منتديات أنا شيعـي العالمية

منتديات أنا شيعـي العالمية (https://www.shiaali.net/vb/index.php)
-   المنتدى العقائدي (https://www.shiaali.net/vb/forumdisplay.php?f=30)
-   -   من هو معاوية بن ابي سفيان ؟؟؟؟؟؟؟؟ (https://www.shiaali.net/vb/showthread.php?t=34660)

ملاعلي 19-08-2008 01:53 AM

من هو معاوية بن ابي سفيان ؟؟؟؟؟؟؟؟
 
بسم الله الرحمن الرحيم

وأفلح من صلى على محمد وأل محمد

اخواني واخواتي حياكم الله وأسعد الله ايامكم بالمن والبركات


سوف يكون بهذا البحث الجميل الذي يتجزء بحلقات سوف اطرحه لكم خلال اسبوع او اكثر ولكن سوف انتهي به قبل حلول رمضان انشالله لاني سوف اذكر سيرة عمر بن الخطاب والان لنبين تاريخ هذا الانسان الذي ظلم أل بيت محمد (ص) وأوصل الدين الاسلامي على الهلاك هو معاوية بن ابي سفيان الاموي من أل أمية الشجرة الملعونه بالقران الكريم وسوف اوضح لكم حياة هذا الانسان حياته وتاريخه الى هلاكه وننظر الى من يدافعون عنه ويعتبرونه خالهم وهو بالاحراء خالي من الانسانية وبرئ منه الدين الاسلامي حيث يقولون فيه خال المسلمين بل هو خال الكفار المنافقين ومن يحبه ويدافع عنه انشالله يحشر معه في اسفل السافلين .


وهذه نبذة بسيطة لمعاوية بن ابي سفيان


نسب معاوية

هو معاوية بن ابي سفيان صخر بن حرب بن امية ابن شمس بن مناف بن قصى وامة هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي .

تربية معاوية

ولد معاوية في بيت يجمع صخر بن حرب وهند بن عتبة وهذا يعني ان فرصة تربيته تربية سليمة ضئيلة جدا لان الابوين المذكورين معروفان بالفجور وليس اخطر على الطفل من ان يتربي بين ابوين سهل عليهما الزنا .

اسلام معاوية

بما ان معاوية بن ابي سفيان قد استولي على الحكم بعد شهادة الامام علي بن ابي طالب عليه السلام وقد تعود مؤرخو المسلمين الدفاع عن كل من وصل الى الحكم فقد حاول بعضهم اثبات اسلامه قبل فتح مكة وهي محاولة لانصيب لها من النجاح لكون احوال معاوية معلومة قبل الفتح وبعده وقد اكد معاوية ذلك باعماله في ايام حكمه ومن الادلة على بطلان ذلك ان النبي الاكرم (ص) عده يوم حنين من المؤلفة قلوبهم وقسم له معهم فلو كان اسلامه قبل فتح مكة لما عد في المؤلفة قلوبهم .

اسالكم الدعاء

Majed 19-08-2008 02:09 AM

هو خال المؤمنين كاتب الوحي

وكفى به فخراً


* فرصة سعيدة عزيزي .

باغي الخير 19-08-2008 02:56 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة majed (المشاركة 454849)
هو خال المؤمنين كاتب الوحي

وكفى به فخراً


* فرصة سعيدة عزيزي .

لا تتعب نفسك معه أخي ماجد .....
أسفهه وطنشه .....

بنت الغريب 19-08-2008 06:35 AM

وليش مايتعب نفسه معاه هو قاعد يقول النسب
طيب انتو قولو نسبه

باغي الخير 19-08-2008 08:27 AM

يعني لو قلنا نسبه وعددنا فضائله ومدحناه ..... بتقتنعون....
هذا من الأشياء التي جزمت بإستحالتها .... فالحوار معكم عقيم... وخصوصاً في هذه الأمور...
كوني بخير...

الهداية 19-08-2008 11:49 AM

وإن سلمنا بأنه من مسلمة الفتح 00 فهل هذا يقلل من شأن صحبته رضي الله عنه

هو القائل : والله لا أخير بين أمرين ، بين الله و بين غيره إلا اخترت الله على سواه

لما قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه و جاء الحسن بن علي رضي الله عنهما إلى معاوية ، فقال له معاوية : لو لم يكن لك فضل على يزيد إلا أن أمك من قريش و أمه امرأة من كلب ، لكان لك عليه فضل ، فكيف و أمك فاطمة بنت رسول صلى الله عليه وسلم



ملاعلي 19-08-2008 04:05 PM

ندري ان معاوية خالكم لذلك لانحترمه المهم

الاحاديث التى دخل التاريخ به معاوية

لعن الله القائد والراكب والسائق هذا خال المسلمين ملعون مع العائلة اللعينه

تأريخ الطبري .. قال رسول الله (ص) وقد رأى ابوسفيان مقبلا على حمار ومعاوية به ويزيد ابنه يسوق به: لعن الله القائد والراكب والسائق, وقال (ص) يطلع من هذا الفج رجل من أمتي يُحشر على غير ملتي , فطلع معاوية , وقال (ص) إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه , وقال (ص) إنّ معاوية في تابوت من نار في أسفل درك من النار .. الى آخر الاحاديث ولاحظ ان الطبري يلعن أبوسفيان ومعاوية ويزيد ويسميهم أئمة الكفر وقادة الضلال وأعداء الدين ويتبرأ منهم ولاحظ ان الطبري يقول ان يزيد كان متكبر خمير صاحب الديوك والفهود والقرود وهو صاحب الابيات المشهورة : ليت أشياخي ببدر شهدوا .. الخ

الى النار وبئس المصير

سمع رسول الله رجلين يتغنيان وأحدهما يُجيب الآخر فقال النبي (ص) إنظروا من هما؟ فقالوا فلان وفلان ( لاحظوا انهم ابدلوا اسم معاوية وعمر بن العاص) الى: فلان وفلان فقال النبي(ص) اللهم اركسهما ركساً ودعهما الى النار دعّا .. علماً أن الطبعات القديمة تُصرح بإسمي معاوية وعمر بن العاص .

لا اشبع الله بطنه لعنه الله

قال ابن كثير في البداية والنهاية ج 6 ص 189 ثبت في صحيح مسلم من حديث شعبة عن ابي حمزه عن ابن عباس قال : كنت العب مع الغلمان فجاء النبي (ص) فاختبأت منه ، فجاءني فحطاني حطوة او حطوتين وارسلني الى معاوية في حاجة ، فاتيته وهو يأكل ، فقلت : اتيته وهو يأكل ، فارسلني الثانية فاتيته وهو يأكل، فقلت : اتيته وهو يأكل ، فقال ، لا اشبع الله بطنه . وقد كان معاوية لايشبع بعدها ووافقته هذه الدعوة في ايام امارته فيقال انه كان ياكل في اليوم سبع مرات طعاما بلحم وكان يقول : والله لا اشبع وانما اعيى .


ومن حقد معاوية على امام زمانه الامام علي كبير جدا انظروا

قال ابن ابي الحديد : لما بويع علي (ع) كتب الى معاوية : اما بعد فان الناس قتلوا عثمان عن غير مشورة مني وبايعوني عن مشورة منهم واجتماع ، فاذا اتاك كتابي فبايع لى ، واوفد الى اشراف اهل الشام قبلك . فلما قدم رسوله على معاوية وقرأ كتابه ، بعث رجلا من بني عميس ، وكتب معه كتابا الى الزبير بن العوام فيه : بسم الله الرحمن الرحيم ، لعبدالله الزبير امير المؤمنين من معاوية بن ابي سفيان : سلام عليك ، اما بعد فاني قد بايعت لك اهل الشام ، فاجابوا واستوسقوا ،كما يستوسق الجلب ، فدونك الكوفة والبصرة ، لا يسبقك اليهاابن ابي طالب ، فانه لا شئ بعد هذين المصرين ، وقد بايعت لطلحة بن عبيد الله من بعدك ، فاظهرا الطلب بدم عثمان وادعوا الناس الى ذلك وليكن منكما الجد والتشمير ، اظفلركما الله ، وخذل منائكما فلما وصل هذا الكتاب الى الزبير سر به واعلم به طلحة واقراه اياه ، فلما يشكا في النصح لهما من قبل معاوية ، واجمعا عند ذلك على خلاف علي (ع) .





عاشق الحسين يا حسين 19-08-2008 08:00 PM

بارك الله فيك و في قلمك المنير
للأمام و في إنتظار المزيد

ملاعلي 20-08-2008 01:32 AM

شاكر حضورك الكريم اخوي عاشق الحسين يا حسين


كيف يكون معاوية صحابي جليل وقد سب الله ورسوله ( ص )


أمر ‏‏ معاوية بن أبي سفيان ‏ ‏سعدا ‏ ‏فقال ما يمنعك أن تسب ‏ ‏أبا تراب‏ ‏قال أما ما ذكرت ثلاثا قالهن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فلن أسبه لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من ‏ ‏حمر النعم ‏ ‏سمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول ‏ ‏لعلي ‏ ‏وخلفه في بعض مغازيه فقال له ‏ ‏علي ‏ ‏يا رسول الله تخلفني مع النساء والصبيان فقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أما ‏ ‏ترضى أن تكون مني بمنزلة ‏ ‏هارون ‏ ‏من ‏ ‏موسى ‏ ‏إلا أنه لا نبوة بعدي وسمعته يقول يوم ‏ ‏خيبر ‏ ‏لأعطين ‏ ‏الراية ‏ ‏رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله قال ‏ ‏فتطاولنا ‏ ‏لها فقال ادعوا لي ‏ ‏عليا ‏ ‏فأتاه وبه رمد فبصق في عينه فدفع ‏ ‏الراية ‏ ‏إليه ففتح الله عليه وأنزلت هذه ‏ ‏الآية ‏
‏ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم ‏
‏الآية دعا رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏عليا ‏ ‏وفاطمة ‏ ‏وحسنا ‏ ‏وحسينا ‏ ‏فقال اللهم هؤلاء أهلي .

وقال رسول الله ( ص ) : ( يا علي من سبك فقد سبني ، ومن سبني فقد سب الله ))


فكيف يكون معاوية صحابي جليل وقد سب الله ورسوله ( ص )

وكيف لا يجوز لعنه وهو من النار

(( عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا علي من سبك فقد سبني، ومن سبني فقد سب الله، ومن سب الله أكبه على منخريه في النار )) .

مسند أحمد 6: 323 / الحديث 26208 بسنده عن أم سلمة مختصرا، والمستدرك للحاكم 3: 121، والصواعق المحرقة: 123، وذخائر العقبى: 66، وقال: أخرجه أبو عبد الله الحلاني، وقال: وخرج الإمام أحمد منه من حديث أم سلمة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من سب عليا فقد سبني.


ملاعلي 20-08-2008 01:35 AM

وهنا نبذة سريعة لمن اقتالهم معاوية من اصحاب الامام علي وانشالله نأتي بالتفصيل بالمستقبل

معاوية يغتال أصحاب علي عليه السلام


وبعد فان المتتبع للتاريخ يرى ان الشيعة اصحاب علي ( عليه السلام) كانوا من ابرز الناس من حيث العلم والتقوى . كيف لا وقد تربوا في حجر سيد البلغاء والزاهد العادل ابي الحسن علي بن ابي طالب ( عليه السلام) وفيهم صحابة الرسول امثال عمار وهاشم المرقال هؤلاء هم الشيعة حقا ، ولم يكتف معاوية بقتل من قتل في حرب صفين فانه عندما تسلط على رقاب المسلمين اخذ يتتبع الشيعة الموالين لعلي ( عليه السلام) ويوقع القتل بهم ولعل المرء يصاب بالذهول وهو يتامل اسماء الصحابة والتابعين ذوي المنازل الرفيعة والمكانة السامية والدور الجليل في خدمة الاسلام واهله كيف سقطوا صرعى بسيف الامويين لالشئ إلا لأنهم شيعة علي ( عليه السلام) ، ومن اولئك

1ـ حجر بن عدي ، الذي قبض عليه زياد بعد هلاك المغيرة سنة 51 هجرية ، وبعثه مع اصحابه الى الشام بشهادة مزورة وفرية ظالمة كان يراد منها قتله .
يقول المسعودي ( في سنة ثلاث وخمسين قتل معاوية حجر بن عدي الكندي وهو اول من قتل صبرا في الاسلام ـ وحمله زياد من الكوفة ومعه بسعة نفر من اصحابه من اهل الكوفة واربعة من غيرها …..) كما ذكر مقتله ابن جرير الطبري في تاريخه في احداث سنة 51 .

2ـ عمر بن الحمق ، احد الصحابة العظماء وصفه الامام الجسين سيد الشهداء ( عليه السلام) بانه : ابلت وجهه العباده قتله معاوية بعدما اعطاه الامان .
سير اعلام النبلاء 4/34 ـ 35 برقم 6

3ـ مالك الاشتر ، ملك العرب واحد اشرف رجالاتها وابطالها كان شهما مطاعا وكان قائد القوات العلوية قتله معاوية بالسم في مسيره الى مصر بيد احد عماله ،( شذرات الذهب ) .

4ـ رشيد الهجري ، كان من تلاميذ الامام علي ( عليه السلام) وخواصه عرض عليه زيادة البراءة من علي ( عليه السلام) واللعن ، فأبى فقطع يديه ورجليه ولسانه وصلبه حنقا ( شرح نهج البلاغة 2/ 294 )

5ـ جويرية بن مسهر العبدي ، اخذه زياد وقطع يديه ورجليه وصلبه على جذع نخلة ، ( شرح نهج البلاغة 2/ 290 ـ 291 ).


وهكذا كثير من الشيعة قضى عليهم معاوية لا لسبب إلا حبهم وولائهم لأمير المؤمنين ( عليه السلام) واستقامتهم وتمسكهم بالدين الاسلامي الحنيف . فانا لله وانا اليه راجعون …


ملاعلي 22-08-2008 09:11 PM

الذين قتلهم معاوية

شعار معاوية المعروف: (إن لله جنوداً من عسل) ! قاله عندما نجح في دسَّ السُّمَّ في العسل لمالك الأشتر حاكم مصر . كما في المستطرف ص352 ، وغيره ، ونسبه بعضهم الى صاحبه عمرو بن العاص ، كما في تاريخ بخاري:7/311 .


لكن الشعار الأكثر تعبيراً عن منهجه هو: (لاجدَّ إلا ما أقْعَصَ عنك من تكره) ! ومعناه: لايوجد في الدنيا حظٌّ تفرح به (أو عمل جدي) مثل أن تقتل عدوك وتخمده في مكانه ، فتزيحه من طريقك ! فذلك أجمل ما في الحياة !

ففي جمهرة الأمثال:2/376 ، و385: (لاجدَّ إلا ما أقعص عنك من تكره) ! يقول: الجد ما قتل من تعاديه فاسترحت منه . والمثل لمعاوية رضي الله عنه ! أخبرنا أبو أحمد عن الجوهري ، عن أبي زيد ، عن عبد الله بن محمد بن حكيم ، عن خالد بن سعيد ، عن أبيه قال: لما أراد معاوية أن يعقد ليزيد قال لأهل الشام: إن أمير المؤمنين قد كبر ودنا من أجله فما ترون ، وقد أردتم أن أولِّي رجلاً بعدي؟ فقالوا: عليك عبد الرحمن بن خالد ، فأضمرها ! واشتكى عبد الرحمن فأمر ابن أثال طبيباً كان له من عظماء الروم فسقاه شربة فمات ، فبلغ معاوية فقال: ما الجد إلا ما أقعص عنك من تكره . وبلغ حديثه ابن أخيه خالد بن المهاجر فورد دمشق مع مولى له يقال له نافع ، فقعد لابن أثال ، فلما طلع منصرفاً من عند معاوية شد عليه وضربه خالد ، فطلبهما معاوية فوجدهما ، فقال معاوية: قتلته لعنك الله قال: نعم قتل المأمور وبقي الآمر) ! (وفي طبعة لجمهرة الأمثال:ص627 ، والمجالسة وجواهر العلم:1/316 والأمثال للميداني:1/630، وفي طبعة ص671، وفي طبعة:2/252 ، والمستقصى في أمثال العرب للزمخشري ص334 ، وطبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة:1/154: وفيه: (فاشتكى عبد الرحمن فسقاه الطبيب شربة عسل فيها سم فأخرقته). ثم ذكر سمَّه للأشتر رحمه الله وللإمام الحسن عليه السلام بشئ من التفصيل . والمنمق في أخبار قريش لابن حبيب:1/172، روى قصته بتفصيل وذكر أن المهاجر بن أخ خالد كان شيعياً شهد صفين مع علي عليه السلام . والتذكرة الحمدونية ص1497 ، وذكر قوله: لله جنود من عسل، عندما قتل الأشتر . والمستطرف ص 154، روى عن أبي عبيد القاسم بن سلام: سمَّهُ لعبد الرحمن بن خالد ومالك الأشتر ، والمثلين . ونحوه في تاريخ دمشق:19/189).

وفي مجمع الأمثال:2/215: (يقال ضربه فأقعصه أي قتله مكانه . يقول: جدك الحقيقي مادفع عنك المكروه ، وهو أن تقتل عدوك دونك ! قاله معاوية حين خاف أن يميل الناس إلى عبدالرحمن بن خالد بن الوليد ، فاشتكى عبدالرحمن فسقاه الطبيب شربة عسل فيها سم فأخرقته ، فعند ذلك قال معاوية هذا القول) !

وفي محاضرات الأدباء للراغب:1/531 وفي طبعة 472: (قال معاوية لما أتاه خبر موت أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه: لا جدَّ إلا ما أقعص عنك). انتهى .



ثقافة القتل اليهودية والأموية !


بدأ التعقيد في اليهود بحالات شخصية ، ثم وصل الى حالة تعقيد في مجتمعهم ! فصار أول ما يفكر فيه أحدهم في شأن خصمه: أن يقتله ! ومن هنا نشأ تفنن اليهود في القتل وسفك الدماء ، وتنويعهم لأساليب الإغتيال المباشرة وغير المباشرة ! وقد وصفهم الله تعالى بأنهم قتلة الأنبياء^والأخيار: لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاتَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ . (المائدة:70) سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ .(آل عمران:181) قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ .(البقرة:91).

إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يأامُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ....(آل عمران:21) . قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ . (الأعراف:150) .

وأسوأ أنواع القتل ما كان بسبب الحسد ، وهو الذي دفع ابن آدم الى قتل أخيه ! وهو شائع في بني إسرائيل ، ولذا ذكر الله تعالى في القرآن جريمة قابيل ، ثم قال: مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا . (المائدة:32)

ومنه حسد إخوة يوسف له وتفكيرهم بقتله: إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ . اُقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ . (يوسف:8-9) .


كما وبخهم الله تعالى لقتل بعضهم البعض: ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالآثْمِ وَالْعُدْوَانِ . البقرة:85

واشتهرت قصة قتلهم لرجل ورميهم جثته أمام بيوت قبيلة أخرى واتهامهم بقتله: وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارأْتُمْ فِيهَا وَاللهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ . (البقرة:72)

كما ذمهم القرآن لافتخارهم بقصدهم قتل المسيح عليه السلام مع الرومان: وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ (النساء:157).


وبسبب سفكهم الدماء وجدلهم لأنبيائهم وربهم عز وجل ، شدد عليهم العقوبة: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَابُ الرَّحِيمُ . (البقرة:54).

وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا . (النساء:66)


ومن نتائج الأفراط في سفك الدماء: الجبن عن القتال ! وهي من أبرز صفات اليهود: قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ . (المائدة:24).


ولو تأملتَ بني أمية في قريش لوجدتهم نسخةً عن اليهود من أبناء يعقوب ! فهم بنفس التفكير المادي والنفعية ، والتلذذ بقتل الخصوم ، خاصة بالسُّم !


لذلك لاعجب إذا وجدت لهم مع اليهود علاقة أخوية ، قبل الإسلام وبعده ! بل توطدت بعد بعثة النبي صلى الله عليه وآله حتى صارت قرب وفاته تحالفاً ! ولا يتسع المجال للتدليل على هذه الحقيقة الخطيرة التي تحتاج الى دراسة لفعالية اليهود وبني أمية في محاولاتهم قتل النبي صلى الله عليه وآله ، ثم في قتل أبي بكر بالسم ، ثم قتل عمر بواسطة غلام المغيرة ! ثم في قتل علي عليه السلام بدفع الخوارج اليه ! (راجع في سم أبي بكر مع شدة حذره: الطبقات:3/198، وتاريخ دمشق:30/ 409 ، والإصابة:4/149، والرياض النضرة:2/243، ومسائل الإمام أحمدص75 ، والصواعق المحرقة:1/253، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص61).



كم بلغ عدد الذين قتلهم معاوية ؟


كان معاوية حاكم الشام لمدة عشرين سنة ، ثم تسلط على الأمة لمدة عشرية سنة! فكم كان عدد الذين قتلهم في هذه الأربعين سنة (من20-60 هجرية) ؟!


وغرضنا هنا أن نعرض شريطاً لتبني معاوية سياسة القتل ، وأنها منهجه المفضل ، وقد أفرط فيه حتى بدون أسباب مقنعة له نفسه أحياناً ! فكان يقول إنه لايعرف لماذا قتل الصحابي القائد في الفتوحات حجر بن عدي رحمه الله وأصحابه الستة بشكل فجيع: (ما قتلت أحداً إلا وأنا أعلم فيمَ قتلته إلا حجر بن عدي)!! (فيض القدير:4/166) .


1- بلغ عددهم في حرب صفين وحدها أكثر من سبعين ألفاً !

منهم نحو خمسين ألفاً من جيشه ، ونحو خمس وعشرين ألفاً من جيش أمير المؤمنين× ، وفيهم أكثر من مئة من الصحابة ، منهم خمس وعشرون بدرياً .

وقد صرح معاوية عن هدفه من قتاله بقوله: (ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا ولا لتحجوا ولا لتزكوا ، إنكم لتفعلون ذلك ، ولكني قاتلتكم لأتأمَّر عليكم وعلى رقابكم ، وقد أعطاني الله ذلك وأنتم له كارهون ! ألا وإني كنت منَّيت الحسن وأعطيته أشياء ، وجميعها تحت قدمي لا أفي بشئ منها له) ! قال الأعمش: (هل رأيتم رجلاً أقل حياء منه؟ قتل سبعين ألفاً فيهم عمار ، وخزيمة ، وحجر ، وعمرو بن الحمق ، ومحمد بن أبي بكر ، والأشتر ، وأويس ، وابن صوحان ، وابن التيهان ، وعائشة ، وأبي حسان ، ثم يقول هذا ؟!!) . (الصراط المستقيم:3/47)


2- قَتَلَ نحو ثلاثين ألفاً في غارة بسر بن أرطاة على الحرمين واليمن !

لعل أفظع غارات معاوية على بلاد المسلمين في عهد أمير المؤمنين×، غارة بسر بن أرطاة على المدينة ومكة واليمن ، وقد تقدم أن معاوية قال له: (سر حتى تمر بالمدينة فاطرد أهلها ، وأخِفْ من مررت به ، وانهب مال كل من أصبت له مالاً ممن لم يكن دخل في طاعتنا ، وأوهم أهل المدينة أنك تريد أنفسهم ، وأنه لابراءة لهم عندك ولا عذر ، وسر حتى تدخل مكة ولا تعرض فيها لأحد ، وأرهب الناس فيما بين مكة والمدينة ، واجعلهم شرادات ، ثم امض حتى تأتي صنعاء ، فإن لنا بها شيعة ، وقد جاءني كتابهم ! فخرج بسر ، فجعل لا يمر بحي من أحياء العرب إلا فعل ما أمره معاوية ، حتى قدم المدينة...). ( تاريخ اليعقوبي:2/ 197) .

ومن فظائعه في هذه الغارة على اليمن أنه سبى النساء المسلمات! ففي الإستيعاب:1/161: ( ثم أرسل معاوية بسر بن أرطاة إلى اليمن فسبى نساء مسلمات ، فأقمن في السوق) !! (والإكمال للخطيب ص28 ،ونهاية الإرب ص4419) .


وفي الغارات للثقفي ص640: أن بسراً قال لمعاوية بعد عودته من مهمته الإجرامية:

(أحمد الله يا أمير المؤمنين أني سرت في هذا الجيش أقتل عدوك ذاهباً جائياً ، لم ينكب رجل منهم نكبة ، فقال معاوية: الله قد فعل ذلك لا أنت !! وكان الذي قتل بسر في وجهه ذلك ثلاثين ألفاً وحرق قوما بالنار ! فقال يزيد ابن مفرغ:


تعلق من أسماء ماقد تعلقا ومثل الذي لاقى من الشوق أرقا

إلى حيث سار المرء بسر بجيشه فقتل بسر ما استطاع وحرقا


ثم ذكر الثقفي أن علياً×دعا على بسر بن أبي أرطاة فقال: ( اللهم إن بسراً باع دينه بدنياه وانتهك محارمك ، وكانت طاعة مخلوق فاجر آثر عنده مما عندك ! اللهم فلا تمته حتى تسلبه عقله ! اللهم العن معاوية وعمراً وبسراً ، أما يخاف هؤلاء المعاد؟! ....فاختلط بسر بعد ذلك فكان يهذي ويدعو بالسيف فاتخذ له سيف من خشب ، فإذا دعا بالسيف أعطي السيف الخشب فيضرب به حتى يغشى عليه ، فإذا أفاق طلبه فيدفع إليه فيصنع به مثل ذلك ! حتى مات لا رحمه الله) ! انتهى .


3- قَتَلَ الألوف المؤلفة من أولياء الله ، وزعماء العرب وشخصياتهم !

واستعمل معهم أساليب القتل العلني والسري ، المباشر وغير المباشر ، بالسيف والسم ، ووسائل أخرى ، وشملت أوامره بالقتل والتنكيل الأصناف التالية:

الذين لايبايعونه ، أو يبايعونه ولايشهدون أنه أمير المؤمنين .

الذين يَتَصوَّر أنهم قد يثورون عليه .

الذين لايرضون أن يتبرؤوا من علي عليه السلام ويسبوه علناً ، حتى لو بايعوا معاوية .

الذين ارتبطت أسماؤهم بعلي عليه السلام ارتباطاً جعلهم جزءاً منه .

الذين بارزوا فرساناً في حرب صفين وقتلوهم ، أو كان لهم مواقف مميزة فيها .

الذين كان يشعر تجاههم بحقد خاص ، يدفعه الى قتلهم على أي حال .

الذين يلتفُّون حول أولاد علي عليهم السلام ولايقطعون ارتباطهم بهم .

الذين يعترضون على ولاته ، ويعكرون خضوع الأمة له .

الذين عارضوا أو يمكن أن يعارضوا توليته لابنه يزيد .

الذين يروون عن النبي صلى الله عليه وآله ، أو غيره شيئاً في فضائل علي عليه السلام .

الذين يروون شيئاً في الطعن بأبي سفيان أومعاوية أو عثمان أو أبي بكر أو عمر .


وإذا أردنا أن نُقدِّر عدد من قتلهم من هذه الأصناف ، ونأخذ نموذجاً سمرة بن جندب في البصرة ، وزياد بن أبيه في الكوفة ، فربما وصل العدد الى مليون مسلم ! لأن سمرة قتل في البصرة في ستة أشهر فقط ثمانية آلاف أو أكثر !

قال الطبري في تاريخه:4/176: (حدثني محمد بن سليم قال: سألت أنس بن سيرين: هل كان سمرة قتل أحداً ؟ قال وهل يحصى من قتل سمرة بن جندب؟! استخلفه زياد على البصرة وأتى الكوفة ، فجاء وقد قتل ثمانية آلاف من الناس فقال له: هل تخاف أن تكون قد قتلت أحداً بريئاً ؟ قال: لو قتلت إليهم مثلهم ما خشيت ! أو كما قال !... عن أبي سوار العدوي قال: قتل سمرة من قومي في غداة سبعة وأربعين رجلاً ، قد جمع القرآن !) . انتهى .

وكان غياب زياد ستة أشهر ، ففي أنساب الأشراف للبلاذري ص1230: (وكان يقيم بالبصرة ستة أشهر وبالكوفة ستة أشهر ، وكان سمرة يحدث أحداثاً عظيمة من قتل الناس وظلمهم..... كنت واقفاً على رأس سمرة بن جندب فقدم إليه بضعة عشر رجلاً ، فكان يسأل الرجل منهم ما دينك؟ فيقول الإسلام ديني ، ومحمد نبيي ! فيقول: قدماه فاضربا عنقه ، فإن يك صادقاً فهو خير له !!

أقبل سمرة من المربد فخرج رجل من بعض الأزقة فتلقى الخيل ، فحمل عليه رجل من القوم فأوجره الحربة ، ثم مضت الخيل ، ومر به سمرة وهو يتشحط في دمائه ، فقال: ما هذا ؟ فقيل: رجل أصابته أوائل خيل الأمير ، فقال: إذا سمعتم بنا قد ركبنا فاتقوا أسنتنا). انتهى . (ورواه ابن الأثير في الكامل:3/318 ، والعسكري في الأوائل170، ونهاية الإرب ص4451 ، وابن خلدون:3/10) .


أقول: ويعلم الله كم قتل سمرة قبل أن يعزله معاوية عن ولاية البصرة ، ويصير بعد سنة نائباً لابن زياد ، فقد قال سمرة لما عزله معاوية: ( لعن الله معاوية ، والله لو أطعت الله كما أطعت معاوية لما عذبني أبداً) !! (تاريخ الطبري:4/217) .

وسمرة هذا هو الذي شهد فيه النبي’بأنه مضارٌّ مؤذٍ ! ففي الفقيه:3/103، عن الإمام الباقر×قال: (كان لسمرة بن جندب نخلة في حائط بني فلان ، فكان إذا جاء إلى نخلته نظر إلى شئ من أهل الرجل يكرهه الرجل ، قال فذهب الرجل إلى رسول الله’فشكاه فقال يا رسول الله إن سمرة يدخل عليَّ بغير إذني ، فلو أرسلت إليه فأمرته أن يستأذن حتى تأخذ أهلي حذرها منه ! فأرسل إليه رسول الله’فدعاه فقال: يا سمرة ما شأن فلان يشكوك ويقول: يدخل بغير إذني فترى من أهله ما يكره ذلك ، يا سمرة استأذن إذا أنت دخلت ، ثم قال رسول الله’: يسرك أن يكون لك عذق في الجنة بنخلتك؟ قال: لا ، قال: لك ثلاثة ؟ قال: لا ، قال: ما أراك يا سمرة إلا مضاراً ، إذهب يا فلان فاقطعها واضرب بها وجهه).

ورواه في الكافي:5/292 ، وفيه: (إن أردت الدخول فاستأذنْ ، فأبى ! فلما أبى ساومه حتى بلغ به من الثمن ما شاء الله ، فأبى أن يبيع ! فقال: لك بها عذق يُمَدُّ لك في الجنة ، فأبى أن يقبل ! فقال رسول الله’للأنصاري: إذهب فاقلعها وارم بها إليه ، فإنه لا ضرر ولا ضرار ). انتهى .


وسمرة هذا هو(الصحابي)الذي اشتراه معاوية بأربع مئة ألف درهم ليكذب له على الله ورسوله ، ويطعن في علي عليه السلام: (قال أبو جعفر الإسكافي: وروي أن معاوية بذل لسمرة بن جندب مائة ألف درهم حتى يروي أن هذه الآية نزلت في علي: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ . وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ . وأن الآية الثانية نزلت في ابن ملجم وهي: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ . فلم يقبل ، فبذل له مأتي ألف درهم فلم يقبل ، فبذل له ثلاثمائة ألف فلم يقبل ، فبذل أربعمائة فقبل وروى ذلك !

وقال: إن معاوية وضع قوماً من الصحابة وقوماً من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي×، فاختلقوا ما أرضاه ! منهم أبو هريرة ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، ومن التابعين عروة بن الزبير) . (شرح النهج:4/73 ، والغارات:2/840) .

**

أما عدد قتلى ابن زياد في الكوفة فهم أكثر من قتلى سمرة! ففي الإحتجاج:2/17: (وكتب زياد بن أبيه إليه في حق الحضرميين: إنهم على دين عليٍّ وعلى رأيه ! فكتب إليه معاوية: أقتل كل من كان على دين علي ورأيه ! فقتلهم ومثَّل بهم ! وكتب كتاباً آخر: أنظروا من قبلكم من شيعة علي واتهموه بحبه فاقتلوه. وإن لم تقم عليه البينة فاقتلوه على التهمة والظنة والشبهة ! فقتلوهم تحت كل حجر ، حتى لو كان الرجل تسقط منه كلمة ضربت عنقه ، حتى لو كان الرجل يُرمى بالزندقة والكفر كان يكرم ويعظم ولا يتعرض له بمكروه ، والرجل من الشيعة لا يأمن على نفسه في بلد من البلدان ، لا سيما الكوفة والبصرة ، حتى لو أن أحداً منهم أراد أن يلقي سراً إلى من يثق به لأتاه في بيته فيخاف خادمه ومملوكه ، فلا يحدثه إلا بعد أن يأخذ عليهم الأيمان المغلظة ليكتمنَّ عليه ، ثم لا يزداد الأمر إلا شدة ، حتى كثر وظهرت أحاديثهم الكاذبة ، ونشأ عليه الصبيان يتعلمون ذلك).


وقال محمد بن حبيب البغدادي في المحبر ص479: (وصلب زياد بن أبيه مسلم بن زيمر ، وعبد الله بن نجى الحضرميين على أبوابهما أياماً بالكوفة ، وكانا شيعيين وذلك بأمر معاوية ! وقد عدَّهما (أي اعترض بسببهما) الحسين بن علي رضي الله عنهما على معاوية ، في كتابه إليه: ألست صاحب حجر والحضرميين اللذين كتب إليك ابن سمية إنهما على دين عليٍّ ورأيه ، فكتبت إليه: من كان على دين على ورأيه فاقتله ومَثِّل به فقتلهما ومّثََل بأمرك بهما؟ ودينُ عليٍّ وابنُ عم عليٍّ ، الذي كان يضرب عليه أباك ويضربه عليه أبوك ، أجلسك مجلسك الذي أنت فيه، ولولا ذلك كان أفضل شرفك وشرف أبيك تجشم الرحلتين اللتين بنا من الله عليك بوضعهما عنكم.... في كتاب طويل يوبخه فيه بادعائه زياداً ، وتوليته إياه العراقين).انتهى.



هدم البيوت والتشريد والإضطهاد.. لاتقل عن القتل !


فقد شن معاوية على أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم حرباً سياسية واجتماعية واقتصادية وقام عماله بمطاردتهم وتشريدهم وهدم بيوتهم ، وحرمانهم من الحقوق المدنية ، لإفقارهم وتجويعهم ! وأصدر المراسيم بذلك ، وشدَّدَ على عماله في تنفيذها !

وقد تقدمت بعض مراسيمه وأوامره .

وفي مختصر البصائر ص14: (وكتب معاوية إلى عماله في جميع البلدان ، أن لا يجيزوا لأحد من شيعة علي عليه السلام وأهل بيته شهادة . ثم كتب إلى عماله نسخة واحدة إلى جميع الأقطار: أنظروا من قامت عليه البينة ، أنه يحب علياً وأهل بيته فامحوه من الديوان ، وأسقطوا عطائه ورزقه . وشفع ذلك بنسخة أخرى: من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم ، فنكلوا به ، وأهدموا داره .

