|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 56469
|
الإنتساب : Sep 2010
|
المشاركات : 8,469
|
بمعدل : 1.58 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
حميد الغانم
المنتدى :
المنتدى الإجتماعي
بتاريخ : 25-04-2013 الساعة : 11:11 PM
ما بين الاب والابن
---------------
نعم هي قصة اخرى من قصص واقع عراقي مرير اليم
وما شهده العراق من ضيم وقهر وظلم وطغيان صدامي بعثي لقيط
احرق كل اخضر - اكل كل صالح- وخرب كل عمر
فكان التهجير والهجرة واحدة من نتائج هكذا نظام ارضعه الشيطان
ورباه في حجره وغذاه بمكره وخداعه ونمت عظامه من شرب دماء الابرياء
نعم
هي عائلة مكونة من اب وام وبنات وولد واحد
تربى في كنف ابيه
وترعرع في حضن الدين
دائبا على صلاته وصومه
ذكيا
فدخل كلية الطب وتخرج منها
لم ينتمي لحزب البعث الكافر
فطاردوه وظلموه
وهاجر الى ايران حين سنحت له اول فرصة
وهناك عمل طبيبا وتزوج
وانجب اولادا
ولكن
ابوه وحيدا فريدا
وخصوصا بعد وفاة والدته
فصارت بنته تاخذ بعناية ابيها
الذي يوما بعد يوما كان يحن ويأن
لبعاد ذاك الولد الوحيد
مريضا يقوا ليت ابني الطبيب ها هنا يداويني
تعبا
ليت ابني معي يعينني
يرى احفاده من بناته
ويتمنى ان يرى احفاده من ابنه الغريب البعيد
كنت امر عليه في محله
اذ يبيع القماش
كبير في السن
نزل حاجبه الابيض على عينه
كان يتحدث
مالي لهذا ابني لايبعث سلاما ولا كلاما
وكانت تبدو عليه علامات الغضب من ابنه
مع علمي انه بداخله يقتله الحنين الى ابنه
وان غضب بلسانه الا انه رحيم بقلبه
وقد
يكون يتكلم هكذا خوفا من وكلاء الامن
اي رجالات صدام حسين اللعين
الذين كانوا يكتبون التقارير على الناس
يرفع التقرير الى جهاز الامن او الحزب او ما شاكلها من اجهزة القمع العديدة في ذاك الوقت
لعلمه
بان ابنه قد عمل مع المعارضة الايرانية هناك في ايران
الله اعلم
ولكن الذي نعلمه ان وحدته بدات تاكله من داخله قبل خارجه
تاكل روحه قبل جسده
تاكل قلبه قبل نبضه
ومرت الايام
ويزداد شيبا ذاك الرجل الكهل
ويشتد مرضه
ولا من يداريه الا بنته
اذ هاجرت البنت الاخرى الى ايران لتلحق زوجها
واشتدت اوجاعه
اذ الاحبة ترحل عنه يوما بعد يوم
عجيب لهذا الدهر
كيف يتفنن في تفريق الاحباب
ويغلق للقائهم كل باب
--------------------------
وهنااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
الفاجعة
نعم
اصيب ابنه بسكتة دماغية
ماااااااااااااااااااااااااااااااااات
على الفور
سبحان الله
اي بلاء عظيم لهذا الرجل المريض الكهل
حار زوج بنته الذي هو اصلا من اقاربه
ايخبره
بهذا الوجع الاليم المرير
نعم
يموت في لحظتها وحينها
وبين نارين
نار ان يخبروه بان ابنه قد مات ورحل الى جوار ربه
وبين الخوف عليه من الموت حسرة على ابنه وفلذة كبده
لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
فاجعة
بحق
لم يخبروه بوفاة ابنه
وبقي على حاله
ومنع اقاربه من اقامة الفاتحة على روحه
الى ان تبرع احد من كان له علاقة بضابط الامن في حينها
وبالعلاقات واعتقد مبالغ مالية
سمحوا لهم باقامة الفاتحة
فكان البكاء بكائين
بكاء
لفقدان هذا الابن
وبكاء على الاب الذي لا يعلم بموت ابنه
وهو يعتب عليه
ظنا منه انه على قيد الحياة
وان ابنه قد قطع رحمه ولم يصل اليه
ومماااااااااااااااااااااااااا
زاد من المصيبة
ان خال الطبيب المرحوم
رجل كبير بالعمر
جاء الى الفاتحة
باكيا لاطما صارخا
قد وصل الى الموت ببكاءه
فتسارع الناس الى تهدئته خوفا عليه هو ايضا ان يموت
واتذكر هنا
حين جاء زوج اخت المرحوم
ركضت اليه
طلبت منه ان يمسك نفسه خوفا على خاله من الموت
قال والله لا اقدر
فلا طاقة لي على حمل هذا الثقل
وما ان التقى الرجلان
الا وقد علا النجيب والبكاء
ووصل الامر بالرجل الخال الكبير بالعمر
انه بالكاد يتنفس
ووصل للموت
الحمد لله مرت تلك اللحظات العصيبة
ومرت الايام والايام والشهور والسنين
والاب ينتظر ان يعود ذاك الابن
ولكن هيهات
بدات روح ذام الاب تستلم للموت رويدا رويدا
ويغمى عليه ويفيق
وهو يعتب على ابنه انه لم يات لرؤيته قبل موته
واي عتاب
كان من كان حاضرا باكيا
باكيا بصمت لا بصوت
بهمس
خوفا من ان يفضح بكاءهم
مصيبتهم وما اخفوه على ذاك الاب
ومع همسات البكاء
رحلا مودعا دنياه الى لقاء رب رؤوف رحيم
وهو عاتب على ابنه
-----------------------
وبعد الموت بزمن
وسقوط النظام الصدامي الكافر
عاد الاحفاد الى البلاد
ولكن لا جد
ولا اب
فكلهم رحلوا
-----------------
واختلف الناس
بين من كان في حينها انهم واجب عليهم اخبار الاب بوفاة ابنه
ورحيله الى دار الاخرة
وبين اخرين يقولون اكتموا لا تخبروه فانه يموت من هول الفراق
ولكن اتفقوا
ان الحقيقة احينا مرة مريرة صعبة
واتفقوا
على كلمة ساعد الله قلبك سيدي ابا عبدالله الحسين
كتبها
حميد الغانم
|
|
|
|
|