|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 14260
|
الإنتساب : Dec 2007
|
المشاركات : 1,024
|
بمعدل : 0.16 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
أبو حيدر11
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 25-06-2012 الساعة : 11:50 PM
فإذا أخذنا بعين الاعتبار أن الرسول كان مريضاً في بيت عائشه وأن المواجهة بين الرسول وبين عمر بن الخطاب تمت في بيت عائشة قرب الاحتمال أن تكون عائشة زوجة النبي هي التي أخبرت عمر بن الخطاب عن موعد كتابة التوجيهات النهائية، وعن مضمون هذه التوجيهات!! وعلى اثرها استعد عمر وحشد عدداً كبيراً من أعوانه فكسروا خاطر النبي الشريف وحاولوا بينه وبين كتابة ما أراد.
ومن جهة أخرى، فأن عائشة كانت تكره الإمام علي وتحقد عليه ولاتطيق ولاتحتمل أن تلفظ حتى اسمه بدليل: عن عبيدالله بن عبدالله بن مسعود عن عائشة قالت: لما ثقل رسول الله وأشتد به وجعه.. فخرج بين رجلين تخط رجلاه الأرض بين ابن عباس ((تعني الفضل)) وبين رجل اخر قال عبيدالله فأخبرت عبدالله بن عباس بالذي قالت عائشه فقال لي عبدالله بن عباس هل تدري من الرجل الأخر الذي لم تسـم عائشة؟ قال:قلت لا. قال ابن عباس: هو علي بن أبي طالب، ثم قال: إن عائشة لاتطيب له نفساً بخير)).(الطبقات الكبرى لابن سعد 2/29بسند صحيح ط ليدن،2/232طبعة دار صادر بيروت،وصحيح البخاري باب مرض النبي ووفاته239 /5-140 طبعة دار الفكر "ولكن البخاري حذف لاتطيب له نفسا بخير" وراجع السيرة الحلبية 3/334 )!
عن عطاء بن يسار قال: جاء رجل فوقع في علي وفي عمار عند عائشة فقالت عائشة: ((أما علي فلست قائلة لك فيه شئ وأما عمار فقد سمعت رسول الله يقول فيه لايخير بين أمرين إلا اختار أرشدهما)). (مسند الإمام أحمد بن حنبل 6/113).
وفي ما بعد خرجت على الامام علي، وحاربته ونبحتها كلاب الحوأب، بدعوى المطالبة بدم عثمان مع أنها هي التي افتت بقتله!! (تاريخ اليعقوبي 2/152،وشرح النهج تحقيق أبي الفضل 215/ 6-216 وتذكرة الخواص ص 64/61، وتاريخ الطبري 4/407، والكامل لابن اثير 3/206)!
مع أن عائشة قد خسرت حربها، ووقعت أسيرة بعد أن اثارتها فتنة عمياء إلا أن الإمام علي أكرمها وأعادها معززة مكرمة. ولما قتل عثمان كانت تتصورأن الناس سيبايعون ابن عمها طللحة. قال البلارذي في أنساب الأشراف (ص217): (كانت عائشة في مكة حين بلغها قتل، ولم تكن تشك في أن طلحة هو صاحب الأمر فقالت:بعداً ((لنعثل)) أي لعثمان وسحقاً إيه ذا الأصبع أبا شبل إيه يا ابن عم لكأني أنظر إلى أصبعه وهو يبايع)،تعني بذلك ابن عمها طلحة.
ولما علمت أن طلحة لم يُبايع، وأن النـاس قد أجتمعوا على علي ابن ابي طالب صعقت فقالت: (والله، ليت أن هذه انطبقت على هذه) أي انطبقت السماء على الأرض. ثم قالت ردوني ردوني وقادت فتنتها العمياء بالتعاون مع طلحة والزبير أكثر المؤبلين على عثمان للمطالبة بدم عثمان!!
ومع أن الإمام علي أكرمها وأعادها معززة مكرمة إلى بيتها التي خرجت منه وقد أمرت أن تقرّ فيه إلا إنه لما بلغها موت الإمام علي ((سجدت لله شكراً)). (مقاتل الطالبين لأبي فرج الاصفهاني ص 43، وكتاب الجمل للشيخ المفيد 83-84).
