[محمد الشرع]

السلام عليكم احفادي وحفيداتي
كم غلب علي الوجع هذه الايام فصرت لا اعرف كيف افكر واتلعثم ويحار الكلام على لساني

ساتحدث اليوم لكم بوصيتي عن الشعراء
وحينما اقول الشعراء اريد ان اقف ولكن لانني لا اقوى على النهوض فسوف اغمض عيني اجلالا واكبارا
ولست اعني اي شاعر
كلا
فالشاعر الذي يوقف شعره لمدح الظالمين او للمجون او غير ذلك فهم لا يساوون عفطة عنز

انني اتحدث عن الشعراء الذين وقفوا شعرهم للدين والدفاع عن رجالات الدين
او وقفوا شعرهم في الالاهيات و مدح حياة الشرف والعفاف

حسنا ابنائي
سوف احدثكم عن شخص رافقته بمسيرة حياته وتذوقت شعره وقراته ورايت فيه شعرا عظيما رائعا كان اغلب العرفاء يحفظونه عن ظهر قلب ويرددونه في الليالي الحالكة

ساعود بكم احفادي للقرن الثامن الهجري كان يعيش في شيراز شاعر يتغنى بالحب والجمال وكان الوادي حوله يدوي بوقع الاسنة والسيوف وصخب الجيوش والرجال
ولكن اقواله كانت تتجاوب فتملا القلوب بالحب والامال حتى لقد تستمع الى نبراتها الخافتة تناديه في ضراعة وابتهال


كنت هناك في شيراز اقوم بنصب محطة كهرباء حينما كنت اعمل بشركة بني عبس لانشاء محطات الكهرباء حينما كان العرب هم يقودون العالم وكنت انا مهندسا هناك واسكن في هذه المدينة الجميلة


كنت اعرف رجلا اسمه بهاء الدين عنده ثلاثة اولاد وهو تاجر جاء من اصفهان واستقر في شيراز
توفي بهاء الدين هذا مخلفا وراءه ابناءه الثلاثة وامراته الارملة
بعد موته تفرق الابناء زفرقت بينهمالايام فاختل معاشهم واضطربت حالهم
الابن الصغير لبهاء الدين كان اسمه شمس الدين هو الذي بقي مع امه ولان حالهم لم تكن جيدة فلقد عهدت به امه الى احد الاشخاص ليقوم برعايته

كنت ارى ذلك الصبي الجميل اموره تسوء يوما بعد يوم
فهمت بعد ذلك ان الشخص الذي عهدت به امه كان يعماله شمس الدين معاملة سيئة

بعد ذلك هرب شمس الدين واشتغل خبازا
فكان يستيقض كعادة الخبازين في نصف الليل ويقوم بعمله الى الفجر ثم يشتغل بالعبادة بعد فراغه

كان في نهاره يذهب الى مدرسة قريبة فيقضي بها قدرا من وقت فراغه في حفظ القران الكريم وكان يدفع اجر المعلم من المال الذي ياخذه في المخبز

بعد ذلك حفظ القران الكريم
ولانه كان حافظا للقران فقد سمى نفسه حافظ

وكان يتردد على احد الشعراء وكان يسمع منه فحاول حافظ او شمس الدين ان يكتب بعض الابيات كانت تلاقي استهزائا من قبل كل من يسمع شعره

وكان حافظ هذا يعشق فتاة اسمها شاخ نبات كان يعرض لها فتعرض عنه
فدفعه حبه الفاشل كما دفعه فشله في كتابة الشعر الى الاعتكاف بضريح شمال شيراز اسمه ضريح بابا كوهي فلزمه اربعين يوما يتقرب فيها الى الله بالدعاء والضراعة

فما كاد ان يكمل ايام عزلته حتى قيل انه زاره الامام امير المؤمنين ع واطعمه طعاما سماويا

فجرى الشعر على لسانه واسلس له الشعر قياده وكذلك اسلسلت له شاخ نبات من قيادها لكنه اعرض عنها وابتعد عن معشوقته عندما تذكر انه فد افسم في خلوته ان يكون زاهدا معرضا عن متع الحياة


انظروا ابنائي واحفادي
لقد حققت الضراعة الرجاء واستجابت العناية لحرارة النداء

واصبح الخواجة حافظ الشيرازي من اعظم الشعراء والملقب بلسان الغيب وترجمان القران
اصبح حافظ الشيرازي شاعر الشعراء في القرن الثامن الهجري وشاعر الشعراء في ايران الى يومنا هذا


كنت طالبا عند خواجه حافظ في مدرسته مع انني اكبره بالسن فكنا نجتمع حول حافظ وهو يدرسنا كشاف الزمخشري و مصباح المطرزي في النحو وطوالع الافكار في الحكمة والتوحيد و مفتاح العلوم في الادب
حتى اذا اراد ان يرتاح اسمعنا شعره وكنا نستطيبه ونستعذبه


كانت فلسفة حافظ في شعره انه اختار الغزل كطريقة الى مواضيع النفس الظامئة الى الحب الصادية الى قطرة شراب ترتوي به المولهة بحبيب جميل تهدا اليه المتطلعة الى فيض من وجد تحس فيه بمتعة اللقاء
هكذا كان يشير حافظ في شعره الغزلي الى رب الارباب ومسبب الاسباب

كان يتغنى بالخمر والربيع الناظر يتضوع باريح الورد العاطر والبلبل الولهان يترنم على الافنان والنسيم الرطب يحمل رسالة الحبيب

توفي حافظ الشيرازي بعد ان افنى عمره في تلك المدرسة التي كان يدرسنا فيها
لقد خسرنا حافظ
كم هو يوم حزين بالنسبة لي ان يرحل استاذي حافظ الشيرازي عن الدنيا
هكذا دفن حافظ في روضة المصل التي كان يحبها ويتعشقها اثناء حياته



احفادي
صحيح اني اطلت عليكم ولم اتحدث عن حافظ بما يليق
ولكن تاملوا بحياته
كيف عصفت بها كل الرياح
من وفاة والده وتشتت العائلة
الى شخص تكفله ولم يحسن كفالته
الى خباز في مخبز مهين
الى عاشق ولهان صد عنه الحبيب
الى معتكف في ضريح
الى شاعر عارف استاذ مدرس زاهد عابد ورع
لا تنسون يا ابنائي
عندما تنظرون لشيء وترون ان كل الظروف ضده
فتاكدوا انها ربما رحلة للتكامل
وسيصل للكمال في يوم ما



اترككم ابنائي بعد ان اثقلت عليكم