عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية مستبصرة
مستبصرة
المستبصرون
رقم العضوية : 46597
الإنتساب : Dec 2009
المشاركات : 319
بمعدل : 0.06 يوميا

مستبصرة غير متصل

 عرض البوم صور مستبصرة

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : مستبصرة المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 21-03-2010 الساعة : 06:22 AM


تابع...

فباسم وحدة الدين لدى الأول ، وباسم وحدة الدولة لدى الثاني ، أطلق (ابن سعود) يد (ابن عبد الوهاب) ، الذي قال " بدوارس القبور والآثار " (13) ، بوصفها بدعة وخروجاً على الإسلام، وهى الدعوة التي انتشرت في مرحلة بدأ فيها وكأن الناس خرجوا من صافى إيمانهم بالله إلى إيمان بالخوارق والنذور ، واستبدال الحقائق بالظواهر ، لكن سرعان ما انغلقت هذه الدعوة على نفسها ، وتحولت من دعوة للإصلاح ، في عيون مريديها ، وفى ظرف تاريخي محدد ، إلى سلاح ديني بيد أسرة (آل سعود) تشهر الدين في وجه معارضيها السياسيين ، واستخداماً لتبرير استمرارها ، وحكمها ، وكأنها جزء لا يتجزأ من الإسلام (14) (!) .
والذين تابعوا مسيرة " الوهابية " ، وبخاصة في مرحلة الدولة الثالثة ، التي بدأت بـ (عبد العزيز) يستطيعون أن يلمسوا دور الدين في تثبيت حكم الأسرة ، أكثر من دور الدين في تثبيت الإيمان (15) .
إذ حققت قوات " الإخوان الوهابيون " لـ " عبد العزيز" السلطة ، ووفرت له أسباب التوسع ، وما أن أيقن أنها صارت قوة مستقلة ، خطرة ، وأثارت له المتاعب مع جواره ، حتى ضربها، وأعانه الانجليز على ذلك أي عون (16) .
ومع ذلك فقد ظلت عقيدة هؤلاء " الأخوان " تقود السلطة ، فعلياً ، بعد أن رأت السلطة السعودية في تلك العقيدة عوناً لها تثبيتاً حكمها ، وإشهاراً لقوتها وعصبية رجالها ، في وجه خصومها ، ولكنها ظلت – كذلك – تمسك بزمام هذه الجماعة ، وتروضها ، كلما خرجت أو استشرت ، كي تُقصر مهمتها على دعم النظام (17) ، لا أكثر .
بيد أن اللافت ، أن عقيدة " الأخوان الوهابيين " شكلت النواة المركزية لتيار "الإسلام السياسي"، منذ قرنين ونصف القرن ، من قلب العالم الإسلامي ، والتي وجدت بشائر صداها في (مصر) بتأسيس جماعة بنفس الاسم " الأخوان " ، في العام 1928 ، والتي نهلت من الأصل الوهابي وروافده الباكستانية مثل (أبو الأعلى المودودي) ، وغيره ، فقوبلت ، وقوبل ما تفرع عنها من حركات أخرى ، بالرعاية السعودية والدولية ، إلى أن بلغ " الخطاب الوهابي " حدود المؤسسة الأزهرية ، وغيرها من مؤسسات العلم الإسلامي ، في غير قطر ، بعد أن شحب خطابها ، ونالته علل الجمود والأحادية الفقهية ، حتى صار " الخطاب الوهابي" معزوفة أساسية في خطابات مختلف الفرق والمؤسسات السنية ، وخصوصاً ضد كل ما يتصل بالفكر العصري ومنجزات الحضارية ، من علوم وفنون ، إلى حد " إزالة آثار الإسلام في أرضه الأولى ، مُنهية بجهلها ، وبقصد من هو خلفها ، حُقباً كثيرة من تطور الإسلام ورموزه الغنية " (18) ، وهو ما حمل معارض سعودي ، في تسعينات القرن المنصرم على وصف ما جرى بأنه " هدم للإسلام " (19) ، وإلى اتساع الحملة الإعلامية والسياسية ، من جانب المعارضين السعوديين ، خارج المملكة ، لأجل حماية ما تبقى من الآثار الإسلامية في (الحجاز) من الهدم (20) ، ودخول صحف غربية ، على خط الحملة ، والتي تحدثت عن تدمير العمارة الإسلامية ليحل محلها " حضارة الكونكريت " (21) ، في عشية إقدام ملك السعودية (فهد بن عبد العزيز) على هدم بيت النبي – ص – ومحو المحيط الداخلي " للحرم المكي " ، بما يتضمنه من نقوش وآثار ، يمتد عمرها على مائة وألف عام ، باسم توسعة " الحرم " (!) .
