منتديات أنا شيعـي العالمية

منتديات أنا شيعـي العالمية (https://www.shiaali.net/vb/index.php)
-   المنتدى العقائدي (https://www.shiaali.net/vb/forumdisplay.php?f=30)
-   -   هل تتغير مشيئة الله بالدعاء ؟ (https://www.shiaali.net/vb/showthread.php?t=9105)

melika 13-05-2007 09:20 AM

هل تتغير مشيئة الله بالدعاء ؟
 
( يَمحُو اللهُ ما يَشاءُ ويثبِت وعندَهُ أُمُّ الكتاب ) .
« إنّ الدعاء يرد القضاء ، ينقضه كما ينقض السلك ، و قد أبرم إبراماً » .
« ادع الله عزّ و جلّ ، و لا تقل إنّ الأمر قد فرغ منه » .
في الحديث عن موضوع الدعاء ، و عن الاستجابة و تغيير الأمور ، و رفع ما قدّر ، و دفع ما قد يقع من الأمور والحوادث التي تحل بالإنسان ؛ من المحن والشدائد ، والحوائج ، والذنوب ... الخ .
في الحديث عن ذلك كلّه ، لابدّ لنا من أن نتحدّث عن علاقة ( القضاء والقدر ) ، و عن علاقة ( علم الله و إرادته ) بالاستجابة للدعاء ، و نبيّن كيف يصح تغيير الأمور و رفعها و إبطالها بعد تقديرها في قضاء الله ، و تقرير وجودها ، و حصولها في علمه ، و هل يترتّب على ذلك التغيير نتائج عقيدية تؤدي إلى القول بتغيير علم الله ، و بطلان قضائه و قدره وفق مشيئة الإنسان ، وبالتالي تغيير مشيئة الله ... ؟
وكيف يغيّر الله الحوادث بعد إبرامها ... ؟
هل كان يجهل ما هو صالح من الأمور ، و لم تتّضح له إلاّ بعد الدعاء ، و شكوى العبد من مرارة البلاء ؟ و هو المنزّه عن ذلك ... ؟
أو أن أفعاله تعوزها الحكمة والاتقان فتأتي مضطربة تحتاج إلى تصحيح و تسديد ؟ وهو المنزّه المتعال ؟
إنّ كثيراً من الناس الذين يجهلون حقيقة العلاقة بين قضاء الله و قدره ، و علمه بالاُمور والحوادث من جهة ، و بين تغيّرها من حال إلى أخرى ، أو رفعها و إبطالها من جهة أخرى ، يثيرون زوبعة من الشكوك والغبار حول الدعاء ، و يتوهّمون تغيّر علم الله تعالى ، و إرادته .
فيكون لله تعالى مع هذا التغيير ـ كما يتصوّر هذا الفريق من الناس ـ علمان و إرادتان :
علم و إرادة سابقة على التغيير ، و هما اللذان ثبّتا تقدير الشيء على حالته الاُولى ، و علم وإرادة حين التغيير ، و هما اللذان أحدثا التغيير ، والتبديل الجديد ، بعد حالته الاُولى .
و هذا يعني بالنتيجة أنّ علم الله سبحانه و إرادته متناقضتان ، و قاصرتان عن تحقيق خير الوجود ، و دقة نظامه .
ولتصحيح هذا المفهوم ، و ردّ هذه الشبهة ، لابدّ للإنسان المسلم من أن يفهم :
أولاً ـ إنّ تغيير الاُمور بإبدالها ، أو رفعها عن الإنسان ، بسبب الدعاء لا يعني تبعيّة إرادة الله لإرادة الإنسان ، و لا يعني بطلان القضاء والقدر ، لأنّ تغيّر الحوادث يجري أيضاً وفق قضاء و قدر ناسخ للقضاء والقدر الأوّل ، فهما قضاء و قدر واحد في تقدير الله و مشيئته ، وما التعدّد والفاصل الزمني إلاّ أمر مرتبط بذات الحوادث الجارية في عالم الإنسان .
