|
المستبصرون
|
رقم العضوية : 46597
|
الإنتساب : Dec 2009
|
المشاركات : 319
|
بمعدل : 0.06 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
مستبصرة
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 21-03-2010 الساعة : 06:22 AM
تابع...
فباسم وحدة الدين لدى الأول ، وباسم وحدة الدولة لدى الثاني ، أطلق (ابن سعود) يد (ابن عبد الوهاب) ، الذي قال " بدوارس القبور والآثار " (13) ، بوصفها بدعة وخروجاً على الإسلام، وهى الدعوة التي انتشرت في مرحلة بدأ فيها وكأن الناس خرجوا من صافى إيمانهم بالله إلى إيمان بالخوارق والنذور ، واستبدال الحقائق بالظواهر ، لكن سرعان ما انغلقت هذه الدعوة على نفسها ، وتحولت من دعوة للإصلاح ، في عيون مريديها ، وفى ظرف تاريخي محدد ، إلى سلاح ديني بيد أسرة (آل سعود) تشهر الدين في وجه معارضيها السياسيين ، واستخداماً لتبرير استمرارها ، وحكمها ، وكأنها جزء لا يتجزأ من الإسلام (14) (!) .
والذين تابعوا مسيرة " الوهابية " ، وبخاصة في مرحلة الدولة الثالثة ، التي بدأت بـ (عبد العزيز) يستطيعون أن يلمسوا دور الدين في تثبيت حكم الأسرة ، أكثر من دور الدين في تثبيت الإيمان (15) .
إذ حققت قوات " الإخوان الوهابيون " لـ " عبد العزيز" السلطة ، ووفرت له أسباب التوسع ، وما أن أيقن أنها صارت قوة مستقلة ، خطرة ، وأثارت له المتاعب مع جواره ، حتى ضربها، وأعانه الانجليز على ذلك أي عون (16) .
ومع ذلك فقد ظلت عقيدة هؤلاء " الأخوان " تقود السلطة ، فعلياً ، بعد أن رأت السلطة السعودية في تلك العقيدة عوناً لها تثبيتاً حكمها ، وإشهاراً لقوتها وعصبية رجالها ، في وجه خصومها ، ولكنها ظلت – كذلك – تمسك بزمام هذه الجماعة ، وتروضها ، كلما خرجت أو استشرت ، كي تُقصر مهمتها على دعم النظام (17) ، لا أكثر .
بيد أن اللافت ، أن عقيدة " الأخوان الوهابيين " شكلت النواة المركزية لتيار "الإسلام السياسي"، منذ قرنين ونصف القرن ، من قلب العالم الإسلامي ، والتي وجدت بشائر صداها في (مصر) بتأسيس جماعة بنفس الاسم " الأخوان " ، في العام 1928 ، والتي نهلت من الأصل الوهابي وروافده الباكستانية مثل (أبو الأعلى المودودي) ، وغيره ، فقوبلت ، وقوبل ما تفرع عنها من حركات أخرى ، بالرعاية السعودية والدولية ، إلى أن بلغ " الخطاب الوهابي " حدود المؤسسة الأزهرية ، وغيرها من مؤسسات العلم الإسلامي ، في غير قطر ، بعد أن شحب خطابها ، ونالته علل الجمود والأحادية الفقهية ، حتى صار " الخطاب الوهابي" معزوفة أساسية في خطابات مختلف الفرق والمؤسسات السنية ، وخصوصاً ضد كل ما يتصل بالفكر العصري ومنجزات الحضارية ، من علوم وفنون ، إلى حد " إزالة آثار الإسلام في أرضه الأولى ، مُنهية بجهلها ، وبقصد من هو خلفها ، حُقباً كثيرة من تطور الإسلام ورموزه الغنية " (18) ، وهو ما حمل معارض سعودي ، في تسعينات القرن المنصرم على وصف ما جرى بأنه " هدم للإسلام " (19) ، وإلى اتساع الحملة الإعلامية والسياسية ، من جانب المعارضين السعوديين ، خارج المملكة ، لأجل حماية ما تبقى من الآثار الإسلامية في (الحجاز) من الهدم (20) ، ودخول صحف غربية ، على خط الحملة ، والتي تحدثت عن تدمير العمارة الإسلامية ليحل محلها " حضارة الكونكريت " (21) ، في عشية إقدام ملك السعودية (فهد بن عبد العزيز) على هدم بيت النبي – ص – ومحو المحيط الداخلي " للحرم المكي " ، بما يتضمنه من نقوش وآثار ، يمتد عمرها على مائة وألف عام ، باسم توسعة " الحرم " (!) .
