![]() |
رسالة من امير المؤمنين صلوات الله عليه أما بعد ، فقد بلغني عنك قول هو لك وعليك. . .
بسمه تعالى اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين والعن اعدائهم الى ما بعد يوم الدين رسالة من امير المؤمنين صلوات الله عليه أما بعد ، فقد بلغني عنك قول هو لك وعليك . . ( منقول ) ( الرسالة ) صياغة فنيّة خاصة ، تُوجّه إلى شخصيّة ذات طابع مسئول ، وإن موضوعها ـ من الغالب ـ ( محدّد ) ، يخصّ نمط المسئولية التي يضطلع بها المسئول التي تُوجّه الرسالة إليه ، وقد تتسع حيناً إلى آفاق متنوِّعة تتناول مختلف الموضوعات : على نحو ما نلحظه من رسالة الإمام علي ( صلوات الله عليه) إلى ( الأشتر ) مثلاً ، بالقياس إلى الرسائل التي تتناول موضوعاً محدّداً ، مثل رسالته ( صلوات الله عليه ) إلى أُمراء الجيش ، فيما تحوم على موضوعات عسكرية خاصة والمهم أنها تتناول ( موضوعاً محدداً ) ، موجهاً إلى ( مسؤول ) ، مصوغاً بشكل فنّي. . . من رسالة للإمام عليّ ( صلوات الله عليه ) إلى أحد عمّاله ، عندما بلغه تراخيه من حمل الناس على الجهاد : (أما بعد ، فقد بلغني عنك قول هو لك وعليك . فإذا قَدِم رسولي عليك فارفع ذيلك ، واشدد مئزرك ، واخرج من جُحْرِك ، واندب من معك . فإن حقّقت فانفذ ، وإنْ تَفَشَّلْت فابعد . وايّم الله لَتُوتيّن حيث أنت ، ولا تُترك حتى يُخلط زبدُك بخاثرك ، وذائبك بجامدك ، وحتى تعجل في قعدتك وتحذر من أمامك كحذرك من خلفك) الرسالة تتناول الحث على الجهاد كما هو واضح ، وتتناول نتائجه إيجاباً أو سلباً ، من خلال لغة ( العامل ) المُرسَل إليه . ونلاحظ بشغف الصياغة الجمالية للرسالة . فبالرغم من أنها تتناول عملية ( حثٍّ ) يتطلّب مجرّد التعبير المباشر ، أي غير المصوغ فنّيّاً ، إلاّ أنَّه ( صلوات الله عليه ) اتّجه إلى التعبير غير المباشر ، فارتكن إلى عنصر ( الصورة ) أو ( الرمز ) ، حتى ينفذ بدلالاتها إلى ما هو أكثر استثارةً للنفوس!!! . إننا لو وقفنا عند الصورة ( الاستمرارية ) ، أي الصورة التي تتركَّب من جملة صور متتابعة ، ونعني بها صورة ( فارفع ذيلك ، واشدد مئزرك ، واخرج من حجرك ) ، ومثلها صورة ( حتى يُخلط زبدُك بخاثرك ، وذائبك بجامدك ) ، للحظنا أن تينك الصورتين تتحدَّثان عن موقفين لـ ( الصراع ) ، لابدَّ أن يختار ( العامل ) أحدهما : فإما أن ينهض إلى الجهاد ، وإمّا أن يتراخى عن ذلك . وفي الحالتين تتّجه ( الرسالة ) إلى التعبير بـ ( الصورة ) في تجسيد الصراع المذكور ، وترسم نتائجه من خلال كلٍّ من الحثّ أو الابتعاد عن الساحة . ولعل أبراز ( الصراع ) ـ في أشدّ حالاته ـ جسّدته الصورةُ الاستمرارية المتصلةُ ، بخلط الزبد بالخاثر والذائب بالجامد!!!!؟ . وأحسبُ ـ من الزاوية الفنيّة ـ أن تجسيد ( الصراع ) لا يمكن أن تبلوره ـ من حيث العمليات النفسية والشدائد التي يواجهها الشخص ـ بصورة أشدّ عمقاً ووضوحاً من ( الصورة الفنية ) التي رسمها الإمام ( صلوات الله عليه ) في هذا الصدد . فبالرغم من أن هذه ( الصورة ) تبدو وكأنها ( مألوفة ) زمن التشريع ، وأعني بها صورة ( اختلاط خاثر السَّمن برقيقه ) ، حيث إذا أُوقدت النار لتصفيته يحترق ، وإن تُرك بقِيَ كدِراً ... بالرغم من أن التجربة المذكورة تخص بيئةً محدّدة ، إلاّ أنها تتجاوز ذلك إلى مطلق الزمن ، فتوحي ـ كما هو شأن الصورة الفنية الناجحة ـ بمطلق التجارب التي يخلتط فيها ما هو ( خاثر ) بما هو ( رقيق ) ، سواء أكان سَمناً أم غيره ، بخاصة أن الصورة المتقدّمة أردفها الإمام ( صلوات الله عليه ) بصورة أُخرى هي : ( اختلاط الذائب بالجامد ) فهذه الأخيرة لم تُصَغْ لمجرّد التكرار بل لتكملة أبعاد الصورة الأُولى : حتى يتبلور لدى القارئ مفهوم الصورة بأوضح أطرافها : بصفة أن كل ( ذائب ) ، مهما كان ، حينما يخلط بما هو ( جامد ) لا يأخذ سمة ( الاستقرار ) ، ممّا يوحي بامتداد عملية ( الصراع ) النفسي الذي ألمح امير المؤمنين ( صلوات الله عليه ) إليه.. . |
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
احسنتم -- جزاكم الله خيرا |
الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام الساعة الآن: 08:16 PM. بحسب توقيت النجف الأشرف |
Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025