وكان (ابن سعود الكبير) قد سبق الملك فهد في النيل من أغلب هذه الآثار ، بمساندة أتباعه من "الأخوان الوهابيين " ، إلا أن الدولة العثمانية أعادت تعمير وتشييد ما جرى هدمه في (مكة) و(المدينة) ، ومنها " الأضرحة " والمساجد ، بعد تدمير دولة (ابن سعود) في العام 1818م ، على يد الحاكم العثماني لـ (مصر) ، آنذاك (محمد على) .
وكما أدت توسعات الأب (عبد العزيز) لـ " الحرم " في عشرينات القرن الفائت إلى اختلاط النشاط التجاري بالنشاط الروحي حتى ضاق الحجاج ذرعاً به ، أدت توسعات شبله الملك فهد ، في تسعينات نفس القرن ، إلى تجريد " الحرم " من تاريخه الحضاري المسلم ، والتضييق على الحجيج ، في ضوء الحوادث الدامية ، المتتالية ، طوال السنوات التي تلت هذا التوسع ، وحتى اليوم (!) ، بحيث صارت تلك التوسعات – بقديمها وجديدها – عملاً عشوائياً ومنهكاً لقاصدي فريضة الحج ، ناهيك عن طمس الخصوصية التاريخية والثقافية لـ (مكة) و" بيتها المحرم" ، على نحو ما فصلته باحثة سعودية معاصرة (22) ، خلال الاحتفال باختيار (مكة) ، عاصمة ثقافية في العام 2005 .
وكما أدى عدوان الأب (عبد العزيز) ومناصروه ، من " الأخوان الوهابيين ، على الآثار الإسلامية المكرمة ، في ذلك الوقت ، إلى استنكار جمهرة المسلمين ، في مختلف الأقطار، وإقدام الحكومات على إعلان الاحتجاج الرسمي ، مثل (مصر) – التي امتنعت عن إرسال الحجاج – بينما أقامت (إيران) مراسم الحداد ، ووجه مسلمو (الهند) برقيات الاحتجاج (23) أدى عدوان الملك فهد ، المدعوم من نفس فئة مناصري أبيه ، إلى استياء إسلامي واسع النطاق، وإن وقع في ظل أغلبية من الحكومات الإسلامية الصامتة (!) ، هذه المرة.
وكانت النتيجة ، في عهد (عبد العزيز) ، أن فرض كل من مؤتمري (مكة) ، عام 1926 ، و(الرياض) ، عام 1927 ، المذهب الوهابي – إن جاز وصفه بذلك – على أتباع المذاهب الأخرى ، وعبر حملات إعلامية وتثقيفية و" ضغوط إرهابية قمعية وإغراءات وتطميعات مادية، مما خلق حالة من العداء المذهبي والتعصب الطائفي المقيت ، لا شبيه له في أي بلد إسلامي آخر " (24) ، بينما جرى استغلال موسم الحج للترويج لذلك المذهب ، عبر طبع الكتب التي تبشر به ، وتندد بالمخالفين له ، إلى أن تمكن " الخطاب الوهابي " من احتكار مواسم الحج ، وبعد أن حالت السلطة السعودية بين شيوخ المسلمين ، من أتباع المذاهب الأخرى ، وبين بسط رؤاهم ، خلال هذه المواسم ، بينما لم يكف المرشدون الوهابيون عن تحريم الاقتراب من ضريح النبي – ص – بناء على فتوى (ابن تيمية) ، المثيرة للجدل .
