|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 8016
|
الإنتساب : Aug 2007
|
المشاركات : 6,384
|
بمعدل : 0.99 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
خادم_الأئمة
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 12-08-2007 الساعة : 03:36 PM
الدكتورمحمد التيجاني السماوي التونسي
الداعية الشيعي الكبير الدكتور محمد التيجاني السماوي مؤلف كتاب ( ثم إهتديت) ترجم إلى عدة لغات وله مجموعة مؤلفات اخرى مطبوعة
من خيرة المستبصرين في القرن العشرين ( الدكتور محمد التيجاني السماوي التونسي المالكي، يبلغ من العمر خمسين عاماً، داعية ومفكر إسلامي، ومن الذين أسسوا حركة الإخوان المسلمين في تونس خلال الستينات، أنهى دراسته في جامعة الزيتونة العريقة، عمل في سلك التدريس 17 عاماً، وحصل على شهادة الماجستير في المقارنة بين الأديان من جامعة باريس، وعلى شهادة الدكتورا في نهج البلاغة للإمام علي عليه السلام، وهو الآن بصدد الحصول على الدكتورا الدولية حول أطروحته ( التفكير الإسلامي في نهج البلاغة)، له عدة مؤلفات حول نهج البلاغة، ومؤلفات أخرى منها:
( ثم اهتديت، لأكون مع الصادقين، فاسالوا أهل الذكر) وقال معرفاً نفسه في كتابه ( ثم اهتديت)(1) تحت عنوان ( لمحة وجيزة عن حياتي). لازلت أذكر كيف أخذني والدي معه إلى مسجد الحي الذي تقام فيه.
صلاة التراويح في شهر رمضان، وكان عمري عشر سنوات، وقدمني إلى المصلين الذين لم يخفوا إعجابهم بي.
كنت أعلم منذ أيام أن المؤدب رتب الأمور لكي أشفع بالجماعة ليلتين أو ثلاثاً، وجرت العادة أن أصلي خلف الجماعة مع مجموعة من أطفال الحي، وأنتظر وصول الإمام إلى النصف التالي من القرآن الكريم، أي إلى سورة مريم، وبما أن والدي حرص على تعليمنا القرآن في الكتاب، وفي البيت خلال حصص ليلة
يقوم بها إمام الجامع، وهو من أقاربنا مكفوف البصر يحفظ القرآن الكريم، وبما أني حفظت النصف في تلك السن المبكرة، أراد المؤدب أن يظهر فضله واجتهاده من خلالي، فعلمني مواقع الركوع من التلاوة، وراجعني عدة مرات ليتأكد من فهمي.. بعد نجاحي في الامتحان، وإنهاء الصلاة والتلاوة بالجماعة على أحسن ما كان يتوقع والدي والمؤدب، انهال علي الجميع مقبلين ومعجبين وشاكرين المعلم الذي علمني، ومهنئين والدي، والكل يحمد الله على نعمة الإسلام وبركات الشيخ.
وعشت أياماً سوف لن تمحى من مخيلتي لما لقيته بعد ذلك الحدث من إعجاب وشهرة تعدت حارتنا إلى كل المدينة، وطبعت تلك الليالي الرمضانية في حياتي طابعاً دينياً بقيت آثاره حتى اليوم، ذلك أني كلما اختلطت علي السبل، أحسست بقوة خارقة تشدني وترجعني على الجادة، وكلما شعرت بضعف الشخصية وتفاهة الحياة، رفعتني تلك الذكريات إلى أعلى الدرجات الروحية، وأقدت في ضميري شعلة الإيمان لتحمل المسؤولية.
وكأن تلك المسؤولية التي حملنيها والدي، أو بالأحرى مؤدبي، لإمامة الجماعة في تلك السن المبكرة، جعلتني أشعر دائماً بأنني مقصر عن أن أكون في المستوى الذي أطمح إليه، أو على الأقل المستوى الذي طلب مني.
لذلك قضيت طفولتي وشبابي في استقامة نسبية لا تخلة من لهو وعبث، يسودهما في معظم الأحيان البراءة، وحب الإطلاع والتقليد، تحوطني العناية الإلهية لأكون متميزاً من بين أخوتي بالرصانة، والهدوء، وعدم الإنزلاق في المعاصي، والموبقات.
