|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 54354
|
الإنتساب : Aug 2010
|
المشاركات : 254
|
بمعدل : 0.05 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
فارس اللواء
المنتدى :
منتدى الجهاد الكفائي
بتاريخ : 05-06-2012 الساعة : 10:15 PM
رؤية فلسفية في الحالة "السياسية" السورية
الوعي الثوري المعزول
الحالة السورية الراهنة جامدة على صورة أقرب إلى الوهم الثوري منها إلى ثورة حقيقية، ففكرة بقاء الثورة تعني تواصل الضغوط السياسية والشعبية والإقتصادية والإدارية، بحيث تُجبر الحكومة على الإعلان عن فشل أي تصرف إداري يخص الدولة،حين نسمع عن تنظيم حكومة دمشق لاستفتاء دستوري يليه بعِدّة أشهر انتخابات تشريعية في ظل تواصل عمل كافة أجهزة الدولة بما فيها اللقاءات الرياضية وكأن شيئا لم يكن فهذا يعني أن الدولة تسير بشكل طبيعي وأن لا وجود لمؤثر حقيقي على أدائها العام في كافة المجالات بما فيها المجال الخدمي والذي يُعدّ من أهم المجالات التي تصل المواطن بالدولة..
ومع ذلك أرى نشاطاً غير عاديا في العمل الثوري وكأن المسألة ليست وهماً بل حقيقية وأن الحكومة السورية سقطت فعلياً وأن المعارضة المسلحة سيطرت على كافة الأنحاء..وأن الرئيس غادر العاصمة إلى منفاه وأن المجلس الوطني في صدد بحث كيفية العودة بعد تهيئة الاوضاع على الأرض..مشهد متناقض أُجزم بأن الذي يرى هذا المشهد لأول مرة سيحتار وربما يضرب كفاً على كف من فرط استغرابه لما يحدث..رؤيتي لهذا المشهد تدور في فكرة وجود العمل المُنظّم من جانب الثوار، والذين يسيرون بخُطط مرحلية لا تنظر للمتغيرات أكثر من الثوابت والمبادئ وهذا في حد ذاته خطر، إذا يُذكرنا ذلك بصحّاف العراق المشهور، وربما كانت فكرة هؤلاء تدور في بقاء أوضاع معينة في الإعلام وعلى الأرض لا تخضع لألاعيب السياسيين.
البحث الفلسفي لهذه الحالة لابد وأن يُعالج مسألة الحالة ابتداءاً وهل هذه الحالة قابلة للتمدد أم للإنكماش،لو كانت قابلة للتمدد يعني أنها تتعاظم بداوفع أهمها هوى الإنسان، وهنا قد يمكر العقل مكراً يحيل على المتابع رصده حتى الشخص نفسه، وقد يستسلم هذا الشخص لهواه وهو يعتقد أن ما يمر به هو حقيقة مُجردة يعترف بها الكافة ولا يُنكرها سوى الشاذون وحلفاء إبليس،وإذ به في غمرة ذلك يُفاجأ بواقع مرير على غرار ما تلقفه الصحّاف من شُهرة عالمية باتت حالته محل بحث لكبار الفلاسفة وعلماء النفس، هو يرى هذا النموذج وفي ذات الوقت يظن أن حالته بعيدة تماما عن القضية برمتها، وأمان المرصود دلالة على إمكانية الإصابة، فهو في عددا النائمين والنائم في العادة يخضع لإرادة الآخر لو أراد نقله من مكانه لَفَعل، ولو أراد قتله ايضا لَفَعل دون مقاومة، هو في المحصلة نائم، وهذه الفلسفة التي ترصد مكر العقل الناتج لنوم العمل الثوري بأدواته أظنها متحققة وبشكل كبير ليس في سوريا فقط بل في العديد من المناطق المشتعلة في العالم.
إن ما يتمثل للثوري في هذا الوقت لا يعدو كونه إلا تفكيراً نظريا في إطار مُمتلئ بالبراجماتية وأحياناً الميكافيللية التبريرية، والدليل أنه لن يتحرج من تجاوز ما آمن به في الماضي ودعا له، وهذه أولى بدايات الإنهيار، إنه الإنهيار القِيَمي أو حصر الطموح في مجموعة مطالب ملأت العقل والضمير حتى أنها لم تعد تُوجد فراغاً لأي مطالب أخري،حتى أن ميكافيللي إن جاز لنا قياس فكرة الثوري بفكرته فهو مظلوم إذ ربط فكرته الإنتفاعية التبريرية بتمثيل دور الخير حين استشعار الخطر، وهنا الفارق الأهم بين العمل الثوري في سوريا والذي يركن في الغالب لردود أفعال الآخرين دون الإهتمام بتقوية النفس بعيداً عن فكرة الصراع البدني وبين أفكار ميكافيللي التي تتيح له تحصيل المنافع في بيئة ليست أخلاقية ومليئة بالتمرد على الواقع ونظام الدولة.
في المقابل فإن حكومة دمشق تظاهرت بالخير حتى في ظل وأوج قوتها لم تتساهل في هذا الأمر، فهي صورة عامة ستنطبع لدى المتابع النزيه الخالي من الأيدلوجيا، وهذا الأمر هو سر خطير في قيام كثير من المثقفين بنقد المعارضة وأعمالها في ظل نقدهم للحكومة، وهذه فلسفة مقصودة، أن نقد الحكومة في ذاته لا يهم، ولكن نقد الثوار هو نقد لنزعتهم ووسائلهم وهو عملية تحرير عملية لواقع مُعقد لم يرصده أكثر المثقفين الذين يتغنون في الإعلام بالحرية والديمقراطية والمساواه وحقوق الشعوب مما يصب في النهاية لصالح الحكومة، وأن القوة حين تفرض نفسها فستتغير المفاهيم قسراً.
|
|
|
|
|