هذه طبيعة مشاعر عائشة نحو علي بن أبي طالب عليه السلام، فمن الطبيعي أن تتحالف مع أي كان لصرف الأمر عنه، ومن الطبيعي أن تخبر عمر وأبا بكر عن موعد كتابة التوجيهات النبوية النهائية وعن مضمون هذه التوجيهات وأن تشترك معهما باتخاذ كل مايلزم للحيلولة بين الإمام علي وحقه الشرعي بالقيادة من بعد النبي، وهي تعلم علم اليقين أن علي هو صاحب الأمر شرعاً من بعد النبي.
ولكن كيف تحب من قتل اولاد عمها في بدر، إنها تكره علي وتكره ذريته، فعندما أرادوا دفن ابن النبي الحسن بن علي بجانب جده رسول الله، ركبت عائشة بغلاً، واستعونت بني أمية ليحولوا بين الحسن وبين أن يدفن بجانب جده!! (راجع ترجمه الحسن من مقاتل الطالبيين).
وجائها القاسم بن محمد بن أبي بكر وقال لها: ((ياعمة ماغسلنا رؤوسنا من يوم الجمل الأحمر أتريدين أن يقال (يوم البغلة الشهباء))!! (مروج الذهب للمسعودي).
فعلت كل هذا وقد أذنت أن يدفن ابوها، وعمر بن الخطاب مع أن الدار لرسول الله لا لها ،ولها منها 1/9 الثمن فقط وفي ذلك يقول ابن العباس:
تجملت تبغلت
ولو عشت تفيّلت
لك التسع من الثمن
وبالكل تملّكت
والتي تفعل كل هذا يهون عليها أن تخبر عمر بن الخطاب وقادة التحالف عن موعد كتابة التوجيهات النبوية النهائية وعن مضمون هذه التوجيهات.
والمكانة التي تمتعت بها عائشة هي التي اخبرتهما بموعد ومضمون التوجيهات النبوية الإلهية، حتى عدا العدة، وحالا بين الرسول وبين كتابة ما أراد، وكسرا خاطره الشريف.
فلا أحد من المسلمين والمسلمات كان يأخذ عطاء في عهدي أبـي بكر وعمر أكثر من عائشة وحفصة، فلكل منهما إثتنا عشر ألفا فهما مميزتان على نساء الرسول اللواتي أعطيت لكل واحدة منهن عشرة الاف.
وكلمة عائشة عند عمر كانت أمراً، أنظر إلى قوله: ((ومن تأمرني أن أستخلف)) ذلك أنه لما طعن عمر أرسل ابنه عبدالله بن عمار ليستأذن عائشة فيدفن في بيت الرسول إلى جانبه وجانب أبي بكر، فقالت عائشة حباً وكرامة، ثم قالت لعبدالله بن عمر ((يا بني أبلغ عمر سلامي وقل لاتدع أمه محمد بلا راع، أستخلف عليهم ولاتدعهم بعدك هملاً، فإني أخشى عليهم الفتنة!!! عندئذ قال عمر: ومن تأمرني أن استخلف)). (الإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري22/1).
فلو أمرته أم المؤمنين أن يستخلف أعرابياً من البادية لفعل، فهو مدين لها بمنصب الخلافة، فلو لم تخبره بموعد ومضمون التوجيهات النبوية النهائية لسار الأمر سيراً طبيعيا لما اختلف اثنان في ما بعد.
والخلاصة وغلى ضوء ماذكرنا: فإن عائشة هي المصدر والمخبر الذي أخبر عمر بن الخطاب وقادة التحالف بموعد كتابة التوجيهات النبوية النهائية وبمضمون هذه التوجيهات، مما أعطي عمر الوقت والفرصة ليجمع قادة التحالف ويقتحم بهم بيت رسول الله فيحولوا بينه وبين كتابة ما أراد.
منذ اعلان النبوة والرسالة، وبطون قريش بحركة لايستقيم لها حال، وهمها الاعظم صرف شرف النبوة عن محمد الهاشمي، والحيلولة بين العرب وبين الاعتراف بهذه النبوة، لا كراهية بالدين الجديد، فليس في الدين الجديد ماتعافه النفس البشرية، ولكن حسداً لبني هاشم، وبعد مقاومة ضارية، وحرب ضروس دامتا 21 عاماً قتل الهاشميون خلالها أكثر ابناء بطون قريش وجاهة وصارت البطون تحقد على محمد والهاشميون لانهم قتلة الأحبة وهكذا جمعت البطون بجيش جرار قوامه عشرة آلاف مقاتل يغزوها في عقر دارها بقيادة محمد والهاشميين، فاستسلمت وتلفظت بالشهادتين، ولكن الحسد والحقد على بني هاشم كانا قد استقرا في نفوس أبناء البطون نهائياً. ولم ينقب الرسول الكريم عما في نفوس البطون بلأكتفى بالظاهر لأن البواطن اختصاص إلهي، وفتح النبي صفحة جديدة، وقالت البطون أنها قد نسيت الماضي، وأسفت عليه وأنها تفتح صفحة جديدة أيضاً. وكان فتح مكه فرصة لألتقاء أبنـآء قبيلة قريش، المهاجر منهم والطليق، وفرصة لتذكر الذين قتلت أكثريتهم على يد الهاشميين وبسبب محمد، وكانت فرصة لتذكر الصيغة السياسية القائمة على اقتسام مناصب الشرف بين البطون، وعلى التوازن والتعادل في ما بينها.
وركز النبي تركزا خاصا على منصب القيادة من بعده وعلى اعتباره النظام الواقعي الامثل الذي يبقى جموع المسلمين داخل اطار الشرعية والمشروعية، وبأمر من ربه قدم الرسول علي بن أبي طالب كأول إمام وقائد للأمه من بعده.
حظر اللذين اصطفاهم النبي ليكتب أمامهم التوجيهات النهائية وليلخص أمامهم الموقف، وفجأة حظر عمر بن الخطاب ومعه قادة التحالف وعدد كبير من أعوانه، الذين اتفق معهم عمر على خطة تحول بين النبي وبين كتابة ما أراد. وحظور أعوان عمر لم يكن بالحسبان!! كيف يفعل النبي أمام هذه المفاجأة؟ هل يلغي الموعد، ويضرب موعداً جديداً، أم يمضي قدماً إلى حيث أمره الله؟ لقد أختار النبي الحل الاخير فقال:
((قربو أكتب لكم كتابا لن تضلو بعده أبدا)) وفي رواية ثانية: ((أئتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تظلو بعده أبدا)) وفي رواية ثالثة: ((أئتوني بالكتف والدواة أو اللوح والدواة أكتب لكم كتابا لن تظلو بعده أبدا)) وفي رواية رابعة: ((أئتوني أكتب لكم كتابا لاتظلو بعده أبدا)) وفي رواية خامسة: ((أئتوني أكتب لكم كتابا لن تظلو بعده أبدا)) وفي رواية سادسة قال: ((ائتوني بكتف أكتب لكم كتابا لاتظلوا بعده أبدا))، وفي روايه سابعة قال الرسول: ((هلم أكتب لكم كتابا لن تظلوا بعده)).
هذا ماقال الرسول حسب كل الروايات، وهذا سبب المواجهة المباشر بين الرسول وعمر بن الخطاب وحزبه!
انظر ملياً إلى هذه الرويات السبع التي أُسندت للرسول (ص):هل فيها خطأ؟ هل فيها غلط!! هل فيها أساءة لأحد!! من يرفض التأمين ضد الضلالة، ولماذا،ولمصلحه من هذا الرفض؟ ثم أن الرسول في بيته، ومن حق الانسان أن يقول داخل بيته مايشاء، ثم إن الرسول مسلم ومن حق المسلم أن يوصي ثم أن الرسول مازال رسولا وقائداً للدولة وسيبقى حتى تصعد روحه الطاهرة إلى بارئها متمتعا بصلاحياته كرئيس. أنه وبكل المعايير العقلية الإنسانية والدينية لايوجد مايبرر موآجهة الرسول بسبب قوله: ((هلم أكتب لكم كتابا لاتظلو بعده أبدآ)) بل إن المؤمن الصادق يستجيب لله ولرسوله، ويفرح بهذا العرض الذي يحصن الأمة ضد الضلالة ابدآ!!