ولا يفوتني أن أذكر أن والدتي، رحمها الله، كان لها الأثر الكبير في حياتي، فقد فتحت عيني وهي تعلمني قصار السور من القرآن الكريم، كما تعلمني الصلاة والطهارة، وقد اعتنت بي عناية فائقة، لأني ابنها الأول، وهي ترى إلى جانبها في نفس البيت ضرتها التي سبقتها منذ سنوات عديدة، ولها من الأولاد من يقارب ستها، فكانت تتسلى بتربيتي وتعليمي، وكأنها تتبارى في سباق مع ضرتها، وأبناء زوجها. كما أن اسم التيجاني الذي سمتني به والدتي، له ميزة خاصة لدى عائلة السماوي كلها التي اعتنقت الطريقة التيجانية وتبنتها منذ أن زار أحد أبناء الشيخ سيدي أحمد التيجاني مدينة ( قفصة) قادماً من ( الجزائر)، ونزل في دار السماوي، فاعتنق كثير من أهالي المدينة، خصوصاً العائلات العلمية والثرية، هذه الطريقة الصوفية وروجوا لها، ومن أجل إسمي أصبحت محبوباً في دار السماوي التي يسكنها أكثر من عشرين عائلة، وكذلك خارجها ممن لهم صلة بالطريقة التيجانية، لذلك كان كثير من شيوخ المصلين الذين حضروا تلك الليالي الرمضانية التي ذكرتها، يقبلون راسي ويدي، مهنئين والدي قائلين له:
( هذا فيض من بركات سيدنا الشيخ أحمد التيجاني) والجدير بالذكر أن الطريقة التيجانية انتشرت بكثرة في ( المغرب ) والجزائر و تونس والسودان ومصر وأن معتنقي هذه الطريقة متعصبون نوعاً ما فهم لا يزورون مقامات الأولياء الآخرين ويعتقدون يأن كل الأولياء قد أخذوا عن بعضهم بالتسلسل ما عدا الشيخ أحمد التيجاني فقد أخذ علمه مباشرة عن رسول الله (ص) رغم تأخره عن زمن النبوة بثلاثة عشر قرنا ويروون بأن الشيخ أحمد التيجاني كان يحدث بأن رسول الله (ص) جاءه يقظة لا مناماً كما يقولون بأن الصلاة الكاملة التي ألفها شيخهم أفضل من أربعين ختمة من القرآن الكريم وحتى لا نخلرج عن الاختصار نقف عند هذا الحد من التعريف بالتيجانية ولنا عودة إليهم إن شاء الله في موضع آخر من هذا الكتاب ونشأت وترعرعت على هذا الاعتقاد كغيري من شبان البلد فكانا مسلمون بحمد الله من أهل السنة والجماعة وكلنا على مذهب الامام مالك بن أنس امام دار الهجرة غير أننا منقسمون في الطرق الصوفية التي كثرت في شمال إفريقية ففي مدينة قفصة وحدها هناك التيجانية والقادرية والرحمانية والسلامية والعيساوية ولكل من هذه الطرق أنصار أتباع يحفظون قصائدها وأذكارها وأورادها التي تقام في الحفلات والسهرات بمناسبة عقد القران أو الختان أو النجاح أو النذور ورغم بعض السلبيات فقد مثلت هذه الطرق دوراً كبيراً في الحفاظ على الشعائر الدينية واحترام الأولياء والصالحين
أسباب الإستبصار :
أما الأسباب التي دعتني للإستبصار فكثيرة جداً ولا يمكن لي في هذه العجالة الا ذكر بعض الأمثلة منها :
1-النص على الخلافة : لقد آليت على نفسي عند الدخول في هذا البحث أن لا أعتمد إلا ما هو موثوق عند الفريقين وأن أطرح ما انفردت به فرقة دون أخرى وعلى ذلك أبحث في فكرة التفضيل بين أبي بكر وعلي بن أبي طالب وأن الخلافة إنما كانت بالنص على علي كما يدعي الشيعة أو بالانتخاب والشورى كما يدعي أهل السنة والجماعة .
