|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 77639
|
الإنتساب : Mar 2013
|
المشاركات : 741
|
بمعدل : 0.17 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
alyatem
المنتدى :
المنتدى العام
بتاريخ : 11-03-2013 الساعة : 08:43 AM
المبحث الثالث
مناقشات وردود
تعرضّنا فيما سبق لأهم عقائد الحركات السلوكية المنحرفة، وللشعارات المظللة التي رفعتها، والأدوار المشبوهة التي تمارسها في الساحة العراقية، في سعي منها ومن المشرفين عليها من خارج الحدود لتمزيق المجتمع الشيعي من الداخل وإسقاط العملية السياسية التي يقودها الشيعة.
إن الهدف الرئيسي لكل ذلك هو إضعاف الكيان الشيعي بصوره عامة، وإجبار السياسيين الشيعة على التوقيع على التنازلات المطلوبة منهم، والتي ستكون على حساب حقوقهم المشروعة، تلك الحقوق التي حصلوا عليها بعد بحار من الدم والتي تتناسب مع كونهم الأغلبية في العراق. ومن المؤكد أن جميع هذه (الجهات والتيارات والمجاميع) ستذوب وتنتهي بمجرد أن يتم التوقيع على التنازلات الكبرى المطلوبة؛ لأن دورها سيعتبر منتهياً، وأنها قد حققت الهدف المطلوب من إيجادها.
إن الرد على العقائد المنحرفة لهذه الحركات، وفضح نواياها ومخططاتها، وكشف امتداداتها المشبوهة، وتوضيح خطرها على الأمن الوطني العراقي، بحاجة إلى تضافر جهود الكثير من العلماء والمثقفين والسياسيين ووجهاء الأُمّة وقادة الرأي فيها؛ لأنه من غير الممكن الوقوف بوجه هذه المؤامرة العالمية والإقليمية بجهود فردية مبعثرة، وغير مبنية على إستراتيجية متكاملة لمواجهة هذه الريح السوداء، وهذه الموجة الظلامية التي تستهدف تدمير كل بنى الأُمّة الحضارية والدينية والأخلاقية والعمرانية والبشرية.
ولكن ولأن ما لا يدرك كله لا يترك كله، سنفرد بضعة صفحات للرد على هذا المنهج المشبوه وحسب الطاقة، علما أن هناك الكثير من الردود قد وردت في ثنايا البحث:
أولاً ـ عقيدَتي الاتحاد والحلول ووحدة الوجود:
1 ـ إن هذه العقائد من عقائد الأُمم الوثنية والمشركة، كما بيّنا فيما سبق.
2 ـ إن خلاصة ما تدعو إليه هذه العقائد هو أن الله والإنسان شيء واحد في الأصل (وحدة الوجود)، أو أنهما يمكن أن يكونا شيئاً واحداً (الاتحاد والحلول).
3 ـ إن هذه العقائد تعد مخالفة ومتناقضة تماماً مع عقيدة التوحيد.
4 ـ إن الإيمان بهذه العقائد إنما يؤكد مذهب (الجبرية) باعتبار أن تصرفات الإنسان تصرفات معصومة لأنها إلهية في الحقيقة، فلا حساب ولا عقاب ولا جنة ولا نار.
ثانياً ـ إسقاط التكاليف:
الغريب والعجيب والمريب في أصحاب هذه العقائد أنهم يؤمنون بان وصولهم إلى درجة اليقين يوجب سقوط التكاليف عنهم، وفي الحقيقة ليس هناك من دليل على ما يقولون غير الأهواء النفسية والعقائد المنحرفة. وإلاّ فأن الإمام الذي يعتبرونه قدوتهم ويعتبره المتصوفة رائدهم وهو القائل (لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً) [1] أي انه قد وصل إلى أعلى درجات المعرفة بالله تعالى، ومع ذلك كان وحتى يوم شهادته من أكثر الناس بعد رسول الله (عبادة). بل روي انه عليه السلام ما كان يشعر بالأشياء من حوله إذا ما كان قائما في محراب الصلاة، هذا الإمام لم تشغله حالة اليقين عن عبادة الله، بل زادته تمسكا بها، وهؤلاء الأئمة من ولده عليهم السلام فإنّهم قمم في الالتزام بالعبادات وحث الناس عليها، وكانت آخر وصاياهم لأتباعهم ضرورة المواظبة عليها، وإمامنا علي بن الحسين عليه السلام خير مثال على ذلك، وهو الذي أصبح مضرب الأمثال في عبادته حتى سمّي بـ (زين العابدين) [2].