والغريب أنه ما إن أتم الرسول جملته: ((قربوا أكتب لكم كتاباً)) حتى تصدى له عمر بن الخطاب وقال متجاهلاً للنبي وموجها كلامه للحاظرين: ((إن النبي يهجر وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله)). (تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي الحنفي ص 62، وسر العالمين وكشف مافي الدارين لأبي حامد الغزالي ص21).
وما أن أتم عمر كلامه حتى قال أعوانه بصوت واحد متجاهلين وجود الرسول وموجهين كلامهم للحظور: ((هجر رسول الله، إن رسول الله يهجر، ما شأنه أهجر؟ استفهموه ؟ ماله أهجر؟ استفتهموه؟ وردد أتباع عمر مع كل جملة من الجمل الاربعة قافية: ((القول ما قال عمر)) متجاهلين بالكامل وجود الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)!
وصعق الحظور من غير حزب عمر من هول ماسمعوه فقالوا: قربوا يكتب لكم الرسول..، ويرد عمر متجاهلاً وجود النبي: ((إن النبي يهجر، وعندنا كتاب الله حسبـــنا كتاب الله))!! - وعلى الفور- يضج أتباعه بالقافية: القول ماقال عمر إن النبي يهجر، ما له استفهموه أهجر؟ ما شأنه أهجر!!
قال ابن سعـد في طبقاته (2/243-244): ((لما مرض الرسول قال: ((ائتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم كتابا لن تظلو بعده أبدآ، قالت النسوة: ألا تسمعون رسول الله قربوا.. فقال عمر: إنكن صويحبات يوسف، فقال الرسول: ((دعوهن فإنهن خير منكم))!
يبدو أن النساء المجتمعات في بيت رسول الله بمناسبة مرضه سمعن اللغط والمشادة بين عمر وأتباعه من جهة، الذين يحاولون بكل ما أوتوا من قوة أن يحولوا بين الرسول وبين كتابة ما أراد وبين المؤمنين الصادقين الحاظرين الذين استجابوا لله وللرسول، فعندئذ تجمعن أمام الباب أو من وراء الستر، وتعجبن مما يفعل عمر وحزبه فقلن ماقلنه وعنئذ نهرهن عمر وقال انتن صويحبات يوسف فرد الرسول عليه ذلك الرد الموجع.
كثر اللغط، وكثر اللغو، وكثر الاختلاف، وأترفعت الاصوآت، وتنازع الفريقان، فريق عمر والفريق اللذي يؤيد الرسول وسمعت النساء ماجرى وهتفن: ألا تسمعون رسول الله!
وصاح عمر وحزبه بالنساء، ورد الرسول على عمر وحزبه ردا موجعاً، وصارت الكتابة بهذا الجو مستحيلة، لان عمر وحزبه كانو على استعداد لفعل أي شئ يحول بين الرسول وبين كتابة ما أراد، وقد أدرك الرسول ذلك ورأى الكثرة التي جلبها لهذه الغاية.
رأى الرسول كثرة حزب عمر، إصرارهم على فعل اي شئ للحيلولة دون الرسول ودون كتابة ما أراد، فلو أصر الرسول على كتابة ما أراد لاصر عمر وحزبه على إثبات هجر رسول الله، مع مايجره هذا الإتهام من اللغط والاختلاف، وارتفاع الاصوات عند النبي قد كثـر، وحدثت مشادة كادت تؤدي للتنازع، بل وبدأ التنازع فعلا، لذلك رأى رسول الله أن يصرف النظر عن كتابة توجيهاته النهائية، وتلخيصه للموقف، وحسم موضوع هذا التجمع، فعندما وصل الأمر بالنساء لانتقاد تصرفات عمر، ورد عمر وحزبه على النساء متهمين إياهم ((بـإنهم صويحبات يوسف)) تكلم رسول الله وأجاب عمر وحزبه ((بإنهن خير منكم)). (طبقات ابن سعد 244-243/2).
