![]() |
العسل
العسل مادة غذائية حلوة المذاق ولزجة القوام تخرج من بطون وأجواف أنواع مختلفة من النحل، ولكن أجودها ما يخرج من نحل العسل. ينتج النحل العسل مما يجمعه من الإفرازات السكرية من النباتات من رحيق الأزهار أو من الحشرات، ثم بإجراء تكرير ومعالجة لهذا الرحيق داخل أجسامه عبر القلس والنشاط الإنزيمي، ثم من خلال التخزين في الخلايا وعبر تبخر الماء، مما يؤدي إلى تركّز السكر حتى يصبح العسل لزجاً وسميكاً. يخزن النحل العسل عادةً في الخلايا، وهي بُنَى مصنوعة من شمع يدعى قرص العسل، وهو مصنوع بدوره من مئات إلى آلاف الخلايا سداسية الأضلاع؛ ولكن هناك أنواع أخرى من النحل، مثل النحل غير اللاسع، التي تخزن العسل في بنى مختلفة على هيئة قدور صغيرة مصنوعة من الشمع أو الراتنج.
تمكن البشر منذ القدم من التعامل مع نحل العسل وتربيته؛ ويعد العسل المجمع من نحل العسل الأكثر شيوعاً للاستهلاك عند البشر، نتيجة للإنتاج التجاري واسع النطاق وتوفره. تعود أقدم الدلائل على إنتاج العسل واستخدامه إلى عصر ما قبل التاريخ؛ إذ توجد العديد من رسوم الكهوف التي تشير إلى تلك النشاطات البشرية، مثل الرسوم في كهوف العنكبوت في إسبانيا، التي تعود عمرها إلى ما يقارب 8000 سنة على الأقل. يعود المذاق الحلو للعسل إلى التركيز المرتفع من السكريات الأحادية من الفركتوز (سكر الفاكهة) والغلوكوز (سكر العنب)؛ والحلاوة النسبية له مقاربة للسكروز (سكر المائدة). كما أنه غني بالطاقة، إذ تؤمن ملعقة طعام قياسية (15 مل) كمية من الطاقة الغذائية تعادل 190 كيلوجول (46 سعرة حرارية / كالوري)). وهي واسعة الاستخدام على هيئة مادة محلّية في المطبخ. كما تعرف الخواص الاستشفائية لهذه المادة الغذائية، كما لا تستطيع الميكروبات أن تنمو في العسل، لذلك لا يفسد؛ فقد عثر على عينات من العسل قابلة للأكل حتى بعد قرون من تخزينها في قدور محكمة الإغلاق. التشكل من نحل العسل نحلة تمد خراطيمها في كأس أحد أنواع الأزهار لجمع الرحيق يعد العسل المتشكل في أجسام نحل العسل الأكثر شيوعاً من بين أنواع العسل؛ ويقوم هذا النوع من النحل بجمع الرحيق أو الندوة العسلية. لا يستخدم أغلب الرحيق المجمع مصدراً غذائياً للنحل، ولكن يقوم باستخدامه من أجل إنتاج العسل عن طريق عمليات القلس والتحفيز الإنزيمي ثم بالتخزين المطول. العسل مهم للنحل نظراً لمحتواه المرتفع من السكر، إذ يستهلكه غذاءً من أجل دعم عمليات الأيض (الاستقلاب)، خاصة لتعويض الطاقة المستهلكة في التحليق أثناء جمع العسل، وكذلك من أجل استخدامه غذاءً لليرقات. يقوم النحل بتخزين العسل على مدار السنة، سواء أثناء مرحلة الجمع في الأشهر الدافئة من السنة أو في مرحلة الإشتاء. بعد مغادرتها للخلية تقوم النحلة بجمع الإفرازات الطبيعية الغنية بالسكر من الرحيق أو الندوة العسلية. يحتوي الرحيق المجمع من الأزهار على محتوى من الماء يتراوح بين 70 إلى 80%، ولذلك لا يكون لزجاً بالمقارنة مع الناتج النهائي من العسل، الذي يصل محتوى الماء فيه ما يقارب 18%. بالمقابل، إن محتوى الماء في الندوة العسلية الصادر عن المَن وحشرات أخرى قريب جداً من محتوى الماء في النسغ الذي تتتغذى عليه تلك الحشرات الماصة، ولكنه أعلى مما هو في الرحيق ويصل إلى ما يقارب 90% من الماء. في كلتا الحالتين، يكون النحل قادراً على امتصاص تلك الإفرازات السكرية بواسطة خراطيمها لتجمعها في أجوافها. يستطيع نحل العسل الغربي على سبيل