نظر ثالث : في شيوع الخطاب الوهابي
وكان من نتيجة ذلك ، في عهود خلفاء (عبد العزيز) – وخاصة منذ الطفرة الهائلة في أسعار النفط ، في السبعينات ، من القرن الماضي - أن شاع " الخطاب الوهابي " وتمدد ، في طول وعرض العالم الإسلامي ، ووجد موالوه ومناصروه المنظمون ، بين عامة الناس وخاصتهم، من حركات باسم " إسلام سياسي " ، و" دعاة تقليديون " ، في رداءات مستجدة ، و" دعاة مستحدثون " ، في رداءات مُقلدة ، ولسان الجميع ينطق بقطعية التحريم الإسلامي للفنون ، بقديمها وحديثها ، كأحد الثمار المرة لـ " خطاب الإخوان الوهابيين " ، ومسلكهم المناوئ للآثار الإسلامية ، التي تقع في قلب الأصيل الإبداعي في فنون العمارة ، حتى بات كل ما ينتمي إلى هذا الفن ، من نحت وصور مجسمة ، أمراً مستنكراً ، استناداً إلى مفهومها المبكر، في الدعوة الإسلامية إلى التوحيد ، بين وثنيي شبه جزيرة العرب ، وهو أمر يطمس أربعة عشر قرناً من الزمان الإسلامي ، حضارة وعلماً وإيماناً ، ويرتد بها إلى سابق عهده الأول ، حيث "الفئة المؤمنة" بين الوسط الوثني ، ولكن ، هذه المرة بين " الفئة الوهابية " ، ومن والاها ، والفضاء الإسلامي ، المتعدد المذاهب والمشارب والأنظار ، ليصير الأمر إلى أحادية مذهبية وهابية متجبرة ، تعادى كل من لا يواليها ، بعد أن جردته من الانتساب إلى أصل الدين ، الذي جردته – بدوره – من آثاره ، بوصفها – ويا للمفارقة – معادية لهذا الدين (!) ، إلى حد إقرار مفتي مصر الراهن (علي جمعة) بهذه المشروعية المصطنعة (25) ، بعد أن كانت حركة (طالبان) في (أفغانستان) قد أقدمت – قبل سنوات – على تدمير تماثيل (بوذا) ، في أراضيها ، رغم كل الوساطات الإسلامية والدولية لثنيها عن ذلك الفعل .
وبذلك تجاوز " الخطاب الوهابي " فضاءه المكاني إلى فضاء مترامي الأطراف ، ليرتد بمواليه الكُثر إلى روح " الاعتصام بالقديم التي تتشبث بآلية جامدة للذاكرة ، وتقلص الحياة إلى أشكالها البدائية " (26) .
ويبدو أن اشتعال الخصومة بين الإبداع والتعلق بالقديم الموهوم – بفعل هذا الخطاب – داخل العالم الإسلامي قد تزامن مع ما آل إليه حالة من إحباط وعجز عن إعادة البناء ، منذ عقود ، ومع زحف أنماط الحياة الريعية والاستهلاكية ، بسطوتها على الأفراد والجماعات ، حتى استلب ما لديهم ، من بداهات الأشياء ومنطق الأمور ، فصاروا كيانات صماء ، عاجزة ، لا تدرى من أمرها ، ومن أمر ذاكرتها الإسلامية المتواترة ، شيئاً ، وفى مقدمتها (القرآن الكريم) ، نفسه، الذي يستخدم أساليب التصوير الفني ، كما يذهب الكاتب الإسلامي (سيد قطب) – قبل تحوله إلى روح "الوهابية " – وهو تصوير يجري عبر طرق ، تشمل التشخيص بواسطة التخييل والتجسيم ، لذا يخلع (القرآن) – أحياناً – الحياة على الأشياء الجامدة ، ويلجأ – أحياناً أخرى – إلى الصور الحسية والحركية ، للتعبير عن حالة من الحالات ، أو معنى من المعاني ، إلى جانب دور الإيقاع الموسيقى في (القرآن) ، وهو متعدد المعاني ، ويتساوق مع الجو النفسي ، ليؤدى وظيفة أساسية في البيان ، حيث لا يرد المعنى الفعلي العام ، في القرآن ، بطريقة تقريرية ، بل يتوهج بصورة متعددة ، لتشع في نفس القارئ إحساساً وتأثيراً ، يتغلغل إلى كل جنبات الكيان والوجدان ، فيرهف ويرق (27) : " وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع " (83 – المائدة) .
نظر رابع : في أصول التطور العقائدي
نحن – إذن – بصدد إيمانان متعارضان يعكسهما قول (سيد قطب) الآنف الذكر وأقوال "الأخوان الوهابيين " ، كما بسطنا جانباً منها أعلاه ، وذلك فيما يتصل بالنظر الإسلامي إلى دور الإبداع الفني في تثبيت الإيمان ، من عدمه .
وتبدو أقوال (قطب) ، السابقة ، قريبة – إلى حد كبير – من العلوم التي اختصت بدرس التطور العقائدي للإيمان ، حيث ينقل أحد الاختصاصيين الفرنسيين في هذا المجال ، وهو(شار جنييبيرت) ، عن (أوجست ساباتييه) قوله : " إن استيقاظ المشاعر يسبق في حياتنا دائماً استيقاظ الفكر " ، ذلك أن الدين – كما يقول جنييبيرت – يُحس ويعاش ، قبل أن يكون فكراً ، ولهذا ليست العقائدية هي التي تنظم الإيمان وتحكمه ، بل إن الإيمان هو الذي تتولد عنه العقائد (28) .
