ابن حزم فقتل). حديث آخر لابن أبي ليلى: أبي فزارة عنه ( في سؤال عبد الملك بن مروان لابن أبي ليلى) : ذكره ابن شبة (4/1170) حدثنا عبد الله بن عمرو قال حدثنا عمرو بن ثابت عن أبي فزارة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى – رواية طويلة فيها سؤال عبد الملك بن مروان لابن أبي ليلى عن مواقف الصحابة يوم الدار فأجابه بأن علياً كان في داره، والزبير عند أحجار الزيت، وأما طلحة فكان في المحاصرين ! (مثل الحرة السوداء ..فإن حال حائل دون عثمان قاتله)! على حسب تعبير ابن أبيليلى وهو من اجل التابعين وأوثقهم وكان حاضراً وشاهد عيان، ثم انتقل مع الإمام عي إلى الكوفة كأبيه وجل الأنصار. : وفي تاريخ الطبري - (ج 2 / ص 669)قال محمد حدثني يعقوب بن عبدالله الأشعري عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال: رأيت اليوم الذي دخل فيه على عثمان فدخلوا من دار عمرو بن حزم خوخة هناك حتى دخلوا الدار فناوشوهم شيئا من مناوشة ودخلوا فوالله ما نسينا أن خرج سودان بن حمران فأسمعه يقول أين طلحة بن عبيد الله؟ قد قتلنا ابن عفان! اهـ استيلاؤه على الأمر : بيت المال والعساكر من رواية ابن شبة ما يدل على أن طلحة استولى على أمر أهل مصر ففي (عمر بن شبة 4/1171): بكر بن حنيف عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: حدثنا علي بن محمد، عن أبي مخنف، عن بكر بن حنيف، عن عبد الرحمن (بن أبي ليلى: لما حاصر) المصريون (عثمان ) استولى طلحة بن عبيد الله على أمرهم، وكان محمد بن أبي بكر يأتيهم فإذا أمسى خلص هو وعلي وعمار يحتازون ( كأنه يقصد يتشارون) (فيصبح) الناس يقولون: أهل مصر يعملون بأمر علي رضي الله عنه). وفي الرواية تحريف وسقط إلا أن المفهوم من الرواية أن طلحة كان أهل مصر يستجيبون له في المبالغة في الثورة لا سيما مع اعتزال علي في بيته ودفعه عن عثمان جعلهم ينصرفون لمن يتحمس قريباً من حماسهم، وأما محمد بن أبي بكر فمبيته مع علي وعمار يتشاورون، وهذا جعل الناس يظنون أن لعلي دوراً فيما حصل، ومحمد بن أبي بكر إنماكان يأتي أمه أسماء بنت عميس وهي امرأة علي يومئذ، ومن الطبيعي أن يجد علياً وشيعته كعمار بن ياسر يتشاورون، وكلهم منكر على عثمان ولكن ليس لعلي يد في التحريض .. من هذا الخلط أراد النواصب الإيهام بأن علياً له دور في قتل عثمان حتى اختلط هذا على مثل زيد بن أرقم فسأل علياً، حتى حلف له علي.. بينما كان موقف علي، أنه ليس مع مظالم عثمان، ولا مع قتله ولا منعه من الماء. . هذا هو الموقف العادل المتوسط بين ظلمين. وفي المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني - (ج 11 / ص 195) ما يؤكد حضور ابن أبي ليلى مع الأنصار وشهوده تلك الأحداث : فقال: ( أحمد بن منيع): ثنا يزيد بن هارون ، ثنا عبد الملك بن أبي سليمان ، عن أبي ليلى ، قال : « أشرف علينا عثمان يوم الدار ، فقال : يا أيها الناس ، لا تقتلوني فإنكم إن قتلتموني كنتم هكذا ، وشبك بين أصابعه » اهـ قلت: السند صحيح إلا ان فيه سقطاً، فعبد الملك بن أبي سليمان لم يدرك أبا ليلى إنما يروي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى.. فسقطت كلمة (ابن ) على الراجح.. وهذا الجزء كأنه من الحديث الأول، وقد اشتهر هذا الجزء عند أهل الحديث وبتروا آخره فيما يخص طلحة اختصاراً .. وفي قوله ( أشرف علينا) نوع من قرينة على مشاركة أهل المدينة ( الأنصار) في الحصار ومساعدتهم أهل مصر. وإلا فكيف يشرف عليهم عثمان وهم في بيوتهم؟ لابد أنه اشرف عليهم وهم محاصرون له.. وهذا موضوع آخر سيأتي تفصيله في ( موقف الصحابة) فهناك روايات تذكر الأنصار، وروايات أخرى تذكر مواقف بعض القبائل كخزاعة وبني تيم ..الخ يتبع |
الرواية السابعة : رواية عتبة بن الأخنس وهو من شيعة عثمان تاريخ الرسل والملوك للطبري - (ج 3 / ص 24) : .. حدّثني عمر بن شبّة، قال: حدّثنا أبو الحسن، قال: أخبرنا أبو عمرو، عن عتبة بن المغيرة بن الأخنس، قال: لقي سعيد بن العاص مروان بن الحكم وأصحابه بذات عرق، فقال: أين تذهبون وثأركم على أعجاز الإبل! اقتلوهم ثمّ ارجعوا إلى منازلكم لا تقتلوا أنفسكم؛ قالوا: بل نسير فلعلّنا نقتل قتلة عثمان جميعاً...الخ. وتكملة الرواية: فخلا سعيد بطلحة والزبير فقال : إن ظفرتما لمن تجعلان الأمر ؟ أصدقاني . قالا : لأحدنا أينا اختاره الناس . قال : بل اجعلوه لولد عثمان فإنكم خرجتم تطلبون بدمه . قالا : ندع شيوخ المهاجرين ونجعلها لأبنائهم ؟ قال : أفلا أراني أسعى لأخرجها من بني عبد مناف ؟ فرجع ورجع عبد الله بن خالد بن أسيد فقال المغيرة بن شعبة : الرأي ما رأى سعيد بن كان هاهنا من ثقيف فليرجع فرجع ... الحديث وسأترك للقاراء تدبر مثل هذه الرويات.. وسيجدون أن السنة والنواصب مجمعون على أن طلحة وعائشة وغيرهم من كبار الصحابة كانوا القادة الفعليين السياسيين للثورة.. اما القادة العسكريون فبعضهم صحابة وبعضهم من أجلاء التابعين.. وسنستعرض هؤلاء الكبار واحداً بعد الآخر.. ونورد من الروايات ما لا يمكن دفعه لا صحة ولا كثرة.. ثم سنطالبهم برواياتهم لتروا الفرق الواسع بين رواياتنا الصحيحة واستمزاجاتهم المصحوبة برواية سيف بن عمر الكذاب وابن العربي الفقيه الأحمق ومحب الدين الخطيب الناصبي المشهور.. هذا زادهم مع بهارات من البكائيات السلفية العاطفية التي لا تفيد معرفة ولا تترك لأتباعها النظر للموضوع بهدوء ليفهموه.. ثم بعد الفهم ليبكوا أو يضحكوا.. لا يهم لكن لابد من فهم متا جرى اولاً.. أما استنكار مقتل عثمان فهو محل إجماع اهل السنة المتأخرين ونحن منهم... أما السنة المتقدمين بمن فيهم الصحابة والتابعين فكانوا أصنافاً في هذا.. فمنهم من ينكر ومن من يؤيد قتل عثمان.. بل بعض الصحابة كان يرى شرعية قتله! وهذا من اغرب ما وجدته.. ولولا كثافته لما قلته هنا.. وهذا إن صح يدل على أمور خطيرة فعلها عثمان وولاته أو على تعصب أؤلئك الصحابة.. لا مناص من هذا القول أو ذاك.. ولن استعجل النتائج سأعرض الروايات ثم ننظر .. .. يتبع.. |