وكان (ابن سعود الكبير) قد سبق الملك فهد في النيل من أغلب هذه الآثار ، بمساندة أتباعه من "الأخوان الوهابيين " ، إلا أن الدولة العثمانية أعادت تعمير وتشييد ما جرى هدمه في (مكة) و(المدينة) ، ومنها " الأضرحة " والمساجد ، بعد تدمير دولة (ابن سعود) في العام 1818م ، على يد الحاكم العثماني لـ (مصر) ، آنذاك (محمد على) .
وكما أدت توسعات الأب (عبد العزيز) لـ " الحرم " في عشرينات القرن الفائت إلى اختلاط النشاط التجاري بالنشاط الروحي حتى ضاق الحجاج ذرعاً به ، أدت توسعات شبله الملك فهد ، في تسعينات نفس القرن ، إلى تجريد " الحرم " من تاريخه الحضاري المسلم ، والتضييق على الحجيج ، في ضوء الحوادث الدامية ، المتتالية ، طوال السنوات التي تلت هذا التوسع ، وحتى اليوم (!) ، بحيث صارت تلك التوسعات – بقديمها وجديدها – عملاً عشوائياً ومنهكاً لقاصدي فريضة الحج ، ناهيك عن طمس الخصوصية التاريخية والثقافية لـ (مكة) و" بيتها المحرم" ، على نحو ما فصلته باحثة سعودية معاصرة (22) ، خلال الاحتفال باختيار (مكة) ، عاصمة ثقافية في العام 2005 .
وكما أدى عدوان الأب (عبد العزيز) ومناصروه ، من " الأخوان الوهابيين ، على الآثار الإسلامية المكرمة ، في ذلك الوقت ، إلى استنكار جمهرة المسلمين ، في مختلف الأقطار، وإقدام الحكومات على إعلان الاحتجاج الرسمي ، مثل (مصر) – التي امتنعت عن إرسال الحجاج – بينما أقامت (إيران) مراسم الحداد ، ووجه مسلمو (الهند) برقيات الاحتجاج (23) أدى عدوان الملك فهد ، المدعوم من نفس فئة مناصري أبيه ، إلى استياء إسلامي واسع النطاق، وإن وقع في ظل أغلبية من الحكومات الإسلامية الصامتة (!) ، هذه المرة.
وكانت النتيجة ، في عهد (عبد العزيز) ، أن فرض كل من مؤتمري (مكة) ، عام 1926 ، و(الرياض) ، عام 1927 ، المذهب الوهابي – إن جاز وصفه بذلك – على أتباع المذاهب الأخرى ، وعبر حملات إعلامية وتثقيفية و" ضغوط إرهابية قمعية وإغراءات وتطميعات مادية، مما خلق حالة من العداء المذهبي والتعصب الطائفي المقيت ، لا شبيه له في أي بلد إسلامي آخر " (24) ، بينما جرى استغلال موسم الحج للترويج لذلك المذهب ، عبر طبع الكتب التي تبشر به ، وتندد بالمخالفين له ، إلى أن تمكن " الخطاب الوهابي " من احتكار مواسم الحج ، وبعد أن حالت السلطة السعودية بين شيوخ المسلمين ، من أتباع المذاهب الأخرى ، وبين بسط رؤاهم ، خلال هذه المواسم ، بينما لم يكف المرشدون الوهابيون عن تحريم الاقتراب من ضريح النبي – ص – بناء على فتوى (ابن تيمية) ، المثيرة للجدل .