وفي الإحتجاج:2/17: (ونادى منادي معاوية (في الحج): أن قد برئت الذمة ممن يروي حديثاً من مناقب علي وفضل أهل بيته^ ! وكان أشد الناس بلية أهل الكوفة لكثرة من بها من الشيعة ، فاستعمل زياد ابن أبيه وضم إليه العراقين الكوفة والبصرة ، فجعل يتتبع الشيعة وهو بهم عارف ، يقتلهم تحت كل حجر ومدر ، وأخافهم وقطع الأيدي والأرجل ، وصلبهم في جذوع النخل ، وسَمَلَ أعينهم ، وطرَّدهم وشرَّدهم ، حتى نفوا عن العراق فلم يبق بها أحد معروف مشهور ، فهم بين مقتول أو مصلوب أو محبوس ، أو طريد أو شريد !

وفي الإحتجاج:2/17: ( وكتب معاوية إلى جميع عماله في جميع الأمصار: أن لا تجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة ، وانظروا قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه ومحبي أهل بيته وأهل ولايته ، والذين يروون فضله ومناقبه ، فأدنوا مجالسهم وقربوهم وأكرموهم ، واكتبوا بمن يروي من مناقبه واسم أبيه وقبيلته .

ففعلوا حتى كثرت الرواية في عثمان ، وافتعلوها لما كان يبعث إليهم من الصلات والخلع والقطايع ، من العرب والموالي ، وكثر ذلك في كل مصر ، وتنافسوا في الأموال والدنيا ، فليس أحد يجئ من مصر من الأمصار فيروي في عثمان منقبة أو فضيلة إلا كتب إسمه وأجيز). انتهى .


وفي شرح النهج:11/43: (وقد روي أن أبا جعفر محمد بن علي الباقر( عليه السلام )قال لبعض أصحابه: يا فلان ما لقينا من ظلم قريش إيانا وتظاهرهم علينا؟! وما لقي شيعتنا ومحبونا من الناس ؟! إن رسول الله صلى الله عليه وآله قُبض وقد أخبر أنا أولى الناس بالناس ، فتمالأت علينا قريش حتى أخرجت الأمر عن معدنه ، واحتجت على الأنصار بحقنا وحجتنا ن ثم تداولتها قريش واحد بعد واحد ، حتى رجعت إلينا فنكثت بيعتنا ونصبت الحرب لنا ، ولم يزل صاحب الأمر في صعود كئود حتى قتل ، فبويع الحسن ابنه وعوهد ، ثم غدر به وأسلم ووثب عليه أهل العراق حتى طعن بخنجر في جنبه ، ونهبت عسكره وعولجت خلاليل أمهات أولاده ! فوادع معاوية وحقن دمه ودماء أهل بيته وهم قليل حق قليل ، ثم بايع الحسين عليه السلام من أهل العراق عشرون ألفاً ثم غدروا به وخرجوا عليه وبيعته في أعناقهم وقتلوه ! ثم لم نزل أهل البيت نُستذل ونُستضام ، ونُقصى ونُمتهن ، ونُحرم ونُقتل ونُخاف ! ولا نأمن على دمائنا ودماء أوليائنا !

ووجد الكاذبون الجاحدون لكذبهم وجحودهم موضعاً يتقربون به إلى أوليائهم ، وقضاة السوء وعمال السوء في كل بلدة ، فحدثوهم بالأحاديث الموضوعة المكذوبة ، ورووا عنا ما لم نقله وما لم نفعله ، ليبغضونا إلى الناس !

وكان عظم ذلك وكبره زمن معاوية بعد موت الحسن عليه السلام فقتلت شيعتنا بكل بلدة ، وقطعت الأيدي والأرجل على الظنة ، وكان من يذكر بحبنا والإنقطاع إلينا ، سجن أو نهب ماله أو هدمت داره !

ثم لم يزل البلاء يشتد ويزداد إلى زمان عبيد الله بن زياد قاتل الحسين عليه السلام !

ثم جاء الحجاج فقتلهم كل قتلة ، وأخذهم بكل ظنة وتهمة ، حتى إن الرجل ليقال له زنديق أو كافر ، أحب إليه من أن يقال شيعة علي عليه السلام ، وحتى صار الرجل الذي يذكر بالخير ولعله يكون ورعاً صدوقاً ، يحدث بأحاديث عظيمة عجيبة من تفضيل بعض من قد سلف من الولاة ، ولم يخلق الله تعالى شيئاً منها ، ولا كانت ولا وقعت ! وهو يحسب أنها حق ، لكثرة من قد رواها ، ممن لم يعرف بكذب ولا بقلة ورع). انتهى .

وفي تاريخ دمشق:19/198: (كان سعيد بن سرح مولى حبيب بن عبد شمس شيعة لعلي بن أبي طالب ، فلما قدم زياد الكوفة والياً عليها أخافه وطلبه زياد فأتى الحسن بن علي ، فوثب زياد على أخيه وولده وامرأته فحبسهم ، وأخذ ماله وهدم داره ، فكتب الحسن إلى زياد: من الحسن بن علي إلى زياد ، أما بعد فإنك عمدت إلى رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم ، فهدمت داره وأخذت ماله وعياله فحبستهم ، فإذا أتاك كتابي هذا فابن له داره واردد عليه عياله وماله ، فإني قد أجرته فشفعني فيه .

فكتب إليه زياد: من زياد بن أبي سفيان إلى الحسن بن فاطمة ، أما بعد فقد أتاني كتابك تبدأ فيه بنفسك قبلي وأنت طالب حاجة وأنا سلطان ، وأنت سوَقة . كتبت إليَّ في فاسق لايؤويه إلا مثله ! وشرٌّ من ذلك تولِّيه أباك وإياك ، وقد علمت أنك قد آويته إقامة منك على سوء الرأي ورضا منك بذلك ، وأيم الله لا تسبقني به ولو كان بين جلدك ولحمك ، وإن نلت بعضك غير رفيق بك ولا مرع عليك ، فإن أحب لحم إليَّ آكله للحم الذي أنت منه ! فأسلمه بجريرته إلى من هو أولى به منك ، فإن عفوت عنه لم أكن شفعتك فيه ، وإن قتلته لم أقتله إلا بحبه إياك !! فلما قرأ الحسن عليه السلام الكتاب تبسم ، وكتب إلى معاوية يذكر له حال ابن سرح وكتابه إلى زياد فيه ، وإجابة زياد إياه ، ولفَّ كتابه في كتابه وبعث به إلى معاوية .

وكتب الحسن إلى زياد: من الحسن بن فاطمة إلى زياد بن سمية: الولد للفراش وللعاهر الحجر). انتهى .



النوعية في قتلى معاوية أخطر من الكمية !


مادام أحد قتلى معاوية الإمام الحسن عليه السلام ، سبط النبي صلى الله عليه وآله وحبيبه ، وسيد شباب أهل الجنة ، فكل الدنيا لاتعدله !

وطبيعي أن يعمل معاوية بشكل حثيث لقتل الإمام أمير المؤمنين وولديه الحسن والحسين^من أول ما بايع المهاجرون والأنصار عليا عليه السلام بالخلافة !

فمعاوية خبير بالقتل بالسم ، وحلفاؤه اليهود موجودون في المدينة والكوفة ، لكن الله تعالى لم يأذن بذلك ، ولم يتمكن معاوية من سُمِّ الإمام الحسن عليه السلام إلا في سنة خمسين هجرية ، أي بعد عشر سنوات من الصلح .


كان معاوية يرى أن وجود الإمام الحسن والحسين‘على قيد الحياة يشكل تهديداً لخلافته ، ويشكل عقبة تمنعه من أخذ البيعة بعده لابنه يزيد ، فقد شرط على نفسه في عقد الصلح أن تكون الخلافة بعده للإمام الحسن عليه السلام ! والأمة مهما خضعت لبني أمية بسبب كفاءته ودهائه هو ، لاتعدل بابني رسول الله صلى الله عليه وآله وسيدي شباب أهل الجنة‘يزيداً أو أي شخص من بني أمية ! فلا يُؤْمَن إذن أن تحدث في الأمة حركة ضد بني أمية كما حدث في زمن عثمان ، ويهتف المسلمون باسم الحسن والحسين ، كما هتفوا باسم أبيهما من قبل !

أما العقبة الأولى برأي معاوية: فهي من بقي من أعضاء الشورى ، الذين عيَّنهم عمر أعضاء في شورى شكلية ، ففتح شهيتهم على الخلافة ، وقد بقي منهم اثنان هما: عبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ! ولا يقل عنهم خطراً أبناء الخلفاء السابقين ، الذين يطمحون للخلافة ، وهم: عبد الرحمن بن أبي بكر وتسانده أخته عائشة ، وعبدالله بن عمر وتسانده أخته حفصة ، وسعيد بن عثمان ، ويسانده آل العاص من بني أمية ! وعبدالله بن الزبير وتسانده أيضاً خالته عائشة . وقبل الجميع عبد الرحمن بن خالد صاحب الشعبية القوية في الشام !

إن الواحد من هؤلاء مشكلة فعلية ومستقبلية أمام حفظ الأمبراطورية الأموية !

فلا بد من العمل والعلاج: و(لاجدَّ إلا ما أقعص عنك من تكره)!

قال ابن الأثير في الكامل:3/353 (ثم دخل(معاوية)على عائشة وقد بلغها أنه ذكر الحسين وأصحابه فقال: لأقتلنهم إن لم يبايعوا( أي ليزيد) ، فشكاهم إليها فوعظته) !

ملاعلي 22-08-2008 09:12 PM

1- قتْلُه الصحابي عبد الرحمن بن خالد بن الوليد !


ما أن تسلط معاوية على الأمة حتى بدأ بالتمهيد لأخذ البيعة لابنه يزيد ، الذي هو شاب دون العشرين ، ومعروف بالتهتك وعدم الكفاءة! لكن معاوية مصرٌّ على جعله ولي عهده مهما كان الثمن ! ولم يسمع لنصيحة المقربين منه فيه ! بل كان شرساً مع من يقف أمام رغبته !

ذكروا أنه بدأ في طرح مشروعه سنة خمس وأربعين هجرية وربما قبلها ، واتفق المؤرخون والمحدثون على أنه: ( لما أراد معاوية أن يعقد ليزيد قال لأهل الشام: إن أمير المؤمنين قد كبر ودنا من أجله فما ترون ، وقد أردتم أن أولي رجلاً بعدي؟ فقالوا: عليك عبد الرحمن بن خالد ! فأضمرها ! واشتكى عبد الرحمن فأمر ابن أثال طبيباً كان له من عظماء الروم ، فسقاه شربة فمات). انتهى .

(الأوائل للعسكري ص132، وأنساب الأشراف ص1164، وتقدم من جمهرة الأمثال:2/376 وغيره) .

وقال في تاريخ دمشق:16/163: (فأمر ابن أثال أن يحتال في قتله وضمن له إن هو فعل ذلك أن يضع عنه خراجه ما عاش ، وأن يوليه جباية خراج حمص! فلما قدم عبد الرحمن حمص منصرفاً من بلاد الروم دسَّ ابن أثال شربة مسمومة مع بعض مماليكه فشربها ، فمات بحمص ، فوفى معاوية بما ضمن له ، وولاه خراج حمص ووضع عنه خراجه) . انتهى .

قال ابن حبيب في المنمق ص360: (فقال حين بلغه موته: لا جدَّ إلا من أقعص عنك من تكره ، فبلغ ابن أخيه خالد بن مهاجر بن خالد بن الوليد الخبر ، فقال لمولى له يقال له نافع وكان رومياً ، وكان من أشد الناس قلباً ، وخالد بن المهاجر يومئذ بمكة ، وكان سئ الرأي في عمه عبد الرحمن ، وذلك أن المهاجر كان مع علي كرم الله وجهه فقتل يوم صفين ، وكان خالد بن المهاجر مع بني هاشم في الشعب زمن ابن الزبير ، فقال لمولاه نافع: إنطلق معي ، فخرجا حتى أتيا دمشق ليلاً وسألا عن أبن أثال ، فقيل هو عند معاوية ، وإنما يخرج في جوف الليل ، فجلسا له حتى خرج في جماعة ، فشد خالد فانفرجوا عنه فضربه بالسيف فقتله ، وانصرفا فاستخفيا ، فلما أصبح معاوية قصوا عليه القصة فقال: هذا والله خالد بن المهاجر ! وأمر بطلبه فطلبوه حتى وجدوه هو ونافع ، فلما أدخل على معاوية قال: أقتلته لاجزاك الله من زائر خيراً ! فقال خالد: قُتل المأمور وبقي الأمر !

فقال معاوية: والله لو كان تشهَّد مرة واحدة لقتلتك (أي لو كان مسلماً لقتلتك به) !

فقال خالد: أما والله لو كنا على السواء ! فقال معاوية: أما والله ! لو كنا على السواء كنتُ معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية ، وكنتَ خالد بن المهاجر بن خالد بن الوليد بن المغيرة ، وكانت داري بين المأزمين ينشق عنها الوادي ، وكانت دارك بأجياد أسفلها حجر وأعلاها مدر ! وأمر بنافع فضرب مائة سوط ولم يضرب خالداً ، ثم أمر بهما فأخرجا من دمشق وقضى في ابن أثال باثني عشر ألفاً فودتها بنو مخزوم ، فأخذ معاوية منها ستة آلاف فأدخلها بيت المال). انتهى . ( وروى نحوه في الإستيعاب:2/396 ، وأسد الغابة:3/289، والأوائل للعسكري ص132، والأغاني ص3634 ، وخزانة الأدب ص457 ، والفرج بعد الشدة ص 461 , ونهاية الأرب ص4465 ، وراجع الغدير:10/233 . ورواه ابن أبي أصيبعة في طبقات الأطباء ص152، وأورد لمهاجر ست أبيات قالها في السجن مخطوءة ، وكذلك أوردها في الأغاني ص3636 ، وفي خزانة الأدب457 ، وصحيحها في أعيان الشيعة للسيد الأمين رحمه الله :6/299).

وفي تاريخ دمشق:16/215: (وذكر الواقدي أن خالداً قتل ابن أثال بدمشق وأن معاوية ضربه مئتين أسواطاً وحبسه وأغرمه ديتين ألفي دينار ، فألقى ألفاً في بيت المال ، وأعطى ورثة ابن أثال ألفاً ، ولم يخرج خالد بن المهاجر من الحبس حتى مات معاوية). ويفهم من الأخبار الطوال ص172، أن المهاجر قتل ابن أثال في حمص كما أن عفو معاوية عنه وإطلاقه من السجن لابد أن يكون بضغط بني مخزوم !

~ ~

وهكذا ، أقعص معاوية عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، ولم يشفع له أنه كان القائد العام لقواته في صفين ، وعرَّض نفسه لسيف علي عليه السلام وسيوف أبطال العراق ! (ودفع اللواء الأعظم إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد).(الأخبار الطوال ص172).

ولا أنه كان أول الداعين الى بيعته بالخلافة: (فلما قتل علي تداعى أهل الشام إلى بيعة معاوية ، فقال عبد الرحمن بن خالد بن الوليد: نحن المؤمنون ومعاوية أميرنا وهو أمير المؤمنين ، فبايع له أهل الشام). (أنساب الأشراف ص489) .

ولاشفع لعبد الرحمن شيطنته يوم التحكيم في دومة الجندل لمساعدة ابن العاص!

(قال عبد الرحمن بن خالد بن الوليد: حضرت الحكومة ، فلما كان يوم الفصل جاء عبد الله بن عباس ، فقعد إلى جانب لابن أبي موسى وقد نشر أذنيه ، حتى كاد أن ينطق بهما ، فعلمت أن الأمر لا يتم لنا ما دام هناك ، وأنه سيفسد على عمرو حيلته ، فأعملت المكيدة في أمره ، فجئت حتى قعدت عنده ، وقد شرع عمرو وأبو موسى في الكلام ، فكلمت ابن عباس كلمة استطعمته جوابها فلم يجب ، فكلمته أخرى فلم يجب ، فكلمته ثالثه ، فقال: إني لفي شغل عن حوارك الآن ، فجبهته ، وقلت: يا بني هاشم ، لا تتركون بأوكم وكبركم أبداً ! أما والله لولا مكان النبوة لكان لي ولك شأن ، قال: فحمى وغضب ، واضطرب فكره ورأيه وأسمعني كلاماً يسوء سماعه ، فأعرضت عنه ، وقمت فقعدت إلى جانب عمرو بن العاص ، فقلت: قد كفيتك التقوالة ، إني قد شغلت باله بما دار بيني وبينه ، فأحكم أنت أمرك ، قال: فذهل والله ابن عباس عن الكلام الدائر بين الرجلين ، حتى قام أبو موسى ، فخلع علياً). (شرح النهج:2/261).

ملاعلي 22-08-2008 09:12 PM

2- قَتْله الصحابي عبد الرحمن بن أبي بكر !


قال البخاري:6/42: (كان مروان على الحجاز استعمله معاوية فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه ، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئاً ! فقال: خذوه ! فدخل بيت عائشة فلم يقدروا عليه ، فقال مروان: إن هذا الذي أنزل الله فيه: وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئاً من القرآن ، إلا أن الله أنزل عذري).

وقال ابن حجر في شرحه:8/442: ( قال بعض الشراح: وقد اختصره فأفسده ! والذي في رواية الإسماعيلي فقال عبد الرحمن: ما هي إلا هرقلية !... فقال عبد الرحمن: سنَّةُ هرقلَ وقيصر ! ولابن المنذر من هذا الوجه: أجئتم بها هرقلية تبايعون لأبنائكم؟!....قوله: فقال خذوه ، فدخل بيت عائشة فلم يقدروا: أي امتنعوا من الدخول خلفه إعظاماً لعائشة . وفي رواية أبي يعلي: فنزل مروان عن المنبر حتى أتى باب عائشة ، فجعل يكلمها وتكلمه ثم انصرف!.....في رواية أبي يعلى: فقال مروان: أسكت ألست الذي قال الله فيه ، فذكر الآية ، فقال عبد الرحمن: ألستَ ابن اللعين الذي لعنه رسول الله؟!... فقالت عائشة: كذب والله ما نزلت فيه.... ولكن رسول الله(ص)لعن أبا مروان ومروان في صلبه)! انتهى .

وقد اختصر ابن حجر وغيره الرواية وأفسدوها أيضاً كما فعل سيدهم بخاري ! فهي حدث صارخ يكشف موقف أولاد أبي بكر من معاوية ، وموقفه منهم !

ففي سنن النسائي:6/459 أن عائشة قالت لمروان: (فمروان فضضٌ من لعنة الله) !

( ويوجد لتعبير عائشة هذا في برنامج المكتبة الإسلامية 21 مصدراً) !

وفي تاريخ ابن خياط ص160، وفي طبعة ص109: (عن الزهري عن ذكوان مولى عائشة قال: لما أجمع معاوية أن يبايع لابنه يزيد ، حج فقدم مكة في نحو من ألف رجل ، فلما دنا من المدينة خرج ابن عمر وابن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر ! فلما قدم معاوية المدينة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم ذكر ابنه يزيد فقال: من أحق بهذا الأمر منه ؟!! ثم ارتحل فقدم مكة فقضى طوافه ودخل منزله ، فبعث إلى ابن عمر...وذكر ابن خياط تهديد معاوية له وخوفه.. ثم قال: (وأرسل إلى عبد الرحمن بن أبي بكر ، فتشهد وأخذ في الكلام ، فقطع عليه كلامه فقال: إنك والله لوددت أنا وكلناك في أمر ابنك إلى الله ، وإنا والله لا نفعل ! والله لتردَّنَّ هذا الأمر شورى في المسلمين ، أو لنعيدنها عليك جذعة ! ثم وثب فقام !! فقال معاوية: اللهم اكفنيه بما شئت ، ثم قال: على رسلك أيها الرجل ، لا تُشْرِفَنَّ بأهل الشام فإني أخاف أن يسبقوني بنفسك حتى أخبرهم العشية أنك قد بايعت ! ثم كن بعد ذلك على ما بدا لك من أمرك)!! (ورواه في العواصم من القواصم ص224، وتاريخ الخلفاء للسيوطي:1/154).

ومعنى قول معاوية: (لا تُشْرِفَنَّ بأهل الشام..الخ.) إحذر أن يراك أهل الشام الذين هم معي فيقتلوك ! وسأسكتهم عنك مساء ، وأقول لهم إنه بايع !

وفي تاريخ الطبري:4/225: ( بايع الناس ليزيد بن معاوية غير الحسين بن علي ، وابن عمر ، وابن الزبير ، وعبد الرحمن بن أبي بكر ، وابن عباس . فلما قدم معاوية أرسل إلى الحسين بن علي فقال: يا ابن أخي قد استوثق الناس لهذا الامر غير خمسة نفر من قريش أنت تقودهم ! يا ابن أخي فما إربك إلى الخلاف؟ قال: أنا أقودهم؟! قال: نعم أنت تقودهم ؟! قال فأرسل إليهم فإن بايعوا كنت رجلاً منهم ، وإلا لم تكن عجلت على بأمر...! ثم أرسل بعده إلى ابن عمر فكلمه بكلام هو ألين من كلام صاحبه فقال: إني أرهب أن أدع أمة محمد بعدي كالضأن لا راعى لها ! وقد استوثق الناس لهذا الامر غير خمسة نفر من قريش أنت تقودهم !....

فأرسل إلى عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: يا ابن أبي بكر بأية يد أو رجل تقدم على معصيتي! قال: أرجو أن يكون ذلك خيراً لي ! فقال: والله لقد هممت أن أقتلك ! قال: لو فعلت لأتبعك الله به لعنة في الدنيا وأدخلك به في الآخرة النار).

وفي تاريخ بخاري:1/129: (أن معاوية قدم المدينة حين أخبر أن ابن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبدالله بن الزبير ، خرجوا عائذين بالكعبة من بيعة يزيد ! فلم يلبث ابن أبي بكر إلا يسيراً حتى توفي ، بعدما خرج معاوية من المدينة) !!

وفي أسد الغابة:3/306: (وخرج إلى مكة فمات بها قبل أن تتم البيعة ليزيد ، وكان موته فجأة من نومة نامها بمكان إسمه حبشي ! على نحو عشرة أميال من مكة). انتهى ! والذي يفهم بالسياسة ويفهم الكلام المتقدم ، يعرف أنه قتله !

ملاعلي 22-08-2008 09:13 PM

3- هل قتلَ معاوية عائشة بنت أبي بكر ؟!


توالت المصائب على عائشة من معاوية ، وكان أول مصيبة قتله لأخيها محمد بن أبي بكر رحمه الله ، الذي كان حاكم مصر من قبل علي عليه السلام .

كانت عائشة الى آخر حرب الجمل تبغض أخاها محمدا رحمه الله لتشيعه ، لكن علياً عليه السلام أجبرها على أن تحبه! فبعد هزيمتها في الحرب أمره أن يأخذها الى أحسن بيت في البصرة ، ويخدمها ويوسع عليها ، ولا يمنعها إذا أرادت تجميع الفارين والجرحى من أصحابها ! ثم أمره أن يرافقها ويوصلها المدينة ، وكانت لها قصص طريفة مع محمد رحمه الله ، وقد استطاع أن يستوعب توترها ، ويهدئ من غلوائها !

وجدت عائشة فيه أخاً وفياً خدوماً ، يتحمل منها ، رغم أنه يتبرأ من خطها العقائدي والسياسي ، ويوالي عدوها ! ولذلك جزعت عليه عندما جاءها خبر قتله ، وأخذت تدعو على معاوية وابن العاص !

قال الثقفي في الغارات:1/285: (فلما بلغ ذلك عائشة أم المؤمنين جزعت عليه جزعاً شديداًً وقنتت في دبر كل صلاة تدعو على معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ومعاوية بن حديج ، وقبضت عيال محمد أخيها وولده إليها ، فكان القاسم بن محمد بن أبي بكر في عيالها).

ثم وروى الثقفي عن أسماء بنت عميس أم محمد بن أبي بكر أن عائشة:

(لما أتاها نعي محمد بن أبي بكر وما صُنع به ، كظمت حزنها ، وقامت إلى مسجدها ، حتى تشخبت دماً). انتهى . وفي رواية تشخب ثدياها دماً ، وقد يفسر ذلك إن صحت روايته بارتفاع ضغط الجسم من الحزن !

وقد زاد في ارتفاع ضغط عائشة أن ضرتها رملة بنت أبي سفيان (أم حبيبة أم المؤمنين) عبرت عن فرحها بعمل أخيها معاوية بأسلوب عامي خشن ! ( لما قتل ووصل خبره إلى المدينة مع مولاه سالم ومعه قميصه ، ودخل به داره اجتمع رجال ونساء! فأمرت أم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي صلى الله عليه وآله بكبش فشوي وبعثت به إلى عائشة وقالت: هكذا قد شُوِيَ أخوك ! فلم تأكل عائشة بعد ذلك شواء حتى ماتت)! (الغارات:2/757، وحياة الحيوان للدميري:1/404) .

(حلفت عائشة لا تأكل شواءً أبداً ، فما أكلت شواءا بعد مقتل محمد(سنة 38) حتى لحقت بالله(سنة57)وما عثرت قط إلا قالت: تعس معاوية بن أبي سفيان ، وعمرو بن العاص ، ومعاوية بن حديج) . (الغارات:1/287 ، وأنساب الأشراف ص403) .

وفي سير الذهبي:2/186: (إن معاوية لما حج ، قدم فدخل على عائشة ، فلم يشهد كلامها إلا ذكوان مولى عائشة ، فقالت لمعاوية: أأمنت أن أخبئ لك رجلاً يقتلك بأخي محمد؟! قال: صدقت ! وفي رواية أخرى قال لها: ما كنت لتفعلي). (ونحوه في الطبري:4/205 ، والإستيعاب:1/238، وشرح الأخبار:2/171) .

والصحيح أن معاوية لايخاف منها ، لأن معه جيشه من الشام ، ولأنه يرضيها بالمال ! بل يجب أن تحذر هي على نفسها من معاوية !

قال أحمد في مسنده:4/92: (فقالت له: أما خفت أن أُقعد لك رجلاً فيقتلك؟ فقال: ما كنت لتفعليه وأنا في بيت أمان ، وقد سمعتِ النبي(ص)يقول:الإيمان قيد الفتك . كيف أنا في الذي بيني وبينك ، حوائجك؟ قالت: صالح . قال: فدعينا وإياهم حتى نلقى ربنا). ( والطبراني في المعجم الكبير:19/319) .


* *


وقد روت المصادر عطاءات معاوية المليونية لعائشة ! لكنها كانت تعيش في جو المدينة وكله ضد معاوية وبني أمية ، وحولها أصحاب مشاريع للخلافة ، وهي نفسها صاحبة مشروع لأخيها عبد الرحمن ، ولابن أختها عبدالله ابن الزبير ، ولابن عمها موسى بن طلحة الذي ادعى له آل تيم أنه المهدي الموعود!(تاريخ دمشق:60/431)

لذلك روت المصادر استنكارها لتسمية معاوية نفسه أمير المؤمنين وخليفة ، ثم استنكارها لأخذه البيعة لابنه يزيد ، ووقفت بشدة الى جانب أخيها عبد الرحمن !

ففي كامل ابن الأثير:3/351: (فقام مروان فيهم(في المسجد النبوي) وقال: إن أمير المؤمنين قد اختار لكم فلم يألُ ، وقد استخلف ابنه يزيد بعده . فقام عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: كذبت والله يا مروان ، وكذب معاوية ! ما الخير أردتما لأمة محمد ! ولكنكم تريدون أن تجعلوها هرقلية ، كلما مات هرقل قام هرقل ! فقال مروان: هذا الذي أنزل الله فيه ( والذي قال لوالديه أف لكما) الآية ، فسمعت عائشة مقالته فقامت من وراء الحجاب وقالت: يا مروان يا مروان فأنصت الناس وأقبل مروان بوجهه فقالت: أنت القائل لعبد الرحمن إنه نزل فيه القرآن ! كذبت والله ما هو ، ولكنه فلان بن فلان ، ولكنك أنت فضضٌ من لعنة نبي الله)!! انتهى .


وبهذا فتحت عائشة الحرب على مصراعيها مع معاوية ، بعد سنوات من المداراة ! وصدرت عنها فيه أقوال شديدة ، وإن لم ينقل التاريخ إلا يسيراً منها !

قال البلاذري في أنساب الأشراف ص1159: (عن الهيثم بن عدي قال: دخل الحسن بن علي عليه السلام على معاوية ، فلما أخذ مجلسه قال معاوية: عجباً لعائشة تزعم أني في غير ما أنا أهله ، وأن الذي أصبحت فيه ليس لي بحق ، ما لها ولهذا يغفر الله لها ، إنما كان ينازعني في هذا الأمر أبوك ، وقد استأثر الله به).

وفي مصنف ابن أبي شيبة:7/250: (عن الأسود قال قلت لعائشة: إن رجلاً من الطلقاء يبايع له ! يعني معاوية ، قالت: يا بني لاتعجب ! هو ملك الله يؤتيه من يشاء) !

ولم تقل خلافة ، بل في رواية القاضي النعمان أنها شبهته بفرعون ، فقالت: ( لا تعجب فإن فرعون قد ملك بني إسرائيل أربعمائة سنة ، والملك لله يعطيه البر والفاجر). (شرح الأخبار:2/159).


* *


ولا تفصح مصادر الخلافة كيف توفيت عائشة ، لكن المؤشرات وروايات في مصادرنا تذكر أن معاوية قتلها بعد مدة قصيرة من قتل أخيها عبد الرحمن !

ففي مستدرك الحاكم:3/76، أنها قالت عند موتها: ( الحمد لله الذي يحيي ويميت . إن في هذه لعبرة لي في عبد الرحمن بن أبي بكر ! رقد في مقيل له قاله فذهبوا يوقظونه فوجدوه قد مات! فدخل نفس عائشة تهمة أن يكون صنع به شر ، أو عجل عليه فدفن وهو حي! فرأت أنه عبرة لها).(وشعب الإيمان:7/256، وتاريخ دمشق:35/38).

وهذه الرواية تعطي ضوءاً على ظروف سم عبد الرحمن ، وظروف موت عائشة !

وقال العاملي في الصراط المستقيم:3/630، ونحوه في:3/45: (وقال صاحب المصالت: كان(معاوية) على المنبر يأخذ البيعة ليزيد(في المدينة) فقالت عائشة: هل استدعى الشيوخ لبنيهم البيعة؟ قال: لا . قالت: فبمن تقتدي؟ فخجل ، وهيأ لها حفرة فوقعت فيها وماتت). انتهى . ومعنى خجل هنا أنه أفحم !

على أن معاوية لايحتاج لأن يحفر لها حفرة ويغطيها لتسقط فيها ، إلا أن يكون ذلك مساعداً لمجموعاته المتخصصة في السم ، بإدارة أطباء يهود ونصارى !

على أنه لايصح أن نستبعد نقمة مروان الذي اصطدم بها وبأخيها عبد الرحمن بشدة ، وهددته بقولها: (يا مروان أفينا تتأول القرآن وإلينا تسوق اللعن والله لأقومن يوم الجمعة بك مقاماً تود أني لم أقمه) !! (الأغاني:17/375).


* *


وفي الطبقات:8/78: (أن عبد الله بن الزبير دفن عائشة ليلاً ، قال محمد بن عمر توفيت عائشة ليلة الثلاثاء لسبع عشرة مضت من شهر رمضان سنة ثمان وخمسين ، ودفنت من ليلتها بعد الوتر ، وهي يومئذ بنت ست وستين سنة...حمل معها جريدٌ ألقوا عليها الخرق وغمسوها في زيت ، وأشعلوا فيها ناراً فحملوها معها) . انتهى .

وإنما فعل ذلك ابن الزبير لأن والي المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ، ابن أخ معاوية ،كان مسافراً(تاريخ خليفة بن خياط ص170) فأسرع في دفنها قبل أن يرجع الوليد فيصلي عليها ، ويستفيد من جنازتها لمعاوية !

بل يحتمل أن معاوية نفسه كان في المدينة ، وكان ذلك اليوم خارجاً الى ضواحيها ، فقد رووا أنه استنكر على ابن عمر بكاءه عليها !

ففي وفيات الأعيان:3/16، ونسخة نبيط ص4: (ولما ماتت بكى عليها ابن عمر فبلغ ذلك معاوية فقال له: أتبكي على امرأة ؟ فقال: إنما يبكي على أم المؤمنين بنوها ، وأما من ليس لها بابن فلا). انتهى.

يقول له معاوية ، وما عائشة حتى تبكي عليها ؟! فيجيبه إنك يا معاوية من المنافقين ، ولست من المؤمنين لتبكي عليها !

وختاماً ، فالمتفق عليه عند الجميع أن عائشة ماتت وليس لها إمام !

ملاعلي 22-08-2008 09:14 PM

4- قَتْلُهُ الصحابي سعد بن أبي وقاص !


في فضائل الصحابة لابن حنبل:2/988: (دخل سعد بن مالك(أبي وقاص)على معاوية فقال: السلام عليك أيها الملك ! فقال معاوية: أو غير ذلك ؟ أنتم المؤمنون وأنا أميركم ! فقال سعد: نعم إن كنا أمرناك ! فقال معاوية: لا يبلغني أن أحداً زعم أن سعداً ليس من قريش إلا فعلت به وفعلت) ! (ورواه الأزدي في الجامع:10/390، وعبد الرزاق في المصنف:10/391 ، وابن عساكر في تاريخ دمشق:17/324 ، وأحمد في فضائل الصحابة:2/988، واليعقوبي:2/217، وابن الأثيرفي الكامل:3/275)

وهذا من خبث معاوية فقد أعلن ما كان يقال سراً من الطعن في نسب سعد ، فهو يقول له إنك لَسْتَ من قريش ! فلو كنت قرشياً لقبلت بي أمير المؤمنين وخليفة !

ولذا قال الرواة بعد نقلهم كلام معاوية: (فقال محمد بن علي: لعمري إن سعداً لوسط من قريش أو من وسط قريش ، ثابت النسب). يردُّون بذلك على معاوية !

وفي نسب سعد وابنه عمر قاتل الحسين عليه السلام كلامٌ ، وهو خارج عن موضوعنا .

وفي أنساب الأشراف للبلاذري ص1111، والكامل لابن الأثير:3/275: (فضحك معاوية وقال: ما كان عليك يا أبا إسحاق رحمك الله لو قلت: يا أمير المؤمنين ! فقال: أتقولها جذلان ضاحكاً ، والله ما أحب أني وليتها بما وليتها به) !! انتهى .

يقول له سعد إنك دفعت ثمنها غالياً من دماء المسلمين ، وهذا ما لا أقبله لنفسي !

وفي تاريخ اليعقوبي:2/217: ( فغضب معاوية فقال: ألا قلت السلام عليك يا أمير المؤمنين؟ قال: ذاك إن كنا أمرناك ، إنما أنت مُنْتَزٍ) .

يقصد سعد أنك قافزٌ غاصب للخلافة ! ورواية اليعقوبي أقرب الى منطق القصة ، والى حرص معاوية على أن يعترفوا له بإسم (أمير المؤمنين) .

وفي مقاتل الطالبيين ص48: (وأراد معاوية البيعة لابنه يزيد ، فلم يكن شئ أثقل من أمر الحسن بن علي وسعد بن أبي وقاص ، فدسَّ إليهما سماً فماتا منه) .