وقال الرسول: ((دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه)) أو ((ذروني فالذي انا فيه خير مما تدعوني إليه)). أو قال: ((قومو عني ولاينبغي عني التنازع))، أو قال ((قومو عني)) وهذا ما تمناه عمر وحزبه، فبعد مانجح عمر وحزبه بالحيلولة دون رسول الله وكتابة ما أراد، فقد تحققت الغاية من اقتحامهم لبيت الرسول، ولم يعد مايوجب البقاء!(صحيح البخاري كتاب المرض باب قول المريض قومو عني 9/7، وصحيح مسلم بشرح النووي 95/11، ومسند الإمام أحمد 356/2، ح 2992، وصحيح بخاري 31/4، وصحيح مسلم 16/2، ومسند أحمد 286/3،و355/1، وتاريخ الطبري 192/2، والكامل لابن أثير 320/2، وتذكرة الخواص للسبط بن الجوزي ص 62، وسر العالميين وكشف مافي الدارين لأبي حامد الغزالي ص21).
لقد أعترف عمر في مابعد، بإنه وحزبه لم يحولوا بين الرسول وبين كتابة ما أراد لأن المرض قد أشتد به، أو لأن القرآن وحده يكفي كما زعموا يومها، إنما صدوا النبي عن كتابة ما أراد حتى لا يجعلوا الأمر لعلي بن أبي طالب!! (شرح النهج لعلامة المعتزلة ابن ابي الحديد114/3).
ولننظر في حوادث مشابهة لما جرى؛ لنعرف هل أن هذا التعامل الفظ والغليظ والوقح وقع فيها أم لا؟!
لقد مرض أبو بكر مرضا شديدا قبل أن يموت، فدعا عثمان قبيل وفاته بقليل ليكتب توجيهاته النهائية، وطلب من عثمان أن لايسمع أحد وقال لعثمان أكتب: ((إني قد وليت عليكم - فأغمي على أبي بكر من شدة الوجع - فكتب عثمان إسم (عمر) ((إني قد وليت عليكم عمر)) فلما أفاق أبو بكر من غيبوبته، فطلب عثمان أن يقرأ له ماكتب فقرأ عثمان، فسر ابو بكر وقال: ((لو كتبت نفسك لكنت أهلاً لهآ))! وأصغى المسلمون لأبي بكر ونفذوا تعليماته وعاملوه بكل التوقير والاحترام ولم يقولوا إن أبا بكر هجر، ولا قالو إن المرض قد أشتد به، ولا قالو حسبنا كتاب الله! (تاريخ الطبري 429/3،وسيرة عمر لابن الجوزي ص37،وتاريخ ابن خلدون 85/2).
عندما اراد أبو بكر أن يكتب توجيهاته النهائية وهو مريض وقبيل وفاته كان عمر جالسا مع المجموعة التي اختتارها أبو بكر ليشهدوا كتابة توجيهاته النهائية ومعه شديد مولى أبي بكر حاملا للصحيفة.
فكان عمر يقول: ((أيها الناس اسمعوا واطيعوا قول خليفه رسول الله)) لماذا لم يقل عمر مثل ماقال بالنسبة إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه! (تاريخ الطبري 2138/1).
قارن موقف عمر وحزبه من رسول الله وموقفهم من أبي بكر، لم يقل عمر أن ابا بكر قد أشتد به الوجع، مع أن وجع أبي بكر أشد من وجع الرسول!! ولم يقل عمر: ((إن أبا بكر قد هجر كما قال هو وحزبه عن الرسول)!! ولم يختلف الحظور ولم يتنازعو ولم يكثر اللغط ولم تتدخل النسـآء، إن هذا لأمر عجآب!!
هل لأبي بكر قيمة عند عمر وحزبه وقداسة أكثر من قيمة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وقداسته؟!!
أجِب كم يحلو لك؟!! فإنك لم تغير الحقيقة المرة؟!!
وعندما طعن عمر بن الخطاب، قال طبيبه: لا أرى أن تمسي فما كنت غافلاً فأفعله، وأشتد بعمر الوجع، وقال: لو إن لي ما أطلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع!! الويل لعمر ولأم عمر إن لم يغفر الله لعمر!! وقال لأبنه عبدالله ضع خدي على الأرض لا أم لك!! ( الإمامة والسياسة لابن قتيبة 21/1-22والطبقات لابن سعد 364/2).