نظر ثالث : في شيوع الخطاب الوهابي
وكان من نتيجة ذلك ، في عهود خلفاء (عبد العزيز) – وخاصة منذ الطفرة الهائلة في أسعار النفط ، في السبعينات ، من القرن الماضي - أن شاع " الخطاب الوهابي " وتمدد ، في طول وعرض العالم الإسلامي ، ووجد موالوه ومناصروه المنظمون ، بين عامة الناس وخاصتهم، من حركات باسم " إسلام سياسي " ، و" دعاة تقليديون " ، في رداءات مستجدة ، و" دعاة مستحدثون " ، في رداءات مُقلدة ، ولسان الجميع ينطق بقطعية التحريم الإسلامي للفنون ، بقديمها وحديثها ، كأحد الثمار المرة لـ " خطاب الإخوان الوهابيين " ، ومسلكهم المناوئ للآثار الإسلامية ، التي تقع في قلب الأصيل الإبداعي في فنون العمارة ، حتى بات كل ما ينتمي إلى هذا الفن ، من نحت وصور مجسمة ، أمراً مستنكراً ، استناداً إلى مفهومها المبكر، في الدعوة الإسلامية إلى التوحيد ، بين وثنيي شبه جزيرة العرب ، وهو أمر يطمس أربعة عشر قرناً من الزمان الإسلامي ، حضارة وعلماً وإيماناً ، ويرتد بها إلى سابق عهده الأول ، حيث "الفئة المؤمنة" بين الوسط الوثني ، ولكن ، هذه المرة بين " الفئة الوهابية " ، ومن والاها ، والفضاء الإسلامي ، المتعدد المذاهب والمشارب والأنظار ، ليصير الأمر إلى أحادية مذهبية وهابية متجبرة ، تعادى كل من لا يواليها ، بعد أن جردته من الانتساب إلى أصل الدين ، الذي جردته – بدوره – من آثاره ، بوصفها – ويا للمفارقة – معادية لهذا الدين (!) ، إلى حد إقرار مفتي مصر الراهن (علي جمعة) بهذه المشروعية المصطنعة (25) ، بعد أن كانت حركة (طالبان) في (أفغانستان) قد أقدمت – قبل سنوات – على تدمير تماثيل (بوذا) ، في أراضيها ، رغم كل الوساطات الإسلامية والدولية لثنيها عن ذلك الفعل .
وبذلك تجاوز " الخطاب الوهابي " فضاءه المكاني إلى فضاء مترامي الأطراف ، ليرتد بمواليه الكُثر إلى روح " الاعتصام بالقديم التي تتشبث بآلية جامدة للذاكرة ، وتقلص الحياة إلى أشكالها البدائية " (26) .
ويبدو أن اشتعال الخصومة بين الإبداع والتعلق بالقديم الموهوم – بفعل هذا الخطاب – داخل العالم الإسلامي قد تزامن مع ما آل إليه حالة من إحباط وعجز عن إعادة البناء ، منذ عقود ، ومع زحف أنماط الحياة الريعية والاستهلاكية ، بسطوتها على الأفراد والجماعات ، حتى استلب ما لديهم ، من بداهات الأشياء ومنطق الأمور ، فصاروا كيانات صماء ، عاجزة ، لا تدرى من أمرها ، ومن أمر ذاكرتها الإسلامية المتواترة ، شيئاً ، وفى مقدمتها (القرآن الكريم) ، نفسه، الذي يستخدم أساليب التصوير الفني ، كما يذهب الكاتب الإسلامي (سيد قطب) – قبل تحوله إلى روح "الوهابية " – وهو تصوير يجري عبر طرق ، تشمل التشخيص بواسطة التخييل والتجسيم ، لذا يخلع (القرآن) – أحياناً – الحياة على الأشياء الجامدة ، ويلجأ – أحياناً أخرى – إلى الصور الحسية والحركية ، للتعبير عن حالة من الحالات ، أو معنى من المعاني ، إلى جانب دور الإيقاع الموسيقى في (القرآن) ، وهو متعدد المعاني ، ويتساوق مع الجو النفسي ، ليؤدى وظيفة أساسية في البيان ، حيث لا يرد المعنى الفعلي العام ، في القرآن ، بطريقة تقريرية ، بل يتوهج بصورة متعددة ، لتشع في نفس القارئ إحساساً وتأثيراً ، يتغلغل إلى كل جنبات الكيان والوجدان ، فيرهف ويرق (27) : " وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع " (83 – المائدة) .
نظر رابع : في أصول التطور العقائدي
نحن – إذن – بصدد إيمانان متعارضان يعكسهما قول (سيد قطب) الآنف الذكر وأقوال "الأخوان الوهابيين " ، كما بسطنا جانباً منها أعلاه ، وذلك فيما يتصل بالنظر الإسلامي إلى دور الإبداع الفني في تثبيت الإيمان ، من عدمه .