الرواية الثامنة: روايات علي بن أبي طالب.. وهي في الواقع عدة روايات... فالغمام علي كثيراً ما استغرب خروج أهل الجمل للمطالبة بدم عثمان! لأنهم هم الذين حرضوا وحااصروا وأفتوا بقتل عثمان.. فكيف يخرجون للمطالبة بدمه؟ ومن الروايات السنية في هذا الباب ما رواه الطبريفي تاريخه (ج 3 / ص 18) في قصة مشورة المغيرة التي يثبتونها.. قال الطبري: قال محمّد: وحدّثني هشام بن سعد، عن أبي هلا، قال: قال ابن عبّاس: قدمت المدينة من مكة بعد قتل عثمان رضي الله عنه بخمسة أيام، فجئت عليّاً أدخل عليه، فقيل لي: عنده المغيرة بن شعبة؛ فجلست بالباب ساعة، فخرج المغيرة فسلّم عليّ فقال: متى قدمت؟ فقلت: الساعة. فدخلت على عليّ فسلّمت عليه، فقال لي: لقيت الزّبير وطلحة؟ قال: قلت: لقيتهما بالنّواصف. قال: من معهما؟ قلت: أبو سعيد بن الحارث بن هشام في فئة من قريش. فقال عليّ: أما إنهم لن يدعوا أن يخرجوا يقولون: نطلب بدم عثمان؛ والله يعلم أنهم قتلة عثمان!! قال ابن عبّاس: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن شأن المغيرة، ولم خلا بك؟... ( ثم ذكر قصة مشورة المغيرة عن علي بإبقاء معاوية، تلك المشورة التي يقرون بها، فما بالهم لا يأخذون كلام علي هنا بأن هؤلاء قتلة عثمان بالتحريض والإفتاء والحصار وربما الأمر الأخير!) .... والرواية في مروج الذهب - (ج 1 / ص 315) قال المسعودي: ووجدت في وجه آخر من الروايات أن ابن عباس .. فذكرها كاملة. وهناك روياة أخرى عند ابن عبد البر في الاستيعاب - (ج 1 / ص 148) قال: ومن حديث صالح بن كيسان عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق والشعبي وابن أبي ليلى وغيرهم : أن عليا رضي الله عنه قال في خطبته حين نهوضه إلى الجمل : إن الله عز و جل فرض الجهاد وجعله نصرته وناصره وما صلحت دنيا ولا دين إلا به وإني منيت بأربعة : أدهى الناس وأسخاهم طلحة وأشجع الناس الزبير وأطوع الناس في الناس عائشة وأسرع الناس فتنة يعلى بن منبه، والله ما أنكروا علي منكرا ولا استأثرت بمال ولا ملت بهوى وإنهم ليطلبون حقا تركوه ودما سفكوه... الخ انظر قوله: دماً هم سفكوه... يعني بالأمر او التحريض أو الإفتاء أو المشاركة في الحصار.. الخ وكل هذا روي.. إلا أن بعضه اقوى من بعض. ونصوص علي في اتهام أهل الجمل كثيرة جداً بينما اهل الجمل لا يتهمون علياً بدم عثمان وإنما يتحججون بأن في جيشه بعض قتلة عثمان!! مع أن الذين في جيشهم من قتلة عثمان غير قليل! وكذا كان عمرو بن العاص في جيش معاوية وهو من أكبر المحرضين على عثمان حتى أنه حرض عليه الرعاة باعترافه! وكان يجابهه في وجهه وفي المسجد النبوي ويقاطعه وهو يخطب ولقي منه عثمان عنتاً بسبب عزله عن مصر! ومعاوية يعرف هذا تماماً!! نبقى في طلحة ببن عبيد الله.. ونواصل ذكر الروايات في ثورته على عثمان من مصادر أهل السنة وفي أوثق رواياتهم التاريخية... وهذه الروايات التي أسردها في موقف طلحة ليست فقط اقوى من رواية سيف الكذاب وإنما اقوى من اكثر تاريخ المسلمين... اقوى من روايات فتح الأندلس بل ومن روايات بعض الغزوات النبوية فإن معظم اسير والمغازي بأسانيد أقل صحة من هذه الاسانيد الموصولة والقوية.. يتبع. |
حشد من نصوص الإمام علي في مشاركة طلحة ( ومعه عائشة والزبير) في الثورة على عثمان وهذه الحشد في نهج البلاغة نختار منه بلا ترتيب بعض أقواله ( ولولا أن لها شواهدها في كتب السنة ما نقلتها) و منها: 1- قال الإمام علي في طلحة و قد بلغه خروجه الى البصرة مع الزبير لقتاله : (( و اللّه ما استعجل ( يقصد طلحة ) متجرّدا للطّلب بدم عثمان إلاّ خوفا من أن يطالب بدمه ،لأنّه مظنّته . و لم يكن في القوم أحرص عليه منه . فأراد أن يغالط بما أجلب فيه ، ليلبس الأمر و يقع الشّكّ . و و اللّه ما صنع في أمر عثمان واحدة من ثلاث : لئن كان ابن عفّان ظالما كما كان يزعم لقد كان ينبغي له أن يوازر قاتليه وأن ينابذ ناصريه . و لئن كان مظلوما لقد كان ينبغي له أن يكون من المنهنهين عنه ( أي زاجريه عن اتيانه ) و المعذّرين فيه . و لئن كان في شكّ من الخصلتين لقد كان ينبغي له أن يعتزله و يركد جانبا ، و يدع النّاس معه . فما فعل واحدة من الثّلاث ، و جاء بأمر لم يعرف بابه ، و لم تسلم معاذيره . ( الخطبة 172 ، 309 ) 2- و من كتاب له ( ع ) الى أهل الكوفة : من عبد اللّه عليّ أمير المؤمنين إلى أهل الكوفة، جبهة الأنصار و سنام العرب . أمّا بعد فإنّي أخبركم عن أمر عثمان حتّى يكون سمعه كعيانه . إنّ النّاس طعنوا عليه ، فكنت رجلا من المهاجرين أكثر استعتابه و أقلّ عتابه . و كان طلحة و الزبير أهون سيرهما فيه الوجيف ( الوجيف هو السوق السريع للإبل ) و أرفق حدائهما العنيف . و كان من عائشة فيه فلتة غضب ( يقصد بذلك حين قالت : اقتلوا نعثلا ، تشبهه برجل اسكافي من اليهود ) . فأتيح له قوم ( أي قدّر له ) فقتلوه . و بايعني النّاس غير مستكرهين و لا مجبرين ، بل طائعين مخيّرين . و اعلموا أنّ دار الهجرة قد قلعت بأهلها و قلعوا بها ، و جاشت جيش ( أي غليان ) المرجل . و قامت الفتنة على القطب ( يقصد به الامام نفسه قامت عليه فتنة اصحاب الجمل ) . فأسرعوا إلى أميركم ، و بادروا جهاد عدوّكم . إن شاء اللّه عزّ و جلّ . ( الخطبة 240 ، 442 ) 3-من خطبة للامام ( علي ) حين بلغه خبر الناكثين ببيعته و على رأسهم طلحة و الزبير و عائشة : (( و إنّهم ليطلبون حقّا هم تركوه ، و دما هم سفكوه . فلئن كنت شريكهم فيه فإنّ لهم لنصيبهم منه ، و لئن كانوا ولوه دوني ، فما التّبعة إلاّ عندهم . و انّ أعظم حجّتهم لعلى أنفسهم ، يرتضعون أمّا قد فطمت ، و يحيون بدعة قد أميتت . يا خيبة الدّاعي ( يقصد به رؤوس أهل الجمل الثلاثة ) ، من دعا؟ و إلام أجيب ؟ و إنّي لراض بحجة اللّه عليهم و علمه فيهم . ( الخطبة 22 ، 67 ) 4- و قال ( الإمام علي ) في معنى قتل عثمان : (( لو أمرت به لكنت قاتلا ، أو نهيت عنه لكنت ناصرا ، غير أنّ من نصره لا يستطيع أن يقول : خذله من أنا خير منه . و من خذله لا يستطيع أن يقول : نصره من هو خير منّي . و أنا جامع لكم أمره : استأثر فأساء الأثرة ، و جزعتم فأسأتم الجزع . و للّه حكم واقع في المستأثر و الجازع . ( الخطبة 30 ، 83 ) اهـ قلت: ما أحسن هذا الكلام وأنصفه وألصقه بالواقع. 5- و من كلام له ( للإمام علي ) لما بلغه اتهام بني أمية له بالمشاركة في دم عثمان : (( أو لم ينه بني أميّة علمها بي عن قرفي ( أي عيبي ) ؟ أو ما وزع الجهّال سابقتي عن تهمتي؟ و لما وعظهم اللّه به أبلغ من لساني؟ . أنا حجيج المارقين ، و خصيم النّاكثين المرتابين، و على كتاب اللّه تعرض الأمثال ، و بما في الصّدور تجازى العباد . ( الخطبة 73 ، 130 ) 6- و من كلام له في شأن طلحة و الزبير : (( و إنّهم ليطلبون حقّا هم تركوه ، و دما هم سفكوه . ( الخطبة 135 ، 248 ) وكان الإمام علي يناصح عثمان إلا أن حاشية عثمان استطاعت أن تنفي علياً إلا ينبع! ثم طلبه عثمان... ثم عملت الحاشية على نفيه مجدداً.. فهي تخشى أن يؤثر على عثمان .. ولذلك نجد الإمام علي يشتكي بحرقة لابن عباس قائلاً: ( « يا ابن عبّاس ما يريد عثمان إلاّ أن يجعلني جملا ناضحا بالغرب . أقبل و أدبر بعث إليّ أن أخرج ، ثمّ بعث إليّ أن أقدم ، ثمّ هو الآن يبعث إليّ أن أخرج! و اللّه لقد دفعت عنه حتّى خشيت أن أكون آثما » .)!! هذا هو موقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فانظروا الفرق بين موقفه وموقف من ثار على عثمان وحرض عليه حتى قتل ثم ثار على علي مطالباً بأخذ الثأر ممن قتل وحرض!! إنها الدنيا... يتبع.. |
الرواية التاسعة: رواية ابن عباس وهي طويلة سنقتصر على ما يخص طلحة: وفيها يبدو بوضوح تنسيق طلحة مع عائشة.. على الثورة على عثمان وتولي طلحة السلطة.. فعلى عائشة الفتوى والتحريض.. وعلى طلحة قيادةالثورة والاستيلاء على بيت المال وتجريد عثمان من صلاحياته.. فالاستيلاء على بيت المال يومئذ هو استيلاء على الدولة تقريباً! .. فكيف ومعه العسكر المصري وبعض البصري؟ ففي تاريخ الرسل والملوك - (ج 3 / ص 3): قال محمد ( هو الواقدي، وهو ثقة عند التحقيق وليس كما يشيع هؤلاء) قال: فحدّثني ابن أبي سبرة، ( وهو ثقة عند التحقيق) عن عبد المجيد بن سهيل ( صدوق)، عن عكرمة ( فيه خلاف إلا انه لم يكون علوياً بل فيه نصب وهو من رجال البخاري) ، قال: قال ابن عباس: قال لي عثمان رضي الله عنه: إني قد استعملت خالد بن العاص بن هشام على مكة؛ وقد بلغ أهل مكة ما صنع الناس؛ فأنا خائف أن يمنعوه الموقف فيأبى، فيقاتلهم في حرم الله جلّ وعزّ وأمنه. وإن قوماً جاءوا من كلّ فجّ عميق، ليشهدوا منافع لهم؛ فرأيت أن أولّيك أمر الموسم. وكتب معه إلى أهل الموسم بكتاب يسألهم أن يأخذوا له بالحقّ ممن حصره. فخرج ابن عباس، فمرّ بعائشة في الصّلصل؛ فقالت: يا بن عباس؛ أنشدك الله - فإنك قد أعطيت لساناً إزعيلا - أن تخذّل عن هذا الرجل (وفي لفظ: عن هذا الطاغية)، وأن تشكّك فيه الناس؛ فقد بانت لهم بصائرهم وأنهجت، ورفعت لهم المنار، وتحلّبوا من البلدان لأمر قد حمّ؛ وقد رأيت طلحة بن عبيد الله قد اتّخذ على بيوت الأموال والخزائن مفاتيح، فإن يل يسر بسيرة ابن عمه أبي بكر! قال: قلت يا أمّه لو حدث بالرّجل حدث ما فزع الناس إلاّ إلى صاحبنا. فقالت: إيهاً عنك! إني لست أريد مكابرتك ولا مجادلتك. قال ابن أبي سبرة: فأخبرني عبد المجيد بن سهيل؛ أنه انتسخ رسالة عثمان التي كتب بها من عكرمة، ... (وذكر نص رسالة عثمان إلى أهل مكة وهي بليغة وتعبر عن أزمة حقيقية).. قلت: السند قوي.. - رغم الاختلاف في عكرمة وغيره- وشواهده صحيحة.. سواء في استيلاء طلحة على بيت المال أو تحريض عائشة.. أو تولية ابن عباس على الحج.. وقد سبق موقف عائشة.. وهو مجل إجماع.. وسبق مسألة استيلاء طلحة على بيت المال.. وهو صحيح.. وإمارة ابن عباس على الحج محل إجماع.. فأركان الرواية قائمة بهذه الرواية وبدونها.. وهؤلاء الغلاة في عثمان رضي الله عنه لهم سياسة عجيبة وهي أنهم يقفون عند راوٍ واحد أو اثنين قد صحت الرواية من غير طريقهم، لكنهم يضربون عند هذا الراوي أو ذاك الخيام ويعتكفون ويرددون كالببغاوات.. ( هذا الرجل ضعفه فلان وفلان.. ولا يذكرون التوثيق ولا أن لروايته شواهد ولا أنه اتفق مع غيره ولا إلى قيام اركان الرواية ولا إلى شيء من هذا .. فيتبعهم الغوغاء.. والشبيه يألف الشبيه.. فتضيع الحقيقة ويبقى التخلف). فلا تلتفتوا لدقائقهم الفقيرة.. وانظروا إلى أصل القصة وعنوان القضية.. وسيأتي المزيد.. يتبع |
الرواية العاشرة: رواية اسلم مولى عمر ( رواها الإمام احمد) ففي مسند أحمد بن حنبل - (ج 1 / ص 74) حدثنا عبد الله حدثني عبيد الله بن عمر القواريري حدثني القاسم بن الحكم بن أوس الأنصاري حدثني أبو عبادة الزرقي الأنصاري من أهل المدينة عن زيد بن أسلم عن أبيه قال : شهدت عثمان يوم حوصر في موضع الجنائز ولو ألقى حجر لم يقع الا على رأس رجل فرأيت عثمان أشرف من الخوخة التي تلي مقام جبريل عليه السلام فقال أيها الناس أفيكم طلحة؟!! فسكتوا ثم قال أيها الناس أفيكم طلحة؟!! فسكتوا ثم قال يا أيها الناس أفيكم طلحة؟!! فقام طلحة بن عبيد الله فقال له عثمان الا أراك ههنا؟! ما كنت أرى أنك تكون في جماعة تسمع ندائي آخر ثلاث مرات ثم لا تجيبني؟ .. الخ. التعليق: والسند ليس بذاك.. لكن يكفينا أنه روى ما يفيد أن طلحة كان من المحاصرين لعثمان.. فالإمام أحمد هنا شبه معترف بأن طلحة من محاصري عثمان.. لكن أهل الحديث يكتمون كثيراً من الأخبار ويقطعونها.. وخاصة أحمد والبخاري فهم يبترون ما لا يعجبهم من الحديث في الغالب.. غفر الله لهما... نعم الباحث في موضوع معين من حقه أن يأخذ الشاهد فقط.. أما اصحاب المسانيد خاصة كاحمد فلا يحق له حذف شيء من الحديث إلا غذا ذكره مطولاً في مكان آخر عن طريق شيخ آخر فيحيل إليه.. كما يفعل الحاكم وغيره عندكا يشيرون أنه ( سبق مطولاًن او سيأتي مطولا).. أما نحن فيحق لنا أن نقتصر على الشاهد ولذلك تجدون رواياتي هنا مقتصرة على محل الشاهد.. يتبع.. |
