عرض مشاركة واحدة

علي الفاروق
عضو فضي
رقم العضوية : 22289
الإنتساب : Sep 2008
المشاركات : 1,941
بمعدل : 0.32 يوميا

علي الفاروق غير متصل

 عرض البوم صور علي الفاروق

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : علي الفاروق المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 10-08-2012 الساعة : 06:03 PM


بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآل محمد


يقول أبو يحيى الخنفري: النقطة الثانية


إن الحديث المذكور من رواية زيد بن الحسن القرشي الكوفي، وقد قال عنه أبو حاتم الرازي:
«
منكر الحديث» ، وقال عنه الحافظ: «ضعيف» ، وقال ابن عدي: «لعل شعبة لم يرو عن أضعف
منه» (الكاشف 1/338).


وعلى ذلك يكون الحديث ضعيفاً في أصله ، إلا أن الترمذي رقّاه إلى مرتبة الحسن لغيره ، وذلك لتعدد طرق الحديث وشواهده.

وقد استشكل على البعض إدراج الترمذي للحديث ضمن الحديث الحسن ، بالرغم من وجود من هو منكر الحديث في رواته.

والجواب عن الاستشكال أن الترمذي لم يستعمل مصطلح الحسن لذاته، واقتصر على الحسن لغيره في الاصطلاح.

والفرق بينهما: أن الحسن لذاته هو أن يكون راويه صدوقاً، إلا أنه لم يبلغ درجة رجال الصحيح في الحفظ والإتقان.

وأما الحسن لغيره، فهو الحديث الضعيف الذي تعددت طرقه تعدداُ يجبر وهنهويقويه. وهو ما يطلق عليه الترمذي بالحديث الحسن.

فإذا قال الترمذي حديث حسن، أراد الحسن بغيره. وإذا قال المحدثون حديث حسن، أرادوا الحسن لذاته.

وبذلك يتبين أن الحديث عند الترمذي في أصله ضعيف، ولكن انجبر ضعفه عنده بتعدد الطرق والشواهد.
وقد علق شيخ الإسلام على تحسين الترمذي للحديث بقوله: «وفيه نظر» (مجموع الفتاوى 28/493).


يقول علي الفاروق


وفيه ثلاث محطّات جديرة بالتأمّل:




المحطّة الأولى:ترجمة زيد بن الحسن الأنماطي

لقد ذكر ترجمة الأنماطي بذكر الجارحين له، والطاعنين عليه، دون ذكر الموثّق له.

ونحن ههنا سنناقش آراء الطاعنين على زيد الأنماطي لنستخلص أنّ رتبة حديث زيد ـ على أقل التقادير ـ الحسن لذاته.

وإليك مناقشة آراء العلماء:

القول الأول: قال أبو حاتم الرازي: " منكر الحديث ".

أقول: هذا القول هو عمدة الآراء، وعليه ركن الحافظ العسقلاني ـ كما سيأتي في محلّه ـ، وعلى هذا الجرح يرد:

أولاً: أبو حاتم متعنّت، ومن المعلوم أن المتشدد في التعديل يتوقّف عن قبول جرحه فيما لو لم يكن له موثّقاً، أو كان له مؤيّداً من الجرح المفسّر، وسيوافيك أنّ لا حجّة في أيّ واحد منها.

ثانياً: الجرح مجمل، فإن قولهم: " منكر الحديث " جرح مجمل عندهم ـ عدا البخاري ـ، والجرح غير المفسّر مردود ـ كما تقرر في محلّه ـ، لقد صرّح الشيخ الألباني نفسه بكون هذا الجرح غير مفسر، حيث قال: " وقد تأول الحافظ في التهذيب قول يحيى بن سعيد وهو القطان: منكر الحديث، بأن مراده الفرق المطلق.

قلت: فإن صحَّ هذا التأويل منه، وإلا فهو مردود لانّه جرح غير مفسر "[1].

إذن: جرح أبي حاتم الرازي مردود.

القول الثاني: قال ابن عدي: " لعلّ شعبة لم يروِ عن أضعف منه ".

أقول: هذا التضعيف ينبغي التأمّل فيه أكثر، حيث يرد:

أولاً: لقد تقرر في محلّه أنّ شعبة لا يروي إلا عن ثقة، ورواية شعبة عنه دليل على وثوقه له، وأمّا كونه أضعف راوٍ روى عنه شعبة، فليس فيه ما يدلّ على ضعفه، إذ أنّ الوثاقة على مراتب، وقد يكون راوياً ثقة عند شخص، ولكنّه قريب إلى الضعف عند آخر، وليس ذلك إلاّ لأنّ الثاني متشدد في قبول الرواة.

وتشدد شعبة الرواية عن الضعفاء أمر مشهور، وحكاياته كثيرة في الباب.

ثانياً: إن " لعل " لا يفيد جرحاً في البحث العلمي، إذ أنّ الاستدلال بـ " لعل " مهنة غير العلماء، وهي لا تفيد سوى احتمالاً، والجرح ينبغي التثبّت منه فلو لم يثبت الجرح فهو مردود.

القول الثالث: قال العسقلاني: " ضعيف ".

أقول: وهذا الجرح من أوهنها، فإنه يرد عليه:

أولاً: العسقلاني متأخّر، وهو ما لا يُعتدّ بقوله مع وجود رأي معتمد للمتقدّم.