ويضيف (جنييبيرت) : " نعلم أن كثيراً من العقائد تتولد أثناء صراعات الإيمان ، وأنها ، من بعض الوجوه تحمل طابع الإمكان ، وأنها تحبس نفسها ، إن صح التعبير ، في الصيغ التي تمليها الظروف " (29) .
صيغة " العقيدة الوهابية " هي – إذاً – بنت ظروفها التي تواءمت مع الجو العقلي والأخلاقي الذي تحتم عليها أن تحيى فيه ، وهى أجواء البادية (النجدية) ، بوحشتها وقسوتها وجفاءها ، مقارنة بأجواء (الحجاز) المدنية الباذخة ، وفسيفساءها الإبداعي والثقافي والحضاري ، وهو وسط لا تجد فيه هذه العقيدة أي ارتباط لها به ، حيث يرفضها الحس المشترك، وحينئذ فإنها تتجمد ، غير أنه يمكنها ، ولفترة محدودة ، أن تتعزى بتصور أنها قادرة ، وحدها ، على الصمود ، ومجابهة كل شيىء ، وهو تماسك يصفه (جنييبيرت) بأنه تماسك مهيب ، لكنه غير مُجدٍ ، إذ تكون عوامل الموت قد تسربت إليها ، وليس مهماً ، بعد ذلك ، تقدير الوقت اللازم لاختفاء آخر مظاهر الحياة في جسدها الخامد ، ولا معرفة الساعة التي يختفي فيها آخر رجل يستمد منها شجاعته وعزاءه وآماله (30) . وهو أمر يلحظه المراقب لمأزق " الخطاب الوهابي " ، كما يتبدى داخل المملكة ، عبر حملات السلطات السعودية ، أمنياً وإعلامياً ، ضد العناصر والأفكار الوهابية ، أو خارجها ، عبر ما يسمى الحملة العالمية ضد الإرهاب (..) ، وبخلاف تلك العالمية ، لا تمثل الحملات السعودية جديداً في هذا الشأن ، حيث استهدفت كسابقتها الاحتواء لا الانقلاب على " الوهابية " .
بيد أن العقائد المتهالكة والمحطمة – كـ (الوهابية) ، بعد انهيار الدولة السعودية الأولى ، أو بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001 – لا يكون مصيرها العدم ، لأن الفكر الإنساني الذي أوجدها لا يتحلل من تبعاتها ، تحللاً تاماً ، إنه سرعان ما يتناولها مرة أخرى ، ويدخل عليها بعض التعديلات ، ثم يسلكها في نظام جديد ، ويدخلها – بذلك – ضمن بناء ديني آخر (31) ، وهو ما تسرب إلى بعض أوجه الخطاب الأزهري التقليدي ، فرغم انتمائه إلى المذهب الشافعي ، إلا أنه أخذ ينطق بلسان المذهب الحنبلي المتشدد – الذي ترى (الوهابية) فيه أحد مرجعياتها – على نحو ما يتبدى في أطروحات بعض من ممثلي " الخطاب الأزهري " – والذي تبوأ بعض منهم مشيخة الأزهر ، أو مسئولية دار الإفتاء أو الدعوة العامة ، منذ (عبد الحليم محمود) و(عبد الرحمن بيصار) إلى (الشعراوي) ، في سبعينات القرن الماضي وثمانينياته ، حتى (فريد واصل) و(علي جمعة) ، في مطالع القرن الجاري (!) ، وذلك فيما يتصل بمشروعية الفنون ، أو حدود الحرية التي تقف عندها ، وهو الغطاء الذي كان يخفى إما خطيئة الصمت ، أو ذنوب التواطؤ على الجُرم السعودي – الوهابي تجاه الآثار الإسلامية في (الحجاز) ، والتي يظل الحفاظ عليها جزءاً عزيزاً – ليس فقط – من الإيمان الإسلامي ، بل من تراث الإبداعية الإنسانية ، شاء الكارهون لها أو نددوا (!) .
