[أحزان الشيعة]

سبحان من فرق الثور عن الثورة

انتصار عادل » -

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
والحمدُ الدائمُ والثناء التامُ لصاحب الجلالِ وخالقهِ وذو الإكرام و صانعهْ
واللعنة الدائمةُ على من نازعَ الله صفاته وتجبّر ناسياً جبروته
وبعد ..

إنّ التجوّل في صحيفةٍ محايدةٍ وسطَ أحداثٍ متناقضةٍ وهائلة يخلقُ في العقل برمجاتٍ يصعبُ على العاقل فكّ شفراتها .. إلا بوجود قاموس الكذب الذي يبيحُ من الأقوالِ والأفعال كلّ مباحْ ..

وهذه الحقيقة خلقتْ بين الخصماءٍ لغاتً مختلفةً يصعبُ معها تكوينُ حوارٍ حقيقي
فعندما يقول أحدٌ "فعلت" وهو لم يفعل .. وعندما يقول "قلت" وهو لم يقل .. فهو قدّ كوّن عالماً غير حقيقي وغير موجود .. فيضعُ سامعه فرضيّاتٍ غير حقيقة يبني عليها آرائه أو أفكاره .. تُرديهِ في مهوى الخديعة والفخّ الذي نصبه ذلك الكاذبْ ..
ولكن،، عندما يقول "فعلت" وكلّ عينٍ تشهد أنّه لم يفعل .. وعندما يقول "قلت" وكلّ أذنٍ تشهد انّه لم يقل .. فهو قدّ استوردَ من النظراتِ استحقاراً ثمنه شرفه ،، وأهدى خصمهُ نصراً ثمنه صدقه وهكذا جرت المشيئة ليُعطى كلّ ذي حقٍ حقّه !

لو زُرتَ الـ"بحرين" .. لما استصعبتَ التفريقَ بين قطراتِ العذب الفراتِ والملح الأجاج .. فالشمسُ لا تُشَبّه بغيمةٍ ولو ارتدى الناظر إليهما نظارةً قاتمة .. إلا إذا أغمضَ بإرادته عينيهِ تعنّتاً !

وهكذا هم .. من ابتلانا الله بهم : يطلبون الهداية وهم عنها معرضون .. ويدّعونها وهم عنها أبعد ما يكونون والأدهى من ذلكَ أنهم عن أنفسهم يعلمون ماهم بغافلين !!

قد يقول قائل ﴿ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ .. ولكن أقولْ: إنّ هذا لا يفسّر وقوف كلّ أحزابِ العالم الفاتحة لعينيها لجانب هذا الحزبْ ،، واستنكارهم لإغماضِ الحزب الآخر عينيه ...
ولو استشرنا اللغةَ لقالت: إن كلّ أنثى لا بدّ لها من ذكر لتكتمل مسيرة الكونْ ،، وليست الثورة شاذّةً عن قانون الكونْ .. فهي أنثى وتحتاجُ إلى ذكر فهلْ مذّكرها هو الـ"ثور" ؟؟!

اعتذار اللغة لكل مذكّرٍ اسمه رجلْ ،، فالمقبرةٌ ضرورةٌ في كلّ أرضٍ مهما طابتْ فهذا تماماً كاقتران الأرضِ بالـ"أَرَضَة" ،، فعليه نُعلنْ شُكرنا لكل من اتخّذ دور الثور وأعدم ضميره شنقاً على منصّة الحكمْ .. والشكر لا يَنسى كلّ الجمهور الذي صفّق لهذا البطل .. والذي مافاق ببطولاته إلا الحشراتْ ،،
لأنهم نبذوا إنسانيتهم و أعلوا لواء حيوانيتهم .. فعاثوا في الأرضِ (سماداً) غذّى بالصبرِ ثورتنا وسقاها جرعات ابتلاءٍ زائدة .. فما انكسرت بل نمت واشتدّ عودها ،، عندما تظّن الريح أن بإمكانها اقتلاع الجبل ،، فهي مخطئة بشهادة كلّ قوانين الطبيعة !

وعندما يختار الحاكم كرسياً فانٍ ويدفع من أجله شعباً باقٍ ،، فقد حفر بيديه قبراً يتّسع لكل حاشيته !
وعندما يعبدُ سَحَرةَ الكذبِ فرعونَ وطنهم الذي نصبَ نفسه ربّاً ،، فلا يلومونه إذا قطع أيديهم وأرجلهم من خلافٍ ثم صلّبهم أجمعين على جذوعِ انبطاحاتهم المتتالية ،، عند أول بادرة استيقاظٍ تتغشاهم !

ففي هذا الوطن الذي اتسّع لكل هذه المصائب .. لا يسعُ الناطق إلا أن يقول:
سبحان من فرّق الثور عن الثورة بتاءٍ مربوطة .. لا يعلم مفاتحها ﴿ إِلاَّ هُوَ ﴾.
والحمدُلله الذي يفعل ما يشاءْ .. ولا يفعل ما يشاءُ غيرهْ


منقول