ونحوه شرح النهج:16/49 ، وفي البدء والتاريخ:5/85: (وروى شعبة أن سعداً والحسن بن علي ماتا في يوم واحد قال: ويرون أن معاوية سمهم). (ونحوه في أنساب الأشراف للبلاذري:1/ 404) .

وفي الآحاد والمثاني للضحاك:1/169: (ومات سعد بن أبي وقاص(في قصره) بالعقيق وحمل فدفن بالمدينة وهو ابن ثلاث وثمانين سنة).

وأعجب من الجميع رواية البيهقي في لباب الأنساب والألقاب والأعقاب ص40: (وأمروا والي المدينة سعيد بن العاص حتى سقاه السم مع سعد بن أبي وقاص

وجماعة من المهاجرين ، فمات الحسن رضي الله عنه مسموماً بعد يومين ، وسعد بن أبي وقاص في يومه). انتهى .

فهي تدل على أن أوامر معاوية بالقتل بالسم شملت عدداً من المهاجرين ، ولم تشمل الأنصار مع أن عدائهم للنظام الأموي أشد من المهاجرين القرشيين ، وذلك لأن الذين يطمعون بالخلافة ويقفون ضد بيعة يزيد هم من قريش ، أما الأنصار فقد انقطع أملهم بالخلافة بعد قتل سعد بن عبادة !

والبيهقي المذكور هو علي بن زيد البيهقي الشافعي متوفى سنة565 ، وهو من العلماء المشهور وله مصنفات عديدة أدبية وتاريخية وهندسية .( راجع: إيضاح المكنون:1/154، مجلة تراثناعدد58/128، والذريعة:18/277). وهو غير البيهقي المشهور صاحب السنن القريب منه ، وإسمه علي بن الحسين البيهقي الشافعي المتوفى483 .

ملاعلي 22-08-2008 09:14 PM

5- هلك زياد بن ابيه بدعاء الإمام الحسين عليه السلام وسُمِّ معاوية !


اتفقت المصادر على أن زياداً بن أبيه مات وهو بكامل صحته ، عن ثلاث وخمسين سنة ، وذكر أكثرهم أن موته سنة ثلاث وخمسين هجرية ، أي بعد وفاة الإمام الحسن عليه السلام بأكثر من سنتين .

قال في تاريخ دمشق:19/207: (سنة ثلاث وخمسين فيها مات زياد بن أبي سفيان بالكوفة ، ومات زياد وهو ابن ثلاث وخمسين)

وفي تاريخ دمشق: 19/166: (ولي العراق سنة ثمان وأربعين ومات سنة ثلاث وخمسين وكانت ولايته خمس سنين والياً على المصرين). انتهى .

كما اتفقوا على أنه كان معارضاً لجعل يزيد ولي عهد لمعاوية ، وكان يأمل أن يكون هو بعد أن جعله معاوية أخاه وابن أبي سفيان !

قال ابن كثير في النهاية:8/86 وفي طبعة 79: (وكتب معاوية إلى زياد يستشيره في ذلك ، فكره زياد ذلك لما يعلم من لعب يزيد وإقباله على اللعب والصيد ، فبعث إليه من يثني رأيه عن ذلك ، وهو عبيد بن كعب بن النميري وكان صاحباً أكيداً لزياد ، فسار إلى دمشق فاجتمع بيزيد أولاً ، فكلمه عن زياد وأشار عليه بأن لا يطلب ذلك ، فإن تركه خير له من السعي فيه ، فانزجر يزيد عما يريد من ذلك واجتمع بأبيه واتفقا على ترك ذلك في هذا الوقت ، فلما مات زياد وكانت هذه السنة ، شرع معاوية في نظم ذلك والدعاء إليه ، وعقد البيعة لولده يزيد ، وكتب إلى الآفاق بذلك). انتهى .

وهذا النص الذي اختاره ابن كثير ، المحب لمعاوية ويزيد ، من أكثر النصوص تشذيباً وتهذيباً ، وابتعاداً عن الصراع الخفي بين معاوية و(أخيه)زياد !

وذكر ابن عساكر وغيره ، أن عبيد بن كعب النميري قام بمهته على أحسن وجه فأقنع يزيداً ومعاوية بتأخير الموضوع فعلاً ، وتحسين سلوك يزيد !

قال في تاريخ دمشق:38/213: (وكف يزيد عن كثير مما كان يصنع ، ثم قدم عبيد على زياد فأقطعه قطيعة). انتهى .

وفي الطبري:4/225 ، أن زياداً قال لمبعوثه النميري: (ويزيد صاحب رِسْلة وتهاون ، مع ما قد أولع به من الصيد ، فالق أمير المؤمنين مؤدياً عني فأخبره عن فعلات يزيد ! فقل له: رويدك بالأمر فأقمنُ أن يتم لك ما تريد ، ولا تعجل فإن دركاً في تأخير ، خير من تعجيل عاقبته الفوت... وكتب زياد إلى معاوية يأمره بالتؤدة وألا يعجل فقبل ذلك معاوية وكف يزيد عن كثير مما كان يصنع ثم قدم عبيد على زياد فأقطعه قطيعة) ! انتهى .

أقول: هذه سذاجة من عبيد وزياد ومن الرواة ، لأن معاوية نمرود لايتحمل مخالفة زياد له واتصاله من ورائه بيزيد لثنيه عن الموضوع بحجة سوء سيرته ! فهو يعتبر ذلك تدخلاُ في أخص أموره وأهمها عنده !

لذلك نقول إن معاوية أسرَّها في نفسه ، وقرر أن يحبط خطة زياد ولا يدعه يستغل شهادته فيه بأنه أكفأ أولاد أبي سفيان بعده !

ولذلك أهانه عندما وفد عليه من أجل الموضوع ووبخه ، وأصدر أمره الى مجموعة الإغتيال بالتخلص منه !

ففي تاريخ دمشق:19/197: ( وفد زياد إلى معاوية ومعه أشراف أهل العراق فزجر به ابن حنيق العبادي(أي تفاءل بهذه السفرة) فقال:


قد علمت ضامرةُ الجيادْ أن الأمير بعده زيادْ

فلم يصل زياد إلى معاوية حتى أتاه الخبر وما قال ابن حنيق ، وإقرار زياد بذلك ! ومعاوية يربِّص لابنه ما يربِّص من الخلافة ، ثم أذن للناس فأخذوا مجالسهم ، ثم دخل زياد فلم يدعه إلى مجلس حتى قام له رجل من أهل العراق فجلس في مجلس ، فحمد الله معاوية وأثنى عليه ثم قال: هذه الخلافة أمر من أمور الله ، وقضاء من قضاء الله ، وإنها لا تكون لمنافق ولا لمن صلى خلف إمام منافق يعرض بزياد حتى عرف زياد).

يقصد معاوية: أن زياداً لايصلح للخلافة لأنه صلى خلف علي عليه السلام !! وقوله: (هذه الخلافة أمر من أمور الله ، وقضاء من قضاء الله) محاولةٌ لتركيز مذهبه الجبري الذي يجعل الخليفة الأموي خليفة الله تعالى في أرضه ، ويجعل فعله فعل الله تعالى ويرفع عنه الحساب والعقاب !

وتدل الرواية على أن زياداً جاء الى الشام بوفد (عراقي) ليطرح موضوع ولايته للعهد بدل يزيد ! وأن جواسيس معاوية عليه أوصلوا أخباره الى معاوية قبل أن يصل ! فعامله معاوية باستهانة ، وأجاب على أمنيته بالرد والتوبيخ !

ولايبعد أن يكون مجئ زياد بعد رسالة معاوية اليه يستشيره في إعلان يزيد ولياً لعهده ، وهذا يجعل قتله واجباً حسب مقررات معاوية !

قال الطبري في تاريخه:4/225: (لما مات زياد دعا معاوية بكتاب فقرأه على الناس باستخلاف يزيد ، إن حدث به حدث الموت فيزيد ولي عهد ، فاستوثق له الناس على البيعة).(ومثله في سمط النجوم:3/148، ونحو رواية ابن كثير في الكامل:3/350 ، والطبري:3/247، ومنتظم ابن الجوزي:5/285، وتاريخ خليفةص165).


* *


وقد اتفقت رواياتهم على أن زياداً أصيب بطاعون بدأ بإبهامه اليمنى فورمت وتآكل لحمها ، ثم انتشر بسرعة في كل يده !

قال الطبري في تاريخه:4/215: (فخرجت طاعونة على إصبعه ، فأرسل إلى شريح وكان قاضيه..... يستشيره في قطع يده فقال: لا تفعل ، إنك إن عشت صرت أجذم ، وإن هلكت إياك جانياً على نفسك ! قال: أنام والطاعون في لحاف؟! فعزم أن يفعل فلما نظر إلى النار والمكاوي جزع وترك ذلك).انتهى .

ولم يطل أمره حتى هلك ، وروي أن المرض انتشر في بدنه في أسبوع .

. وفي تاريخ اليعقوبي:2/235: (وروي أنه كان أحضر قوما بلغه أنهم شيعة لعلي ليدعوهم إلى لعن علي والبراءة منه ، أو يضرب أعناقهم ، وكانوا سبعين رجلا ، فصعد المنبر ، وجعل يتكلم بالوعيد والتهديد.... فبينا زياد يتكلم على المنبر إذ قبض على إصبعه ، ثم صاح: يدي ! وسقط عن المنبر مغشيا عليه فأدخل القصر وقد طعن في خنصره اليمنى ، فجعل لا يتغاذَّ ، فأحضر الطبيب فقال له: إقطع يدي ! قال: أيها الأمير ! اخبرني عن الوجع تجده في يدك ، أو في قلبك ؟ قال: والله إلا في قلبي . قال: فعش سويا). انتهى . أي قرب أجلك !


* *


أما دعوة الإمام الحسين عليه السلام على زياد ، فنقلتها مصادرنا ونسبَتْها الى الإمام الحسن عليه السلام ، وذلك تصحيف في الإسم أو اشتباه ، لأن الإمام الحسن عليه السلام استشهد في سنة خمسين للهجرة ، باتفاق مصادرنا وأكثر مصادرهم ! بينما هلك زياد بن أبيه سنة ثلاث وخمسين .

قال في مناقب آل أبي طالب:3/174: (واستغاث الناس من زياد إلى الحسن بن علي عليه السلام فرفع يده وقال: اللهم خذ لنا ولشيعتنا من زياد بن أبيه وأرنا فيه نكالاً عاجلاً إنك على كل شئ قدير ، قال: فخرج خرَّاجٌ في إبهام يمينه يقال لها السلعة ، وورم إلى عنقه فمات). انتهى .

أما رواية مصادر الخلافة فنسبت هذه الكرامة الى عبدالله بن عمر ، وقالت إنه دعا على زياد فأصيب بالطاعون ! قال في تاريخ دمشق:19/203: (عن ابن شوذب قال: بلغ ابن عمر أن زياداً كتب إلى معاوية: إني قد ضبطت العراق بشمالي ويميني فارغة ، يسأله أن يوليه الحجاز والعروض يعني بالعروض اليمامة والبحرين ، فكره ابن عمر أن يكون في سلطانه ، فقال: اللهم إنك تجعل في القتل كفارة لمن شئت من خلقك ، فموتاً لابن سمية لا قتلاً. قال: فخرج في إبهامه طاعونة فما أتت عليه إلا جمعة حتى مات ، فبلغ ابن عمر موته فقال: إليك يا ابن سمية ، لا الدنيا بقيت لك ولا الآخرة أدركت) ! (ونحوه في تاريخ الطبري:4/214 ، وأنساب الأشراف ص 1228، وفوات الوفيات ص288 ، والنجوم الزاهرة:1/219 ، وفيه: فقال ابن عمر لما بلغه ذلك اللهم أرحنا من يمين زياد وأرح أهل العراق من شماله فكان أول خبر جاءه موت زياد). والأوائل للعسكري ص172

وفي نهاية الأرب:4460: (فقال: ادعوا الله عليه يكفيكموه ، فاستقبل القبلة واستقبلوها فدعوا ودعا ، وكان من دعائه أن قال: اللهم اكفنا يمين زياد ! فخرجت طاعونة على إصبع يمينه ، فمات منها). (ونحوه في الطبري:4/215 ، وكامل ابن الأثير:3/2). وفي التمهيد لابن عبد البر:6/212: ( فقال: مروا العجائز يدعون الله عليه ، ففعلن فخرج بإصبعه طاعون...) . وفي البدء والتاريخ:6/2 و446: (فاجتمع أهل المدينة في مسجد رسول الله (ص) ودعوا عليه ، فخرجت في يده الآكلة فشغله عن ذلك . وكان ينال من علي رضي الله عنه فضربه النقاد ذو الرقبة يعني الفالج ، فقتله بالكوفة)


أما الذهبي فقد روى الروايتين ! قال في سير أعلام النبلاء:3/496: (وقال ابن شوذب: بلغ ابن عمر أن زياداً كتب إلى معاوية: إني قد ضبطت العراق بيميني وشمالي فارغة ، وسأله أن يوليه الحجاز . فقال ابن عمر: اللهم إنك إن تجعل في القتل كفارة ، فموتا لابن سمية لا قتلاً ، فخرج في إصبعه طاعون ، فمات .

قال الحسن البصري: بلغ الحسن بن علي أن زياداً يتتبع شيعة علي بالبصرة فيقتلهم فدعا عليه . وقيل: إنه جمع أهل الكوفة ليعرضهم على البراءة من أبي الحسن فأصابه حينئذ طاعون في سنة ثلاث وخمسين). انتهى .

وكلام الذهبي الأخير يشير الى حشد زياد لشخصيات الشيعة في الكوفة في ساحة قصره وامتدادها حتى وصلوا الى الرحبة كما ذكرت الروايات ، ليعرض عليهم البراءة من علي عليه السلام فمن لم يفعل قطع رأسه !

قال في تاريخ دمشق:19/203، ونحوه204: عن (عبد الرحمن بن السائب قال: جمع زياد أهل الكوفة فملأ منهم المسجد والرحبة والقصر ليعرضهم على البراءة من علي! قال عبد الرحمن: فإني لمع نفر من الأنصار والناس في أمر عظيم فهوَّمتُ تهويمةً فرأيت شيئاً أقبل طويل العنق مثل عنق البعير أهدب أهدل ! فقلت: ما أنت ؟ قال: أنا النقَّاد ذو الرقبة ، بُعثتُ إلى صاحب هذا القصر ! فاستيقظت فزعاً فقلت لأصحابي: هل رأيتم ما رأيت ؟ قالوا: لا ، فأخبرتهم ! قال: ويخرج علينا خارج من القصر فقال: إن الأمير يقول لكم إنصرفوا عني ، فإني عنكم مشغول! وإذا الطاعون قد ضربه ، فأنشأ عبد الرحمن بن السائب يقول:


ما كان منتهياً عما أراد بنا حتى تناوله النَّقاد ذو الرقبهْ

فأثبت الشق منه ضربة ثبتت كما تناول ظلماً صاحب الرَّحَبَهْ).انتهى.

وصاحب الرحبة علي عليه السلام بسكون الحاء وفتحه للشعر .

وقد رواه من مصادرهم: النهاية:8/32 وفي طبعة 62، ونهاية ابن الأثير:2/315 ، ولسان العرب:2/291 ، ,469 ، والبد والتاريخ:6/3، وفي طبعة 446، والفائق للزمخشري:4/120، والروض المعطار للحميري:256، والمحاسن للبيهقي ص39، ومروج الذهب ص682، وأنساب الأشراف ص1271، وشرح النهج:3/199 ، وجمهرة اللغة لابن دريد ص809 ، وفي طبعة:2/677، وتاج العروس:6/442 ، وتذكرة ابن حمدون:2139 ، وسمط النجوم العوالي:3/122، وفي طبعة ص871 ، وغريب الحديث للخطابي:3/65، والمختضرين ص102، و103) .

ومن مصادرنا: الطوسي في الأمالي ص233 و620، وكنز الفوائد ص61، والمناقب:2/169 ، وتاريخ الكوفة للبراقي ص73، و104 ، وغيرها) .

ومعنى رؤيا عبد الرحمن السائب: أنه رأى حيواناً عنقه طويل كالبعير ، أهدب أي على رأسه وعينيه شعر ، وأهدل أي مدلى الشفتين ، وقال له إن اسمه ( النقاد ذو الرقبة) أي الذي ينقد الشخص من نقد الديك ، وهو رمز للبلاء والموت .


* *


فتلخص أنه سبب طاعون زياد وموته حسب ما تقدم هو: دعاء ابن عمر ، أو دعاء الإمام الحسن عليه السلام ، أو دعاء أهل المدينة ، أو دعاء أهل الكوفة ، أو سم معاوية ! والذي نرجحه أن يكون موته استجابة لدعاء الحسن والحسين‘ متقارناً مع سمِّ معاوية له بسم يهودي ، وأن السم ظهر في يده وانتشر بعد أسبوع في جسمه ، فهلك .

وقد استبعدنا دعاء ابن عمر عليه ، لما ثبت من خوفه الشديد من معاوية ، فهو لايجرؤ أن يدعو على أخيه زياد ! ولأن روايات دعاء ابن عمر متضاربة في نفسها والكلام الذي نسبه اليه الرواة هو كلام الإمام الحسن عليه السلام ، ويبدو أنهم نسبوه الى ابن عمر بعد موت زياد ، وربما بعد موت معاوية !

ففي تاريخ دمشق:19/202: (بلغ الحسن بن علي أن زياداً يتتبع شيعة علي بالبصرة فيقتلهم ، فقال: اللهم لاتقتلنَّ زياداً ، وأمته حتف أنفه ، فإنه كان يقال إن في القتل كفارة.... عن ابن أبي مليكة قال: إني لأطوف مع الحسن بن علي ، فقيل له: قتل زياد ، فساءه ذلك ! فقلت: وما يسوءك؟ قال: إن القتل كفارة لكل مؤمن .

عن أبي عبيدة بن الحكم عن الحسن بن علي قال أتاه قوم من الشيعة فجعلوا يذكرون ما لقي حجر وأصحابه وجعلوا يقولون: اللهم اجعل قتله بأيدينا ، فقال: الحسن: مه لا تفعلوا ، فإن القتل كفارات ، ولكن أسأل الله أن يميته على فراشه).

وفي تذكرة ابن حمدون:2139: (بلغ الحسن بن علي ماكان يصنع زياد بشيعة علي فقال: اللهم تفرد بموته ، فإن في القتل كفارة). انتهى .

وقد رجحنا تصحيف إسم الحسين في الرواية الى الحسن‘ ، لأن دعاء الإمام الحسن على ابن زياد ورد بصيغه عامة ليس فيها تحديد وقت ، بينما المروي عنه في المناقب:3/174، دعاء فوري معجل: (اللهم خذ لنا ولشيعتنا من زياد بن أبيه وأرنا فيه نكالاً عاجلاً إنك على كل شئ قدير) ومثل هذ الدعاء من المعصوم سيد شباب أهل الجنة ، لايتأخر الى سنوات . ولذا قلنا إنه للإمام الحسين عليه السلام .


وفي ختام حديث زياد نسجل شهادة ابن عباس بأنه رجل دموي قاتل ، ففي تاريخ دمشق:19/171: عن (الهجيع بن قيس قال: كتب زياد إلى الحسن والحسين وعبد الله بن عباس يعتذر إليهم في شأن حجر وأصحابه ، فأما الحسن فقرأ كتابه وسكت ، وأما الحسين فأخذ كتابه ولم يقرأه(ومزقه كما في مختصر ابن منظور) ، وأما ابن عباس فقرأ كتابه وجعل يقول كذبَ كذبَ . ثم أنشأ يحدث قال: إني لما كنت بالبصرة كبَّر الناس بي تكبيرة ثم كبروا الثانية ثم كبروا الثالثة ، فدخل علي زياد فقال: هل أنت مطيعي يستقم لك الناس ؟ فقلت: ماذا ؟ قال: أرسل إلى فلان وفلان وفلان ، ناس من الأشراف تضرب أعناقهم يستقم لك الناس !! فعلمت أنه إنما صنع بحجر وأصحابه مثل ما أشار به عليَّ) !! انتهى .

وكان زياد كاتباً عند ابن عباس عندما كان حاكم البصرة وإيران من قبل علي عليه السلام ، ومعنى كبَّر الناس أنهم صاحوا بشعار الخوارج ضد علي عليه السلام ، وكان شعارهم (لاحكم إلا لله ، الله أكبر) لأنهم قالوا إنهم كفروا بتحكيم حكمين وكان مطلبهم من علي عليه السلام أن يتوب من التحكيم ويقاتل معاوية !

فأشار زياد على ابن عباس أن يرسل شرطته فيحضر رؤساءهم ويقتلهم ليسكت الباقون ويطيعوه ! لذلك يقول ابن عباس هذا تفكير زياد ! فهو من النوع الذي يقابل معارضيه بالقتل! فهو إذن الذي قتل حجراً رئيس كندة وأصحابه !

وهذا هو نفس تفكير معاوية ! فأول ما يفكر فيه بشأن خصمه هو القتل !!

فقد روى ابن قتيبة في الامامة والسياسة:1/49 ، أنه جرى في دار الخلافة ذكر انتقاد الصحابة والأمصار لعثمان ، وكان معاوية عنده: ( فقال عثمان لمعاوية: ما ترى فإن هؤلاء المهاجرين قد استعجلوا القدر ، ولا بد لهم مما في أنفسهم ، فقال معاوية: الرأي أن تأذن لي فأضرب أعناق هؤلاء القوم . قال: من؟ قال: عليٌّ وطلحة والزبير ! قال عثمان: سبحان الله ! أقتل أصحاب رسول الله بلا حدث أحدثوه ولا ذنب ركبوه ؟! قال معاوية: فإن لم تقتلهم فإنهم سيقتلونك ! قال عثمان: لا أكون أول من خلف رسول الله في أمته بإهراق الدماء). انتهى .


أقول: لن تجد احتراماً لحقوق الناس ودمائهم إلا في مدرسة النبي صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام ، أما بنو أميه وموظفهم زياد ، وأما بنو العباس الذين هم من أبناء عبدالله بن عباس نفسه ، فهم يعتبرون الناس عبيداً لهم ، ويرون أن إراقة دمائهم حقٌّ شرعي لهم ، فهو أسهل عندهم إراقة الماء !

وأما عثمان فكان أقل من غيره من الأمويين في إراقة الدماء ، لكنه قتل العديد !

ملاعلي 22-08-2008 09:15 PM

6- قَتْلُه لابن خاله الصحابي محمد بن أبي حذيفة !


لله في خلقه شؤون.. فقد كان أبو أحيحة سعيد بن العاص الأموي من كبار زعماء قريش وأثريائها ، ومن أئمة الشرك والعداء لله ورسوله صلى الله عليه وآله ، لكن ابنه خالداً هداه الله تعالى برؤيا رآها ، فذهب الى النبي صلى الله عليه وآله وأسلم ، وتحمل من أبيه ما تحمل ، حتى اضطر للهجرة الى الحبشة ، ثم كان قائداً مع النبي صلى الله عليه وآله ، وشيعياً مخلصاً لعلي عليه السلام وقائداً بطلاً في فتح الشام !

كما كان عتبة بن ربيعة الأموي والد هند آكلة الأكباد ، من شيوخ قريش ، ورئيس حربها للنبي صلى الله عليه وآله ، وقد قتل هو وابنه الوليد وأخوه شيبة ، في بدر !

لكن ابنه أبا حذيفة واسمه قيس ، هداه الله تعالى فذهب الى النبي صلى الله عليه وآله وأسلم وتحمل من أبيه ما تحمل ، حتى اضطر للهجرة الى الحبشة ، وولد له هناك ابنه محمد ، وقد استشهد أبو حذيفة في اليمامة ، وكان ابنه محمد كأبيه شيعياً .

وكان هو ومحمد بن أبي بكر من القادة في فتح مصر ، وفي معركة ذات الصواري البحرية الشهيرة مع الروم . (أنساب الأشراف للبلاذري ص387) .

وشارك محمد بن أبي حذيفة رحمه الله في فتح الشام ، وصادف أن ركب سفينة مع كعب الأحبار الذي كان المستشار الثقافي والمفتي للخليفة عمر والخليفة عثمان وكان يرافق جيش الفتح أحياناً الى المناطق الآمنة ، ويزعم أنه يعرف المغيبات من التوراة ويحدثهم بها ! فأخذ محمد يسخر من كعب وتوراته المحرفة !

قال ابن شبة في تاريخ المدينة:3/1117: (عن محمد بن سيرين قال: ركب كعب الأحبار ومحمد بن أبي حذيفة في سفينة قِبَلَ الشام ، زمن عثمان في غزوة غزاها المسلمون ، فقال محمد لكعب: كيف تجد نعت سفينتنا هذه في التوراة تجري غداً في البحر؟! فقال كعب: يا محمد لاتسخر بالتوراة ، فإن التوراة كتاب الله . قال: ثم قال له(محمد) ذاك ثلاث مرات) !!

وقد وصفه الذهبي في سيره:3/479 بأنه متعلم من أهل القرآن: ( فخرج محمد بن أبي حذيفة فاستوى على المنبر فخطب وقرأ سورة ، وكان من أقرأ الناس).انتهى.


لكن أكثر ما تجد في مصادرهم ذم محمد رحمه الله وتحليل دمه لمعاوية ، مع أنه صحابي ، أموي ، وذلك لأنه حرَّض أهل مصر على ابن عمه عثمان بن عفان ، فجاء وفدهم المعترض على ظلم واليهم ، وكان خمس مائة فارس بقيادة الصحابي عبد الرحمن بن عديس البلوي ، وانتهى أمره بمحاصرة عثمان بالإشتراك مع وفد البصرة والكوفة وقتله. (تاريخ دمشق:39/423 ، تاريخ الطبري:3/341).

أعطى معاوية الأمان لابن خاله ثم حبسه ، ثم قتله !

قال الطبري في تاريخه:3/548: ( وفي هذه السنة أعني سنة 36 قتل محمد بن أبي حذيفة ، وكان سبب قتله أنه لما خرج المصريون إلى عثمان مع محمد بن أبي بكر أقام بمصر ، وأخرج عنها عبد الله بن سعد بن أبي سرح وضبطها ، فلم يزل بها مقيماً حتى قتل عثمان وبويع لعلي ، وأظهر معاوية الخلاف وبايعه على ذلك عمرو بن العاص ، فسار معاوية وعمرو إلى محمد بن أبي حذيفة ، قبل قدوم قيس بن سعد مصر فعالجا دخول مصر فلم يقدرا على ذلك ، فلم يزالا يخدعان محمد بن أبي حذيفة حتى خرج إلى عريش مصر في ألف رجل فتحصن بها ، وجاءه عمرو فنصب المنجنيق عليه حتى نزل في ثلاثين من أصحابه وأخذوا وقتلوا رحمهم الله) !

وقال الطبري في:4/80: (اختلف أهل السير في وقت مقتله فقال الواقدي: قتل في سنة 36 ، وذكر خبر تحصنه في العريش ثم قال: وأما هشام بن محمد الكلبي فإنه ذكر أن محمد بن أبي حذيفة إنما أخذ بعد أن قتل محمد بن أبي بكر ودخل عمرو بن العاص مصر وغلب عليها ، وزعم أن عمراً لما دخل هو وأصحابه مصر أصابوا محمد بن أبي حذيفة ، فبعثوا به إلى معاوية وهو بفلسطين فحبسه في سجن له ، فمكث فيه غير كثير ثم إنه هرب من السجن ، وكان ابن خال معاوية). انتهى .

فرَّ من السجن فلحقه مبعوث معاوية وقتله في فلسطين !

في تاريخ دمشق:52/272: (عن يزيد بن أبي حبيب قال: كان رجال من أصحاب النبي(ص) يحدثون أن رسول الله (ص) قال: يقتل في جبل الجليل والقطران من أصحابي أو من أمتي ناس ، فكان أولئك النفر الذين قتلوا مع محمد بن أبي حذيفة وأصحابه بجبل الجليل والقطران هناك).

وفي الإصابة:6/11: ( كان رجال من الصحابة يحدثون أن النبي(ص)قال: يقتل بجبل الخليل والقطران من أصحابي..... وذكر خليفة بن خياط في تاريخه أن علياً لما ولي الخلافة أقر محمد بن أبي حذيفة على إمرة مصر ، ثم ولاها محمد بن أبي بكر . واختلف في وفاته فقال بن قتيبة: قتله رشدين مولى معاوية ، وقال بن الكلبي: قتله مالك بن هبيرة السكوني) .

وفي أنساب الأشراف ص408 ، أن معاوية حبسه عنده في الشام: (فرماه عمرو بالمنجنيق حتى أخذه أخذاً فبعث به عمرو إلى معاوية فسجنه عنده ، وكانت ابنة قرظة امرأة معاوية ابنة عمة محمد بن أبي حذيفة ، أمها فاطمة بنت عتبة بن ربيعة تصنع له طعاماً وترسل به إليه وهو في السجن ، فلما سار معاوية إلى صفين ، أرسلت ابنة قرظة بشئ فيه مساحل من حديد إلى ابن أبي حذيفة ، فقطع بها الحديد عنه ، ثم جاء فاختبأ في مغارة بجبل الذيب بفلسطين فدل نبطيٌّ عليه رشدين مولى أبي حذيفة أبيه ، وكان معاوية خلفه على فلسطين ، فأخذه فقال له محمد: أنشدك الله خليت سبيلي! فقال له: أخلي سبيلك فتذهب إلى ابن أبي طالب وتقاتل معه ابن عمتك وابن عمك معاوية ، وقد كنت فيمن شايع علياً على قتل عثمان . فقدمه فضرب عنقه).

وقال البلاذري في أنساب الأشراف407: (وقوم يقولون: أن ابن أبي حذيفة حين أخذ لم يزل حبس معاوية إلى بعد مقتل حجر بن عدي ، ثم إنه هرب فطلبه مالك بن هبيرة بن خالد الكندي ثم السكوني ، ووضع الأرصاد عليه ، فلما ظفر به قتله غضباً لحجر) . انتهى .

أقول: توسط مالك بن هبرية الكندي لحجر بن عدي الكندي ، فلم يقبل معاوية وساطته فغضب ! ثم أرضاه معاوية بالمال . وتدعي هذه الرواية أنه قتل ثأراً بحجر بن عدي شخصية من بني أمية هو محمد بن أبي حذيفة !

وهذه من شائعات معاوية لإبعاد قتل ابن خاله عن نفسه ، اتقاءً لنقمة بني أمية ! لأن آل عتبة الذين منهم محمد وآل أبي أحيحة الذين منهم خالد بن سعيد ، أشرف عندهم من آل حرب ، وآل حرب الذين منهم معاوية أشرف عندهم من آل العاص الذين منهم عثمان !

ملاعلي 22-08-2008 09:18 PM

7- قَتْلُه الصحابي سعيد بن عثمان بن عفان !


في تاريخ دمشق:21/223: (كان أهل المدينة عبيدهم ونساؤهم يقولون:

والله لا ينالها يزيدُ حتى ينالَ هامَه الحديدُ إن الأميرَ بعدَهُ سعيدُ

يعنون لا ينال يزيد الخلافة ، والأمير بعده سعيد بن عثمان ، وكانت أمه أم عبد الله بن الوليد بن عبد شمس بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم . فقدم سعيد على معاوية فقال: يا ابن أخي ما شئ يقوله أهل المدينة؟ قال وما يقولون؟ قال: قولهم: والله لا ينالها يزيد حتى يعض هامه الحديد إن الأمير بعده سعيد ! قال: ما تنكر من ذلك يا معاوية ؟! والله إن أبي لخير من أبي يزيد ، ولأمي خير خير من أم يزيد ، ولأنا خير منه ، وقد استعملناك فما عزلناك بعد ، ووصلناك فما قطعناك ، ثم صار في يديك ما قد ترى ، فحلأتنا عنه أجمع ! فقال له معاوية: يا بنيَّ أما قولك إن أبي خير من أبي يزيد فقد صدقت ، عثمان خير من معاوية . وأما قولك أمي خير من أم يزيد فقد صدقت ، امرأة من قريش خير من امرأة من كلب ، ولَحَسْبُ امرأة أن تكون من صالح نساء قومها . وأما قولك إني خير من يزيد فوالله ما يسرني أن حبلاً بيني وبين العراق ثم نُظم لي فيه أمثالك به .

ثم قال معاوية لسعيد بن عثمان: إلحق بعمك زياد بن أبي سفيان فإني قد أمرته أن يوليك خراسان ، وكتب إلى زياد أن وله ثغر خراسان ، وابعث على الخراج رجلاً جلداً حازماً ! فقدم عليه فولاه وتوجه سعيد إلى خراسان على ثغرها ، وبعث زياد أسلم بن زرعة الكلابي معه على الخراج! ثم أورد ابن عساكر رواية جاء فيها: (فوالله ما يسرني أن الغوطة ملئت رجالا مثلك ! فقال يزيد: يا أمير المؤمنين إنه ابن من تعرف ، وحقه الحق الواجب الذي لايدفع ، فانظر له وتعطف عليه ووله !).

( ونحوه تاريخ الطبري:4/220 ، والتذكرة الحمدونية ص1497 ، والنهاية:8/87) .


أقول: يظهر أن سعيداً هذا كان قليل العقل ، مع أنهم يسمونه: (شيطان قريش ولسانها)! (الإمامة والسياسة:1/164) فقد جاء مطالباً بولاية العهد ، فلعب عليه معاوية وأرضاه بمنصب شكلي وجعله تحت إمرة زياد ، وجعل ميزانية منطقته بيد غيره: (وكتب إلى زياد أن ولِّه ثغر خراسان ، وابعث على الخراج رجلاً جلداً حازماً) ! ولا بد أنه رتب أمره مع ابن زياد ، فجعله مسؤولاً عسكرياً في منطقة لم يستقر فتحها ، فهو في معرض القتل ولا مال بيده !

وفي الأمامة والسياسة لابن قتيبة:1/165: (فقال معاوية: لك خراسان . قال سعيد: وما خراسان؟ قال: إنها لك طعمة وصلة رحم ، فخرج راضياً ، وهو يقول:


ذكرت أمير المؤمنين وفضله فقلت جزاه الله خيرا بما وصل)...الخ..

وفي تاريخ الطبري:4/227: (وأما فضلك عليه ، فوالله ما أحب أن الغوطة دُحست بيزيد رجالاً مثلك ! فقال له يزيد: يا أمير المؤمنين ابن عمك وأنت أحق من نظر في أمره ، وقد عتب عليك لي ، فأعتبه ! قال: فولاه حرب خراسان)!!

وفي تاريخ دمشق:8/231: (فولاه حرب خراسان وولى إسحاق بن طلحة خراجها وكان إسحاق ابن خالة معاوية أمه أم أبان ابنة عتبة بن ربيعة ، فلما صار بالري مات إسحاق بن طلحة فولي سعيد خراج خراسان وحربها وكان ذلك في سنة ست وخمسين على ما ذكر الطبري). (ومنتظم ابن الجوزي:5/287)

وتجهز سعيد من البصرة فجهزه ابن زياد ، وساعده أخوه أبو بكرة بأربع مئة ألف فتعجب سعيد من هذا السخاء! قال ابن الأعثم في الفتوح:4/308: (فعرض عليه أهل السجون والدُّعَّار ومن يصلح للحرب ، فانتخب سعيد بن عثمان منهم أربعة آلاف رجل ، كل رجل يعد برجال....وقواه زياد بأربعة آلاف ألف درهم ، فقبضها سعيد وفرقها في أصحابه). وتوجه بجيشه وقيل في اثني عشر ألفاً (تاريخ دمشق:23/475) وعبر نهر بلخ وحاصر مدينة بخارى(معجم البلدان:1/355) ، أشهراً فلم يستطع فتحها !

