عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.17 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 7  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 15-03-2013 الساعة : 03:26 AM


ونستمر بعرض كلام السيد محمود الهاشمي، حيث عرض العامل الاول لبلورة قرار السيد الشهيد الصدر في التصدي المرجعي، وهنا يذكر سماحته العامل الثاني:

ب ـ الضغط المستمر من جانب الجماهير

والسبب الآخر: عبارة عن الطلب المتزايد الذي كان يتلقّاه من الناس للتصدّي للمرجعيّة؛ ففي العراق ـ وعلى الصعيد الفكري والسياسي والاجتماعي ـ لم يكن ليُدرَكَ شأوُ الشهيد الصدر ولا ليشَقَّ غبارُه، بل قلَّ له نظيرٌ في العالم الإسلامي عموماً، فقد امتازت كتبه ومقالاته ومحاضراته بعمق عجيبٍ ولافت، الأمر الذي مدّ بينه وبين الكثيرين في داخل العراق وخارجه جسور العلاقة وأواصر التلاقي. خذوا على سبيل المثال الإيرانيّين الموجودين في الخارج الذين كانوا يتردّدون على العراق، أو مناهضي النظام الذين كان بعضهم من أرحام السيّد الصدر وأقاربه كالسيّد صادق الطباطبائي، أو من قبيل أعضاء الجمعيّات الإسلاميّة الذين كانوا يتردّدون عليه كـ[الدكتور إبراهيم] اليزدي وأمثاله، هؤلاء كانوا يذهبون إلى لبنان ويلتقون بالسيّد موسى الصدر، ويأتون إلى العراق ويلتقون به ويتأثّرون بأفكاره العلميّة والسياسيّة.



لم تكن العين تُفتح على مثله، وكان له في المجالات كافّة القدحُ المعلّى، وعليكم أن تشاهدوه في جلساته، فبمجرّد أن تتحرّك شفتاه لينهدر منهما الجواب حتى يقع السامع أسيرَ سحره وجاذبيّته ومنطقه، لقد كان شخصاً استثنائيّاً.

على كلّ حال، كان لأستاذنا درسٌ في الأصول وآخر في الفقه، وتربّى على يديه ثلّة من الطلاّب الذين كانوا يسوحون في العالم العربي ويجوبون أرجاءه، وخاصّة في العراق ولبنان، وقد أصرّ هؤلاء مع تقادم الأيّام على تقليد السيّد الصدر والرجوع إليه، وكانوا بادئ الأمر يستنسخون حاشيته على (العروة الوثقى) (1) و(منهاج الصالحين) بمئات النسخ. لقد كانت أعلميّته ثابتةً لدى الكثيرين ممّن رغبوا في تقليده، وقد جذّر لديهم هذا الشعور تلك الروحيّة العالية التي تمتّع بها إلى جانب توجّهه الثوري والحب والعاطفة الجيّاشة التي كانت تتدفّق من جنبيه.

لقد أخذت النزعة إلى تقليده بالتنامي والانتشار خاصّة في أوساط الشباب، إضافةً إلى بعض كبار العلماء المتواجدين في محافظات العراق المختلفة، من قبيل السيّد [مير] محمّد القزويني، وهو أحد الفضلاء والمجتهدين في البصرة، فقد طلب إلينا في ذلك الحين أن نوفّر له دفاتر الفقه وغيره من أبحاث السيّد الصدر، فكان يقارنها بأبحاث السيّد الخوئي التي كان كثيرٌ منها قد أبصر النور ـ من قبيل (التنقيح) ـ إلى جانب (مستمسك العروة الوثقى) للسيّد الحكيم، ولكن حيث إنّ السيّد الحكيم كان وقتئذٍ على قيد الحياة، وكان السيّد القزويني قد أرجع الناس إليه بعد ثبوت أعلميّته لديه، فقد كان يقول بأنّنا مكلّفون من الناحية الشرعيّة بالإرجاع إلى السيّد الحكيم ولا يمكننا الدعوة إلى غيره، ولكنّه أوفد إلى أستاذنا الشهيد أنجاله وعشائر البصرة عدّة مرّات. وبعد رحيل السيّد الحكيم أصبح السيّد القزويني في مرمى مضايقات البعثيّين، فغادر إلى الكويت التي كان يحمل جنسيّتها، وهناك انتقل إلى رحمة الله تعالى، ولا يزال أحد أبنائه هناك يمارس القضاء وإمامة المسجد.

وعلى كلّ حال، وكما سبق أن ذكرتُ، فقد أرسل السيّد القزويني أنجاله إلى السيّد الصدر عدّة مرّات، ولم تكن تأكيدات السيّد الصدر المبرمة على عدم تصدّيه للمرجعيّة وعلى الإرجاع إلى السيّد الخوئي لتمنعهم من الترويج له، وذلك من خلال نشرهم ما يلتقطونه من منثور مجلسه، أو من خلال استفتائه وإلجائه إلى الجواب.