ثانياً ـ لا يعني تغيّر الأشياء والحوادث بسبب الدعاء ، تغيّر علم الله ، ذلك لأنّ الله سبحانه بحكمته ، و لطفه ، و رحمته بعباده ، قد جعل بقضائه و قدره أيضاً و سابق علمه دعاء الداعي عند ، و قبل ، و بعد نزول البلاء به ، أو انقطاع حوائجه عنه ، سبباً لكشف البلاء ، أو غفران الذنب ، أو قضاء الحاجة .
فسببيّة الدعاء بهذا الاعتبار جزء من قضاء الله و قدره ، و ليس خارجاً عنهما ، أو متعارضاً معهما ـ أي أنّه حقيقة مقدّرة في قضاء الله لدفع ما قدر ، شأنها في القضاء شأن بقيّة الحقائق التي وقعت على الإنسان ... كالحاجة ، والمرض ، والمحنة ، ... الخ .
و لكشف غوامض هذا الموضوع فلنقرأ الآيتين الآيتين مشفوعتين بإيضاح و تفسير من قبل الحديثين المرويين عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق ( ع ) :
والآيتان هما : ( ... وَ مَنْ يَتَوَكَّل عَلَى اللهِ فَهْوَ حَسْبُهُ ، إِنَّ اللهَ بالِغُ أمْرِهِ ، قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيء قَدْراً ) ( الطّلاق / 3 ) .
( ... صُنعَ اللهِ الّذي أتْقَنَ كُلَّ شَيء ، إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفعَلون ) ( النمل / 88 ) .
ففي الآية الاُولى نقف على حقيقة هامّة في قضاء الله و تقديره . فهو سبحانه ، قد جعل لكلّ شيء في عالم الموجودات قدراً من الزمان والمكان والوجود والمكونات والنتائج والغايات ... الخ ، يناسبه و يحقق الحكمة والمصلحة من وجوده ، و إنّه سبحانه مدركه ، و محقّقه ، و لا يمكن أن يفوته ، أو يعجزه تحقيقه .
والآية الثانية تلقي مزيداً من الضوء على الآية الاُولى ( صُنع الله الّذي أتقن كلّ شيء ) ، فكلّ شيء حسب منطوق الآية هو متقن ، و ليس هناك من ثغرة ، أو نقص ، أو عبث ، أو جهل ، في هذا الوجود .
فحياة الإنسان ، و ما يجري عليه من الأمور ـ وفق منطوق الآيتين ـ ( مقدرة ـ متقنة ) ، و هي من أمور الله التي يجب أن يحققها بعد أن يثبت صلاحها في علمه و حكمته .
( إنّ الله بالغ أمره ) و ليس لشيء أن يتمرّد على إرادة الله أو مشيئته .
و قد أمدّنا القرآن بشواهد و نماذج واقعية من دعاء الأنبياء ، واستجابة الدعاء لهم بعد وقوع البلاء بهم ، و تغيير الحوادث والوقائع : ( وَ نُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ فاستَجَبنا لَهُ فَنَجَّيناهُ وَ أَهلَهُ مِنَ الكَرْبِ العَظِيم ) ( الأنبياء / 76 ) .
( وَ أيّوب إِذْ نادى رَبَّهُ أنّي مَسَّني الضُّرُّ وَ أنتَ أرحَمُ الرّاحِمين * فاستَجبنا لَهُ فَكَشَفنا ما بِهِ مِن ضُرّ وآتيناه أهلَهُ و مِثلَهُم مَعَهُم رَحمةً مِنْ عِنْدِنا و ذِكرى للعابدين ) ( الأنبياء / 83 ـ 84 ) .
( و ذا النّونِ إذ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إلهَ إلاَّ أنْتَ سُبحانَكَ إنّي كُنتُ مِنَ الظّالمين * فاستَجَبنا لَهُ وَ نَجَّيناهُ مِنَ الغَمِّ وَ كَذلِك نُنْجي المؤمنين ) ( الأنبياء / 87 ـ 88 ) .
( وَ زَكَرِيّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرني فَرداً وَ أنتَ خَيرُ الوارِثين * فاستَجَبنا لَهُ وَ وَهَبنا لَهُ يَحيى وَ أصلَحنا لَهُ زَوجَهُ ... ) ( الأنبياء / 89 ـ 90 ) .