والباحث في هذا الموضوع إذا تجرد للحقيقة فأنه سيجد النص على علي بن أبي طالب واضحاً جلياً كقوله (ص) من كنت مولاه فهذا علي مولاه " قال ذلك بعد ما انصرف من حجة الوداع فعقد لعلي موكب للتهنئة حتى أن أبا بكر نفسه وعمر كانا من جماعة المهنئين للأمام يقولان " بخ بخ لك يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة "(2).
وهذا النص مجمع عليه من الشيعة والسنة ولم أخرج أنا في البحث هذا إلا مصادر أهل السنة والجماعة ومع ذلك لم أذكر المصادر كلها فهي أكثر بكثير مما ذكرت وللإطلاع على مزيد من التفصيل أدعو القارئ مطالعة ( كتاب الغدير ) للعلامة الأميني وقد طبع منه أحد عشر مجلداً يحصي فيها المصنف رواة هذا الحديث من طريق أهل السنة والجماعة أما الإجماع المدعي على انتخاب أبي بكر يوم السقيفة ثم مبايعته
بعد ذلك في المسجد فإنه دعوى بدون دليل إذ كيف يكون الإجماع وقد تخلف عن البيعة علي والعباس وسائر بني هاشم كما تخلف أسامة بن زيد والزبير وسلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري والمقداد بن الأسود وعمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان وخزيمة بن ثابت وأبو بريدة الأسلمي والبراء بن عازب وأبي بن كعب وسهل بن حنيف وسعد بن عبادة وقيس بن سعد وأبو أيوب الأنصاري وجابر بن عبد الله وخالد بن سعيد وغير هؤلاء كثيرون .(3)
فأن الإجماع المزعوم يا عباد الله على أنه لو كان علي بن أبي طالب وحده تخلف عن البيعة لكان ذلك كافياً للطعن في ذلك الإجماع إذ أنه المرشح الوحيد للخلافة من قبل الرسول على فرض عدم وجود النص المباشر عليه .
وإنما كانت بيعة أبي بكر عن غير مشورة بل وقعت على حين غفلة من الناس وخصوصاً أولي الحل والعقد منهم كما يسميهم علماء المسلمين إذ كانوا مشغولين بتجهيز الرسول ودفنه وقد فوجئ سكان المدينة المنكوبة بموت نبيهم وحمل الناس على البيعة بعد ذلك قهراً(4). كما يشعرنا بذلك تهديدهم بحرق بيت فاطمة إن لم يخرج المتخلفون عن البيعة فكيف يجوز لنا هذا أن تقول بأن البيعة كانت بالمشورة وبالإجماع . وقد شهد عمر بن الخطاب نفسه بأن تلك البيعة كانت فلتة وقى الله
المسلمين شرها وقال فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه أو قال فمن دعا إلى مثلها فلا بيعة له ولا لمن بايعه .(5)
ويقول الإمام علي في حقها " أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير .(6)
ويقول سعد بن عبادة الأنصار الذي هاجم أبا بكر وعمر يوم السقيفة وحاول بكل جهوده أن يمنعهم ويبعدهم عن الخلافة ولكنه عجز عن مقاومتهم لأنه كان مريضاً لا يقدر على الوقوف وبعدما بايع الأنصار أبا بكر قال سعد والله لا أبايعكم أبداً حتى أرميكم بكل سهم في كنانتي من نبل وأخضب سناني ورمحي وأضربكم بسيفي ما ملكته يدي وأقاتلكم بمن معي من أهلي وعشيرتي ولا والله لو أن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي فكان لا يصلي بصلاتهم ولا يجتمع بجمعتهم ولا يفيض بافاضتهم ولو يجد عليهم أعواناً لطال بهم ولو بايعه أحد على قتالهم لقاتلهم ولم يزل كذلك حتى قتل بالشام في خلافة عمر .(7)
فاذا كانت هذه البيعة فلتة وقى الله المسلمين شرها على حد تعبير عمر الذي شيد أركانها وعرفت ما آلت إليه أمور المسلمين بسببها .
