|
شاعر
|
رقم العضوية : 59077
|
الإنتساب : Oct 2010
|
المشاركات : 3,376
|
بمعدل : 0.63 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
نهر دجلة
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 19-02-2012 الساعة : 05:09 PM
لا شك ان المديح، مديح الولاة والسلاطين، يشكل جزءا من التراث العربي،
ولا يزال قمة الشعر العربي في الاوساط التقليدية، اي الشعر المندمج بالسلطة. لكن يبدو ان مرحلة المديح كانت سيئة في الشعر العربي، فالمحنة ليست في المديح بل في مديح الطاغية. ورغم ان ذلك لا يحتمل، فان البعض تتطابق نزواته الخاصة مع نزوات الطاغية، ذلك ان حلم الشاعر احيانا يشبه حلم الطاغية. نقول ان شعراء كثراً مدحوا صدام، ونعلم ان الشاعر الاميركي عزرا باوند نشط في ايطاليا في بث الدعاية الفاشية وقد وضع في مستشفى الامراض العقلية في واشنطن (1946 - 1958). اما الشاعر النرويجي كنوت هامسون (1851 - 1952)، فابدى تعاطفاً مع الاحتلال النازي لبلاده، وقد حوكم وادين، واتهم بالخلل العقلي.
وكما جذبت الفاشية الرسام الانكليزي والكاتب الساخر ويندهام لويس، جذبت الايديولوجيا البعثية العديد من الشعراء ليمدحوا قادتها
وينشدوا دمها وثأرها.
يقول سلام عبود
لا يمكن الاديب في أي حال من الاحوال ان يقول كلمة في وطن يحكمه صدام او هتلر الا بطريقتين اولاهما ان يتحامق ويكتب علنا، فيكتب في الوقت ذاته وصية موته. وثانيتهما ان يصمت، وبذلك يكتب وصية موته الادبي. تلك المعادلة الصعبة واجهها كتّاب العراق ممن ولدوا ادبيا في الزمن الصدامي وسنوات حكم البعث. ولكن الافدح حين يكون الشعراء من المنظّرين للصدام شأن حميد سعيد صاحب مصطلح "المسألة القندرية"، او سامي مهدي الشاعر البعثي عن ايمان والذي لم يخف قط ولاءه لقيادة صدام "الحكيمة"، بل كتب مقالات تشيد بانجازات هذه القيادة، ونظم قصائد عديدة تهلل لانتصاراتها في حرب القادسية. وفي زمن مضى القى شبهات العمالة على مجلة "شعر" اللبنانية، واتهم اي تجريب شعري يقدم عليه شاعر شاب بالتقليد وبالعمالة بحجة ان قصيدة النثر "لم تنشأ طبيعية في رحم حركة الشعر العربي"، وهذا ايماء الى ثقافة التفتيش الايديولوجية العروبية التي سادت في زمن الوهج الثوري وربما هي لا تزال قائمة.
هكذا كان حميد سعيد و سامي مهدي يتمتعان بعقلية "تفتيشية"، ويقومان بحملات التطهير البعثية ضد ثقافة الآخرين. يريدان ممارسة كل السبل من اجل تنقية الثقافة الوطنية البعثية وتوحيد عناصرها، سواء بتذويب من يرغب في الذوبان في المحيط الثقافي القائم، او بإرغام الرافضين للتبعيث الثقافي على ترك الوطن، من طريق ما عرف بـ"خيار الهجرة". وهذا هو البند الاساسي في المشروع الثقافي البعثي.
ثقافة التبعيث
تجعل ثقافة التبعيث الفضاء فارغا الا من قصائد المديح والولاء. المديح للقائد يصبح فضاء الثقافة، وتمجيد الحرب والاستشهاد هما سند كل عبارة. وقد رسم عبد الرزاق عبد الواحد ثقافة التبعيث وعسكرة الحياة رسما مؤثرا في قصيدته "اي الخيارين":
بلى يا لهيب القادسيات كلها
ويا سحبا للمجد جل انهمارها
ويا جند من حتى المقادير جنده
ففي يده اقبالها وانحسارها
فإن قلت يا صدام... ناديت امه
لان المنادي زهوها وفخارها
|
|
|
|
|