وفي فتوح ابن الأعثم:4/310: ( وببخارا ملكة يقال لها يومئذ خيل خاتون....فأرسلت إليه فصالحته على ثلاثمائة ألف درهم وعلى أنها تسهل له الطريق إلى سمرقند . قال: فقبل سعيد ذلك منها ، وأخذ منها ما صالحته عليه وأخذ منها رهائن أيضاً عشرين غلاماً من أبناء ملوك بخارا كأن وجوههم الدنانير ، ثم بعثت إليه بالهدايا ووجهت معه الأدلاء يدلونه على طريق سمرقند . فسار سعيد بن عثمان من بخارا والأدلاء بن يديه يدلونه على الطريق الذي يوصله إلى سمرقند ، فنزل على سمرقند وبها يومئذ خلق كثير من السغد). انتهى. وعلة الرهائن أنهم ضمانة إذا عبر جيش المسلمين من بخارى ، أن لايتبعوه ويغدروا به !

وفي فتوح البلاذري:3/508: ( فنزل على باب سمرقند وحلف أن لا يبرح أو يفتحها ويرمى قهندزها. فقاتل أهلها ثلاثة أيام ، وكان أشد قتالهم في اليوم الثالث . ففقئت عينه وعين المهلب بن أبي صفرة).

وفي تاريخ اليعقوبي:2/237: (وسار إلى سمرقند فحاصرها فلم يكن له طاقة بها ، فظفر بحصن فيه أبناء الملوك ، فلما صاروا في يده طلب القوم الصلح ، فحلف ألا يبرح حتى يدخل المدينة ، ففتح له باب المدينة فدخلها ، ورمى القهندز بحجر !

وكان معه قثم بن العباس بن عبد المطلب فتوفي بسمرقند).

وفي فتوح ابن الأعثم:4/312: (فأنشأ مالك( بن الريب المازني وكان شجاعاً) وجعل يقول:


سعيد بن عثمان أمير مُرَوَّعٌ تراه إذا ما عاين الحرب أخزرا

وما زال يوم السغد يرعد خائفاً من الروع حتى خفت أن يتنصرا

فلولا بنو حرب لهدت عروشكم بطون العظايا من كسير وأعورا

وما كان من عثمان شئ علمته سوى نسله في عقبه حين أدبرا


قال: فبلغ ذلك سعيد بن عثمان فهم بقتله ، ثم إنه راقب فيه عشيرته ، فأكرمه ووصله بصلة سنية واعتذر إليه ، فقبل مالك ذلك .

أقام سعيد على سمرقند لايفتر من حرب القوم ، وعلم أنه لا يقدر على فتحها بالسيف فعزم على صلحهم ، قال: وطلب أهل سمرقند أيضاً الصلح فصالحهم على خمسمائة ألف درهم وعلى أنهم يفتحون له باب المدينة ، فيدخل من باب ويخرج من باب ، ثم ينصرف عنهم فرضي القوم بذلك ، وأعطاه أخشيد ملك سمرقند ما صالحه عليه ، ثم فتح له باب المدينة فدخلها سعيد في ألف فارس ، وسار في شارع واحد حتى خرج من الباب الآخر ، ثم صار إلى عسكره ، ووافته هدايا أهل سمرقند فقبلها ، ثم وضع العطاء لأصحابه فأعطاهم ، وتزود القوم .

ورحل سعيد بن عثمان عن باب سمرقند إلى بخارا ، فأقام على بابها أياماً ، ثم بعثت إليه ملكة بخارا أنك قد صرت إلى حاجتك وقد وفيت لك بمال الصلح ، فرد عليَّ رهائني فإنهم غلمان من أبناء ملوك بخارا ، فأبى سعيد أن يردهم عليها !

ثم رحل حتى صار إلى نهر بلخ فنزل عليه ، وعقدت له الأطواف فعبر وعبر أصحابه وسار حتى صار إلى مرو فنزلها....

ونَفَلَ(رجع) سعيد بن عثمان من بلاد خراسان وقد ملأ يديه من الأموال ، حتى إذا صار إلى المدينة مدينة رسول الله(ص)كتب إلى معاوية يستعفيه من ولاية خراسان فعلم معاوية أنه استظهر بالأموال فأعفاه !

قال: وعمد سعيد إلى الرهائن الذين حملهم من بخارا فجعلهم فلاحين في نخل له وحرث بالمدينة ، فغضبوا لذلك واتفقوا وأجمعوا على قتل سعيد ، قال: وجاءهم سعيد يوماً لينظر إلى نخلة ، فوثبوا عليه فقتلوه بخناجر كانت معهم ، ثم هربوا فصاروا إلى جبل هناك فتحصنوا فيه ، وبلغ ذلك أهل المدينة وساروا إليهم وحاصروهم في ذلك الجبل حتى ماتوا فيه جوعاً وعطشاً). انتهى .

أقول: يدل مجموع الروايات على أن القتل كان في أرض سعيد خارج المدينة ، وأن الغلمان قتلوا هناك !

ومعنى قوله: وما كان من عثمان شئ علمته سوى نسله في عقبه حين أدبرا

أن عثمان لم يورث أبناءه إلا فراره في أحد ! قال ابن حجر في العجاب في بيان الأسباب ص772: (وكان ممن ولى دبره يومئذ عثمان بن عفان وسعد بن عثمان وعقبة بن عثمان ، أخوان من الأنصار من بني زريق ، حتى بلغوا الجلعب فرجعوا بعد ثلاثة أيام ، فقال لهم رسول الله: لقد ذهبتم بها عريضة ! قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ). انتهى .(ورواه الاستيعاب:3/1074 ، وغيره).

واستعفاء سعيد لايصح ، فقد صرح المؤرخون بأن معاوية عزله بعد فراره من خراسان ! ففي تاريخ دمشق:37/443 ، و:21/223 : (وفيها يعني سنة سبع وخمسين عزل معاوية سعيد بن عثمان عن خراسان). (وتاريخ ابن خياط ص170، وغيرهما) .



وينبغي أن نسجل هنا ثلاث ملاحظات:


الأولى: أنك عندما تقرأ عن شخصيات قريش السلطة مثل سعيد بن عثمان أنه حارب وفتح الفتوحات فلا تصدق ! فرواة الخلافة وعلماؤها يستحلون الكذب لمصلحة من يتولونهم ! لاحظ قول الذهبي (الأموي) في سير أعلام النبلاء:3/442: (وسعيد بن عثمان بن عفان ، أبو عبد الرحمن الأموي ، غزا خراسان ، فورد نيسابور في عسكر منهم جماعة من الصحابة والتابعين ، ثم خرج منها إلى مرو ، ومنها إلى جيحون ، وفتح بخارى وسمرقند). ولاحظ قول ابن عساكر في تاريخه:21/222: (سعيد بن عثمان بن عفان القرشي المدني استعمله معاوية على خراسان فغزا سمرقند وفتح الله على يديه فتحاً عظيماً ، وأصيبت عينه بها ، وأخذ الرهون).

وقارن ما كتباه بما كتبه ابن الأعثم في فتوحه:4/312: ( ذكر فتوح خراسان أيضاً بعد سعيد بن عثمان . قال: وبقيت خراسان ليس بها نائب ، فكتب معاوية إلى زياد بن أبيه بالبصرة يأمره أن يوجه إلى خراسان رجلاً يقوم بأمرها)!! انتهى .

وقول الحموي في معجم البلدان:1/355 ، عما حدث بعد سعيد بن عثمان: (ثم لم يبلغني من خبرها شئ إلى سنة87 في ولاية قتيبة بن مسلم خراسان ، فإنه عبر النهر إلى بخارى فحاصرها فاجتمعت الصغد وفرغانة والشاش وبخارى ، فأحدقوا به أربعة أشهر ثم هزمهم... وفتحها... ثم مضى منها إلى سمرقند). انتهى .

ومعناه أن حملة سعيد سنة 56 فشلت ، بل سببت فراغاً سياسياً في خراسان ما وراء النهر ، التي تعني بخارى وسمرقند والشيشان ، وما اليها !

بل لا تعجب إذا قرأت عن بلد أنه فتح عشرين مرة ! وأن من أنواع الفتح أن يدخل القائد ببعض جنوده من باب من المدينة ويخرج من باب آخر !

وعلم أن البطل في رواياتهم قد يكون هو المنهزم الجبان ! وعليك أن تبذل جهداً لتعرف الفاتح الحقيقي ، الذي قد يكون معارضاً طمسوا إسمه !

وهذا يؤكد رأينا في أن الفتوحات الأساسية تحققت بجهود قادة الفتوح الشيعة ، بقيادة علي عليه السلام ، وأن قريشاً نسبتها الى تدبير ولاتها ، على حد تعبيره عليه السلام .


الملاحظة الثانية: أن منطقة ما وراء النهر من خراسان ، استمرت مقاومة أهلها المجوس والوثنيين طيلة حكم بني أمية ، فكانت عند معاوية منفىً نموذجياًً للمعارضين ، ولذلك تقرأ موت عدد كبير من الصحابة والشخصيات فيها ، باسم الجهاد والفتح ، سوى الذين عينوهم قادة وولاة ، وقتلوهم في قبل أن يصلوا اليها !

ولا بد أن سعيد بن عثمان أدرك أن منصبه خطة لقتله ، فسارع في جمع ما أمكنه من ثروة بالصلح والغارات الصغيرة ، وعاد في أقل من سنة !


الملاحظة الثالثة: أن عزل سعيد بن عثمان بمجرد رجوعه الى المدينة يعني أن معاوية خاف أن يستعمل ثروته التي جمعها للقيام بحركة ضده ، وقد صرح بذلك البلاذري فقال في فتوح البلدان:3/509: (وكان معاوية قد خاف سعيداً على خلعه ، ولذلك عاجله بالعزل ! ثم ولى معاوية عبد الرحمن بن زياد خراسان). انتهى.

وهذا يلقي الضوء على قتل الغلمان البخاريين لسعيد ، أو بالأحرى كمين معاوية في البستان ، وأحد عيون معاوية الذي رافق سعيداً الى البستان ، ولم يدافع عنه !

قال في تاريخ دمشق:21/227: (قدم سعيد بن عثمان المدينة فقتله غلمان جاء بهم من الصغد ، وكان معه عبد الرحمن بن أرطأة بن سيحان حليف بني حرب بن أمية.... فقال خالد بن عقبة بن أبي معيط يرثي سعيد بن عثمان بن عفان:


يا عين جودي بدمع منك تهتانا وابكي سعيد بن عثمان بن عفانا

إن ابن زَيْنَةَ لم تصدق مودته وفرَّ عنه ابن أرطأة بن سيحانا).


وابن أرطاة: (له اختصاص بآل سفيان...ضرب في الخمر وهو حليف بني حرب) (تاريخ دمشق:34/178) و(أكثر شعره في الشراب والغزل والفخر) . (الأعلام:3/299).

وفي أنساب الأشراف ص1508: (قال: فبينا سعيد في حائط له وقد جعل أولئك السغد فيه يعملون بالمساحي ، إذا أغلقوا باب الحائط ووثبوا عليه فقتلوه ، فجاء مروان بن الحكم يطلب المدخل عليهم فلم يجده ! وقتل السغد أنفسهم ! وتسورت الرجال ففتحوا الباب وأخرجوا سعيداً) ! انتهى .

فاعجب لكون مروان والي المدينة من قبل معاوية حضر عند وقوع الجريمة في بستان خارج البلد ، ولم يجد مفتاح سور البستان فتأخر دخوله اليه ! أما ابن أرطاة فقالوا هرب واختفى ، أو كان مشغولاً مع أعوانه بتكميل مهمته بقتل الغلمان !

واعجب أكثر لإخفاء خيوط الجريمة وقولهم إن العشرين شاباً الذين قتلوا سعيداً قتلوا أنفسهم حتى لم يبق منهم أحد !

ففي تاريخ اليعقوبي:2/237: (وصار سعيد إلى المدينة ومعه أسراء من أولاد ملوك السغد فوثبوا عليه وقتلوه ، وقتل بعضهم بعضاًحتى لم يبق منهم أحد)!!


وأعجب أكثر ، لمحاولة المغفلين من آل عثمان أن يبعدوا التهمة عن معاوية ، ويقولوا إن الإمام الحسين عليه السلام أصاب سعيداً بالعين لأنه جمع ثروة وغلماناً !

روى ( المدائني عن سحيم بن حفص قال: لقي الحسين بن علي سعيداً وأبناء السغد معه ، فقال متمثلاً: أبا عمارة أما كنتَ ذا نفر فإن قومك لم تأكلهم الضبعُ . وكان قوم من بني عثمان: يقولون: ما قتله إلا عين الحسين)!! (أنساب الأشراف ص1508) .

مع أن الإمام الحسين عليه السلام حذره من هؤلاء الغلمان وقال له: أين قومك؟ أليس لك أحد من أقاربك تمشي معهم بدل هؤلاء؟! ولعل سعيداً فهمها !


وأصل البيت: أبا خراشة أمَّا أنت ذا نفر فإن قوميَ لم تأكلهم الضبعُ .


ولكن الإمام عليه السلام غيَّره من التفاخر الى التعجب من مشي سعيد وحده مع غرباء ، مع أن قومه لم تأكلهم الضبع ، أي لم تفنهم السنين ! (لسان العرب:6/294، ومغنى اللبيب لابن هشام:1/35 ن وجمهرة الأمثال للعسكري:2/105، ومجمع الأمثال للنيسابوري:2/84).

ملاعلي 22-08-2008 09:19 PM

8- قَتْلُه محمد بن أبي بكر رحمه الله


تربى محمد بن أبي بكر في حجر علي عليه السلام وكان من خاصة أصحابه ، ذلك أن أمه أسماء بنت عميس كانت صحابية جليلة محبة لأهل البيت عليهم السلام ، ومن خواص الصديقة الزهراء عليها السلام ، فتزوجها علي عليه السلام بعد وفاة أبي بكر .

وكان أهل مصر يحبون محمداً لأنه شارك في فتح مصر ، وفي معركة ذات الصواري مع صديقه محمد بن أبي حذيفة ، كما تقدم .

وعندما جاء وفد مصر الى عثمان يشكون واليهم ابن أبي معيط الأموي ، أرادوا أن يبعث محمد بن أبي بكر والياً عليهم بدله ، فكتب له عثمان مرسوماً بولاية مصر وأرسله معهم ، لكنهم قبضوا في الطريق على رسول عثمان الى الوالي ابن معيط يأمره أن يقتلهم ويستمر في عمله ! فرجعوا وشاركوا في محاصرة عثمان !

~ ~

وكان علي عليه السلام ولى قيس بن سعد بن عبادة على مصر ، فتجمع بقايا الأمويين في معسكر مناهضين لعلي عليه السلام مطالبين بدم عثمان ، وكانوا بقيادة معاوية بن حديج الكندي ، فأمدهم معاوية من الشام وشجعهم ، فأمر علي عليه السلام قيساً أن يناجزهم القتال قبل أن يتعاظم أمرهم فأبى قيس بحجة أنهم عاهدوه على عدم الخروج !

فعزله الإمام عليه السلام وأرسل بدله محمد بن أبي بكر حاكماً على مصر ، ثم تفاقم أمر أتباع معاوية ووصل ابن العاص بجيش من ثلاث فرق من الشام والأردن وفلسطين ليحتل مصر وتكون طعمة له كل حياته ، كما شرط على معاوية ! فقاتلهم محمد فغلبوه ، وقتلوه قتلة فجيعة رحمه الله ، وسيطروا على مصر !

وفي أثناء هذه الأحداث أرسل أمير المؤمنين عليه السلام مالك الأشتر رحمه الله الى مصر لكن معاوية دبر له السم وقتله على أبواب القاهرة ، قبل أن يتسلم عمله من محمد .

(فلقيهم محمد بن أبي بكر بموضع يقال له المسناة ، فحاربهم محاربة شديدة ، وكان عمرو يقول: ما رأيت مثل يوم المسناة ، وقد كان محمد استذمَّ إلى اليمانية فمايل عمرو بن العاص اليمانية ، فخلفوا محمد بن أبي بكر وحده ! فجالد ساعة ثم مضى فدخل منزل قوم خرابة ، واتبعه ابن حديج الكندي فأخذه وقتله ، وأدخله جيفة حمار ، وحرقه بالنار في زقاق يعرف بزقاق الحوف ! وبلغ علياً ضعف محمد بن أبي بكر وممالأة اليمانية معاوية وعمرو بن العاص فقال: ما أوتي محمد من حرض)! (اليعقوبي في تاريخه:2/193) . ومعناه: ما أتي من ضعف في دينه أو عقله أوبدنه ، ولكنها المقادير .

وقد تقدم شئ عن شهادته رحمه الله في المجلد الأول ، وفي موت أخته عائشة ! ونورد هنا ملخصاً مختصراً مما ذكره الطبري في تاريخه:4/76 ، وهو أن ابن العاص نزل بجيش من ثلاثة فرق في أداني أرض مصر ، واجتمعت اليه العثمانية ، وكتب إلى محمد بن أبي بكر ، وأرسل له رسالة معاوية يتهدده ويتهمه بالتحريك على عثمان ، فطوى محمد كتابيهما وبعثهما إلى أمير المؤمنين عليه السلام يطلب منه الرأي والمدد ، فكتب له عليه السلام أن يثبت ويجاهد: ( وذكرت أنك قد رأيت في بعض ممن قبلك فشلاً فلا تفشل وإن فشلوا ، حصن قريتك واضمم إليك شيعتك ، واندب إلى القوم كنانة بن بشر المعروف بالنصيحة والنجدة والبأس فإني نادب إليك النابغي على الصعب والذلول فاصبر لعدوك وامض على بصيرتك وقاتلهم على نيتك وجاهدهم صابراً محتسباً..... فقام محمد بن أبي بكر في الناس فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله صلى الله عليه وآله ثم قال: أما بعد معاشر المسلمين والمؤمنين فإن القوم الذين كانوا ينتهكون الحرمة وينعشون الضلال ويشبون نار الفتنة ويتسلطون بالجبرية ، قد نصبوا لكم العداوة وساروا إليكم بالجنود . عبادَ الله فمن أراد الجنة والمغفرة فليخرج إلى هؤلاء القوم فليجاهدهم في الله . انتدبوا رحمكم الله مع كنانة بن بشر .

قال فانتدب معه نحو من ألفي رجل وخرج محمد في ألفي رجل . واستقبل عمرو بن العاص كنانة وهو على مقدمة محمد ، فأقبل عمرو نحو كنانة ، فلما دنا سرح الكتائب كتيبة بعد كتيبة فجعل كنانة لاتأتيه كتيبة من كتائب أهل الشام إلا شد عليها بمن معه فيضربها حتى يقربها بعمرو بن العاص ، ففعل ذلك مراراً !

فلما رأى ذلك عمرو بعث إلى معاوية بن خديج السكوني فأتاه في مثل الدهم فأحاط بكنانة وأصحابه ، واجتمع أهل الشام عليهم من كل جانب . فلما رأى ذلك كنانة بن بشر نزل عن فرسه ونزل أصحابه وكنانة يقول: وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلا بِإِذْنِ اللهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ .فضاربهم بسيفه حتى استشهد رحمه الله .

وأقبل عمرو بن العاص نحو محمد بن أبي بكر وقد تفرق عنه أصحابه ، لما بلغهم قتل كنانة ، حتى بقي وما معه أحد ! فلما رأى ذلك خرج يمشى في الطريق حتى انتهى إلى خربة في ناحية الطريق ، فآوى إليها... فاستخرجوه وقد كاد يموت عطشاً ، فأقبلوا به نحو فسطاط مصر . قال ووثب أخوه عبد الرحمن بن أبي بكر إلى عمرو بن العاص وكان في جنده فقال: أتقتل أخي صبراً ؟! إبعث إلى معاوية بن خديج فانهه ، فبعث إليه عمرو بن العاص يأمره أن يأتيه بمحمد بن أبي بكر ! فقال معاوية: أكذاك قتلتم كنانة بن بشر(وهو سكوني من قبيلته)وأخلي أنا عن محمد بن أبي بكر ؟! هيهات أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ . فقال لهم محمد: أسقوني من الماء قال له معاوية بن حديج: لا سقاه الله إن سقاك قطرة أبداً ، إنكم منعتم عثمان أن يشرب الماء حتى قتلتموه صائماً محرماً ، فتلقاه الله بالرحيق المختوم ! أتدري ما أصنع بك ؟ أدخلك في جوف حمار ، ثم أحرقه عليك بالنار ! فقال له محمد: إن فعلتم بي ذلك فطالما فعل ذلك بأولياء الله ! فقدمه فقتله ، ثم ألقاه في جيفة حمار ، ثم أحرقه بالنار . فلما بلغ ذلك عائشة جزعت عليه جزعاً شديداً ، وقنتت عليه في دبر الصلاة تدعو على معاوية وعمرو)

وفي الغارات للثقفي:2/756: ( فدخلوا إليه وربطوه بالحبال وجروه على الأرض ... وأمر به أن يحرق بالنار في جيفة حمار . ودفن في الموضع الذي قتل فيه ، فلما كان بعد سنة من دفنه أتى غلامه وحفر قبره فلم يجد فيه سوى الرأس ، فأخرجه ودفنه في المسجد تحت المنارة... ولما سمعت أمه أسماء بنت عميس بقتله كظمت الغيظ حتى شخبت ثديا هادماً . ووَجَدَ(حزن)عليه علي بن أبي طالب عليه السلام وجداً عظيماً وقال: كان لي ربيباً وكنت أعده ولداً ولبنيَّ أخاً).

وقد ذكر الثقفي الكبش الذي شوته أخت معاوية ، وأرسلته هدية الى عائشة !

وفي المواعظ والإعتبار للمقريزي ص1672: (فكانت ولاية محمد بن أبي بكر خمسة أشهر ومقتله لأربع عشرة خلت من صفر ، سنة ثمان وثلاثين). انتهى .

(وكامل ابن الأثير:3/229، والبدء والتاريخ:5/226 ، ولئالى الأخبار:1/169، والغدير:11/66: ، وتاريخ دمشق:49/426 ، وتهذيب الكمال :24/542 ، والنهاية:7/348 ، و:8/109،والأوائل ص165، والنجوم الزاهرة:1/110، وكر أنه قيل أرسل رأاسه الى معاوية وهي رواية ضعيفة ، وتاريخ اليعقوبي:2/194 ، وفيه أن جيش معاوية كان ثلاث فرق من الشام وفلسطين والأردن . وأنه حرقه بالنار في زقاق يعرف بزقاق الحوف. وكان قتله(الأشتر)وقتل محمد بن أبي بكر في سنة 38).

وفي تاريخ دمشق:49/427: (وقدم عمرو بن العاص على معاوية بعد فتحه مصر فعمل معاوية طعاماً ، فبدأ بعمرو وأهل مصر فغداهم ، ثم خرج أهل مصر واحتبس عمرواً عنده ، ثم أدخل أهل الشام فتغدوا ، فلما فرغوا من الغداء قالوا: يا أبا عبد الله بايع ! قال: نعم ، على أن لي عشراً يعني مصر ! فبايعه على أن له ولاية مصر ما كان حياً . فبلغ ذلك علياً فقال ما قال) . انتهى. ويقصد به قول أمير المؤمنين عليه السلام : (إنه لم يبايع معاوية حتى شرط له أن يؤتيه أتية ، ويرضخ له على ترك الدين رضيخة)! (نهج البلاغة:1/148) أوقوله عليه السلام: ( كرَّ على العاصي بن العاصي فاستماله فمال إليه ، ثم أقبل به بعد أن أطعمه مصر ! وحرامٌ عليه أن يأخذ من الفئ دون قسمه درهماً). ( الخصال:378)

وفي تاريخ اليعقوبي:2/221: (وكانت مصر والمغرب لعمرو بن العاص طعمةً شرطها له يوم بايع ! ونسخة الشرط: هذا ما أعطى معاوية بن أبي سفيان عمرو بن العاص مصر أعطاه أهلها فهم له حياته ، ولا تنقص طاعته شرطاً . فقال له وردان مولاه: فيه الشعر من بدنك ، فجعل عمرو يقرأ الشرط ولا يقف على ما وقف عليه وردان ! فلما ختم الكتاب وشهد الشهود قال له وردان: وما عمرك أيها الشيخ إلا كظمإ حمار (مثل لقصر المدة) ! هلا شرطت لعقبك من بعدك؟ فاستقال معاوية فلم يقله ، فكان عمرو لايحمل إليه من مالها شيئاً ، يفرق الأعطية في الناس ، فما فضل من شئ أخذه لنفسه).انتهى .

وفي تاريخ الطبري:4/74: (قال له معاوية مجيباً أهمك يا ابن العاص ما أهمك !! وذلك لأن عمرو بن العاص كان صالح معاوية حين بايعه على قتال علي بن أبي طالب على أن له مصر طعمةً ما بقي). ولم يتمتع بها ابن العا ص إلا سنتين وكسراً !

ملاعلي 22-08-2008 09:19 PM

9- قَتْلُهُ الصحابي مالك الأشتر رحمه الله



(مالك الأشتر بن الحارث...بن مالك بن النخع).(معجم الشعراء:1/172).(قدس الله روحه ورضي الله عنه ، جليل القدر عظيم المنزلة ، كان اختصاصه بعلي عليه السلام أظهر من أن يخفى، وتأسف أمير المؤمنين عليه السلام لموته وقال: لقد كان لي كما كنت لرسول الله صلى الله عليه وآله ). (الخلاصة للعلامة الحلي ص276) .

وفي معجم رجال الحديث للسيد الخوئي:15/168: (قال الكشي: ذكر أنه لما نعي الأشتر مالك بن الحارث النخعي إلى أمير المؤمنين عليه السلام تأوه حزناً وقال: رحم الله مالكاً وما مالك ! عزَّ عليَّ به هالكاً ، لو كان صخراً لكان صلداً ، ولو كان جبلاً لكان فنداً ، وكأنه قد مني قداً). انتهى .

كان مالك من شجعان العالم ، قوي الروح والبنية طويل القامة، وكان هو وعَديُّ بن حاتم (يركب الفرس الجسام فتخط إبهاماه في الأرض).(المحبر: 113) .

صحابي عدوه في التابعين:

عدُّوه في التابعين لكن بعض العلماء ألف رسالة في إثبات صحبته للنبي صلى الله عليه وآله . (الذريعة:7/37) وفي ذلك نصوص عديدة ! لكن أكثر رواة الخلافة لم يذكروه في وفادة النخع على النبي صلى الله عليه وآله ودعائه لهم ، كما في أسد الغابة:1/61 !


* *

طمسوا دوره في حرب مسيلمة:


ذكر له أسامة بن منقذ في كتاب الإعتبار ص26 ، دوراً حاسماً في قتال مسيلمة الكذاب والمرتدين معه من بني حنيفة ، وأنه قتل فارسهم المشهور ، قال:

(فكان أبو مسيكه الأيادي مع بني حنيفة وكانوا أشد العرب شوكه ، وكان مالك الأشتر في جيش أبي بكر ، فلما تواقفوا برز مالك بين الصفين وصاح يا أبا مسيكة فبرز له فقال: ويحك يا أبا مسيكة! بعد الإسلام وقراءة القرآن ، رجعت إلى الكفر؟! فقال: إياك عني يا مالك ، إنهم يحرمون الخمر ولا صبر لي عنها .

قال: هل لك في المبارزة ؟ قال: نعم . فالتقيا بالرماح ، والتقيا بالسيوف ، فضربه أبو مسيكة فشق رأسه وشتر عينه ، وبتلك الضربه سمي الأشتر . فرجع وهو معتنق رقبه فرسه إلى رحله واجتمع له قوم من أهله وأصدقائه يبكون . فقال لأحدهم: أدخل يدك في فمي، فأدحل إصبعه في فمه فعضها مالك فالتوى الرجل من الوجع! فقال مالك: لابأس على صاحبكم ، يقال إذا سلمت الأضراس سلم الرا س! أحشوها يعني الضربة سياقاً وشدوها بعمامة ، فلما حشوها وشدوها قال: هاتوا فرسي قالوا: إلى أين قال إلى أبي مسيكة ! فبرز بين الصفين وصاح يا أبا مسيكة! فخرج إليه مثل السهم ، فضربه مالك بالسيف على كتفه فشقها إلى سرجه فقتله . ورجع مالك إلى رحله فبقي أربعين يوماً لايستطيع الحراك ، ثم أبلَّ وعوفي من جرحه ذلك).


* *

طمسوا دوره في معارك الفتوحات:

وكان له في الفتوحات دورٌ مميز ، في معارك فتح العراق وفارس ، وكان السبب في انتصار المسلمين في معركة اليرموك ! لكنهم غطوا على دوره كغيره من القادة الشيعة ! فقد روى الطبري:2/597: (عن أرطأة بن جهيش قال كان الأشتر قد شهد اليرموك ولم يشهد القادسية ، فخرج يومئذ رجل من الروم فقال من يبارز؟ فخرج إليه الأشتر فاختلفا ضربتين فقال للرومي خذها وأنا الغلام الأيادي! فقال الرومي: أكثر الله في قومي مثلك ، أما والله لولا أنك من قومي لأزرت الروم ، فأما الآن فلا أعينهم). (ورواه في تاريخ دمشق:56/379)

وذكر غير الطبري أن هذا الرومي كان فارس الروم في اليرموك ، وأنه كان كعمرو بن ود فارس العرب ، فلم يبرز اليه من المسلمين إلا مالك ، فضربه ففر جريحاً ، فذهل الروم وتغيرت كفة المعركة لمصلحة المسلمين.قال الواقدي:1/242: (وخرج ماهان إلى القتال وهو كأنه جبل ذهب يبرق ، وأقبل حتى وقف بين الصفين ودعا إلى البراز وخوف باسمه....فابتدر مالك ماهان....فقال له ماهان: أنت صاحب خالد بن الوليد؟ قال: لا ، أنا مالك النخعي صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله ! فقال ماهان: لابد لي من الحرب ثم حمل على مالك ، وكان من أهل الشجاعة فاجتهدا في القتال ، فأخرج ماهان عموده وضرب به مالكاً على البيضة التي على رأسه فغاصت في جبهة مالك فشترت عينيه ، فمن ذلك اليوم سمي بالأشتر ، قال: فلما رأى مالك ما نزل به من ضربة ماهان عزم على الرجوع ، ثم فكر فيما عزم عليه فدبَّرَ نفسه وعلم أن الله ناصره ، قال والدم فائرٌ من جبهته وعدو الله يظن أنه قتل مالكاً ، وهو ينظره متى يقع عن ظهر فرسه ! وإذا بمالك قد حمل وأخذته أصوات المسلمين يا مالك إستعن بالله يعنك على قرينك ، قال مالك: فاستعنت بالله عليه وصليت على رسول الله صلى الله عليه وآله وضربته ضربة عظيمة فقطع سيفي فيه قطعاً غير موهن فعلمت أن الأجل حصين ، فلما أحس ماهان بالضربة ولى ودخل في عسكره !

قال الواقدي:ولما ولى ماهان بين يدي مالك الأشتر منهزماً صاح خالد بالمسلمين: يا أهل النصر والبأس إحملوا على القوم ما داموا في دهشتهم ، ثم حمل خالد ومن معه من جيشه ، وحمل كل الأمراء بمن معهم ، وتبعهم المسلمون بالتهليل والتكبير فصبرت لهم الروم بعض الصبر ، حتى إذا غابت الشمس وأظلم الأفق انكشف الروم منهزمين بين أيديهم ، وتبعهم المسلمون يأسرون ويقتلون كيف شاءوا ، فقتلوا منهم زهاء من مائة ألف وأسروا مثلها..).

وقال الواقدي في ص462: (والتقى مالك الأشتر بيورنيك الأرمني فلما عاين زيه علم أنه من ملوكهم ، فطعنه في صدره فأخرج السنان من ظهره).

وذكر البلاذري في فتوح البلدان:1/194، أنه كان قائداً في فتح أنطاكية .وذكر في ص630 في القادة أبا ذر والأشتر في محاصرة مدينة ساحلية..الخ. وفي:1/302 ، وما بعدها كيف خطط مالك لفتح حلب ، ثم كيف فتح حصن عزار ، واستخلف عليه سعيد بن عمرو الغنوي ، ورجع الى أبي عبيدة ، فكتب أبو عبيدة الى عمر بالنصر) .


كما أن عدداً من المصادر نصت على أن مالكاً رحمه الله جاء من معركة اليرموك مدداً للمسلمين في القادسية وشهدها . ففي طبقات ابن سعد:6/405: (أخبرنا طلق بن غنام قال شهد جدي مالك بن الحارث القادسية... وتوفي طلق بن غنام في رجب سنة إحدى عشرة ومائتين في خلافة المأمون وكان ثقة صدوقاً) .

وروى له أبو تمام في ديوان الحماسة:1/39 بيت شعر ، قال:

(وتلقنى يشتد بي أجردٌ مستقدم البركة كالراكب.. هو مالك بن الحارث أحد بني النخع والأشتر لقب له ، كان شاعراً يمانياً من شعراء الصحابة ، شهد حرب القادسية أيام عمر بن الخطاب التي كانت بين المسلمين والفرس ، وكان لعلي في حروبه مثل ما كان علي لرسول الله صلى الله عليه وآله ).

وذكر أبو الفرج في الأغاني:15/208، أنه كان في القادسية مع عمرو بن معدي كرب: (قال أبو عبيدة في رواية أبي زيد عمر بن شبة شهد عمرو بن معدي كرب القادسية وهو ابن مائة وست سنين ، وقال بعضهم بل ابن مائة وعشر ، قال: ولما قتله العلج عبر نهر القادسية هو وقيس بن مكشوح المرادي ومالك بن الحارث الأشتر). ( وكذا في معاهد التنصيص للعباسي ص429)

وفي مصنف ابن أبي شيبة:7/718: (عن الأعمش عن مالك بن الحارث أو غيره قال: كنت لاتشاء أن تسمع يوم القادسية: أنا الغلام النخعي ، إلا سمعته).

وفي المصنف:8/14، (فقال عمر: ما شأن النخع ، أصيبوا من بين سائر الناس أفرَّ الناس عنهم؟ قالوا: لا ، بل وَلُوا أعظم الأمر وحدهم).( ونحوه في الإصابة:1/196).


وهذا التعتيم يدل على تعصب رواة الخلافة ضد الأشتر والنخعيين ، لتشيعهم !

روى الطبري نفسه في:3/78 ، عن الأسود النخعي: (قال شهدت القادسية فلقد رأيت غلاماً منا من النخع يسوق ستين أو ثمانين رجلاً من أبناء الأحرار ! فقلت لقد أذل الله أبناء الأحرار) . وفي مصنف ابن أبي شيبة:8/15، أن النخع كانوا في القادسية ألفين وأربع مئة ، أي ربع جيش المسلمين ، وأن ثقل المعركة كان عليهم .

وفي تاريخ الطبري:3/82 ، أنهم هاجروا من اليمن مع عوائلهم ، وزوجوا سبع مائة بنت الى المسلمين وخاصة الأنصار. (ونحوه في تاريخ دمشق:65/100، وذكر أن نصف النخع الآخر توجه الى الشام) .


