|
مشرف المنتدى العقائدي
|
رقم العضوية : 43999
|
الإنتساب : Oct 2009
|
المشاركات : 4,464
|
بمعدل : 0.79 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الجابري اليماني
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 07-02-2011 الساعة : 12:22 AM
الكتاب : روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني
المؤلف : شهاب الدين محمود ابن عبدالله الحسيني الألوسي
مصدر الكتاب : موقع التفاسير
[ الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع ]
{ وَإِنِ امرأة خافت مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً } [ النساء : 128 ] { فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا } [ البقرة : 182 ] والمجرور في موضع أحد المفعولين وترك المفعول الآخر للعلم به أي ضرراً ونحوه ، وأصل تقاة وقية بواو مضمومة وياء متحركة بعد القاف المفتوحة فأبدلت الواو المضمومة تاءاً كتجاه وأبدلت الياء المتحركة ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها ووزنه فعلة كتخمة ، وتؤدة وهو في المصادر غير مقيس وإنما المقيس اتقاء كاقتداء وقرأ أبو الرجاء وقتادة تقية بالياء المشددة ووزنها فعيلة والتاء بدل من الواو أيضاً
وفي الآية دليل على مشروعية التقية وعرفوها بمحافظة النفس أو العرض أو المال من شر الأعداء ، والعدو قسمان : الأول : من كانت عداوته مبنية على اختلاف الدين كالكافر والمسلم ، والثاني : من كانت عداوته مبنية على أغراض دنيوية كالمال والمتاع والملك والإمارة ، ومن هنا صارت التقية قسمين : أما القسم الأول : فالحكم الشرعي فيه أن كل مؤمن وقع في محل لا يمكن له أن يظهر دينه لتعرض المخالفين وجب عليه الهجرة إلى محل يقدر فيه على إظهار دينه ولا يجوز له أصلاً أن يبقى هناك ويخفي دينه ويتشبث بعذر الاستضعاف فإن أرض الله تعالى واسعة ، نعم إن كان ممن لهم عذر شرعي في ترك الهجرة كالصبيان والنساء والعميان والمحبوسين والذين يخوفهم المخالفون بالقتل أو قتل الأولاد أو الآباء أو الأمهات تخويفاً يظن معه إيقاع ما خوفوا به غالباً سواء كان هذا القتل بضرب العنق أو بحبس القوت أو بنحو ذلك فإنه يجوز له المكث مع المخالف والموافقة بقدر الضرورة ويجب عليه أن يسعى في الحيلة للخروج والفرار بدينه ولو كان التخويف بفوات المنفعة أو بلحوق المشقة التي يمكنه تحملها كالحبس مع القوت والضرب القليل الغير المهلك لا يجوز له موافقتهم ، وفي صورة الجواز أيضاً موافقتهم رخصة وإظهار مذهبه عزيمة فلو تلفت نفسه لذلك فإنه شهيد قطعاً ، ومما يدل على أنها رخصة ما روي عن الحسن أن مسيلمة الكذاب أخذ رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لأحدهما : أتشهد أن محمداً رسول الله؟ قال : نعم فقال : أتشهد أني رسول الله؟ قال : نعم ثم دعا بالآخر فقال له : أتشهد أن محمداً رسول الله؟ قال : نعم فقال : أتشهد أني رسول الله؟ قال : إني أصمّ قالها ثلاثاً ، وفي كل يجيبه بأني أصم فضرب عنقه فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أما هذا المقتول فقد مضى على صدقه ويقينه وأخذ بفضله فهنيئاً له .
.................................................. .......
