|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 38559
|
الإنتساب : Jul 2009
|
المشاركات : 1,351
|
بمعدل : 0.23 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
اللجنة العامة
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 25-06-2010 الساعة : 06:34 AM
(7)يوم الطائف
دور الامام علي عليه السلام
امر النبي (ص) علي عليه السلام ان يطأ ما وجد ويكسر كل صنم وجده فخرج فلقيه خيل من خثعم في جمع كثير فبرز له رجل من القوم يقال له شهاب في غبش من الصبح فقال هل من مبارز فقتله امير المؤمنين عليه السلام وومضى في تلك الخيل حتى كسر الاصنام وعاد الى رسول الله وهو محاصر اهل الطائف فلما رآه رسول الله كبر للفتح واخذ بيده فخلا به وناجاه طويلا .
ثم خرج من حصن الطائف نافع بن غيلان في خيل من ثقيف فقتله امير المؤمنين وانهزم المشركون ولحق القوم الرعب فنزل منهزم جماعة الى النبي فأسلموا .
(8)غزوة وادي الرمل (غزوة السلسلة) سميت بهذا الأسم: نسبة إلى (ماء) يسمى سلاسل وقيل تم وتوثيق الأسرى بالحبال كأنه السلاسل، وقيل ان المشركين ربطوا بعضهم ببعض السلاسل كي لا يفروا .
دور الامام علي عليه السلام
بعث رسول الله (ص) اليهم عمرو بن العاص على رأس جيش المسلمين الذي لم يلبث حتى طلب المدد من رسول الله (ص) فأمده بأبي عبيدة بن الجراح في مائتين من المهاجرين والأنصار وكان وادي رمل قريب من الحدود، وفشل ابن العاص وغيره من القادة الذين أرسلهم النبي (ص) والجميع عاد فاشلاً متعذراً، عندها ارسل النبي (ص) علي بن ابي طالب (ع) على رأس الجيش، فكان يسير بالقوم ليلاً ويكمن نهاراً وأخذ طريقاً غير الطريق الذي أتخذوه القادة من قبله وكأنه يريد العراق ثم انحرف بمن معه مستقبلاً الوادي الذي فيه القوم، فنزل قرب الوادي ليلاً ثم انتظر الفجر مرابطاً في مكانه ومع تباشير الصباح هاجم القوم وهم في غفلة فأنزل بهم القتل وقد أضطربوا، فأمكنه الله تعالى من السيطرة عليهم وقتل سبعة من أشد أبطالهم وتم الفتح على يده، فلما عاد وهو محمل بالغنائم، وكان قد نزلت بتلك الوقعة سورة العاديات، استقبله الرسول (ص) والمسلمون وعليّ (ع) راكب والنبي ص والصحابة يمشون على الأرجل. وفي رواية اخرى انه عليه السلام وافى القوم بسحر وصلى باصحابه وصفهم واتكا على سيفه مقبلا على العدو وقال ياهؤلاء إنا رسول رسول الله ان تقولوا لا اله الا الله محمدا رسول الله والا ضربتكم بالسيف فقالوا له ارجع كما رجع صاحبك قال إنا ارجع . لا والله حتى تسلموا او لأضربنكم بسيفي هذا , إنا علي بن ابي طالب بن عبد المطلب فاضطرب القوم وواقعهم فانهزموا وظفر المسلمون وحازوا الغنائم .
فروت ام سلمه قالت كان النبي قائلا في بيتي اذ انتبه فزعا من منامه فقلت الله جارك قال صدقت الله جاري ولكن هذا جبرئيل يخبرني ان عليا قادم ثم خرج الى الناس فامرهم ان يستقبلوا عليا وقاموا المسلمين صفين مع رسول الله فلما بصر به علي (ع) ترجل من فرسه واهوى الى قرب قدميه يقبلهما فقال النبي اركب فان الله ورسوله عنك راضيان فبكى علي عليه السلام فرحا وانصرف الى منزله .
