عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية فارس اللواء
فارس اللواء
عضو برونزي
رقم العضوية : 54354
الإنتساب : Aug 2010
المشاركات : 254
بمعدل : 0.05 يوميا

فارس اللواء غير متصل

 عرض البوم صور فارس اللواء

  مشاركة رقم : 8  
كاتب الموضوع : فارس اللواء المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي
قديم بتاريخ : 05-06-2012 الساعة : 10:29 PM


رؤية فلسفية في الحالة "السياسية" السورية

ثورة بلا مشروع..

أنا من أنصار ضرورة وجود الإصلاح الديني الذي يسبق ثورات الشعوب ، أو أن يسري هذا الإصلاح بالتوازي مع الفِعل الثوري، فحركة الإصلاح الديني في المجتمع العربي عامة أظنها نادرة إن لم تكن معدومة بدلالة جمود الإجتهاد المترافق مع الصعود الإعلامي والسياسي للأصوليين الإسلاميين..وهنا أفرّق بين حركة الإصلاح الديني في أوروبا وبين مثيلتها في العقل المسلم لأسباب كثيرة لا تتسع الصفحات لذِكرها، ولكن سأكتفي بالإشارة إلى وجود عِدة أزمات ثقافية وأخلاقية حادة عند المواطن العربي والمسلم، حيث أجبرته هذه الأزمات على قبول التناقض والتعايش معه بعدم الشعور.

هذا التناقض الذي جعل من العربي يمارس شعائره الدينية في بلاد الغرب والشرق بكل أريحية، لكن تراه في ذات الوقت لا يستطيع ممارستها في بلاده ووسط أقرانه، هذا التناقض الذي جعلنا نصرخ من ضرواة.."الحرب على الإسلام"..بمجرد منع بناء المآذن في مساجد سويسرا، لكن في ذات الوقت لا مانع من هدم أو محاربة بناء الكنائس في بلادنا،هذا التناقض الذي جعلنا نرصد تمدد الإسلام في أوروبا استغلالاً لحُرية العبادة والدعوة في تلك البلاد البعيدة، ولكن في ذات الوقت وبمجرد رصد أي دعوة لدين آخر أو مذهب آخر في بلادنا تثور ثورتنا مُنذرةً بقُرب القيامة وأهوالها بقبول الدعوةِ إلى الكُفر والزندقة..ياله من تناقض..!

نترك مسألة الإصلاح الديني فالحديث فيها يطول..

ما أود قوله هو أن الحِراك الجماهيري قد يُنتج مشاريعاً فكرية في حال بروز حركة إصلاح ديني قبيل القيام بهذا الحراك، أما وأنّ حركة الإصلاح الديني معدومة فلا أستطيع تصور مشروع هذا الحِراك بعيداً عن كونه أصبح مشروعاً للغضب وليس مشروعاً للنهضة، ومشروع الغضب هذا سهل القيام به والجميع قادر على أن يغضب، ولكن ليس لهذا الجميع القُدرة على أن يُحوّل غضبه إلى نهضة إلا بعد توفر شروط أهمها شرط .."القُدرة على التغيير".. وفي هذه قد نختلف، فتصور القوة نسبي-أحياناً-وفي المحصلة تخضع هذه القوة لميزان الحق والعدل، فإذا غابت روح العدل خارت القوى، وإذا اختلفنا في الحق فلا قوة حاضرة.

على جانبٍ آخر فقد لا تأتي الثورات بأي مشروع ولكنها تخلق -في حال تمكنها- فراغاً يؤسس لمنطقة عمل لقوى المستقبل، هذا فقط في حال التمكين ولهذا نُشدد مراراً على ضرورة وجود قوى التغيير الحقيقية وليست المتوهمة، وفي الحالة السورية لا أجد حقيقةً هذه القوى ، فجميع من على الساحةِ ضعيف ولا يملكون هؤلاء من أمرهم إلا ما صاغه لهم الآخرون، حتى النخبة لديهم مُعطلة ، فلا مشاريع حقيقية يطرحونها في الإعلام، حتى تحليلاتهم وتوقعاتهم السياسية في الغالب تطيشُ طيشاً غريباً لم نعهده على رؤى هذه النخبة من قبل، تلك النُخبة التي كانت رؤاها في الماضي تنبؤاتاً تتدارسها كُبرى المراكز السياسية والإستراتيجية.

استفزني منذ أقل من عام تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية التي وجهته للمعارضة وقالت فيه بضرورة التسلح للمعارضين وعدم إلقاء السلاح كما طلبت الحكومة كشرط وحيد للتفاوض ونزع فتيل الأزمة هذا منذ أقل من عام، تخيلوا لو كانت المعارضة ألقت السلاح في هذا التوقيت هل كان لنا أن نرى هؤلاء الشهداء والقتلى تغص شوارع سوريا بأجسادهم...بالطبع سيكون الوضع مختلف، وقد تكون المعارضة حينها قد حصلت على ما يمكنها من المنافسة الحقيقية على الحُكم عبر حشد قواها الثورية في الإنتخابات،ولو أرهبهم هاجس التزوير فكان بالإمكان طلب أي رقابة دولية لضمان نزاهة الإنتخابات، وهذا الطلب لا أتوقع أن ترفضه الحكومة، فهو يمثل لها طوق نجاه عبر كونه النفق الوحيد لعودة الشرعية الدولية لها..

لا أرى حُسن نية من الجانب الأمريكي فلو أرادوا السلام وحقن الدماء لدعوا الجميع إلى طاولة المفاوضات، أما ما حدث فلا أستطيع تفسيره إلا بصب الزيت على النار...وكأنه إثباتٌ لما رصدناه في السابق بوجود حقيقي للفوضى الخلاقة، فلا هم يريدون انتصار المعارضة أو تقدمها، وفي ذات الوقت يقومون وبشتى قواهم على تسليح المعارضة كي تُشغّب على الحكومة...إذاً ماذا نستشف من هذا الوضع الغائم؟!..أعتقد أنه لو كان هناك وجوداً حقيقيا للمشروع الفكري على أجندة المعارضة لما كان لنا الوصول إلى تلك الحالة الواضح أنها لا تخدم أي طرف سوى أعداء الشعب السوري في الخارج، حتى فكرة الديمقراطية التي يتغنى بها الثوريون فيتناسون أن الديمقراطية في حقيقتها عبارة عن آلية وليس مشروعاً فكرياً نهضوياً.


توقيع : فارس اللواء
من مواضيع : فارس اللواء 0 رسالة في التفكير
0 المُحادّة لله وظاهرة التطرف
0 لا فضائل للشام ولا لأهلها كما نسبوا للرسول
0 درس من حديث خلق التربة
0 صلاة التراويح بدعة أم سُنّة؟
رد مع اقتباس