ومع هذا كتب عمر توجيهاته النهائية وعهد لستى نظريا وعهد عثمان عملياً، وأمر بضرب عنق من يخالف تعليماته النهائية! ( الطبقات لابن سعد 247/3، وأنساب الأشراف للبلارذري 18/5 ).
ولقد كتب عمر ما أراد، ولم يعترضه أحد، ولم يقل احد إن المرض قد أشتد به فعلاً أكثر مما أشتد المرض برسول الله!! ولم يقل أحد أن عمر يهجر كما قال ذلك عمر وحزبه لرسول الله!! لم يقل أحد عندنا كتاب الله يكفينا ولا حـآجه لوصيتك، إنما عومل عمر بكل التوقير والتقديس والإحترام ونفذت تعليماته النهائية حرفياً كأنها كتاب منزل من عند الله وأكثر!!
فهل لعمر وأبي بكر قداسه عند الناس أكثر من رسول الله؟!!
وبـأي كتاب انزل بإن الاثنين أولى بالاحترام والطاعة من رسول الله؟! أجب بما يحلو لك ،فـإنك لن تغير الحقيقة المرة!!
لم يصف طوآل التاريخ أن عُومل ولي الأمر سواء أكان خليفة أو ملكاً وهو مريض بالقسـوة والجلافة التي عومل بها رسول الله!!
ولم يصدف أن اعترض المسلمون أي خليفة إذا أراد أن يكتب تعليماته النهائية أو يستخلف من بعده بل على العكس، قال أبن خلدون في مقدمته (إن الخليفة ينظر للناس حال حياته؛ تبع ذلك أن ينظر لهم بعد وفاته ويقيم لهم من يتولى أمورهم من بعده)).
لم يقل أحد لأي خليفة قد أشتد به الوجع!! ولم يقل أحد بإنه قد هجر!! ولم يقل أحد عندنا كتاب الله حسبنا، كما قيل لرسول الله، فهل للخليفة وقار عند المسلمين أكثر من الرسول؟ وهل له مكانة أعظم من مكانة الرسول؟ إن هذا لأمر عجآب!! لقد قالوها بصراحة أن الخليفة أعظم من الرسول!! (تاريخ ابن كثير 7،8/10، وسنن أبي داود 4/ 210 – 209 ، الحديث 2642 ، ومروج الذهب للمسعودي 3/ 147 ، والعقد الفريد لابن عبد ربه 5/ 52 ، وتاريخ الطبري 5/ 61 ).
بعد نجاح الانقلابيين بمواجهتهم مع النبي؛ وحيلولتهم دون الرسول وكتابة ما اراد، وبعد ان تلقى الناس نبأ المواجهة غير المتوقع وتأكدوا من وجود إنقلاب على الشرعية الالهية، وبعد ان بهر الانقلابيون المنافقين، واقتنع طلاب الدنيا المرتزقة من الاعراب ان ميزان القوى الى جانب الانقلابيين، وبعد تفكير عميق قرر الانقلابيون ان يكون موعد تنفيذ الانقلاب خلال الفترة الزمنية الواقعة بين وفاة النبي وبين دفنه؛ وهي فترة إنشغال آل محمد وبني هاشم بمصابهم الجلل برسول الله (ص) وإعدادهم وإستعدادهم لتجهيزه ودفنه؛ اذ لو حضر آل محمد؛ وكان هنالك تكافؤ فرصة لتمكن الامام علي من إقامة الحجة على الانقلابييين؛ واذا تصدى له الانقلابيون كأشخاص فإنه سيسحقهم سحقاً؛ والحل الأمثل ان ينفذ الانقلاب خلال الفترة التي حددوها وفي غياب آل محمد؛ حتى يتمكن الانقلابيون من تنصيب خليفة يزفه اعوانه وانصاره زفا ً ويفاجؤون آل محمد بأمر واقع؛ فاذا إعترض آل محمد عندئذ يصورهم الانقلابيون بصورة الخارجين على الجماعة الشاقين لعصا الطاعة؛ ويصورهم قادة الانقلاب بصورة طلاب زعامة وهكذا يستخفون الناس ويحرفون الكلم عن مواضعه؛ ويتلاعبون بعواطف السذج فاذا خطر ببال علي او آل محمد ان يقاوموا وان يستعملوا القوة؛ فلن يكون عمر او غيره من قادة الانقلاب مضطرا ً لمواجهة علي بل يسلط على الامام مجموعة من الغوغائيين فيحيطون به ويقبضون عليه، واذا تجاوز حدوده يقتلونه، واذا تعاضد معه نفر من الناس، فعندها يسلط الانقلابيون عليهم قبيلة من المرتزقة، وخلال مدة محدودة، تكون نساء آل محمد سبايا، واموالهم غنيمة لتلك القبيلة، وهكذا نجح الانقلابيون بتحديد الوقت المناسب!!