(9) فتح مكة
دور الامام علي عليه السلام
قبل الفتح كان رسول الله(ص) قد دبر امر فتح مكة بالكتمان وسأل الله ان يطوي خبره عن اهل مكة حتى يفاجاهم بدخولها وكان المؤتمن على السر امير المؤمنين (ع) . ثم انماه ( أي افشاه الرسول صلى الله عليه واله )الى جماعة من بعد فكتب حاطب بن ابي بلتعة كتاب الى اهل مكة يطلعهم على سر رسول الله (ص) في المسير اليهم واعطى الكتاب امراة سوداء . فنزل ملك بذلك الوحي فدعا النبي (ص) الى امير المؤمنين وقال ان بعض اصحابي قد كتب الى اهل مكة يخبرهم خبرنا والكتاب مع امراة سوداء وقد اخذت على غير الطريق فخذ سيفك والحقها وانتزع الكتاب منها وبعث معه الزبير بن العوام فادركا المراة فسبق اليها الزبير وسالها عن الكتاب فانكرته وحلفت على ان لا شيء معها وبكت , فقال الزبير يا ابا الحسن ما ارى معها كتابا فقال امير المؤمنين (ع) يخبرني رسول الله ان معها كتاب ويامرني باخذه منها وتقول انت لا كتاب معا ثم اخترط السيف وقال اما والله لئن لم تخرجي الكتاب لأكشفنك ثم لأضرب عنقك فقالت له اذا كان لا بد من ذلك فاعرض يا ابن ابي طالب عني بوجهك فاعرض عنها فكشفت قناعها فاخرجت الكتاب من عقيصتها فاخذه امير المؤمنين (ع) وصار به الى رسول الله (ص).
من حسن بلائه عليه السلام ان رسولالله اعطى الراية سعد بن عبادة يوم الفتح وامره ان يدخل بها مكة فاخذها سعدوجعل يقول :
اليوم يوم الملحمة اليوم تسبى الحرمه
فقال صل الله عليه واله وسلم ادرك يا علي سعدا وخذ الراية فكن انت الذي تدخل بها .فاستدرك النبي ما كان يفوت من صواب التدبير باقدام سعد على اهل مكة وعلم ان الأنصار لا ترضى ان ياخذ احد من الناس الراية من سيدها سعد الا من كان في مثل حال النبي من رفعة الشان وجلال المكانة .
من مواقفه عليه السلام انه لما دخل رسول الله المسجد الحرام وجد فيه 360 صنما بعضها مشدود ببعض فقال لأمير المؤمنين اعطني يا علي كفا من الحصى فقبض امير المؤمنين له كفا من الحصى فرماها به وهو يقول " جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا " فما بقي منها صنم الا خر لوجهه , ثم امر بها فاخرجت من المسجد .
وايضا فيما اتصل بفتح مكة قد خصه الله بتلافي فارط من خالف نبيه في اوامره وذلك انه انفذ خالد بن الوليد الى بني جذيمة داعيا لهم الى الأسلام فخالف امره وقتل القوم وهم على الأسلام لترة (أي تبعة المكروه من قتل واسر) وكانت بينه وبينهم فاصلح النبي ما افسده خالد بن الوليد بامير المؤمنين عليه السلام فانفذه ليعطف القوم ويسل سخائهم وامره ان يدي القتلى ويرضي بذلك الأولياء . فبلغ امير المؤمنين في ذلك مبلغ الرضى وادى ديات وارضاهم عن الله وعن رسوله فتم بذلك مواد الصلاح وانقطعت اسباب الفساد .
(10) حرب الجمل
دور الامام علي عليه السلام
سار علي (ع) يريد طلحة والزبير وعائشة وساروا يريدون عليا فالتقوا في الخريبة فاقاموا ثلاثة أيام لم يكن بينهم قتال وكتب كل منهما الكتائب فارسل إليهم علي ويكلمهم ويردعهم قال فيه : أما بعد . فقد علمتما - وإن كتمتما أني لم أرد الناس حتى أرادوني ، ولم أبايعهم حتى بايعوني . وإنكما ممن أرادني وبايعني ، وإن العامة لم تبايعني لسلطان غالب ، ولا لعرض حاضر وإن كنتما بايعتماني طائعين فارجعا وتوبا إلى الله من قريب ، وإن كنتما بايعتماني كارهين فقد جعلتما لي عليكما السبيل بإظهاركما الطاعة ، وإسراركما المعصية ، ولعمري ما كنتما بأحق المهاجرين بالتقية والكتمان ، وإن دفعكما هذا الامر من قبل أن تدخلا فيه كان أوسع عليكما من خروجكما منه بعد إقراركما به ، وقد زعمتما أني قتلت عثمان ، فبيني وبينكما من تخلف عني وعنكما من أهل المدينة ، ثم يلزم كل امرئ بقدر ما احتمل ، فارجعا أيها الشيخان عن رأيكما ، فإن الآن أعظم أمركما العار من قبل أن يجتمع العار والنار والسلام .