وإذا كانت هذه الخلافة تقمصاً – من قبل أبي بكر – كما وصفها الامام علي إذ قال هو صاحبها الشرعي .
وإذا كانت هذه البيعة ظلماً كما اعتبرها سعد بن عبادة سيد الأنصار الذي فارق الجماعة بسببها .
وإذا كانت هذه البيعة غير شرعية لتخلف أكابر الصحابة والعباس عم النبي عنها فما هي إذن الحجة في صحة خلافة أبي بكر والجواب لا حجة هناك عند أهل السنة والجماعة .
فقول الشيعة إذن هو الصحيح في هذا الموضوع لأنه ثبت وجود النص على خلافة علي عند السنة أنفسهم وقد تأولوه حفاظاً على كرامة الصحابة فالمنصف العادل لا يجد مناصاً من قبول النص وبالأخص إذا عرف ملابسات القضية .(8)
1- خلاف فاطمة مع أبي بكـــــر :
وهذا الموضوع أيضاً مجمع على صحته من الفريقين فلا يسع المنصف العاقل إلا أن يحكم بخطأ أبي بكر إن لم يعترف بظلمه وحيفه على سيدة النساء .
لأن من يتتبع هذه المأساة ويطلع على جوانبها يعلم علم اليقين أن أبا بكر تعمد إيذاء الزهراء وتكذيبها لئلا تحتج عليه بنصوص الغدير وغيرها على خلافة زوجها وابن عمها علي ونجد قرائن عديدة على ذلك منها ما أخرجه المؤرخون من أنها – سلام الله عليها خرجت تطوف على مجالس الأنصار وتطلب منهم النصرة والبيعة لابن عمها فكانوا يقولون " يا ابنة رسول الله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ولو أن زوجك وابن عمك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به فيقول علي كرم الله وجهه أفكنت أدع رسول الله (ص) في بيته لم أدفنه وأخرج أنازع الناس سلطانه فقالت فاطمة ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له ولق صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم .(9)
ولو كان أبو بكر مخطئاً عن حسن نية أو على اشتباه لأقنعته فاطمة الزهراء ولكنها غضبت عليه ولم تكلمه حتى ماتت لأنه رد في كل مرة دعواها ولم يقبل شهادتها ولا شهادة زوجها ولكل هذا اشتد غضبها عليه حتى أنها لم تأذن له بحضور جنازتها حسب وصيتها لزوجها الذي دفنها في الليل سراً (10).
وعلى ذكر دفنها سلام الله عليها سراً في الليل فقد سافرت خلال سنوات البحث إلى المدينة المنورة لأطلع بنفس علي بعض الحقائق واكتشفت :
أولاً : إن قبر الزهراء مجهول لا يعرفه أحد فمن قائل بأنه في الحجرة النبوية ومن قائل بأنه في بيتها مقابل الحجرة النبوية وثالث يقول " إنه في البقيع وسط قبور أهل البيت بدون تحديد " هذه الحقيقة الأولى التي استنتجت منها أنها – سلام الله عليها – أرادت بهذا أن يتساءل المسلمون عبر الأجيال عن السبب الذي دعاها أن تطلب من زوجها أن يدفنها في الليل سراً ولا يحضر جنازتها منهم أحد !!! وبذلك يمكن لأي مسلم أن يصل إلى بعض الحقائق المثيرة من خلال مراجعة التاريخ .
ثانيا: اكتشفت أن الزائر الذي يريد زيارة قبر عثمان بن عفان يمشي مسافة طويلة حتى يصل إلى آخر البقيع فيجده تحت الحائط بينما يجد أغلب الصحابة مدفونين في بداية البقيع قرب المدخل وحتى مالك بن أنس صاحب المذهب وهو من تابعي التابعين مدفون قرب زوجات الرسول وتحقق لدى ما قاله المؤرخون من أنه دفن ( بحش كوكب ) وهي أرض يهودية لأن المسلمين منعوا دفنه في بقيع رسول الله ولما استولى معاوية بن أبي سفيان على الخلافة اشترى تلك الأرض من اليهود وأدخلها في البقيع ليدخل بذلك قبر ابن عمه عثمان فيها والذي يزور البقيع حتى اليوم سيرى هذه الحقيقة بأجلى ما تكون .