من اللحظة التي قعد فيها رسول الله على فراش المرض؛ استنفر الانقلابيون قاعدتهم الشعبية، وقامت قيادة الانقلاب بتحديد الخطوات وتوزيع الادوار على القيادة والقواعد الشعبية، بحيث ينجح الانقلاب ويتم تنصيب خليفة خلال الفترة الواقعة بين وفاة النبي وبين دفنه فيواجه آل محمد بواقع لا قبل لهم بتبديله، او تعديله او تغيره.
ووضع قسم كبير من انصار الانقلاب في المسجد وحوله، ليكونوا قرب آل محمد يراقبون تحركات آل محمد وينتظرون اللحظة التي ياتي بها الخليفة الجديد، فيستقبلونه، مجرد وصوله، ويبايعونه امام ال محمد ، بعفوية وبدون إعتراض، وكأن هذا القسم لا يعرف شيئا ً عن الانقلاب وكأنه قد فوجىء كما فوجيء آل محمد، ولكن ليبدو الامر طبيعيا ً يباشر هذا القسم بالبيعة.
وبالفعل عندما جاء الخليفة الجديد نهضت هذه المجموعة لإستقبال الخليفة فقال لهم عمر بن الخطاب: (( مالي أراكم حلقاً شتى قوموا فبايعوا أبا بكر فقد بايعته وبايعته الانصار!! (الامامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري 1/11).
وكأن كلام عمر مسحة رسول! فقام عثمان بن عفان والأمويون فبايعوا الخليفة الجديد، وقام سعد بن ابي وقاص وعبد الرحمن بن عوف ومن معهما من بني زهرة فبايعوا الخليفة الجديد، ولم يبق من هذا الجمع، بدون بيعة الا علي بن ابي طالب، والعباس ، ومن معهما من بني هاشم، بالاضافة الى الزبير الذي انضم إليهم .
وهكذا عـُزلَ الهاشميون وآل محمد كما خطط قادة الانقلاب؛ ونجح القسم الذي وضع في المسجد باداء دوره على اكمل وجه .
وبعد ذلك تحرك قسم، من الانقلابيين الى منطقة الانصار، واجتمعوا في سقيفة بني ساعدة كأنهم زوارٍ لسعد بن عبادة، الذي كان مريضا ً وطريح الفراش بإجماع كل المؤرخين، ومهمة هذا القسم ان ينتظر قدوم قادة الانقلاب الرئيسيين الثلاثة، وان يشتركوا بالحوار وكأنهم لاعلم لهم بوجود إنقلاب، حتى اذا نجح قادة الانقلاب، بجر المجتمعين إلى الخوض في حديث خليفة النبي، أو من يخلف النبي امسكوا بالحديث وتابعوه حتى يتم تنصيب الخليفة المتفق عليه وهو ابو بكر عندئذ ينهض القسم الذي تجمع في سقيفة بني ساعدة ويبايع،ابا بكر كأول خليفة للنبي فيذهل الحاضرون من غير الانقلابيين ويجدون ان من الحكمة، مبايعة الخليفة الجديد، حتى يشركهم في ما بعد بالمنافع والادوار، ويحافظوا على مصالحهم .
سعد بن عبادة مريض بالاجماع، وقاعد على فراش المرض، في منزله المجاور لسقيفة بني ساعدة، ولان سعدا ً سيد الخزرج بلا كلام فمن الطبيعي ان تأتي وجوه الخزرج لعيادته والاطمئنان على صحته، وليتدارسوا الوضع، بعد ان تأكدت وفاة الرسول الكريم خاصة وان وفاة النبي ستترك فراغا ً هائلا ً.
