عرض مشاركة واحدة

عبد الجبار سبتي
عضو برونزي
رقم العضوية : 42258
الإنتساب : Sep 2009
المشاركات : 503
بمعدل : 0.09 يوميا

عبد الجبار سبتي غير متصل

 عرض البوم صور عبد الجبار سبتي

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي الامام علي يصف المتقين
قديم بتاريخ : 24-06-2011 الساعة : 10:59 AM


من اشد خطب نهج البلاغة التي شدتني اليها خطبة الامام وهو يصف المتقين:
يقول الله تعالى في كتابه الكريم(إن للمتقين مفازا ، حدائق وأعنابا ، وكواعب أترابا) من هم المتقين؟؟تعالوا وانظروا كيف يصفهم الامام


قال ( عليه السلام ) بعد حمد الله والثناء عليه :

( إنّ المتقين في الدنيا هم أهل الفضائل ، منطقهم الصواب ، وملبسهم الاقتصاد ، ومشيهم التواضع ، خضعوا لله بالطاعة ، غاضين أبصارهم عمّا حرّم الله عزّ وجل ، واقفين أسماعهم على العلم ، نزلت منهم أنفسهم في البلاء ، كالذي نزلت في الرخاء ، رضى بالقضاء ، لولا الآجال التي كتب الله لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين ، شوقاً إلى الثواب ، وخوفاً من العقاب .

عظم الخالق في أنفسهم ، فصغر ما دونه في أعينهم ، فهم والجنّة كمن قد رآها فهم منعّمون ، وهم والنار كمن قد رآها ، وهم فيها معذّبون ، قلوبهم محزونة ، وشرورهم مأمونة ، وأجسادهم نحيفة ، وحاجاتهم خفيفة ، وأنفسهم عفيفة ، ومعونتهم للإسلام عظيمة ، صبروا أيّاماً قصاراً ، فأعقبتهم راحة طويلة مربحة ، يسّرها لهم ربّ كريم ، أرادتهم الدنيا ولم يريدوها ، وطلبتهم فأعجزوها .

أمّا الليل فصافّون أقدامهم ، تالون لأجزاء القرآن ، يرتلونه ترتيلاً ، يحزنون به أنفسهم ، ويستثيرون به دواء دائهم ، وتهيج أحزانهم بكاءً على ذنوبهم ، ووجع كلومهم وجراحهم ، فإذا مرّوا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً ، وتطلعت أنفسهم إليها شوقاً ، وظنّوا أنّها نصب أعينهم ، وإذا مرّوا بآية فيها تخويف ، أصغوا إليها مسامع قلوبهم ، وظنّوا أنّ زفير جهنّم وشهيقها في أصول آذانهم ، فهم حانون على أوساطهم ، ومفترشون جباههم وأكفهم ، وأطراف الأقدام ، يطلبون إلى الله العظيم في فكاك رقابهم .

أمّا النهار فحكماء علماء ، أبرار أتقياء ، قد براهم الخوف أمثال القداح ، ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى ، ويقول : قد خولطوا ، وقد خالط القوم أمر عظيم ، إذا هم ذكروا عظمة الله تعالى ، وشدّة سلطانه ، مع ما يخالطهم من ذكر الموت وأهوال القيامة ، أفزع ذلك قلوبهم ، وطاشت له أحلامهم ، وذهلت له عقولهم ، فإذا أشفقوا من ذلك بادروا إلى الله بالأعمال الزاكية ، لا يرضون باليسير ، ولا يستكثرون له الكثير .

هم لأنفسهم متّهمون ، ومن أعمالهم مشفقون ، إذا زكي أحدهم خاف ممّا يقولون ، فيقول : أنا أعلم بنفسي من غيري ، وربّي أعلم بي منّي ، اللهم لا تؤاخذني بما يقولون ، واجعلني خيراً ممّا يظنّون ، واغفر لي ما لا يعلمون ، إنّك علاّم الغيوب .