وعد قوم من باب التقية مداراة الكفار والفسقة والظلمة وإلانة الكلام لهم والتبسم في وجوههم والانبساط معهم وإعطائهم لكفّ إذاهم وقطع لسانهم وصيانة العرض منهم ولا يعد ذلك من باب الموالاة المنهي عنها بل هي سنة وأمر مشروع . فقد روى الديلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إن الله تعالى أمرني بمداراة الناس كما أمرني بإقامة الفرائض } وفي رواية «بعثت بالمداراة» وفي «الجامع» «سيأتيكم ركب مبغضون فإذا جاءوكم فرحبوا بهم» وروى ابن أبي الدنيا «رأس العقل بعد الإيمان بالله تعالى مداراة الناس» وفي رواية البيهقي «رأس العقل المداراة» وأخرج الطبراني «مداراة الناس صدقة» وفي رواية له «ما وقى به المؤمن عرضه فهو صدقة» . وأخرج ابن عدي وابن عساكر «من عاش مدارياً مات شهيداً قوا بأموالكم أعراضكم وليصانع أحدكم بلسانه عن دينه» وعن بردة عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : «استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عنده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بئس ابن الشعيرة أو أخو العشيرة ثم أذن له فألان له القول فلما خرج قلت : يا رسول الله قلت ما قلت ثم ألنت له القول؟ فقال : يا عائشة إن من أشر الناس من يتركه الناس أو يدعه الناس اتقاء فحشه» وفي «البخاري» عن أبي الدرداء «إنا لنكشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم» وفي رواية الكشميهني «وإن قلوبنا لتقليهم» وفي رواية ابن أبي الدنيا وإبراهيم الحرمي بزيادة «ونضحك إليهم» إلى غير ذلك من الأحاديث لكن لا تنبغي المداراة إلى حيث يخدش الدين ويرتكب المنكر وتسيء الظنون .
ثم قال :
ومذهب أهل السنة أن التقية وهي محافظة النفس أو العرض أو المال من نحو الأعداء بإظهار محظور ديني مشروعة في الجملة .
وقسموا العدو إلى قسمين : الأول : من كانت عداوته مبنية على اختلاف الدين كالمسلم والكافر ويلحق به من كانت عداوته لاختلاف المذهب اختلافاً يجر إلى تكفير أصحاب أحد المذهبين أصحاب المذهب الآخر كأهل السنة والشيعة ، والثاني : من كانت عداوته مبنية على أغراض دنيوية كالمال والمرأة» وعلى هذا تكون التقية أيضاً قسمين : أما الأول : فالتقية ممن كانت عداوته مبنية على اختلاف الدين حقيقة أو حكماً وقد ذكروا في ذلك أن من يدعي الإيمان إذا وقع في محل لا يمكن أن يظهر دينه وما هو عليه لتعرض المخالفين وجب عليه أن يهاجر إلى محل يقدر فيه الى الإظهار ولا يجوز له أن يسكن هنالك ويكتم دينه بعذر الاستضعاف فأرض الله تعالى واسعة ، نعم إن كان له عذر غير ذلك كالعمى والحبس وتخويف المخالف له بقتله أو قتل ولده أو أبيه أو أمه على أي وجه كان القتل تخويفاً يظن معه وقوع ما خوف به جاز له السكنى والموافقة بقدر الضرورة ووجب عليه السعي في الحيلة للخروج وإن لم يكن التخويف كذلك كالتخويف بفوات المنفعة أو أو بلحوق المشقة التي يمكنه تحملها كالحبس مع القوت والضرب القليل الغير المهلك لا يجوز له الموافقة وإن ترتب على ذلك موته كان شهيداً ، وأما الثاني : فالتقية ممن كانت عداوته مبنية على أغراض دنيوية .
وقد اختلف العلماء في وجوب الهجرة وعدمه فيه فقال بعضم : تجب الهجرة لوجوب حفظ المال والعرض .
وقال جمع : لا تجب إذ الهجرة عن ذلك المقام مصلحة من المصالح الدنيوية ولا يعود بتركها نقصان في الدين إذ العدو المؤمن كيفما كان لا يتعرض لعدوه الضعيف المؤمن مثله بالسوء من حيث هو مؤمن .
يتبع .......
|
|
|
|
|