عرض مشاركة واحدة

خميني
عضو جديد
رقم العضوية : 101
الإنتساب : Aug 2006
المشاركات : 53
بمعدل : 0.01 يوميا

خميني غير متصل

 عرض البوم صور خميني

  مشاركة رقم : 8  
كاتب الموضوع : غرامي انت ياعلي المنتدى : المنتدى العام
افتراضي
قديم بتاريخ : 12-08-2006 الساعة : 12:10 AM


{إنّ أوّل عبادة الله معرفته، وأصل معرفته توحيده، ونظام توحيده نفي الصّفات عنه لشهادة العقول أنّ كلّ صفة وموصوف مخلوق، وشهادة كلّ مخلوق أنّ له خالقاً ليس بصفة ولا موصوف}٢.

المطلب الأوّل الذي يبيّنه مولى الموحدين أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه في باب التّوحيد هو أنّ أوّل عبادة الله معرفته، وهذه الأوّليّة ليست أوّليّة عدديّة بحيث يُقابل الأوّل بالثاني والثالث، فليس الأوّل ههنا في قبال الثاني والثالث وليس في قبال الآخِر كذلك.
وما يواطئ هذا البيان قول الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله في مقام آخر: {يا أبا ذرّ من أحبنا أهل البيت فليحمد الله على أوّل النعم}٣.
هنا نسأل: هلْ يمكن أنْ تُقاس نعمة الولايّة هذه بأيّ نعمة أخرى أو تُقابل بها؟
لا يمكن أنْ يكون لهذه النعمة وهي نعمة الولايّة مقابل، بل لا غير لهذه النعمة حتّى يقاس معها، وكلّ ما يُرى ويُشاهد من النعم الأخرى في الواقع هو من تجلّيات أولى النعم هذه.
في باب نسبة الأوّل والآخر للحقّ تعالى، لا يفرض لأوليّته وآخريّته تعالى أيّ مقابل عددي فهو الأوّل الإطلاقي، وهو الآخر الإطلاقي دون أنْ يكون له أيّ حدّ، وإلاّ لو فرضنا أنّ الأوّليّة والآخريّة المنسوبتين إلى الحقّ تعالى هما الأوليّة والآخريّة العدديتين، فإنّ أوّليّة الحقّ تصبح محدودة بحدود الغير وكذا آخريته، والحال أنّ الحقّ تعالى منـزّه عن كلّ حدّ وقيد، بلْ وننفي عنه تعالى كلّ صفة تؤدي إلى تقييده وتحديده وهذا هو معنى قوله (عليه السلام): {وكمال التّوحيد نفي الصّفات عنه}٤.
في باب الممكن والمخلوق، عندما ننسب صفةً كماليّة ما إلى أيّ موجود ممكن محدود فإنّ هذه الصفة المنسوبة إليه تقابلها آلاف الحدود والقيود بحيث تختلط الأعدام والنقائص مع هذه الصفة الكماليّة المفروضة.

وأمّا في باب الحقّ تعالى، لو أردنا أنْ ننسب له تعالى صفتي الأوّل والآخر وغيرهما من الصّفات بالنحو الذي ننسب الصّفات إلى غيره من المقيَّدات والمخلوقات، فسيكون تعالى محدوداً بحدود الأوليّة والآخرية؛ أيْ لو فرضنا أنّ الله تعالى متّصفٌ بالأوّل على هذا النحو الذي نعتبره في الممكنات، فسيكون أولاًَ يقابله ثانٍ وثالثٍ ورابع، ولوْ كان آخراً فله على هذا الفرض أولٌ، والحال أنّ هذا النحو من نسبة الصّفات له تعالى يتعارض مع نفس وحدته الإطلاقيّة المتناسبة مع وجوده المقدس عن كلّ شائبة إمكانية، بل الأمر أدقّ من هذا وسوف يتبين إنْ شاء الله تعالى؛ فالحقّ تعالى منـزّه عن حدّ الأوّليّة والآخريّة، ومنـزّه عن الابتداء المشار إليه بـ(من)، ومنـزّه عن الانتهاء المشار إليه بـ(إلى)، فهو الأوّل من دون آخر وانتهاء، وهو الآخر بدون أوّل وابتداء.
ثم إنّه لا بدّ أنْ نشير ههنا إلى مسألة مهمة وهي أنّ التّوحيد الذي يكشفه أمير المؤمنين عليه السلام إنّما ينكشف لأفهامنا بمقدار سعتنا الوجوديّة وإستعدادنا الذاتي، وإلاّ فإنّ عقولنا وأفهامنا وحتّى قلوبنا عاجزة وقاصرة عن نيل ما يريد أنْ يقوله مولى الموحدين أمير المؤمنين عليه السلام، ولعل الله يوفقنا لأنْ نبيّن جاهدين ما يقوله (صلوات الله عليه وسلامه) في معاني التوحيد.
يقول تعالى في كتابه الكريم: {هُوَ الأوّلُ والآخِرُ والظاهِرُ والباطِنُ وَهُوَ بِكُلّ شيءٍ عليم}٥.
فهو الأوّل ولكن لا آخر له، وهو الآخر ولكن لا أوّل له.
وإدراك هذه الأوّليّة والآخريّة المنسوبتين إلى الحقّ تعالى- وهي من الأسرار- يحتاج إلى لطف إلهي وعنايّة خاصة ربوبيّة نسأل الله أن نكون من أهلها.
يوجد توجيه في هذا المقام نبيّنه بحسب الإستعداد الذي نملكه وهو جدير بالاهتمام وهو أنّ الشيء عندما يُعطى عظمة الإبتداء اللامتناهيّة، نسميه أوّلا وهو قول الإمام الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: {من أحبّنا أهل البيت فليحمد الله على أوّل النعم}٦.

