عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية زكي الياسري
زكي الياسري
شاعر
رقم العضوية : 39574
الإنتساب : Aug 2009
المشاركات : 1,995
بمعدل : 0.35 يوميا

زكي الياسري غير متصل

 عرض البوم صور زكي الياسري

  مشاركة رقم : 9  
كاتب الموضوع : زكي الياسري المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 05-06-2012 الساعة : 12:22 AM


(الجزء السابع)

أَرِيْد اَبْچِي عَلَى رُوْحِي وَنَـاحَي

إبْعَيْني حِلْيَت الدِّنْيَا وَنَاحَي
صِدِيْج الْمَا نِشَد عَنيّ ِوَنَـاحَي
مَرِيَدَه يَوْم رَدَّات التِّرَاب
فيقول: (فعبارة وناحي في الشطر الأول أصلها
وأنوح وفي الشطر الثاني نواحيها غير أنَّ الأصل
غُيَّر كما ترى). وقد تطرق إلى هذا البيت وغيره في
تعداد أمور اختلاف الشعبي عن الفصيح حيث يقول
في النقطة الثالثة منه:
يمتاز الأدب الشعبي أيضا بالخروج على ما الِفَتْه
العامة في كلامها إذ نجد هناك تحويرا في اللفظة
الواحدة او تغييرا في تركيب العبارة من تقديم
وتأخير في الألفاظ او حذف او إضافة بعض
الحروف إلى اصل الكلمة ويكثر ذلك في الشعر.
وفي تعرضه إلى هذا البيت أيضا:
إحْنَا مِن عَلِي يَزْهَر سِمَانَا
إوْ يِنْفِث عَالْكُفُر دَايِم سَمَانَا
وَرى الأفْقِ إتْاَفَل شَمْسَه سَمَانَا
وَبَدْ مَتْغِيْب شَمْسِ الْحَيْدَرِيَّه
فيقولُ: (فسمانا في الشطر الأول أصلها (اسِمْنَا)
وفي الثاني (سِمْ) وفي الثالث (سَمَائنا). غير أنَّ تلك
الأصول جرى عليها التغيير الذي رأيت بل قد تَتَغَيّر
اللفظة إلى حد يصعب معه فهم المعنى بيسر وقد
يحتاج القارئ إلى وقت غير قليل وجهد كثير للعثور
على أصل اللفظة بعد أنْ يعثر على ما أضيف إليها
او حُذف منها او ادغم فيها من حروف).
والسامرائي محق في تحليله هذا لأنه قرأ الجناس
هكذا: (سَمَانا) ولم يقرأه هكذا (سِمَلْنَا)، وعندها
يكون معنى الجناس الأول هو (سِمَه الْنَا) أي علامة.
والجناس الثاني هو (سمٌّ) لنا وهو السُّم القاتل،
والثالث سِمَا الْنَا وهي السَّماء كما هو واضح. وهذه
إحدى مشاكل اللفظة العامية التي يمكن أنْ تُقرأ بعدة
وجوه إلا إذا استعملت معها الحركات كما في اللغة
الفصحى.
وإذا كان الأستاذ عامر رشيد لم يزعج أحدا بتحليله
الذي اعتبر فيه تغيير المفردات وحرفها عن معانيها
وألفاظها صفة ملازمة للشعر الشعبي رغم اعترافه
بما يُلحِقه ذلك من صعوبة في الفهم وجعل الإبوذية
مؤلفة من طلاسم واحجيات لا يفهمها إلا مَن يرحل
بعيدا في عالم الخيال ليحذف حرفا او يضيف آخر
او يحل مدغما او يشدد او يزيل التشديد من حرف
آخر، ولم يحسب ذلك عيبا واضحا في البيت او
تركيب جناساته رغم خروجها على مفردات اللهجة
العامية التي لها قواعد كما لها مفردات وضعت
لتعني مسمّيات بأسمائها، فإنَّنا في جانب آخر نجد
كتّابا ينتقدون جناسات الإبوذية والكلمات التي
تتعرض إلى التحريف الذي لا داعي له فيشوِّه بذلك
المفردات ويأتي بها غريبة عن اللهجة العامية كما
يذكر منصور الحلو في كتاب (صور عراقية ملونة)
وهو يشرح هذا البيت:
إبْلِيَالِي إجْفَاك مَا تِدْرِي مَنَاحَي
عَلِيْك أَتْحَزَّم إوْ اَنْصُب مَنَاحَي
إبْشُوْگَك لا تِگُوْلِش حَي مَنَاحَي
إعْرَاز اَمْشِي إعْلَى چَيْد الْعِذَل بِيَّه
وبعد شرحه لمعاني الكلمات ومعاني الأشطر واحدا
بعد الآخر ينتقل الكاتب إلى جناس الشطر الثاني
فيقول: (مَنَاحِيْ تحريف للكلمة مَنَاحَه، وقد
اعترضت كثيرا على هذا التحريف الذي لا مبرر له
ولكن بلا جدوى ويبدو انه عرف سار عليه الشعراء
الشعبيون). وقد أصاب بنقده الهدف فإذا كان الشاعر
يقصد جمع (مَنَاحَه) فليس هذا جمعها، وإذا قصد بها
(مَنَاحَتي) أي ينسبها إلى نفسه فإنَّ مناحي لا تعني
مناحتي أيضا.
إنَّ الشاعر الجيد هو الذي يحدثنا بحديث نفهمه
مشافهة كما نفهم محدثنا العادي بالحديث اليومي
الذي نتداوله. أمَّا أنْ يتركنا نضرب أخماسا بأسداس
فهذا ليس من الشعر بشيء بل هو اقرب إلى (
الحوازير) التي يتبارى بها الناس فيما بينهم. ولقد
