|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 23036
|
الإنتساب : Sep 2008
|
المشاركات : 9,776
|
بمعدل : 1.63 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
عاشق الامام الكاظم
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 02-04-2010 الساعة : 12:48 AM
تطبيق العدل في حياة الأمة.
إنّ العدل مفهوم يرتبط بحياة الناس عامة بل بكل مفاهيم الحياة، وقد أمر الله تعالى الناس به، قال تعالى {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}المائدة: ٨ إلاّ أنه عندما نصل إلى مرحلة التطبيق وافتراق المصالح فلا يبقى العدل مجسداً في عالم الواقع بل يتلاشى بذهاب المصلحة.
سبب عدم تطبيق العدل.
إنّ أكثر الناس يرون أنّ العدل مفهوم مثالي يطبق عندما يتحد مع المصلحة ويترك إذا اختلف معها، ومعنى ذلك أنّ المسألة تعود إلى مبدأ المنفعة الشخصية أو الفئوية فمتى ما عاد تطبيق هذا المفهوم بمصلحة طُبق ومتى ما افترق عنها أُهمل فالأمة أو الدولة إذا اختلفت مصلحتها عن العدل أُلغي بالعدل جانباً وقد كتب ذلك بعض السياسيين في مذكراتهم إلاّ أنّ العدل مبدأ قرآني سماوي، لابد أن يتجذر في أذهان الناس بغض النظر عن تقاطعه مع المصلحة، بل إنّ ثقافة بعض الأدباء جعلت الظلم هو الحالة الطبيعية للناس والعدل إنما ينتج عن ضعف، قال المتنبي:
والظلم من شيم النفوس فإنْ **** تجد ذا عفة فلعلة لا يظلم
مفهوم العدل في القرآن.
إنّ القرآن الكريم يشجب هذه الثقافة ويندد بهذا الفكر، ويرى أنّ العدل مسألة قيمية لها ارتباط بعالم النفس الأمري – أي بعالم الواقع - فإذا لم يطبق العدل أصبحت الحياة غابة يحكمها القوي ويسود فيها الظلم دون رعاية للقانون وما نراه في عصرنا الحاضر مثال حي على ذلك بل يعتبر ذلك رُقي وتقدم في ثقافة الناس.
العدل مفهوم شمولي التطبيق.
إنّ قوله تعالى {اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}المائدة: ٨ تبيان للعدل أنه مفهوم قابل للتجسيد في كل حالات الإنسان ومراحله المختلفة دون اختلاف بين موقع تبوءه للسلطة وغيره فالجميع سواسية في سيادة القانون، وما نراه من تطبيق لمفاهيم القرآن عند أهل البيت عليهم السلام يعود إلى هذا الجذر القوي والمتين.
العدل في حياة أهل البيت.
فعندما نرجع إلى حياة أهل البيت عليهم السلام الذين هم القدوة ويرتبطون بالقرآن نجد أنّ العدل في كل مناحي حياتهم قيمة مقدسة وحياة علي عليه السلام تجلي ذلك وقد كتب جورج جرداق عن الإمام علي عليه السلام وبين أنه صوت العدالة الإنسانية، وقارن بين علي وسقراط في تقديسهما للقانون وبين علي والمفكرين والفلاسفة من الإغريق والحضارات الأخرى وقال إنّ علياً هو الأنموذج الأتم والأكمل في تجسيده الحي لعدالة السماء، ويكفينا ما صدر عنه عليه السلام بقسمه ‹‹والله لو أعطيت الأقاليم السبعة - حاكم على القارات السبع - بما تحت أفلاكها على أن أظلم نملة جلب شعيرة، ما فعلت›› والإمام عليه السلام لا يتحدث عن ظلم الإنسان فحسب، بل يوضح أنه لا يمكن أن يظلم الحيوان حتى إذا كان هو الإمبراطور الأول على هذه الدنيا بما فيها وذلك لأن العدل مبدأ قيمي، وعلي عليه السلام هو الحافظ لقانون الله تعالى فلا يمكن أن ينتهكه.
الإمام علي عليه السلام الأنموذج الأتم للعدالة.
هناك نماذج متعددة صدرت عن علي عليه السلام تبين أنه القيم والحافظ للعدل الإلهي في تعامل الإنسان مع أخيه الإنسان ومع مفردات الكون
الأول : الالتزام بالقانون الإلهي.
لقد أراد بعض الصحابة أن يبايع علياً ع على كتاب وسنة رسوله وسيرة الشيخين، وكان بإمكان الإمام علي عليه السلام أن يقبل ذلك وبعد أن يتولى السلطة ينكث عهده إلاّ أنّ الإمام وهو الراعي والعالم بقوله تعالى {أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ}المائدة: ١ {وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً}الإسراء: ٣٤ لا يمكنه أن يعطي عهداً ثم ينقض العهد، أما غيره كمعاوية فلا يضيره ذلك ولذا قال إني أعطيت عهوداً ومواثيق للإمام الحسن عليه السلام كلها تحت قدمي، وهذا هو الفارق الأساس والجوهري بين معاوية وعلي عليه السلام ، وبين الحسن ومعاوية، وبين الأئمة من أهل البيت عليهم السلام وغيرهم، إنّ هؤلاء يجسدون مبادئ السماء وليس لديهم استعداد أن يتخلوا عن المبدأ السماوي قيد أنملة فهم القيمون على تجسيده.
الثاني : العدل في الحرب.
عندما منع معاوية الماء في صفين عن علي وجنده ثم سيطر الإمام أمير المؤمنين عليه السلام فقال بعض أصحابه عليه السلام نمنعهم الماء رفض الإمام عليه السلام ذلك، وقال إنّ الماء مباح لكل حيوان على وجه الأرض، فضلاً عن الإنسان، وتعدي معاوية لا يسوغ انتهاك القانون الإلهي، فقداسة القانون في فكر علي ع مبدأ إلهي والإمام عليه السلام هو الذي يقدس القانون وهو الراعي له، أما غيره فيريد مصالحه الشخصية بغض النظر عن القانون.
الثالث : العدالة مع الخارجين عن النظام.
إنّ الخوارج انتهكوا كل الحرمات وتعدوا كل القوانين، وكان خراجهم – أي الرواتب - يستلمونه من بيت مال الكوفة وقد طلب بعض أصحاب علي عليه السلام منعهم من الخراج إلاّ أنّ الإمام عليه السلام رفض ذلك وقال ‹‹أتأمروني أن أطلب النصر بالجور›› فلا يريد الإمام عليه السلام أن ينتصر على الخوارج بالظلم.
الفوضى العالمية في عدم تطبيق العدالة.
إنّ ما نراه من فوضى وظلم في العالم ناتجان من عدم الرعاية للعدل والتطبيق الدقيق للقانون فالتمييز العنصري والطائفي والقبلي كل ذلك من الظلم وعدم رعاية القانون قال تعالى {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}المائدة: ٨.
الإمام علي عليه السلام على ضفاف الغدير.
إنّ الغدير ذكرى للعدل وقداسة القانون وتجسيد حي لكل رؤى الإسلام ومفاهيمه { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا }المائدة:٣ فالله تعالى راضٍ بهذا المنهج أما غيره من المناهج، فيؤدي إلى الخطأ وإنْ أصاب في بعض الأحيان.
|
|
|
|
|