ولو عدنا إلى المدرسة التي ينطلق منها دعاة (السلوكية) ألا وهي مدرسة (التصوف والعرفان) لوجدنا أن العرفاء الحقيقيون يزدادون التزاما بعباداتهم كلما ازدادوا انغماسا واندكاكا بعرفانهم، والسيد عبدالأعلى السبزواري رحمه الله والسيد محمد الصدر رحمه الله مصاديق لما نقول.
ولم نسمع بظاهرة أن الوصول إلى درجة اليقين يوجب إسقاط التكاليف، إلا ما كانت تفعله (فرق الغلاة) في القرون الماضية.
وهو ما يؤكد وجود نوعين من التصوف، (التصوف الشرعي المعتدل) الذي يربي على تهذيب النفس والإخلاص في العبادة والتعود على الزهد، و(التصوف المنحرف الشركي) المتأثر بعقائد الديانات السابقة والأُمم المشركة.
هامش
-----------------
1 ـ شرح ابن أبي الحديد ج7 ص253 وج10 ص142 وج11 ص179 وص202 وج13 ص8.
2 ـ ذكر السيد هاشم البحراني رحمه الله في مدينة المعاجز ج4 ص 252 ح 31 عن الشيخ المفيد رحمه الله في إرشاده بسنده عن سعيد بن كلثوم، قال: كنت عند الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام، فذكر أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فأطراه ومدحه بما هو أهله ثم قال: والله ما أكل علي بن أبي طالب من الدنيا حراما قط، حتى مضى لسبيله، وما عرض له أمران قط هما لله رضا إلاّ أخذ بأشدهما عليه في دينه، وما نزلت معه برسول الله صلى الله عليه وآله نازلة قط إلاّ دعاه ثقة به، وما أطاق عمل رسول الله صلى الله عليه وآله من هذه الأمّة غيره، وإنه كان ليعمل عمل رجل كأن وجهه بين الجنة والنار، يرجو ثواب هذه، ويخاف عقاب هذه، ولقد أعتق من ماله ألف مملوك في طلب وجه الله والنجاة من النار، مما كد بيديه ورشح منه جبينه، وإن كان ليقوت أهله بالزيت والخل والعجوة [نوع من التمر]، وما كان لباسه إلا الكرابيس [الثوب الخشن] إذا فضل شئ عن يده من كمه دعا بالجلم [المقراض] فقصه، وما أشبهه من ولده ولا أهل بيته أحد أقرب شبها به في لباسه وفقهه، من علي بن الحسين عليهما السلام ولقد دخل أبوجعفر ابنه عليه السلام عليه فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد فرآه وقد اصفر لونه من السهر، وومضت عيناه من البكاء، ودبرت جبهته، وانخرم أنفه من السجود، وقد ورمت ساقاه وقدماه من القيام في الصلاة. فقال: أبوجعفر عليه السلام: فلم أملك حين رأيته بتلك الحال من البكاء، فبكيت رحمة عليه، وإذا هو يفكر، فالتفت إلي بعد هنيئة من دخولي، فقال: يا بني أعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة علي بن أبي طالب عليه السلام، فأعطيته فقرأ فيها شيئا يسيرا، ثم تركها من يده تضجرا، وقال: من يقوى على عبادة علي عليه السلام.
ورواه أبو علي الطبرسي في إعلام الورى أيضا. انظر الإرشاد للمفيد: 255، إعلام الورى: 254 ـ 255 وأخرجه في كشف الغمة: 2: 85 والبحار: 46: 74 ح 65 والوسائل: 1: 68 ح 18 والعوالم: 18: 90 ح 2 وحلية الأبرار: 2: 222 ح 15 عن الإرشاد، وصدره في البحار: 41: 110 ح 19 وقطعة منه في الوسائل: 3: 370 ح 2.
|
|
|
|
|