أورد الأستاذ السامرائي بين دفتي كتابه أمثلة أخرى
واضحة في جناساتها وقد كُتبَت بنفس الكلمات التي
نتداولها يوميا. وهذا ما يؤكد عليه علماء الفصاحة
والبلاغة في أساليب الشعر والنثر.
ويقول ابن الأثير الكاتب في كتابه (المثل السائر في
أدب الكاتب والشاعر) ما نصه (وإذا نظرنا إلى
كتاب الله تعالى الذي هو أفصح الكلام وجدناه سهلا
سلسا وما تضمنه من الكلمات الغريبة يسير جدا،
هذا وقد أنزل في زمن العرب العرباء وألفاظه كلها
من أسهل الألفاظ وأقربها استعمالا وكفى به قدوة في
هذا الباب حيث قال النبي صلّى الله عليه وعلى آله
وسلم (ما أنزَلَ اللهُ في التوراةِ ولا في الإنجيل مِثْلَ أمِّ
القرآنِ وَهِيَ السَّبْعُ المثاني) يريد بذلك فاتحة الكتاب،
وإذا نظرنا إلى ما اشتملت عليه من الألفاظ وجدناها
سهلة قريبة المآخذ يفهمها كل أحد حتى صبيان
المكاتب وعوام السَّوَقة وإنْ لم يفهموا ما تحتها من
أسرار الفصاحة والبلاغة فإنَّ أحسن الكلام ما
عرف الخاصة فضله وفهم العامة معناه. وهكذا
فلتكن الألفاظ المستعملة في سهولة فهمها وقرب
معانيها). وهذا الكلام ينطبق على اللهجة العامية
أيضا.
والشاعر كاظم السلامي في كتابه (صور بلاغية في
الشعر الشعبي العراقي)، لم يتحدث لنا إلا عن
أشعاره التي نظمها في فنون مختلفة من الشعر
الشعبي وقام هو شخصيا بنقدها فجاء كتابه مخالفا
لعنوانه، إلا إذا اعتبر نفسه ممثلا للشعر الشعبي في
العراق وإنَّ بلاغته في أبياته وقصائده هي البلاغة
المقصودة في الشعر الشعبي العراقي.
ولو انه سمَّى كتابه (البلاغة في شعر كاظم
السلامي) لكان العنوان أقرب إلى المضمون. ورغم
ذلك يقول الأستاذ عباس كاظم مراد الذي قَدّم للكاتب
مقدمة بعنوان رأي:
(فقد تضمنت دراسة مسهبة ورحلة جيدة مع الأدب
الشعبي عبر ألوانه الجميلة.. وأستطيع القول إنَّ هذه
الدراسة تفترق عن سواها بكثير من الأمور فهي
وإن كانت لشاعر واحد إلا أنَّ هذا قد أوتيَ من
المكنة الأدبية الكثير مما أهَّلَه أنْ يَلِج أبواب ألوان
الأدب الشعبي من إبوذية إلى موال إلى عتابة إلى
نايل ودارمي وكذلك القصائد... وهكذا جاءت
الدراسة وكأنها عن الأدب الشعبي برمته لغة
ومعاني فبدت بناء معماريا متكاملا يكمل بعضه
بعضا... إذا انْهّد منه ركن تداعت سائر الأركان).
ويبدو أنَّ كاتب هذه المقدمة لا يفرق بين الدواوين
والدراسات، ولم يطلع على أنواع الشعر الشعبي من
هات وابومعنى وميمر والشُبَكْهَا وجِلْمَه ونِص
والهَوْسَة العْكَيْلِيّة والرجز والطويل والسريع
والرُّكْبَاني والبَحْراني والحَدِي والنَّعِي وغيرها من
الفنون، فتصور أنَّ قمم الشعر الشعبي توقفت بين
دفتي هذا الكتاب. فبدأ يكيل مديحه لهذه الدراسة كما
أسماها، علما أنَّ الكتاب لم يكن دراسة عن الأدب
الشعبي كما قدمنا، ولا حتى دراسة عن الشاعر
نفسه، بل كانت ديوانا مشروحا.
وفي إيراده لأمثلة أعجب بها من الكتاب يورد هذا
البيت من العتابة:
هَلِي مَا تَمْ لَكُمْ مِن عِذِر يَنْگَـال
جِفَيْتُوْا ولا جِدِمْكُم عَلَي يِنْگَال
مِثِل صَمْصَام مَالُوْغِمِد يَنْگَال
وَحِيْدٍ وِالدَّهَر يِلْوِي لِرْگَاب
فالجناس الأول معناه (يقال) والثاني (يخطو) والثالث
(يبدو زهيدا) كما تم شرحه من قِبَلِه.
ويعقب عليه بقوله: (... فلك أيها القارئ الكريم أنْ
ترى إذ انه قد شبَّهَ نفسه بصمصام (السيف) الذي
ليس له غمد يحميه من عاديات الزمان وكذا يكون
الوحيد الذي ليس له أهل او أقارب من يحميه،
فالإنسان عرضة لما قد يقع عليه فالفرد الوحيد
كالسيف بدون غمد وفي هذا كناية تدل عليها قرينة
وحيد أي ليس له من يحميه ...).
وبودي أنْ أبين ما يلي:

يتبع


توقيع : زكي الياسري
من مواضيع : زكي الياسري 0 كليب واحسيناه / لطمية للاربعين 1434 حصرياً على قناة انا شيعي
0 ذكرى من الحسين / الرادود السيد حيدر الكيشوان
0 ثورة الحب الصادقة .. لطمية فصيحة للاربعين
0 وصي المرتضى / لطمية فصيحة للامام الحسن المجتبى عليه السلام
0 بصوت الرادود الحاج حسن الحواج / قصيدة العليلة فاطمة ع 1434
رد مع اقتباس