|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 21699
|
الإنتساب : Aug 2008
|
المشاركات : 1,209
|
بمعدل : 0.20 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
خادم الشيعة
المنتدى :
المنتدى العام
تابع2
بتاريخ : 11-04-2012 الساعة : 02:20 PM
اختيار كتب الأطفال
ومهما يكن من أمر أدب الأطفال فإن الطفل أخذ يقرأ، في السنوات الأخيرة، قصصاً مترجمة وأخرى موضوعة، وإن كتب الأطفال بدأت تنتشر انتشاراً واسعاً في العالم. وهذه ظاهرة تلفت النظر، ولاسيما إذا أضيفت إلى كتب أدب الأطفال: المجلات الجميلة الخاصة بالصغار، والزوايا التي تخصصها لهم صحافة الكبار، وركن الأطفال في الإذاعة والشاشة الصغيرة والأفلام السينمائية الكثيرة التي توجّه إليهم، ومسرح الأطفال، ومسرح العرائس والدمى المتحركة، والألعاب الكثيرة التي تصنع لهم، والأغاني والأناشيد التي تنظم وتلحن لهم.وتبقى المشكلة محصورة في اختيار الأفضل.
ويمكن اغتنام هذه الفرصة لذكر بعض المعايير التي تصلح في انتقاء كتب الصغار، وفي مقدمة هذه المعايير ما يلي: ـ الكتاب السهل: وهذا يعني تقديم الكتب السهلة بشرط عدم احتقار الطفل، وإدراك أن كلمة «سهل» لا تعني التكليف المصطنع في التسهيل والتبسيط. ـ الكتاب المناسب: وهذا يتعلق باستجابة الطفل العفوية والمباشرة لدى لقائه الأول بالكتاب وإعجابه به أو عدم إعجابه، والالتفات إلى الخصائص الكامنة في السخرية والفكاهة والضحك والتلاعب بالكلمات.
ـ الكتب المستجيبة لمراكز الاهتمام وفق شرائح الأعمار: فالطفل يمرّ في :عمر التخيل الذي يتصوّر فيه الحيوانات أناساً تتحدث والأشياء ذوات أرواح تتحرك، وعمر التذوق الصريح للحكاية المعبّر عنه بالكلمات، وعمر تذوق المغامرة وهو العمر الذي يهتم فيه القارئ الصغير بالعالم الإنساني المعاصر ويطرح فيه على نفسه أسئلة أكثر حدّة تتصل بالراشدين والمجتمع ومعنى الحياة الإنسانية.ولكن يجب أن يكون الكتاب الجيد الذي يتحدث إلى الصغار هو في الوقت ذاته، كتاباً ليس له عمر وليست له حدود.
ـ الكتاب الذي يواجه الموضوع مواجهة تميل إلى الشمول: إذ قد يفتن الطفل بكتاب يناقش عدة موضوعات وفيها معضلاته ومراكز اهتمامه الشخصي ككرة القدم، والدراجة النارية، وغير ذلك. وقد يميل إلى قراءة الكتب التي تتجاوز قدراته وتكون بعيدة عن الراشدين. ـ الكتاب الذي ينطوي على العقدة والشخصيات الساحرة، والبطل المرموق والتغيرات اللاهثة. ـ والكتابة نفسها في الكتاب هي معيار أساسي: والمقصود هنا الكتابة التي تخلق عند الطفل القارئ الرغبة بقلب الصفحة والاستمرار بالقراءة والجري لاهثاً حتى النهاية بدلاً من التثاؤب والنعاس. والكتابة يجب أن تكون كتابة هذا الزمن وبلغته، مع احترام لغة الطفل. ثم إن الكتاب الجيد هو الذي يستطيع الراشد أن يأخذ منه المتعة كالطفل تماماً. وللراشد أن يختار الكتب للأطفال على أن يستعين بآراء نقاد أدب الأطفال وأن ينتقي الكتب التي تسمو بالإنسان وترفع من خلقه، وتزيد معلوماته، وتجعله يفكر بالآخرين قبل أن يفكر بنفسه. القصة والشعر والمسرحية في أدب الأطفال.
القصة: تبدو القصة، في نظر الطفل، لوناً من ألوان اللّهو لا يملّ تكرارها. إنها تبعث في نفسه الهدوء والسكينة، وتصبح متنفساً لطاقاته المتفتحة أو تدريباً لخياله وذهنه وعواطفه وانفعالاته. وهي تدربه على تكوين بعض الصلات الاجتماعية، فتكون جسراً بينه وبين الآخرين. يضاف إلى ذلك أن القصة تلقّن الطفل كثيراً من الكلمات والعبارات تلقيناً سهلاً غير مباشر، مما قد لا يتاح له في حياته العملية.
وينبغي تذكّر أن الكبار يُدخلون للصغار، فيما يسردونه عليهم من قصص وأساطير وخرافات، بعض العظات والنصائح الأخلاقية بأسلوب مباشر وغير مباشر،لكي يُغروهم بالسلوك الذي يريدون أن يتبناه الأطفال.