المثال أن يجمع ما يقارب 40 مغ من الإفرازات السكرية داخل جوفه، وذلك يعادل نصف الوزن الصافي للنحلة. عندما يكون الرحيق وفيراً، يتطلب جمع الرحيق من النحل عملاً متواصلاً من غير توقف إلى ما يقارب الساعة من جني العسل حتى تصل إلى السعة العظمى من التخزين؛ وذلك يتطلب أيضاً زيارة الآلاف من الزيارات على الأزهار. يحوي لعاب النحل على إنزيمات تفرزها غدد متموضعة في القسم الأسفل من البلعوم. تختلط تلك الإنزيمات الهاضمة مع الرحيق المخزن في جوف النحل، وتقوم بفصم الروابط الكيميائية للسكريات المعقدة مثل السكروز والنشا إلى سكريات بسيطة من الغلوكوز (سكر العنب) والفركتوز (سكر الفاكهة). تساهم هذه العملية في المرحلة في رفع محتوى الماء بشكل طفيف وبرفع حموضة الرحيق المهضوم جزئياً. بعد الامتلاء، تعود النحلة الجامعة إلى الخلية، وهناك تبدأ عملية القلس وإخراج الرحيق من الجوف إلى الخلايا للتخزين، وأثناء تلك العملية تتشكل فقاعات في الفك العلوي، الأمر الذي يسرع من هضم الرحيق، إذ تعمل تلك الفقاعات على تشكيل مساحة سطح كبيرة، مما يساهم في تسهيل عملية تبخير الماء داخل جو الخلية الدافئ. قرص عسل وتبدو فيه الخلايا سداسية الأضلاع المخصصة لتخزين العسل تنظم النحل داخل الخلايا نفسها على هيئة مجموعات، والتي تعمل بالتناوب، تقوم فيها نحلة بإخضاع الرحيق المعالج إلى فقاعات الهواء، ومن ثم إمرار السائل المكرر إلى النحلة الأخرى. تستغرق هذه المرحلة إلى ما يقارب 20 دقيقة من القلس المستمر والهضم والتبخير إلى أن يصبح المنتج النهائي درجة من الجودة يكون فيها قابلاً للتخزين. يخزن العسل الجديد ضمن خلايا قرص العسل، والتي تترك مفتوحة من غير إغلاق؛ ويكون محتوى الماء في هذا المنتج مرتفع نسبياً، إلى ما يقارب 70%، اعتماداً على تركيز الرحيق المجموع. نظرياً وفي هذه المرحلة من تشكل العسل، يكون محتوى الماء مرتفعاً بالشكل الكافي ليدفع أبواغ الخميرة المنتشرة في كل مكان إلى التكاثر داخله، وإن حصل ذلك التخمر، فإنه سيستهلك السكريات الموجودة داخل العسل جديد التشكل. لمكافحة ذلك، تقوم النحل بعملية فريدة بتوليد الحرارة ذاتياً داخل الخلايا، وتلك خاصة تميزها عن باقي الحشرات. تستغل النحل تلك القدرة في توفير درجة حرارة محيطة ثابتة داخل الخلايا، وهي تقارب 35 °س في مناطق تخزين العسل. تساهم النحل في التحكم وضبط درجة الحرارة والتكييف داخل الخلية عن طريق حركات متناسقة عبر الأجنحة، وتلك شروط تساعد في التسريع من عملية تبخر الماء ولحماية العسل الجديد من التخمر. تستمر عملية التبخر لحين الوصول إلى محتوى نهائي من الماء في العسل بين 15.5% إلى 18%. تتركز السكريات الأحادية المنحلة في هذه الشروط من محتوى الماء إلى حد أبعد من درجة التشبع (محلول فوق مشبع)، بالتالي يمكن اعتبار العسل علمياً على أنه محلول فائق التشبع للسكريات الأحادية في الماء، ولا تستطيع الجراثيم أن تتكاثر ضمن هذه الشروط مرتفعة التركيز. بعد ذلك تقوم النحل بإغلاق الخلايا الحاوية على العسل النهائي بالشمع، وبذلك تحميه من الملوثات ومن التبخير اللاحق. ما دام أن محتوى الماء لا يتعدى 18%، فإن فترة الصلاحية لمنتج العسل النهائي غير محددة، سواء داخل الخلايا أو بعد استخراجه من النحّال. |
الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام الساعة الآن: 02:30 AM. بحسب توقيت النجف الأشرف |
Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025