عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.17 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 12  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 31-03-2013 الساعة : 10:58 AM


السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 51

الأمر الثامن‏
وأخيراً أشير إلى فائدة الثقافة التاريخيّة ومساهمتها في التخفيف من حدّة الأزمات النفسيّة التي قد يولّدها الاصطدام مع الواقع الخارجي ومعطياته.
ودعونا هنا نعرّج مباشرةً على ما يرتبط من الكتاب بهذا الجانب، فإنّنا قد نورد بعض الروايات التي قد لا يستسيغها القارئ- وإن كنّا قد نبّهنا على أنّنا لا نتبنّى كلّ ما نورده- فيردّها لمجرّد تصادمها مع بعض المسلمّات التي لا يصادق على سلامتها الواقع الخارجي. ومنهجنا في التعامل مع أصل الجامع الذي تجتمع حوله الأخبار قائمٌ على حساب الاحتمالات، وإليك بعض النماذج:

المثال الأوّل:
يحضرني الآن مثالٌ أوردناه ضمن أحداث سنة 1387 هـ: فقد حدّثني الأستاذ محمود سالم صاحب دار الفكر ببيروت بأنّه كان يزور السيّد الصدر (ره) مرّتين في السنة تقريباً، وقد بقي على ديدنه هذا حتّى بعد طلب السيّد الصدر (ره) منه التوقّف عن طباعة كتبه نتيجة بعض الحرج الذي وقع فيه (ره) مع دار أخرى. وذات مرّة وصل الأستاذ سالم إلى منزل السيّد الصدر (ره) عند الظهر في وقتٍ لم يره مناسباً للزيارة، فقصد حرم الإمام علي (ع) ريثما يصبح الوقت ملائماً. وقد تأذّى هناك من مشهد قابضي النذورات وغيرهم من المعتاشين على هذه الأمور. وعندما التقى بالسيّد الصدر (ره) أخبره بما جرى معه، فبادله (ره) استياءه هذا، فقال له: «سيّدنا، أنتم العلماء، أليس من واجبكم الردع عن هذه الأمور؟!»، فتبسّم السيّد الصدر (ره) وأجابه بكلّ شفافيّة: «إنّ مشكلة علماء السنّة هي أنّهم توظّفوا عند الدولة، فهم عنها ساكتون، ومشكلتنا نحن أنّ وارداتنا من عامّة الناس، فنسكت عنهم قليلًا».
قد يسارع بعض القرّاء لردّ هذه الرواية مع ما تحمله، لمجرّد إشعارها بأنّ العنصر المالي دخيلٌ في تحديد مسار بعض سياسات المرجعيّة. وأنا أقدّر شعور هذا الصنف من القرّاء، لأنّني أعي تماماً طبيعة البيئة التي تكوّنت فيها قناعاته، ولكنّي على الصعيد الشخصي تجاوزت هذه المرحلة ولم أعد أشعر بأزمة نفسيّة إذا طرقت سمعي هذه الحكايا، لأنّني وبكل بساطة استطعت الجمع بين الإيمان العملي بعدم عصمة من لم تثبت عصمته، وبين محاولة تبرير الدوافع متى كان مجالٌ لذلك، والمجال واسع .. ولستُ أدري حقّاً ما المشكلة في أن نفترض صحّة رواية من هذا القبيل- طبعاً بعد الإيمان بأنّ الإمكان لا يكفي في نفسه مبرّراً للبناء على الصحّة إذا لم تتوفّر المبرّرات الموضوعيّة لذلك- ونفترض في الوقت نفسه أنّ الذين راعوا عوام الناس كانوا فعلًا بانين بأنّ المصلحة الدينيّة من وراء مراعاتهم والحفاظ على مقدّرات المؤسّسة المرجعيّة أكبر من مفاسد مقاطعتهم؟! ما المشكلة في ذلك حتّى لو اعتقدنا مثلًا بأنّهم مخطئون وبأنّ المفاسد هي الأعظم؟! طبعاً، جواب السيّد الصدر (ره) هذا ممّا يُمكن تأييده بحوادث أخرى:
1- فالشهيد مرتضى المطهّري (ره) يشير إلى الموضوع بالشفافيّة نفسها وبالوضوح نفسه، حيث يعترف بأنّ من العناصر الإيجابيّة للعامل المالي لدى الشيعة استقلال المؤسّسة الدينيّة عن الدولة وقدرتها على الوقوف بوجهها، ولكن من عناصره السلبيّة حمل العلماء على مراعاة أذواق عوام‏

السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ج‏1، ق‏1، ص: 52

الناس ومعتقداتهم، والحفاظ على حسن ظنّ هؤلاء الناس بهم «1»، وعندما يتحدّث (ره) عن ذلك- وهو المعايش والمعاين لشؤون المرجعيّة عن قرب- فهو لا ينطلق في حديثه من فراغ.
2- وعندما تمّ تدشين مدرسة (الخان) التي تولّى بناءها وإدارتها من قبل السيّد حسين البروجردي (ره) الشيخ مجتبى العراقي، وتمّ تعيين السيّد بدلا والشيخ عبد الحسين الدشتي وشخصين آخرين لإعانة الشيخ العراقي في إدارة المدرسة، تمّ إدخال اللغة الإنجليزيّة مادةً للتعليم. ولمّا عُرض ذلك على السيّد البروجردي (ره) استحسن الفكرة قائلًا: «من يعرف لغة واحدة فهو شخص، ومن يعرف لغتين فهو شخصان، ومن يعرف ثلاثاً فهو ثلاثة أشخاص‏».
ولكن سرعان ما التقى به أحد الأشخاص وقال له: «إذا علم الناس أنّك تبذل أموالهم في سبيل تدريس اللغة الأجنبيّة فستسقط من أعينهم‏»، فاقتنع (ره) بذلك وأعرض عن الفكرة «2».
3- وإذا عدنا قليلًا إلى الوراء، سنجد قريباً منه ما يذكره السيّد محسن الأمين (ره) في ترجمة السيّد حسين ابن السيّد دلدار علي ابن السيّد محمّد معين الدين النقوي النصيرآبادي الرضوي اللكهنوئي، حيث يقول:
«لمّا وصل مجلّد الصلاة من كتابه مناهج التحقيق إلى صاحب الجواهر كتب فيما كتب إليه: (بالله أقسم أنّها كاسمها، إذ هي منهج التدقيق لمن أراد إلى التدقيق سبيلًا، ومعارج التحقيق لمن رام على التحقيق دليلًا، وهداية الحق لطالب الحق، ونجاة الصدق لمريد الصدق. كيف لا! وهي من مصنّفات فرع تلك الذات الملكوتيّة، وغصن تلك الشجرة الزيتونيّة المتبحبح من الأبوّة بين الإمامة والنبوّة، الإمام ابن الإمام، والهمام ابن الهمام، لا يقف على حدٍّ حتّى ينتهي إلى أشرف جدّ، ذريّة [بعضها] من بعض، والله سميع عليم. ولمّا وصلت إلينا رتعت النواظر في خمائل رياضها الزاهرة، وابتهجت الخواطر بتحقيقاتها الباهرة ... إنّ رجائي ممّن هو كعبة رجائي أن ترسلوا باقي أجزاء المناهج إن كانت له بقيّة، وإلّا فمأمولي والتماسي السعي في إتمامه، فإنّني رأيته ما بين، فقد اشتمل على مزيد التحقيق. ولعمري لهو بذلك حقيق، فالتماسي لكم بل إلزامي إيّاكم الجدّ في ذلك ليقرّ به ناظري ويبتهج به خاطري ...)».
ويعلّق السيّد الأمين (ره) قائلًا:
«وأنت ترى في هذه الكتابة أثراً ظاهراً لمراعاة المصلحة العامّة؛ فصاحب الجواهر يطلب ويؤكّد أن ترسل بقيّة الأجزاء إليه، فهل كان في حاجة إليها؟! وإذا كان يرسل بواسطته ثمانين ألف ليرة عثمانيّة إلى الشيخ لإيصال الماء إلى النجف، وإن لم يساعد التوفيق على وصوله، وألوف الروبيّات لتفضيض ضريح العباس (ع)، وتعمير قبري مسلم وهانئ كما يأتي، فلا حرج على الشيخ في ما كتب» «3».
__________________________________________________
(1) مشكل اساسى در سازمان روحانيت (فارسي) : 299- 300؛ وانظر: محاضرات في الدين والاجتماع: 554
(2) مجلّه حوزه (فارسي)، شماره (43) : 167، مصاحبه با حاج آقاى مجتبى عراقى؛ چشم وچراغ مرجعيت .. گفتگو با شاگردان آيت لله بروجردى (فارسي) : 175. والمصدر الثاني هو عين المصدر الأوّل ولكن بعنوان آخر، فما ورد في (يادنامه شرق، ضميمه رايگان تاريخ وانديشه، شماره 12، ويژه آيت الله بروجردى، فروردين85 : 16) نقلًا عن المصدر الثاني من أنّ إعراض السيّد البروجردي (رحمه الله) عن المشروع كان نتيجة اعتراض التجّار والمؤمنين ليس دقيقاً، بل الوارد ما أوردناه في المتن‏
(3) أعيان الشيعة (ط. ق) 9: 173.


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء
رد مع اقتباس