والمعروف أن للقصة فكرة ومغزى وأسلوباً وخيالاً ولغة. وأن لكل هذه العوامل أثراً في تكوين الطفل. ومن هنا نشأت ضرورة الاستفادة من القصة في البيت وفي المدرسة، وضرورة انتقاء الصالح منها ومعرفة كيفية عرضه على الطفل. ولما كان الطفل، في السنوات الأولى من عمره وفي روضة الأطفال، غير قادر بعد على القراءة، فإن من واجب الأم والمربية - المعلمة سردها عليه. ففي سرد القصة جمال آخر هو جمال التعبير الذي يسمو بها ويزيد من قيمتها الفنية، ويبعث فيها حياة جديدة، ويشد إليها الطفل. كذلك يمكن طبع بعض الصور على ورق من المقوى الثخين، تمثل الحيوانات والمشاهد المألوفة المسلسلة التي يعبث بها الطفل ويقلّبها، وعن طريق اللعب والسؤال يتعلم منها المفردات والجمل المفيدة.
ويرى علماء النفس والتربية أن لكل عمر قصصاً تلائمه، وأن لكل نوع من هذه القصص سماته الميزة. وقد جعل هؤلاء حياة الطفل والمراهق في أطوار ومراحل ولاحظوا أن كل طور يهتم بنوع من القصص: فهناك الطور الواقعي المحدود بالبيئة وفيه أشكال من النماذج المألوفة من الحيوان والنبات والأشخاص، وهو بين الثالثة والخامسة. وهناك طور الخيال الحرّ ما بين الخامسة والثامنة (أو التاسعة) حتى الثانية عشرة، وطور العاطفة والغرام، من الثانية عشرة حتى الثامنة عشرة، وطور المثل العليا يأتي بعد الثامنة عشرة أو السادسة عشرة. والأطوار هذه متداخلة والأعمار المذكورة ليست إٍلا أعماراً تقريبية ولكنها تعبر عن التمايز. لهذا كله كان من الضروري جداً أن تتصف قصص الأطفال ببعض السمات النوعية. فيجب أن تروق للأذن وللعين (وللحواس الأخرى إن أمكن)، ويجب أن تؤثر في العاطفة، فتسحر نفوس الصغار، لكي تكون فائدتها أكيدة ويكفي أن تلاحظ الصغار وهم يلاحقون لاهثين قصة ناجحة حتى ندرك تأثيرها القوي.
إنهم يتابعون مشاهد القصة بعيونهم وبآذانهم وبأنفاسهم، ويشاركون أشخاصها وجدانياً، بل إنهم كثيراً ما يشاركون الأبطال في تمثيل الحوادث. ولا شك في أن قارئ القصة أو سامعها لا يملك أن يقف موقفاً سلبياً من شخوصها وأحداثها. بل إنه يغرق نفسه في مسرح الأحداث ويتفحص ما يجري ويتخيل إنه كان في هذا الموقف أو ذاك، ويوازن بين نفسه وبين أبطال القصة فيوافق أو يستنكر أو يعجب.
ويُستحسن أن تكون شخصيات القصة قابلة للتصديق مألوفة لدى الصغار. وهذه السمة تشمل كل أنواع القصة: التاريخية والواقعية والتمثيلية وكل قصة أخرى تعرض نموذجاً لحال بشرية يمكن أن تقع في الحياة المحيطة. لكن هذا لا يمنع من سرد قصص الجن والعفاريت التي تحتوي قيماً ومثلاً رفيعة لأنها تسهم في تنمية الخيال ومعرفة القيم النبيلة ومحاربة الشر والفساد. ويجب أن تراعي القصة الدقة، ومعنى ذلك أن يتقيد كاتب الصغار بالصدق، وألا يناقض نفسه أو يخالف قوانين العلم واللغة. كما يجب أن تنطوي على الصلة بما هو إنساني وأن تتصف بالأصالة ويعني ذلك أن تستمد القصص من التراث القومي والإنساني وأن تتقيد بالقيم الإنسانية والقومية وأن تحترم التقاليد والأعراف السائدة النافعة، وأن تنهل من الماضي لكي تبني المستقبل. وهذا لا يمنع أن تهتم هذه القصص بالبساطة واللغة الحية الواضحة التي تختلف عن لغة الكتب المدرسية ولغة الشارع. الشعر: يبعث الشعر المتعة في نفوس الأطفال، لكن كبار الشعراء العرب لم يهتموا بالنظم للصغار. وفي الأدب الغربي قصائد كثيرة في «الترقيص» والهدهدة والتنويم ورثاء الأبناء.لكن المرء نادراً ما يرى قصائد موجّهة للأطفال.وكان عليه أن ينتظر بداية القرن العشرين حتى يرى بعض القصائد توضع في الكتب المدرسية.وكان هدف تلك القصائد تعليمياً وتربوياً وخلقياً. وعندما ظهر أحمد شوقي نظم عدداً كبيراً من القصائد القصيرة الجميلة الموجهة للأطفال. وكان في ذلك متأثراً بالشعراء الفرنسيين ولاسيما لافونتين. ومنذ ذلك الحين زاد عدد الشعراء الذين ينظمون للصغار، ولكن ليس بينهم واحد اختص بشعر الأطفال وحده. وفي صفوف الحضانة ورياض الأطفال والصفوف الأولى من المدرسة الابتدائية يحتاج الصغار إلى المعلمة تقرأ لهم وتختار النصوص، وتعرضها، وتكررها، وتنوعها حتى تساعدهم على تنمية الذوق والإبداع. ويمكن أن تستعين ببعض التسجيلات لقصائد بسيطة وقصيرة وجميلة يلقيها ممثلون محترفون. وتستطيع استخدام تسجيلات ترافقها الموسيقى أو أن تغنى هذه القصائد من قبل مغنين أو مغنيات لأن الطفل يحب الغناء كثيراً. وثمة أساليب عديدة تستطيع المعلمة اللجوء إليها لتجعل الشعر محبباً للأطفال ولإظهار موهبتهم الشعرية.