فهذا العرض القرآني الصريح يكشف لنا بوضوح تام ، العلاقة السببية بين الدعاء و تغيّر الحوادث والوقائع الجارية في دنيا الإنسان ... و إنّ كلّ هذه الحقائق تجري وفق الحقيقة الكبرى التي عبّر عنها الوحي الإلهي بقوله : ( ... لِكُلّ أجَل كِتابٌ * يَمحُو اللهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الكِتاب ) ( الرّعد / 38 ـ 39 ) .
فالله يغيّر و يبدّل الأمور والحوادث بمشيئته ، و وفق إرادة و قضاء محكم مترابط التقدير ، و ليس هدماً طارئاً للقضاء والقدر ، الذي ثبت بحكمة الله و من غير تقدير ، أو علم إلهي مسبق .
أمّا الحديثان اللذان يوضِّحان أنّ الدعاء إنّما يقع سبباً وفق قضاء الله ، لتنفيذ ما أراد الله و قضى بخفي علمه و لطفه ، من تغيير الحوادث والوقائع التي ستحدث لهما :
« إذا أُلهِمَ أحَدُكُم الدُّعاءَ عِنْدَ البَلاء فاعلَموا أنَّ البَلاء قصير » .
« إنّ الله عزّ و جلّ لَيَدفَع بالدّعاء الأمر الذي علم أنّه يدعى له فيستجيب ، و لو لا ما وفّق العبد من ذلك الدعاء لأصابه منه ما يجتثه من جديد الأرض » .
وبالتأمل بنص هذين الحديثين ، والتدقيق بهما والوقوف عند العبارات « أُلهِم » ، « الأمر الذي علم أنّه يدعى له فيستجيب » ، « و لولا ما وفق العبد » ... وبالوقوف عند هذه العبارات ، نجد أنّ الإلهام المنّة عليه واللطف به ، فقضى بحكمته أن يلهمه الدعاء و يوفقه إلى المسألة بكشف الضرّ عنه ، فيكشف عنه ضرّه ، و يجيب له طلبته تعبيداً للإنسان ، و إشعاراً له بحاجته إلى الله سبحانه ، و بفضل الله و لطفه به .
و بذا يتضح لنا أنّ علم الله و قضاءه لا يتناقضان مع الدعاء ، و أنّ التغيّر في الأحداث والوقائع التي تجري على الإنسان إنّما تجري وفق علم مسبق بحدوث الشيء و بتغيّره ، وإنّ هذا التغيير جرى على أساس من قاعدة السببيّة الجارية على كلّ حقيقة في عالم الإنسان .
وإنّ العلم الإلهي والقضاء والإرادة محيطتان بهذا التغيير و سابقتان له و لا شيء يكون جديداً أو متعارضاً مع قضاء الله و علمه .
فالله يعلم بالحوادث ، و بتغييرها ، و على أساس هذا العلم كان القضاءك قضاء بوقوع الحوادث ، و قضاء يجعل الدعاء سبباً للتغيير ، و قضاء بالتغيير .

م..

خادمة الشيخ المهاجر 13-05-2007 10:08 AM

الله اكبر مأجمل هذه الكلماات وأبغلها

وفقكم الله دوما

ودمتم برعاية بقية الله

melika 13-05-2007 05:46 PM

اهلا حبیبتی

شکرا علی تواجدک العطر

دمتی بحفظ الله ورعایته.....

فلسطيني 13-05-2007 05:51 PM

بارك الله فيكي يا ملاك
وجعلة في ميزان حسناتك

melika 13-05-2007 06:22 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فلسطيني (المشاركة 124801)
بارك الله فيكي يا ملاك
وجعلة في ميزان حسناتك

اهلا بک اخی الکریم فلسطینی

شکرا لتواصلکم وتواجدکم الطیب

بارک الله بکم ووفقکم لکل خیر

smilies/110.gif


الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 06:33 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025