وإذا نظرنا إلى الذين يستريبون من الفن بذرائع دينية ، لألفينا الكثير منهم ممن يرتعدون – فرقاً- من حرية التفسير والاجتهاد ، ويتجمدون عند الحرف ، خشية ما تؤدى إليه الحرية من تحطيم عالمهم المستقر ، الذي يجدون فيه الأمن والنفوذ ، فكأنهم يمثلون فرقة من "الكهنوتية الشمولية" – إن أبيح ذلك التعبير – تشغب على كل من يحاول الإفلات من سطوة تفسيراتهم الجامدة ، أو ممن يجعلون من الدين أداة بطش وترويع ليستمدوا منه سلطانه ، أو ممن يخشون على أنفسهم من الفتنة والتفكير ، فيسمرون أقدامهم حيث تقف عقولهم ، ويتدثرون بما يحجبها عن التأثر بأية مشاعر أو أفكار ، أو ممن اتخموا في شبابهم بالآثام والخطايا ، ثم يحاولون التكفير عما اقترفوه باتخاذ مواقف متطرفة من مهنهم السابقة ، أو ماضيهم القديم ، أو ممن تسطحت عقولهم ، بفعل الجهل ، بكل شيء ، وضمرت تجاربهم ، فلا يسيغون إلا ما يتملق جهلهم وضيق أفقهم (32) .
ولا ريب في أن حال هؤلاء أو أولئك يتعارض مع دور العمل الفني الذي يتميز بشحذ قدرات الإنسان على إنتاج أشكال جديدة ، دون أن يكون منافساً لغيره من المجالات ، فيهدى أصحاب المجالات الأخرى ، من خلال تلك الأشكال الجديدة إلى اكتشاف الينابيع النضاحة للحياة ، والإمكانات الثرة للوجود ، ويلفتهم إلى قدراتهم الواعدة لإعادة النظر وتعديل المسار ، تمهيداً للتقدم في مجالاتهم خطوات أبعد وأفضل (33) .
أما ما يخالف ذلك من فنون هابطة أو رديئة فإنها لا تدرج ضمن معايير الفن ، التي تبرز "فاعلية الإنسان في كل مجالاتها ، على الأرض المحايدة للسديم المتجانس (34) ، ومن ذلك عمارة الفن الإسلامي ، في قديمها وحديثها ، التي نالت – ولا تزال – من التعريض ، الكثير على يد (آل سعود) و(الأخوان الوهابيون) ، ومن والهم ، في العالم الإسلامي .




هوامش ومصادر

1 – القرآن الكريم ، سورة (إبراهيم) ، الآية (17) .
2 – انظر في ذلك المصادر التاريخية القديمة والحديثة حول واقعة محاصرة (الكعبة) وضربها بالمنجنيق ، حتى تصدعت جدرانها ، من جانب الجيش ، الذي قاده (الحجاج بن الثقفى) ، بأمر من الخليفة الأموي (عبد الملك بن مروان) ، وما ترتب على ذلك من انتهاك حرمتها ، وقتل (ابن الزبير) – الذي كان قد لاذ بحرمها – إلى حد التمثيل بجثته ، في باحتها (!) ثم نزع (الحجر الأسود) ، من مكانه المهيب ، بأركان (الكعبة) ، على يد أخر القادة العسكريين لدولة (القرامطة) ، وهو (أبو طاهر القرمطى) ، في عهد العباسيين ، وذلك قبل أن تشهد (الكعبة) ، بعد نحو ألف سنة واقعة انتهاك حرمتها ، وتحويل باحتها إلى ساحة حرب ، بين قوات الأمن والجيش السعودي والمعتصمين بـ " البيت المحرم " ، بقيادة (جهيمان العتيبى) ، عام 1979 ، ولمزيد من التفصيل انظر كتاب : رفعت سيد أحمد – رسائل جهيمان العتيبى : قائد المقتحمين للبيت الحرام ، مكتبة مدبولى ، القاهرة 2004 ، وكذلك بحث : على أبو الخير – تدويل الأراضي المقدسة في الحجاز : بين التأويل السياسي والتنزيل الديني ، مركز يافا للدراسات والنشر ، القاهرة 2006 .
3 – الغادرى ، نهاد – مجلة (سوراقيا) ، لندن ، 6 يوليو 1992 ، ع 464 ، نقلاً عن مجلة الجزيرة العربية ، لندن ، يوليو 1992 ، ع 18 .
4 – الشيبى ، محمد بن على ، الشرق الأعلى في ذكرى قبور مقبرة باب المعلا ، مخطوطة (مكتبة الشيخ عارف حكمت بالمدينة المنورة ، رقم 129 تاريخ ، ص 32 .