وعندما يعرف الأطفال القراءة تصبح المعضلة أكثر تعقيداً وتبرز القيمة الحقيقية للشعر، إذ يكون على المعلمين أن يجعلوا الأطفال يُصغون إلى النصوص مع حثّهم على التعبير عما يجول في نفوسهم إزاء الموضوع المطروح. ويشترط أن تكون النصوص بسيطة خفيفة ذات جرس موسيقي راقص. ومن المستحسن ربط الشعر بفعاليات فنية أخرى كالرسم والرقص والخط والتمثيل. المسرحية: للمسرح في العصر الحاضر، دور تتعاظم أهميته في تربية الصغار وتثقيفهم. فقد تساعد بعض المسرحيات الجيدة للطفل على تبني أحسن العادات في المدرسة والبيت والشارع. وإن المسرحيات العلمية نافعة في توجيه الطفل نحو اختيار المهنة في المستقبل. وللمسرح المناسب المثمر في حياة الطفل شروطه: فيشترط فيه البساطة والدقة والمرح وإمتاع العين والأذن والعاطفة، وهي الشروط اللازمة في الفنون الأدبية الأخرى، وبين هذه الشروط كذلك أن يتناسب مع عمر الطفل ونمو ذكائه. ولكن المسرحية تتطلب انتباهاً عميقاً ومستمراً، مما يجعل العلاقات مع المسرح أكثر تعقيداً من العلاقات مع السينما أو الشاشة الصغيرة. ويجب لذلك أن تراعي مسرحيات الأطفال هذا الجانب مراعاة خاصة. ثم إن ارتياد المسرح يتطلب أمسية كاملة، لذا يجب أن يكون هذا الارتياد حدثاً مهماً في حياة الطفل، وعلى الآباء أن يجعلوا هذا الحدث مفيداً وأن يوظف التوظيف المجدي في تربية الطفل. ومن المناسب في هذا التوظيف أن تلي المسرحية مناقشات وتبادل في الآراء في داخل الأسرة بين الكبار والصغار.
وثمة ملاحظات لا بد من ذكرها في نهاية هذا الحديث عن أدب الأطفال. فقد كان يتجه في الماضي إلى الذكور أكثر من اتجاهه إلى الإناث، وكان يتجه إلى أبناء الطبقات الثرية أكثر من اتجاهه إلى أبناء الطبقات الفقيرة. ومع انتشار التعليم، وتطور الدراسات في علم النفس والتربية، وانتشار الديمقراطية، اتجهت الفروق بين الذكور والإناث نحو الزوال، وتقلصت الفروق الاجتماعية، وأصبح أدب الصغار يخاطب الجنسين على حد سواء من أبناء الشعب كافة، وإن كانت بعض الرواسب القديمة لا تزال تؤثر في الكتّاب وفي الآباء. ولكن هذه الحقيقة أمر يجب الانتباه إليه لدى دراسة أدب الأطفال أو التأليف فيه. ومما يجب الانتباه إليه في التأليف، على وجه الخصوص،عدد من الأمور إضافة إلى رسالة أدب الأطفال، وفي مقدمة هذه الأمور: درجة وعي المجتمع بهوية الطفل، والتقدم في ميدان الكتابة للصغار، والاستفادة من كتابات القدماء مع مراعاة ظروف العصر، وإبداع أشكال وأنواع وأساليب جديدة لكي يتقبلها الجيل الناشئ،والاعتماد على الترجمة عن الآداب العالمية الأخرى لأن أدب الأطفال إنساني.
[عدل] من أبرز كتابه في الوطن العربي
|
|
|
|
|