|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 20
|
الإنتساب : Jul 2006
|
المشاركات : 13,004
|
بمعدل : 1.90 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
عاشقة النجف
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 09-08-2007 الساعة : 03:40 AM
الإمامة في القرآن
ثمة في القرآن عدة آيات استدلّ بها الشيعة في باب الإمامة، من بينها آية { إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ }(المائدة/55). والحاصل في هذه الآيات جميعا أن فيها روايات من أهل السنة تؤيد ما يذهب إليه الشيعة وتؤكده.
أمامنا في القرآن آية نصها: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}(المائدة/55). و "إنما" في الآية تفيد التخصيص لكونها أداة حصر، والمعنى الأصلي (للوليّ) هو: الأولى بالتصرّف، الأحق بالقيمومة والأمر. فالولاية - في الآية - إذن: التصرف والقيام بالأمر.
أي إن وليكم الذي يقوم بأمركم هو الله ـ فقط - ورسول الله والمؤمنون الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون.
عندما نعود إلى أحكام الإسلام لا نجد فيها ما يدل على وجوب أن يأتي المسلم الزكاة وهو راكع، حتى نقول أن هذا الحكم عام يشمل الجميع ولا يفيد الحصر والتخصيص. وهذا يعني أن الآية تشير إلى واقعة حدثت في الخارج مرة واحدة، وقد اتفق الشيعة والسنة على نقلها.
وملخص الواقعة: أن سائلا دخل المسجد وعليّ (عليه السلام) يصلّي، فأومأ إليه الإمام بإصبعه، وكان يتختم فيها، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره وانصرف. لم ينتظر الإمام عليّ حتى يتم صلاته، بل عجّل بإعطاء الخاتم، حين أشار به إلى السائل بما أفهمه بأخذه والإفادة من ثمنه.
ليس ثمة من يختلف من الشيعة والسنة في أن عليّاً (عليه السلام) أعطى خاتمه وهو في الصلاة، وأن الآية نزلت بشأنه. كما نعرف أن ليس في أحكام الإسلام ما يدل على وجوب الإنفاق في حال الركوع أو استحبابه، ليصحّ أن يقال أن بعضهم - غير من خصته الآية وهو الإمام علي - عمل بهذا الحكم.
فالآية تشير إذن في قولة {وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}إلى من فعل ذلك في تلك الواقعة المعروفة، أي فيها إشارة وكناية. أما بشأن التعبير عن الواحد بلفظ الجمع، فقد تكرر ذلك في القرآن، إذ يعبر بـ"يقولون" مع أن القائل واحد**. (قد يعبر عن الواحد بلفظ الجمع إذا كان معظما عالي الذكر، قال تعالى: "أنا نحن نزلنا الذكر وأنا له لحافظون"، وقال:"رب ارجعون":"ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها".
وقال: أفيضوا من حيث أفاض الناس" والمراد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وثم نظائر لذلك كثيرة فإذا ثبت استعمال ذلك، كان قوله:"الذين يقيمون الصلاة" محمولا على الواحد.
ينظر: التبيان في تفسير القرآن، الشيخ الطوسي، طبعة مكتبة الإعلام الإسلامي، ج3، ص 562، 563.
يتضح مما مرّ أن الآية عيّنت عليا (عليه السلام) وليا للأمّة [الولاية بمعنى التصرّف والحكم والأمر والنهي].
من الآيات الأخرى ما نزل بشأن واقعة الغدير. وقضية الغدير في نفسها هي جزء من السنّة، يجب علينا أن نبحثها فيما بعد (في باب الإمامة في السنة النبوية).
لذلك نأخذ من الواقعة ما نزل بشأنها من آيات في سورة المائدة، منها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}(المائدة/67).
تنطوي الآية على لغة شديدة بلغ من شدتها أن مضمونها يعكس بصورة عامة فحوى الحديث: "من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية"، وإنها تقول للنبي إنه إن لم يبلغ الأمر الذي أنزل إليه، فما بلغ الرسالة قط.
تتفق كلمة الشيعة والسنّة على أن سورة المائدة هي آخر سورة نزلت على النبي، وأن هذه الآيات هي آخر ما نزل عليه (صلى الله عليه وآله) حيث كان قد انتهى من تبليغ الأحكام التي نزلت عليه طوال (13) عاما أمضاها في مكة، وعشر سنوات أمضاها في المدينة، وعندئذ يكون ما نزل إليه في عداد آخر تعاليم الإسلام وأوامره.
والآن يطلق الشيعة هذا السؤال: ما هو الأمر الذي نزل إلى النبي في عداد آخر ما نزل إليه، بحيث بلغ من أهميته أن النبي لو توانى عن تبليغه وامتنع عنه، لكأنه لم يبلغ أي شيء مما نزل إليه طوال سنوات البعثة؟
ليس بوسعكم أن تؤشروا على موضوع يرتبط بأواخر عمر النبي، توازي أهميته أهمية الرسالة نفسه، بحيث إن تخلف عن تبليغه، يكون وكأنه ما بلغ من الرسالة شيئا.
أما نحن ـ الشيعة - فبوسعنا أن نقول إنّ هذا الموضوع هو مسألة الإمامة، فلولا الإمامة يغدو كل شيء وكأنه لم يكن، أي لا يبقى نسيج الإسلام متماسكا، بل يتهاوى ويتمزق.
ثم إن الشيعة تستدل بروايات أهل السنّة وكلماتهم على أن الآية نزلت في غدير خم والآية الكريمة من سورة المائدة: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِينًا}(المائدة/3).
تشير بنفسها إلى واقعة حدثت في ذلك اليوم، هي من الأهمية بحيث كانت في عداد ما يكمل الدين ويتم نعمة الله على البشر. فبفعل تلك الواقعة اكتسب الإسلام معناه، وأضحى دينا كما يريده الله، وبارتفاعها لا يكون الإسلام إسلاما، أي لا يكون ثمة معنى له كما أراده الله.
تستند الشيعة إلى ما تعكسه لغة الآية ولهجتها من كثافة وشدّة في الاستدلال على أهمية المسـألة، وهي تتساءل عن الموضوع الذي يرتفع إلى مستوى يكون فيه مكملا لدين الله، متمّماً لنعمته، بحيث توازي أهميته الإسلام نفسه، حتى يساوق انتفاؤه انتفاء الرسالة ذاتها؟
تعتقد الشيعة أنها تستطيع أن تحدد هذا الموضوع وتسمّيه، في حين يعجز أهل السنّة عن ذلك. هذا بالإضافة إلى الروايات الموجودة التي تؤكد أن الآية نزلت بشأن الموضوع المعني. تلك آيات ثلاث استعرضتُ من خلالها خلاصة ما تستدلّ به الشيعة بشأن الإمامة.
|
|
|
|
|