كلمة الأوّل موجودة في موارد كثيرة من الآيات والروايات التي يمكن من خلالها أنْ نتبيّن هذا المطلب وندركه، ولكن حيث أنّ للولايّة أثرٌ أكبر في نفوس أهل المحبّة، نستفيد من هذه الروايّة لبيان هذا المطلب الذي نحن بصدد الحديث عنه.
نريد أنْ نقول أنّ هذه النعمة عظيمة بنحو أن لا حدّ لها ولا انتهاء، فأوّل النعم هنا بمعنى أعظم النعم.
قوله (عليه السلام) أنّ أوّل عبادة الله معرفته هو بمعنى أنّ أعظم عبادة الله معرفته لا أنّ المرحلة الأولى من عبادة الله هي المعرفة ومن ثمّ يتلوها مراحل عدديّة أخرى.
إنّ نقطة الشروع والتعلق والارتباط بالحقّ تعالى في أرفع مقام هي معرفته، بحيث لا يوجد ما هو أرفع وأعظم منها.
وعلى هذا المنوال، عندما تُذكر صفات الحقّ تعالى وتُنسب له على نحو أفعل التفضيل فهي على هذا النحو.
يقول تعالى: {فَقُل الله أعْلمُ بما تعْمَلونَ}٧.
ويقول في موضع آخر: {هُوَ أعْلمُ بمن اتّقى}٨.
ويقول عزّ وجلّ في مقام ثالث: {فاللهُ خيرٌ حافظاً وهو أرحمُ الراحمين}٩.
عندما يقول عزّ وجلّ أنه أعلم {أعلمُ بما تعملون}، فـ"أعلم" هنا لا تعني وجود من هو عالم وأنّه تعالى أعلم منه، بلْ لا يوجد عالمٌ في هذا الوجود في مقابل هذا الأعلم، وعندما يقول أنّه أرحم الراحمين فلا يمكن قبول وجود رحيم غيره وأنّه تعالى أرحم منه.
فالصّفات التفضيليّة لا تُنسب للحقّ تعالى بالمقايسة مع ما دونها، فقول إنّ الله تعالى هو أرحم الراحمين يعني نفي أيّ تصور لأيّ رحيم في هذا العالم غيره تعالى وتقدّس، فما في الدار غيره ديار، بل الأمر أدقّ من هذا.
عندما يقول تعالى: {فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين}، نسأل أين هو الحافظ الذي يوجد في قباله حتّى نقول أنّه خير حافظاً؟
في قبال الله تعالى لا يوجد شيء يمكن أنْ يقاس به إطلاقاً.
كلّ آيات القرآن التي تذكر صفات الحقّ تعالى بصيغة أفعل التفضيل إنّما تذكرها على نحو حقيقيّ نفسيّ لا على نحو نسبيّ قياسي، فالحقّ تعالى ليس مورداً للمقايسة مع أحد.
الصّفات النسبيّة إنّما تجعل في غير مورد الحقّ تعالى، فعندما نجد عالماً ونجد عالماً آخر، نقول هذا أعلم من ذاك بعد أنْ نقيس بين علم هذا وعلم ذاك، ولكنّ الحقّ لا يؤخذ بالقياس.
إذاً، هذه الأوليّة التي تقال في الحقّ تعالى هي أوليّة إطلاقيّة نفسيّة وليست أوليّة عدديّة نسبيّة، فمعنى قوله (عليه السلام): {إنّ أول عبادة الله معرفته} هو أنّ أعظم عبادة الله التي لا يمكن أن تُدرك وتطال بالعيون هي معرفته.

من كتاب التوحيد الشهودي لسماحة العارف الكامل السيد أحمد الموسوي النجفي

من مواضيع : خميني 0 لمن لا يستطيع البكاء عند ذكر مصائب اهل البيت عليهم السلام
0 هل تعتقد ان لأكل الطعام المحرم واقعاً والجائز شرعاً تأثير سلبي
0 ابو بكر-عمر -عثمان-وهابية
0 أفضل محاضرات دينية سمعتها
0 لمن لا يستطيع البكاء عند ذكر مصائب اهل البيت عليهم السلام
رد مع اقتباس