وإن عجبي لكبير حين أعلم أن فاطمة الزهراء – سلام الله عليها أول من لحق بأبيها فبينها وبينه ستة أشهر على أكثر الاحتمالات ثم لا تدفن إلى جانب أبيها .
وإذا كانت فاطمة الزهراء هي التي أوصت بدفنها سراً فلم تدفن بالقرب من قبر أبيها كما ذكرت فما بال ما حصل مع جثمان ولدها الحسن لم يدفن قرب قبر جده فقد منعت هذا ( أم المؤمنين ) عائشة وقد فعلت ذلك عندما جاء الحسين بأخيه الحسن ليدفنه إلى جانب جده رسول الله فركبت عائشة بغلة وخرجت تنادي وتقول لا تدفنوا في بيتي من لا أحب !!
واصطف بنو أمية وبنو هاشم للحرب ولكن الامام الحسين قال لها إنه سيطوف بأخيه على قبر جده ثم يدفنه في البقيع لأن الإمام الحسن أوصا أن يهرقوا من أجله ولو محجمة من دم !
وقال لها ابن عباس أبيتاً مشهورة :
تجملت(11) تبغلــــــــت(12) ولو عشــــت تفـــيـلت
لك الثــــــمن من التســــــع وبالكـــل تصـــرفـــــت
وهذه حقيقة أخرى من الحقائق المخيفة فكيف ترث عائشة كل البيت من بين أزواج النبي المتعددات وهن تسع نساء حسب ما قاله ابن عباس ؟!
وإذا كان النبي لا يورث كما شهد بذلك أبو بكر نفسه ومنع ذلك ميراث الزهراء من أبيها فكيف ترث عائشة فهل هناك في كتاب الله آية تعطي الزوجة حق الميراث وتمنع البنت أم أن السياسة هي التي أبدلت كل شئ فحرمت البنت من كل شئ وأعطت الزوجة كل شئ ؟
وبمالمناسبة أذكر هنا قصة طريفة ذكرها بعض المؤرخين ولها علاقة بموضوع الارث .
قال ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه ( لنهج البلاغة ) : جاءت عائشة وحفصة ودخلتا على عثمان أيام خلافته وطلبتا منه أن يقسم لهما عتزلي في شرحه ( لنهج البلاغة ) : جاءت عائشة وحفصة ودخلتا على عثمان أيام خلافته وطلبتا منه أن يقسم لهما رثهما من رسول الله (ص) .
وكان عثمان متكئاً فاستوى جالساً وقال لعائشة :
أنت وهذه الجالسة جئتما بأعرابي يتطهر ببوله وشهدتما أن رسول الله (ص) قال " نحن معشر الأنبياء لا نورث " فاذا كان الرسول حقيقة لا يورث فماذا تطلبان بعد هذا وإذا كان الرسول يورث لماذا منعتم فاطمة حقها فخرجت من عنده غاضبة وقالت اقتلوا نعثلاً فقد كفر .(13)
علي أولى بالاتباع :
ومن الأسباب التي دعتني للإستبصار وترك سنة الآباء والأجداد الموازنة العقلية والنقلية بين علي بن أبي طالب وأبي بكر .
وكما ذكرت في الأبواب السابقة من هذا البحث إني أعتمد على الإجماع الذي يوافق عليه أهل السنة والشيعة .
