![]() |
قراءة في بعض الشخصيات التاريخية في القرآن
قراءة في بعض الشخصيات التاريخية في القرآن 1- زوجة أيوب (عليها السلام) 2- آسيا (عليها السلام) 3- بلقيس (عليها السلام) 4- الزهراء فاطمة (عليها السلام) 5- زينب الحوراء (عليها السلام) 1- آسيا بنت مزاحم / قال تعالى:{ رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله.. } هذه الآيات الكريمة تحكي صورة الإخلاص والتفاني الذي وصلت إليه هذه المرأة الصابرة المجاهدة ... حيث كانت آسيا تعيش كما عاش غيرها ممن عاصر فرعون المتجبر الذي ادعى الإلوهية المنكرة ، وبقيت هي ومجموعة من العبيد الأحرار في أنفسهم باستنكار فعل فرعون هذا . الذي ملك به رقاب الكثير من الناس وحينما كانت ذات يوم تسمع دعوة الحق التي صدع بها موسى(u) في وسط ساحة فرعون وهو يعرض دلائل المعرفة بالله سبحانه وتعالى استيقظت في داخل هذه المرأة ذات تقية مجموعة من الأفكار والعقائد الصحيحة وما ان طرق سمعها نداء موسى(u) وبعد ان ثبت لها بالدليل صحة ما يقول موسى(سلام الله عليه) آمنت به كما آمن السحرة من قبل الذين كافأهم فرعون بقوله: {… آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لأَُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لأَُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ } (الأعراف / 123- 125) إلا إنهم لم يتهاونوا ولم يتراجعوا بل قالوا إنا إلى ربنا لمنقلبون أي راجعون. وكذلك هي آسيا(رحمها الله تعالى) أيضاً آمنت وأيقنت بحاجة إله موسى وبالرغم من التجاوزات التي فرضها فرعون وأعوانه وما عاناه موسى(u) من الخوف والمطاردة وقلة الناصر إلا إن اختفاءه لم يُضعف إيمانها ولم ينكل ، ولا إيمان تمسك به ولقد أذاقها فرعون الهوان والعذاب حتى إنه فرض عليه العقوبات إلى أن صب عليها سوط عذاب بأن ربطوها ووضعوا الرصاص الحار في فاها ولم تنكر وجود بارئها ولا أحقية موسى(u) ولم يقف أمام عينيها المُلك والغِنى التي كانت تتنعم به . إشارات إشارات ! أولاً : آسيا امرأة فرعون تملك ما تملكه أي امرأة من مكونات تكوينية كالعاطفة والرقة والرأفة . ثانياً : آمنت بالدليل الذي عرفته وعجز عن رده فرعون فصبرت وتمسكت . ثالثاً : اختفى موسى(u) وغاب عنها وعن جميع من أمن به . رابعاً : قام فرعون وأذنابه بتكذيب دعوت موسى وافتراء الأكاذيب عليها . خامساً : قام فرعون وأجناده بتخويف وتهديد أتباع موسى(u) إلا إنهم بالرغم من ذلك كله لم يتركوا الحق وأهله . زوجة أيوب(عليه السلام) وسبحان الله ... ولم تهن عزيمتها ما رأته من ترك الناس له بل وتعيير الأهل والأقربون لبقاءها معه ... بل إنها سخرت نفسها لتعمل بأجرة يومية كي توفر لقمة السداد لأيوب(سلام الله تعالى عليه) الصابر الأواب , وكذلك هو لم يدعُ ربه في أن يرفع عنه العذاب بل إنه استمر ينعم في رضا الباري عز وجل ولا يضره أكان في سراء أم رخاء . واستمرت المؤمنة الصابرة المجاهدة تكدح في سبيل الكفاف والبحث عن حقه وكانت كل يوم تذهب فيه للخدمة تُشعر الجميع بمظلومية وأحقية النبي أيوب(u) حتى جاء الذي ما بعده صبر (وقد طلب منها) أن ترهن عقيصتها لدى وغد من أوغاد القرية وانتبه لذلك أيوب(u) , عند ذلك دعا بالفرج وأذن له وخلصهما الله تعالى مما كانا فيه . إشارات إشارات ! أولاً : زوجة أيوب عرفت إن الحق في زوجها وتيقنت منه فلم يكن لها مجرد زوج بل هو الولي الشرعي الواجب أتباعه .. ثانياً : ليست كل زوجة نبي مخلصة لزوجها بل حكى القرآن عن نساء أنهنَّ كُّنَّ على غير خط الأنبياء فوصفهن بالخيانة فقال تعالى عن زوجتي نوح ولوط (عليهما السلام) { وامرأة نوح ولوط كانتا تحت عبدين من عبادنا فخانتاهما......