*ورد السلطان باستهجان: (ولم تجدوا اتفاقا بينكم إلا في هذه المسألة حتى
أحرم أنا من زوجتي)*
*وبينما كان السلطان متوتراً مما سمعه، بل متوقداً من المأزق الذي وقع فيه
، استأذن أحد وزرائه للحديث وقال: (مولاي.. بلغني أن هناك عالما بالحلة
يقول ببطلان هذا الطلاق، فما الرأي عندكم أن نستحضره لنرى ما يقول؟*
*وأجاب السلطان بلا أي تردد: (ابعثوا إليه.. أريده في الحال).*
*وتفاجأ فقهاء المذاهب الأربعة بما قاله الوزير، فسألوه عن ذلك العالم
القاطن في مدينة الحلة في العراق، فأخبرهم بأنه رجل يقال له أبو الحسن بن
يوسف بن علي بن المطهر، الملقب بالعلامة الحلي.*
*وما إن سمع الفقهاء اسمه؛ حتى انتفخت أوداجهم وخاطبوا السلطان غياث الدين
بالقول: (يا مولانا الملك... إن لهذا الرجل مذهبا باطلا، هو مذهب الروافض، ولا
عقل للروافض، ولا يليق بالملك أن يبعث إلى طلب رجل خفيف العقل!*
*والتفت إليهم السلطان قائلا: لن يضرنا أن نسمع منه، وسأجمعه بكم عندي، فإن
تبيّن لي أن حجتكم أقوى في الرد عليه فلن أستمع إلى مقالته، وإلا فالعكس).*
*وأمر الملك بإنفاذ رسوله إلى العلامة الحلي، طالبا منه القدوم لغرض مناقشة
فقهاء المذاهب الأربعة في مسألة الطلاق...*
*وقبل العلامة الدعوة، وانطلق مع الرسول إلى مقر السلطنة.*
*وعندما وصل؛ استقبله السلطان بترحاب وأكرم ضيافته، إذ كان يرجو أن يكون حل
مشكلته العويصة عنده.*
*وحدد السلطان الموعد للقاء العلامة بفقهاء المذاهب الأربعة في الجلسة
المرتقبة التي تحولت إلى مناظرة واسعة في أحقية المذهبين الإمامي والسني*
*وعند ما حان الموعد؛ جلس السلطان منتظرا قدوم المدعوين، من فقهاء وكبار
الوزراء وشخصيات عُليا، فحضر الجميع مبكرا، بيد أن العلامة الحلي أخّر نفسه عن
الحضور عمدا.*
*وعند ما وصل العلامة إلى المجلس الملكي الكبير؛*
*فوجئ الجميع بأنه لم يترك نعليه عند الباب بل خلعهما وأخذهما بيده ودخل
المجلس ثم ألقى السلام والتحية وجلس إلى جوار الملك!*
*وكان هذا التصرف الغريب مثار انزعاج الملك ووزرائه والحاضرين، وانتهز الفقهاء
الفرصة ووجهوا كلامهم إلى الملك قائلين: (ألم نقل إن الروافض لا عقل لهم!*
*امتعض السلطان من تصرف العلامة، لكنه كتم امتعاضه في نفسه، إلى أن بادر
الوزراء وحاولوا توبيخ العلامة بالقول:*
*(لم لم تنحني للسلطان وتركت الآداب)؟*
*فأجاب العلامة: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان ملكا ولم يفعل
له مثل ما تفعلون أنتم لملككم، وليس من واجب علي إلا السلام لقوله تعالى:
(
*بعد ما أخذ العلامة نعليه معه وجلس عند السلطان قالوا له: (وكيف سمحت
لنفسك بالجلوس عند السلطان)؟** **
**فأجاب العلامة: (لم يكن مكان غيره).*
*فقالوا له و لأي شيء أخذت نعليك معك، وهذا مما لا يليق بعاقل، بل بإنسان؟!*
*
فأجاب العلامة: (خفت أن يسرقه فقهاء الحنفية الموجودون في هذا المجلس كما
سرق أبو حنيفة نعل رسول الله!!*
*فصاح فقهاء الحنفية بنبرة حادة: (حاشا وكلا!!*
*ما تقول يا فاقد العقل؟!*
فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة).*
*أرأيت يا مولانا السلطان ما فعل هذا الرجل؟!*