* *

نفي عثمان الأشتر وزعماء الكوفة الى الشام

كانت قبيلة النخع في الكوفة ورئيسهم مالك ، لكن كان له نفوذ على عامة قبائل اليمن ، ولم يكن أكثر منه نفوذاً إلا الأشعث بن قيس ، زعيم قبائل كندة .

وكان الأشتر الناطق الرسمي باسم زعماء الكوفة الى دار الخلافة في زمن عمر وعثمان ، وقد وفد شاكياً مظالم الوالي الوليد بن عقبة بن أبي معيط الأموي الذي كان أبوه صاحب خمارة في مكة وعدواً لدوداً للنبي صلى الله عليه وآله ، وكان ابنه الوليد مدمن خمر حتى صلى الصبح ثمان ركعات ، وتقيأ خمراً في محراب مسجد الكوفة ! ففي صحيح مسلم:5/126: ( قال شهدت عثمان بن عفان وأتيَ بالوليد قد صلى الصبح ركعتين ثم قال أزيدكم فشهد عليه رجلان أحدهما حمران أنه شرب الخمر وشهد آخر أنه رآه يتقيأ ! فقال عثمان إنه لم يتقيأ حتى شربها ، فقال: يا علي قم فاجلده ، فقال علي: قم يا حسين فاجلده ، فقال الحسن: ول حارها من تولى قارها فكأنه وجد عليه ، فقال، يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده ، فجلده وعليٌّ يعد).

(والأم للشافعي:7/192، ومجموع النووي:20/116، وفتح الوهاب:2/287، ومغني الشربيني:4/189، ومسند أحمد:1/82 ، و140، و145، وسنن الدارمي:2/175، و ابن ماجة:2/858 ، وأبي داود:2/359، وسنن البيهقي:8/318 ، , والسيرة الحلبية:2/592 ، والغدير:8/120).

فاستبدله عثمان بسعيد بن العاص الأموي ، فطهر سعيد المنبر وحاول أن يتألف المسلمين ، لكن تعصبه الأموي واستهتاره بالمسلمين أغضب أهل الكوفة عليه !

قال الطبري:3/365: (قدم سعيد بن العاص الكوفة فجعل يختار وجوه الناس يدخلون عليه ويسمرون عنده ، وأنه سمر عنده ليلة وجوه أهل الكوفة منهم مالك بن كعب الأرحبي ، والأسود بن يزيد ، وعلقمة بن قيس النخعيان ، وفيهم مالك الأشتر في رجال ، فقال سعيد: إنما هذا السواد بستان لقريش ! فقال الأشتر: أتزعم أن السواد الذي أفاءه الله علينا بأسيافنا ، بستان لك ولقومك ! والله ما يزيد أوفاكم فيه نصيباً إلا أن يكون كأحدنا)!

وقال الطبري:3/365 ، إن سعيد بن العاص كتب الى عثمان: (إن رهطاً من أهل الكوفة سماهم له عشرة يؤلبون ويجتمعون على عيبك وعيبي والطعن في ديننا ! وقد خشيت إن ثبت أمرهم أن يكثروا ، فكتب عثمان إلى سعيد أن سيِّرهم إلى معاوية ، ومعاوية يومئذ على الشام ، فسيرهم وهم تسعة نفر إلى معاوية ، فيهم مالك الأشتر ، وثابت بن قيس بن منقع ، وكميل بن زياد النخعي ، وصعصعة بن صوحان... أن معاوية لما عاد إليهم من القابلة وذكَّرهم ، قال فيما يقول: وإني والله ما آمركم بشئ إلا قد بدأت فيه بنفسي وأهل بيتي وخاصتي ! وقد عرفت قريش أن أبا سفيان كان أكرمها وابن أكرمها ، إلا ما جعل الله لنبيه نبي الرحمة(ص)... وإني لأظن أن أبا سفيان لو ولد الناس ، لم يلد إلا حازماً !

قال صعصعة: كذبت ! قد ولدهم خير من أبي سفيان ، من خلقه الله بيده ، ونفخ فيه من روحه وأمر الملائكة فسجدوا له ، فكان فيهم البر والفاجر والأحمق والكيس ! فخرج تلك الليلة من عندهم ، ثم أتاهم القابلة فتحدث عندهم طويلاً ثم قال: أيها القوم ردوا عليَّ خيراً أو اسكتوا ، وتفكروا وانظروا فيما ينفعكم وينفع أهليكم وينفع عشائركم ، وينفع جماعة المسلمين ، فاطلبوه تعيشوا ونعش بكم . فقال صعصعة: لست بأهل ذلك ، ولا كرامة لك أن تطاع في معصية الله !

فقال: أوليس ما ابتدأتكم به إن أمرتكم بتقوى الله وطاعته وطاعة نبيه (ص)وأن تعتصموا بحبله جميعاً ولا تفرقوا ؟ قالوا: بل أمرت بالفرقة وخلاف ما جاء به النبي(ص) ! قال: فإني آمركم الآن إن كنت فعلت فأتوب إلى الله وآمركم بتقواه وطاعته وطاعة نبيه(ص)ولزوم الجماعة وكراهة الفرقة ، وأن توقروا أئمتكم وتدلوهم على كل حسن ما قدرتم ، وتعظوهم في لين ولطف.... فقال صعصعة: فإنا نأمرك أن تعتزل عملك فإن في المسلمين من هو أحق به منك ! قال: من هو؟ قال من كان أبوه أحسن قدماً من أبيك، وهو بنفسه أحسن قَدماً منك في الإسلام !

فقال: والله إن لي في الإسلام قَدماً ولغيري كان أحسن قَدماً مني ، ولكنه ليس في زماني أحد أقوى على ما أنا فيه مني ، ولقد رأى ذلك عمر بن الخطاب فلو كان غيري أقوى مني لم يكن لي عند عمر هوادة...الخ.) ! ( وذكر في كشف الخفاء:2/275، قول معاوية: لو ولد أبو سفيان الخلق كانوا عقلاء ، وجواب صعصعة).

ووصف الطبري في:3/365 ،آخر جلسة لمعاوية معهم ، بعد أن أمضوا مدة في الشام: (فوثبوا عليه (على معاوية بعد نقاشهم معه)فأخذوا برأسه ولحيته ! فقال: مهْ ، إن هذه ليست بأرض الكوفة ، والله لو رأى أهل الشأم ما صنعتم بي وأنا إمامهم ، ما ملكت أن أنهاهم عنكم حتى يقتلوكم ، فلعمري إن صنيعكم ليشبه بعضه بعضاً ! ثم قام من عندهم فقال: والله لا أدخل عليكم مدخلاً ما بقيت ! ثم كتب إلى عثمان:

(لعبد الله عثمان أمير المؤمنين من معاوية بن أبي سفيان ، أما بعد يا أمير المؤمنين فإنك بعثت إليَّ أقواماً يتكلمون بألسنة الشياطين وما يملون عليهم ، ويأتون الناس زعموا من قبل القرآن ، فيشبهون على الناس! وليس كل الناس يعلم ما يريدون ، وإنما يريدون فرقة ويقربون فتنة ! قد أثقلهم الإسلام وأضجرهم ، وتمكنت رقى الشيطان من قلوبهم ، فقد أفسدوا كثيراً من الناس ممن كانوا بين ظهرانيهم من أهل الكوفة ، ولست آمن إن أقاموا وسط أهل الشأم أن يغروهم بسحرهم وفجورهم ، فارددهم إلى مصرهم فلتكن دراهم في مصرهم الذي نجم فيه نفاقهم ، والسلام . فكتب إليه عثمان يأمره أن يردهم إلى سعيد بن العاص بالكوفة ، فردهم إليه ، فلم يكونوا إلا أطْلَقَ ألسنةً منهم حين رجعوا ! وكتب سعيد إلى عثمان يضجُّ منهم ، فكتب عثمان إلى سعيد أن سيِّرْهُمْ إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، وكان أميراً على حمص ، وكتب إلى الأشتر وأصحابه: أما بعد ، فإني قد سيرتكم إلى حمص ، فإذا أتاكم كتابي هذا فاخرجوا إليها ، فإنكم لستم تألون الإسلام وأهله شراً ، والسلام . فلما قرأ الأشتر الكتاب قال: اللهم أسوأنا نظراً للرعية ، وأعملنا فيهم بالمعصية فعجل له النقمة ! فكتب بذلك سعيد إلى عثمان ، وسار الأشتر وأصحابه إلى حمص ، فأنزلهم عبد الرحمن بن خالد الساحل ، وأجرى عليهم رزقاً).انتهى.

وقال الطبري في:3/367: (فكتب سعيد بن العاص إلى عثمان يخبره بأمرهم فكتب إليه أن سيرهم إلى الشام وألْزِمْهُمْ الدروب...). انتهى .


أقول: تدل هذه الروايات الحكومية على قوة شخصياتهم ومنطقهم ، واسترخاصهم لمعاوية وبني أمية ، وأنهم كانوا مؤمنين أصحاب ثقافة قرآنية وحديثية عبَّر عنها معاوية بقوله الجاهلي: (قد أثقلهم الإسلام وأضجرهم ، وتمكنت رقى الشيطان من قلوبهم ، فقد أفسدوا كثيراً من الناس ممن كانوا بين ظهرانيهم من أهل الكوفة ولست آمن إن أقاموا وسط أهل الشا أن يغروهم بسحرهم وفجورهم) ! ومعنى قول عثمان لابن خالد: ألزمهم الدروب ، أي ضعهم في الطرق التي يَغِيرُ منها الروم على المسلمين ، وهي مناطق خطرة ، لعلهم يُقتلون !

وكانت لهم قصص مع عبد الرحمن بن خالد كقصصهم مع معاوية في التبعيد الأول ، فاضطروا الى إرجاعهم الى الكوفة ! فعادوا وهم أقوى لالتفاف المسلمين حولهم ، وذهب وفد الكوفة الى المدينة برئاسة مالك الأشتر يطالبون عثمان بإصلاح الوضع وتغيير الوالي ابن العاص ، فلم يستجب عثمان وكان الوالي في المدينة ، فمنعه مالك من دخول الكوفة ، وفرض على عثمان تغييره بالقوة !

قوم صالحون يجهزون جنازة أبي ذر رحمه الله :

كان الأشتر مع مئتي راكب من اليمانيين عائدين من الحج ، فشاهدوا امرأة في الربذة على قارعة الطريق تلوِّح بثوب أسود ، وإذا بها ابنة أبي ذر الذي نفاه عثمان الى الربذة ، فأخبرتهم أنه توفي ودعتهم الى القيام بمراسم دفنه .

في اختيار معرفة الرجال:1/283: (مكث أبو ذر رحمه الله بالربذة حتى مات . فلما حضرته الوفاة قال لامرأته: إذبحي شاة من غنمك واصنعيها ، فإذا نضجت فاقعدي على قارعة الطريق ، فأول ركب ترينهم قولي ياعباد الله المسلمين هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله قد قضى نحبه ولقي ربه فأعينوني عليه وأجيبوه ، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرني أني أموت في أرض غربة ، وأنه يلي غسلي ودفني والصلاة عليَّ رجال من أمتي صالحون . محمد بن علقمة بن الأسود النخعي قال: خرجت في رهط أريد الحج ، منهم مالك بن الحارث الأشتر ، وعبد الله بن الفضل التميمي ، ورفاعة بن شداد البجلي حتى قدمنا الربذة ، فإذا امرأة على قارعة الطريق تقول: يا عباد الله المسلمين ، هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله هلك غريباً ، ليس لي أحد يعينني عليه ، قال: فنظر بعضنا إلى بعض وحمدنا الله على ما ساق إلينا ، واسترجعنا على عظم المصيبة ، ثم أقبلنا معها ، فجهزناه وتنافسنا في كفنه حتى خرج من بيننا بالسواء ، ثم تعاونا على غسله حتى فرغنا منه ، ثم قدمنا مالك الأشتر فصلى بنا عليه ، ثم دفناه ، فقام الأشتر على قبره ثم قال: اللهم هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله عبدك في العابدين ، وجاهد فيك المشركين ، لم يغير ولم يبدل ، لكنه رأى منكراً فغيره بلسانه وقلبه حتى جفي ونفي وحرم واحتقر ثم مات وحيداً غريباً ، اللهم فاقصم من حرمه ونفاه من مهاجره وحرم رسولك ! قال: فرفعنا أيدينا جميعاً وقلنا: آمين . ثم قدمت الشاة التي صنعت ، فقالت: إنه قد أقسم عليكم ألا تبرحوا حتى تتغدوا ، فتغدينا وارتحلنا). انتهى .


ولكن رواة الخلافة بخلوا على مالك الأشتر وصحبه بهذا التوفيق في تجهيز أبي ذر ، فزعموا أن الذي صلى عليه عبدالله بن مسعود ! (في الحاكم وأبي نعيم وأبي عمر: ليموتن أحدكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين . وفي البلاذري: يلي دفنه رهط صالحون . وقد دفنه مالك الأشتر وأصحابه الكوفيون ، أنساب الأشراف:5/55 ، وحلية الأولياء:1/17 ، والحاكم:3/337 ، والإستيعاب:1/83 ، وقال ابن أبي الحديد:3/416: هذا الحديث يدل فضيلة عظيمة للأشتر رحمه الله وهي شهادة قاطعة من النبي بأنه مؤمن). (الغدير:9/41، بتصرف).وسبب بخلهم على الأشتر بشهادة النبي صلى الله عليه وآله أنهم يريدون أن يمدحوا عثمان بأنه تأثر لموت أبي ذر وضم ابنته الى عياله! (الطبري:3/354) .

قال في أسد الغابة:5/188: (وفي ذكر موته وصلاة عبد الله بن مسعود عليه ومن كان معه في موته ، ومقامه بالربذة ، أحاديث لانطوِّل بذكرها . وكان أبو ذر طويلاً عظيماً أخرجه أبو عمرو). انتهى. (وراجع مستدرك الحاكم:3/51).


خطبة الأشتر عند بيعة أمير المؤمنين عليه السلام


في تاريخ اليعقوبي:2/179 : (وقام صعصعة بن صوحان فقال: والله يا أمير المؤمنين ، لقد زينت الخلافة وما زانتك ، ورفعتها وما رفعتك ، ولهي إليك أحوج منك إليها . ثم قام مالك بن الحارث الأشتر فقال: أيها الناس ، هذا وصي الأوصياء ، ووارث علم الأنبياء ، العظيم البلاء ، الحسن الغناء ، الذي شهد له كتاب الله بالإيمان ، ورسوله بجنة الرضوان . من كملت فيه الفضائل ، ولم يشك في سابقته وعلمه وفضله الأواخر ، ولا الأوائل). انتهى .

ثم كان الأشتر مع أمير المؤمنين عليه السلام عضده في حربه وسلمه ، وقد تقدمت بعض مواقفه ودوره العظيم في حرب الجمل وصفين، ثم نصبه أمير المؤمنين عليه السلام والياً على الجزيرة والموصل ، فبقي فيها حتى أرسل اليه أن يستخلف أحداً ويحضر اليه فأرسله الى مصر فاستخلف شبيب بن عامر على الجزيرة). (أنساب الأشراف ص471).


رسالة الإمام عليه السلام الى أهل مصر وعهده الى مالك الأشتر:

وفي أمالي المفيد ص81: (فخرج مالك الأشتر رضي الله عنه فأتى رحله وتهيأ للخروج إلى مصر ، وقدَّم أمير المؤمنين عليه السلام أمامه كتاباً إلى أهل مصر:

بسم الله الرحمن الرحيم ، سلام عليكم ، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو ، وأسأله الصلاة على نبيه محمد وآله ، وإني قد بعثت إليك عبداً من عباد الله ، لاينام أيام الخوف ، ولا ينكل عن الأعداء حذار الدوائر ، من أشد عبيد الله بأساً ، وأكرمهم حسباً ، أضر على الفجار من حريق النار ، وأبعد الناس من دنس أو عار ، وهو مالك بن الحارث الأشتر ، لا نابي الضرس ولا كليل الحد ، حليم في الحذر رزين في الحرب ، ذو رأي أصيل ، وصبر جميل ، فاسمعوا له وأطيعوا أمره ، فإن أمركم بالنفير فانفروا ، وإن أمركم أن تقيموا فأقيموا ، فإنه لا يقدم ولا يحجم إلا بأمري ، فقد آثرتكم به على نفسي نصيحة لكم ، وشدة شكيمة على عدوكم . عصمكم الله بالهدى وثبتكم التقوى ، ووفقنا وإياكم لما يحب ويرضى ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته). انتهى .


أما عهد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام لمالك الأشتر ، فهو يبلغ ثلاثين صفحة ، وهو وثيقة سياسية إدارية حقوقية ترسم للحاكم كيفية إدارة الدولة . وقد عرف قيمته بعض الحقوقيين الغربيين كما قرأت ، فجعلوه مصدراً فيما لانص قانوينياً فيه !


قتل معاوية مالك الأشتر بالسُّم


في أمالي المفيد ص82: (ولما تهيأ مالك الأشتر للرحيل إلى مصر كتب عيون معاوية بالعراق إليه يرفعون خبره ، فعظم ذلك على معاوية ، وقد كان طمع في مصر فعلم أن الأشتر إن قدمها فاتته ، وكان أشد عليه من ابن أبي بكر ، فبعث إلى دهقان من أهل الخراج بالقلزم أن علياً قد بعث بالأشتر إلى مصر وإن كفيتنيه سوغتك خراج ناحيتك ما بقيت ، فاحتل في قتله بما قدرت عليه . ثم جمع معاوية أهل الشام وقال لهم: إن علياً قد بعث بالأشتر إلى مصر ، فهلموا ندعو الله عليه يكفينا أمره ، ثم دعا ودعوا معه ! وخرج الأشتر حتى أتى القلزم ، فاستقبله ذلك الدهقان فسلم عليه وقال له: أنا رجل من أهل الخراج ولك ولأصحابك علي حق في ارتفاع أرضي فانزل عليَّ أقم بأمرك وأمر أصحابك وعلف دوابك واحتسب بذلك لي من الخراج . فنزل عليه الأشتر ، فأقام له ولأصحابه بما احتاجوا إليه ، وحمل إليه طعاما دس في جملته عسلاً جعل فيه سماً ، فلما شربه الأشتر قتله ومات من ذلك ! وبلغ معاوية خبره فجمع أهل الشام وقال لهم: أبشروا فإن الله تعالى قد أجاب دعاءكم ، وكفاكم الأشتر وأماته ، فسروا بذلك واستبشروا به) !! انتهى .

وقد ذكرنا في قتل معاوية لعبد الرحمن بن خالد ، عدة مصادر لقول معاوية عندما بلغه نجاح خطته في قتل مالك الأشتر بالسم: (إن لله جنوداً من عسل)!

وفي المستطرف ص154: وقال أبو عبيد القاسم بن سلام البغدادي في كتاب الأمثال: ومعاوية أيضاً حين بلغه أن الأشتر سقي شربة عسل فيها سم فمات: إن لله جنوداً منها العسل). وفي ص352: (فقال معاوية: إن لله جنوداً منها العسل).

وفي نهاية الإرب ص4465: (وبلغ معاوية مسيره ، فدس إلى دهقان بالعريش فقال: إن قتلت الأشتر فلك خراجك عشرين سنة... فسمَّه وأتاه به فشربه فمات).

وفي تاريخ البخاري:7/311: (فقال عمرو بن العاص إن لله جنوداً من عسل).

وفي البدء والتاريخ:440: (كتب معاوية إلى دهقان العريش إن أنت قتلت الأشتر فلك خراجه عشرين سنة ، فأخرج له سويقاً وجعل فيه سماً ، فلما شربه الأشتر يبس مكانه ! فقال معاوية: لما بلغه: ما أبردها على الفؤاد ! إن لله جنوداً من عسل)!



مشهد مالك الأشتر رحمه الله في القاهرة


(لما سار الأشتر إلى مصر أخذ في طريق الحجاز فقدم المدينة فجاءه مولى لعثمان يقال له نافع وأظهر له الود ، فلم يزل معه إلى عين شمس (أعني المدينة الخراب خارج مصر بالقرب من المطرية) فلما وصل إلى عين شمس تلقاه أهل مصر بالهدايا ، وسقاه نافع العسل فمات. وهذه الرواية هي أقرب الروايات إلى الواقع ، وتؤكد صحة موضع قبره بمنطقة القلج الآن بالقرب من بلدة الخانكة ، وهذه المنطقة واقعة ضمن حدود مدينة عين شمس القديمة. وأكثر زوار مرقد مالك الأشتر من العرب والأجانب ، فشهرته محدودة وسط المصريين ، ولذلك يلقبونه بالشيخ العجمي ! وقد تم تجديد مرقده مؤخراً على أيدي طائفة البهرة الإسماعيليين ، ودفن إلى جواره شقيق شيخ البهرة . ويقع مرقده وسط بستان تحيط به مناطق زراعية بدأ الزحف السكاني يطغي عليها). (الشيعة في مصر لصالح الورداني ص108).

ملاعلي 22-08-2008 09:20 PM

10- قَتْلُهُ الصحابي حجر بن عدي الكندي رحمه الله


حجر بن عدي الكندي رحمه الله صحابي جليل: وفارس من كبار قادة الفتوحات ، كان كثير العبادة حتى وصفوه براهب الصحابة ، قال الحاكم في المستدرك:3/468: (ذكر مناقب حجر بن عدي رضي الله عنه ، وهو راهب أصحاب محمد صلى الله عليه وآله ) .

( وفد على النبي صلى الله عليه وآله هو وأخوه هانئ بن عدي وشهد القادسية ، وشارك في فتح الشام وهو الذي فتح مرج عذراء الذي قتل فيه ! (تاريخ الطبري:3/135 ، والغارات للثقفي:2/812 ، والمحبر لابن حبيب ص292 ، وأخبار الشعراء للمرزباني ص49 ، والمنتخب مذيل الطبري ص149، والطبقات:6/217) .

وكان قائد ميمنة المسلمين في معركة جلولاء وصفين.(الأخبار الطوال ص127)


* *

وكان في صفين قائد ميمنة علي عليه السلام : ( تاريخ الطبري:4/63). وقائد قوات كندة (تاريخ خليفة146 ، والغارات:1/51) وكان من عظماء أصحاب علي ، وأراد أن يوليه رياسة كندة ويعزل الأشعث بن قيس ، وكلاهما من ولد الحارث بن عمرو آكل المرار فأبى حجر بن عدي أن يتولى الأمر والأشعث حي). (الأخبار الطوال:ص224)


* *

وكان باراً بأمه محباً لها: فكان يرتب لها مكان نومها بيديه ، ثم ينام فيه ليطمئن أنه ممهد ! (تاريخ دمشق:12/212 ، ومكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا ص76)


* *

وهو أول من خرج لرد غارات معاوية: وطارد الضحاك بن قيس في غارته على مسالح العراق ، فلحقه في تدمر فقتل منهم تسعة عشر رجلاً وقتل من أصحابه رجلان ، وحال بينهم الليل فهرب الضحاك وأصحابه ورجع حجر ومن معه) ( تاريخ الطبري:4/104)


* *

وأخبر النبي صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام بقتل حجر ظلماً: ففي تاريخ دمشق:12/226: (عن أبي الأسود قال دخل معاوية على عائشة فقالت: ما حملك على قتل حجر وأصحابه؟ فقال: يا أم المؤمنين أني رأيت قتلهم صلاحاً للأمة وأن بقاءهم فساداً للأمة ! فقالت سمعت رسول الله(ص)يقول: سيقتل بعذراء ناس يغضب الله لهم أهل السماء). (وفيض القدير:4/166، والغارات:2/812) .

وفي تاريخ دمشق:12/227: (عن ابن زرير الغافقي عن علي بن أبي طالب قال: ياأهل الكوفة سيقتل فيكم سبعة نفر خياركم ، مثلهم كمثل أصحاب الأخدود).

وفي بحار الأنوار:39/324: عن حجر رحمه الله قال: (قال لي علي عليه السلام : كيف تصنع أنت إذا ضربت وأمرت بلعنتي؟ قلت له: كيف أصنع؟ قال: إلعني ولا تبرأ مني فإني على دين الله).

وفي مناقب آل أبي طالب:2/106: (وكذلك أخبر (أمير المؤمنين عليه السلام )بقتل جماعة منهم حجر بن عدي ، ورشيد الهجري ، وكميل بن زياد ، وميثم التمار ، ومحمد بن أكثم ، وخالد بن مسعود ، وحبيب بن المظاهر وجويرية ، وعمرو بن الحمق ، وقنبر ، ومذرع ، وغيرهم ، ووصف قاتليهم وكيفية قتلهم) !


* *

يا أمير المؤمنين نقبل عظتك ونتأدب بأدبك:

في بحار الأنوار:32/399: (وروى نصر عن عبد الله بن شريك قال: خرج حجر بن عدي وعمرو بن الحمق يظهران البراءة من أهل الشام فأرسل علي عليه السلام إليهما أن كفَّا عما يبلغني عنكما ، فأتياه فقالا: يا أمير المؤمنين ألسنا محقين؟ قال: بلى . قالا: فلم منعتنا من شتمهم؟ قال: كرهت لكم أن تكونوا لعانين شتامين تشتمون وتبرؤون ، ولكن لو وصفتم مساوئ أعمالهم فقلتم: من سيرتهم كذا وكذا ومن أعمالهم كذا وكذا ، كان أصوب في القول وأبلغ في العذر . وقلتم مكان لعنكم إياهم وبراءتكم منهم: اللهم أحقن دماءهم ودماءنا ، وأصلح ذات بينهم وبيننا واهدهم من ضلالتهم ، حتى يعرف الحق منهم من جهله ، ويرعوي عن الغي والعدوان منهم من لج به ، لكان أحب إلي وخيراً لكم .

فقالا: يا أمير المؤمنين نقبل عظتك ونتأدب بأدبك) .


* *

وكان حجر يكتب عن أمير المؤمنين عليه السلام : ( ففي قال: ناولني الصحيفة من الكوة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما سمعت علي بن أبي طالب يذكر أن الطهور نصف الايمان)


* *

وكان معتمد الإمام الحسن عليه السلام : (فلما بلغ (معاوية) جسر منبج تحرك الحسن عليه السلام وبعث حجر بن عدي فأمر العمال بالمسير ، واستنفر الناس للجهاد فتثاقلوا عنه ، ثم خف معه أخلاط من الناس)(الإرشاد:2/10، ومقاتل الطالبيين ص39) .


* *

وقد فضح حجر دور الأشعث بن قيس في قتل أمير المؤمنين عليه السلام : ففي مقاتل الطالبيين ص20 (والأشعث في بعض نواحي المسجد ، فسمع حجر بن عدي الأشعث يقول لابن ملجم: النجاء النجاء لحاجتك فقد فضحك الصبح ، فقال له حجر: قتلته يا أعور وخرج مبادراً إلى علي) .


* *

وكان أحد الذين يحسب معاوية حسابهم: (فكتب معاوية إلى المغيرة خذ زيادا وسليمان بن صرد وحجر بن عدي وشبث بن ربعي وابن الكواء وعمرو بن الحمق بالصلاة في الجماعة فكانوا يحضرون معه في الصلاة).(تاريخ الطبري:4/137)


* *

وكان مع أصحابه أربعة عشر: قتل منهم خمسة مع حجر في مرج عذراء ، هم: شريك بن شداد الحضرمي ، وصيفي بن فسيل الشيباني ، وقبيصة بن ضبيعة العبسي ومحرز بن شهاب السعدي ثم المنقري ، وكدام بن حيان العنزي .

أما السابع فهو عبد الرحمن بن حسان العنزي ، وقد بعث به معاوية إلى زياد بن أبيه فدفنه في الكوفة حياً ! وقد توسط لهم الصحابة وزعماء القبائل والشخصيات عند معاوية ، فلم يقبل وساطتهم إلا في سبعة فقط فأطلقهم ، وهم:

كريم بن عفيف الخثعمي ، وعبد الله بن حوية التميمي ، وعاصم بن عوف البجلي ، وورقاء بن سمي البجلي ، والأرقم بن عبد الله الكندي ، وعتبة بن الأخنس من بني سعد بن بكر ، وسعيد بن نمران الهمداني . وكانت شهادة حجر في سنة 51) .(تاريخ دمشق:8/27)


* *

الموت في حب علي عليه السلام شهادة: ففي مختصر أخبار الشعراء للمرزباني ص49: (ولما قدم حجر عذراء قال: ما هذه القرية؟ فقيل: عذراء . فقال: الحمد لله ، أما والله إني لأول مسلم ذكر الله فيها وسجد ، وأول مسلم نبح عليه كلابها في سبيل الله ، ثم أنا اليوم أحمل إليها مصفداً في الحديد ! ثم قال حجر للذي أمر بقتلهم: دعني أصلي ركعتين خفيفتين ، فلما سلم انفتل إلى الناس فقال: لولا أن يقولوا جزع من الموت لأحببت أن يكونا أنفس مما كانتا ، وأيم الله لئن لم تكن صلاتي فيما مضى تنفعني ما هاتان بنافعتيَّ شيئاً ، ثم أخذ ثوبه فتحزم به ، ثم قال لمن حوله من أصحابه: لاتحلوا قيودي فإني أجتمع ومعاوية على هذه المحجة ! ثم مشى إليه هدبة الأعور بالسيف ، فشخص إليه حجر فقال: ألم تقل إنك لم تجزع من الموت؟ فقال: أرى كفناً منشوراً وقبراً محفوراً وسيفاً مشهوراً ، فما لي لا أجزع ! أما والله لئن جزعت لا أقول ما يسخط الرب ! فقال له: فابرأ من علي وقد أعد لك معاوية جميع ما تريد إن فعلت ! فقال: ألم أقل إني لا أقول ما يسخط الرب ! والله لقد أخبرني حبيبي رسول الله (ص) بيومي هذا ! ثم قال: إن كنت أمرت بقتل ولدي فقدمه ، فقدمه فضربت عنقه ، فقيل له: تعجلت الثكل فقال: خفت أن يرى هول السيف على عنقي فيرجع عن ولاية علي عليه السلام فلا نجتمع في دار المقامة التي وعدها الله الصابرين .

ولما حمل عبد الرحمن بن حسان العنزي وكريم بن عفيف الخثعمي ، وكانا من أصحابه قال: العنزي: يا حجر لا تبعد ولا يبعد ثوابك فنعم أخو الإسلام كنت . وقال الخثعمي: يا حجر لا تبعد ولا تفقد فلقد كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، ثم ذهب بهما فأتبعهما حجر بصره ، وقال:

كفى بشفاة القبر بعداً لهالك وبالموت قطاعا لحبل القرائن

ثم التفت إلى بقية أصحابه ، فرأى منهم جزعاً فقال: قال لي حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله : يا حجر تقتل في محبة عليٍّ صبراً ، فإذا وصل رأسك إلى الأرض مادت وأنبعت عين ماء فتغسل الرأس! فإذا شاهدتم ذلك فكونوا على بصائركم وقدم فضربت عنقه فلما وصل رأسه إلى الأرض مادت من تحته وأنبعت عين ماء فغسلت الرأس! قال: فجعل أصحابه يتهافتون إلى القتل ، فقال لهم أصحاب معاوية: ياأصحاب علي ماأسرعكم إلى القتل فقالوا:من عرف مستقره سارع إليه).


* *

وظهرت له كرامات في حربه وشهادته: منها أنه طال اصطفاف المسلمين والفرس بعد القادسية ، وكان الفرس على الضفة الأخرى لدجلة ، فتقدم حجر وقرأ: وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلا بِإِذْنِ اللهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ . وأقحم فرسه وهو يقول باسم الله ، فعبر وعبر المسلمون على أثره ! فلما رآهم العدو قالوا: ديوان ديوان ! يعني شياطين شياطين(ديوان بالفارسية جمع ديو: الغول الشرير) فهربوا فدخلنا عسكرهم). (كرامات الأولياء اللالكائي ص152، وتفسير ابن كثير:1/419)

وعندما كان محبوساً في بستان في مرج عذراء أصابته جنابة ، فقال للسجان: أعطني من الماء شرابي اليوم وغداً لأتطهر به ، ولا أطلب منك شيئاً . قال: أخاف أن تموت عطشاً فيقول معاوية أنت قتلته ! قال: فبنى حجر حِجَاراً (شبيه الحوض) ودعا الله فأسكبت سحابة فصبت من الماء ما أراد فتطهر حجر ! فقال له بعض أصحابه: لو دعوت الله أن يخلصنا لفعل ! فقال حجر: اللهم خِرْ لنا ، ثلاثاً).

(فيض القدير:4/166، عن ابن الجنيد في كتاب الأولياء ، والغارات:2/812 ، ومختصر أخبار شعراء الشيعة للمرزباني ص49) :

وقيل إن شجر ذلك البستان جفت من يوم شهادته ! (شرح الأخبار:2/171).


* *

وكان له أصحاب محبون له من شخصيات الإسلام وفرسانه: (سعيد بن نمران الهمداني الناعطي ، كان كاتباً لعلي عليه السلام وأدرك من حياة النبي صلى الله عليه وآله أعواماً ، وشهد اليرموك وسار إلى العراق مدداً لأهل القادسية ، وكان من أصحاب حجر بن عدي ، وسيَّره زياد مع حجر إلى الشام ، فأراد معاوية قتله مع حجر ، فشفع فيه حمزة بن مالك الهمداني فخلى سبيله). (أسد الغابة:2/316)


* *

وقتله معاوية بيد أحد كبار المجرمين: ففي تاريخ الطبري:4/190: (فشُدَّ في الحديد ثم حُمل إلى معاوية ، فلما دخل عليه قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته . فقال له معاوية: أمير المؤمنين ! أما والله لا أقيلك ولا أستقيلك ، أخرجوه فاضربوا عنقه ! فأخرج من عنده فقال حجر للذين يلون أمره دعوني حتى أصلى ركعتين فقالوا صله فصلى ركعتين خفف فيهما ثم قال: لولا أن تظنوا بي غير الذي أنا عليه ، لأحببت أن تكونا أطول مما كانتا ، ولئن لم يكن فيما مضى من الصلاة خير فما في هاتين خير . ثم قال لمن حضره من أهله: لا تطلقوا عنى حديداً ولا تغسلوا عنى دماً فإني ألاقي معاوية غداً على الجادة ثم قدم فضربت عنقه). (سمعت أبا داود قال: قتل حجر بن عدي على يدي أبي الأعور السلمي). (سؤالات الآجري:1/331 ، و(وبغية الطلب:5/2108)


* *

وقتل حجر في صفر سنة إحدى وخمسين هجرية: (تاريخ خليفة بن خياط ص160، وتاريخ دمشق: 8/ 27، وقيل سنة 53: مستدرك الحاكم:3/468، ومعارف ابن قتيبة ص178).


* *

واعترف معاوية بقتل حجر ، وأصيب بالهلوسة بإسمه: فكان يقول: (ما قتلت أحداً إلا وأنا أعرف فيمَ قتلتُه وما أردت به ! ما خلا حجر بن عدي ، فإني لا أعرف فيما قتلته !).(تاريخ دمشق:12/231) وأصيب معاوية قبل موته بالهذيان والهلوسة باسم علي عليه السلام وحجر وعمرو بن الحمق ، كما تقدم .


