![]() |
تأثير زينب والسبايا في الكوفة :
بسم الله الرحمن الرحيم
كان هدف السلطة الأموية من التشهير بسبايا أهل البيت ارعاب الناس حتى لا يفكر أحد في معارضة السلطة أولاً ، وتعبئة الجمهور ضد الإمام الحسين وثورته ثانياً ، باظهاره خارجياً متمرداً قد شق عصا المسلمين طمعاً في السلطة والحكم . لكن وجود العارفين بفضل أهل البيت في الأمة ، والحالة المأساوية للسبايا والتي كانت تثير مشاعر التعاطف معهم ، والدور الرسالي الذي قامت به السيدة زينب في الإعلام الصادق للثورة الحسينية وكذلك الإمام زين العابدين وبعض نساء العائلة الحسينية كأم كلثوم وفاطمة بنت الحسين . . كل ذلك أفشل مخطط السلطة بل وجعل آثاره ونتائجه معكوسة ، حيث تأججت روح الثورة والرفض في أوساط الجماهير المسلمة ضد السلطة ، وتعاطف الناس مع أهل البيت ( عليهم السلام ) . ففي الكوفة ينقل لنا التاريخ بعض الأحداث والمشاهد الرافضة لسياسات السلطة الأموية والمتعاطفة مع أهل البيت على إثر دخول السبايا . وقد تحدث راوي خطاب السيدة زينب عن تأثير خطابها على الناس ـ كما سبق ـ . وحينما خطبت السيدة فاطمة بنت الحسين على صغر سنها فقد أثار خطابها مشاعر الناس « فارتفعت الأصوات بالبكاء والنحيب وقالوا : « حسبك يا ابنة الطاهرين فقد حرقت قلوبنا وأنضجت نحورنا وأضرمت أجوافنا » (23) . وعلى أثر خطاب السيدة أم كلثوم أيضاً : « ضج الناس بالبكاء ونشرن الشعور ____________ (22) ( مقتل الحسين ) المقرم ص 325 . (23) المصدر السابق ص 315 . وخمشن الوجوه ، ولطمن الخدود ، ودعون بالويل والثبور ، ولم ير أكثر باك ولا باكية من ذلك اليوم » (24) . ولما سمع الناس خطاب الإمام علي بن الحسين قالوا بأجمعهم : « نحن يا ابن رسول الله سامعون مطيعون ، حافظون لذمامك ، غير زاهدين فيك ، ولا راغبين عنك ، فمرنا بأمرك يرحمك الله ، فإنا حرب لحربك ، وسلم لسلمك ، نبرأ ممن ظلمك وظلمنا » (25) . وزيد بن أرقم وهو صحابي معروف أعلن احتجاجه واعتراضه على ابن زياد لما رأى عبثه برأس الحسين ( عليه السلام ) ـ كما سبق ـ . وكان في مجلس ابن زياد رجل من بكر بن وائل يقال له جابر ، آلمه ما حصل لأهل البيت وأذهلته التصرفات الطائشة لابن زياد ، فانتفض معلناً معلناً معارضته ، وهو يقول مخاطباً ابن زياد : « لله عليّ أن لا أصيب عشرة من المسلمين خرجوا عليك الا خرجت معهم » (26) . من أهم مواقف الرفض والمعارضة التي برزت في الكوفة ذلك اليوم ، انتفاضة عبدالله بن عفيف الأزدي الغامدي ، وكان ضريراً ذهبت احدى عينيه يوم الجمل ، والأخرى بصفين مع الإمام أمير المؤمنين وكان لا يفارق المسجد يتعبد فيه . وعند دخول السبايا الى الكوفة اعتلى عبيدالله بن زياد منبر مسجد الكوفة ليعلن فرحته وانتصاره بمقتل الحسين قائلاً : « الحمد لله الذي أظهر الحق وأهله ، ونصر أمير المؤمنين يزيد وحزبه ، وقتل الكذاب ابن الكذاب » الحسين بن علي وشيعته ! . ____________ (24) المصدر السابق ص 316 . (25) المصدر السابق ص 317 . (26) ( حياة الإمام الحسين ) القرشي ج 3 ص 343 ، نقلاً عن ( مرآة الزمان في تواريخ الأعيان ) ص 98 . وحينما طرقت هذه الكلمات الفاجرة مسامع عبدالله بن عفيف ، انفتل من عبادته وصاح بابن زياد من وسط المسجد غاضباً : ياابن مرجانة الكذاب ابن الكذاب أنت وأبوك ، والذي ولاك وابوه ، ياابن مرجانة ، أتقتلون أولاد النبيين ، وتتكلمون بكلام الصديقين ؟ ! . وطاش لب الطاغية ، فقد كانت هذه الكلمات كالصاعقة على رأسه فصاح بأعلى صوته : من هذا المتكلم ؟ . فأجابه ابن عفيف بكل شجاعة وبسالة : أنا المتكلم يا عدو الله أتقتلون الذرية الطاهرة التي أذهب الله عنهم الرجس ، وتزعم أنك على دين الإسلام ؟ واغوثاه أين أولاد المهاجرين والأنصار ؟ لينتقموا من طاغيتك اللعين ابن اللعين على لسان محمد رسول رب العالمين . فصاح ابن زياد وقد امتلأ غضباً : عليّ به . فبادرت الجلاوزة لإلقاء القبض عليه ، فنادى بشعار أسرته « يا مبرور » وكان في المجلس سبعمائة رجل من الأزد ، وثبوا اليه وأنقذوه من أيدي الجلاوزة ، ثم حصلت مناوشات بين جنود ابن زياد وأسرة عبدالله بن عفيف انتهت بإلقاء القبض عليه ، وأمر ابن زياد بقتله وصلبه (27) . وأشار الطبري الى مواقف مشابهة لموقف ابن عفيف ، قال : وثب اليه عبدالله بن عفيف الأزدي ، ثم الغامدي ، ثم أحد بني والبة (28) . وحتى عائلة ابن زياد واسرته ظهرت في اوساطهم أصوات ومواقف رافضة لقتل أهل البيت ، حيث ينقل عن أم عبيدالله بن زياد وهي مرجانة أنها سخطت عليه ووبخته قائلة : ____________ (27) ( تاريخ الأمم والملوك ) الطبري ج 6 ص 263 . ( حياة الإمام الحسين ) القرشي ج 3 ص 348 . (28) ( تاريخ الأمم والملوك ) الطبري ج 6 ص 263 . يا خبيث قتلت ابن رسول الله لا رايت وجه الله أبداً (29) . وأخوه عثمان بن زياد أيضاً أعلن رفضه وانكاره لما حصل وخاطب أخاه عبيدالله بن زياد معنفاً . والله لوددت أنه ليس من بني زياد الا وفي أنفه خزامة الى يوم القيامة وان الحسين لم يقتل (30) . ____________ (29) ( حياة الإمام الحسين ) القرشي ج 3 ص 358 نقلاً عن عدة مصادر . (30) ( تاريخ الأمم والملوك ) الطبري ج 6 ص 268 . |
احسنت احسنت اخي على هذا الموضوع الرائع الجميل
جعلنا الله واياكم من انصار الحسين (عليه السلام) |
الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام الساعة الآن: 03:14 PM. بحسب توقيت النجف الأشرف |
Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025