منتديات أنا شيعـي العالمية - السيد حسن نصرالله....زاروب الزعيم وزعيم الزاروب...

> من قلم : عبد العزيز الخطيب

> تصميم عرب تايمز ..... جميع الحقوق محفوظة
>
> حسن نصرالله ... زاروب الزعيم وزعيم الزاروب

> في إحدى خطبه تكلم سماحة السيد حسن نصر الله عن حادثة إدخال نائب فرنسي إلى الضاحية ومعه كاميرا بحجة السياحة (سياسية ربما لأن الضاحية ليست مرتعا إلا للدمار والخراب والرجال والنساء الصامدون رغم كل ذلك).
>
>
>
> قال السيد، وبلكنة محلية.. متخليا عن الفصحى.. بما معناه ' جابوا الزلمه على زاروب بيتي.' لا يهمنا هنا من جاء ومن رحل ولكن بيت القصيد الذي ربما لم يقصده السيد هو الزاروب.
>
>
>
> لننسى المذهب والطائفة والدين والسياسة ولو للحظة واحدة ولننظر إلى هذا الرجل الذي لم يكذب يوما في حياته العلنية وخطابه السياسي..هذا الرجل الذي يصدقه العدو قبل الصديق..هذا السيد الذي ساد بفعله قبل نسبه. المديح فيه سهل وكثير..كما الشتائم.. ولكن الأولى لا تنفع والثانية لا تضر. قدم فلذة كبده فداء للوطن والأمة والشرف. يلبس العمامة والجبة وربما تحتهما القفطان بتواضع ولا شك أنها لم تصنع على مغازل كريستيان ديور أو في أروقة أفينيو مونتانين. وفوق كل هذا يسكن في زاروب!
>
>
>
> لمن لا يعرف ما معنى الزاروب نقدم هذا التفسير: الزاروب هو الزقاق ولربما كان أقل شأنا من الزقاق من حيث السعة والمساحة. لغويا هناك من يقول أن الزاروب هو نصف عرض الزقاق. عمليا..الزاروب صغير لدرجة أن السيارة لا تدخله.
>
>
>
> هذا الرجل لا يملك بيتا (ناهيك عن القصور) وربما لا يملك سيارة ويستخدم سيارات الحزب ما دام أمينه العام. هو مهجر من بلدته الجنوبية وعلى رأسه ثمن غال من الإسرائيليين علنا ومن غيرهم سرا. أنا لست مطلعا على أموره الشخصية ولا أمور حزبه ولكن اقطع باليمين أن الرجل لا يملك حسابا في بنك.
>
>
>
> أنا لست شيعيا ولا حزبيا ولا حتى لبنانيا، ولكني ذهلت من هذا الرجل الذي خرج إلى عالمنا من عتمة القرون القاحلة كي يجعل لنا رأسا نرفعه ويقطن الزاروب ويفتخر بذلك. أنا في نفس عمره ويبدو للناظر أنه يكبرني بسنين. حين قال كلمته هذه نظرت حولي إلى بيتي فأصابني الخجل رغم تواضع المنزل وتفوق عدد الكتب فيه على الأثاث. حرك هذه الرجل شيمتي وكنت أحسب أنني قد نسيتها كمواطن عربي.
>
>
>
> هو في هذا التصرف فريد من نوعه في تاريخنا القديم والحديث. سيف الدولة الحمداني الذي كان شيعيا مثل السيد وحارب الروم وحمى الثغور سكن القصور وأتى بالمتنبي ليخلد ذكراه. صلاح الدين كان أمير جيوش وكانت العائلة تقطن القصور في الشام ومن ثم مصر. لن آتي على ذكر خلفاء بني أمية ولا بني العباس وقد عرفنا قصورهم وبذخهم رغم شهامة البعض منهم وسجله الحافل. حتى الدولة الفاطمية لم يكن فيها من سكن الزاروب أو لم يلبس الجواهر والذهب. من أين أتى هذا السيد إذن؟

> أنا لا أعرفه شخصيا إلا من المنابر العامة مثل التليفزيون والصحف ولكن دراستي المتواضعة في الفلسفة وعلم النفس والأدب المقارن --انجليزي فرنسي وعربي-- ودراسة مقارنة الأديان والكتابة في السياسة والأدب قد تسمح لي بأن أحلل ما أرى دون معرفة الرجل. هذا غير مقبول في الجامعات والدوائر الأكاديمية، ولكني اليوم أكتب كعربي ومسلم فقط.