وفجأة حضرت الاوس، المتفقة مع قادة الانقلاب، والمحصورة مهمتها بمبايعة الخليفة الجديد عند طرحه من قبل قادة الانقلاب الثلاثة، وليس في حضور الأوس او جزء كبير من الأوس، او مجموعة من الأوس لزيارة سعد بن عبادة مايثير الريبة، فسعد مريض وعيادة المريض وزيارته مرغوبة في الجاهلية والاسلام، وهي من حيث الظاهر مبادرة نبيلة من الأوس .
جلس الجميع واطمأنوا ظاهريا ً على صحة المريض، سعد سيد الخَزرج، ومن غير المستبعد ان الانقلابيين من الاوس قد تطرقوا الى عصر مابعد النبوة، ويجمع المؤرخون ، بانهم قالوا لسعد بن عبادة الامر لك، فما كنت فاعلا ً فلن نعصي لك امرا ً بمعنى ان سعد بن عبادة يتولى توجيه الانصار الى مايمكن عمله، وكيف، وليس المقصود تولية سعد خليفة على المسلمين، فلا سعد يقبل ذلك، ولا الاوس تقبل ذلك، ومن الطبيعي ان ينشرح خاطر سعد فهو سيد الخزرج بلا منازع وتولى من حضر من الاوس وهم كثير، الامر لك امر غريب ومدهش، ولكن تقبله سعد وتقبلته الخزرج بحسن نية، وبارتياح كانت الخزرج خالية الذهن تماما ً من موضوع الانقلاب ومن تورط اعداد كبيرة من الاوس فيه.
حضور قادة الانقلاب الثلاثة، وفجأة حضر َ ابو بكر وعمر وابو عبيدة حضور ابي بكر
وعمر خاصة امر مستهجن، فهم اصهار الرسول، وقد جرت العادة ان ينشغل الاصهار مع اهل الميت بتجهيزه ودفنه ولكن سعد والخزرج تصوروا ان زيارة الثلاثة تعبير عن محبتهم لسعد بن عبادة ولفتة نبيلة منهم تجاه الخزرج ومن الطبيعي ان ينهض الجميع او يتفسحوا على الاقل للزوار الثلاثة ومن الطبيعي ان ينقطع الحديث بوصول الزوار الثلاثة ومن ثم يجلس الجميع، الحشد الذي كان عند سعد بالاضافة الى الزوار الثلاثة فمن الذي وصل الحديث او من الذي بدأ الحديث !!؟ وكيف تطور الى الحديث عن خلافة النبي ؟!! لا أحد يعلم ذلك على وجه اليقين!!
لم تعد الروايات التاريخية التي هندستها وسائل اعلام السلطة مقبولة علنياً ولا قادرة على الوقوف امام اي تحليل منطقي محايد!!
لكن المؤكد الوحيد ان غاية الثلاثة من قدومهم هو تنصيب الخليفة الجديد بهذا المكان الملائم بعيدا ً عن آل محمد ثم زف َّ الخليفة الى المسجد حيث يبايعه الانقلابيون المتواجدين في المسجد وحول بيت الرسول، ومن المؤكد ايضا ً ان قسماً كبيرا ً من الاوس كان ضالعاً وان تواجدهم ليس صدفة، انما هو عمل مدبر وثمرة تخطيط وتدبير مسبق فأسيد بن حضير قدمته وسائل اعلام الدولة على انه سيد الاوس وبعد يوم واحد من دفن الرسول يشترك في سرية يقودها عمر بن الخطاب مهمتها (احراق بيت فاطمة بنت محمد على من فيه وفيه علي والحسن والحسين وفاطمة )!! فهل يعقل ان يكون هذا الاندفاع ثمرة صدفة في السقيفة ام انه فصل في كتاب المؤامرة؟! (تاريخ الطبري2 /443-444, وابو بكر الجوهري حسب رواية ابن ابي الحديد في 1/ 130 – 134, 19/3 تجد ان أسيد بن حضير هو أحد رجالات سرية الحريق)!!
|
|
|
|
|