فمن علامة أحدهم أنّك ترى له قوّة في دين ، وخوفاً في لين ، وإيماناً في يقين ، حرصاً في علم ، وكيساً في رفق ، وشفقة في نفقة ، وفهما في فقه ، وعلماً في حلم ، وقصداً في غنى ، وخشوعاً في عبادة ، وتجمّلاً في فاقة ، وصبراً في شدّة ، ورحمة للمجهود ، وإعطاء في حق ، ورفقاً في كسب ، وطلباً في حلال ، ونشاطاً في هدى ، وتحرجاً عن طمع ، وبراً في استقامة ، واعتصاماً عند شهوة .

لا يغرّه ثناء من جهله ، ولا يدع إحصاء عمله مستبطئاً لنفسه في العمل ، يعمل الأعمال الصالحة ، وهو على وجل ، يمسي وهمّه الشكر ، يصبح وهمّه الذكر ، يبيت حذراً ، ويصبح فرحاً حذراً لما حذر من الغفلة ، فرحاً بما أصاب من الفضل والرحمة .

إن استصعبت عليه نفسه فيما تكره ، لم يعطها سؤلها فيما هويت ، فرحه فيما يحذر ، وقرّة عينه فيما لا يزول ، وزهادته فيما يفنى ، يمزج الحلم بالعلم ، ويمزج العلم بالعمل ، تراه بعيداً كسله ، دائماً نشاطه ، قريباً أمله ، قليلاً زلَلُه ، خاشعاً قلبه ، قانعة نفسه ، متغيّباً جهله ، سهلاً أمره ، حريزاً دينه ، ميتة شهوته ، مكظوماً غيظه ، صافياً خلقه ، لا يحدث الأصدقاء بالذي يؤتمن عليه ، ولا يكتم شهادة الأعداء ، لا يعمل شيئاً رئاء ، ولا يتركه استحياء .

الخير منه مأمول ، والشر منه مأمون ، إن كان في الغافلين كتب في الذاكرين ، يعفو عمّن ظلمه ، ويعطي من حرمه ، ويصل من قطعه ، لا يعزب حلمه ، ولا يعجز فيما يزينه ، بعيداً فحشه ، ليّناً قوله ، غائباً مكره ، كثيراً معروفه ، حسناً فعله ، مقبلاً خيره ، مدبراً شرّه ، فهو في الزلازل وقور ، وفي المكارة صبور ، وفي الرخاء شكور .

لا يحيف على من يبغض ، ولا يأثم فيمن يحب ، ولا يدّعي ما ليس له ، ولا يجحد حقّاً هو عليه ، يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه ، لا يضيع ما استحفظ ، ولا ينابز بالألقاب ، لا يبغي ولا يهم به ، ولا يضار بالجار ، ولا يشمت بالمصائب ، سريع إلى الصواب ، مؤد للأمانات ، بطئ عن المنكرات ، يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، لا يدخل في الدنيا بجهل ، ولا يخرج من الحق .

إن صمت لم يغمه الصمت ، وإن ضحك لم يعل به الصوت ، قانع بالذي له ، لا يجمح به الغيظ ، ولا يغلبه الهوى ، ولا يقهره الشح ، ولا يطمع فيما ليس له ، يخالط الناس ليعلم ، ويصمت ليسلم ، ويسأل ليفهم ، لا ينصت للخير ليعجز به ، ولا يتكلّم به ليتجبر على من سواه ، إن بغي عليه صبر ، حتّى يكون الله جل ذكره ينتقم له .

نفسه منه في عناء ، والناس منه في رجاء ، أتعب نفسه لآخرته ، وأراح الناس من نفسه ، بعده عمّن تباعد عنه بغض ونزاهة ، ودنوه ممّن دنا منه لين ورحمة ، ليس تباعده تكبّراً ولا عظمة ، ولا دنوّه خديعة ولا خلابة ، بل يقتدي بمن كان قبله من أهل الخير ، وهو إمام لمن خلفه من أهل البر ) .


توقيع : عبد الجبار سبتي
انا على استعداد للقتال في سبيل ان يقول الاخر رأيه حتى وان اختلف معي في الرأي ...
فولتر ..احد ادباء الثورة الفرنسية
من مواضيع : عبد الجبار سبتي 0 ني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين
0 روحي ستبقى ها هنا
0 أطرق باب الذي لا يـرد آملاً في رحمتـه
0 كنت اتمنى ان اكون معلما
0 انا لست وحيدة في هذا العالم ....لكن هناك عالم انا وحدي فيه
رد مع اقتباس