> أتي هذا السيد من قناعة دينية بحتة. أنا لا أقصد المذهب أو الفقه الذي منه يستوحي سلوكه. أقصد وبالتحديد العلاقة بينه وبين ربه. من لا يستسيغ الكذب على الناس لن يكذب على الله. أتخذ لنفسه قضية وخدمها بشرف وببلاش (إن صح التعبير البلدي). ومن لا يريد من الناس شيئا لا يشترى ولا يباع وعندما يصل الإنسان إلى هذه القناعة فسهله ممتنع وصعبه لا يقهر. إن كانت الجبة والعمامة ملبسه والزاروب مسكنه ومحبة الناس رصيده لن تقوى عليه الدنيا إلا بما شاء الله.

> وهكذا أصبح للزاروب زعيما وهنيئا لهذا الزاروب. أصبح للفقراء صديقا وتجمهر الناس حوله يقدمون أبنائهم قرابين مباركة على مذبح قضيته التي هي قضيتنا جميعا. ثم التفت إليه الأغنياء والميسورون من العرب بعد الحرب الأخيرة وهالهم ما رأوا. الصادق منهم اتخذه زعيما في القلب والمنافق أو صاحب الأجندة المتكدسة حاربه حتى حرم الدعاء له بالنصر. أهم من هذا وذاك..أحبه الناس بصدق وأنا منهم.

> لم أجد أجمل من لقب زعيم الزاروب كي أضيفه إلى ألقابه.

> يتضح هذا الجمال عندما ننظر إلى الوجه الآخر للعملة ونرى ما الفرق بين زاروب الزعيم وزعيم الزاروب. زعماء الزاروب كثر في لبنان وفي الدول العربية. ليس منهم إلا من يقطن بيتا أو قصرا أكبر من نصف مساحة الضاحية. ومن لم يكن لديه مسكن أو قصر بنى في الجبال قصورا تليق بشهريار وهم الذين يعرف الناس تاريخهم ... أما حاضرهم فلا وجود له. إضافة إلى السيارات التي تكلف قيمة الواحدة منها خمس منازل لعائلات الفقراء، يملكون الطائرات الخاصة والحاشية لديهم تذكرنا ما كتب في التاريخ عن قصور بغداد وغلمانها وجواريها. يأتون للزاروب لا شك في ذلك.. إنما الغرض من ذلك إحدى الحسنيين (في قاموسهم). إما لشراء الأصوات في بلد مثل لبنان أو لقمع التذمر من الفقر والحرمان في أماكن أخرى، أو لشراء الرعاع لإثارة الشغب واللعب بمصائر الناس. وفي كلتا الحالتين تنتهي زعامة الزاروب مع انتهاء الدفع أو عدم الحاجة لساكني الزقاق.

> زعيم الزاروب يبقى صغيرا ومهمشا. يعامله التاريخ كما عامل السفهاء من قبلة الذين لسبب أو لآخر تسلطوا على رقاب العباد. أما زاروب الزعيم فقد أصبح جادة كبرى..لا بل أتوسترادا تسير فوقه الأبطال وتشد الناس إليه الرحال معنويا إن لم يكن فعليا.

> يقال في لبنان أن زلمة الزعيم زعيم. هذا صحيح على المستوى التطبيقي وخصوصا في رئاسة الوزراء وما شابه..أما حسن نصر الله فقد جعل من زاروبه ومن الذين يمشون فوقه وحوله زعماء. أين بالله تجدون اليوم من أعطى للناس حق الزعامة على حسابه الخاص؟ والله الذي لا يعبد سواه كنا نرى زعمائنا بجميع أطيافهم كما بني إسرائيل مع البقر ونقول كما قالوا: لقد تشابه علينا البقر! أما اليوم فقد خرج من شذ عن القاعدة ورأيناه بأم العين صدقا وحقا.

> هنيئا للبنان بهذا الرجل وهنيئا لنا جميعا بهذا الزعيم الذي يسكن الزاروب. لقد جعل من قصورنا رمادا تحت أقدامنا مع أنها تبدو قائمة للناظرين.