وقد فتشت في كتب الفريقين فلم أجد إجماعاً إلا على علي بن أبي طالب فقد أجمع على إمامته الشيعة والسنة في ما ورد من نصوص ثبتتها مصادر الطرفين بينما لا يقول بامامة أبي بكر إلا فريق من المسلمين وقد كنا ذكرنا ما قاله عمر عن بيعة أبي بكر كما أن الكثير من الفضائل والمناقب التي يذكرها الشيعة في علي بن أبي طالب لها سند ووجود حقيقي ثابت في كتب السنة المعتمدة عندهم ومن عدة طرق لا يتطرق إليها الشك فقد روى الحديث في فضائل الإمام علي جمع غفير من الصحابة حتى قال أحمد بن حنبل :
" ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله (ص) من الفضائل كما جاء لعلي بن ابي طالب(14)
وقال القاضي إسماعيل والنسائي وأبو علي النيسابوري " لم يرد في حق أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان ما جاء في علي "(15)
هذا مع ملاحظة أن الأمويين حملوا الناس في مشارق الأرض ومغاربها على سبه ولعنه وعدم ذكر فضيلة له حتى منعوا أن يتسمى أحد باسمه ومع كل ذلك خرجت فضائله ومناقبه – سلام الله عليه رغم الجحود وفي ذلك يقول الامام الشافعي " عجبت لرجل كتم أعداؤه فضائل حساً وكتمها محبوه خوفاً وخرج ما بين ذبين ذين ما طبق الخافقين "
أما بشأن أبي بكر فقد فتشت أيضاً في كتب الفريقين فلم أجد له في كتب أهل السنة والجماعة القائلين بتفضيله ما يوازي أو يعادل فضائل الإمام علي على أن فضائل أبي بكر المذكورة في الكتب التاريخية مروية إما عن ابنته عائشة وقد عرفنا موقفها من الامام علي هي تحاول بكل جهدها دعم أبيها ولو بأحاديث موضوعة أو عن عبد الله بن عمر وهو أيضاً من البعيدين عن الامام علي وقد رفض مبايعته بعدما أجمع الناس على ذلك وكان يحدث أن أفضل الناس بعد النبي أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم لا تفاضل والناس بعد ذلك سواسية .(16)
يعني هذا الحديث أن عبد الله بن عمر جعل الامام علي من سوقة الناس كأي شخص عادي ليس له فضل ولا فضيلة .
فأين عبد الله بن عمر من الحقائق التي ذكرها أعلام الأمة وأئمتها بأنه لم يرد في أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان ما جاء في علي بن أبي طالب هل أن عبد الله بن عمر لم يسمع بفضيلة واحدة لعلي بلى والله لقد سمع ووعى ولكن السياسة وما أدراك ما السياسة فهي تقلب الحقائق وتصنع الأعاجيب .
كذلك يروي فضائل أبي بكر كل من عمر بن العاص وأبو هريرة وعروت وعكرمة وهؤلاء كلهم يكشف التاريخ أنهم كانوا متحاملين على الإمام علي وحاربوه إما بالسلاح وإما بالدس واختلاق الفضائل لأعدائه وخصومه .
قال الإمام أحمد بن حنبل إن علياً كان كثير الأعداء ففتش أعداؤه عن شئ يعيبونه به فلم يجدوا فجاؤوا إلى رجل قد حاربه وقاتله فأطروه كيداً منهم له.(17)
ولكن الله يقول :
( إنهم يكيدون كيداً * وأكيد كيداً * فمهل الكافرين أمهلهم رويداً )(18)
وإنه لمن معجزات الله سبحانه أن تخرج فضائل الإمام علي بعد ستة قرون من الحكم الجائر الظالم له ولأهل بيته إذ لم يكن العباسيون أقل بغضاً وحسداً ونكاية وتقتيلاً لأهل البيت النبوي من أسلافهم
الأمويين ,حتى قال أبو فراس الحمداني في ذلك :
مانال منهم بنو حرب وإن عظمت تلك الـــجرائر إلا دون نـيـلــكم
كم غدرة لكم في الدين واضــــحة وكم دم لرســـــول الله عنـــدكم
أنتم له شيعة في ما ترون وفي أظفاركم من بنيه الطاهرين دم
فإذا خلصت بعد كل ذلك تكلم الأحاديث وخرجت من تلكم الظلمات فلتكن لله الحجة البالغة ولئلا يكون للناس على الله حجة بعد ذلك .
ورغم أن أبا بكر كان هو الخليفة الأول وله من النفوذ ما قد عرفنا ورغم أن الدولة الأموية كانت تجعل عطاء خاصاً ورشوة لكل من يروي في حق أبي بكر وعمر وعثمان ورغم أنها اختلقت لأبي بكر من الفضائل والمناقب الكثير مما سودت صفحات الكتب مع ذلك فلم يبلغ معاش عشر حقائق الامام علي وفضائله.