* *

ولم يلعن حجر عليا عليه السلام رغم التهديد: ففي شرح النهج:4/58: (وأمر المغيرة بن شعبة وهو يومئذ أمير الكوفة من قبل معاوية حجر بن عدي أن يقوم في الناس فليلعن علياً ! فأبى ذلك فتوعده فقام فقال: أيها الناس ، إن أميركم أمرني أن ألعن علياً فالعنوه ! فقال أهل الكوفة: لعنه الله وأعاد الضمير إلى المغيرة بالنية والقصد). وفي اختيار معرفة الرجال:1/319 ، أنه قال مثل ذلك عندما طلب منه حاكم اليمن لعن علي عليه السلام في صنعاء) !

وقال في الغدير:9/119: (قاموا إليهم فقالوا: تبرؤون من هذا الرجل(أي علي عليه السلام ) ! قالوا: بل نتولاه ونتبرأ ممن تبرأ منه . فأخذ كل رجل منهم رجلاً وأقبلوا يقتلونهم واحداً واحداً حتى قتلوا ستة). راجع:تاريخ الطبري: 6/141 ، تاريخ ابن عساكر:2/370 ، الكامل لابن الأثير:3/202 ، تاريخ ابن كثير: 7/49 ، والأغاني لأبي الفرج:2/16).


* *

وقد اعترض الإمام الحسين عليه السلام على معاوية: وعائشة ، وعامة الصحابة ، والعلماء .

في الإحتجاج:2/19: (عن صالح بن كيسان قال: لما قتل معاوية حجر بن عدي وأصحابه حج ذلك العام فلقي الحسين بن علي عليه السلام فقال: يا أبا عبد الله هل بلغك ما صنعنا بحجر وأصحابه وأشياعه وشيعة أبيك ؟ فقال عليه السلام : وما صنعت بهم ؟ قال: قتلناهم وكفناهم وصلينا عليهم . فضحك الحسين عليه السلام ثم قال: خصمك القوم يا معاوية ، لكننا لو قتلنا شيعتك ما كفناهم ولا صلينا عليهم ولا قبرناهم ! ولقد بلغني وقيعتك في علي وقيامك ببغضنا ، واعتراضك بني هاشم بالعيوب ، فإذا فعلت ذلك فارجع إلى نفسك ، ثم سلها الحق عليها ولها ، فإن لم تجدها أعظم عيباً فما أصغر عيبك فيك ، وقد ظلمناك يا معاوية فلا توترن غير قوسك ، ولا ترمين غير غرضك ، ولا ترمنا بالعداوة من مكان قريب ، فإنك والله لقد أطعت فينا رجلا ما قدم إسلامه ولا حدث نفاقه ، ولا نظر لك ! فانظر لنفسك أو دع). انتهى .

ويقصد الإمام عليه السلام عمرو المعاص ، ومعناه أن دوره أساسي في خطط معاوية !


وقالت له عائشة: (يا معاوية أما خشيت الله في قتل حجر وأصحابه؟ قال: لست أنا قتلتهم ، إنما قتلهم من شهد عليهم)! (تاريخ الطبري:4/208 ، والإستيعاب:1/331 ، وفي طبعة 238، والسيرة الحلبية:3/163، والروض الأنف:3/366 ،وفي طبعة ص643 وفيه: ( فقال أوَأنا ؟! إنما قتلهم من شهد عليهم) !! ونحوه: أنساب الأشراف ص1265 . وفي الطبقات:6/219، أن عائشة بعثت رسالة الى معاوية ، واعتذرت الرواية بأنها وصلت بعد تنفيذه الإعدام !

وفي تاريخ دمشق:12/228: (وكان ابن عمر في السوق فنعي له حجر ، فأطلق حبوته وقام وغلبه النحيب) .

وقال ابن سيرين: (أربع خصال كن في معاوية ، لو لم تكن فيه إلا واحدة لكانت موبقة: انتزاؤه على هذه الأمة بالسيف حتى أخذ الأمر من غير مشورة ، وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة ! واستخلافه بعده ابنه سكيراً خميراً يلبس الحرير ويضرب بالطنابير . وادعاؤه زياداً وقد قال رسول الله(ص) : الولد للفراش وللعاهر الحجر . وقتله حجراً وأصحاب حجر ، فيا ويلاً له من حجر ! ويا ويلاً له من أصحاب حجر !). انتهى.

واتفقوا على أن العرب ذلت بعد قتل حجر صبراً: ففي تاريخ الطبري: 4/216: (أن الربيع بن زياد ذكر يوما بخراسان حجر بن عدي فقال لا تزال العرب تقتل صبرا بعده ولو نفرت عند قتله لم يقتل رجل منهم صبراً ولكنها أقرت فذلت)!


* *

وهدم زياد دار حجر بأمر معاوية: فقد ذكر الطبري:4/536 ، أن المختار طلب محمد بن الأشعث لأنه من قتلة الحسين عليه السلام فهرب (فبعث إلى داره فهدمها وبنى بلبنها وطينها دار حجر بن عدي الكندي وكان زياد بن سمية قد هدمها).


* *

وأوصى حجر أن يدفنوه بثيابه ودمائه: في مصنف ابن أبي شيبة:3/139: (قال حجر بن عدي لمن حضره من أهل بيته: لا تَغْسلوا عني دماً ولا تُطلقوا عني حديداً ، وادفنوني في ثيابي ، فإني ألتقي أنا ومعاوية على الجادة غداً !). ( ونحوه في تاريخ دمشق:12/225).(أدفنوني في ثيابي فإني أبعث مخاصماً).(الطبقات:6/219).


* *

وقالت الشعراء في رثاء حجر الشهيد الصحابي: ففي الطبقات:6/220: (وقد كانت هند بنت زيد الأنصارية وكانت شيعية ، قالت حين سير بحجر إلى معاوية:


ترفع أيها القمر المنير ترفع هل ترى حجرا يسير

يسير إلى معاوية بن حرب ليقتله كما زعم الخبير

تجبرت الجبابر بعد حجر وطاب لها الخورنق والسدير

وأصبحت البلاد له محولا كأن لم يحيها يوما مطير..الخ.

(والبحار:32/578 ، و:38/22، وتجد كثيراً من الشعر في أمهات المصادر كالطبري وابن عساكر)


* *

كانت له شعبية واسعة في الكوفة ولكنها لم توظف جيداً:

يتساءل المتأمل في شخصية حجر المحبوبة ونفوذه الواسع على قبائل كندة الكبيرة ، المنتشرة في العراق والشام ! وعلى أوساط أخرى من القبائل ، ويتعجب كيف استطاع زياد بن أبيه أن يعتقله مع بضعة عشر زعيماً من وسط قبائلهم ، ويرسلهم مقيدين الى معاوية ، ثم كيف استطاع معاوية أن يقتل نصفهم ، ولم يقبل الوساطات الواسعة إلا في نصفهم؟ ولم تحدث لذلك ردة فعل تذكر ؟!

والجواب: أنه كانت توجد عوامل متعددة ونقاط ضعف في موقف حجر وأصحابه ، لايتسع المجال لدراستها ، وهذه خلاصة أحداث اعتقالهم:

في تاريخ الطبري:4/191: (قال: كنت في شرط زياد ، فقال زياد: لينطلق بعضكم إلى حجر فليدعه . قال فقال لي أمير الشرطة وهو شداد بن الهيثم الهلالي: إذهب إليه فادعه ، قال: فأتيته فقلت: أجب الأمير . فقال أصحابه: لا يأتيه ولا كرامة ! قال فرجعت إليه فأخبرته ، فأمر صاحب الشرطة أن يبعث معي رجالاً ، قال فبعث نفراً قال فأتيناه فقلنا أجب الأمير، قال: فسبونا وشتمونا ، فرجعنا إليه فأخبرناه الخبر ! قال: فوثب زياد بأشراف أهل الكوفة فقال: يا أهل الكوفة أتشجون بيد وتأسون بأخرى ؟! أبدانكم معي وأهواؤكم مع حجر ؟! هذا الهجهاجة الأحمق المذبوب ! أنتم معي وإخوانكم وأبناؤكم وعشائركم مع حجر هذا والله من دحسكم وغشكم والله لتظهرن لي برأتكم أو لآتينكم بقوم أقيم بهم أودكم وصعركم ! فوثبوا إلى زياد فقالوا: معاذ الله سبحانه أن يكون لنا فيما ههنا رأى إلا طاعتك وطاعة أمير المؤمنين ! وكل ما ظننا أن فيه رضاك وما يستبين به طاعتنا وخلافنا لحجر ، فمرنا به ! قال: فليقم كل امرئ منكم إلى هذه الجماعة حول حجر ، فليدع كل رجل منكم أخاه وابنه وذا قرابته ومن يطيعه من عشيرته ، حتى تقيموا عنه كل من استطعتم أن تقيموه ، ففعلوا ذلك فأقاموا جُلَّ من كان مع حجر بن عدي ! فلما رأى زياد أن جل من كان مع حجر أقيم عنه ، قال لشداد بن الهيثم الهلالي ويقال هيثم بن شداد أمير شرطته: إنطلق إلى حجر فإن تبعك فأتني به وإلا فمر من معك فلينتزعوا عمد السوق ، ثم يشدوا بها عليهم حتى يأتوني به ويضربوا من حال دونه ! فأتاه الهلالي فقال: أجب الأمير ، قال فقال أصحاب حجر: لا ولا نعمة عين لا نجيبه ! فقال لأصحابه شدوا على عمد السوق فاشتدوا إليها فأقبلوا بها قد انتزعوها ، فقال عمير بن يزيد الكندي من بني هند وهو أبو العمر طه: إنه ليس معك رجل معه سيف غيري ، وما يغني عنك ! قال فما ترى؟ قال قم من هذا المكان فالحق بأهلك ، يمنعك قومك !

فقام زياد ينظر إليهم وهو على المنبر ، فغشوا بالعمد فضرب رجل من الحمراء يقال له بكر بن عبيد رأس عمرو بن الحمق بعمود فوقع ، وأتاه أبو سفيان بن عويمر والعجلان بن ربيعة وهما رجلان من الأزد فحملاه ، فأتيا به دار رجل من الأزد يقال له عبيد الله بن مالك ، فخبأه بها فلم يزل بها متوارياً حتى خرج منها!.... قال فلما ضرب عمراً تلك الضربة وحمله ذانك الرجلان ، انحاز أصحاب حجر إلى أبواب كندة ، ويضرب رجل من جذام كان في الشرطة رجلاً يقال له عبد الله بن خليفة الطائي بعمود فضربه ، ضربة فصرعه....وينتزع عموداً من بعض الشرط فقاتل به وحمى حجراً وأصحابه حتى خرجوا من تلقاء أبواب كندة وبغلة حجر موقوفة فأتى بها أبو العمرطة إليه ثم قال اركب لا أب لغيرك ، فوالله ما أراك إلا قد قتلت نفسك وقتلتنا معك ! فوضع حجر رجله في الركاب فلم يستطع أن ينهض فحمله أبو العمرطة على بغلته ووثب أبو العمرطة على فرسه فما هو إلا أن استوى عليه حتى انتهى إليه يزيد بن طريف المسلى وكان يغمز ، فضرب أبا العمرطة بالعمود على فخذه ويخترط أبو العمرطة سيفه فضرب به رأس يزيد بن طريف فخر لوجهه ، ثم إنه برأ بعد....

ثم وصفت روايات الطبري وغيره ، لجوء حجر الى النخع ثم الى الأزد ، ثم كيف أخذوا له أماناً من ابن زياد أن لايقتله ، بل يبعثه الى معاوية ! وكيف جاؤوا به الى ابن زياد فأهانه وسجنه ، وتتبع أصحابه فقبض على أكثرهم ، وفر الباقون!

ثم كيف كتب شهادة زور على حجر وأشهد الزعماء والقضاة عليها ثم استحسن شهادة أبي بردة بن أبي موسى الأشعري ، فأمرهم أن يشهدوا عليها ، وهي!

(هذا ما شهد عليه أبو بردة بن أبي موسى لله رب العالمين ، شهد أن حجر بن عدي خلع الطاعة وفارق الجماعة ، ولعن الخليفة ودعا إلى الحرب والفتنة ، وجمع إليه الجموع يدعوهم إلى نكث البيعة وخلع أمير المؤمنين معاوية ، وكفر بالله عز وجل كفرة صلعاء ! فقال زياد على مثل هذه الشهادة فاشهدوا أما والله لأجهدن على قطع خيط عنق الخائن الأحمق !

فشهد رؤوس الأرباع على مثل شهادته وكانوا أربعة ، ثم إن زيادا دعا الناس فقال: إشهدوا على مثل شهادة رؤوس الأرباع ، فقرأ عليهم الكتاب فقام أول الناس عناق بن شرحبيل بن أبي دهم التيمي تيم الله بن ثعلبة ، فقال بينوا اسمى فقال زياد ابدؤا بأسامي قريش ، ثم اكتبوا اسم عناق في الشهود ، ومن نعرفه ويعرفه أمير المؤمنين بالنصيحة والاستقامة ، فشهد إسحاق بن طلحة بن عبيد الله وموسى بن طلحة ، وإسماعيل بن طلحة بن عبيد الله ، والمنذر بن الزبير ، وعمارة ابن عقبة بن أبي معيط ، وعبد الرحمن بن هناد ، وعمر بن سعد بن أبي وقاص وعامر بن مسعود بن أمية بن خلف ، ومحرز بن جارية بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس ، وعبيد الله بن مسلم بن شعبة الحضرمي ، وعناق بن شرحبيل بن أبي دهم ، ووائل ابن حجر الحضرمي ، وكثير بن شهاب بن حصين الحارثي وقطن بن عبد الله بن حصين ، والسري بن وقاص الحارثي وكتب شهادته وهو غائب في عمله ، والسائب والأقرع الثقفي ، وشبيب بن ربعي ، وعبد الله بن أبي عقيل الثقفي ، ومصقلة بن هبيرة الشيباني ، والقعقاع بن شور الذهلي ، وشداد بن المنذر بن الحارث بن وعلة الذهلي ، وكان يدعى ابن بزيعة فقال ما لهذا أب ينسب إليه ألقوا هذا من الشهود فقيل له:إنه أخو الحصين وهو ابن المنذر ، قال: فانسبوه إلى أبيه ، فنسب إلى أبيه ، فبلغت شدادا فقال ويلي على ابن الزانية أو ليست أمه أعرف من أبيه والله ما ينسب إلا إلى أمه سمية ! وحجار بن أبجر العجلي ، فغضبت ربيعة على هؤلاء الشهود الذين شهدوا من ربيعة وقالوا لهم: شهدتم على أوليائنا وخلفائنا ! فقالوا: ما نحن إلا من الناس ، وقد شهد عليهم ناس من قومهم كثير ، وعمرو بن الحجاج الزبيدي ، ولبيد بن عطارد التميمي ومحمد بن عمير بن عطارد التميمي ، وسويد بن عبد الرحمن التميمي من بنى سعد ، وأسماء بن خارجة الفزاري كان يعتذر من أمره ، وشمر بن ذي الجوشن العامري ، وشداد ومروان ابنا الهيثم الهلاليان ، ومحصن بن ثعلبة من عائذة قريش والهيثم بن الأسود النخعي ، وكان يعتذر إليهم ، وعبد الرحمن بن قيس الأسدي والحارث ، وشداد ابنا الأزمع الهمدانيان ثم الوادعيان ، وكريب بن سلمة بن يزيد الجعفي ، وعبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي ، وزحر بن قيس الجعفي وقدامة بن العجلان الأزدي ، وعزرة بن عزرة الأحمسي ، ودعا المختار بن أبي عبيد وعروة ابن المغيرة بن شعبة ليشهدوا عليه فراغا ، وعمر بن قيس ذي اللحية وهانئ بن أبي حية الوادعيان.

فشهد عليه سبعون رجلا فقال زياد: ألقوهم إلا من قد عرف بحسب وصلاح في دينه فألقوا حتى صيروا إلى هذه العدة ، وألقيت شهادة عبد الله بن الحجاج التغلبي ، وكتبت شهادة هؤلاء الشهود في صحيفة ، ثم دفعها إلى وائل بن حجر الحضرمي وكثير بن شهاب الحارثي ، وبعثهما عليهم وأمرهما أن يخرجا بهم وكتب في الشهود شريح بن الحارث القاضي وشريح بن هانئ الحارثي . فأما شريح فقال: سألني عنه فأخبرته أنه كان صواماً قواماً ، وأما شريح بن هانئ الحارثي فكان يقول: ما شهدت ولقد بلغني أن قد كتبت شهادتي فأكذبته ولمته! وجاء وائل ابن حجر وكثير بن شهاب فأخرج القوم عشية وسار معهم صاحب الشرطة حتى أخرجهم من الكوفة ، فلما انتهوا إلى جبانة عرزم نظر قبيصة بن ضبيعة العبسي إلى داره وهى في جبانة عرزم ، فإذا بناته مشرفات فقال لوائل وكثير: ائذنا لي فأوصى أهلي فأذنا له فلما دنا منهن وهن يبكين سكت عنهن ساعة ، ثم قال: اسكتن فسكتن فقال: اتقين الله عز وجل واصبرن فإنى أرجو من ربى في وجهي هذا إحدى الحسنيين إما الشهادة وهى السعادة ، وإما الانصراف إليكن في عافية ، وإن الذي كان يرزقكن ويكفيني مؤنتكن هو الله تعالى ، وهو حي لا يموت ، أرجو أن لا يضيعكن وأن يحفظني فيكن ، ثم انصرف فمر بقومه فجعل القوم يدعون الله له بالعافية ، فقال: إنه لمما يعدل عندي خطر ما أنا فيه هلاك قومي يقول حيث لا ينصرونني وكان رجا أن يخلصوه). انتهى .

ويظهر من الرواية التالية أن حجراً كان يقف في وجه المغيرة والي معاوية بقوة جمهوره ، فيتراجع المغيرة ! قال البلاذري في أنساب الأشراف ص 1256:

(وروي أن المغيرة لما شتم علياً وقام إليه حجر بن عدي قال له: والله لئن عدت لمثلها لأضربن بسيفي هذا ما ثبت قائمة في يدي ! فكتب المغيرة بذلك إلى معاوية فكتب إليه معاوية: إنك لست من رجاله فداره ، فقال زياد: يا ابن الأدبر أتظن أني كالمغيرة إذ كتب أمير المؤمنين إليه بما كتب به فيك؟ أنا والله من رجالك ورجال من يغمرك رأياً وبأساً ومكيدةً ! وكان زياد قد كتب إلى معاوية في حجر إنه وأصحابه يردون أحكامي وقضاياي ، وكتب يستأذنه في قتله فكتب إليه: ترفق حتى تجد عليه حجة ، فكتب إليه: إني قد وجدت على حجر أعظم الحجة: خلعك وشهد الناس عليه بذلك ). انتهى .

وقد كذب زياد ، ودبر شهود زور على حجر !

ملاعلي 22-08-2008 09:21 PM


11- قتله الصحابي عمرو بن الحَمِق الخزاعي رحمه الله


قال ابن منظور في لسان العرب:10/69: (والحَمِق: الخفيف اللحية ، وبه سمي عمرو بن الحَمِق ، قتله أصحاب معاوية ، ورأسه أول رأس حمل في الإسلام).

وفي تاج العروس:6/323: ( والحَمِق ككتِف: الخفيف اللحية . عن ابن دريد ، وبه سمي الرجل (عمرو بن الحمق صحابي) وهو ابن الكاهن بن حبيب بن عمرو بن القين بن رزاح بن عمرو بن سعد بن كعب الخراعي رضي الله عنه ، هاجر بعد الحديبية . يقال إنه هرب في زمن زياد إلى الموصل فنهشته حية فمات . وفي اللسان قتله أصحاب معاوية ، ورأسه أول رأس حمل في الإسلام .

وقال ابن الكلبي في نسب خزاعة: قتله عبد الرحمن بن أم الحكم الثقفي بالجزيرة . قلت: روى عنه جبر بن نفير . وقد يقال فيه عمرو بن الحمق بالضم فالفتح ! وقال أبو نعيم: هو تصحيف والصواب ما تقدم ! ودكر الحافظ في فتح الباري الوجهين وقال إنه يحتمل فتأمل). انتهى .


أقول: ما قرأته من الزبيدي يمثل خلاصة موقفهم من هذا الصحابي الجليل ، ابتداء من إسمه (الحَمِق) بكسر الحاء ومعناه خفيف اللحية ، فجعلوه بضم الحاء بمعنى الأحمق ! ويقول عالمهم الكبير ابن حجر: وهو محتمل !

الى قتله بأمر معاوية ، فقالوا نهشته حية فمات ! ولو أمكنهم أن يقولوا إن الرأس الذي أرسل الى معاوية لم يكن رأسه ، لأن الحية أكلت رأسه ، لفعلوا !

ذلك أن عمرو بن الحمق رحمه الله شيعي متشدد ، ومن قبيلة خزاعة الحليفة لبني هاشم قبل الإسلام وبعده ! وكان مع الأشتر وحجر بن عدي من المعترضين على ولاة عثمان في الكوفة ، وقد أبعده عثمان الى الشام ثم الى حمص !

وكان معروفاً في مصر ، فلعله شارك في فتحها وفي معركة ذات الصواري البحرية مع الروم ، وقد جاء مع وفد مصر الى دار الخلافة معترضين على واليهم الأموي ، وكان معهم في محاصرتهم لعثمان ، وقالوا إنه اشترك في قتله !

ثم كان قائداً في حروب علي عليه السلام وقد أخذ في صفين راية خزاعة بعد أن قتل زعيمها الصحابي الجليل بديل بن ورقاء وابنه عبدالله .

وهذه النقاط كافية عندهم لذمه ، وتحليل دمه لمعاوية حتى لو كان صحابياً ! فقيمة الصحابي عندهم بقدر ما يخدم زعماءهم !

خزاعة الخير حلفاء بني هاشم لايحبها بنو أمية ولا تحبهم:

(كانت خزاعة حلفاء بني هاشم بن عبد مناف إلى عهد النبي(ص)وكان بنو بكر حلفاء قريش). (فتح الباري:12/181) . أي حلفاء بني أمية وقريش المشركة !

(وكان الأصل في موالاة خزاعة للنبي(ص)أن بني هاشم في الجاهلية كانوا تحالفوا مع خزاعة ، فاستمروا على ذلك في الإسلام). (فتح الباري:5/246).

وفي أنساب الأشراف للبلاذري ص46:

(وكانت نسخة كتابهم: باسمك اللهم ، هذا ما تحالف عليه عبد المطلب بن هاشم ورجالات عمرو بن ربيعة من خزاعة ومن معهم من أسلم ومالك ابني أفصى بن حارثة ، تحالفوا على التناصر والمؤاساة ما بلَّ بحر صوفةً ، حلفاً جامعاً غير مفرق الاشياخ على الاشياخ ، والاصاغر على الأصاغر ، والشاهد على الغائب ، وتعاهدوا وتعاقدوا أوكد عهد وأوثق عقد ، ولا ينقض ولا ينكث ، ما شرقت شمس على ثبير ، وحنَّ بفلاة بعير ، وما قام الأخشبان ، وعمر بمكة إنسان ، حلفَ أبدٍ لطول أمد ، يزيده طلوع الشمس شداً ، وظلام الليل سداً ، وإن عبد المطلب وولده ومن معهم دون سائر بني النضر بن كنانة ، ورجال خزاعة متكافئون متضافرون متعاونون . فعلى عبد المطلب النصرة لهم ممن تابعه على كل طالب وتر ، في بر أو بحر أو سهل أو وعر . وعلى خزاعة النصرة لعبد المطلب وولده ومن معهم ، على جميع العرب ، في شرق أو غرب ، أو حَزَن أو سَهَب . وجعلوا الله على ذلك كفيلاَ ، وكفى به حميلاَ ....

هذا الحلف هو الذي عناه عمرو بن سالم الخزاعي حين قال لرسول الله(ص) :

لاهمَّ إني ناشدٌ محمدا حلف أبينا وأبيه الأتلدا). انتهى .

وكانت خزاعة الى جانب النبي صلى الله عليه وآله ثم الى جانب أهل بيته^ ، وكان دورها بارزاً في حروب علي عليه السلام . ولما رأى معاوية زعيمهم الصحابي الجليل بديل بن ورقاء الخزاعي حمل في فرسان خزاعة على مركزه بصفين ، وهو لابسٌ درعين وحاملٌ سيفين ، فاضطرَّ معاوية الى التراجع وتغيير مكانه ، وقال: (والله لو استطاعت نساء خزاعة لقاتلتنا فضلاً عن رجالها)! (تاريخ الطبري:4/16، وأسد الغابة:3/124).

فقاتل بديل بن ورقاء رحمه الله حتى جرح ، فأخذ الراية ابنه عبدالله فتقدم وهو يقول: أضربكم ولا

أرى معاويهْ الأبرجِ العين العظيم الحاويهْ

هوت به في النار أمٌّ هاويهْ جاوره فيها كلابٌ عاويهْ

فهجموا عليه فقتلوه ، فأخذها عمرو بن الحمق قائلاً:

جزى الله فينا عصبة أي عصبة حسان وجوه صُرِّعوا حولَ هاشم

وقاتل أشد قتال). (مناقب آل أبي طالب:2/357)

وكان عمرو بن الحمق من شخصيات خزاعة ورؤسائها ، ومن الصحابة المميزين عند النبي صلى الله عليه وآله ، لكن كل ذلك لايغفر له عندهم معارضته لعثمان في الكوفة ومصر ، ومجيؤه في الوفد المصري وضغطهم على عثمان لتغيير واليهم ، ثم محاصرتهم له ، واتهامه بالمشاركة في قتل عثمان !

وهذا هو السبب فيما تجده فيه من الغمز واللمز في أكثر مصادرهم ، أو تهوين أمره ، أو حذفه كلياً من تراجم الصحابة ، كما فعل إمامهم الذهبي !!

عمرو بن الحمق من جنود الله الخاصين:

اتفق الرواة على أن إسلام عمرو بن الحمق كان بمعجزة من النبي صلى الله عليه وآله ، وأنه أرسل سرية وأخبرهم أنهم سيصادفونه ، وأوصاهم أن يبلغوه من أهل الجنة !

روى الطبراني في الأوسط:4/239: (سمعت عمرو بن الحمق يقول: بعث رسول الله ( ص) بسرية فقالوا يا رسول الله إنك تبعثنا وليس لنا زاد ولا لنا طعام ، ولا علم لنا بالطريق ! فقال: إنكم ستمرون برجل صبيح الوجه يطعمكم من الطعام ويسقيكم من الشراب ، ويدلكم على الطريق ، وهو من أهل في الجنة ! فلما نزل القوم عليَّ جعل يشير بعضهم إلى بعض وينظرون إليَّ فقلت: ما بكم يشير بعضكم إلى بعض وتنظرون إلي؟ فقالوا: أبشر ببشرى الله ورسوله فإنا نعرف فيك نعت رسول الله (ص) ، فأخبروني بما قال لهم ، فأطعمتهم وهريقوا وزودتهم ، وخرجت معهم حتى دللتهم على الطريق ، ثم رجعت إلى أهلي فأوصيتهم بإبلي ، ثم خرجت إلى رسول الله(ص)فقلت ما الذي تدعو إليه ؟ فقال: أدعو إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان . فقلت: إذا أجبناك إلى هذا فنحن آمنون على أهلنا ودمائنا وأموالنا؟ قال: نعم . فأسلمت ورجعت إلى قومي فأخبرتهم بإسلامي ، فأسلم على يدي بشر كثير منهم ، ثم هاجرت إلى رسول الله (ص)بينما أنا عنده ذات يوم فقال لي: يا عمرو هل لك أن أريك آية الجنة يأكل الطعام ويشرب الشراب ويمشي في الأسواق ؟ قلت: بلى نعم بأبي أنت وأمي ، قال: هذا وقومه آية الجنة ، وأشار إلى علي بن أبي طالب . وقال لي: يا عمرو هل لك أن أريك آية النار يأكل الطعام ويشرب الشراب ويمشي في الأسواق ؟ قلت: بلى بابي أنت وأمي ، قال: هذا وقومه آية النار وأشار إلى رجل !!

فلما وقعت الفتنة ذكرت قول رسول الله (ص) ففررت من آية النار إلى آية الجنة . وترى بني أمية قاتلي بعد هذا ؟قلت: الله ورسوله أعلم . قال: والله لو كنت في جحر في جوف جحر لاستخرجني بنو أمية حتى يقتلوني ! حدثني به حبيبي رسول الله (ص)أن رأسي تحتز في الإسلام وتنقل من بلد إلى بلد)! انتهى .

وقد ذكرت مصادرنا عنه ما أهمله غيرها: ففي الاختصاص ص16: ( فأقمت مع رسول الله صلى الله عليه وآله ما أقمت وغزونا معه غزوات وقبض الله رسوله صلى الله عليه وآله ).

وفي الهداية لابن حمدان الخصيبي ص154، ومدينة المعاجز:3/179 ، بسنده عن

عن جابر بن عبدالله الأنصاري في في قصة إسلامه من حديث مفصل جاء فيه: (أرسل رسول الله صلى الله عليه وآله سرية فقال لهم: تصلون ساعة كذا وكذا من الليل أرضاً لاتهتدون فيها سيراً ، فإذا وصلتم إليها فخذوا ذات الشمال فإنكم تمرون برجل فاضل خير في ساقية ، فتسترشدونه فيأبى أن يرشدكم حتى تأكلوا من طعامه ، ويذبح لكم كبشاً فيطعمكم ، ثم يقوم معكم فيرشدكم الطريق فاقرؤوه مني السلام وأعلموه أني قد ظهرت في المدينة . فمضوا ، فلما وصلوا إلى الموضع في الوقت ضلوا ، فقال قائل منهم:ألم يقل لكم رسول الله صلى الله عليه وآله : خذوا ذات الشمال ، ففعلوا فمروا بالرجل الذي وصفه رسول الله لهم فاسترشدوه الطريق فقال: إني لا أرشدكم حتى تأكلوا من طعامي ، فذبح لهم كبشاً فأكلوا من طعامه ، وقام معهم فأرشدهم الطريق وقال لهم: أظهر النبي بالمدينة ؟ فقالوا: نعم ، فأبلغوه سلامه فخلَّف في شأنه من خلَّف ، ومضى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو عمرو بن الحمق الخزاعي).. وقالت الرواية إنه ( لبث مع النبي صلى الله عليه وآله ما شاء الله ، ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وآله : (إرجع إلى الموضع الذي هاجرت إليَّ منه ، فإذا نزل أخي أمير المؤمنين الكوفة وجعلها دار هجرته فأته).

وفي الاختصاص ص15، تصريح بأن آية النار التي أراه إياها النبي صلى الله عليه وآله معاوية !

عاش ثمانين سنة ولم تشب منه شعرة !

في مصنف ابن أبي شيبة:7/437: (عن يوسف بن سليمان عن جده عن عمرو بن الحمق أنه سقى النبي(ص)لبناً فقال: اللهم أمتعه بشبابه ، فلقد أتت عليه ثمانون سنة لا يرى شعرة بيضاء). (وتاريخ دمشق:45/496 و497 ، وأسد الغابة:4/100، والأذكار النووية ص 238، وتهذيب الكمال:21/598 . ومن مصادرنا: الخرائج والجرائح:1/52 ، ومناقب آل أبي طالب:1/74) .وكانت شهادته رحمه الله سنة إحدى وخمسين ، فيكون عمره عند البعثة ست عشرة سنة ، وعندما أسلم في غزوة الحديبية كما روي ستاً وثلاثين سنة .


بعدك يا علي.. جاءت سنوات المطاردة والتشرد !


بمجرد أن سيطر معاوية على الأمة بالصلح مع الإمام الحسن عليه السلام وأعلن نقضه لكل بنوده ، ومنها بند العفو العام ، وأن كل شرط شرطه للإمام الحسن عليه السلام فهو تحت قدمه.. بدأ حملته بمطاردة شخصيات الشيعة ، وكان من أولهم عمرو بن الحمق ، الذي فرَّ منه فاعتل ففرَّ منه فأمر معاوية باعتقال زوجته وإرسالها الى الشام ، فسجنها !

قال ابن طيفور في بلاغات النساء ص59: (حدثنا العباس بن بكار قال: حدثنا أبو بكر الهذلي ، عن الزهري وسهل بن أبي سهل التميمي ، عن أبيه قالا: لما قتل علي بن أبي طالب بعث معاوية في طلب شيعته فكان في من طلب عمر بن الحمق الخزاعي فراغ منه ، فأرسل إلى امرأته آمنة بنت الشريد فحبسها في سجن دمشق سنتين ، ثم إن عبد الرحمن بن الحكم ظفر بعمر بن الحمق في بعض الجزيرة ، فقتله وبعث برأسه إلى معاوية وهو أول رأس حمل في الاسلام ، فلما اتى معاوية الرسول بالرأس بعث به إلى آمنة في السجن ، وقال للحرسي إحفظ ما تكلم به حتى تؤديه إليَّ واطرح الرأس في حجرها)!! انتهى .


عمرو بن الحمق من نوع أويس القرني


من المتفق عليه بين المسلمين أن النبي صلى الله عليه وآله بشَّرَ أمته بأويس القرني رحمه الله ، وشهد بأنه من كبار الشفعاء في الآخرة ، وقالت أكثر المصادر إنه لم يرَ النبي صلى الله عليه وآله !

ومن المتفق عليه أن أويساً لم يشترك في حروب الفتوحات ، بل جاء بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسكن الكوفة حتى إذا تسلم الخلافة علي عليه السلام بايعه على الموت وشارك في حرب الجمل ثم في صفين ، واستشهد ! وهذا يفتح الباب على نوعية من عباد الله وجنوده ، لهم برنامجهم وتكليفهم الخاص . وأقدر أن منهم حجر بن عدي ، وعمرو بن الحمق ، ورشيد الهجري ، وميثم التمار !

خاصة أنا لانجد لعمرو ذكراً في حروب الفتوحات ، مع كثرة الخزاعيين الذين شاركوا في الفتوحات وسنه المناسب وشجاعته ! إلا سفره الى مصر الذي يوجب احتمال أن يكون شارك في فتحها وفي معركة ذات الصواري كما فعل زميلاه محمد بن أبي بكر ومحمد بن أبي حذيفة .

ومما يؤيد رأينا بأنه كأويس التعامل الخاص للنبي صلى الله عليه وآله ولعلي عليه السلام معه ، وإراءه النبي صلى الله عليه وآله إياه آية الجنة وآية النار! والمعجزات التي ظهرت للنبي صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام فيه ، والكرامات التي ظهرت له ، ووقد روت مصادرنا عدداً منها ، ومنها أن غلامه ، ورفيقه في فراره الى الموصل رفاعة بن شداد ، كانا من أصحاب الإمام الحسين عليه السلام المستشهدين بين يديه ، وهو مقام عظيم لايوصف !

وفي الاختصاص ص3: (ومن أصفياء أصحابه: عمرو بن الحمق الخزاعي عربي وميثم التمار وهو ميثم بن يحيى مولى ، ورشيد الهجري ، وحبيب بن مظاهر الأسدي ، ومحمد بن أبي بكر). انتهى .

وفي الاختصاص ص14: (عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه رفعه قال: قال عمرو بن الحمق الخزاعي لأمير المؤمنين عليه السلام : والله ما جئتك لمال من الدنيا تعطينيها ولا لالتماس السلطان ترفع به ذكري إلا لأنك ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وأولى الناس بالناس وزوج فاطمة سيدة نساء العالمين÷وأبو الذرية التي بقيت لرسول الله صلى الله عليه وآله وأعظم سهماً للإسلام من المهاجرين والأنصار .