ثم أرسل علي(ع) ابن عباس إلى الزبير خاصة وقال له : لا تلقين طلحة فإنك إن تلقه تجده كالثور عاقصا قرنه يركب الصعب ويقول : هو الذلول ، ولكن الق الزبير فإنه ألين عريكة فقل له : يقول لك علي : نشدتك الله ألست بايعتني طائعا غير مكره ؟ فما الذي أحدثت فاستحللت به قتالي ؟ !
قال ابن عباس : قلت الكلمة للزبير لم يزدني على أن قال : قل له : إنا مع الخوف الشديد لنطمع .
وقال لي ابنه عبد الله : قل له : بيننا وبينك دم خليفة ووصية خليفة ، واجتماع اثنين ، وانفراد واحد ، وأم مبرورة ، ومشاورة العامة ، قال : فعلمت أنه ليس وراء هذا الكلام إلا الحرب ، فرجعت إلى علي ( ع) ثم أرسل عبد الله بن عباس وزيد بن صوحان إلى عائشة وقال لهما ما خلاصته : اذهبا إلى عائشة وقولا لها : إن الله أمرك أن تقري في بيتك وألا تخرجي منه ، وإنك لتعلمين ذلك غير أن جماعة قد أغروك ، فخرجت من بيتك ، فوقع الناس لا تفاقك معهم في البلاء والعناء ، وخير لك أن تعودي إلى بيتك ولا تحومي حول الخصام والقتال ، وإن لم تعودي ولم تطفئي هذه النائرة فإنها سوف تعقب القتال ، ويقتل فيها خلق كثير فاتقي الله يا عائشة ! وتوبي إلى الله ، فإن الله يقبل التوبة من عباده ويعفو . وإياك أن يدفعك حب عبد الله ابن الزبير وقرابة طلحة إلى أمر تعقبه النار .
فجاءا إلى عائشة وبلغا رسالة علي (ع) إليها ، فقالت : إني لا أرد على ابن أبي طالب بالكلام ، لاني لا أبلغه في الحجاج ، فرجعا إليه وأخبراه بما قالت .فاخبرته.
ولما رجعت رسل علي ( ع ) من عند طلحة والزبير وعائشة يؤذنونه بالحرب ، قام فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله ثم قال : أيها الناس ! إني قد راقبت هؤلاء القوم كي يرعووا أو يرجعوا ، ووبختهم بنكثهم ، وعرفتهم بغيهم ، فلم يستحيوا ، وقد بعثوا إلي أن ابرز للطعان ، واصبر للجلاد ، وإنما تمنيك نفسك أماني الباطل ، وتعدك الغرور ، ألا هبلتم الهبول لقد كنت وما أهدد بالحرب ، ولا أرهب بالضرب ! ولقد أنصف القارة من راماها فليرعدوا وليبرقوا ، فقد رأوني قديما وعرفوا نكايتي ، فكيف رأوني ! أنا أبو الحسن الذي فللت حد المشركين ، وفرقت جماعتهم ، وبذلك القلب ألقى عدوي اليوم وإني لعلى ما وعدني ربي من النصر والتأييد وعلى يقين من أمري ، وفي غير شبهة من ديني ، أيها الناس : إن الموت لا يفوته المقيم ولا يعجزه الهارب . ليس عن الموت محيد ولا محيص . من لم يقتل مات . إن أفضل الموت القتل . والذي نفس علي بيده ، لالف ضربة بالسيف أهون من موتة واحدة على الفراش . ثم مد يده بالدعاء وقال : اللهم إن طلحة نكث بيعتي وألب على عثمان حتى قتله ثم عضهني به ورماني . اللهم فلا تمهله . اللهم إن الزبير قطع رحمي ونكث بيعتي ، وظاهر علي عدوي فاكفنيه اليوم بما شئت . ثم نزل .