وتبدو أقوال (قطب) ، السابقة ، قريبة – إلى حد كبير – من العلوم التي اختصت بدرس التطور العقائدي للإيمان ، حيث ينقل أحد الاختصاصيين الفرنسيين في هذا المجال ، وهو(شار جنييبيرت) ، عن (أوجست ساباتييه) قوله : " إن استيقاظ المشاعر يسبق في حياتنا دائماً استيقاظ الفكر " ، ذلك أن الدين – كما يقول جنييبيرت – يُحس ويعاش ، قبل أن يكون فكراً ، ولهذا ليست العقائدية هي التي تنظم الإيمان وتحكمه ، بل إن الإيمان هو الذي تتولد عنه العقائد (28) .
ويضيف (جنييبيرت) : " نعلم أن كثيراً من العقائد تتولد أثناء صراعات الإيمان ، وأنها ، من بعض الوجوه تحمل طابع الإمكان ، وأنها تحبس نفسها ، إن صح التعبير ، في الصيغ التي تمليها الظروف " (29) .
صيغة " العقيدة الوهابية " هي – إذاً – بنت ظروفها التي تواءمت مع الجو العقلي والأخلاقي الذي تحتم عليها أن تحيى فيه ، وهى أجواء البادية (النجدية) ، بوحشتها وقسوتها وجفاءها ، مقارنة بأجواء (الحجاز) المدنية الباذخة ، وفسيفساءها الإبداعي والثقافي والحضاري ، وهو وسط لا تجد فيه هذه العقيدة أي ارتباط لها به ، حيث يرفضها الحس المشترك، وحينئذ فإنها تتجمد ، غير أنه يمكنها ، ولفترة محدودة ، أن تتعزى بتصور أنها قادرة ، وحدها ، على الصمود ، ومجابهة كل شيىء ، وهو تماسك يصفه (جنييبيرت) بأنه تماسك مهيب ، لكنه غير مُجدٍ ، إذ تكون عوامل الموت قد تسربت إليها ، وليس مهماً ، بعد ذلك ، تقدير الوقت اللازم لاختفاء آخر مظاهر الحياة في جسدها الخامد ، ولا معرفة الساعة التي يختفي فيها آخر رجل يستمد منها شجاعته وعزاءه وآماله (30) . وهو أمر يلحظه المراقب لمأزق " الخطاب الوهابي " ، كما يتبدى داخل المملكة ، عبر حملات السلطات السعودية ، أمنياً وإعلامياً ، ضد العناصر والأفكار الوهابية ، أو خارجها ، عبر ما يسمى الحملة العالمية ضد الإرهاب (..) ، وبخلاف تلك العالمية ، لا تمثل الحملات السعودية جديداً في هذا الشأن ، حيث استهدفت كسابقتها الاحتواء لا الانقلاب على " الوهابية " .
بيد أن العقائد المتهالكة والمحطمة – كـ (الوهابية) ، بعد انهيار الدولة السعودية الأولى ، أو بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001 – لا يكون مصيرها العدم ، لأن الفكر الإنساني الذي أوجدها لا يتحلل من تبعاتها ، تحللاً تاماً ، إنه سرعان ما يتناولها مرة أخرى ، ويدخل عليها بعض التعديلات ، ثم يسلكها في نظام جديد ، ويدخلها – بذلك – ضمن بناء ديني آخر (31) ، وهو ما تسرب إلى بعض أوجه الخطاب الأزهري التقليدي ، فرغم انتمائه إلى المذهب الشافعي ، إلا أنه أخذ ينطق بلسان المذهب الحنبلي المتشدد – الذي ترى (الوهابية) فيه أحد مرجعياتها – على نحو ما يتبدى في أطروحات بعض من ممثلي " الخطاب الأزهري " – والذي تبوأ بعض منهم مشيخة الأزهر ، أو مسئولية دار الإفتاء أو الدعوة العامة ، منذ (عبد الحليم محمود) و(عبد الرحمن بيصار) إلى (الشعراوي) ، في سبعينات القرن الماضي وثمانينياته ، حتى (فريد واصل) و(علي جمعة) ، في مطالع القرن الجاري (!) ، وذلك فيما يتصل بمشروعية الفنون ، أو حدود الحرية التي تقف عندها ، وهو الغطاء الذي كان يخفى إما خطيئة الصمت ، أو ذنوب التواطؤ على الجُرم السعودي – الوهابي تجاه الآثار الإسلامية في (الحجاز) ، والتي يظل الحفاظ عليها جزءاً عزيزاً – ليس فقط – من الإيمان الإسلامي ، بل من تراث الإبداعية الإنسانية ، شاء الكارهون لها أو نددوا (!) .