الرواية الحادية عشرة: روايةالحسن البصري التابعي المشهور.. وهو شاهد عيان أيضاً.. فقد كان يوم مقتل عثمان مراهقاً وكان في المدينة ثم انتقل إلى البصرة ثم أصبح من موالي عبد الرحمن بن سمرة الأموي والي معاوية على خراسان وله أحوال عجيبة، إلا انه ضعيف أمام السلطة لكونه مولى، وقد عمر إلى عام 110هـ وهو مشهور، وهو مستقل ليس علوياً ولا أموياً ، إلا أن مقتل عثمان أثر فيه كثيراً، فكان عثماني الهوى.. رحمه الله .. وكان يتهم طلحة والزبير وعائشة بقتل عثمان، ولا أدري هل يشك في أن لعلي بن أبي طالب بعض الدور أم لا، ولعله لا يعلم معاناة علي من الجميع ، من الثوار ومن عثمان واصحابه،.. ففي المستدرك على الصحيحين للحاكم - (ج 10 / ص 413) 4583 - فحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، وعلي بن حمشاذ ، قالا : ثنا بشر بن موسى ، ثنا الحميدي ( ثقة) ، ثنا سفيان ( هو ابن عيينة ثقة) ، ثنا أبو موسى يعني إسرائيل بن موسى ( ثقة ) قال : سمعت الحسن يقول : « جاء طلحة والزبير إلى البصرة فقال لهم الناس : ما جاءكم ؟ قالوا : نطلب دم عثمان قال الحسن : أيا سبحان الله ، أفما كان للقوم عقول فيقولون : والله ما قتل عثمان غيركم ؟ قال : فلما جاء علي إلى الكوفة ، وما كان للقوم عقول فيقولون : أيها الرجل إنا والله ما ضمناك ». والسند صحيح إلى الحسن!! فكبار التابعين يشهدون أن رؤوس أهل الجمل هم قتلة عثمان ليس بالمباشرة في القتل، ,إنما بالتحريض والحصار والفتوى والاستيلاء على بيت المال وقيادة العساكر الواردة من الأمصار وتوجيهها ( وربما وأكرر ربما كان قتل عثمان بأمر من طلحة.. والله أعلم، وغن حصل هذا فنترضى عن الاثنين وندعو لهما، لكن بلا إخفاء للحقائق، فمرحلة التحليل لا تقوم إلا على حقائق ثابتة ولاتقوم على إخفاء أو تزييف، وإنما تنظر في مدى استحقاق عثمان عند هؤلاء للقتل أم لا، فإن كان عندهم مستحق للقتل فهم متأولون فننظر ما هي أدلتهم؟ هل هي وصية عمر بأن يقوموا من يعوج بعده من الخلفاء بالسيف؟ أم لأن عثمان سبق أن حمى قتلة الصحابي الكبير نيار بن عياض الأسلمي الذي قتلته حاشية عثمان؟ أم لأن الوليد بن عقبة قتل بعض الناس بالكوفة؟ أم لأن ابن أبي السرح قتل بعض المتظلمين وسجن آخرين؟ أم لأن عبد الله بن مسعود مات مقتولاً بعد أن ضربته حاشية عثمان حتى تكسرت أضلاعه ومات من اثر ذلك الضرب المبرح فرأوا ان عثمان كان الآمر مثلاً أو وجدوا ما يؤكد ذلك؟ أم لأنه صح عندهم أنه تسبب في قتل معصومي الدم أو لم يحاسب ولاته في قتلهم لهؤلاء وخاصة بالعراق ومصر، او لأنهم يرون أنه قد غير حكم الشريعة في الأموال وفي الحج والصلاة وغيرها من الأحكام التي يرون أن عثمان قد أخل بها وغير فيها، أم ماذا؟ وإن كان عندهم غير مستحق للقتل ثم قتلوه فقد ارتكبوا الجرم عن سابق إصرار وترصد وتعمد.. وبغض النظر عن أي نتيجة فهذا لا يمنع بل هو محفز لنا أن نستغفر للجميع وندعو لهم.. شاهد عن الحسن في نقد طلحة: وفي تاريخ الطبري - (ج 3 / ص 433) : وحدثني عمر قال حدثنا علي قال حدثنا أبو بكر البكري عن هشام بن حسان عن الحسن: أن طلحة بن عبيدالله باع أرضا له من عثمان بسبعمائة ألف فحملها إليه فقال طلحة إن رجلا تتسق هذه عنه وفي بيته لا يدري ما يطرقه من أمر الله عزوجل لغرير بالله سبحانه فبات ورسوله يختلف بها في سكك المدينة يقسمها حتى أصبح فأصبح وما عنده منها درهم قال الحسن وجاءها هنا يطلب الدينار والدرهم أو قال الصفراء والبيضاء اهـ السند قوي والحسن يتهم طلحة أنه ما أخرجه إلى البصرة مع أهل الجمل إلا المال اهـ والغريب أن هذا الذي قاله الحسن قد ااعترف به بعض أهل الجمل.. باسانيد صحيحة كقول بعضهم ( علمنا أن بالبصرة دراهم)! ولكن لا يسعنا هنا التوسع، وأنما نمشي مع المسلسل خطوة خطوة... لنكشفه في كل منعطف وأنه مسلسل زيف لا يمت للتاريخ بصلة.. يتبع.. |
الرواية الثانية عشرة: رواية مروان بن الحكم: وهو عثماني ناصبي مشهور، وقد وافق السنة والشيعة بأن طلحة كان على الأقل من كبار المحرضين على عثمان.. بل زعم مروان أنه أحد قتلة عثمان.. وقد قام مروان بقتله رغم أنهما في جيش واحد! وتذكروا رواية ابن الأخنس ( في نية مروان وأمثاله من الحريصين على ضرب الناس بعضهم ببعض) فهو وأمثاله هم من قام بدور ابن سبأ وليس ابن سبأ والأسانيد في اتهام مروان لطلحة رغم صحتها وكثرتها لم نكن لنأخذ بها لولا أنها صحت من غير طريقه لأن مروان فاسق ولا نصدق أخباره ولا أحاديثه إلا ما دلت القرائن على صحتهامن غير طريقه.. وقد توسع الإمام ابن عبد البر في الإستيعاب في معرفة الأصحاب - (ج 1 / ص 232) أثناء ترجمته لطلحة في سرد الروايات الصحيحة والحسنة في قتل مروان لطلحة واعتذاره عن ذلك بأن سببه كون طلحة من قتلة عثمان فقال ابن عبد البر في ترجمة طلحة في الاستيعاب: (( وروى معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن الجارود بن أبي سبرة قال: نظر مروان بن الحكم إلى طلحة بن عبيد الله يوم الجمل فقال: لا أطلب بثأري بعد اليوم فرماه بسهم فقتله. وروى حصين عن عمرو بن جاوان قال: سمعت الأحنف يقول لما التقوا كان أول قتيل طلحة بن عبيد الله. وروى حماد بن زيد عن قرة بن خالد عن ابن سيرين قال: رمي طلحة بن عبيد الله بسهم فأصاب ثغرة نحره قال: فأقر مروان أنه رماه. وروى جويرية عن يحيى بن سعيد عن عمه قال: رمى مروان طلحة بسهم ثم التفت إلى أبان بن عثمان فقال: قد كفيناك بعض قتلة أبيك. وذكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أسامة قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال: حدثنا قيس قال: رمى مروان بن الحكم يوم الجمل طلحة بسهم في ركبته. ...الخ . قال: وأخبرنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال: كان مروان مع طلحة يوم الجمل فلما اشتبكت الحرب قال مروان: لا أطلب بثأري بعد اليوم. قال: ثم رماه بسهم فأصاب ركبته فما رقأ الدم حتى مات وقالك دعوه فإنما هو سهم أرسله الله. حدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير حدثنا عبد السلام بن صالح حدثنا علي بن مسهر حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم : أن مروان أبصر طلحة بن عبيد الله واقفاً يوم الجمل فقال: لا أطلب بثأري بعد اليوم فرماه بسهم فأصاب فخذه فشكها بسرجه فانتزع السهم عنه فكانوا إذا أمسكوا الجرح انتفخت الفخذ فإذا أرسلوه سال فقال: طلحة دعوه فإنه سهم من سهام الله تعالى أرسله فمات .. الخ وكذلك ابن حجر صحح قتل طلحة بيد مروان واتهام مروان لطلحة بقتل عثمان فقال في الإصابة في معرفة الصحابة - (ج 2 / ص 70) (( وروى بن عساكر من طريق متعددة أن مروان بن الحكم هو الذي رماه فقتله منها. وأخرجه أبو القاسم البغوي بسند صحيح عن الجارود بن أبي سبرة قال لما كان يوم الجمل نظر مروان إلى طلحة فقال لا أطلب ثأري بعد اليوم فنزع له بسهم فقتله. وأخرج يعقوب بن سفيان بسند صحيح عن قيس بن أبي حازم أن مروان بن الحكم رأى طلحة في الخيل فقال هذا أعان على عثمان فرماه بسهم في ركبته فما زال الدم يسيح حتى مات أخرجه عبد الحميد بن صالح عن قيس وأخرج الطبراني من طريق يحيى بن سليمان الجعفي عن وكيع بهذا السند قال رأيت مروان بن الحكم حين رمى طلحة يومئذ بسهم فوقع في عين ركبته فما زوال الدم يسيح إلى أن مات وكان ذلك في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين من الهجرة وروى بن سعد أن ذلك كان في يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الآخرة وله أربع وستون سنة)) انتهى كلام ابن حجر .. والأسانيد في هذا الموضوع كثيرة جداً.. وهو محل إجماع الطوائف الإسلامية كافة شيعة وسنة ونواصب ومعتزلة، وعند جميع أهل الفنون، من محدثين ومترجمين وشعراء ونسابين ومؤرخين..الخ، وأنا اقطع من الآن بأن المسلسل سيقترح قاتلاً يستمزجه ولم يذكره قبله أحد ! فانتظروا ماذا سيفعل المسلسل...! وانظروا الفرق بينه وبين التاريخ وحقائقه.. يتبع |