ثم دنت العساكر بعضها إلى بعض لما تزاحف الناس يوم الجمل والتقوا قال علي(ع) : لا تقاتلوا القوم حتى يبدأوكم ، فإنكم بحمد الله على حجة ، وكفاكم عنهم حتى يبدأوكم حجة أخرى ، وإذا قاتلتموهم فلا تجهزوا على جريح ، وإذا هزمتموهم فلا تتبعوا مدبرا ، ولا تكشفوا عورة ، ولا تمثلوا بقتيل ، وإذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا سترا ، ولا تدخلوا دارا ، ولا تأخذوا من أموالهم شيئا . ولا تقربوا من أموالهم إلا ما تجدونه في عسكرهم من سلاح أو كراع أو عبد أو أمة ، وما سوى ذلك فهو لورثتهم على كتاب الله ، ولا تهيجوا امرأة بأذى وإن شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم وصلحاءكم ، فإنهن ضعاف القوى والأنفس والعقول ، ولقد كنا نؤمر بالكف عنهن وإنهن لمشركات وإن كان الرجل ليتناول المرأة بالهراوة والجريدة فيعير بها عقبه من بعده وذكر الطبري قال : أخذ علي(ع) مصحفا يوم الجمل فطاف به في أصحابه وقال : من يأخذ هذا المصحف يدعوهم إلى ما فيه وهو مقتول ؟ فقام إليه فتى من أهل الكوفة عليه قباء أبيض محشو ، فقال : أنا فأعرض عنه ، ثم قال : من يأخذ هذا المصحف يدعوهم إلى ما فيه وهو مقتول ؟ فقال الفتى : أنا ، فدفعه إليه ، فدعاهم فقطعوا يده اليمنى فأخذه بيده اليسرى ، فدعاهم فقطعوا يده اليسرى ، فأخذه بصدره والدماء تسيل على قبائه فقتل !
وأورد الطبري ملخص ما دار بين علي(ع) والزبير بين الصفين ، حيث قال فيها : خرج الزبير على فرس عليه سلاح ، فقيل لعلي : هذا الزبير قال : أما إنه أحرى الرجلين إن ذكر بالله أن يذكر ، وخرج طلحة فخرج إليهما علي ، فدنا منهما حتى اختلف أعناق دوابهم ، فقال علي (ع): لعمري لقد أعددتما سلاحا وخيلا ورجالا ، إن كنتما أعددتما عند الله عذرا فاتقيا الله سبحانه ولا تكونا كالتي " نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا " ألم أكن أخاكما في دينكما تحرمان دمي وأحرم دماءكما ؟ فهل من حدث أحل لكما دمي ؟ قال طلحة : ألبت الناس على عثمان ، قال علي(ع) : " يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله وهو الحق المبين " ، يا طلحة ! تطلب بدم عثمان! فلعن الله قتلة عثمان ، يا زبير ! أتذكر يوم مررت مع رسول الله صلى الله عليه وآله في بني غنم فنظر إلي فضحك وضحكت إليه ، فقلت : لا يدع ابن أبي طالب زهوه ؟ فقال لك رسول الله صلى الله عليه وآله : " صه إنه ليس به زهو ولتقاتلنه وأنت له ظالم ".
: فقال : اللهم نعم ، ولو ذكرت ما سرت مسيري هذا ، والله لا أقاتلك أبدا ، فانصرف علي (ع) إلى أصحابه ، فقال : أما الزبير فقد أعطى عهد الله ألا يقاتلكم ، ورجع الزبير إلى عائشة ، فقال لها : ما كنت في موطن منذ عقلت إلا وأنا أعرف فيه أمري غير موطني هذا . قالت : فما تريد أن تصنع ، قال : أريد أن أدعهم وأذهب ، فقال له ابنه عبد الله : جمعت بين هذين الغارين حتى إذا حدد بعضهم لبعض أردت أن تتركهم وتذهب ! ؟ أحسست رايات ابن أبي طالب وعلمت أنها تحملها فتية أنجاد . قال : إني قد حلفت ألا أقاتله . وأحفظه ما قال له . فقال له : كفر عن يمنيك وقاتله ، فدعا بغلام له يقال له : " مكحول " فأعتقه .
وفي رواية المسعودي : قال الزبير : لا والله ، ولكني ذكرت ما أنسانيه الدهر ، فاخترت العار على النار . أبالجبن تعيرني ؟ لا أبالك ! ثم أمال سنانه وشد في الميمنة .