وإذا نظرنا إلى الذين يستريبون من الفن بذرائع دينية ، لألفينا الكثير منهم ممن يرتعدون – فرقاً- من حرية التفسير والاجتهاد ، ويتجمدون عند الحرف ، خشية ما تؤدى إليه الحرية من تحطيم عالمهم المستقر ، الذي يجدون فيه الأمن والنفوذ ، فكأنهم يمثلون فرقة من "الكهنوتية الشمولية" – إن أبيح ذلك التعبير – تشغب على كل من يحاول الإفلات من سطوة تفسيراتهم الجامدة ، أو ممن يجعلون من الدين أداة بطش وترويع ليستمدوا منه سلطانه ، أو ممن يخشون على أنفسهم من الفتنة والتفكير ، فيسمرون أقدامهم حيث تقف عقولهم ، ويتدثرون بما يحجبها عن التأثر بأية مشاعر أو أفكار ، أو ممن اتخموا في شبابهم بالآثام والخطايا ، ثم يحاولون التكفير عما اقترفوه باتخاذ مواقف متطرفة من مهنهم السابقة ، أو ماضيهم القديم ، أو ممن تسطحت عقولهم ، بفعل الجهل ، بكل شيء ، وضمرت تجاربهم ، فلا يسيغون إلا ما يتملق جهلهم وضيق أفقهم (32) .
ولا ريب في أن حال هؤلاء أو أولئك يتعارض مع دور العمل الفني الذي يتميز بشحذ قدرات الإنسان على إنتاج أشكال جديدة ، دون أن يكون منافساً لغيره من المجالات ، فيهدى أصحاب المجالات الأخرى ، من خلال تلك الأشكال الجديدة إلى اكتشاف الينابيع النضاحة للحياة ، والإمكانات الثرة للوجود ، ويلفتهم إلى قدراتهم الواعدة لإعادة النظر وتعديل المسار ، تمهيداً للتقدم في مجالاتهم خطوات أبعد وأفضل (33) .
أما ما يخالف ذلك من فنون هابطة أو رديئة فإنها لا تدرج ضمن معايير الفن ، التي تبرز "فاعلية الإنسان في كل مجالاتها ، على الأرض المحايدة للسديم المتجانس (34) ، ومن ذلك عمارة الفن الإسلامي ، في قديمها وحديثها ، التي نالت – ولا تزال – من التعريض ، الكثير على يد (آل سعود) و(الأخوان الوهابيون) ، ومن والهم ، في العالم الإسلامي .
هوامش ومصادر
1 – القرآن الكريم ، سورة (إبراهيم) ، الآية (17) .
2 – انظر في ذلك المصادر التاريخية القديمة والحديثة حول واقعة محاصرة (الكعبة) وضربها بالمنجنيق ، حتى تصدعت جدرانها ، من جانب الجيش ، الذي قاده (الحجاج بن الثقفى) ، بأمر من الخليفة الأموي (عبد الملك بن مروان) ، وما ترتب على ذلك من انتهاك حرمتها ، وقتل (ابن الزبير) – الذي كان قد لاذ بحرمها – إلى حد التمثيل بجثته ، في باحتها (!) ثم نزع (الحجر الأسود) ، من مكانه المهيب ، بأركان (الكعبة) ، على يد أخر القادة العسكريين لدولة (القرامطة) ، وهو (أبو طاهر القرمطى) ، في عهد العباسيين ، وذلك قبل أن تشهد (الكعبة) ، بعد نحو ألف سنة واقعة انتهاك حرمتها ، وتحويل باحتها إلى ساحة حرب ، بين قوات الأمن والجيش السعودي والمعتصمين بـ " البيت المحرم " ، بقيادة (جهيمان العتيبى) ، عام 1979 ، ولمزيد من التفصيل انظر كتاب : رفعت سيد أحمد – رسائل جهيمان العتيبى : قائد المقتحمين للبيت الحرام ، مكتبة مدبولى ، القاهرة 2004 ، وكذلك بحث : على أبو الخير – تدويل الأراضي المقدسة في الحجاز : بين التأويل السياسي والتنزيل الديني ، مركز يافا للدراسات والنشر ، القاهرة 2006 .
