![]() |
وفود أروى بنت عبد الْمطلب على مُعاوية بن أبي سفيان
رُوِيَ أَنَّ أَرْوَى بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) دَخَلَتْ عَلَى مُعَاوِيَة وَهِيَ عَجُوزٌ كَبِيرَة ، فَلَمّا رَآهَا مُعَاوِيَة قَالَ : «مَرْحَبًا بِكِ يَا عَمّة كَيْفَ كُنْتِ بَعْدَنَا» ؟ فَقَالَتْ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) : «يَا ابْنَ أَخِي ، إِنَّكَ قَدْ كَفَرْتَ بِالنِّعْمَةِ وَأَسَأْتَ لِابْنِ عَمِّكَ الصُّحْبَة ، وَتَسَمَّيَتَ بِغَيْرِ اِسْمِكَ ، وَأَخَذَتَ غَيْرَ حَقِّكَ لَا نُبْلاً مِنْكَ وَلَا مِنْ أَبِيكَ فِي دُنْيَا [مِنْ غَيْرِ دِينٍ كَانَ مِنْكَ وَلَا مِنْ آبَائِكَ] ، وَلَا سَابِقَةً كَانَتْ لَكُمْ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ أَنْ كَفرْتُمْ برَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) ! فَأَتْعَسَ اللَّهُ مِنْكُمْ الْجُدُودَ وَأَضْرَعَ مِنْكُمْ الْخُدُودَ وَرَدَّ اَلْحَقّ إِلَى أَهْلِهِ ، وَكَانَتْ كَلِمَتُنَا الْعُلْيَا وَنَبِيُّنَا الْمَنْصُور عَلَى مَنْ نَاوَأَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ، فَوَثَبْتُمْ عَلَيْنَا مِنْ بَعْدِهِ وَاحْتَجَجْتَمْ عَلَى سَائِرِ الْعَرَبِ بِقَرَابَتِكُمْ مِنْ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَنَحْنُ وَاَللَّهِ أَقْرَبُ لَهُ مِنْكُمْ وَأَوْلَى بِهَذَا الْأَمْرِ ! فَكُنَّا فِيكُمْ بِمَنْزِلَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي آلِ فِرْعَوْن ، وَكَانَ عَلِيُّ بْنْ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بَعْدَ نَبِيِّنَا بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ، فَغَايَتنَا الْجَنَّة وَغَايَتكُمْ اَلنَّارَ» .
فَقَالَ لَهَا عَمْرُو بْن الْعَاصِ : «كَفَى أَيَّتُهَا الْعَجُوزُ الضَّالَّة ! وَأَقَصْرِي مِنْ شَرِّ لَفْظِكِ فَإِنَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ» . فَقَالَتْ لَهُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) : «وَأَنْتَ يَا ابْنُ الْفَاجِرَةِ تَتَكَلَّمُ وَأُمُّكَ كَانَتْ أَشْهُرَ بَغْيي مَكَّةَ وَأَرْخَصُهُنَّ أُجْرَةً ! فَواللَّهِ مَا أَنْتَ مِنْ قُرَيْشٍ فِي اللُّبَابِ مِنْ حَسبِهَا وَلَا كَريِم مَنْصِبَهَا , وَلَقَدْ ادَّعَاكَ سِتَّةُ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ كُلٌّ يَزْعَمُ أَنَّهُ أَبُوكَ ! فَسُئِلَتْ أُمَّكَ عَنْهُمْ فَقَالَتْ : كُلُّهُمْ أَتَانِي فَانْظَرُوا أَشْبَهَهُمْ بِهِ فَأَلْحَقَوهُ بِهِ . فَغَلَبَ عَلَيْكَ شِبْهُ الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ ، فَلَحِقْتَ بِهِ . وَلَقَدْ رَأَيُتْ أُمَّكَ أَيّامَ مِنَى بِمَكَّةَ وَهِيَ بَاكِيةٌ مِنَ الْخَطِيئَةِ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ عَاهِرٍ , فَأَتَمَّ بِهِمْ ، فَإِنَّكَ بِهِمْ أَشْبَهُ» . فَقَالَ لَهَا سَعِيدُ بْن الْعَاصِ : «أَيَّتُهَا الْعَجُوز الضَّالَّة أَقَصْرِي عَنْ قَوْلِكِ ! إِنَّ عَقْلَكِ واللَّهِ قَدْ ذَهَبَ ! إِنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُكِ وَحْدَكِ» . فَقَالَتْ لَهُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) : «وَأَنْتَ يَا ابْنَ الْبَاغيَةِ تَتَكَلَّمُ وَأُمُّكَ اشَّهَرُ بَغِيّاً ! فَإِنَّ أَبَاكَ قَدْ رَاودَهَا فَادَّعَاكَ» . فَقَالَ لَهَا مَرْوانُ بْنُ الْحَكَمِ : «كَفَى أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ وَاقْصدِي لِمَا جِئْتِ لَهُ» ! فَقَالَتْ لَهُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) : «وَأَنْتَ أَيْضاً يَا ابْنَ الزَّرْقَاءِ تَتَكَلَّمُ ! وَالِلَهْ لَأَنْتَ أَشْبَهُ بِبِشْرٍ مَوْلَى الْحَارِثِ بْنِ كِلْدَة مِنْكَ بِالْحَكَمِ بْنْ أَبِي اَلْعَاصِ ! فَإِنَّ بَيْنَكُمَا مِنْ الْقَرَابَةِ إِلَّا كَقَرَابَةِ الْفَرَسِ الضَامِرُ مِنَ الْأَتَانِ الْمُقَرَّب ! فَسَلَّ عَمَّا أَخْبَرَتْكَ بِهِ أُمُّكَ ، فَإِنَّهَا تُعَلِّمُكَ ذَلِكَ» . ثُمَّ الْتَفَتَتْ إِلَى مُعَاوِيَة وَقَالَتْ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) : «وَاللَّهُ مَا جَرَّأَ عَلَيَّ هَؤُلَاءِ أَحَدٌ غَيْركَ ! يَا ابْنَ الْقَائِلَةِ فِي قَتْلِ حَمْزَة : نَحن جزيناكم بِيَوْم بدر *** وَالْحَرب بعد الْحَرْب ذَات سعر مَا كَانَ لي عَن عتبَة من صَبر *** وَلَا أخي وَعَمه وبكري شفيت نَفسِي وقضيت نذري *** شفيت وَحشِي غليل صَدْرِي فَشكر وَحشِي عَليّ عمري *** حَتَّى ترم أعظمي فِي قَبْرِي فَأَجَابَتْهَا بِنْتُ عَمِّي هِنْد بِنْت أَثَاثَةٍ ، قَائِلَةً : خَزِيتِ فِي بَدْرٍ وَبَعْدَ بَدْرٍ *** يَا بتَ وَقَّاعِ عَظِيمِ الْكُفْرِ صَبَّحَكَ اللَّهُ غَدَاةَ الْفَجْرِ *** مَلْهَاشِمَيَّيْنِ الطِّوَالِ الزُّهْرِ بِكُلِّ قَطَّاعٍ حُسَامٍ يَفْرِي *** حَمْزَةُ لَيْثِي وَعَلِيٌّ صَقْرِي إذْ رَامَ شَيْبٌ وَأَبُوكَ غَدْرِي *** فَخَضَّبَا مِنْهُ ضَوَاحِي النَّحْرِ وَنَذْرُكَ السُّوءَ فَشَرُّ نَذْرِ ... » . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: تَرَكْنَا مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَبْيَاتٍ أَقْذَعَتْ فِيهَا. فَقَالَ مُعَاوِيَة : «عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ يَا عَمَّةَ هَاتِي حَاجَتَكِ» ؟ قَالَتْ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) : «مَا لِي إِلَيْكُمْ حَاجَةٌ» ! وَخَرَجَتْ عَنْهُ . فَالْتَفَتَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَمْرُو وَمَرْوَانَ فَقَالَ : «مَا جَلَبَ عَلَيَّ هَذَا أَحَدٌ غَيْرُكُمَا وَلَا اسْمَعْنِي هَذَا الْكَلَام إِلَّا أَنْتُمَا فَلَا حَيِّيتْمَا» . المصدر : (طبائع النساء وما جاء فيها من عجائب وأخبار وأسرار لابن عبد ربه الأندلسي : ص239. وأخبار الوافدات من النساء على معاوية بن أبي سفيان لابن بكّار : ص47. ومورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة لابن تغري : ج1، ص65.) |
أحسنتم على الموضوع القيم
رضوان الله عليها المناظرة بالحجة البالغة الشهيدة العفيفة |
سلام عليكم وتحية ,
مأجورين ان شاء الله تعالى اخي محب علي |
الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام الساعة الآن: 12:58 PM. بحسب توقيت النجف الأشرف |
Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025