5 – الغادرى ، نهاد ، مصدر سابق .
6 – انظر : على أبو الخير ، بحث سبق الإشارة إليه .
7 – الزيلعى ، أحمد بن عمر ، فصلية جذور ، جدة ، ع 20 ، ج20 ، مج 9 ، ص23 .
8 – الشيبى ، محمد بن على ، مصدر سابق ، ص1 .
9 - الزيلعى ، أحمد بن عمر ، مصدر سابق ، ص 32 ، ص 33 .
10 – نفسه ، ص 34 ، ص 35 ، ص 36 .
11 – نفسه ، ص 36 ، ص 37 .
12 – نفسه ، ص 39 ، ص 40 ، ص 41 .
13 – الغادرى ، نهاد – مصدر سبق ذكره .
14 – نفسه .
15 - نفسه .
16 - نفسه .
17 - نفسه ، ص 18 .
18 - نفسه .
19 - نفسه ، ص 17 .
20 – انظر : مجلة الجزيرة العربية ، مصدر سبق ذكره ، ص 16 .
21 – انظر : الديلى تلغراف البريطانية ، لندن ، ع 6 يوليو 1992 .
22 – انظر : نواب ، عواطف بنت محمد يوسف ، فى بحثها المعنون : " مكة المكرمة بين التاريخ والواقع " – جذور ، مصدر سابق ، ص 23 ، ص 54 ، ص 55 ، ص 56 ، حيث تشير إلى أن الشعاب المتفرعة من وادي (إبراهيم) ، الذي يحيط بـ (مكة) مثل شعاب (عامر) و(بني هاشم) ، أو "سوق الليل " قد اندثرت ، بفعل توسعة ساحات " الحرم " ، بينما جرى شق شعب (أجياد الكبير والصغير) بالأنفاق ، وما اقترن بذلك من توسع في بناء الفنادق والأبراج الضخمة (!) .
23 – انظر : على أبو الخير ، مصدر سابق .
24 – انظر : الصفار ، حسن موسى – افتتاحية مجلة الجزيرة العربية ، لندن ، سبتمبر 1992 ، ع 20 ، ص6 .
25 – راجع في هذا الشأن الفتوى رقم (68) ، التي أصدرها مفتى الديار المصرية (د. علي جمعة) بتحريم اقتناء التماثيل ، والتي تتعارض مع فتاوى واجتهادات إسلامية شهيرة ، كتلك التي أعلنها شيخ الأزهر الإمام (محمد عبده) ، قبل أكثر من مائة سنة ، على شيوع "الخطاب الوهابي " .
26 – قنصوة ، صلاح – الدين والفكر والسياسة ، مكتبة دار الكلمة ، القاهرة 2003 ، غير محدد رقم الطبعة ، ص77 .
27 – نفسه ، ص104 .
28 – انظر : جنييبيرت ، شارل – تطور العقائد – ترجمة وتقديم وتعليق : د. محمد محمد حسانين ، القاهرة 1991 ، طبعة خاصة ، ص227 .
29 - نفسه .
30 - نفسه ، ص 26 ، ص 27 .
31 - نفسه ، ص27 .
32 – قنصوة ، صلاح – مصدر سابق ، ص105 ، بتصرف .
33 - نفسه ، ص104 .
34 - نفسه ، ص 103 .

توقيع : مستبصرة
أبا حسن، إن الذين عهدتهم ... ثقال الخُطا إلاّ لكسب الفضائلِ
أعزيك فيهم يالك الخيرإنهم ... مشوا لورود الموت مشية عاجلِ
ارادت بنو سفيان فيهم مذلة ... وذلك من ابناك صعب التناولِ
متى ذل قومٌ انت فيهم ... إباءٌ به يندق انف المجادلِ
أعادوك يوم الطف حيا وجددوا ... لعلياك ذكرا قبل ذا غير خاملِ
فلم تُفجَعِ الايامُ من قبل يومهم ... بأكرمِ مقتول لألئم قاتلِ
من مواضيع : مستبصرة 0 ام القذافي يهودية!! اذن كيف بأمهات البقية؟!!!
0 وقفة تأمل : إثبات الوهابية لجواز التقية بالقول والعمل بعد كشف الواقع للزومها
0 دعوة لإخوتي الموالين الكرام لنفيد ونستفيد
0 بحث :صلاة التراويح بدعة هدى مقابل نهي النبي صلى الله عليه وآله!!!!!
0 لفظ الشيعة لغة واصطلاحا
رد مع اقتباس