} ثالثاً : فقَََدَ أيوب(u) من الأملاك والأولاد والواجهة وأصيب في مرض ففقدَ محبتهم وفقدوه نبياً فغيبوه عنهم واختفى عنهم فبالرغم إنهم كانوا يرونه جسداً مُلقى على الأرض لا نفع فيه فهو كالغائب عنهم. رابعاً : بعد صبرها على البلاء (التمحيص) أعطاها الله تعالى الفرج وحشرها مع زوجها وتبدل حالها في الدنيا والآخرة. بلقيس ومعاوية في وقتنا هذا أكثر فهم يتهربون من الحق وهم عارفوه وما ترك عليهم علي هذا الزمان من باب إلا ودخل إليهم منه حتى أنهم حُوصروا في ركن ضيق إلا عنادهم وتعنتهم لا زال في طغيانهم يعمهون !! وهم في فرصة حتى يتوبوا ويرجعوا إلى بارئهم و إلا فإن السيوف الحيدرية لم تزل اليوم في أغمادها والسنان الهاشمية لم ترَ الشمس بعد ولا غرابة أن تُسل على الأقربين ممن يدعي إتباع آل البيت والتشيع لهم بل ومن علمائهم . إشارات إشارات ! أولاً : أن بلقيس ملكة والمُلك يعني السيطرة المدنية أو العسكرية أو الدينية أو كلها وهي بكل الأحوال تعني المرجعية بين الناس في كل الأمور فبيدها الحل والعقد إن شاءت يسّرت الأمور وإن شاءت عقّدتها . ثانياً : بلقيس عادلة فهي تحكم بالقسط وتسير بالعدل وهذا يعني إنها تملك عقلاً راجحاً فمن لا يسير بالعدل لا يحكم بالقسط بين الرعية ومن لا يهتم بشؤون الرعية قطعاً أنه لا يستحق أن يكون ملكاً عليهم لأنه لا يفكر فيهم بل بنفسه أو أنه لا يملك عقلاً فهو لا يعرف التصرف بموجبه . ثالثاً : ومن يملك العقل تتسلط عليه الحجة لأنها نتاج العقل إلى العقل . رابعاً : طوبى لمن تبع العقل من النساء وما أخيرها على كثير من الرجال ممن امتلك العقل ولم يسر به ولم يهتدِ بنوره . العظمة وفيما يلي نستعرض أمثلة لعصر الإسلام وما بعده , ونبدأ الكلام في شخصية الزهراء(عليها السلام) هذه الشخصية العظيمة التي تُعبر عن ثمرة الإسلام التي قال فيها الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) : { إنها ثمرة فؤادي } . وقال(صلى الله عليه وسلم): { فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني ومن أحبها فقد أحبني } . وهي بذلك أمثولة واضحة للتعبد بالدليل والصبر بل تكتب لنا خلاصة ما نريده في هذا البحث المُبسط فإن المواقف في بعض الأحيان تؤدي بالمرأة بل توجب عليها في البعض الآخر على ان تُدافع بل وتبذل كل ما تملكه في سبيل أداء تكليفها . فحينما اضطر أمير المؤمنين(u) إلى البقاء في بيته حوالي عشرين سنة أصبحت الكلمة الشجاعة للزهراء(عليها السلام) والتي كانت شكلياً تتخذ الجانب الشخصي للقضية ونعني هنا المطالبة بفدّك ولكنها في الحقيقة كانت تبحث عن مصلحة عامة واقعية وهي المطالبة بإمامة زوجها وخلافته وتسليمه منصب الرئاسة الفعلية والقيادة على المجتمع وقد أبلت الزهراء(عليها السلام) في ذلك بلاءاً حسناً , وجاهدت جهاداً حقيقياً وخاطبت أعلى مسؤول في الدولة ولم تجبن فقالت(فدونكها مخطومة مرحولة) يعني ناقة في أبها حلتها , أي حجتنا في أبها صحتها وحلتها تلقاك يوم حشرك فنعم الحكم الله , والزعيم محمد والموعد القيامة وعند الساعة يخسر المُبطلون ولكل نبأٍ مستقر وسوف تعلمون) وفي قضية إقصاء أمير المؤمنين(سلام الله عليه) عن حقه ، قالت(عليها السلام): {ويحهم أنّى زحزحوها عن رواسي الرسالة وقواعد النبوة ومهبط الروح الأمين الطبن بأمور الدنيا والدين ألا ذلك هو الخسران المبين وما نقموا من أبي الحسن ؟ نقموا والله نكير سيفه وشدة وطأته ونكال وقعته وتنمره في ذات الله.... إلى أي لجأٍ لجأوا واستندوا وبأي عروة تمسكوا ولبأس المولى ولبأس العشير، استبدلوا والله الذنابى بالقوادم . والعجز بالكاهل .... فرغماً لمعاطس قومٍ يحسبون أنهم يحسنون صنعاً إلا أنهم المفسدون ولكن لا يشعرون ) . وهي تقول هذا الكلام البليغ والبيان الفصيح بقلب شجاع وإرادة قوية وكلام لا يفهمه إلا أهلوه ولها من العمر حوالي تسعة عشر سنة وهي تمثل صلابة الإيمان المستودع فيها فلم يوقفها عن تأدية موقفها حجم الجيش المقابل الذي أصر على نصرة الباطل ولم تهب المركز السياسي الذي كانت تخاطبه وعبرت عن اعتراضها على مسيرة السلطة الحاكمة بعدة وجوه منها : أولاً : أسلوب المخاطبة الذي ذكرت فيه المسلمين بحق الرسول الذي لم تمضِ على وفاته أيام قلائل وذكرتهم بفضله . ثم ذكرتهم بقربها منه(عليهما السلام) . ثانياً : اللجوء إلى المناظرة والمحاججة ، وفي سهذا المقام طالبت الزهراء(عليها السلام) الحاكم في ذلك الوقت بأن يعطيها الأدلة والبراهين على صدق مُدّعاه فأجابها وأستشهد بأهل خبرته فقارعته بالأدلة العقلية والقرآنية وحتى استعانت بالشهود إلا أنهم لم يأخذوا بشهادة من قدمتهم للشهادة فردوا شهادة علي وهو أعلمهم (وهو مع الحق يدور حيثما دار) وأم سلمة وهي أقرب أزواج الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) إليه . ثالثاً : كان المعروف عن الزهراء(عليها السلام) إذا أراد أن تعبر عن احتجاجها على موضوع معين مشت مشية الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) وهذا ما فعلته في تلك الأيام . رابعاً : اتخذت من قبر الرسول مكاناً تأوي إليه لتعبر عن خلجاتها والهموم التي أصابتها من بعد فقَدَ أبيها وهذا يمثل أكبر مظاهرة احتجاجية على الوضع في ذلك الوقت خاصة بعد إن لم يستجب لها أحد في أداء مطاليبها أو الشهادة لها بالأحقية . زينب الحوراء(عليها السلام) الجواب : علمنا أن من سوّل له ونصبه حاكماً ومكنه من رقاب المسلمين هو الاستعمار الذي كان متمثلاً يومئذ بالدولة القيصرية البيزنطية الرومانية . المهم أننا هل نستطيع ان نتصور في هذا العصر وفي كثير من العصور أن تقف امرأة أمام دكتاتور أو رئيس جمهورية أو أي حاكم أو أن تتكلم مثل هذا الكلام وتعطيه حقه بيده وأمام عينيه وفي منزله وأمام حاشيته وشرطته ومؤيديه ؟؟ زينب(سلام الله عليها) كانت في مجلس يزيد بن معاوية , وقالت قول الحق , وانتقدت النظام الحاكم , وهذا مُتعذر وممنوع بكل تأكيد حتى في البلدان التي تدّعي الديمقراطية والحرية , فهو ممنوع قليلاً كان أو كثيراً , وليس فيه أية حرية , كائناً من كان, ولكن وإن رغمت أنوفهم قالت زينب(عليها السلام) ونقول ذلك . |
موضوع مميز اخي الكريم
تستحق الوسام |
|
الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام الساعة الآن: 11:49 AM. بحسب توقيت النجف الأشرف |
Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025