الرواية الثالثة عشرة : رواية عميرة بن سعد الهمداني ( نحو 80هـ): ففي مصنف ابن أبي شيبة [ جزء 7 - صفحة 525 ] حدثنا أبو المورع قال أخبرنا العلاء بن عبد الكريم عن عميرة بن سعد قال : لما قدم طلحة والزبير ومن معهم قال قام رجل في مجمع من الناس فقال : أنا فلان بن فلان أحد بني جشم فقال : إن هؤلاء الذين قدموا عليكم إن كان إنما بهم الخوف فجاؤوا من حيث يأمن الطير وإن كان إنما بهم قتل عثمان فهم قتلوه وإن الرأي فيهم أن تنخسف بهم دوابهم حتى يخرجوا اهـ.. والسند شاهد... ويشهد له أن اهل البصرة رددوا هذه التهمة كثيراً في حوارهم مع عائشة وطلحة فكانوا يجابهونهم بالاستغراب من تحريضهم على عثمان حتى قتل ثم طلبهم بدمه؟ كان خروجهم محل غرابة الناس بعكس خروج معاوية .. فكان أهل العصبية يعقلون خروجه، وأهل الدين يعرفون نفاقه. لكن أهل الجمل كان خروجهم محل دهشة الجميع إلى اليوم! يتبع |
الرواية الرابعة عشرة: رواية عبد الله بن الزبير ( 73هـ): وهي من أعجب الروايات.. اما العجب فيأتي من ان ابن الزبير كان من أهل الجمل وكان من المدافعين عن عثمان وكان أعلم الناس بأعداء عثمان والمحرضين عليه والمحاصرين له.... تعالوا إلى الرواية. يقول عمر بن شبة ( 262هـ) في كتابه تاريخ المدينة - (ج 4 / ص 1197): حدثنا علي بن محمد ( هو المدائني ثقة) ، عن أبي عمرو ( عن) الزهري، عن محمد ابن كعب القرظي، عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال: كنت مع أبي فتلقانا علي في بني غنم فقال لأبي: إني أستشيرك في أمرنا هذا ؟ فقلت له: أنا أشير عليك، أن تطيع إمامك، فقال أبي: بني خل عن خالك يقض حاجته، ودعني وجوابه، فقال علي رضي الله عنه: إن ابن الحضرمية ( يعني طلحة) قد قبض المفاتيح واستولى على الامر. فقال أبي: دع ابن الحضرمية فإنه لو قد فرغ من الأمر لم تكن منه بسبيل، الزم بيتك، قال: قد قبلت، وانصرف وأتى أبي منزله، فلم ألبث أن جاءني رسوله فأتيته، فإذا وسادة ملقاة، فقال: أتدري من كان على الوسادة ؟ قلت: لا، قال: علي أتاني فقال: قد بدا لك أني لا أدع ابن الحضرمية وما يريد، فلما كان يوم العيد صلى علي رضي الله عنه بالناس، فمال الناس إليه وتركوا طلحة، فجاء طلحة إلى عثمان رضي الله عنه يعتذر، فقال عثمان: الآن يا ابن الحضرمية! ألبت الناس علي حتى إذا غلبك علي على الامر، وفاتك ما أردت جئت تعتذر؟ ، لا قبل الله منك) اهـ.. قلت: وللحديث شاهد من طريق ابن سيرين في استيلاء طلحة على بيت المال..وسبقت رواية ابن عباس في المعنى أيضاً.. ومراسيل ابن سيرين في مثالب بني أمية من اصح المراسيل على وجه الأرض لأنه بصري أموي الهوى.. وروايةابن الزبير هذه قوية.. فالروايات كما ترون يدل بعضها على بعض ... ويقوي بعضها بعضاً.. وتسير في نهر واحد.. يتبع |
الرواية الخامسة عشرة: رواية أم عبد الله بن رافع: ففي التاريخ الصغير للإمام البخاري - (ج 1 / ص 108) قال: حدثني إبراهيم بن المنذر حدثني عياش حدثني موسى عن أخيه محمد بن يعقوب عن عبد الله بن رافع عن أمه قالت: خرجت الصعبة بنت الحضرمي قالت فسمعتها تقول لابنها طلحة بن عبيد الله إن عثمان قد اشتد حصره فلو كلمت فيه حتى يرد عنه. قلت: الصعبة هي أم طلحة.. وفي المعجم الكبير للطبراني الحنبلي - (ج 1 / ص 85): حدثنا أحمد بن يزيد بن هارون المكي القزاز ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثنا عباس بن أبي شملة عن موسى بن يعقوب الزمعي عن أخيه محمد بن يعقوب عن عبد الله بن رافع عن أمه قالت : خرجت الصعبة بنت الحضرمي فسمعناها تقول لابنها طلحة بن عبيد الله : إن عثمان قد اشتد حصره فلو كلمت فيه حتى يرفه عنه قالت : و طلحة رضي الله عنه يغسل أحد شقي رأسه فلم يجبها فأدخلت يديها في كم درعها فأخرجت ثدييها وقالت : أسألك بما حملتك وأرضعتك إلا فعلت فقام ولوى شق شعر رأسه حتى عقده وهو مغسول ثم خرج حتى أتى عليا رضي الله عنه وهو جالس في جنب داره فقال طلحة رضي الله عنه ومعه أمه و أم عبد الله بن رافع : لو رفهت عن هذا فقد اشتد حصره قال : فنقر بقدح في يده ثلاث مرات ثم رفع رأسه فقال : والله ما أحب من هذا شيئا تكرهه ..اهـ والخبر في تاريخ دمشق - (ج 39 / ص 367): إبراهيم بن المنذر الحزامي نا عباس بن أبي شملة عن موسى بن يعقوب الزمعي عن أخيه محمد بن يعقوب عن عبد الله بن رافع عن أمه قال : خرجت الصعبة بنت الحضرمي فسمعناها تقول لإبنها طلحة بن عبيدالله إن عثمان قد اشتد حصره فلو كلمت فيه حتى يرفه عنه قالت وطلحة يغسل أحد شقي رأسه فلم يجبها فأدخلت يديها في كم درعها فأخرجت ثدييها وقالت أسألك بما حملتك وأرضعتك إلا فعلت فقام ولوى شق شعر رأسه حتى عقده وهو مغسول ثم خرج حتى أتى عليا وهو جالس في جنب داره فقال طلحة ومعه أمه وأم عبد الله بن رفع لو رفهت عن هذا فقد اشتد حصره قال فنقر بقدح في يده ثلاث مرات ثم رفع رأسه فقال والله ما أحب من هذا شيئا يكرهه اهـ التعليق: هذه أم طلحة نفسه ... كانت تتشفع به ليفك الحصار عن عثمان! ويظهر أنه لم يطعها ... فليس في الرواية أنه نفذ رغبتها ولا في الروايات الأخرى الأقوى والأكثر.. يتبع |