والله لو كلفتني نقل الجبال الرواسي ، ونزح البحور الطوامي أبداً حتى يأتي عليَّ يومي وفي يدي سيفي أهزُّ به عدوك وأقوِّي به وليك ، ويعلو به الله كعبك ويفلج به حجتك ، ما ظننت أني أديت من حقك كل الحق الذي يجب لك علي! فقال أمير المؤمنين عليه السلام : اللهم نور قلبه باليقين واهده إلى الصراط المستقيم ، ليت في شيعتي مائة مثلك) . انتهى.

وهذا يشبه قول أويس رحمه الله لأمير المؤمنين عليه السلام في صفين: ( جاء رجل عليه قباء صوف ، متقلد سيفين فقال: هلمَّ يدك أبايعك . فقال عليه السلام : على مَ تبايعني؟قال: على بذل مهجة نفسي دونك) ! (خصائص الائمة 53) .


وفي الهداية لابن حمدان الخصيبي ص155، ومدينة المعاجز:3/179:

(فانصرف عمرو بن الحمق إلى شأنه ، حتى إذا نزل أمير المؤمنين عليه السلام الكوفة أتاه فأقام معه في الكوفة ، فبينا أمير المؤمنين عليه السلام جالس وعمرو بين يديه فقال له: يا عمرو ألك دار؟ قال: نعم ، قال: بعها واجعلها في الأزد ، فإني غداً لو قد غبت عنكم لطُلبت فتتبعك الأزد ، حتى تخرج من الكوفة متوجهاً نحو الموصل ، فتمر برجل نصراني مقعد فتقعد عنده فتستسقيه الماء فيسقيك ويسألك عن شأنك فتخبره ، فادعه إلى الإسلام فإنه يسلم ، فإذا أسلم فامرر بيدك على ركبتيه فإنه ينهض صحيحاً مسلماً ويتبعك . وتمر برجل محجوب جالس على الجادة فتستسقيه الماء فيسقيك ، ويسألك عن قصتك وما الذي أخافك وممَّ تتوقى؟ فحدثه بأن معاوية طلبك ليقتلك ويمثل بك لايمانك بالله ورسوله صلى الله عليه وآله وطاعتك في ولايتي ، ونصحك لله تعالى في دينك ، فادعه إلى الإسلام فإنه يسلم ، فامرر يدك على عينيه فإنه يرجع بصيراً بإذن الله تعالى ، فيتبعانك ويكونا معك ، وهما اللذان يواريان جثتك في الأرض. ثم تصير إلى الدير على نهر يدعى بدجلة ، فإن فيه صديقاً عنده من علم المسيح عليه السلام ما تجده لك أعون الأعوان على سرك ، وما ذاك إلا ليهديه الله لك ، فإذا أحست بك شرطة ابن أم الحكم وهو خليفة معاوية بالجزيرة ، ويكون مسكنه بالموصل ، فاقصد إلى الصديق الذي في الدير في أعلى الموصل فناده فإنه يمتنع ، فاذكر اسم الله الذي علمتك إياه فإن الدير بتواضع لك حتى تصير في ذروته ، فإذا رآك ذلك الراهب الصديق قال لتلميذ معه: ليس هذا أوان المسيح هذا شخص كريم ، ومحمد قد توفاه الله ، ووصيه قد استشهد بالكوفة ، وهذا من حواريه . ثم يأتيك ذليلاً خاشعاً فيقول لك: أيها الشخص العظيم قد أحلتني لما لم أستحقه فبم تأمرني؟ فتقول له: أستر تلميذيَّ هذين عندك وتشرف(إصعد) على ديرك هذا فانظر ماذا ترى ، فإذا قال لك: إني أرى خيلاً غائرة نحونا فخلف تلميذيك عنده ، وانزل واركب فرسك واقصد نحو غار على شاطئ الدجلة تستتر فيه فإنه لابد من أن يسترك ، وفيه فسقة من الجن والإنس ، فإذا استترت فيه عرفك فاسق من مردة الجن يظهر لك بصورة تنين فينهشك نهشاً يبالغ في إضعافك ، ويفر فرسك فتبدر بك الخيل فيقولون: هذا فرس عمرو ، ويقفون أثره فإذا أحسست بهم دون الغار فأبرز إليهم بين دجلة والجادة ، فقف لهم في تلك البقعة فإن الله تعالى جعلها حفرتك وحرمك ، فالقهم بسيفك فاقتل منهم ما استطعت حتى يأتيك أمر الله ، فإذا غلبوك حزوا رأسك وشهروه على قناة إلى معاوية ، ورأسك أول رأس يشهر في الإسلام من بلد إلى بلد . ثم بكى أمير المؤمنين عليه السلام وقال: بنفسي ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله وثمرة فؤاده ، وقرة عينه ابني الحسين ، فإني رأيته يسير وذراريه بعدك يا عمرو من كربلاء بغربي الفرات إلى يزيد بن معاوية ! ثم ينزل صاحبك المحجوب والمقعد فيواريان جسدك في موضع مصرعك ، وهو من الدير والموصل على مائة وخمسين خطوة من الدير). انتهى .


ومهما أوردنا على هذ القصة من إشكالات ، فهي تدل على أنه رحمه الله آوى الى دير في قلة جبل ، وأنه سلم نفسه الى حاكم الموصل بأمان . وهو ينسجم مع مع رسالة الإمام الحسين عليه السلام الى معاوية التي جاء فيها:

(ألست القاتل حجر بن عدي أخا كندة ، والمصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم ويستعظمون البدع ولا يخافون في الله لومة لائم ؟ ثم قتلتهم ظلماً وعدواناً من بعد ما كنت أعطيتهم الأيمان المغلظة والمواثيق المؤكدة ، لا تأخذهم بحدث كان بينك وبينهم ، ولا بإحنة تجدها في نفسك ؟!

(أو لست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله العبد الصالح الذي أبلته العبادة فنحل جسمه وصفرت لونه؟ بعدما آمنته ، وأعطيته من عهود الله ومواثيقه ما لو أعطيته طائراً لنزل إليك من رأس الجبل ! ثم قتلته جرأة على ربك واستخفافاً بذلك العهد ؟!) . (اختيار معرفة الرجال:1/252).


ومعناه أن الإمام عليه السلام يذكر معاوية في قضية حجر وأصحابه بمواثيقه في عهد الصلح مع الإمام الحسن عليه السلام ، الذي نص على العفو العام ، ووقف كل أنواع الملاحقات لشيعة علي عليه السلام ! بينما يذكره في قضية عمرو بن الحمق بأمان أعطوه له ومواثيق وعهود مؤكدة ، ثم نكثوها ! وهذا يكذب روايتي أتباع السلطة بأنه لدغته حية فمات ، أو أنهم قبضوا عليه بدون عهد ولا أمان !

بعث زياد رأسه الى معاوية وصلبه وطافوا به !


قال في الطبقات:6/25: (عن الشعبي قال أول رأس حمل في الاسلام رأس عمرو بن الحمق).( ونحوه في تاريخ خليفة:ص146، والتاريخ الصغير للبخاري :1/131، , والثقات لابن حبان:3/275 ، , وتاريخ دمشق:45/496 ، ,503، و:69/40، وأسد الغابة:4/100، وتاريخ اليعقوبي:2/231 ، والمنتخب من مذيل الطبري ص46 ، ومصنف ابن أبي شيبة:8/357 ، والأوائل لابن أبي عاصم ص71 ، شرح وشرح النهج:2/289 ، ومجمع الزوائد:9/406 ، وقال: رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبد الله بن عبد الملك المسعودي وهو ضعيف ، لكن رواه الطبراني في كتاب الأوائل ص107: باب أول من أهدى في الإسلام: حدثنا إبراهيم بن شريك الأسدي ، حدثنا شهاب بن عباد ، حدثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن هنيدة بن خالد الخزاعي قال: أول رأس أهدي في الإسلام رأس عمرو بن الحمق ، أهدي إلى معاوية. إسناد حسن رجاله ثقات غير شهاب بن عباد ، قال الدارقطني: صدوق زائغ) . والغريب ما قاله الصالحي في سبل الهدى:4/87: (وأول مسلم حمل رأسه عمرو بن الحمق الخزاعي رضي الله عنه . وأما ما رواه أبو داود في مراسيله عن الزهري قال: لم يحمل)!! ورواه العديد من مصادرنا ، منها: اختيار معرفة الرجال:1/248 .


وفي الغدير:11/44: (قال النسابة أبو جعفر محمد بن حبيب في كتاب المحبر ص 490: ونصب معاوية رأس عمرو بن الحمق الخزاعي وكان شيعياً ، ودير به في السوق . وكان عبد الرحمن بن أم الحكم أخذه بالجزيرة . وقال ابن كثير: فطيف به في الشام وغيرها)!!

أسروه وقتلوه ، ثم قالوا لدغته حية ومات !


في تاريخ دمشق:45/496: (كان أول رأس أهدي في الإسلام رأس عمرو بن الحمق ، أصابته لدغة فتوفي ، فخافت الرسل أن يتهموا به فقطعوا رأسه فحملوه إلى معاوية)!! ونحوه في: 45/503 ، وقال في أسد الغابة:4/100: (قال سفيان أرسل معاوية ليؤتى به فلدغ ، وكأنهم خافوا أن يتهمهم ، فأتوا به) !


لكن ثقاتهم كذبوا ذلك وقالوا إنهم قتلوه بأمر معاوية ، بتهمة أنه طعن عثمان:

قال الطبري في تاريخه:4/197: (فحبس (زياد حجراً)عشر ليال وزياد ليس له عمل إلا طلب رؤساء أصحاب حجر ، فخرج عمرو بن الحمقى ، ورفاعة بن شداد حتى نزلا المدائن ، ثم ارتحلا حتى أتيا أرض الموصل ، فأتيا جبلا فكمنا فيه ، وبلغ عامل ذلك الرستاق أن رجلين قد كمنا في جانب الجبل ، فاستنكر شأنهما وهو رجل من همدان يقال له عبد الله بن أبي بلتعة ، فسار إليها في الخيل نحو الجبل ، ومعه أهل البلد فلما انتهى إليهما خرجا .

فأما عمرو بن الحمق فكان مريضاً وكان بطنه قد سقي فلم يكن عنده امتناع وأما رفاعة بن شداد وكان شاباً قوياً فوثب على فرس له جواد فقال له: أقاتل عنك ؟ قال: وما ينفعني أن تقاتل، أنج بنفسك إن استطعت ، فحمل عليهم فأفرجوا له ، فخرج تنفر به فرسه ، وخرجت الخيل في طلبه وكان رامياً ، فأخذ لا يلحقه فارس إلا رماه فجرحه أو عقره ! فانصرفوا عنه !

وأخذ عمرو بن الحمق فسألوه من أنت ؟ فقال من إن تركتموه كان أسلم لكم وإن قتلتموه كان أضر لكم ! فسألوه فأبى أن يخبرهم ، فبعث به ابن أبي بلتعة إلى عامل الموصل وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان الثقفي ، فلما رأى عمرو بن الحمق عرفه ، وكتب إلى معاوية بخبره ، فكتب إليه معاوية إنه زعم أنه طعن عثمان بن عفان تسع طعنات بمشاقص كانت معه ، وإنا لا نريد أن نعتدي عليه فاطعنه تسع طعنات كما طعن عثمان ! فأخرج فطعن تسع طعنات ، فمات في الأولى منهن أو الثانية). انتهى .


قبل قتله بأربع سنوات منع ابن زياد الناس من التردد الى بيته:


(لما قدم زياد الكوفة أتاه عمارة بن عقبة بن أبي معيط فقال: إن عمرو بن الحمق يجتمع إليه من شيعة أبى تراب ! فقال له عمرو بن حريث: ما يدعوك إلى رفع ما لا تيقنه ولا تدرى ما عاقبته ؟ فقال زياد: كلاكما لم يصب ! أنت حيث تكلمني في هذا علانية ، وعمرو حين يردك عن كلامك ! قوما إلى عمرو بن الحمق فقولا له: ما هذه الزرافات التي تجتمع عندك ؟! من أرادك أو أردت كلامه ففي المسجد)!! (في تاريخ الطبري:4/175، وتاريخ دمشق:45/498)

أقول: يبدو أن مطاردة معاوية الأولى التي نص عليها ابن طيفور وكانت بعد الصلح مباشرة ، قد انتهت الى حل في ولاية المغيرة بن شعبة على الكوفة ، وأن عمو بن الحمق عاد الى منزله وقبيلته في الكوفة ، فلما تولى زياد الكوفة بعد موت المغيرة سنة 48 ، بدأ بالتضييق عليه ، ثم أراد القبض عليه ففرَّ منه ، واعتقل زوجته ، ربما ثانيةً ، وأرسلها الى معاوية !


زاهر صاحب عمرو بن الحمق من شهداء كربلاء

قال السيد الخوئي في معجم رجال الحديث:8/221: ( زاهر صاحب عمرو بن الحمق: من أصحاب الحسين عليه السلام (رجال الشيخ) . استشهد معه عليه السلام في واقعة كربلاء ، ذكره أرباب المقاتل ، ومسلم عليه في الزيارة التي خرجت من الناحية المقدسة للشهداء وفي الزيارة الرجبية . وهو جد محمد بن سنان ، ذكره النجاشي في ترجمة محمد بن سنان . وعد ابن شهرآشوب زاهر بن عمرو مولى بن الحمق ، من المقتولين من أصحاب الحسين عليه السلام ، في الحملة الأولى . المناقب: الجزء4 ، باب إمامة أبي عبد الله عليه السلام ، أوائل الثلث الأخير من فصل في مقتله عليه السلام . أقول: الظاهر أن في النسخة تحريفاً ، والصحيح: زاهر مولى عمرو بن الحمق). انتهى .

وقال السيد الأمين في أعيان الشيعة:7/41: ( زاهر صاحب عمرو بن الحمق استشهد بكربلاء سنة 61 . ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الحسين عليه السلام . وقال النجاشي وغيره في ترجمة محمد بن سنان الزاهري إنه من ولد زاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعي ، وفي أبصار العين زاهر بن عمرو الكندي كان بطلاً مجرباً وشجاعاً مشهوراً ومحباً لأهل البيت معروفاً . قال أهل السير إن عمرو بن الحمق لما قام على زياد ، قام زاهر معه وكان صاحبه في القول والفعل ، ولما طلب معاوية عمرواً طلب معه زاهراً فقتل عمراً وأفلت زاهر ، فحج سنة ستين فالتقى مع الحسين عليه السلام فصحبه وحضر معه كربلاء . قال السروري: قتل في الحملة الأولى). انتهى.

رووا عنه قليلاً وأبهموا ما رووه ؟!

في مجمع الزوائد:6/285: (عن عمرو بن الحمق قال سمعت رسول الله(ص) يقول: من أمن رجلاً على دمه فقتله فأنا برئ من القاتل وإن كان المقتول كافراً رواه الطبراني بأسانيد كثيرة وأحدها رجاله ثقات). انتهى.( ورواه الحاكم:4/353 ، وصححه ، وكذا الطيالسي ص181 ، وأحمد:5/223و436 ، وغيرهم).

أقول: رووا هذا الحديث وأكثروا روايته ، ولم يذكروا مناسبته ، وأنها احتجاج على معاوية ، كما تشير رسالة الإمام الحسين عليه السلام اليه .


حديثه في مدح مصر لم يقبله رواة السلطة

روى الحاكم في المستدرك:4/448: (عن عمرو بن الحمق رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: ستكون فتنة أسلم الناس فيها أو قال لخير الناس فيها الجند الغربي ، فلذلك قدمت مصر . هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه) .

ورواه الطبراني في المعجم الأوسط:8/315 ، وبخاري في التاريخ الكبير:6/313 ، وفي مجمع الزائد:5/281، وقال: (رواه البزار والطبراني من طريق عميرة بن عبد الله المغافري وقال الذهبي لا يدى من هو). انتهى .

وطبيعي أن لايعجبهم تفضيل جند مصر في صدر الإسلام على جند الشام ، لأن جند مصر جاؤوا معترضين على عثمان وحاصروه ، وهم يريدون تفضيل جند معاوية في الشام ، وقد صححوا رواية معاوية وكعب الأحبار في تفضيل الشام وأهلها على العالمين !

أما السيوطي المصري فقال في شرحه لمسلم:4/513: (لا يبعد أن يراد بالمغرب مصر فإنها معدودة في الخط الغربي بالاتفاق ، وقد روى الطبراني والحاكم وصححه عن عمرو بن الحمق قال قال رسول الله(ص) :تكون فتنة أسلم الناس فيها الجند الغربي . قال بن الحمق: فلذلك قدمت عليكم مصر . وأخرجه محمد بن الربيع الجيزي في مسند الصحابة الذين دخلوا مصر ، وزاد فيه: وأنتم الجند الغربي ، فهذه منقبة لمصر في صدر الملة ، واستمرت قليلة الفتن معافاة طول الملة ، لم يعترها ما اعترى غيرها من الأقطار ، وما زالت معدن العلم والدين ثم صارت في آخر الأمر دار الخلافة ومحط الرحال ، ولا بلد الآن في سائر الأقطار بعد مكة والمدينة يظهر فيها من شعائر الدين ما هو ظاهر في مصر).انتهى .

ملاعلي 22-08-2008 09:21 PM

12- قتله الصحابية زوجة عمرو بن الحمق المؤمنة البليغة


أرسل زياد بن أبيه شرطته في الكوفة للقبض على عمرو بن الحمق الخزاعي رحمه الله قبل سنتين من شهادته ففرَّ منه ، وتدل النصوص والقرائن على أن عمرواً عاش هاتين السنتين متخفياً في منطقة الموصل وجبالها ! وقد يكون تخفى فيها في تشريده الأول أيضاً ، عملاً بوصية أمير المؤمنين عليه السلام له .


فألقى ابن زياد القبض على زوجته آمنة بنت الشريد ، وأرسلها الى معاوية فحبسها في الشام سنتين ، ثم أرسل اليها برأس زوجها الى السجن !

وفي ذلك دلالة على أن شخصية آمنة كانت مميزة ، لقوة إيمانها وبلاغتها ، وأن معاوية خاف من تأثير لسانها في الناس فحبسها .

ولا يبعد أن يكون معاوية رآها وكلمها فأجابته بكلامها البليغ القاصع ، فأمر أن تلقى في السجن ! ثم أراد أن ينتقم منها فأرسل اليها رأس زوجها !


وهذا الأسلوب في معاملة النساء يستنكره العرب لأنه يخالف أصول تعاملهم مع المرأة ، ومع حرمة جثمان المقتول ! فلا بد أن يكون عرقاً يهودياً في معاوية ، يكذب ما يحاول أن يظهره من حلم أو تحلَّم ! بل قد تكون هذه المرة الثانية لحبسه زوجة عمرو ، كما أشرنا !


قال الزركلي في الأعلام:1/26: (آمنة بنت الشريد ، زوجة عمرو بن الحمق الخزاعي: فصيحة من أهل الكوفة . اشتهرت بخبر لها مع معاوية ، وكان قد حبسها في سجن دمشق سنتين ، لفرار زوجها ثم قتل زوجها وجئ برأسه إليها فألقوه في حجرها ، فدعت على معاوية ، فطلبها وسألها فلم تنكر ما قالت ، فأمرها بالخروج فخرجت ، وقال: يحمل إليها ما يقطع به لسانها عني ويخف بها إلى بلدها. فلما أعطيت ما أمر لها به قالت: يا عجبي لمعاوية يقتل زوجي ويبعث إلي بالجوائز ! ورحلت تريد الكوفة فماتت بالطاعون بحمص). ( الديارات114 وأعلام النساء:1/4).


وفي نهاية ابن كثير:8/52: (فقطع رأسه فبعث به إلى معاوية ، فطيف به في الشام وغيرها ، فكان أول رأس طيف به . ثم بعث معاوية برأسه إلى زوجته آمنة بنت الشريد وكانت في سجنه فألقي في حجرها ، فوضعت كفها على جبينه ولثمت فمه وقالت: غيبتموه عني طويلا ، ثم أهديتموه إلي قتيلا فأهلا بها من هدية غير قالية ولا مقلية). انتهى .


وقال ابن طيفور في بلاغات النساء ص59: (فلما أتى معاوية الرسول بالرأس بعث به إلى آمنة في السجن ، وقال للحرسي: إحفظ ما تتكلم به حتى تؤديه إليَّ ، واطرح الرأس في حجرها ! ففعل هذا فارتاعت له ساعة ثم وضعت يدها رأسها وقالت: واحزناً لصَغَره في دار هوان وضيق من ضيمة سلطان . نفيتموه عني طويلاً وأهديتموه إلي قتيلاً ! فأهلاً وسهلاً بمن كنت له غير قالية وأنا له اليوم غير ناسية !

إرجع به أيها الرسول إلى معاوية فقل له ولا تطوه دونه: أيتم الله ولدك ، وأوحش منك أهلك ، ولا غفر لك ذنبك !

فرجع الرسول إلى معاوية فأخبره بما قالت ، فأرسل إليها فأتته وعنده نفر فيهم أياس حسل أخو مالك بن حسل ، وكان في شدقيه نتوء عن فيه لعظم كان في لسانه ، وثقل إذا تكلم ! فقال لها معاوية: أأنت يا عدوة الله صاحبة الكلام الذي بلغني؟ قالت: نعم غير نازعة ، ولا معتذرة منه ، ولا منكرة له ، فلعمري لقد اجتهدت في الدعاء إن نفع الاجتهاد ، وإن الحق لمن وراء العباد ، وما بلغت شيئاً من جزائك ! وإن الله بالنقمة من ورائك ! فأعرض عنها معاوية ، فقال أياس: أقتل هذه يا أمير المؤمنين ، فوالله ما كان زوجها أحق بالقتل منها! فالتفتت إليه فلما رأته ناتئ الشدقين ثقيل اللسان قالت: تباً لك! ويلك بين لحيتيك كجثمان الضفدع ، ثم أنت تدعوه إلى قتلي كما قتل زوجي بالأمس ! إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ . (القصص:19) فضحك معاوية ثم قال: لله درك أخرجي ، ثم لا أسمع بك في شئ من الشام ! قالت: وأبي لأخرجن ثم لا تسمع بي في شئ من الشام ، فما الشام لي بحبيب ولا أعرج فيها على حميم ، وما هي لي بوطن ، ولا أحن فيها إلى سكن ! ولقد عظم فيها دَيْني وما قرَّت فيها عيني ! وما أنا فيها إليك بعائدة ، ولا حيث كنت بحامدة !

فأشار إليها ببنانه أخرجي ، فخرجت وهي تقول: واعجبي لمعاوية يكف عني لسانه ويشير إلى الخروج ببنانه ! أما والله ليعارضنه عمرو بكلام مؤيد سديد ، أوجع من نوافذ الحديد ! أو ما أنا بابنة الشريد ! فخرجت وتلقاها الأسود الهلالي وكان رجلاً أسود أصلع أسلع أصعل ، فسمعها وهي تقول ما تقول فقال: لمن تعني هذه أ لأمير المؤمنين تعني عليها لعنة الله ! فالتفتت إليه فلما رأته قالت: خزياً لك وجدعاً ، أتلعنني واللعنة بين جنبيك ، وما بين قرنيك إلى قدميك ! إخسأ يا هامة الصعل ووجه الجعل ، فأذلل بك نصيراً ، وأقلل بك ظهيراً ! فبهت الأسلع ينظر إليها ، ثم سأل عنها فأخبر ، فأقبل إليها معتذراً خوفاً من لسانها ، فقالت: قد قبلت عذرك وإن تعد أعد ، ثم لا أستقيل ولا أراقب فيك ! فبلغ ذلك معاوية ، فقال: زعمت يا أسلع أنك لا تواقف من يغلبك ! أما علمت أن حرارة المتبول ليست بمخالسة نوافذ الكلام ، عند مواقف الخصام ! أفلا تركت كلامها قبل البصبصة منها والإعتذار إليها ؟ قال: إي والله يا أمير المؤمنين لم أكن أرى شيئاً من النساء يبلغ من معاضيل الكلام ما بلغت هذه المرأة ، حالستها فإذا هي تحمل قلباً شديداً ولساناً حديداً وجواباً عتيداً ، وهالتني رعباً وأوسعتني سباً .

ثم التفت معاوية إلى عبيد بن أوس فقال: إبعث لها ما تقطع به عنا لسانها ، وتقضي به ما ذكرت من دينها ، وتخفُّ به إلى بلادها . وقال: اللهم اكفني شر لسانها !

فلما أتاها الرسول بما أمر به معاوية قالت: يا عجبي لمعاوية يقتل زوجي ، ويبعث إلي بالجوائز ! فليت أبي كرب سدَّ عني حرَّ صلته ، خذ من الرضعة ما عليها !

فأخذت ذلك وخرجت تريد الجزيرة ، فمرت بحمص فقتلها الطاعون ! فبلغ ذلك الأسلع فأقبل إلى معاوية كالمبشر له فقال له: أفرخ روعك يا أمير المؤمنين ، قد استجيبت دعوتك في ابنة الشريد ، وقد كفيتَ شر لسانها ! قال: وكيف ذلك ؟ قال: مرت بحمص فقتلها الطاعون ! فقال له معاوية: فنفسك فبشر بما أحببت ، فإن موتها لم يكن على أحد أروح منه عليك ! ولعمري انتصفت منها حين أفرغت عليك شؤبوباً وبيلاً ! فقال الأسلع: ما أصابني من حرارة لسانها شئ إلا وقد أصابك مثله أو أشد منه). (ونحوه في تاريخ دمشق:69/40 ، والاختصاص ص15 ، وأسد الغابة:4/101، مختصراً ، ومواقف الشيعة للأحمدي:1/405 ، وغيرها).


أقول: في كل نسخ الرواية (فليت أبي كرب سدَّ عني حرَّه صله ، خذ من الرضعة ما عليها ) ! وقد سمت معاوية بأبي الكرب ، وهو كنية تبع الذي غضب على أهل المدينة فأرسل على زعمائها وكانت أساميهم (زيد)( جاء رسوله قال الأزياد : إنما أرسل إلينا ليملكنا على أهل يثرب فقال أحيحة : والله ما دعاكم لخير ! وقال:

ليت حظي من أبي كَرَبٍ أن يردَّ خيرُه خَبَلَهْ . فذهبت مثلاً). ( الأغاني ص3322 ، وجمهرة الأمثال:ص316 ، ومجمع الأمثال ص649 ، وسيرة ابن هشام:1/ 12 , والمعاني لابن قتيبةص310) ، والمعنى: ليت معاوية أبا المصائب والكرب ، سدَّ عني حرَّ صلته وجائزته ولم يبعثها ! لكن خذ في الجدب الحليب ولو قل ، بمعنى خذ من البخيل صلته القليلة .

هذا ، والذي يقرأ معاوية ، يطمئن بأنه هو الذي قتل آمنة بنت الشريد ! فقد دعا على الأشتر بنحو دعائه عليها ، بعد أن دبَّر من يسقيه السم ! ودعا بنحو ذلك على عبد الرحمن بن أبي بكر ، وقتله بعد مدة وجيزة !

وقال له حاشيته كما قالوا هنا: (قد استجيبت دعوتك في ابنة الشريد ، وقد كفيتَ شر لسانها )! وهذه العبارة الأخيرة من جلوازه الأسلع عن أزمة معاوية من شر لسانها !

فقد حبسها وزوجها مطارد خوفاً من تأثيرها في الناس ببلاغة لسانها ، فكيف يطلق سراحها بعد أن قتل زوجها وصارت أكثر حرقة وبلاغة !

إن هذا يدلك على أنها أطلقها ليرسل اليها السم في الشام إن أمكن وإلا ففي حمص بلد واليه عليها ابن أثال وأولاده وقومه اليهود أو النصارى المتخصصين بالقتل بالسم الموظفين عند معاوية ، وقد تقدم أن أبن أثال قتل ابن خالد بالسم!


رحم الله آمنة بنت الشريد ، وحشرها مع الصديقة الطاهرة الزهراء عليها السلام ،

لأنها استشهدت في دفاعها عن زوجها أمير المؤمنين وذريتها المعصومين صلوات الله عليهم .

mohammed0907 23-08-2008 12:39 AM

الصراحه افحمتهم ملا علي وكفيت ووفيت وهذا القليل القليل في جرائم معاويه واظن خلاص هربو كعادتهم لايوجد عندهم جواب مره

ملاعلي 23-08-2008 02:09 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohammed0907 (المشاركة 458202)
الصراحه افحمتهم ملا علي وكفيت ووفيت وهذا القليل القليل في جرائم معاويه واظن خلاص هربو كعادتهم لايوجد عندهم جواب مره

اخوي محمد أنا فقط بالبداية او بالنصف ويوجد اشياء جميلة لخال بعض الناس الذي لم يسب الصحابة بل قتلهم ومثل بهم ايضا وبالاخير يصبح خال المسلمين ونحن عندما نفضحه يقولون انه من الصحابة قاتلكم الله

المهم شاكر تواجدكم الكريم اخوي محمد

الجوهر 24-08-2008 01:07 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ملاعلي (المشاركة 454829)
بسم الله الرحمن الرحيم


وأفلح من صلى على محمد وأل محمد

اخواني واخواتي حياكم الله وأسعد الله ايامكم بالمن والبركات

سوف يكون بهذا البحث الجميل الذي يتجزء بحلقات سوف اطرحه لكم خلال اسبوع او اكثر ولكن سوف انتهي به قبل حلول رمضان انشالله لاني سوف اذكر سيرة عمر بن الخطاب والان لنبين تاريخ هذا الانسان الذي ظلم أل بيت محمد (ص) وأوصل الدين الاسلامي على الهلاك هو معاوية بن ابي سفيان الاموي من أل أمية الشجرة الملعونه بالقران الكريم وسوف اوضح لكم حياة هذا الانسان حياته وتاريخه الى هلاكه وننظر الى من يدافعون عنه ويعتبرونه خالهم وهو بالاحراء خالي من الانسانية وبرئ منه الدين الاسلامي حيث يقولون فيه خال المسلمين بل هو خال الكفار المنافقين ومن يحبه ويدافع عنه انشالله يحشر معه في اسفل السافلين .

وهذه نبذة بسيطة لمعاوية بن ابي سفيان

نسب معاوية


هو معاوية بن ابي سفيان صخر بن حرب بن امية ابن شمس بن مناف بن قصى وامة هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي .

تربية معاوية

ولد معاوية في بيت يجمع صخر بن حرب وهند بن عتبة وهذا يعني ان فرصة تربيته تربية سليمة ضئيلة جدا لان الابوين المذكورين معروفان بالفجور وليس اخطر على الطفل من ان يتربي بين ابوين سهل عليهما الزنا .

اسلام معاوية

بما ان معاوية بن ابي سفيان قد استولي على الحكم بعد شهادة الامام علي بن ابي طالب عليه السلام وقد تعود مؤرخو المسلمين الدفاع عن كل من وصل الى الحكم فقد حاول بعضهم اثبات اسلامه قبل فتح مكة وهي محاولة لانصيب لها من النجاح لكون احوال معاوية معلومة قبل الفتح وبعده وقد اكد معاوية ذلك باعماله في ايام حكمه ومن الادلة على بطلان ذلك ان النبي الاكرم (ص) عده يوم حنين من المؤلفة قلوبهم وقسم له معهم فلو كان اسلامه قبل فتح مكة لما عد في المؤلفة قلوبهم .


اسالكم الدعاء

سؤال مهم وارجو لجواب عليه
هل معاويه موجودفي عصرنا هذا ؟
وكيف ؟
واذا كان موجود ماهو الدليل على وجودة ؟

ملاعلي 24-08-2008 02:10 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الجوهر (المشاركة 459482)
سؤال مهم وارجو لجواب عليه
هل معاويه موجودفي عصرنا هذا ؟
وكيف ؟
واذا كان موجود ماهو الدليل على وجودة ؟

معاوية يعيش في كل عصر وامثاله الخلفاء الامويين والخلفاء العباسيين والحكام في العراق في السنين التي مضت واخرهم صدام حسين وهو خير مثال بعصرنا الحاضر حيث اباد الشيعة واباد حقوق الانسان خلال حكمه الثلاثين وسرق ما سرق وقاتل المحسنين له كايران والكويت وقتله للمصريين وغيرها وغيرها من المقابر الجماعية والاباده للاكراد وغيرها هذا ما كان يحصل بكل عصر من الذين حكموا العراق من معاوية الى صدام

والمشكلة لا يفهم هذه الكلمات الا الذي عاش حكومة صدام وعاش الطشار التي جاءت على الدول المجاورة له وغير هؤلاء لن يفهم ما قلت

ملاعلي 24-08-2008 01:40 PM

معاوية بين القيادة والدياثة

أورد الدميري ( ت 808 هـ ) في كتابه حياة الحيوان الكبرى في المجلد الثاني في باب الفيل ، الحكاية الآتية عن معاوية ( أبو الغيرة و الشهامة )



(( وذكر الطرطوشي وغيره : أن الفيل دخل دمشق في زمن معاوية بن أبي سفيان ( رضى الله تعالى عنهما ) فخرج أهل الشام لينظروه لأنهم لم يكونوا رأوا الفيل قبل ذلك

وصعد معاوية سطح القصر للفرجة ، فلاحت منه التفاتة فرأى رجلاً مع بعض حظاياه في بعض حجر القصر فنزل مسرعا إلى الحجرة فطرق بابها فقيل : من ؟

قال : أمير المؤمنين

ففتح الباب إذ لا بد من فتحه طوعا أو كرها ، فدخل ( أمير المؤمنين ) معاوية فوقف على رأس الرجل و هو منكس رأسه وقد خاف خوفا عظيما

فقال له معاوية : يا هذا ما الذي حملك على ما صنعت من دخولك قصري وجلوسك مع بعض حرمي ؟ أما خفت نقمتي ؟ أما خشيت سطوتي ؟ أخبرني يا ويلك ما الذي حملك على ذلك ؟

فقال : يا أمير المؤمنين حملني على ذلك حلمك

فقال له معاوية : أرأيت إن عفوت عنك تسترها عليّ فلا تخبر بها أحداً ؟

قال : نعم فعفا عنه ، ووهب له الجارية وما في حجرتها وكان شيئا له قيمة عظيمة

قال الطرطوشي : فانظر إلى هذا الدهاء العظيم والحلم الواسع كيف طلب الستر من الجاني ؟ انتهى ))



و لا أرى أننا بحاجة للتعليق على هذه الحادثة التي تبين لنا مدى الغيرة التي كانت لدى هؤلاء ، و هنيئا للقوم بأميرهم و سيدهم


ملاعلي 24-08-2008 01:41 PM

دليل كفر معاوية وجواز لعنه عند (أهل السنة)

وهذه بالسند الصحيح والدليل من السنه

وأما دلائل كفر معاوية وعدم إيمانه وجواز لعنه ، فهي كثيرة ، ولو أردنا نقلها جميعا لاقتضى تأليف كتاب مستقل ، ولكن أنقل لكم بعضها من الكتاب والسنة ، ومن سيرته وسلوكه ضد الإسلام والمسلمين ، منها قوله تعالى : ( وَ ما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَ نُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْياناً كَبِيراً )(1).

فقد ذكر أعلام مفسريكم مثل العلامة الثعلبي ، والحافظ العلامة جلال الدين السيوطي في الدر المنثور ، والفخر الرازي في تفسيره الكبير ، نقلوا في ذيل الآية الشريفة روايات بطرق شتى ، والمعنى واحد وهو أن رسول الله (ص) رأى في عالم الرؤيا بني أمية ينزون على منبره نزو القرود ، فساءه ذلك ، فنزلت الآية ، فبنوا أمية هم الشجرة الملعونة في القرآن والمزيدة بالطغيان .
ولا شك أن رأسهم أبو سفيان ، ومن بعده معاوية ويزيد و مروان .