هذان هما العاملان الرئيسيان اللذان دفعا السيّد الصدر إلى اتخاذ قراره المصيري بالتصدّي للمرجعيّة، حيث واجهَ من ناحيةٍ الرغبة العامّة في ذلك لدى الشعب العراقي بأطيافه المختلفة، خاصّةً الشباب وطلبة العلوم الدينيّة والمطّلعين على تفوّقه العلمي الراسخ، وهم ليسوا بقلّة. ومن ناحية أخرى واجه موقف جهاز السيّد الخوئي تجاهه. هذا علماً أنّه أقدم على خطوته هذه بكثيرٍ من التأنّي والاحتياط؛ وممّا يشهد لذلك أنّه امتنع مثلاً عن طبع حاشيته على (منهاج الصالحين) في العراق، كما أوفدني إلى لبنان من أجل طباعة أوّل تقريراته الأصوليّة بعنوان (تعارض الأدلّة الشرعيّة)، والذي يحتلّ بحسب ترتيب الدورة المجلّدَ الأخيرَ منها، وكان ذلك عام [1394هـ]، حيث ساعدنا السيّد موسى الصدر على طباعته لدى دار الكتاب اللبناني، وهي دار نشر معروفة جدّاً في لبنان وكان نشاطها يقتصر على طباعة كتب المدارس والجامعات، ولكنّ صاحب الدار ـ وهو الأستاذ حسن الزين ـ كان من مريدي السيّد موسى خصوصاً وآل الصدر عموماً، فوافق على طباعة كتابنا بعد توصية من السيّد موسى، وأخرج لنا الكتاب بحلّة قشيبة.

ثمّ إنّكم تعلمون أنّ للسيّد الصدر طلاّباً عديدين في لبنان، ومن هناك كتبتُ له لأُعلمَه بأنّ طلاّبه في لبنان يقومون باستنساخ تعليقته على (منهاج الصالحين)، وطلبتُ منه الإذن بطباعتها، إلاّ أنّه لم يمنحنا الضوء الأخضر، فتعاونت مع طلاّبه اللبنانيّين ـ ومنهم الشيخ [محمّد جعفر] شمس الدين ـ وقمنا بطباعتها في طبعتها الأولى في دار التعارف لصاحبها الحاج [حامد] عزيزي، ولكنّنا أودعنا كافّة النسخ في المستودع. وبعد عودتي إلى النجف قلت له: إنّ الكتاب قد طبع في نهاية المطاف، فأنتم لم تقولوا لنا بوضوح وصراحة بأن لا نطبعه، وقد طبعناه فضوليّاً(2)، فإن كان ذلك خلاف رغبتكم فليبقَ في المستودع إلى حين الحاجة، حيث يتمّ توزيعه للمكتبات بالتدريج. واقترحتُ عليه أن نعمد إلى توزيعه مجّاناً وأن لا نعمدَ إلى بيعه.

ما أريد قوله هو أنّ الشهيد الصدر قد وافق على موضوع الكتاب وطبعه على مضض، واشترط أن لا تُحشد له الألقاب على الغلاف، وأن يكتب عليه «السيّد محمّد باقر الصدر» مجرّداً من لقب «حجّة الإسلام» أو «آية الله»، تماماً كما حدث سابقاً مع الإمام الخميني عندما طبع الشيخ [علي] المشكيني رسالته العمليّة دون موافقته، فما كان من الإمام إلاّ أن أمرهم بشطب الألقاب التي وضعوها على الغلاف بالحبر الأسود، ولا زالت بعضُ هذه النسخ شاهدة على ذلك حتّى اليوم.

خلاصة الكلام: إنّ الحاجة إلى مرجعيّته تفاقمت مع الأيّام، خاصّة إذا أخذنا بعين الاعتبار التمايز المتزايد الذي سجّله على الصعيد السياسي والاجتماعي والنضالي مقارنةً بمرجعيّة السيّد الخوئي، الأمر الذي صيّره قبلةً يؤمّها الناس، فحمل نفسه على مكروهها وقبل بالمرجعيّة بكثيرٍ من الاحتياط.

الهوامش
-----------
1 ـ لم ينشر للسيّد الصدر حاشية فتوائيّة على (العروة الوثقى)، لكن ورد في إحدى رسائل السيّد عبد الغني الأردبيلي إلى السيّد الصدر طلبٌ بطباعتها.
2 ـ يقصد المعنى الفقهي لا الأخلاقي، والفضول هنا صفة تلحق بالعمل الذي لا يكتسب إذن صاحب الإجازة إلاّ بعد وقوعه.



من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء
رد مع اقتباس