ثانياً: الجرح مجمل، فإنّ قولهم " ضعيف " جرح مجمل كما صرّح به غير واحد من أهل العلم.

ثالثاً: اعتمد الحافظ على جرح الرازي، وهو مردود، إذن: جرح العسقلاني مردود أيضاً لأنّه تبع، وليس أصل.

هذا ملخّص ما جاء في جرح زيد بن الحسن الأنماطي

ولكن يُستفاد أنّه ثقة، من خلال:

أولاً: قال ابن حبان: " ثقة ".

وإنْ كان ابن حبّان متساهل، ولكنّ لا يعني ذلك ردّ قوله، بل مع عدم وجود الجرح المفسّر يُقبل رأيه، ويقدّم على غيره.

ثانياً: قال الترمذي عن الحديث: " هذا حديث حسن غريب "، حيث حسّن الترمذي الحديث، وقد ورد في أسناده الأنماطي، فهذا يعني أنّ الترمذي يرى وثاقة الأنماطي أو حُسن حاله.

قال الذهبي: " وإن صحح له مثل الترمذي وابن خزيمة فجيّد أيضاً "[2].

ثالثاً: رواية شعبة عنه: وقد ثبت في محلّه أن شعبة بن الحجاج لا يروي إلا عن ثقة، وروايته عنه يدل على وثاقته.

رابعاً: لو قُلنا أن الأنماط اُختلف فيه جرحاً وتعديلاً، حيث قبلنا جرحهم فيه:

قال التهانوي: " إذا كان الراوي مختلفاً فيه: وثّقه بعضهم، وضعّفه بعضهم، فهو حسن الحديث"[3].

ويقول المنذري: " فأقول إذا كان رُواةُ إسناد الحديث ثقات وفيهم من اختلف فيه: إسناده حسن، أو مستقيم، أو لا بأس به "[4].

وقال المحقق ابن الهمام: " وأعلّه بتضعيف عبد الجبار بن مسلم، وهو ممنوع فقد ذكره ابن حبان في الثقات، فلا ينزل الحديث عن الحسن "[5].

خامساً: توثيق الألباني: فقد صحّح الألباني الحديث حيث حكم في موضعين بالصحّة، ففي تعليقته على سنن الترمذي، وكذا في سلسلته الصحيحة، في حال أن الأنماطي في السند.

إذن: زيد الأنماطي حديثه حسن لذاته.




المحطّة الثانية: ضعف الحديث عند الترمذي

قيل: " إن الحديث عند الترمذي في أصله ضعيف، ولكن انجبر عنده بتعدد الطرق والشواهد ".

نقول: إن الحديث عند الترمذي حسن لذاته ـ كما أسلفنا سابقاً ـ، ولا يستقيم الدليل على كون الحديث ضعيفاً، بل الحجّة قائمة على خلاف ذلك.

فإن عمدة استشهادكم على ضعف الحديث هو ضعف زيد الأنماطي، وقد ثبت كونه ثقة، حسن الحديث ـ على أقل التقادير ـ، فقول الترمذي: " هذا حديث حسن غريب " يوافق كون الأنماطي حسن الحديث، فإن قوله " حسن غريب " يعني الحسن لذاته ـ كما ذكرنا سابقاً ـ.




المحطة الثالثة: قول ابن تيمية فيه نظر.

أقول: إن قول الشيخ ابن تيمية مردود جملة وتفصيلاً:

أولاً: ابن تيمية ليس من أهل الحديث، فهو ليس من أهل هذا الفن، بمعنى أنّه ليس ممن تعمّق في علل الحديث، واستخرج غورها بالتأمّل وبجمع القرائن، إذ الحرّاني ليس بمرتبة الذهبي أو العسقلاني وغيرهما في علم الحديث، فالحرّاني مختصّ بالمسائل العقدية، وليس الحديثية.
ثانياً: ابن تيمية متسرّع في التضعيف: الذي يقرأ كتب ابن تيميّة ـ وخصوصاً المنهاج ـ يتلمّس جليّاً أن ابن تيمية متسرّع في ردّ الأحاديث وتضعيفها، وقد صرّح بهذه الحقيقة المدوية العديد من كبار الأعلام منهم: العسقلاني والألباني وغيرهما، لذلك لم يعتد جملة من الأعلام بآرائه الحديثية.


يتبع..


[1] السلسلة الصحيحة ج 1 ـ ص 768.

[2] الموقظة ـ ص 87.

[3] قواعد في علوم الحديث ـ ص 72.

[4] الترغيب والترهيب ـ ج 1 ـ ص 4.

[5] الفتح ـ ج 1 ـ ص 76.





توقيع : علي الفاروق
اللهم صل على محمد وآل محمد
من مواضيع : علي الفاروق 0 شرح كافية ابن الحاجب ـ الرضي الاسترآبادي
0 الإمامة والخلافة الإلهية ـ الشيخ حبيب الأسدي
0 فلسفة الشعائر الحسينية ـ الشيخ محمد السند
0 مشاهد الفداء والفناء
0 حركة تصحيحية لمنهج السيد كمال الحيدري ـ الشيخ أحمد سلمان
رد مع اقتباس