أضف إلى ذلك أنك إذا حللت الأحاديث المروية في فضائل أبي بكر وجدتها لا تتماش مع ما سجله له التاريخ من أعمال تناقض ما قيل فيه ولا يقبلها عقل ولا شرع وقد تقدم شرح ذلك في حديث لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أمتي لرجح إيمان أبي بكر ولو كان يعلم رسول الله أن أبا بكر على هذه الدرجة من الإيمان ما كان ليؤمر عليه أسامة بن زيد ولا ليمتنع من الشهادة له كما شهد على شهداء أحد وقال له أني لا أدري ماذا تحدث من بعدي حتى بكى أبو بكر(19), وما كان ليرسل خلفه علي بن أبي طالب ليأخذ منه سورة براءة فيمنعه من تبليغها (20).
تبليغها وما كان قال يوم إعطاء الراية في خيبر لأعطين رايتي غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كراراً ليس فراراً امتحن الله قلبه بالإيمان فأعطاها إلى علي ولم يعطها إليه(21).
ولو علم الله أن أبا بكر على هذه الدرجة من الإيمان وأن إيمانه يفوق إيمان أمه محمد بأسرها فلم يكن الله سبحانه ليهدده بإحباط عمله عندما رفع صوته صوت النبي (22).
ولو علم علي بن أبي طالب والصحابة الذين اتبعوه أن أبا بكر على هذه الدرجة من الايمان ما جاز لهم أن يتخلفوا عن بيعته .
ولو علمت فاطمة الزهراء سيدة النساء أن أبا بكر على هذه الدرجة من الايمان ما كانت لتغضب عليه وتمتنع عن الكلام معه وعن رد السلام عليه وتدعو الله عليه في كل صلاة(23). ثم لا تأذن له حسب ما ورد في صيتها – حتى بحضور جنازتها .
ولو علم أبو بكر أنه على هذه الدلرجة من الايمان ما كان ليتمنى عند احتضاره أنه لو لم يكن يكشف بيت فاطمة عليهم السلام .
وأنه لو لم يكن أحرق الفجاءة السلمي ولكان يوم السقيفة قذف الأمر في عنق أحد الرجلين عمر أو أبي عبيدة .
فالذي هو على هذه الدرجة من الإيمان ويرجح إيمانه على علي إيمان كل الأمة لا يندم في آخر لحظات حياته على ما فعله مع فاطمة وعلى حرقه الفجاءة السلمي وعلى توليه الخلافة كما لا يتمنى أن لا يكون من البشر ويكون شعرة أو بعرة أفيعادل مثل هذا الشخص إيمان الأمة الإسلامية بل يرجح عليها .
وإذا أخذنا حديث " لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً .
فهو كسابقه إذ أين أبو بكر يوم المؤاخاة الصغرى في مكة قبل الهجرة ويوم المؤاخاة الكبرى في المدينة بعد الهجرة وفي كلتيها اتخذ رسول الله (ص) علياً أخاً له وقال له أنت أخي في الدنيا والآخرة)(24) ولم يلتفت إلى أبي بكر فحرمه من مؤاخاة الآخرة كما حرمه من الخلة وأنا لا أريد الإطالة في هذا الموضوع وأكتفي بهذين المثلين اللذين أوردتهما من كتب أهل السنة والجماعة أما عند الشيعة فلا يعترفون بتلك الأحاديث مطلقاً ولديهم الأدلة الواضحة على أنها وضعت في زمن متأخر عن زمن أبي بكر .
هذا وإذا تركنا الفضائل وبحثنا في المساوئ فإننا لا نحصي لعلي بن أبي طالب سيئة واحدة من كتب الفريقين بينما نجد لغيره مساوئ كثيرة في كتب أهل السنة كالصحاح وكتب السير والتاريخ .
وبهذا يكون الاجماع من الفريقين يختص بعلي وحده كما يؤكد التاريخ أن البيعة الصحيحة لم تكن إلا لعلي وحده .
يتبع
|
|
|
|
|