الرواية السادسة عشرة : رواية سعيد بن المسيب وفيها خلاف.. نأخذ منها الشاهد.. ففي تاريخ المدينة - (ج 4 / ص 1304) بإسناده عن سعيد بن المسيب قال: (( ... وبعث الزبير ابنه وبعث طلحة ابنه على كره منه، وبعث عدة من أصحاب محمد أبناءهم يمنعون الناس أن يدخلوا على عثمان، ويسألونه إخراج مروان))، التعليق: السند مختلف فيه... رجاله ثقات إلا أن فيه رجل يشتبه في تدليسه شيخه.. وعلى كل حال فطلب تسليم مروان ( الذي كتب الكتاب المشئوم) كان مطلباًجماهرياً طاغياً.. ليس لكتابته ذلك الكتاب فقط وإنما لإبعاده عن عثمان حتى لا يكتب للولاة بقتل فلان وفلان ويخون عثمان ويفتئت عليه.. فمن يضمن لهم لو أنهم رجعوا ألا يأتي كتاب آخر من مروان يأمر والي مصر بقطع أيديهم وأـرجلهم من خلاف ؟ وتمسك عثمان بمروان بعد ثبوت خيانته من أسباب فقدان الثقة بين عثمان والثوار من صحابة وأجناد.. وهو من أسباب بقاء الثوار في المدينة وإصراراهم على عزل عثمان بعد أن ثبت لهم فشله في إدارة الدولة حسب وجهة نظرهم على الأقل.. وعثمان خشي إن سلمهم مروان أن يقتلوه... وهو لا يستحق القتل وإنما التعزير ونحوه.. لكن عثمان هو الخليفة وهو صاحب الحق العرفي في معاقبة مروان أو العفو عنه والفصل بين السلطات لم يكن معروفاً يومئذ.. وهكذا لو توسعنا لعرفنا أن الموضوع أعمق من هذه السذاجة التي ظهر بها المسلسل وكأنه ( طاش ما طاش) في تناوله الساخر لتصرفات بعض الجهات في التعليم وغيره... يتبع |
الرواية السابعة عشرة: رواية عبيد بن حارثة: نقلها ابن أبي الحديد المعتزلي : في شرح نهج البلاغة عن الزبير بن بكار ( السني النسابة المشهور) فقال: وروى الزبير ( هو ابن بكار): عن أبي عنان ، عن عمر بن زياد ، عن الأسود بن قيس ، عن عبيد بن حارثة قال : سمعت عثمان وهو يخطب ، فأكب الناس حوله فقال : اجلسوا يا أعداء الله ، فصاح به طلحة : إنهم ليسوا بأعداء الله لكنهم عباده وقد قرأوا الكتاب . انتهى . التعليق: طلحة مقاطعاً لعثمان ومدافعاً عن الثوار.. وقد بقيت روايات كثيرة منها المهم كرواية أبي الأسود الدؤلي والشعبي وابن سيرين وقتادة وعوف الأعرابي وأبي إدريس الخولاني وغيرهم ممن يؤكد على أن طلحة بن عبيد الله كان من الثوار على عثمان بل هو الذي تولى أمره كله حتى قتل بعد حج عائشة ( وقد كان بنو تيم قبيلة عائشة وطلحة من أشد الناس عليه، ومحمد بن أبي بكر من تيم أيضاً، إلا أن النواصب أشهروا معارضة محمد بن أبي بكر لنصرته علياً فيما بعد، وأطفئوا معارضة عائشة وطلحة مع أنها الأنكى وألأكثر أثراً في الناس لأنهما قاتلا علياً، فالتاريخ تلون مع الزمان حتى وصل إلى ما رأيتموه في المسلسل الأعجوبة) ... وعلى كل فنحن تعمدنا ألا ننقل إلا روايات شهود العيان ، وروايات هؤلاء كالشعبي وابن سيرين وقتادة لا ريب أنها تصلح في المتابعات والشواهد بأفرادها فكيف بمجموها إلا أن هذا سنؤجله في كتابنا عن فتنة عثمان، ليعلم الجميع كيف أن ألأمة تستمر في تزييف التاريخ بما يحب العامة، فيضرون الحقيقة والتاريخ وأنفسهم والعامة، لكنهم لا يشعرون بفائدة الحقيقة ولا ضرر الكذب )!،.. وعلى كل حال فهذه الروايات تكفي في صحة اساس القضية من كون طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه وسامحه كان من المحرضين على عثمان ومن كبار الثوار بل هو قائدهم الفعلي في المدينة.. أما تيار الغلاة والتجار فليس لهم في نفي هذه الحقيقة إلا رواية سيف الكذاب ( وهو ليس شاهد عيان، بل لم يرو عن شاهد عيان) إضافة إلى دمجهم رواية مع أمزجة بعض أصحاب الهوى ألأموي أو اقتراحات بعض المهوسين بالمكايدات المذهبية، وبعض اصحاب دراسة الجدوى! ثم إخراجها عبر علماء يفتون في التاريخ ودعاة مهوسون بالرد على الشيعة وتبرئة الصحابة من الاختلاف!! ... وهؤلاء كلهم لسوا من البحث والتاريخ في شيء.. الذي عجبت منه أيضاً.. أن أصحاب عثمان ومعاوية في المسلسل في غاية الجمال! بينما اصحاب النبي (ص) واصحاب الإمام علي في غاية القبح! رغم أن من أصحاب عثمان مروان بن الحكم ( خيط باطل)! الذي بدا جميلاً وثاباً.. والمغيرة بن شعبة الأعور ( الذي بدا صحيح العينين)! وعمرو بن العاص القصير ( الذي بدا عملاقاً) ومعاوية الذي كان يضع بطنه على فخذيه عند الأكل - مع عظم عجيزته- الذي بدا في المسلسل رشيقاً كالغزال! ... وهكذا... لا لآادري هل هو مقصود أم شيء من نفاق؟! وشكراً لكم وقد أضيف في حلقة طلحة هذه وقد أنطلق للحلقة الرابعة.. |
موقف الزبير بن العوام من عثمان بن عفان وسياسته في المال والإدارة والآن نأتي إلى دور الزبير بن العوام وموقفه من عثمان رضي الله عنهما وسامحهما وحقيقة لا بد هنا من القول: أن موقف الزبير كان عاقلاً إلى حد بعيد.. وليس له حماس أم المؤمنين عائشة ولا طلحة بن عبيد الله... فلم يشارك في فتوى ولا محاصرة ولا تحريض.. ( وكان عثمان قد أحسن إليه واجازه بستمائة الف درهم وقد بها العراق واصبح تاجراً، إلا أن موقف عثمان من ابن مسعود وما جرى له من ضرب على يد موالي عثمان وحاشيته، ووصية ابن مسعود إلى الزبير بأيتامه، ووصية ابن مسعود للزبير إلا يصلي عليه عثمان، وما جرى بين الزبير وبين عثمان في هذا الشأن بما يخص عطاء أيتام ابن مسعود، ربما أسهم هذا أو أفسد إحسان عثمان إليه) إلا أن معارضته لم تبلغ معارضة عائشة وطلحة بل لا تبلغ معارضته كمعارضة عمار أوأبي ذر أوابن مسعود.. فهؤلاء الثلاثة أكثر حماساً من الزبير في الإنكار على عثمان .. ولكن بما أن طلحة والزبير يذكران معاً ، وشهد الجمل معاً، فقد ظن الناس أن نسبة معارضة الزبير لعثمان أو حتى خصومته للإمام علي هي كطلحة وعائشة... وهذا غير صحيح.. لذلك لا أستطيع أن أسمي معارضته ( تحريضاً) كما يقال في تحريض أم المؤمنين عائشة وطلحة بن عبيد الله إلا أنه معارض لسياسة عثمان وكفى.. وهذا يجعله في الصف الآخر المعارض لعثمان.. وكذلك علي بن أبي طالب .. معارض لسياسة عثمان لكنه ليس محرضاً عليه.. وهذا القسم الثاني من الصحابة ليسوا محايدين بين عثمان والثوار كلا.. هم يرون أن الثوار على حق في مطالبهم، وان مطالبهم شرعية وأن سبب الفساد هم ولاة عثمان وحاشيته وتصرفاته في الأموال والإدارة (وهذا معنى الحديث: فساد أمتي على أيدي أغليلمة سفهاء من قريش) فهؤلاء الولاة هم سبب مقتل عثمان، وسبب الفتنة، وسبب التحريف الثقافي والعلمي والروائي.. إلا ان هؤلاء الصحابة المعتدلين في معارضة عثمان لم يحاصروا ولم يحرضوا ولم يرموا بسهم ولم يمنعوا ماء ولم يفتوا بقتوى ضد عثمان..الخ وعلى كل حال سنعرض - بعد قليل- الروايات في معارضة الزبير لعثمان ثم أنتم تحكمون هل الحق معي في فصله عنهما أم أنه تخطى مرحلة المعارضة والإنكار إلى التحريض والحصار... وهذا التفصيل واجب عند من يقتنع به.. أعني ليس من شأن أهل العلم - والمتشبهين بهم أمثالنا- خلط الأوراق..وحشر الناس في قالب واحد دون تفصيل، كلا.. وانا احاول ان أكون دقيق الالفاظ، وقد أفشل أحيايناً، لكن لعل أكثركم تابعني في موضوعات كثيرة ومنها موضوع النصب مثلاً، فتلحظون أنني أقول : وفلان فيه نصب، وكلمة فيه نصب ليست ككلمة ناصبي، وغذا قلت فلان ناصبي فغالباً أعقب بقولي: ولكن نصبه من النصب الخفيف بجهل وتقليد وليس كنصب فلان عن تعمد وعلم.. بينما هؤلاء إذا أطلقوا كلمة ( رافضي) أو ( علماني) فحدث ولاحرج! والدقة أراها من امانة العلم وأمانة الكلمة وغفر الله لنا تقصيرنا في ذلك.. يتبع : الروايات في معارضة الزبير لعثمان... يتبع |