والآية الثانية ، الدالة على لعن بني أمية ، قوله سبحانه وتعالى : ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَْرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ )(2).
ومن أكثر فسادا من معاوية حينما تولى ؟ ومن أقطع منه رحما لرسول الله (ص) ؟! والتاريخ يشهد عليه بذلك ، وليس أحد من المؤرخين ينكر فساد معاوية في الدين وقطعه لأرحام النبي (ص).
والآية الثالثة : ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الآْخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً )(3).

وهل تنكرون إيذاء معاوية للإمام علي (ع) ، ولسبطي رسول الله (ص) الحسن والحسين ، ولخواص صحابة النبي (ص) كعمار بن ياسر وحجر بن عدي وعمرو بن الحمق الخزاعي ؟ ثم أما يكون إيذاء أمير المؤمنين وشبليه ريحانتي رسول الله (ص) والصحابة الأخيار ، إيذاء لله ورسوله ؟! فالآيات القرآنية التي تلعن الظالمين كلها تشمل معاوية .
فقد قال عز وجل : ( يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ )(4).

وقال سبحانه : ( أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ )(5) .

وقال تعالى : ( فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ )(6).
وهل أحد من أهل العلم والإنصاف ينكر ظلم معاوية ؟!


معاوية .. قاتل المؤمنين
وقال سبحانه وتعالى : ( وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً )(7) وكم قتل معاوية من المؤمنين الأبرار والصحابة الأخيار ؟!
أما ثبت لكم بالروايات التي نقلتها من مصادركم أنه سبب قتل الإمام الحسن سبط رسول الله (ص) بأن دس السم بواسطة زوجته جعدة بني الأشعث ، إذ بعث إليها نالا وأغراها بأن يزوجها ليزيد بن معاوية ، ففعلت ما أراد معاوية ؟!
أما قتل حجر بن عدي صحابي رسول الله (ص) مع سبعة نفر من أصحابه المؤمنين ؟ وقد ذكر ابن عبد البر في الاستيعاب وابن الأثير في الكامل : أن حجر كان من كبار صحابة النبي وفضلائهم ، وقتله معاوية مع سبعة نفر من أصحابه صبرا ، لأنهم امتنعوا من لعن علي بن أبي طالب والبراءة منه .
وذكر ابن عساكر ، ويعقوب بن سفيان في تاريخه ، والبيهقي في الدلائل ، أن معاوية دفن عبد الرحمن بن حسان العنزي حيا ، وكان أحد السبعة الذين قتلوا مع حجر بن عدي .
أما كان قتل عمار بن ياسر صاحب رسول الله (ص) بيد جنود معاوية وعماله في صفين ؟ وقد أجمع المحدثون والعلماء أن رسول الله (ص) قال لعمار : يا عمار ! تقتلك الفئة الباغية .
هل تنكرون حديث النبي (ص) أن تنكرون قتله في صفين بأيدي عمال معاوية وجنوده ؟!
أما سبب معاوية قتل الصحابي الجليل مالك الأشتر غيلة ؟
أما قتل أصحابه محمد بن أبي بكر عطشانا وأحرقوا جسده ؟ ولما سمع معاوية بذلك فرح وأيد عملهم.
أما كان يأمر عماله بقتل شيعة علي بن أبي طالب وأنصار أهل بيت النبوة ؟
أما كان يرسل الجيوش لإبادة المؤمنين واستئصالهم ونهب أموالهم ؟

غارة بسر بن أرطاة
ومن أقبح أعمال معاوية ، وأشنع جرائمه بعثه بسر بن أرطاة الظالم السفاك إلى المدينة ومكة والطائف ونجران وصنعاء واليمن ، وأمره بقتل الرجال وحتى الأطفال ، ونهب الأموال وهتك الأعراض والنواميس ، وقد نقل غارة بسر بن أرطاة على هذه البلاد كثير من المؤرخين منهم : أبو الفرج الأصفهاني ، والعلامة السمهودي في تاريخ المدينة ـ وفاء الوفى ، وابن خلكان ، وابن عساكر ، والطبري في تواريخهم ، ، وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج2/3ـ18 ط دار احياء التراث العربي ، قال في صفحة 6 : دعا معاوية ـ بسر بن أرطاة ـ و كان قاسي القلب ، فظّا ، سفّاكا للدماء، لا رأفة عنده و لا رحمة، و أمره أن يأخذ طريق الحجاز و المدينة و مكّة حتى ينتهي إلى اليمن، و قال له: لا تنزل على بلد أهله على طاعة عليّ، إلا بسطت عليهم لسانك، حتّى يروا أنّهم لا نجاء لهم و أنّك محيط بهم، ثم اكفف عنهم، و ادعهم إلى البيعة لي، فمن أبى فاقتله، و اقتل شيعة عليّ حيث كانوا .
فامتثل بسر أوامر معاوية وخرج وأغار في طريقه على بلاد كثيرة ، وقتل خلقا كثيرا حتى دخل بيت عبيد الله بن العباس ، وكان غائبا فأخذ ولديه وهما طفلان صغيران فذبحهما ، فكانت أمهما تبكي وتنشد :

ها من أحس بابني اللذين هــمــــا كالدرتين تشظى عنهمـــــا الصدف‏
ها من أحس بابني اللذين هـــمـــا سمعي و قلبي فقلبي اليوم مختطف
‏ها من أحس بابني اللذين هــمــــا مخ العظام فمخي اليوم مزدهــــــف
‏نبئت بسرا و ما صدقت ما زعموا من قولهم و من الإفك الذي اقترفوا
أنحى على ودجي ابني مرهــفـــة مشحوذة و كذاك الإثم يـقــتــــــرف
وقال ابن أبي الحديد في شرح‏ نهج ‏البلاغة ج2/17 : وكان الذي قتل بسر في وجهه ذلك ثلاثين ألفا ، وحرق قوما بالنار(8).

وهل أنتم بعد في شك وترديد في كفر معاوية ويزيد ؟! وهل تتورعون بعد عن لعنهما ولعن من رضي بأفعالهما ؟

معاوية يأمر بلعن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام !!
من الدلائل الواضحة على كفر معاوية وأصحابه ، أمره بسب الإمام علي عليه السلام ولعنه على منابر المسلمين ، وإجباره الناس بهذا الذنب العظيم ، فسن هذا المنكر في قنوت الصلوات وخطب الجمعات .
وهذا أمر ثابت على معاوية ، سجله التاريخ وذكره المؤرخون من الشيعة والسنة وحتى غير المسلمين ، حتى أنه قتل بعض المؤمنين الذين امتنعوا وأبوا ذلك ، مثل حجر بن عدي وأصحابه رضوان الله تعالى عليهم أجمعين .
وقد ثبت أيضا عند جميع علماء الإسلام بالتواتر أن رسول الله (ص) قال : من سب عليا فقد سبني ، ومن سبني فقد سب الله .
رواه جمع غفير من أعلامكم منهم : أحمد بن حنبل في المسند والنسائي في الخصائص والثعلبي في تفسيره والفخر الرازي في تفسيره ، وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة والعلامة الكنجي الشافعي في كفاية الطالب ، وسبط ابن الجوزي في التذكرة ، والشيخ القندوزي الحنفي في الينابيع ، والعلامة الهمداني في مودة القربى ، والحافظ الديلمي في الفردوس ، والشيخ مسلم بن حجاج في صحيحه ، والعلامة محمد بن طلحة في مطالب السؤول والعلامة ابن الصباغ المالكي في الفصول ، والحاكم في المستدرك ، والخطيب الخوارزمي في المناقب ، والمحب الطبري في الذخائر ، وابن حجر في الصواعق ، وغيرهم من كبار علمائكم .
والخبر الذي رواه أيضا كثير من أعلامكم ومحدثيكم عن النبي (ص) قال : من آذى عليا فقد آذاني ومن آذاني فعليه لعنة الله .
وابن حجر روى خبرا أعم وأشمل / في الصواعق / 143 طبع الميمنية بمصر / باب التحذير من بغضهم وسبهم / قال : وصح أنه (ص) قال : يا بني عبد المطلب ! إني سألت الله لكم ثلاثا : أن يثبت قائمكم ، وأن يهدي ضالكم ، وأن يعلم جاهلكم ، وسألت الله يجعلكم كرماء نجباء رحماء ، فلو أن رجلا صفن ـ وهو صف القدمين ـ بين الركن والمقام فصلى وصام ثم لقى الله وهو يبغض آل بيت محمد (ص) دخل النار .
وورد : من سب أهل بيتي فإنما يرتد عن الله والإسلام ، ومن آذاني في عترتي فعليه لعنة اله ومن آذاني في عترتي فقد آذى لله ، إن الله حرم الجنة على من ظلم أهل بيتي أو قاتلهم أو أعان عليهم أو سبهم .
وروى أحمد بن حنبل في المسند وروى غيره من أعلامكم أيضا عن النبي أنه قال : من آذى عليا بعث يوم القيامة يهوديا أو نصرانيا .
وقد ذكر ابن الأثير في الكامل وغيره من المؤرخين أن معاوية كان في قنوت الصلاة يلعن سيدنا عليا والحسن والحسين وابن عباس ومالك الأشتر .
فما تقولون بعد هذه الأخبار والأحاديث المروية في كتب محدثيكم وأعلامكم ، ولا ينكرها أحد من أهل العلم ؟!
وأنتم تعلمون أن من ضروريات الإسلام المتفق عليه ، أن من لعن أو سب الله ورسوله (ص) فهو كافر نجس يجب قتله .
فمعاوية ومن حذى حذوه كافر نجس ملعون .
الشيخ عبد السلام : المتفق عليه ، كفر من سب الله ورسوله ، ومعاوية ما سب الله ورسوله ، وإنما سب ولعن عليا كرم الله وجهه .
قلت : أيها الشيخ ما هذا اللف والدوران ! ولماذا تغالط في الكلام والبيان ؟ فلا تنس قول الله العزيز في القرآن : ( ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون )(9).

أترفض الحديث الذي نقلته الآن من كتب أعلامكم وأئمتكم ، أن النبي (ص) قال : من سب عليا فقد سبني ، ومن سبني فقد سب الله ؟!
أرجو أن لا تنس الحديث في الليالي الماضية ، والمصادر الجمة التي ذكرتها لكم من الأحاديث النبوية الشريفة التي صدرت عنه (ص) في الموضوع والظاهر أنك صرت مصداق المثل المعروف : " كلام الليل يمحوه النار " .
النواب : نرجوكم تزويدنا بالأحاديث النبوية في هذا الباب ، فإن أحسن الحديث حديث رسول الله (ص) .
قلت : لا أدري هل نقلت لكم رواية ابن عباس في هذا الباب ، أم لا ؟ فقد روى العلامة الكنجي فقيه الحرمين ، ومفتي العراقين ، محدث الشام وصدر الحفاظ أبو عبد الله محمد بن يوسف القرشي ، الشهير بالعلامة الكنجي الشافعي ، صاحب كتاب كفاية الطالب نقل في الباب العاشر / بسنده المتصل بيعقوب بن جعفر بن سليمان قال : حدثنا أبي عن أبيه قال : كنت مع أبي ، عبد الله بن عباس و سعيد بن جبير يقوده ، فمر على صفة زمزم فإذا قوم من أهل الشام يشتمون علي بن أبي طالب عليه السلام ! فقال لسعيد: ردني إليهم ، فوقف عليهم ، فقال : أيكم الساب لله عز و جل ؟ فقالوا : سبحان الله ما فينا أحد سب الله ، فقال : أيكم الساب رسول الله (ص)؟ قالوا : ما فينا أحد سب رسول الله (ص) . قال : فأيكم الساب علي بن أبي طالب (ع) ؟ فقالوا : أما هذا فقد كان !! قال : فأشهد على رسول الله (ص) سمعته أذناي و وعاه قلبي يقول لعلي بن أبي طالب : من سبك فقد سبني و من سبني فقد سب الله و من سب الله أكبه الله على منخريه في النار(10).

لا يبغض عليا إلا كافر أو منافق
روى غفير من أعلامكم وعلمائكم عن النبي (ص) أنه قال : لا يحب عليا إلا مؤمن ، ولا يبغضه إلا منافق . خرجه كثير من محدثيكم وعلمائكم الكبار منهم :
جلال الدين السيوطي في الدر المنثور ، والثعلبي في تفسيره ، والعلامة الهمداني في مودة القربى ، وأحمد بن حنبل في المسند ، وابن حجر في الصواعق ، والخوارزمي في المناقب ، والعلامة ابن المغازلي في المناقب ، والحافظ القندوزي في الينابيع ، وابن أبي الحديد في شرح النهج ، والطبراني في الأوسط ، والمحب الطبري في ذخائر العقبي ، والنسائي في الخصائص ، والعلامة الكنجي الشافعي في كفاية الطالب ، ومحمد بن طلحة في مطالب السئول ، وسبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة ، وغير هؤلاء جمع خرجوا هذا الحديث بإسنادهم وبطرق شتى حتى كاد أن يصل حد التواتر ، ومن الواضح أن مصير الكافر والمنافق إلى النار والسعير . وأنقل لكم بالناسبة ما رواه العلامة الكنجي الشافعي في آخر الباب الثالث كفاية الطالب : بسنده المتصل بموسى بن طريف عن عباية عن علي بن أبي طالب قال : أنا قسيم النار يوم القيامة ، أقول : خذي ذا وذري ذا . هكذا رواه الحافظ أبو القاسم الدمشقي في تاريخه ، ورواه غير مرفوعا إلى النبي (ص) .
ثم قال العلامة الكنجي : فإن قيل هذا سند ضعيف ، قلت : قال محمد بن منصور الطوسي كنا عند أحمد بن حنبل فقال له رجل : يا أبا عبد الله ما تقول في هذا الحديث الذي يروى أن عليا قال : أنا قسيم النار . فقال أحمد : وما تنكرون من هذا الحديث ! أليس روينا أن النبي (ص) قال لعلي : لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق ؟ قلنا : بلى ، قال : فأين المؤمن ؟ قلنا في الجنة ، قال فأين المنافق ؟ قلنا في النار . قال فعلي قسيم النار ، هكذا ذكره في طبقات أحمد رحمه الله .
وقال الله سبحانه : ( إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَْسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَ لَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً )(11).
فمعاوية وأصحابه وأنصاره من أهل جهنم لا محالة ، بل هم في الدرك الأسفل من النار .
الشيخ عبد السلام : نحن لا ننكر هذه الأخبار والأحاديث الواردة في حق سيدنا علي كرم الله وجهه ، ولكن الصحابة مستثنون لأن الله سبحانه غفر لهن وأعد لهم جنات النعيم كما عاودهم في آيات من الذكر الحكيم . ولا ينكر أن معاوية (رض) كان من الصحابة المقربين لرسول الله (ص) . فيجب احترامه لصحبته للنبي (ص) ولقربه منه .

----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
(1) سورة الأسراء ، الآية 60 .
(2) سورة محمد ، الآية 22 و23 .
(3) سورة الاحزاب ، الآية 57 .
(4) سورة غافر ، الآية 52 .
(5) سورة هود ، الآية 18 .
(6) سورة الأعراف ، الآية 44 .
(7) سورة النساء ، الآية 93 .
(8) ما كانت غارة بسر بن أرطاة الظالم السفاك هي الوحيدة من نوعها ، بل يحدث التاريخ عن أمثالها ، وقعت بأمر معاوية ، قال ابن الحديد في شرح النهج ج2/85 ط دار احياء التراث العربي : (غارة سفيان بن عوف الغامدي على الأنبار)
روى إبراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال الثقفي في كتاب "الغارات" عن أبي الكنود قال حدثني سفيان بن عوف الغامدي قال :دعاني معاوية فقال إني باعثك في جيش كثيف ذي أداة و جلادة فالزم لي جانب الفرات حتى تمر بهيت فتقطعها فإن وجدت بها جندا فأغر عليهم و إلا فامض حتى تغير على الأنبار فإن لم تجد بها جندا فامض حتى توغل في المدائن ثم أقبل إلي و اتق أن تقرب الكوفة و اعلم أنك إن أغرت على أهل الأنبار و أهل المدائن فكأنك أغرت على الكوفة إن هذه الغارات يا سفيان على أهل العراق ترعب قلوبهم و تفرح كل من له فينا هوى منهم و تدعو إلينا كل من خاف الدوائر فاقتل من لقيته ممن ليس هو على مثل رأيك و أخرب كل ما مررت به من القرى و احرب الأموال فإن حرب الأموال شبيه بالقتل و هو أوجع للقلب !
أقول : وامتثل سفيان عليه اللعنة أوامر معاوية وقتل ونهب ما نهب ، ورجع الى الشام فاستقبله معاوية بالفرح والسرور ورحب به وحباه أعظم حباء ، فقد نقل ابن أبي الحديد في شرح ‏نهج ‏البلاغة ج2/87 قال :
فو الله ما غزوت غزاة كانت أسلم و لا أقر للعيون و لا أسر للنفوس منها و بلغني و الله أنها أرعبت الناس فلما عدت إلى معاوية حدثته الحديث على وجهه فقال كنت عند ظني بك لا تنزل في بلد من بلداني إلا قضيت فيه مثل ما يقضي فيه أميره و إن أحببت توليته وليتك و ليس لأحد من خلق الله عليك أمر دوني.
فانظر أيها القارئ الكريم الى الجملة الاخيرة كيف يسلط معاوية الطاغي هذا الظالم الباغي على خلق الله ويبسط يده ليفعل ما يشاء بلا مانع ولا رادع ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
غارة الضحاك بن قيس الفهري
وفي شرح ‏نهج ‏البلاغة ج2/116، ط دار احياء التراث العربي ، قال إبراهيم بن هلال الثقفي : فعند ذلك دعا معاوية الضحاك بن قيس الفهري و قال له : سر حتى تمر بناحية الكوفة و ترتفع عنها ما استطعت فمن وجدته من الأعراب في طاعة علي فأغر عليه و إن وجدت له مسلحة أو خيلا فأغر عليها و إذا أصبحت في بلدة فأمس في أخرى ...
فأقبل الضحاك فنهب الأموال و قتل من لقي من الأعراب حتى مر بالثعلبية فأغار على الحاج فأخذ أمتعتهم ثم أقبل فلقي عمرو بن عميس بن مسعود الهذلي و هو ابن أخي عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله ص فقتله في طريق الحاج عند القطقطانة و قتل معه ناسا من أصحابه.
أقول : هكذا سلب معاوية وأعوانه وعامله ، الأمن والأمان من المؤمنين ، فشهروا السلاح وقطعوا الطريق وحاربوا المسلمين فأراقوا دماءهم ونهبوا أموالهم ، وسعوا في الأرض فسادا ، فلعنة الله عليهم وعلى جميع الظالمين والمفسدين ولعن الله كل من رضي بأفعالهم ، الى قيام يوم الدين . " المترجم " .
(9) سورة البقرة ، الآية 42 .
(10) رواه جماعة من الأعلام وعلماء العامة باسنادهم عن ابن عباس منهم العلامة الحافظ الفقيه ابن المغازلي في كتابه مناقب الامام علي حديث رقم /447 وأخرجه المحب الطبري في الرياض النضرة:ج2/166، من طريق الملا في سيرته ، وهكذا اخرجه الموفق الخوارزمي في المناقب : ص81 والعلامة الزرندي في نظم درر السمطين : 105 . " المترجم "
(11) سورة النساء ، الآية 145
.

الوافي ح 24-08-2008 06:12 PM

اللهم العن ابا سفيان ومعاوية ويزيد بن معاوية عليهم منك اللعنة ابد الابدين

ملاعلي 25-08-2008 12:31 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الوافي ح (المشاركة 460140)
اللهم العن ابا سفيان ومعاوية ويزيد بن معاوية عليهم منك اللعنة ابد الابدين


شاكر تواجدكم الكريم اخوي الوافي

ملاعلي 25-08-2008 12:33 AM

القرآن يحكم بجواز لعن معاوية


قال لي احدهم: ما اجرأكم على الله ورسوله يا معاشر الشيعة حيث جوزتم لعن معاوية ابن ابي سفيان خال المؤمنين وكاتب الوحي لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) فقلت له دعك من هذه الامور ولنعتكم الى القران فنحن يا اخي لا نعلن شخصاً الا بعد ان كان القران قد لعنه فقال لي واين يا ترى لعن القران معاوية فهل يا ترى هناك آية في القرآن صرحت بذلك كما صرحت بلعن ابليس قلت له لا يا اخي بل هناك آيات قرآنية يمثل معاويه

مصداقاً تاماً لها واليك قسماً من هذه الايات.
اولاً: قال تعالى: ( فهل عسيتم ان توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) سورة محمد آية22 ـ23 .

ومن اكثر فسادا من معاوية حينما تولى؟ ومن اقطع منه رحما لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) والتاريخ يشهد عليه بذلك وليس احد من المؤرخين ينكر فساد معاوية في الدين وقطعه لأرحام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) فان معاوية يكون المصداق التام لهذه الاية وعليه فاننا تبعا للقران نجوز لعنه

ثانياً: قال تعالى: ( ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخرة واعد لهم عذابا مهيناً) سورة الاحزاب اية 57

وهل هناك من ينكر ايذاء معاوية للامام علي (عليه السلام ) ولسبطي رسول الله الحسن والحسين ولخواص صحابة النبي كعمار بن ياسر وحجر بن عدي وعمر بن حمق الخزاعي؟ ثم اما يكون ايذاء امير المؤمنين وشبليه ريحانتي رسول الله والصحابة الاخيار، ايذاءً لله ولرسوله.

وعليه فان معاوية يكون مصداقاً لهذه الاية وعليه فاننا تبعاً للقران نجوز لعنه.

ثالثاً: قال تعالى: ( يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار) سورة غافر آية 52
وقال تعالى: ( الا لعنة الله على الظالمين) سورة هود آية 18

وقال تعالى: ( فاذن مؤذن بينهم ان ان لعنة الله على الظالمين) سورة الاعراف آية44

وهل احد من اهل العلم والانصاف ينكر ظلم معاوية وعليه فان معاوية يمثل المصداق الاتم لهذه الايات وعليه فاننا نجوز لعنه تبعاً للقران.

اللهم العن الجبت والطاغوت

ملاعلي 25-08-2008 12:34 AM

إسلام معاوية و أبيه لعنهم الله كذبة كبيرة !


ما زال أتباع بني أمية يشيعون أن معاوية صحابي وخليفة شرعي ! مع أنهم رووا في أصح كتبهم شهادة النبي صلى الله عليه وآله في حقه بأنه: إمام الدعاة الى النار !


ففي البخاري:1/122: قال رسول الله صلى الله عليه وآله : (ويح عمار تقتله الفئة الباغية ، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار ) . وقال ابن حجر:1/543: عن هذا الحديث وأمثاله: (وغالب طرقها صحيحة أو حسنة ، وفيه عن جماعة آخرين يطول عددهم ) .

وقال في تلخيص الحبير:4/5: ( قال ابن عبد البر: تواترت الأخبار بذلك وهو من أصح الحديث . وفي:1/421: ( قال الذهبي: وهو متواتر عن النبي ) . انتهى .

وقال في فتح الباري:8/61: (وإشارته بهذا الكلام تطابق الحديث الذي أخرجه أحمد وأصحاب السنن ، وصححه ابن حبان وغيره ، من حديث سفينة: أن النبي (ص) قال: الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تصير ملكاً عضوضاً ) . انتهى .

وهذا واحدٌ من تحريفهم للإسلام وسنة النبي صلى الله عليه وآله من أجل معاوية وبني أمية !
فالنبي صلى الله عليه وآله يحذَّر من معاوية وأنه إمامٌ يدعو الى النار ، وهم يقولون إنه مسلم وخليفة شرعي ! فأي ردٍّ على رسول الله صلى الله عليه وآله أصرح من هذا ؟!

وقد تفننوا في التحايل على هذا الحديث ليفرغوه من محتواه ويخلِّصوا منه معاوية ! قال ابن تيمية في الفتاوى:4/437: (وهذا يدل على صحة إمامة عليٍّ ووجوب طاعته وأن الداعي إلى طاعته داع إلى الجنة ، والداعي إلى مقاتلته داع إلى النار وإن كان متأولاً أو باغ بلا تأويل ، وهو أصح القولين لأصحابنا).انتهى .

لاحظ أن قول النبي صلى الله عليه وآله : يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار ، مطلقٌ يشمل كل الخط الفكري والعملي لعمار وأنه حقٌّ يؤدي الى الجنة ، وكل الخط الفكري والعملي لمعاوية وأنه باطلٌ يؤدي الى النار! لكن ابن تيمية حصر الدعوة الى النار فيه بالدعوة الى قتال علي عليه السلام ! مع أن معاوية وحزبه لم يدعوا عماراً الى قتال علي عليه السلام ! ولو صح حصرها بذلك للزم حصر الدعوة الى الجنة بالدعوة الى قتال معاوية ! فماذا يكون حال شخص جعل الله جنته لمن قاتله وقتله؟!

ثم أمعن ابن تيمية خطوة أخرى ليبطل معنى الحديث كلياً ، فزعم أنه يوجد للعلماء قولان في من دعا الى قتال علي عليه السلام : أنه داع الى النار ، وأنه باغ بلا تأويل ، وقال: (وهو أصح القولين لأصحابنا) ! يقصد أن بعض علماء السنة قالوا إن معاوية باغ بلا تأويل ، أما هو فيقول إن معاوية باغ بتأويل ، فهو عنده مجتهد في الدعوة الى قتال علي عليه السلام ، وله أجره على ذلك عند الله تعالى !!
قال في منهاج سنته:1/538: ( وهؤلاء أيضا يجعلون معاوية مجتهدا مصيبا في قتاله كما أن عليا مصيب ، وهذا قول طائفة من الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم ، ذكره أبو عبد الله بن حامد ، ذكر لأصحاب أحمد في المقتتلين يوم الجمل وصفين ثلاثة أوجه أحدها: كلاهما مصيب ، والثاني المصيب واحد لابعينه ، والثالث أن عليا هو المصيب ومن خالفه مخطئ . والمنصوص عن أحمد وأئمة السلف أنه لايذم أحد منهم وأن عليا أولى بالحق من غيره ) . انتهى .

وهكذا صار معنى قول النبي صلى الله عليه وآله إن معاوية يدعو الى النار: أنه يدعو اليها بحسن نية ، فهو مجتهد مأجور في دعوتهم الى جهنم !!

لقد أشربوا في قلوبهم حب بني أمية ، فهم يلوون عنق النص النبوي والقرآني ليجعلوا الأئمة الدعاة الى النار أصحاب نية حسنة ، ويجعلوا دعوتهم الى جهنم وقتلهم خيار خلق الله تعالى ، قربة تقربهم الى الله تعالى !
فماذا أبقوا من موازين الإسلام وأصول تفسير قرآنه وسنته ؟!
**
كما رووا في أحاديثهم الصحيحة أن الخلافة في هذه الأمة ثلاثون سنة فقط ، وبعدها مُلْكٌ عَضُوض ! وهذا نصٌّ على عدم شرعية حكم معاوية ، وأنه حكمٌ جائرٌ يعضُّ المسلمين كالكلب ! لكنهم جعلوه إسلامياً وخلافةً للنبوة ؟!
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة:1/742 ، عن حديث النبي(ص): (خلافة النبوة ثلاثون سنة ثم يؤتي الله الملك من يشاء... رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي والحاكم ، وهذا من دلائل صدق نبوة النبي(ص)، فإن أبا بكر تولى عام 11 هـ ، وتنازل عنها الحسن بن علي عام 41 هـ . وهي ثلاثون عاماً كاملة ). انتهى .
**
كما أنهم صححوا حديث أن معاوية أول من يثلم الإسلام ويغيِّر السنة ! وأن النبي صلى الله عليه وآله : ( أول من يُغير سنتي رجل من بني أمية)! قال الألباني في الصحيحة:4/329: ( ولعل المراد بالحديث تغيير نظام اختيار الخليفة ، وجعله وراثة ). انتهى .


لكنهم مع تصحيح هذه الأحاديث الصارخة في ذم معاوية وبني أمية ! أشربوا حبهم في قلوبهم ، كما أشربوا الإعراض عن أهل بيت نبيهم صلى الله عليه وآله !!

القوات الخاصه 25-08-2008 01:17 AM

لعنته الله على يزيد وكل من يحب يزيد

ومره ثانيه اذ تكتب هيج اطردك فاهم

== النجف الاشرف==

مواليه-وافتخر 25-08-2008 07:53 AM

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته,,,
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد الطيبين الاشراف الطاهرين المعصومين ولعن اعدائهم وتابعي اعدائهم الى يوم الدين.

مشالله عليك اخوي ملا علي كفيت وفيت الله يجعله انشالله بميزان حسناتك,,طبعا لو شنو تحطلهم وشنو اتييبلهم من اثباتات ومن كتبهم بعد هم بظلون يدافعون بشكل خيالي مع انهم عارفين بمظلوميه آل بيت رسول الله بس الله عاميهم عامي قلوبهم يعلهم العمه لانهم من داخلهم مايبون الهدايه ولا ناوين يظهرون الحق علماؤهم وكباريتهم يخافون من اظهار الحقيقه لأسباب سياسيه عندهم وهذيل العوام مثل الهبال وراهم مغمضين..
كلمه الى كل وهابي سلفي ناصبي هالمنتدى بالذاااااااات حقاااني ومنصف ياعالم مو لاني شيعيه قاعده اقول هالكلام بس هذا الوااقع صدقووني اعضاء هالمنتدى والناس الي قاعده تحط مواضيع تبي الخير والهدايه لكم,احنا الشيعه يكفينا شرف ان نكون موالين ومومحتاجين ان نظهر ونبرر مواقفنا واسباب رفضنا ان نتبع مذهبكم,,بس الواجب علينا اظهار الحق واقناع اشكالياتكم عشان لاتكون عندكم حجه بالاخره.يعني بمعنى ثاني احنا بكل كلمه نقولها وبكل دليل انييبه مو قاعدين نبرر شي كثر ما ان قاعدين نثبتلكم الغلط عندكم:)

ملاعلي 25-08-2008 05:57 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مواليه-وافتخر (المشاركة 460742)
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته,,,
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد الطيبين الاشراف الطاهرين المعصومين ولعن اعدائهم وتابعي اعدائهم الى يوم الدين.

مشالله عليك اخوي ملا علي كفيت وفيت الله يجعله انشالله بميزان حسناتك,,طبعا لو شنو تحطلهم وشنو اتييبلهم من اثباتات ومن كتبهم بعد هم بظلون يدافعون بشكل خيالي مع انهم عارفين بمظلوميه آل بيت رسول الله بس الله عاميهم عامي قلوبهم :)

والله يا اختي مواليه-وافتخر نحن بالجنان

والله اكبر شاهد على كلامي حيث ان التاريخ مهما يتكلم ضدنا فنحن الفائزون

حيث قال عز وجل ﴿ ولاية علي بن أبي طالب حصني، فمن دخل حصني أمن من عذابي فما أجمل واوضح من هذه العبارة

وهذه العبارة مكتوبه بمخطوطة قديمة حيث تضم مكتبة الكونجرس الأمريكية العديد من الكتب والمخطوطات التاريخية والتي تتعلق بالعالم العربي والإسلامي. ففي الجناح المخصص لآثار افريقيا والشرق الأوسط، هناك مخطوطات فنية غاية في الجمال. ومن هذه المخطوطات مخطوطة جاء فيها الحديث القدسي:

http://www.qatifoasis.com/media/lib/pics/1132763217.jpg


ويعود تاريخ هذه المخطوطة للقرن الخامس عشر الميلادي وهي مأخوذة من كتاب «دلائل الخيرات وشوارق الأنوار» للإمام أبو عبد الله محمد بن سليمان بن أبي بكر الجزولي السملالي (المغرب) والمتوفى في العام (870 هـ) 1465م.

ويقول المؤلف في مقدمة الكتاب إن الغرض من تأليفه «ذكر الصلاة على النبي http://www.qatifoasis.com/images/prefix/a1.gif وفضائلها، نذكرها محذوفة الأسانيد ليسهل حفظها على القارئ، وهي من أهم المهمات لمن يريد القرب من رب الأرباب...».

ثم يدلل المؤلف على فضل الصلاة على النبي http://www.qatifoasis.com/images/prefix/a1.gif وآله بالآيات والأحاديث وروايات الصحابة والتابعين. ثم تتوالى فصول الكتاب، متضمنة أسماء النبي http://www.qatifoasis.com/images/prefix/a1.gif، ثم أدعية وصيغا كثيرة للصلاة على الرسول http://www.qatifoasis.com/images/prefix/a1.gif. وقد قسمها المؤلف إلى أحزاب وأوراد لقراءتها على مدى أيام الأسبوع.

ومن الأمثلة الواردة في الكتاب في الصلاة علي النبي وآله الطيبين الطاهرين:

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد حتى لا يبقى من الصلاة شيء، وارحم محمداً وآل محمد حتى لا يبقى من الرحمة شيء، وبارك على محمد وعلى آل محمد حتى لا يبقى من البركة شيء، وسلم على محمد وعلى آل محمد حتى لا يبقى من السلام شيء.

ولعل تضافر الدلائل على ولاية أمير المؤمنين http://www.qatifoasis.com/images/prefix/a2.gif وبهذا الشكل الكبير وفي صور مختلفة لدليل واضح على مدى الظلم الكبير التي ارتكبته أمة الإسلام في حق هذا الإمام العظيم، عندما انحرفت عنه وحاربته وعاندته ثم قتلته. ولكن يأبى الله إلا أن يظهر نوره وينشر فضائله رغم أنوف الظالمين. ولعل إجابة الشافعي عندما سئل عن علي http://www.qatifoasis.com/images/prefix/a2.gif يوماً فقال: ما أقول في رجل أخفى أعداؤه فضائله حقداً وحنقاً وأخفى أحبابه فضائله خوفاً وخرقاً فظهر من بين الفريقين ما ملأ الخافقين !!!

وشاكر مروركم الكريم


muslimsyasy 26-08-2008 02:12 AM

نعم يا ملا علي معاويه فعل ما فعل من مؤامرات ظد الامام على علية السلام ومن اجل المننصب وعلماء السنة لا ينكرون ذلك بل يقولون نحن نعتقد ان على احق بالخلافة من معاويه ولاكن كم معاوية وسفياني يتلبس بزي القديسين في الطائفة الامامية تآمروا على محمد باقر الصدر ثم على محمد صادق الصدر والآن يتآمرون على السيد الحسنى دام ظلة فاصلح نفسك قبل ان تفتش في عيوب غيرك,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,انتفاظة العراق الالكترونية

عاشقة المرتضى 26-08-2008 02:47 AM

الله يلعنه ....................هذا خال المؤمنين تخلخلت اضلوعه عسى تخلخلت اضلوعه واضلوع اللي يدافعون عنه

القوات الخاصه 26-08-2008 03:06 AM

رحم الله امير المؤمين معاوية علية السلام

كاره النواصب 26-08-2008 03:10 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة القوات الخاصه (المشاركة 461439)
رحم الله امير المؤمين معاوية علية السلام

اي نعم يا معاوية لقد كنت علـّة للأسلام
:d


الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 03:00 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025