3 – الغادرى ، نهاد – مجلة (سوراقيا) ، لندن ، 6 يوليو 1992 ، ع 464 ، نقلاً عن مجلة الجزيرة العربية ، لندن ، يوليو 1992 ، ع 18 .
4 – الشيبى ، محمد بن على ، الشرق الأعلى في ذكرى قبور مقبرة باب المعلا ، مخطوطة (مكتبة الشيخ عارف حكمت بالمدينة المنورة ، رقم 129 تاريخ ، ص 32 .
5 – الغادرى ، نهاد ، مصدر سابق .
6 – انظر : على أبو الخير ، بحث سبق الإشارة إليه .
7 – الزيلعى ، أحمد بن عمر ، فصلية جذور ، جدة ، ع 20 ، ج20 ، مج 9 ، ص23 .
8 – الشيبى ، محمد بن على ، مصدر سابق ، ص1 .
9 - الزيلعى ، أحمد بن عمر ، مصدر سابق ، ص 32 ، ص 33 .
10 – نفسه ، ص 34 ، ص 35 ، ص 36 .
11 – نفسه ، ص 36 ، ص 37 .
12 – نفسه ، ص 39 ، ص 40 ، ص 41 .
13 – الغادرى ، نهاد – مصدر سبق ذكره .
14 – نفسه .
15 - نفسه .
16 - نفسه .
17 - نفسه ، ص 18 .
18 - نفسه .
19 - نفسه ، ص 17 .
20 – انظر : مجلة الجزيرة العربية ، مصدر سبق ذكره ، ص 16 .
21 – انظر : الديلى تلغراف البريطانية ، لندن ، ع 6 يوليو 1992 .
22 – انظر : نواب ، عواطف بنت محمد يوسف ، فى بحثها المعنون : " مكة المكرمة بين التاريخ والواقع " – جذور ، مصدر سابق ، ص 23 ، ص 54 ، ص 55 ، ص 56 ، حيث تشير إلى أن الشعاب المتفرعة من وادي (إبراهيم) ، الذي يحيط بـ (مكة) مثل شعاب (عامر) و(بني هاشم) ، أو "سوق الليل " قد اندثرت ، بفعل توسعة ساحات " الحرم " ، بينما جرى شق شعب (أجياد الكبير والصغير) بالأنفاق ، وما اقترن بذلك من توسع في بناء الفنادق والأبراج الضخمة (!) .
23 – انظر : على أبو الخير ، مصدر سابق .
24 – انظر : الصفار ، حسن موسى – افتتاحية مجلة الجزيرة العربية ، لندن ، سبتمبر 1992 ، ع 20 ، ص6 .
25 – راجع في هذا الشأن الفتوى رقم (68) ، التي أصدرها مفتى الديار المصرية (د. علي جمعة) بتحريم اقتناء التماثيل ، والتي تتعارض مع فتاوى واجتهادات إسلامية شهيرة ، كتلك التي أعلنها شيخ الأزهر الإمام (محمد عبده) ، قبل أكثر من مائة سنة ، على شيوع "الخطاب الوهابي " .
26 – قنصوة ، صلاح – الدين والفكر والسياسة ، مكتبة دار الكلمة ، القاهرة 2003 ، غير محدد رقم الطبعة ، ص77 .
27 – نفسه ، ص104 .
28 – انظر : جنييبيرت ، شارل – تطور العقائد – ترجمة وتقديم وتعليق : د. محمد محمد حسانين ، القاهرة 1991 ، طبعة خاصة ، ص227 .
29 - نفسه .
30 - نفسه ، ص 26 ، ص 27 .
31 - نفسه ، ص27 .
32 – قنصوة ، صلاح – مصدر سابق ، ص105 ، بتصرف .
33 - نفسه ، ص104 .
34 - نفسه ، ص 103 .
|
|
|
|
|