[ ص: 132 ] الأصم : حدثنا أبي ،سمعت ابن راهويه يقول : لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فضل معاوية شيء . ابن فضيل : حدثنا يزيد بن أبي زياد ، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص ، عن أبي برزة ; كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمع صوت غناء ، فقال : انظروا ما هذا ؟ فصعدت فنظرت ، فإذا معاوية وعمرو بن العاص يتغنيان ، فجئت فأخبرته ، فقال : اللهم أركسهما في الفتنة ركسا ، ودعهما في النار دعا . سير أعلام النبلاء محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي http://www.islamweb.net/newlibrary/d...d=60&startno=3 |
ويروى أنمحمد بن أبي بكرطعنه بمشاقص في أذنه حتى دخلت حلقه . والصحيح أن الذي فعل ذلك غيره ، وأنه استحيى ورجع حين قال له عثمان : لقد أخذت بلحية كان أبوك يكرمها . فتذمم من ذلك وغطى وجهه ورجع وجاحف دونه فلم يفد ، وكان أمر الله قدرا مقدورا وكان ذلك في الكتاب مسطورا . [ ص: 309 ] وروى ابن عساكر ، عن ابن عون ، أن كنانة بن بشر ضرب جبينه ومقدم رأسه بعمود حديد ، فخر لجنبه ، وضربه سودان بن حمران المرادي بعد ما خر لجنبه فقتله ، وأما عمرو بن الحمق فوثب على عثمانفجلس على صدره وبه رمق ، فطعنه تسع طعنات وقال : أما ثلاث منهن فلله ، وست لما كان في صدري عليه . http://www.islamweb.net/newlibrary/d...k_no=59&ID=914 البداية والنهايةوذكر ابن جرير أن شريح بن هانئ - مقدم جيش علي - وثب على عمرو بن العاص فضربه بالسوط ، وقام إليه ابن لعمرو فضربه بالسوط ، وتفرق الناس في كل وجه إلى بلادهم ، فأما عمرو وأصحابه فدخلوا على معاوية ، فسلموا عليه بتحية الخلافة ، وأما أبو موسى فاستحيى من علي فذهب إلى مكة ، ورجع ابن عباس وشريح بن هانئ إلى علي ، فأخبراه بما فعل أبو موسى وعمرو ، فاستضعفوا رأي أبي موسى ، وعرفوا أنه لا يوازن عمرا . فذكر أبو مخنف ، عن أبي جناب الكلبيأن عليا لما بلغه ما فعل عمرو كان يلعن في قنوته معاوية ، وعمرو بن العاص ، وأبا الأعور السلمي ، وحبيب بن مسلمة ، والضحاك بن قيس ، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، والوليد بن عتبة ، فلما بلغ ذلك معاوية أيضا ، كان يلعن في قنوته عليا وحسنا وحسينا وابن عباس والأشتر النخعي . |
بمناسبة الموضوع اليوم شاهدت عى قناة الجزيرة حوار حول المسلسل استضافوا رجل من الطرف الوهابي الناصبي و من الطرف المعارض امرأة من العراق و كان دفاعها عن موقف المسلمين قويا جدا بينما الآخر المدافع عن الجانب الناصبي الوهابي على النقيض و خاصة عندما ذكر انهم اخذوا براي العلماء بينهم الصلاّبي بينما الصلابي رجل ناصبي كذاب جدا و قد كان يستشهد في كتابه عن معاوية بأحاديث لا وجود لها في مدح ابن هند آكلة الاكباد و تغاضى هذا الرجل عن علماء الأزهر و الذين هم من يجب الأخذ برايهم يعني المسلسل قام على مخالفة المسلمين جميعا و موافقة اليهود النواصب فقط |
الرواية الأولى : رواية أبي سعيد مولى أبي اسيد الساعدي وهي تتعلق بموقف الزبير من الاحتكار وإنكاره على عثمان: ففي المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني - (ج 9 / ص 359) قال إسحاق ( ابن راهويه ثقة) : أنا معتمر بن سليمان ( ثقة) ، سمعت أبي (ثقة) يقول : أنبأنا أبو نضرة (ثقة) ، عن أبي سعيد يعني مولى بني أسيد (ثقة وهو شاهد عيان) : أن عثمان ، نهى عن الحكرة ، فلم يزل الرجل يستشفع حتى يترك مولاه ، فدخل الزبير بن العوام السوق فإذا هو بموالي بني أمية يحتكرون ، فأقبل عليهم ضربا ، فبينا هو كذلك ، إذ بعثمان مقبلا على بغلة أو على دابة فمشى إليه فأخذ بلجام البغلة فهزه هزا شديدا وأراه قال له : إنك وإنك ، غير أنه اشتد عليه في القول ، ثم تركه فلما نزل ألقيت له وسادة فجلس عليها ، وجاء الزبير فسلم عليه ، وقال : والله يا أمير المؤمنين ، إني لأعلم أن لك علي حقا ، ولكني رجل إذا رأيت المنكر لم أصبر . فقال له عثمان : اجلس ، فأجلسه على الوسادة إلى جنبه التعليق: السند صحيح.. ومعارضة الزبير هنا عاقلة.. كما ترون.. وهي تبين شخصية الزبير .. أنه شريع الغضب مع طيبة قلب .. وسنرى في موقعة الجمل كيف ذكره الإمام علي بحديث فرجع ولم يقاتل .. وهذه الرواية لا تصلح وحده في معارضة الزبير لعثمان، بل إنما اوردتها لبيان شخصية الزبير وأنها تختلف عن شخصية طلحة وعائشة... فهذان الاثنان كانت فيهما حدة شديدة وغضب سريع ولا ينسيان .. غفر الله للجميع.. والرواية أيضاً تبين أن بني أمية كانوا يتصرفون بما يستفز الناس محتمين بعثمان وخلافته..حتى وغن لم يقرهم ولا يرضى أفعالهم لكنهم يفعلون في المدينة ما لا يرضاه عثمان اعتماداً منهم على رقة عثمان معهم وحبه لهم وتركه معاقبتهم... وإذا كان هؤلاء يفعلون في المدينة ما لا يرضي عثمان حتى أنهم كتبوا على لسانه وختموا بختمه وبعثوا بغلامه في قتل زعماء الثورة فكيف سيكون تصرف ولاة عثمان؟ اعني إذا كانت موالي بني أمية لا تخشى عقوبة عثمان فكيف بالأمراء الكبار والحاشية المتنفذة؟ لابد أن يستحكم الفساد ويستطيلون على عباد الله ويكثرون من كنز الأموال ويعاقبون بغير الشريعة وكل هذا قد حصل وستلاحظونه في استعراض الروايات... كان الأولى بالمسلسل والقائمين عليه أن يغوص في هذه الأمور ويكشفها وسيجد فيها كثيراً من أعذار عثمان قد تكون أكثر أعذار عثمان هي في حبه لقرابته وستامحه معهم وأمنهم عقوبته.. وهذا بخلاف عمر وعلي فقد كانا شديدين على قرابتهما إن اساء أحد منهم استخدام القرب من الخليفة.. يتبع. |