فقال علي (ع) : أفرجوا له فقد هاجوه ، ثم رجع فشد في الميسرة ، ثم رجع فشد في القلب ثم عاد إلى ابنه فقال : أيفعل هذا جبان ؟ ثم مضى منصرفا حتى أتى وادي السباع والأحنف بن قيس معتزل في قومه من بني تميم ، فأتاه آت فقال : هذا الزبير مار ، فقال : ما أصنع بالزبير وقد جمع بين فئتين عظيمتين من الناس يقتل بعضهم بعضا وهو مار إلى منزله سالما ، فلحقه نفر من بني تميم فسبقهم إليه عمرو بن جرموز وقد نزل الزبير إلى الصلاة فقال : أتؤمني أو أومك ؟ فأمه الزبير فقتله عمرو بن جرموز في الصلاة.
هكذا انتهت حياة الأمير الأول لجيش أم المؤمنين ، ثم صفت إمارة الجيش لابن عمها ( أي ابن عم عائشة ) طلحة .
قال ابن عساكر : وبعث علي(ع) إلى طلحة أن القني ، فلقيه فقال له : أنشدك الله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : " من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " قال : نعم . قال له : فلم تقاتلني ؟ !
وفي رواية في تفصيل قتل طلحة قال : قال مروان لغلامه : إني لاعجب من طلحة فإنه لم يكن أشد منه على عثمان ، فقد كان يحرض أعداءه ويسعى حثيثا في إراقة دمه واليوم جاء يطلب ثاره ! أريد أن أرميه وأريح المسلمين من شره فلو تقدمت أمامي وحجبتني كي لا أرى فيعلم أني رميته ، فأنت حر ، ففعل ، فأخرج مروان سهما مسموما من كنانته فرماه فشك قدمه إلى ركابه .
ثم خرج علي(ع) وقد تعمم بعمامة سوداء ، فعبأ أصحابه ، وخرجت أم المؤمنين راكبة على الجمل الذي اشتراه لها يعلى بن أمية ، وعبأت أصحابها.
وكان الجمل لواء أهل البصرة لم يكن لواء غيره وأعطى علي(ع) رايته في أول الحرب إلى ابنه محمد بن الحنفية واشتعل القتال .
وفي رواية أخرى: فلما رأى علي (ع) أن الموت عند الجمل ، وأنه ما دام قائما فالحرب لا تطفأ ، وضع سيفه على عاتقه ، وعطف نحوه ، وأمر أصحابه بذلك ، ومشى نحوه والخطام مع بني ضبة ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، واستحر القتل في بني ضبة ، فقتل منهم مقتلة عظيمة ، وخلص علي في جماعة من النخع وهمدان إلى الجمل ، وقال لرجل من النخع اسمه " بجير " : دونك الجمل يا بجير ! فضرب عجز الجمل بسيفه فوقع لجنبه ، وضرب بجرانه الأرض وعج عجيجا لم يسمع بأشد منه ، فما هو إلا أن صرع الجمل حتى فرت الرجال كما يطير الجراد في الريح الشديدة الهبوب ، فنادى علي ، اقطعوا أنساع الهودج ، واحتملت عائشة بهودجها ، وأمر بالجمل أن يحرق ثم يذرى في الريح ، وقال : لعنه الله من دابة ، فما أشبه بعجل بني إسرائيل ، ثم قرأ : " وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا " .
ثم أمر علي(ع) محمد بن أبي بكر ، فضرب عليها قبة ، وقال : انظر هل وصل إليها شئ ، فأدخل رأسه . فقالت : من أنت ؟ فقال : أبغض أهلك إليك . قالت : ابن الخثعمة ؟ قال : نعم . قالت : بأبي أنت وأمي ، الحمد لله الذي عافاك .
وفي رواية اخرى : قال لها : أقرب الناس قرابة ، وأبغضهم اليك ، أنا محمد أخوك ، يقول لك أمير المؤمنين : هل أصابك شئ ؟ قالت : ما أصابني شئ : إلا سهم لم يضرني . فجاء علي(ع) حتى وقف عليها ، فضرب الهودج بقضيب ، وقال : يا حميراء ! أرسول الله أمرك بهذا ؟ ألم يأمرك أن تقري في بيتك ؟ والله ما أنصفك الذين صانوا عقائلهم وأبرزوك .
وفي رواية أخرى للطبري : واحتمل محمد بن أبي بكر عائشة فضرب عليها فسطاطا فوقف علي عليها ، فقال لها : استفززت الناس وقد فزوا ، وألبت بينهم حتى قتل بعضهم بعضا . . . في كلام كثير ، فقالت : ملكت فاسجح.
ثم نادى منادي على ألا يجهز على جريح ، ولا يتبع مول ، ولا يطعن في وجه مدبر ، ومن ألقى السلاح فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن . ثم أمن الاسود والاحمر . ولا يستحلن فرج ولا مال ، وانظروا ما حضر به الحرب من آنية فاقبضوه ، وما كان سوى ذلك فهو لورثته ، ولا يطلبن عبد خارجا من العسكر وما كان من دابة أو سلاح فهو لكم ، وليس لكم أم ولد ، والمواريث على فرائض الله ، وأي امرأة قتل زوجها فلتعتد أربعة أشهر وعشرا .
قالوا : يا أمير المؤمنين ! تحل لنا دماؤهم ولا تحل لنا نساؤهم ؟ فقالك كذلك السيرة في أهل القبلة ، فاخصموه . قال : فهاتوا سهامكم وأقرعوا على عائشة فهي رأس الأمر وقائدهم ، فعرفوا وقالوا : نستغفر الله ، فخصمهم علي (ع). وقال علي(ع) يوم الجمل : نمن عليهم بشهادة أن لا إله إلا الله ونورث الأبناء من الآباء .
دعا علي (ع) ببغلة رسول الله صلى الله عليه وآله فاستوى عليها ، واقبل إلى منزل عائشة ، ثم استأذن ودخل ، فإذا عائشة جالسة حولها نسوة من نساء أهل البصرة وهي تبكي وهن يبكين معها . قال : ونظرت صفية بنت الحارث الثقفية امرأة عبد الله بن خلف الخزاعي فصاحت هي ومن كان معها هناك من النسوة وقلن بأجمعهن : يا قاتل الاحبة ! يا مفرقا بين الجميع ! أيتم الله منك بنيك كما ايتمت ولد عبد الله بن خلف . فنظر إليها علي فعرفها فقال : أما إني لا ألومك ان تبغضيني وقد قتلت جدك يوم بدر وقتلت عمك يوم أحد ، وقتلت زوجك الآن ، ولو كنت قاتل الاحبة كما تقولين ، لقتلت من في هذا البيت ومن في هذه الدار .
قال : فأقبل علي (ع)على عائشة فقال : الا تنحين كلابك هؤلاء عني . أما اني قد هممت ان افتح باب هذا البيت فأقتل من فيه ، ولولا حبي للعافية ، لاخرجتهم الساعة فضربت أعناقهم صبرا . قال : فسكت عائشة وسكتت النسوة فلم تنطق واحدة منهن .
قال علي(ع) لابن عباس : إئت هذه المرأة فلترجع إلى بيتها الذي أمرها الله أن تقر فيه . قال ابن عباس فجئت فاستأذنت عليها ، فلم تأذن لي ، فدخلت بلا إذن ومددت يدي إلى وسادة في البيت فجلست عليها . فقالت : تالله يا ابن عباس ! ما رأيت مثلك ! تدخل بيتنا بلا إذننا ، وتجلس على وسادتنا بغير أمرنا ؟ !
وفي رواية أخرى : " قالت : أخطأت السنة مرتين دخلت بيتي بغير إذني ، وجلست على متاعي بغير أمري ، قال : نحن علمناك السنة " والله ما هو بيتك ، ولا بيتك إلا الذي أمرك الله أن تقري فيه فلم تفعلي ، إن أمير المؤمنين يأمرك أن ترجعي إلى بلدك الذي خرجت منه . قالت : رحم الله أمير المؤمنين ، ذاك عمر بن الخطاب . قلت : نعم وهذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب .
قالت : أبيت أبيت . قلت : ما كان إباؤك إلا فواق ناقة بكيئة ثم صرت ما تحلين ولا تمرين ولا تأمرين ولا تنهين . قال : فبكت حتى علا نشيجها. ثم قالت : نعم ، أرجع ، فإن أبغض البلدان إلي بلد أنتم فيه . قلت : أما والله ما كان ذلك جزاؤنا منك إذ جعلناك للمؤمنين أما ، وجعلنا أباك لهم صديقا . قالت : أتمن علي برسول الله يا ابن عباس ؟ ! قلت : نعم ، نمن عليك بمن لو كان منك بمنزلته منا لمننت به علينا . قال ابن عباس : فأتيت عليا فأخبرته ، فقبل بين عيني ، وقال : بأبي ذرية بعضها من بعض .
وقال ابن عبد ربه : فجهزها بأحسن الجهاز ، وبعث معها أربعين امرأة وقيل سبعين حتى قدمت المدينة .
يتبع,,
|
|
|
|
|