تنبيه: لن نكرر ما اشترك فيه مع طلحة من الروايات التي سبقت في موقف طلحة كرواية ابن الأخنس وابن عباس وأقوال علي بن أبي طالب.. الروايةالثانية : رواية البلاذري زهي تبين شدة الزبير على عثمان فقط... وقد أقدم بعض الروايات الضعيفة الإسناد كهذه على الروايات القوية لجاهزيتها الآن.. ففي أنساب الأشراف - (ج 2 / ص 258) وجدت في كتاب لعبد الله بن صالح العجلي: ذكروا أن عثمان نازع الزبير، فقال الزبير: إن شئت تقاذفنا فقال عثمان: بماذا؟ بالبعر يا أبا عبد الله؟ قال: لا والله ولكن بطبع خبابٍ وريش المقعد، وكان خباب يطبع السيوف وكان المقعد يريش النبل. زهر الأكم في الأمثال و الحكم لليوسي - (ج 1 / ص 77) فتكالم الزبير وعثمان فقال الزبير: إن شئت تقاذفنا قال ( عثمان): أبالبعر، يا أبا عبد الله؟ فقال الزبير: بل بضرب خباب وريش المقعد أي نتقاذف بالسيف والسهام. القاموس المحيط - (ج 1 / ص 53) فقال الزُّبَيْرُ: إن شِئْتَ تَقاذَفْنا، فقال: أَبِالبَعَرِ يا أبا عبدِ الله؟ قال: بل بِضْرَبِ خَبَّابٍ ورِيشِ المُقْعَدِ، والمُقْعَدُ: كانَ يَرِيشُ السِّهَامَ. تاج العروس - (ج 1 / ص 442) وخَبَّابٌ كشَدَّادٍ اسمُ قَيْنٍ بِمَكَّةَ زِيدَتْ شَرَفاً كانَ يَضْرِبُ السُّيوفَ الجِيَادَ ويَدُقُّهَا حتى ضُرِبَ به المَثَلُ ونُسِبَتْ إليه السُّيُوفُ ومِمَّا ذَكَرَ أَهْلُ التَّوَارِيخِ أَنْ تَكَالَمَ الزُّبَيْرُ وعُثْمَانُ رَضِيَ الله عنهما في أَمْرٍ منَ الأُمُورِ فقالَ الزُّبَيْرُ : إنْ شِئتَ تَقَاذَفْنَا مِنَ القَذْفِ وهو الرَّمْيُ فَقَالَ عُثْمَانُ : أَبِالْبَعَرِ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ ؟ كأَنَّهُ اسْتَهْزَأَ بِهِ! قَالَ : بَلْ " بِضَرْبِ خَبَّابٍ ورِيشِ المُقْعَدِ يَعْنِي بضَرْبِ خَبَّابٍ السَّيْفَ وبرِيشِ المُقْعَدِ النَّبْلَ والمُقْعَدُ على صِيغَةِ المَفْعُولِ : اسمُ رَجُلٍ كَانَ يَرِيشُ السِّهَام اهـ |
الرواية الثالثة: رواية ابن جعدبة: قال البلاذري : حدثني المدائني عن ابن الجعدبة قال : مر علي بدار بعض آل أبي سفيان فسمع بعض بناته تضرب بدف وتقول : ظلامة عثمان عند الزبير * وأوتر منه لنا طلحه هما سعراها بأجذالها * وكانا حقيقين بالفضحه فقال علي : قاتلها الله ، ما أعلمها بموضع ثأرها؟ اهـ قلت: السند ضعيف ومرسل.. ولكن مع كثرة الروايات هل تدل على معارضة؟ سننظر.. |
يجب متابعة هذه الأبواب لأننا سنضيف إليها باستمرار.. فمثلاً هنا: كان الزبير من الذين اشتركوا في الإنكار على عثمان تولية الوليد بن عقبة وعزل سعد بن أبي وقاص.. فالوليد بن عقبة أموي فاسق وسعد بن أبي وقاص مهاجري بدري صالح.. فأنكر الزبير مع آخرين كسعد نفسه وعلي وطلحة على عثمان تولية هذا الفاسق والرويات كثيرة وأحسنها سياقاً ما رواه البلارذي في أنساب الأشراف - (ج 2 / ص 265) قال : حدثني عباس بن هشام عن أبيه عن أبي مخنف / ومحمد بن سعد عن محمد ابن عمر الواقدي: أن عمر بن الخطاب أوصى أن يقر عُماله من ولي الأمر بعده سنة وأن يولي سعد بن أبي وقاص الكوفة، ويقر أبا موسى الأشعري على البصرة، فلما ولي عثمان عزل المغيرة بن شعبة وولى سعداً الكوفة سنةً ثم عزله وولى أخاه لأمه الوليد بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية، فلما دخل الكوفة قال له سعد: يا أبا وهب، أأمير أم زائر؟ قال: لا بل أمير! فقال سعد ما أدري ( أكست بعدنا أم) أحمقت بعدك؟ قال: ما حمقت بعدي ولا كست بعدك، ولكن القوم ملكوا فاستأثروا! فقال سعد: ما أراك إلا صادقاً! وقال الناس: بئسما ابتدلنا به عثمان، عزل أبا إسحاق الهين اللين الحبر، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وولى أخاه الفاسق الفاجر الأحمق الماجن، فأعظم الناسُ ذلك! وكان الوليد يُدعى الأشعر بركأ، والبرك الصدر. وعزل أبا موسى عن البصرة وأعمالها وولى عبد الله بن عامر بن كريز، وهو ابن خاله فقال له عليّ بن أبي طالب وطلحة والزبير: ألم يوصيك عمر ألا تحمل آل مُعيط وبني أمية على رقاب الناس؟ فلم يُجبهم بشيْ. اهـ التعليق ولا تصدقون هؤلاء في تضعيفهم المؤرخين الأحرار كالواقدي والمسعودي والكلبي وأبي مخنف وغيرهم.. نعم هؤلاء ق يروون الضعيف والصحيح لكنهم ثقات فيما ينقلونه وإذا أتى ضعف فإنما هو ممن رووا عنه او من انقطاع في الرواية أو قلة حفظ أو اختلاط الخ.. مثلما نحن يكذبوننا ونحن صادقون ولكننا قد نروي ما لا يصح ليس لأننا افتريناه ولكن لأننا وثقنا في مصدر لم يكن موثوقاً.. وعملهم وعملنا يشبه عمل المراسلين الصحفيين فالمراسل قد يوروي خبراً عن مواطن في مظلمة أو عن مسئول في مكرمة ثم قد يكذب ذلك المواطن أو يزيد في الخبر... وقد يكذب ذلك المسئول أو ينقص في الخبر.. فما ذنب المراسل إذا كان قد وثق الخبر في تسجيل صوتي.. أما الحمقى فسيعاقبونه وأما العقلاء فسيبرؤونه.. وغلاة السلفية يذمون الواقدي وأبي مخنف والكلبي وأمثالهم لأنهم صادقون وينقلون الأخبار كلها ما نحب منها وما نكره.. وأما الذين يكتمون بعض التاريخ ويبيحون ببعض فهذا يوثقونه ويوصون به.. بمعنى يكذب الصادق ويؤتمن الخائن.. وهذه من علامات القرن الثالث ومن بعدهم كما قال حذيفة بن اليمان ( خذو الحديث حلوه بمره، ولا يصلح حلوه إلا بمره، فسيأتي بعدكم قوم يأخذون حلو الحديث ويدعون مره)! وترك الأخبار المؤسفة ونشر المفرحة هي من عادات الأطفال فالطفل يحب مثل هذه الأخبار المثالية.. وكذلك العامة يتألمون جداً إذا قام بطل المسلسل بعمل مشين.. والباحثون في الأمة قليل.. اعني الذين يريدون الحقيقة مهما كانت .. حتى يبنون عليها فهم كل شيء.. .. ومن خلال بحثي الطويل الهاديء وجدت أن كثيراً مما يضعفهم هؤلاء إنما ضعفوهم لحريتهم وأمانتهم وأن كثيراً ممن وثقهم هؤلاء إنما وثقوهم لخيانتهم .. خذوا هذا القول مني الآن وقولوا مجنون! لكن إن وجدتم حقيقته ولو بعد دهر فادعو لي ولو بعد موتي.. |
الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام الساعة الآن: 02:13 PM. بحسب توقيت النجف الأشرف |
Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024